دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: ملف الفساد (Re: أحمد أمين)
|
نستميح الاستاذ الكرسنى عذرا فى الاستعانة بمقالاته الجيدة عن الفساد
------------------------------------------------------------
خواطر من زمن الإنتفاضة (2) الفساد المالي فى أوساط قيادات الجبهة الإسلامية القومية
د. إبراهيم الكرسنى [email protected] كانت لدى قناعة راسخة، ولا تزال، بأن الفساد و سوء الإدارة، هما بمثابة فيروس الإيدز المسبب لإنهيار أي مجتمع وإقتصاده. من هنا تولد إهتمامى الأكاديمي بموضوع الفساد و أهمية دراسته وتناوله بصورة علمية.لكن أحد تناقضات ونتاج ظاهرة الفساد أنه يجعل من نفسه عصيا على الدراسة العلمية لعدم توفر الوثائق اللازمة لإجراء الدراسة. وبما أن الفاسدين يعون تماما أهمية حماية أنفسهم عن أى شبهة فساد، فهم يحرصون دائما و أبدا بالتستر على، بل وتدمير، أية وثيقة يمكن أن تثبت تورطهم فى أية عمليات مشبوهة، ناهيك عن أن تكون فاسدة، أولا بأول، وبالأخص إن كانت تلك العمليات و الممارسات داخل الجهاز المصرفي. وبما أن توثيق مصادر البحث يعتبر من أبجديات البحث العلمي، كان إصرارنا على توثيق جميع ممارسات الفساد التى نود دراستها. يأتى هذا نظرا لإلتزامنا الصارم بمنهجية البحث العلمى فى المقام الأول ثم ثانيا، لعدم فتح أي "فجاج" ليطل منه زبانية الجبهة لإتهامنا بالكذب أو التشكيك فى مصداقيتنا، حيث يتوفر لديهم إستعداد فطرى للقيام بذلك كما سنرى لاحقا. لذلك كانت العقبة الكأداء التى واجهتنى عندما فكرت فى إجراء دراسة علمية حول موضوع الفساد هو كيفية الحصول على الوثائق التى تثبت الإفتراض الأساسى للدراسة و الذى تمحور حول، " مدى إستغلال و توظيف المنصب السياسى لتحقيق مصالح شخصية وخاصة". هداني تفكيرى إلى مناقشة الفكرة مع صديقى العزيز د. الواثق كمير، له التحية والإعزاز، وقد تحمس لها، كعادته، حماسا منقطع النظير و أبدى إستعداده التام للمشاركة فى إعدادها من موقعه الأكاديمي كأستاذ لعلم الإجتماع بجامعة الخرطوم، وكذلك، وهذا هو الأهم، من خلال توظيف علاقاته الطيبة فى أوساط مجتمع الخرطوم للحصول على الوثائق المطلوبة. شكرت الأخ الواثق على حماسه للفكرة و إلتزامه بإجراء الدراسة ثم إتفقنا بعد ذلك على خطة العمل. كان ذلك، على ما أذكر، و أرجو أن يصححني الأخ الواثق إن كنت مخطئا، حوالي منتصف العام 1983. بعد فترة وجيزة من ذلك اللقاء فاجأني الأخ الواثق بتحصله على مجموعة من الوثائق الهامة و التى تتعلق بأحد أهم المؤسسات "الإسلامية" فى ذلك الوقت، وهى " مؤسسة التنمية الإسلامية". حينها أدركت الفارق الكبير بين إمكانيات "أبناء العاصمة" و "أبناء الأقاليم" فى الحصول على وثائق الفساد!! أحد أهم عناصر الدراسة، كما أسلفنا القول. تم الإتفاق فيما بيننا على أخذ هذه المؤسسة كأحد نماذج الدراسة بالإضافة إلى ملاك مشاريع الزراعة الآلية بمنطقة هبيلا بجبال النوبة فى إقليم كردفان، كنموذج آخر لدراسة هذه الظاهرة. وبالفعل فقد إلتزمت وتمكنت من الحصول على الوثائق المتعلقة بهذا النموذج لسببين: الأول هو إنها منطقة ريفية لا قبل للأخ الواثق بمد علاقاته الإجتماعية الطيبة إليها، آمل أن يسعفنى الوقت لأحكى لكم فى أحد "إستراحات" هذه الخواطر- كما أقترح الأخ أبو خالد- رحلتي العلمية المشتركة مع الأخ الواثق لمنطقة جبال النوبة وما تخللها من نوادر وقفشات. أما السبب الثاني فإن منطقة هبيلا هي المنطقة التى أجريت فيها البحث الميداني أثناء تحضيري لنيل شهادة الدكتوراه فى الإقتصاد من جامعة ليدز بإنجلترا. بالإضافة إلى تمكنه من الحصول على الوثائق المتعلقة ب"مؤسسة التنمية الإسلامية"، فقد قام الأخ الواثق بإعداد نصيبه من الجزء النظري المتعلق بإجراء الدراسة، أو ما يعرف عند الفرنجة ب “Literature Review”. ظلت هذه الوثائق ومساهمة الأخ الواثق النظرية قابعة فى مكتبي بقسم الإقتصاد بجامعة الخرطوم إلى أن يسر الله لى رحلة علمية كأستاذ زائر للمعهد الإسكندنافى للدراسات الأفريقية “Scandinavian Institute for African Studies” بمدينة أبسالا السويدية خلال صيف 1984. إن رحلتي إلى السويد فى ذلك العام قد علقت بذهني، و يستحيل على ذاكرتي الخربة نسيان تفاصيلها، لأنها قد إرتبطت بالتطبيق الفعلي لقوانين سبتمبر الغبراء التى أعلنها "الإمام" نميرى فى سبتمبر 1983. أذكر جيدا أننى غادرت الخرطوم يوم 29/4/ 1984متوجها إلى السويد عن طريق لندن، وإذا ب "الإمام" النميرى يفاجئ الجميع بإعلان حالة الطوارئ وما تبعها من إجراءات تشكيل محاكم الطوارئ سيئة الصيت والتى شوهت العديد من الغلابة والمساكين من أبناء الشعب السودانى من خلال بتر أطرافهم كما أدت إلى استشهاد بعضهم كالمرحوم "الواثق صباح الخير". بالطبع لم أسمع بالخبر إلا صبيحة 30/4 عند وصولى إلى مدينة لندن و من خلال صحيفة" القارديان". لقد إستغرب أصدقائى العديدين الذين إلتقيتهم فى مختلف المدن البريطانية حينها، بل أبدوا دهشتهم حينما كانت إجابتى على سؤالهم، "إيه الحاصل فى البلد؟"، بإعتبارى واصلا للتو منها، " بأن المسؤول ليس بأعلم من السائل!!"، وهو بالفعل كذلك، حيث لم تكن هنالك أية مؤشرات، حتى وقت مغادرتي للبلاد، لإعلان حالة الطوارئ أو ما يستدعى ذلك!! لكن يبدو أن السبب الرئيسي من وراءإعلانها كانت أحد " نزوات الإمام" التى هدف منها التنكيل بالمعارضين و إذلال الشعب، كما سبقني فى تأكيد ذلك شهيد الفكر. بل إن توقيت إعلان سبتمبر الغبراء نفسه لا يمكن محيه من ذاكرتي، حيث تم الإعلان عنها أثناء تواجدي فى النرويج كأستاذ زائر فى قسم الأنثربولوجيا والدراسات الإجتماعية بجامعة بيرقن. وقد كان العديد من الأساتذة والطلاب فى ذلك القسم، وكذلك المهتمين بشؤون السودان، دائمى السؤال عن ماهية تلك القوانين وطبيعتها، ولكنهم كانوا أكثر اهتماما بعقوبة الصلب!! كنت حينما أوؤكد لهم أن المقصود بالفعل هو الصلب، كانوا يردون على ووجوههم محمرة من الدهشة وأساريرهم فى غاية الإنقباض: “CRUCIFICATION??!!” فأقول لهم نعم...نعم... كان البعض منهم" ينطط" أعينه غير مصدق تماما، أو بالأحرى غير مستوعب لما أقول، حيث أنهم يعتقدون جميعا جازمين بأنه يكاد يكون ضربا من المستحيل أنه سيأتي زمن سيشارك فيه قوم، ناهيك عن أن يكونوا من السودان، السيد المسيح هذه الصفة فى أخريات القرن العشرين!! قمت أثناء فترة تواجدي بمعهد الدراسات الأفريقية والتى إمتدت الى قرابة الأربعة أشهر بإنجاز دراسة الفساد فى شكلها النهائي بعنوان "الفساد كعامل خامس للإنتاج فى السودان"، وقد تم نشرها على النحو التالي: “Corruption as a ‘Fifth’ Factor of Production in the Sudan”, Research Report No 72, Scandinavian Institute of African Studies, Uppsala, Sweden, 1985. ولقد كانت ، كما أعتقد ، أول دراسة أكاديمية تقوم بتحليل ظاهرة الفساد فى السودان بأسلوب علمى نأمل أن تكون قد فتحت الباب لتناول ودراسة هذه الظاهرة الخطيرة بأسلوب علمى رصين ومن ثم تحفز الشباب لتوثيقها أيضا. و كذلك قمت بإنجاز دراسة أخرى عن الأثر الإقتصادى لتواجد اللاجئين الإرتريين على مدينة كسلا بشرق السودان، من واقع دراسة ميدانية قمت بإجرائها فى أوساطهم فى ذلك الوقت، وقد تم نشرها بجامعة أكسفورد على النحو التالي: “ Eritrean Refugees in Kassala Province of Eastern Sudan: An Economic Assessment”, Refugee Issues, Vol 2, No 1, Queen Elizabeth House, Oxford, England, Oct 1985. والتى سأتحدث عن أهميتها حينما أتطرق لموضوع تدريس مادة الإقتصاد التطبيقي بجامعة الخرطوم. كان أحد مكونات دراسة الفساد، كما أخبرتكم، أو أحد نماذجها، هو "مؤسسة التنمية الإسلامية". وقد قمت بإجراء تحليل للخلفية الإجتماعية لبعض الأعضاء المؤسسين من حملت الأسهم، بالتركيز على جعفر محمد نميرى، رئيس الجمهورية، عمر محمد الطيب، نائب رئيس الجمهورية، ويسن عمر الإمام، الذين ساهم كل منهم بمبلغ مائة ألف دولار، وهو يعتبر مبلغا كبيرا بمقاييس ذلك الزمان، فى رأسمال الشركة. إفترضت الدراسة بأنه لو قام أيا من هؤلاء الثلاثة بتوفير كل راتبه منذ التحاقه بالخدمة وإلى أن يصل إلى سن المعاش فإنه لن يتمكن من توفير هذا المبلغ، وبالأخص الأستاذ يسن، الذى أحتسب راتبه على أساس ما يتقاضاه " ناظر مدرسة وسطى"، كما كان هو بالفعل كذلك ناظرا لمدرسة كريمة الأهلية الوسطى، إلى أن جاءت مرحلة " التمكين" فتمكن خلالها من أن يكون عضوا بمجلس إدارة بنك فيصل الإسلامي السودانى ومؤسسة التنمية الإسلامية على حد سواء!! أذكر أنه قد تمت دعوتي، أثناء تواجدي بالسويد، لتقديم ورقة الفساد فى مؤتمر علمي بجامعة" إيست آنجليا" بمدينة "نورتش" بإنجلترا. قبل الذهاب إلى تلك الجامعة ذهبت إلى مدينة أكسفورد لزيارة أستاذي الجليل وصديقى الوفى المرحوم محمد عمر بشير -رحمه الله رحمة واسعة وأحسن إليه- والتى جاءها مستشفيا من ذلك المرض اللعين، وقد كان فى بدايته فى ذلك الوقت.أمضيت عطلة نهاية الأسبوع فى ضيافة أستاذي الجليل أخبرته أثنائها عن الدراسة وقد قام مشكورا، على الرغم من ظروفه الصحية، بقراءتها... لكنه فاجأني بسؤال كان مدهشا بالنسبة لى، حيث قال لى بالحرف الواحد، "لكن وين حسن الترابى؟" رددت عليه باندهاش ملحوظ أن حسن التربي ليس من ضمن الأعضاء المؤسسين لهذه المؤسسة. ثم أردف مندهشا هو الآخر، " طيب حسن عبد الله دفع الله ده يطلع منو؟!".شكلت تلك المعلومة صدمة بالنسبة لى حيث أننى لم أقم بإختياره للتحليل ضمن من وقع عليهم الإختيار للدراسة وذلك لأنني بالفعل لم أكن أعرف إسما آخرا "للشيخ" غير حسن الترابى. تأكد لى منذ تلك اللحظة إزدواجية هذا الرجل، حتى فيما يتعلق بإسمه: فهو " حسن الترابى " فى عالم الشهرة والسياسة، و" حسن عبد الله دفع الله" فى عالم المال والأعمال... فتأمل!! تلك الإزدواجية الماكرة التى ذهبت به إلى السجن " حبيسا" وذهبت بالعميد إلى القصر" رئيسا" فى الثلاثين من يونيو من عام1989 ؟؟!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الفساد (Re: أحمد أمين)
|
خواطر من زمن الإنتفاضة (4) الفساد المالي فى أوساط قيادة الجبهة الإسلامية القومية
د. إبراهيم الكرسنى [email protected]
د. إبراهيم الكرسنى
اذكر أنني حينما غفلت راجعا إلى السويد من إنجلترا بعد أن قدمت دراسة الفساد فى مؤتمر بجامعة إيست آنجليا، دعاني السيد مدير المعهد الإسكندنافى للدراسات الأفريقية بمكتبه، وبعد حديث المجاملات عن رحلة إنجلترا وأخبار المؤتمر وعن إنطباع المؤتمرين عن الدراسة، أبدى لى تحفظه حول نشر الدراسة ضمن إصدارات المعهد. إنتابنى قلق شديد من أن يكون لهذا التحفظ أية علاقة بمنهج الدراسة أو أن يكون نتيجة ضعف فى تحليلها أو تشكيكا فى مصداقية نتائجها. لكن تحفظه قد جاء مخالفا لكل تلك التوقعات وكان مفاجئا لي تماما، حيث أخبرني بأنه لا يود نشر هذه الدراسة لأسباب تتعلق بسلامتي الشخصية حيث كان مهموما بإحتمال تعرضي لبعض المخاطر عند رجوعي إلى السودان، الذى بات وشيكا. نبع هذا الموقف من متابعته اللصيقة لما يدور فى السودان من أخبار لمحاكم الطوارئ سيئة الصيت و ما نتج عنها من قطع وبتر من خلاف وشنق وصلب. ولم يفت على فطنته بأن المقصود من تلك المحاكم ليس فقط التنكيل بالغلابة والمساكين من أبناء الشعب وإنما كذلك إرهاب الخصوم السياسيين !!
حينها إنفرجت أساريرى، وقد إستغرب هو بالفعل لحالة الفرح التى إعترتنى جراء تحفظه، ثم شكرته كثيرا على نبل مشاعره وأكدت له ضرورة المضي قدما فى نشرها حيث أن هذا النشر لن يشكل أية خطورة بالنسبة لي عند رجوعي إلى أرض الوطن. إستغرب السيد مدير المعهد من تقليلي لحجم المخاطر ثم سألني ما السبب فى ذلك؟ فأجبته قائلا، لحسن حظنا، أن القراءة والإطلاع لا تجد لها مكانا سوى فى آخر سلم أولويات حكامنا، وينعدم هذا الإحتمال تماما إن كانت الكتابة باللغة الإنجليزية!! أبدى السيد المدير إغتباطا مشوبا بالدهشة لهذا الطراز الفريد من الحكام، وكأنه قد إكتشف ولأول مرة أن للجهل أيضا بعض الحسنات!!؟؟ ومن ثم أبدى تعليقه الأخير أثناء تلك الجلسة حيث أخبرني بأن نشر دراسة الفساد سوف تساهم فى تحسين صورة المعهد والذى دائما ما توجه إليه أصابع الإتهام بأنه لا يخلو من موالاة للحكومات الأفريقية بحكم تبعيته لوزارة الخارجية السويدية. حينها تأكدت لي بالفعل شهامة هذا الرجل الذى عرض نفسه هو الآخر لمخاطرة من نوع خاص، بإعتباره ناشرا لدراسة علمية تقوم ولأول مرة بتوجيه أصابع الإتهام بالفساد إلى رأس دولة أفريقية!! ثم تأكدت لى حقيقة أخرى، وهى مدى إهتمام الرجل بسلامتي الشخصية حتى وإن كان ذلك يعنى حرماني من نشر دراسة علمية، أو حتى وإن لم أكن أحد رعايا دولته، فى الوقت الذى يقوم فيه رئيس دولتي بشنق وصلب وبتر أطراف أبناء شعبه... فتأمل!! ويالها من مفارقة!!
صدرت الدراسة فى يناير من عام1985 وقد تم إرسال نسخ منها وقمت بإستلامها قبل قيام الإنتفاضة بفترة وجيزة. فقد صدق حدسي حيث أن الأجهزة الأمنية لم تعرها إهتماما، كما توقعت، فوصلتنى سالمة من غير سوء. حينها تذكرت قصة كان قد رواها لى الصديق الدكتور محمد المهدي بشرى، له التحية والإعزاز، وقد حدثت له أثناء أحد " زياراته" المتكررة لسجن كوبر فى عهد " الإمام" النميرى، حيث صادرت سلطات السجن كتابا عاديا للتاريخ كان مرسلا له من قبل أحد أصدقائه، فى الوقت الذى سمحت بإدخال مؤلف كولن ويلسون، " الجنس الآخر". فهل يمكن إعتبار هذا الموقف أحد "حسنات" الجهل المركب؟!! لم تسكب كوادر الجبهة الإسلامية القومية، المدربة تدريبا ماهرا على إغتيال الشخصية و أبواقها الإعلامية، حممها المسمومة علينا- الأخ الواثق وشخصي الضعيف- إلا بعد قيام الإنتفاضة مستغلة فى ذلك حتى منابر مساجدها... فتأمل!!
كان المدخل إلى لهذا الطوفان المسموم من قبل أبواق الجبهة حدثين هامين يتعلقان بدراسة الفساد. الأول هو قيام الأخت الفاضلة علية العاقب، لها التحية والتجلة، الإتصال بى و إبداء رغبتها فى ترجمة الدراسة ومن ثم نشرها فى صحيفة الأيام على شكل حلقات لتعميم الفائدة، فشكرتها وأبديت لها موافقتى على إقتراحها. بناءا على ذالك إرتأت الأخت علية أن يقوم الأخ العزيز عوض السيد الكرسنى-له التحية والتجلة والإعزاز، الأستاذ حينها والبروفيسور حاليا بقسم العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، بترجمة الدراسة فوافق مشكورا على الإقتراح ومن ثم قام بترجمة الدراسة بلغة عربية رصينة يتوفر لها قدرا عاليا من المهنية والوضوح. تولت الأخت علية مسؤولية متابعة نشرها على حلقات بصحيفة الأيام الغراء. قامت صحيفة الأيام بنشر الدراسة كاملة دون حذف حرف واحد منها وبأفضل صورة ممكنة. من هنا أود أن أتوجه بالتحية و التقدير لأستاذنا الجليل محجوب محمد صالح – رئيس التحرير وجميع العاملين بالصحيفة فى ذلك الوقت على ذلك الجهد المقدر.
أما الحدث الثاني الذى أثار علينا طوفان قادة الجبهة الإسلامية و كوادرها الإعلامية فيتعلق بموضوع إدراج دراسة الفساد كأحد مواد "كورس" الإقتصاد التطبيقي الذى كنت أقوم بتدريسه لطلاب السنة النهائية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية فى ذلك الوقت. حينما فكرت فى ذلك رجعت بذاكرتي إلى الوراء حينما كنت طابا بنفس الكلية وعن وجهة نظرنا كطلاب فى مادتها، وليس أساتذتها – فهم موضع إجلال وتقدير وإحترام بالنسبة لنا. فقد كان ذلك الكورس يصيب الإنسان بالضجر والملل حيث يستند بصورة أساسية على دراسة تجربة مشروع الجزيرة و بصورة وصفية مملة، مما حدى بأحد ظرفاء الدفعة بالتعليق ساخرا على هذا الكورس قائلا، " والله تقول مرتبة الشرف دى حيحشوها لينا قطن !!". ظل هذا التعليق الساخر عالقا بذهني طيلة هذه الفترة. لذلك قررت أن لا أكرر نفس تلك التجربة مع طلابي. عندها فكرت فى أن أقوم بتناول قضايا آنية هامة وحديثة وتلامس الواقع المعاش لطلابي ومما يقع ضمن دائرة إهتماماتهم اليومية. لذلك وقع إختيارى على موضوعي الفساد والآثار الإقتصادية للاجئين على مدينة كسلا ليشكلان العمود الفقري لكورس الإقتصاد التطبيقي.
واجهتني مشكلة عملية، لم تطرأ على بالى فى ذلك الوقت، عندما تقدمت بصورة رسمية إلى مجلس قسم الإقتصاد راجيا منه الموافقة على المقترح. لقد ظل محتوى كورس الإقتصاد التطبيقي كما هو منذ أن كنا طلابا بالجامعة ولم يطرأ عليه أي نوع من التغيير البتة!! لكن لب المشكلة يتمثل فى أنه لايمكن إجراء أى تعديل على محتوى تلك المادة إلا بموافقة جميع مستويات "البروقراطية" العلمية للجامعة بداء بمجلس قسم الإقتصاد وإنتهاءا بمجلس أساتذة جامعة الخرطوم... فتأمل!! طرحت الفكرة داخل مجلس قسم الإقتصاد فأعترض عليها أحد أساتذتي الأجلاء، والذى صرت زميلا له فيما بعد بنفس القسم، بحجة أن تغيير المحتوى العلمي لأي مادة يتطلب الموافقة النهائية من مجلس أساتذة الجامعة. وبما أن إستكمال هذا الإجراء يتطلب شهورا، إن لم يكن أكثر من ذلك بكثير، فقد رددت عليه، فى أدب جم، بأنني سأقوم بتدريس هذين الموضوعين وليقرر مجلس أساتذة جامعة الخرطوم فيما بعد ما يراه مناسبا بهذا الشأن.
بالفعل فقد قمت بتدريس موضوعي الفساد واللاجئين كمواد لكورس الإقتصاد التطبيقي، بعد أن قمت بتوفير كميات وافية من الدراستين كمراجع للطلاب بمكتبة قسم الإقتصاد. لقد ذهلت حقيقة من وقع تدريس هذين الموضوعين على طلابي، حيث فاق كل توقعاتى، وأعتقد أن أسلوب تدريسهما، والذى كان فى شكل تقديم للمادة ومن ثم إكمال المحاضرة فى شكل "سمنار"، أكبر الأثر فى هذا الوقع الإيجابى. لقد تحولت مادة الإقتصاد التطبيقي من كورس يبعث على الملل والتثاؤب، إلى محاضرة جاذبة ليس فقط لجميع الطلاب المعنيين بالكورس والمقرر عليهم، وإنما فى جذب العديد من طلاب الكليات الأخرى المهتمين بهذا الشأن، بما فى ذلك بعض طلاب كلية الزراعة الذين يتطلب حضورهم نوعا من المكابدة مع المواصلات. آمل أن يساهم طلاب وطالبات كلية الإقتصاد الذين شهدوا تلك المحاضرات بآرائهم لإثراء هذه الخواطر. وسنواصل فى الحلقة القادمة الحديث عن الطوفان الذى أحدثته دراسة الفساد فى أوساط قادة الجبهة الإسلامية القومية وأبواقها الإعلامية. 4/3/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الفساد (Re: أحمد أمين)
|
بعد أعلان الحركة الشعبية محاربة الفساد فى شمال السودان رصدت صحيفة الايام بتاريخ 3/4/2007 ردود الفعل على السؤال الذى طرحته وهو:
هل سيجد اعلان الحركة الشعبية الخاص بمحاربة الفساد من جنوب البلاد الى حكومة الوحدة الوطنية طريق للنجاح اسوة بالجنوب ام سيواجه عقبات?
الاستاذ على محمود حسنين رحب باعلان الحركة لكنه قال اذا كان الفاسدون فى مواقع متقدمة فى السلطة من الصعب الوصول اليهم وخصوصا ان الحركة لا تسيطر على ادوات محاربة الفساد كوزارة المالية والداخلية. قال الاقتصادى محمد ابراهيم كبج فى تصريح للايام 3/4/2007م "ان الفاسدون فى الشمال يتحكمون فى اموال كثيرة ولهم نفوذ بلا رادع قانونى. وبنظر الى الميزانية العامة نجد ان هناك نقص كبير فى ايرادات الميزانية الاتحادية واشار الى ماذكره مستشار وزراة المالية والمدير السابق للضرائب أنه فى عام 2001 تم اعفاء 52% من المستوردات للسودان من الجمارك (تحت تبرير تشجيع الاستثمار)والذى ترتب عليه حرمان الخزينة العامة من 76 مليار دينار و 60% من تلك المستوردات دخلت السوق مباشرة وليس لتشجيع الاستثمار. واعفاءات ضريبية ذهبت لقطاعات غير استراتيجية كمحلات العصائر والكافتريات وتعبئة الشاى والمشروبات الغازية الخ واضاف كبج نجد ان مبلغ 176 مليار دينار قد ذهبت لغير مستحقييها وهذا حديث من شخص كان مسئول ولكن لم يحرك احد ساكنا" وقال كبج عندما بحثت فى هذا الموضوع كانت جملة الايرادات الاتحادية عام 2001 تساوى 356 مليار دينار يعنى ان أكثر من ثلث المبلغ ذهب لجيوب الفاسدين والمؤيدين للنظام (كتنفيذ لشعار التمكين).
رفض القيادى بالهيئة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطنى عباس الخضر دمغ الحكومة بالفساد وقال ان الفساد موجود فى كل المجتمعات ورغم انه يوجد فساد لكنه رفض وجوده فى وسط المسئولين فى الاجهزة العليا، حسب رايه ان الفساد على مستوى الطبقات الصغيرة. قال امين الدائرة العدلية بالؤتمر الشعبى كمال عمر عبد السلام اذا فتحت الدولة ملف الفساد نستطيع نحن كمؤتمر شعبى مد الجهات القانونينة والعدلية باسماء شركات استغلت علاقاتها ببعض النافذين فى السلطة وحققت ثراء ضخما واضاف ان محاربة الفساد فى الشمال قضية معقدة لأن لوبى الفساد متعلق بقضية السلطة ذاتها. واوضح ان الاقتصاد يمضى نحو الدمار بسبب الميزات التى تمنح لشركات لها ارتباط باشخاص واسماء فى السلطة واشار الى رصدهم الى 17 شركة تعمل فى منظومة المؤتمر الوطنى فى مجالات المرأة والشباب والطلاب اضافة الى 166 شركة تشارك فيها جهات نافذة فى الدولة. سليمان حامد القيادى بالحزب الشيوعى بدا اكثر تشاؤما وقال انه متأكد أن فى ظل سياسة الانقاذ التى درجت عليها طوال السنين السابقة ان اعلان الحركة سيواجه بعراقيل ولاسيما ان سياسة المؤتمر الوطنى قائمة على التستر، ولكنه طالب بادخال الفساد فى اطار حملة قومية واسعة ضد الفساد بمشاركة كل الاحزاب ومظمات المجتمع المدنى والاستعداد لتقديم التضحيات وضاف (دون ذلك اى حديث عى محاربة الفساد لا قيمة له)، وقضايا الفساد حسب رأيه واضحه حسب تقارير المراجع العام والذى اكد فى تقريره عام 2004 ان جملة الاختلاسات فى ثلاثة بنوك فقط بلغت 373 مليار دينار.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الفساد (Re: أحمد أمين)
|
فـــوق فوق يا احمد امين العار العار لحكومة الجبهة اكشف يااحمد بين بالكلام الموثق زيف الباطل يجب محاسبة زبانية الجبهة علي جرائم التنكيل والتعذيب وتشريده واغتصابه للملايين التى لن تنسي واصل واصل
اشد على يدك لك التحية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الفساد (Re: Mustafa Muckhtar)
|
الاخوة ابنعوف ومختار
شكرا على المرور
الحزب الحاكم يحكم قبضته على الشعب مستخدما ثلاثة ادوات اساسية او ماسيمى بال triangulation المال، الامن، وجهاز الدولة
واهم حلقة فى هذه الحلقات هى الحلقة المالية لو تم تفكيكها سوف يتصدع كل بنيان القهر
واهم عامل فى هذه الحلقة المالية هو الفساد والافساد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الفساد (Re: أحمد أمين)
|
شر البلية ما يضحك ذكر الاخ صديق الموج فى بوست اخر هذه نكتة ابليس لكنى عدلتها حسب النسخة التى سمعتها هنا فى السودان
يقال أن ابليس قرر الهجرة من السودان فى المطار سأله ضابط الهجرة: "مالك يا ابليس انشاء الله خير؟" ورد ابليس بحزن ممزوج بالغضب "بالله شوف قلة الذوق وعدم الاحترام: الجماعة ديل نعلمهم السرقة والخطف واللغف .. والواحد اول ما يغنى يخت ليهو لافتة كبيرة فى مكتبه يكتب عليها "هذا من فضل ربى.."
بصراحة ديل ناكرين جميل وانا البلد دى........... ده طرفى منها"
كتب مرتضى الغالى فى جريد الايام بتاريخ 5/4/2007 راصدا لاحاديث الفساد و ماقاله زعيم المؤتمر الشعبى الترابى: "اذا جمعت الزكاة تذهب الى مصارفها الثمانية المعروفة لكنها الان تذهب الى القصر الجمهورى والمؤتمر الوطنى، ان هؤلاء اصبحوا يخصصون الشركات ويتولونها لأن الفساد فيها اسهل من الوزارات حيث لا مراجعة ولا محاسبة، والاغرب إنهم يجاهرون بالفساد و نسمع عن البنايات والمدارس العجيبة والمساجد الغريبة التى لم تشيد لعبادة الله"
ولا زال المؤتمر الشعبى يهدد بأنه سوف يعلن عن اسماء الشركات ال 166 التى لها علاقة مباشرة بالمؤتمر الوطنى أو نافذين به.
التقرير الذى قدمته مجموعة ميرسر عن جودة الحياة لعام 2007 وضع زيورخ فى المرتبة الاولى محرزة (108.1 نقطة) وتتبعها جنيف وفينا على التوالى. السودان احرز المرتبة الثالثة قبل الاخيرة فى تقرير الشفافية الدولية، والان تحرز عاصمته الخرطوم التى يتركز فيها فسادة النخبة الحاكمة وحسب المعايير المذكورة ادناه المرتبة 213 محرزة (31 نقطة) من ضمن 215 مدينة بعده تأتى بانقى (افريقيا الوسطى) وبرازفيل عاصمة (الكنقوواستخدمت فيه المعايير التالية:
• البيئة السياسية والاجتماعية (الاستقرار السياسي، الجريمة، تطبيق القانون ،...الخ) • البيئة الاقتصادية (سياسة تبديل العملة، والخدمات المصرفية.........الخ) • البيئة الثقافية والاجتماعية ( الرقابة، ومحدودية الحريات الشخصية ........الخ) • الصحة والصرف الصحى ( توفر الخدمات الطبية والادوية، الامراض المعدية، الصرف الصحى، التخلص من الفضلات، وتلوث البيئة.........الخ) • المدارس والتعليم ( المستوى التعليم وتوفر المدارس ........الخ( • الخدمات العامة والمواصلات ( الكهرباء، المياه، الموصالات، وزحمة الطرق.............الخ) • الخدمات الترفيهيه ( مطاعم، مسارح، سينمات، مراكز رياضية،......ألخ) • السلع الاستهلاكية (توفر السلع الاستهلاكية، السيارات..........الخ) • السكن (السكن، اثاث، خدمات اصيانة، معدات المنزل.............الخ) • البيئة الطبيعية (الطقس، وسجل الكوارث الطبيعية)
| |
|
|
|
|
|
|
|