ترجمة (مـعركة أمـد رمان 2/سبتمبر/1898 )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 01:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة أحمد أمين(أحمد أمين)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-18-2005, 06:05 AM

أحمد أمين
<aأحمد أمين
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3371

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ترجمة (مـعركة أمـد رمان 2/سبتمبر/1898 )

    ترجمة من كتاب حرب النهر / وينستون شرشل

    -----------------------------------------------------------
    انطلقت الأبواق في تمام الساعة الرابعة والنصف من كل مكان في المعسكر قرب النهر، وثم تلاشت تدريجيا، أمتطى الفرسان خيولهم، وأستعد المشاة بأسلحتهم، والمدفعية إلي مدافعهم. وأشرقت الشمس من وراء النيل، علي السهول الممتدة والجبال الصخرية السوداء وعلى الجيوش المنتظرة.
    وقبل بزوغ الفجر تماما دُفـع بعدد مـن سرايا الفرسان البريطانية والمصرية الي المقدمة لاكتشاف نوايا العدو، كانت أولي هذه السرايا بقيادة الكابتن بيرنق التي احتلت جبل (سيرقام)، وانتظرت في الظلام حتي يتم تحديد مواقع الدراويش عند الفجر. كانت محاولة محفوفة بالمخاطر لاحتمال تواجدهم علي غير توقع علي مسافة قريبة جدا.
    وعند طلوع الشمس خرجت وحدة ال 21 لانسر من (الزريبة) وقامت بطواف عسكري، لم يكن هنالك هجوم عسكري ليلي، وكما هو متوقع عادت قوات الدراويش الي مواقعها الاساسية ودخل جزء منها الي المدينة. حيث لم يكن يتوقع الهجوم منهم في وضح النهار من خلال السهل المكشوف لمهاجمة (الزريبة).
    لكن هذه التوقعات سرعان ماتبددت بالمشهد البادي من قمة التل.
    الساعة تشير الي السادسة إلا ربع، الضوء خافت، لكنه يزداد قوة كل لحظة وهنالك وراء السهل الممتد يرابط العدو، أعداده لم تتغير، ثقته وتصميمه يبدو أنهما لم يهتزا، مقدمتهم الان يقارب طولها يقترب من الخمسة أميال، تتكون من عدد ضخم من الرجال أنضموا الي بعضهم البعض، ومن الخلف وبالقرب من الاجنحة عدد كبير من الأحتياطي بدوا من قمة التل وكأنهم ضباب داكن مخطط يجسمه وميض متنوع غريب يلمع من سنان رماحهم.
    وعندما بلغت الساعة السادسة إلا عشرة دقائق بدا واضحا أن الحشد يتحرك ويتقدم بسرعة، الامراء يمتطون خيولهم يركضون جيئة وذهابا امام جنودهم، الكشافون والطوافون توزعوا في كل الانحاء المتقدمة، بدأوا بالهتاف وكانوا علي بعد ميل من الجبل تحجبهم عن قوات السردار بعض المنحنيات الارضية.
    وتنامت الأصوات خافتة إلي أسماع الجنود بالقرب من النهر. لكن للذين يراقبون من الجبل كانوا يسمعون هديرا هائل يأتي كموجات مكثفة، كأنه صخب ريح يتكثف في البحر قبل بداية العاصفة.
    انتظمت القوات البريطانية والمصرية في شكل خطوط مولية ظهرها تجاه النهر، أجنحتها تحميها السفن المسلحة الراسية في النهر. امامها سهل من كثبان الرمال المتحركة، وتبدو من قمة التل ناعمة مسطحة كمائدة ممتدة، ومن الناحية اليمني بدت ملامح جبال كرري، بالقرب منها تجمع فرقة الفرسان المصرية ومعهم كتلة قوية من الرجال السود والخيول. في الناحية اليسري كانت وحدة 21 لانسر مع سرب دُفعِت الي الامام في أنتظار ومراقبة الطوف الذي صعد الي جبل (سيرقهام) وأمتد الي مابعده، أو قبع يراقب من القمة كما نفعل نحن من قمة التل.
    رغم أن الدراويش كانوا يتقدمون باستمرار، إلا أن علمنا بأن تسليحهم أدني درجة شجعنا علي المراقبة من مكان أكثر قربا، أسرعنا جريا حول المنحدر الجنوبي الغربي لجبل سيرقام، حتى وصلنا إلي جبل ساند من ناحية العدو، والذي كانت تنتظر فيه أحد الكتائب منذ الامس.
    من ذلك المكان كان كل ما يحدث مرئي بشكل تفصيلي، يبدو أن كل رجل من الاف الرجال يمكن فحصه بمفرده، خطوات مشيتهم سريعة ومستمره، بدا واضحا أن الانتظار أكثر ذلك في جبل ساند أصبح مسألة في غاية الخطورة.
    لكن المنظر الذي شاهدناه أدهشنا وشكل أفتتانا خطيرا جعلنا نتلكأ في المغادرة.
    رايات الامراء المشهورين سهل التعرف عليها، في أقصي اليسار تجمع قواد وجنود الراية الخضراء تحت قيادة علي ودحلو. ونحو الوسط منهم أرتفعت الراية الزرقاء بقيادة عثمان شيخ الدين فوق كتلة من الرماح يتبعها صف طويل من المحاربين مسلحين بالبنادق. الوسط بقيادة يعقوب أرتفعت الراية السوداء المقدسة لدي الخليفة عاليا. في اليمين أنتظمت مربعات ضخمة من الدراويش تحت قيادة الراية البيضاء في وسطها الشارة الحمراء للشريف. بكل كبرياء قوة أمبراطورية الدراويش تم حشدها في هذا اليوم الاخير لوجودها. الرجال المسلحين بالبنادق الذين ساهموا في تحطيم هكس، والمسلحين بالرماح الذين هاجموا أبوالكيلك، أمراء شاهدوا طرد غردون، البقارة قادمين حديثا من غزواتهم ، المحاربون الذين حاصروا الخرطوم، كلهم يتقدمون ملهمون بالانتصارات السابقة لتأديب الوقحين ودحر الغزاة، رغم شعورهم بالمرارة من الهزائم الاخيرة .
    يتواصل التقدم الجزء الايسر من قوات الدراويش بإمتداد عبر السهول حتي جبال كرري كما توقعت، لينقلب علي جناحنا الايمن. تحرك الوسط تحت الراية السوداء نحو جبل سيرقام ، وهذه المجموعة من الرجال هي أكثر القوات قوة وعنفا ولم يتجاوز عددها ال 6000 رجل، لكن صفوفهم منظمة يرفعون العديد من الاعلام ربما 500 علم وتبدو عن البعد أنها بيضاء لكنها كانت مغطاة بنصوص من القران وأصطفافهم المثير للاعجاب جعل هذه المجموعة من قوات الخليفة تشبه تمثيل الصليبين في (نسيج بياكس) .
    لو كان هنالك نوع من الأسلحة العرب أقل شأنا فيه مقارنة بأعدائهم، فهي البندقية، لكن رغم ذلك وبهذه البندقية بالذات بدأوا هجومهم، برزت من وسط خطوط الدراويش المتقدمة في الهجوم أنفاث من الدخان، وعلي بعد 50 ياردة من الجدار الشوكي تطايرت سحابتان حمراوتان اللون من الرمل الي أعلي، حيث سقطت قذيفه.
    سحابة كبيرة من الدخان غطت كل الخطوط الامامية للفرقة البريطانية والسودانية، و واحده تلو الاخري فتحت أربعة مدافع يصل مداها الي 3000 ياردة نيرانها علي العدو، وصوت المدفعية نسمعه نحن في التل، وتردد صداها الجبال.
    من فوق رؤوس الحشود المتحركة تنفجر القذائف تاركة في الهواء كرات دخانية وفي



    الارض أجسادا. هنالك مأساة علي وشك الوقوع، الراية البيضاء كادت أن تتخطي قمة
    التل، وبعد دقيقة أخري سيصبح جنودها مكشوفين أمام نيران المدفعية، حيث يفصل بينهم وبين المدفعية الميدانية (32) ومدفع السفن 2800 ياردة وفي أقل من ثوان سوف يدمر هؤلاء الرجال الشجعان تدميرا كاملا، هي مسألة آلة وكل ما بعدت المسافة حدثت /المذبحة دون أن يحس أو يشعر بها الآخرون هل كانوا يعلمون ماذا سيحدث لهم؟

    راياتهم البيضاء جعلتهم أكثر وضوحا، وعند رؤيتهم لمعسكر أعدائهم بدأو أفراغ ذخيرتهم وهم يهتفون بصرخات عسكرية عالية ويتقدمون بخطي سريعة وخطوات منتظمة تقدمت الراية البيضاء عند تخطيها قمة التل أصبحت كل الفرقة مكشوفة لنيران مدفعية السفن ومدفعية الفرقة المدفعية البريطانية (32) و مدفعية الزريبة. أصابتهم 20 قذيفة في الدقائق الاولي لأنفجر بعضها في الهواء والاخر أنفجر في وجوههم وأخريات تسقط وتغوص فى الرمل ثم تنفجر مرسلة سحابة من الغبار الاحمر.
    الرايات البيضاء سقطت في كل الاتجاهات لكنها ترفع من جديد وعندها يضغط فوج جديد من المحاربين الي الامام يضحون بأنفسهم من أجل المهدي وخليفته.
    كان منظرا فظيعا،ويبدو أنه تفوق غير عادل ذلك الذي يمكننا من ضربهم دون أن يتمكنوا من الرد علينا والحاق الضرر بنا حتي الان.
    وتحت تأثير الضرب المتصل تبعثرت الراية البيضاء الي خطوط رقيقة من حملة الرماح والمناوشين، حيث قلت أعدادهم وعمت صفوفهم الفوضي ورغم ذلك لا يزال حماسهم مستمر.
    والان أتي دور الفرسان لتنظيف ماتبقي بأسرع فرصة ممكنة لنترك ماتبقي للمشاة وبندقية المكسيم
    أنسحب الطوافون الي سرايهم والفرقة الي الزريبة، وتواصلت القذائف من السفن وأندلعت النيران وتصاعد الدخان من كل الخطوط الامامية.
    الصخب صار عاليا وكثيفا حتي ولم يعد ممكنا سماع الاصوات الصادرة من مدفع المكسيم من كثرة الجلبة والضوضاء، المدفعية 32 ترسل قذائفها وتبعد منا فقط 80 ياردة، الضباط يقفون فوق صناديق البسكويت ينظرون من خلال نظارتهم لمعرفة أثر ذلك علي ميدان المعركة. حين نظرت علي بعد 800 ياردة (731.5)متر صفوف من الرجال ذوي الملابس الرثة يقاومون بيأس ويوجهون نيران لاتشفق والراية البيضاء تسقط مرات وتتهاوي مرات أخري وعشرات الرجال يسقطون في ارض المعركة، ودخان أبيض يتصاعد من بنادقهم، ودخان أكبر يتصاعد من خطوط المقدمة من جراء أنفجار القذائف العنيف.
    الجنود المشاة يطلقون النار بأستمرار دون عجلة أو أثارة، لأن العدو بعيد والضباط حذرين. حين تصبح بنادقهم أكثر سخونة يتم أستبدالها من الاحتياطي، أثناء ذلك وعند الجانب الاخر من السهل الرصاص يخترق اللحم ويهشم العظام ورجال شجعان يقاومون جحيم مكثف من المعادن، قذائف متفجرة، وغبار منتشر. وهكذا كان الجزء الاول من معركة أمدرمان كانت بالنسبة لهم ألم ويأس وموت.
    يبدو إن خطة الخليفة للهجوم كانت معقدة وبارعة، لكنها بنيت علي حسابات خاطئة في تقدير قوة الاسلحة الحديثة. في بداية المعركة أُمر نحو 1500 رجل من قوات شيخ الدين بقيادة عثمان أزرق ليقوموا بهجوم مباشر، والخليفة و قواته التى يقارب حجمها ال 15000 تنتظر بالقرب من جبل سيرقام لمعرفة نتيجة الهجوم الاول. لو نجح لتقدم ومعه قواته لأكمال الانتصار، لو خسرت فهنالك فرصة أخري.
    علي أي حال قوات الدراويش التى هاجمت الزريبة لم تكن بأي حال أفضل قواته التي يمكن أن يعول عليها، وتدميرهم كان خسارة كبيرة لكنها لاتعني نهاية المقاومة.
    عندما كان هذا الهجوم في شدته تحرك بقية الفرسان من قوات عثمان شيخ الدين علي خفية نحو الجناح الشمالي من قواتنا وبشكل دائري نحو جبل كرري، وكانت غير مرئية وبعيدة عن مدي المدفعية.
    بنيت خطة الخليفة علي الاحتمال التالي " إن فرحة (أعداء الله) بالانتصار الاولي علي الهجوم المباشر الذي قامت به قوات عثمان، سيجعلهم يتركون مواقع حمايتهم وخنادقهم يتقدمون نحو المدينة للاستيلاء عليها وأثناء أنتشارهم في السهل حيث لا توجد زريبة تحميهم سيهجم عليهم المحاربون الاشداء بعد أن تركوا مخابئهم ليلقي العدو حتفه النهائي.
    الخليفة ومعه 15000 رجل سيهجم عليهم من خلف جبل سيرقاهم علي ود حلو وكل ماتبقي من قوات عثمان شيخ الدين سيهجموا عليهم من ناحية كرري، وسيكون الهجوم من الشمال والجنوب ليحيط بالاعداء من كل جانب وبعدها سيفقد (الكفار) النظام والامل ويكون مصيركتشنر وقواته كمصيرغردون وهكس".
    شيئين ساهما في عدم أنجاح هذه الخطة، الهجوم الثاني من قوات ( الدراويش) لم يتم تنفيذه في وقت واحد من قبل هذين القسمين من قوات الدراويش، حتي لو كان ذلك ماحدث لانتصر التفوق في السلاح، رغم أنه كان يمكن أن تتعرض القوات الاستكشافية الي خسائر كبيرة، لكن النتيجة النهائية لم تتغير والامل الاخير (للبربرية ) قد ذهب مع خبوط الليل.
    تحرك الكولنيل بروودود ومعه تسعة سرب من سلاح الفرسان وفرقة الجمال، ومدفعية الخيول، لأختبار الجانب الايسر من قوات الدراويش، ولمنعها من محاصرة الزريبة في أتجاه مجري النهر الذي كان تحميه الفرقة المصرية، حيث لم يكن مرغوبا في تعريضها لهجوم مكثف. وبهذا الهدف أحتلت تل كرري مدفعية الخيول، وفيلق الجمال وأُحتفظ بقوات الفرسان كأحتياطي في المؤخرة.

    تلال كرري تتكون من معلمين حيث يرتفع كليهما إلي 300 قدم (91) متر من مستوي السطح، وكل منهما طوله ميل من الشرق الي الغرب مع وجود منخفض 1000 ياردة (تقريبا 1 كيلومتر) يفصل بينهما، تبعد الناحية الشرقية من هذا الجبل من النهر نحو 1000 ياردة، وهذه المسافة تتخللها الكثير من الهضاب والصخور الصغيرة، والتضاريس الصخرية والبركانية التي تغطي هذه المساحة ذادت من صعوبة حركة الخيول والجمال.

    خيول الفرسان والجمال موجودة في المنخفض بين التلين، والمشاة من فيلق الجمال أنتشروا علي قمة التلال في أقصي الجنوب، حيث كانت الصحراء من الناحية اليمني، وفي منتصف الجبل الذي تم أحتلاله بواسطة الفرسان كان علي يسارهم مدفعية الخيول، وعلي الوادي أنتظرت بقية الفرسان خلف المدفعية.
    التقدم المفاجئ لقوات عثمان أزرق جعلته يحتك بهذه القوات (الراكبة) أهدافه لازالت محل التخمين، هل أُمر بمهاجمة القوات المصرية، أم أراد أن يعطل تقدم فرقة، أم أنه يريد الاختفاء خلف الجبل مع قوات علي ود حلو، ومن المستحيل معرفة ذلك لكنه لا يمكن أن يهاجم المصريين مع وجود قوات الفرسان تهدد الجانب الايسر من قواته.
    لذلك واصل تقدمه أمام الزريبة بعيدا من مدي نيران المشاة متجها في أتجاه قوات برودوود هذا الضاابط الذي كان يتوقع مواجهة أعـداد بسيطة من قوات الدراويش، وجد نفسه يواجه 15000 رجل والكثير منهم يحمل السلاح.
    شاهد السردار (كتشنر) ما يحدث من موقعه بالزريبة وأمره بالعودة الي خطوط المشاة، لكن الكولنيل برودوود فضل الاحتماء بجبال كرري في اتجاه الشمال مما جعل قوات عثمان تتبعه، وقد رد الي السردار بهذه الفكــرة.
    هاجم الدراويش جبال كرري هم يتقدمون إلي ناجية الشمال الشرقي، وحاصروا الجناح الأيمن من القوات (الراكبة) وعندما وجد مسلحي الدراويش ثغرة في غرب الجبل تراجعت القوات الحاميه للتل الجنوبي، واكتسحت قوات عثمان المنخفض من أوله الي أخره بنيرانها.
    حينها أمر الكولونيل برودوود بتراجع المدفعية إلي الناحية الشرقية من التل الشمالي، لم يكن من الممكن إنجاز ذلك لأن النار تطلق باستمرار في المنخفض، وقد خسرت وحدة الفرسان والجمال حوالي 50 رجل وعدد من الخيول والجمال قتلت أو أصيبت.
    وأتضح جليا إن الدراويش يتحركون أسرع بأقدامهم مقارنة بالجنود راكبي الخيول والجمال.
    يندفعون بسرعة تتعدي ال7 ميل في الساعة، ولا تصل إليهم قذائف من الزريبة أو من مدفعية الخيول، وانحسرت المسافة مابين العرب وأعدائهم كثيرا، عندها قرر الكولونيل برودوود إرسال فرقة الجمال التي كانت (تراقب تطور الإحداث) إلي الزريبة تحت حماية مدفعية السفن.
    المسافة التي تفصل بين المتحاربين حوالي 400 ياردة تتناقص كل دقيقة، الفرسان انسحبوا الي الناحية الشرقية من المنخفض في اتجاه النهر، مدفعية الخيول تطلق قذائفها باستمرار من موقعها الجديد بالتل الشمالي، وفرقة الشمال لازالت تواجهها الصعاب من جراء وعورة الطريق وإنهم ألان في خطر، قوات الدراويش انتشرت في كل أنحاء التل الجنوبي، ويتقدمون في هجومهم غير مبالين بالقذائف التي تطلق عليهم من الزريبة.
    عندما شاهدوا فرقة الجمال متجه نحو النهر أدركوا أن فريستهم تحاول الهروب كحيوان مذعور للعودة إلي خطوط المشاة، وبهذه المعرفة الغريزية للحرب المورثة لدي المجموعات (المتوحشة)، تحول هجومهم الي الناحية اليمني حيث تغير الاتجاه من الشمال إلي الشرق في المنخفض نحو النهر، بقصد قطع طريق العودة علي فرقة الجمال وحصارهم في اتجاه النهر.
    اللحظة عصيبة وبدا لقائد كتيبة الفرقان أن الدراويش سوف ينجحون ونجاحهم يعني التدمير الكامل لفرقة الجمال.

    واستعدت كل فرق الفرسان التسع والضباط البريطانيين يؤمنون أن هجوما عنيف
    سوف يحدث، سيكون فيه اصطدام مباشر بحشود الرجال المسرعة نحوهم في الوادي. ربما هذا التصادم يمكن فرقة الجمال من الفرار، لكن الأرض وعرة، وقوة العدو ساحقة، الجنود المصريين مستعديين لطاعة الأوامر فقط. لم يكن حماسهم مرتفع وهي لحظات دائما ما تقود الجنس القوي إلي النصر، علي كل حال يبدو أن العملية حتمية فرقة الجمال بالقرب من النهر والدراويش يركضون نحوهم وأملهم الوحيد هو حماية أنفسهم بقوة أسلحتهم، حتى تصلهم المساعدة، من أجل أضعاف الدراويش يجب أن يقوم الفرسان بهجوم اضطراري، لكن اللحظات الحاسمة كانت عندما وصلت السفن المسلحة في مسرح الإحداث، وبدأت تضرب بمدفع (الماكسيم)، المدى قريب جدا وكان أثر ذلك عظيم، كم هي فظيعة هذه الماكينة التي تطفو بأناقة علي سطح الماء كشيطان أبيض يكلل نفسه بالدخان.
    كانت ناحية المنحدر النهري لجبال كرري مزدحمة بآلاف القادمين وقد تطايرت سحب من الغبار وشظايا من الصخور، وسقط الدراويش المهاجمين في أكوام متشابكة، وتوقف الحشد الذي بالمؤخرة محتارا و ذاد من ارتباكهم وصول سفينة أخري، وأسرعت فرقة الجمال عابرة نقط التلاقي القاتلة حتى وصلت إلي الزريبة بأمان.
    ساخطين علي خيب أملهم، أتجه جنود عثمان شيخ الدين نحو فرقة الفرسان، ناسيين في غمرة غضبهم القدرة الحركية لعدوهم، يطاردون الفرقة المراوغة لمسافة ثلاثة أميال الي الشمال، وتنفس الجميع الصعداء لنجاة فرقة الجمال، وأصبحت فرق الفرسان تلاعب خصمها القوي كما يفعل مصارع الثيران (الباندريلو). وقد نجح الكولنيل بروود أخذ هذا الجزء من قوات الدروايش بعيدا من ميدان المعركة الذي يحتاج إليهم.
    فتحت السفينتين نيران مكثفه علي قوات الدروايش جعلتهم يتراجعون غربا بعيدا من النهر، وبوجود هذه الثغرة تراجعت قوات برودوود لتنضم الي بقية قوات في الزريبة.
    في هذه الاثناء كان الهجوم الأمامي في تقدم مستمر عندما كانت تحدث هذه الأشياء في الناحية الشمالية، ما تبقي من الراية البيضاء أنضم إلي مجموعة أخري مكونة من 14000 رجل يتقدمون إلي الإمام نحو الزريبة حتي توقفوا علي بعد 800 ياردة من الفرقة البريطانية، وعلي بعد 300 ياردة من الفرقة السودانية التي تسلحت ببندقية (مارتيني هنري). رجل عجوز شجاع يحمل علما سقط علي بعد 150 خطوه من الخندق، القائد في جبته المرقع يركض بفرسه بثبات نحو خط النار، حتي اخترقته رصاصات عديدة وسقط بدون حراك، هكذا كانت نهاية المحارب العنيد (الخبيث)عثمان أزرق مخلصا حتي في مماته.
    أنبطح بقية الدراويش علي الأرض لا يستطيعون التقدم ولا توجد لديهم رغبة بالتراجع واستفاد مسلحوهم من بعض ثنايا السهل الممتد الذي جعل المواجهه غير متكافئة، وفي تمام الساعة الثامنة بدا واضحا أن الهجوم قد فشل.
    السردار وجنرالاته قرروا احتلال أمدرمان قبل أن تصل إليها قوات الدراويش.


    -------------------------------------------
    The Bayeux Tapestry is embroidery that is roughly 20 inches tall and 230 feet** long. It tells the story of the events leading up to and including the Battle of
    Hastings on October 14, 1066. http://www.sjolander.com/viking/museum/bt/bt.htm

    **القسمين: تعني قوات الخليفة وقوات علي ودحلو ومعها ماتبقي من قوات عثمان شيخ الدين


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de