|
السودان فى مفترق طرق!
|
فى العام الذي بدأت فيه كل أشكال الدولة الشموليه تنهار فى الاتحاد السوفيتي وشرق أوربا كان قدر أهل السودان أن يجبروا على أن يحكموا بواسطة أول دولة شمولية في تاريخ السودان، لها حزبها وبرنامجها الايدولجى واستراتيجيتها التى لخصتها فيما يعرف بالمشروع الحضاري. وكأنما حزب الجبهة الإسلامية (الشمولى) يستدعى عبارة هتلر فى كتابه كفاحي والذي قال فيها " عندما تكذب أكذب كذبة كبيرة فأنه يمكن تصديقها" وكانت كذبتهم الكبرى هى كذبة السجن والقصر ولم تختلف الدولة الشمولية السودانية فى تمثلاتها فى الواقع اليومي السوداني عن سابقاتها واستخدم كل أدوات الدولة الشمولية التقليدية من أجهزة الأمن، السيطرة على أجهزة الدعاية الإعلام ( حيث أن الخطاب الاعلامى لا يسمح بالنقد أو وجهة النظر المتعددة، بل يخدم دعاية الدولة الايدولجية) ، الاعتقالات للمعارضين السياسيين والتعذيب والإرهاب والقتل، واستخدام الحرب كوسيلة لتجيش الشعوب. منع النشاط الحزبى المستقل، التعليم يتم استخدامه للتلقين وغسل الدماغ واعتناق وجهة النظام الأحادية. حتى البحث العلم أصبح مكرس لمصلحة الايدولجية وليس من أجل البحث العلمي. النظم الشمولية والمنظومات السياسية الشمولية بشكل عام تعتنق نظرية المؤامرة لأن طبيعة هذه النظرية تناسبها تماما فهى (أى النظرية) لا تخضع للبحث أو التقصي إضافة إلى أنها تزيح اللوم عن النظام، وهذا واضح فى ما يفعله النظام الآن عند تعامله مع أزمة دارفور فهو يضع اللائمة على المتآمرين الدول الأجنبية؟ اليهود؟ المتمردين ....الخ؟ لكن النظام ليس مسئول عن أي شئ فهو حسب رؤيتهم الملتوية ضحية، لذلك دائما ما يكرر بعض شمولي النظام إن هذا أو ذاك قد فرض علينا، وحتى بعضهم يذهب فى تبرريهم الطفولى لانقلابهم العسكري بأنهم أجبروا على ذلك. حرب الجنوب فرضت عليهم، تسليح الجنجويد فرض عليهم، ضرب واعتقال المتظاهرين فرض عليهم. لسوء حظ شمولى السودان أن العالم كشف قبحهم أخيرا، واستخدامهم للحرب كأحد أدوات نظامهم والاستهانة بكل الأعراف فى الحروب من شراء الذمم و تسليح للمدنيين واستغلال المتناقضات القبلية وإعلان الجهاد وقتل جبان للمدنيين (كما حدث في واو بعد هجوم قوات كاربينو التى هربوا من مواجهتها وبعد انسحاب كاربينو عاد أفراد الجيش السوداني الهارب واستهدفوا كل المدنيين من الدينكا وقتلوا عشوائيا بدون رحمة) وكذلك فى جبال النوبة حيث مارسوا سياسة حرق القرى وتجيش المليشيات وتلفيق الفتاوى كما فعل علماء السوء فى الابيض (عندما أفتوا بمقاتلة النوبة) لكن The serial Killersتم كشفهم وضبطهم متلبسين في وضح النهار هذه المرة فى دارفور، ولم يكن فى حساباتها ما يمكن أن تفعله التكنولجيا الحديثة وان العالم اصبح قرية وأن قوقل ايرث يمكنك من مشاهدة مايدور فى منزلك من المكتب.. كان أول قرار صدر بحق السودان من مجلس الأمن كان هو القرار رقم 112 بتاريخ 6 فبراير 1956 وهو قبول السودان كعضو فى منظمة الأمم المتحدة يبدو إن الذين قبلوا ببراءة دخول هذه الدولة الحديثة الى المنظومة الدولية لم يكن فى أقصى أحلامهم إن هذه الدولة الجديدة سوف تكون مسرحا لمآسي إنسانية تتطلب إرسال أكبر بعثة فى تاريخ المنظمة منذ إنشائها، و منذ 1956 لم يصد قرار خاص بالسودان من مجلس الأمن رغم حكم السودان بواسطة أنظمة عسكرية سلطوية مثل عبود ونميرى وحتى نظام الانقاذ فى أيامه الاولى لم يلفت انتباه العالم بتفرد وقساوة شموليته (التى كان يدركها السودانيين ومنظمات حقوق الإنسان التى بح صوتها) فى عام 2004 وبصدور القرار 1547 الخاص بالوضع فى دارفور بدت تتكشف للعالم الخارجي أى نوع من الأنظمة يحكم السودان، حيث صدر حتى تاريخ هذه اللحظة 16 قرارا بشأن الوضع فى السودان، منذ بداية هذا العام فقط كان عدد القرارات 6 أخرهم 1706 الذى تعاند فى قبوله الأقلية الشمولية داخل الحزب الحاكم. هناك مايقارب 2 مليون نازح يكرهون كل ما لديه علاقة بحكومة السودان فكيف للذئب أن يحمى الشياه فالنظام يكرس بغباء (لسربنيشا*) أخرى فى دارفور فما هو الحل؟ هل ننتظر جميعا لنرى المذابح فى شاشات التلفزيون؟ ----------------------------------- *حيث قتل أكثر من 8 آلاف مسلم بواسطة مليشيات الصرب بعد تجاوزهم لكل توجيهات الأمم المتحدة http://www.gendercide.org/case_srebrenica.html
|
|
|
|
|
|