دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مولانا بشير معاذ يكتب عن الفساد ..
|
مولانا بشير معاذ القاضى السابق وكبير المستشارين بالمؤسسة العامة القطرية للبترول ، قانونى مرموق يعرف به الحق ، ولمولانا بشير مساهمات كثيرة وكبيرة فى فضح الفساد ، وقد عرف بشير بألاستقامة الشخصية ، والمعرفة الهائلة بالقانون ، مما جعله مؤهلا للبحث فى فى دهاليز الفساد ، وحينما يكتب بشير علينا ان نأخذ كلماته بما تستحق من اهتمام ، فهى كلمات مجردة من كل مطمع او مطمح ، فالرجل يعرف بالتواضع الذى يهدر القدرات احيانا . كلمات بشير التى خطها عن الشفافية سبق نشرها قبل شهور بسودانايل ، ولانها كلمات صادقة صادرة من شخص مستقيم وامين ، اعتقد انها تستحق اعادة النشر بمنبرنا للحوار حول فكرتها الاساسية ، وكذلك حول مسودة مشروع (منظمة الشفافية ) التى ينشط الاستاذ بشير فيها فألى كلمات بشير ، مع دعوة لكل المهتمين بمحاربة الفساد لاغناء الفكرة بأضاءات جديدة قد تكون غابت عن بشير ..
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مولانا بشير معاذ يكتب عن الفساد .. (Re: بهاء بكري)
|
كشف المستور (3) (دعوة للحقيقة والمحاسبة) بشير معاذ الفكي [email protected]
في 31 اكتوبر 2003 أجازت الجمعية العامة للأمم المتحدة إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد United Nations Convention Against Corruption ("الإتفاقية") بموجب القرار رقم (58/4) ، وفي خطابه أمام الجمعية العامة في تلك المناسبة قال الأمين العام السيد كوفي عنان:-
"Corruption hurts the poor disproportionately by diverting funds intended for development, undermining a government's ability to provide basic services, feeding inequality and injustice, and discouraging foreign investment and aid"
بهذه العبارة السلسلة المعبرة أستهل السيد الأمين العام خطابه أمام الجمعية العامة مبينا بأن الفساد يمثل الخطر الأكبر الذي يضرب فقراء العالم في المواجع، حين يجهز على الأموال المخصصة للتنمية، ويكبل مقدرة الحكومات في بسط الخدمات الأساسية لمواطنيها، ويذكي النعرات العنصرية، و يرسّخ الشعور بالتفرقة وعدم المساواة والظلم بين مواطني الدولة الواحدة، ويقف عائقا دون وصول الأموال الأجنبية في مجالات الاستثمار والتنمية والعون الإنساني. صدرت هذه العبارة عن مسئول أممي ينتمني لأفريقيا الحقيقية لوناً، وفقراً، وبؤساً، وانتماءً، وتعاطفاً، فبحكم مسئوليته قصد منها، على وجه العموم، كل فقراء العالم، وعلى وجه الخصوص أبناء جلدته الذين يرزحون تحت وطأة المرض، والفقر، والجوع مؤكدا لهم بأن الهلاك والردى هو مصيرهم إذا تلكؤا في محاربة الفساد بكل الوسائل المتوفرة لديهم، مدنية كانت أم رسمية.
تولت الإتفاقية، ضمن أشياء أخرى، تفصيل إلتزامات الدول في شأن محاربة الفساد باتباع اساليب الرقابة على كل معاملات القطاع العام، ومعاملات القطاع الخاص التي من شأنها المساس بالمصلحة العامة، وذلك باتباع سياسات وإجراءات قياسية. كما الزمت الإتفاقية الدول بتشجيع تأسيس منظمات المجتمع المدني محاربةً للفساد، وتعزيزاً للشفافية، وكشفاً للحقيقة، وتعقباً للفاسدين، وتمليكاً للمعلومة للرأي العام، واخضاعاً للوظيفة العامة للضوابط التي من شأنها الإرتقاء بالفاعلية والشفافية، وضرورة أن يكون التعيين في الوظيفة العامة مبنياً على الكفاءة والنزاهة، وأن الموظف العام الذي سوف يتم تعيينه، هكذا، يجب أن يكون خاضعاً للوائح الانضباط المهني والوظيفي والسلوكي، وأن يكون ملتزماً بالافصاح عن أي تعارض في المصلحة خصوصاً في بعض المرافق الحساسة مثل القضاء والمؤسسات القائمة على أمر المال العام، وتلك التي تتولى تنفيذ المشروعات العامة وتأمين المشتروات الحكومية، وغيرها من الوظائف الأخرى. كما الزمت الإتفاقية الدول الأعضاء بضرورة تفعيل مشاركة المنظمات غير الحكومية في عملية الرقابة العامة، وترقية الوعي بضرورة رصد ومحاربة الفساد وتعقب الفاسدين.
ولقد صادقت على الإتفاقية 94 دولة، وفقا للقائمة التي أعدتها وزارة الخارجية الأمريكية، وهي القائمة التي شملت دولا مثل موريشس، وتوجو، ومالي، واليمن...الخ، ولم ترد فيها ولو إشارة عابرة لجمهورية السودان على كل حال.
ومن المسائل التي تبنت الإتفاقية معالجتها بشكل مفصل قضية الشفافية، وحق الرأي العام في أن يعلم عن تفاصيل أي معاملات رسمية، وحقه في أن يسأل القائمين على الشأن العام والخاص أسئلة مشروعة له . ووفقا للإتفاقية فقد اصبحت مسألة الشفافية ليست مجرد مصطلح يردده السياسيون، وإنما تحولت بفضل الضمائر الحية، وقواعد الحكم الراشد في العديد من دول العالم إلى ممارسة عملية تنهض بها قطاعات كبيرة من المجتمعات المحلية بالتنسيق التام مع قطاعات مماثلة على النطاق الدولي.
فعلى المستوى الدولي تم تأسيس منظمة الشفافية الدولية "المنظمة"، حين اجتمع مؤسسو المنظمة وعددهم عشرة أشخاص لهم خبرات واسعة فيما يصاحب المعاملات المالية والتجارية من فساد، ووقعوا على الميثاق الذي بموجبه تم إنشاء أول منظمة عالمية غير حكومية ناشطة في مجالات محاربة الفساد. وقد كان المدخل الأساسي لعمل المنظمة هو حق الرأي العام في أن يعلم، وحقه في أن يكشف الحقيقة، وحقه في أن يحارب الفساد ويتعقب الفاسدين، وحقه في أن يراقب كل ما من شأنه المساس بالمصلحة العامة. وعند إشهارها في مايو من عام 1993، جذبت المنظمة انتباه العالم بأثره، وفي مكتبها المتواضع في برلين بالمانيا، تلقت المنظمة أرتالاً من الرسائل من كل أنحاء العالم معبرة عن الشكر والتقدير بأن الله قد سخّر للإنسانية من بين خلقه من يتولي مهمة القيام بعمل شئ نحو كشف الحقيقة، وضرورة الالتزام بالشفافية، ومحاربة الفساد، وتعقب الفاسدين. وفور إشهارها بدأ المهتمون في كثير من دول العالم إجراءات تأسيس فروع وطنية للمنظمة، ومن بين تلك الدول الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والأيكوادور التي تم تعيين رئيسها، السيد/ البترو داهك، كأول رئيس للمجلس الاستشاري للمنظمة.
شكل عام 1994 سنداً معنوياً ومهنياً كبيراً للمنظمة حين انحازت إليها مجموعة العمل الأرجنتينية الشهيرة Poder Ciudadano كأول منظمة وطنية غير حكومية لها اسهامات متفردة على المستوي العالمي والمحلي، في مسائل الشفافية، والمحاسبة، ومحاربة الرشوة والفساد، وتعقب الفاسدين. ولقد زاد من زخم ذلك السند المعنوي والمهني أن رئيس المجموعة الأرجنتينية المشار إليها، الشخصية الكارزمية السيد/لويس مورينو أوكامبو (المدعي العام الحالي للمحكمة الجنائية الدولية) أصبح عضواً بالمجلس الإستشاري للمنظمة. نشأ السيد/ مورينو في حواري الفقر والعوّز في إحدى مدن الأرجنتين، مثلما نشأ وترعرع اللاعب الأسطورة مارادونا، واللاعب المتميز آرديليس الذي فعل بكرة القدم الأفاعيل، ومن خلال تجلياته في فنونها، أرغم الجمهورالانجليزي المتهوس، في إحدى المباريات باستاد ويمبلي الشهير، أن يهتف مطالباً بأن تتنازل المملكة المتحدة عن سيادتها على جزر الفوكلاند، في مقابل تنازل الأرجنتين عن حقها في مواطنة اللاعب آرديلس. فقد ساهم، بآدائه الساحر في كرة القدم، في انغشاع ضباب حرب لعينة بين المملكة المتحدة والأرجنتين حول السيادة على جزر الفوكلاند، أوشكت على التفاقم. ظل السيد/مورينو عضو المجلس الاستشاري لمنظمة الشفافية الدولية، والمدعي العام الحالي لدى المحكمة الجنائية الدولية، مؤمنا بأهدافه في محاربة أسباب الفقر، غير مساوما في مبادئه الأخلاقية وشرف مهنته برغم إغراءات وتهديدات مافيا الفساد المتجذرة في ذلك الجزء من العالم، ماضيا في مناهضة الظلم ومناكفة ومشاكسة الظالمين والفاسدين ليس فقط في بلده الأرجنتين، وإنما في معظم دول الشطر الجنوبي من القارة الأمريكية. لفت السيد/مورينو انتباه الضمائرالحية، والشعوب المتحضرة، وتوج نضاله الحقوقي المتفرد بأن تم تعيينه كأول مدعي عام لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إجلالاً واعترافاً صريحاً من المجتمع الدولي، ممثلا في المنظمة الدولية، باسهاماته الحقوقية العديدة في محاربة الفساد والظلم اللذان أوديا بأرواح الملايين من بني البشرفي تلك البقعة من العالم.
أما على الصعيد الوطني، وعلى الرغم من الاهتمام الدولي المشار إليه أعلاه، والاهتمام الإقليمي المتزايد بضرورة تطبيق وتفعيل آليات وإجراءات مكافحة الفساد والمتمثل في صدور اتفاقية الإتحاد الأفريقي لمكافحة الفساد African Union Convention On Prevention And Combating Corruption ، إلا أن هذا الأمر الحيوي الهام لم ينل الاهتمام المطلوب، ولم يتم وضع إستراتيجية قومية لمكافحة الفساد في السودان. فقد استشرى أمر الفساد واستفاض إلى الحد الذي جعله يستوعب كل مناحي الحياة، وتحول إلى ظاهرة سودانية خالصة. فهناك الفساد المالي، والفساد المهني، والفساد الأخلاقي، والفساد العنصري، والفساد السياسي، والفساد الإجتماعي، والفساد الأكاديمي، والفساد الديني. فقد وجد الانتشار والقبول ضاربا بكل القيم الدينية والمهنية والأخلاقية. كما أن الحكومة لم تتحرك كما ينبغي للتصدي لهذه الظاهرة، حتى تجذرت في معظم مفاصلها وهياكلها، في وقت ظلت فيه شعارات الطٌهر والرٌشد والدين والأخلاق مُشرعة في خطابها في مختلف المناسبات. والسواد الأعظم من الشعب السوداني، بسبب قلة الحيلة والفاقة، تعامل مع تجليات وحالات الفساد وكأنها قصص أو مسلسلات تختتم فصولها بأن يصبح الفاسدون أبطالاً.
أشار د. حيدر إبراهيم إلى أن أخطر تجليات الفساد أن يتحدث الناس عن الفاسدين باعتبارهم أذكياء أو علماء، وأن يتقاعس المواطن السوداني عن مواجهة أي فاسد خاصة إذا أصبح هذا الأخير رجل البر والأحسان. فالفاسد يسكت الألسن بتبرعات تافه من مال لم يأته بأي جهد. ومن هذه الظاهرة تفرعت كثير من القضايا من أهمها كيفية حماية الأطفال وأجيال المستقبل من الإعجاب بتلك النماذج من البشر، خاصة وأن التعليم لم يعد هو السلم الاجتماعي الذي يتم الصعود من خلاله إلى مراق أعلى. وعلى افتراض أن التعليم ظل هكذا، فهناك ظاهرة الفساد الأكاديمي، إذ صار التساهل في منح الشهادات الجامعية وما بعدها ِسمة ظاهرة، حيث أن الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراة أتت خالية تماما من شروط العمل الأكاديمي، وأن مضمون الكثير من تلك الرسائل ضعيف ولا يصلح كمقالات في صحف سيارة، وأن هذه الدائرة الشريرة the vicious circle في العلم تضاهي دائرة السياسة، والإدارة والمال إذ يحمل كثيرون شهادات عليا ثم يحتلون مواقع في الجامعات ويقومون بمنح آخرين شهادات علمية، ويعيدون انتاج جهلهم وركاكتهم.
| |
|
|
|
|
|
|
|