|
Re: العميد (م) حيدر المشرف ........اتفاقية السلام ـ البروتوكول الأمني العسكري (Re: بهاء بكري)
|
الجزء الأول ـ مبادئ الحرب والحالة السودانية ( 2 ــ 4 )
1. لم تتغير مبادئ الحرب وقواعد الاشتباك كثيرا عن ما كانت عليه عند نهاية الحرب الكونية الأولي ( 1914 – 1918 ) ، إذ أن مبادئ مثل الحشد – خفة الحركة – المبادأة – المفاجأه – الشئون الإدارية – التعاون – الروح المعنوية – كثافة النيران والسرعة أصبحت إرثا عسكريا لا انفصام عنه لكن في ظل التغييرات التقنية الهائلة في وسائط القتال والقيادة والسيطرة وتنقل القوات عبر مسارح العمليات الشاسعة أصبح من الضروري التركيز على مبادئ بعينها ينطبق منها على الحالة السودانية آلاتي:- (أ) المبدأ الأول:- وحدة القيادة ( UNITY OF COMMAND ) يقول الجنرال فرا نكس قائد القوات المتحالفة في الحرب الأخيرة على العراق وقائد القيادة المركزية الأمريكية السابق أن الحرب ... كل الحرب أصبحت تبرمج في حاسوب الأمر الذي يفترض توحيد الفكر والأدوات ووسائط السيطرة والاتصالات وتطوير نيران الاستاد وتقديم الاستاد الوجستيكى المبرمج .. مما يعني بالضرورة وجود عقل واحد خلف التخطيط والتنفيذ والمتابعة ولا يمكن لقيادة متناحرة تعتمد على المبادرات الفردية والعبقرية التعبوية للقادة أن تعمل بكفاءة لحسم المعارك بأقصر وقت وبأقل خسائر . (ب) المبدأ الثاني:- القدرة القتالية (COMBAT POWER ) لم تعد القدرة القتالية تقاس كما كان في الماضي بإعداد المحاربين وتوفر قطع السلاح بل أصبحت تقاس بالقدرة التدميرية للسلاحLETHALITY ) (. ومدى توفر مضاعفات القوة ( COMBAT MULTIPLIERS ) كالتكنلوجيا والتدريب والمعنويات والإدارة المتقدمة وحسن التنظيم. وقد اثبت حرب العراق الأخيرة أهمية هذا العنصر في حسم المعارك لصالح الذي يمتلكه مهما كثرت أعداد الجنود والفيالق والجيوش عند الطرف الأخر. (ج) المبدأ الثالث:- تطوير مؤسسات البحث العلمي والتطوير المستمر RESEARCH AND DEVELOMENT CENTRES ) ) لقد أصبحت هذه المراكز تشكل رافعة (Leverage ) للكفاءة القتالية بإعلاء المخرجات ( Output ) مع تقليل المدخلات ( INPUT ) إلى حدها الأدنى . (د) المبدأ الرابع:- أنظمة إدارة ألازمات. ( ( CRISIS Action SYSTEMS والتي تقوم بالتنبؤ المسبق بالأزمة وتحديد مركز ثقل الأزمة(CENTER OF GRAVITY) بقصد الوصول إلي النقاط الحرجة ( (CRITICAL ENTRIES ومن ثم تحجيم الأزمة بالقضاء علي مسبباتها أو معالجتها حسب القدرات والموارد المتاحة. (ه) المبدأ الخامس :- التوازن الاستراتيجي بين الأهداف (OBTECTIVES) والقدرات الفعلية (CAPABILTIES) إن تطبيق هذا المبدأ يخلق نوعا من الردع المتبادل ( DETERRANCE ) ويمنع أي طرف من الاشتطاط في أهدافه السياسية بعيدا عن قدراته الفعلية ويجعل اندلاع الحرب آخر وأسوا الخيارات . (و) المبدأ السادس:- الاستغلال الأقصى للموارد ( MAXIMIZE RESOURCES OUTPUT ) إن الاستغلال الامثل للموارد المتاحة فعليا تقلل من الأعباء المالية الإضافية المطلوبة لأي نقله تعبوية كانت أو استراتيجية . ان المعسكرات الموجودة والمستودعات وورش الإصلاح ومؤسسات الخدمات مثل البريد والصيانة تصبح من الأصول الثابتة عالية القيمة والمتاحة مركزيا للجميع وهي ذات قيمة اقتصادية عالية توفر كثيرا من المال والجهد مما يسمح بتوفيره واستخدامه في انشاء مؤسسات نوعية جديدة تشكل اضافة للموجود لا خصما عليه.
2. مبادئ الحرب والحالة السودانية الراهنة. إن الاستنتاجات الآتية تعتبر منطقية عند تطبيق مبادئ الحرب على الحالة السودانية لحظة توقيع الاتفاق في نايروبي:- (أ) أولا:- تحديد الدور القومي للقوات المسلحة وفق عقيدة استراتيجية حديدة تستوعب الوطن الجديد والمتغيرات السياسية القادمة . (ب) ثانياً:- ضرورة الحفاظ على وحدة القوات المسلحة مع ابتداع علاقات قيادية جديدة بدلا من تلك السائدة حتى الآن والتى تجعل من السلم القيادي راسيـــاً وممتداً من أعلى الى أسفل كأشجار الصنوبر وفي نفس الوقت تستوعب تلك العلاقات القيادية كل تحفظات الحركة الشعبية العادلة بالاحتفاظ بجيشها مستقلاً طوال الفترة الانتقالية . وبموجب هذه العلاقات الجديدة تبقى السلطة الآمرة لجميع القيادات الميدانية بما في ذلك قوات الحركة هي مؤسسة الرئاسة وتكون مهمة وزارة الدفاع وهيئات الركن التنسيق والإمداد والتدريب وتقديم إسناد القتال والإسناد الإداري. (ج) ثالثـاً. إيجاد وحدة سعرية ( VALUE ) تقاس بها الكفاءة القتالية لكلا الطرفين المتحاربين إذ لا يمكن أن تقاس قوات الطرفين بالأعداد وكأننا في معركة أم دبيكرات فالمشاة الآلية تختلف عن المشاة الراجلة والطيار يختلف عن حامل البندقية والرشاش يختلف في قيمته القتالية عن الصاروخ وهكذا. وكان من الممكن أيضاً اللجوء الى التنظيمات القياسية المتعارفة للتشكيلات فالفرقة المثالية معروف مكوناتها بدءاً من القيادة والسيطرة والاتصالات مروراً بوحدات المناورة ثم أسلحة إسناد القتال كالمدفعية مثلاً وأجزاء منشئات الإسناد الإداري كالطبابة مثلاً. (د) رابعــاً. خلق علاقات قيادية جديدة تتناسب والحالة السودانية تتناول القضايا الإدارية مثل " القيادة لكافة الأغراض الإدارية " أو " تحت القيادة الإدارية لمواد تموين القتال " والقصد هو زيادة مخرجات (OUTPUT ) المنشئات الإدارية الموجودة . ولنأخذ مثلاً بالمستشفي العسكري الميداني في جوبا والذي يخدم الفرقة الجنوبية الحالية يمكن أن يضاف إليه بعض التخصصات والتوسعات والمعدات ليخدم قوات الحركة كمستشفي ميداني عام وذلك بدلاً من أن تنشئ الحركة الشعبية مستشفي ميداني جديد خاص بها . (ه) خامساً. تمثل كليات الحرب والدفاع الوطني والقيادة والأركان مراكز إشعاع وتنوير في مجالات الفكر العسكري ويمكن والحال كذلك أن تصبح مراكز بحث وتطوير ودراسات استراتيجية ريثما يتم إنشاء مراكز متخصصة تتبع للقيادة العليا " مؤسسة الرئاسة " .
3. يبقى السؤال الآن : هل طبق المفاوضون مبادئ الحرب وقواعد الاشتباك الأصولية كما نعرفها . لنقرأ معاً نصوص الاتفاق ولتحكم بجدية ومهنية وعدل .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العميد (م) حيدر المشرف ........اتفاقية السلام ـ البروتوكول الأمني العسكري (Re: بهاء بكري)
|
الجزءالثاني قراءة فنية لبنود الاتفاق الأمني العسكري( 3 ــ 4 )
ينقسم الاتفاق الأمني - العسكري الموقع في 25 سبتمبر 2003 بنيفاشا- كينيا الي قسمين رئيسيين هما : (أ) الاتفاق الأمني . (ب) الترتيبات العسكرية .
الترتيبات الأمنية ( ترى من يحمي الناس من الأمم المتحدة ) ( ماراك قولدنج ـ مساعد سكرتير الأمم المتحدة لعمليات حفـــظ الســـــــلام 1986 ــ 1997 )
1. بالرغم من الأهمية القصوي لكل بنود الاتفاقية إلا أن هنالك بعض البنود البروتوكولية والقانونية الروتينية والتي يمكن المرور عليها دون عناء مثل ( المادة الأولى ) التي تتحدث عن أطراف الاتفاق ( والمادة الثانية ) التى تتحدث عن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ من تاريخ التوقيع عليها .لكن( المادة الثالثة ) هي الأهم في نظري لأنها تتحدث عن إمكانية إجراء تعديلات على آليات التنفيذ من قبل الرئاسة وبتوصية من المفوضية السياسية العليا لوقف إطلاق النار أما ( المادة الخامسة ) فتحدد هيكل ومستويات المراقبة وفحص وقف إطلاق النار مع تحديد آليات وقف إطلاق النار والانتهاكات التي يمكن أن تحدث وكيفية إيقافها ومعالجتها .
2. هيكل ومستويات المراقبة. حددت ( المادة 13 ) وهي فقرة هامة جداً ـ هيكل ومستويات لمراقبة على النحو الآتي : (أ) المفوضية السياسية لوقف إطلاق النار. هي أعلى هيئة تعمل لوقف إطلاق النار وهي مسئولة مباشرة لدي مؤسسة الرئاسة وتتكون من: (1) مسئول رفيع المستوى من كل جانب. (2) ضابط رفيع المستوى من كل جانب. (3) ممثل الأمين العام للأمم المتحدة . (4) ضابط أمن رفيع المستوى. (5) مستشار قانوني من كلا الجانبين . (6) مراقب من دول الإيقاد . (7) مراقب من شركاء الإيقاد . وقد إتفق على أن تكون رئاسة اللجنة بالتناوب دون تحديد فترة زمنية محددة لذلك التناوب . (ب) اللجنة العسكرية المشتركة. تحدثت ( المادة 14/6) عن المستوى العملياتي للمراقبة وهو اللجنة العسكرية المشتركة ومقرها مدينة جوبا وتتكون من : (1) قائد قوة مراقبة الأمم المتحدة رئيساً . (2) 3 ضباط مراقبين من كل طرف . (3) ضابط أمن رفيع المستوى . (4) ضابط شرطة رفيع المستوى من الاقليم الجنوبي. (ج) الفرق العسكرية المشتركة. ( المادة 14/7) تقوم هذه الفرق بعمليات المراقبة والتقصي في المناطق الستة المحددة لأنشطتها وهي ( الخرطوم ــ جوبا ــ واو ــ ملكال ــ جبال النوبة والنيل الأزرق ) وتتكون هذه الفرق من قوة مشتركة من الأمم المتحدة وعناصر مشتركة من كلا الجانبين. وتقوم هذه الفرق بالعمل الميداني والفعلي للمراقبة وكشف الانتهاكات والإبلاغ عها .
3. الترتيبات الأمنية من وجهة نظر محايدة. (أ) عمليات حفظ السلام. لقد نظم الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة عمليات حفظ السلام والأمن العالميين ورغم شمولية هذا الفصل إلا أنه أغفل- عمداً - الحديث عن مشاركة العسكريين في جهود حل النزعات سلمياً وبنفس القدر فإن الفصل لسابع لم يتحدث عن الأسلوب النمطي لحل النزعات ولكنه تحدث عن أساليب فرض الأمن بالقوة المسلحة ( Enforcement of peace ) وهكذا أصبح الفصل السادس رأساً بلا أنياب وأصبح الفصل السابع أنياياً بلا رأس وهو ما حدا ( بداج همرشولد السكرتير الأسبق للأمم المتحدة للقول في عام " 1956 " أثناء أزمة السويس وتكوين قوة حفظ السلام المسماة بيونيف 1 ( unef-1 ) للقول بأن ما طبقه هو الفصل السادس و" نصف " من الميثاق ( chapter six – and – a half ) ومن الواضح أن قوة حفظ السلام التي ستستخدم للحفاظ على سلام السودان والمكونة من (10 ألف جندي ) ستواجه نفس المشاكل القديمة الجديدة يسبب عدم وضوح ( المهمة ) وربما عدم وجود القوات الكافية لفرض النظام بالقوة وهو نفس ما حدث ويحدث الآن لقوة السلام الأفريقية في دار فور . (ب) إن حديث البعض عن قوات حفظ السلام وكأنها " المنقذ " وحامية حمى سلام السودان هو هرطقة في الحديث وخطل في الرأي فعمليات حفظ السلام في العديد من مناطق النزاعات قد فشلت في إيجاد حلول دائمة للمشاكل القائمة والتي ليس من حل لها إلا باتفاق أطراف النزاع على الحلول السياسية إذ لايمكن لمثل هذه القوات أن تصنع السلام ، فصناع السلام هم أهله من أصحاب النزاع أما مهمة قوة حفظ السلام فإسمها يكفي لتفسير مدلولها . وقد وصف الخبير البريطاني الأممي ( ماراك قولدنج ) عمليات حفظ السلام بأنها بضاعة رخيصة ورديئة ووصف عمله في مجال حفظ السلام بأنه كبائع لتلك البضاعة الرخيصة الرديئة ، ولهذا أسمي كتابة عن عمليات حفظ السلام ( Peace Monger ) وكلمة ( Monger ) تعني في اللغة الإنجليزية بائع البضاعة الرديئة . 4. وتعليقاً على هياكل ومسئوليات المراقبة يلاحظ المراقب المحايد الآتي : (أ) حدد القرار الخرطوم ضمن نطاق عمل عمليات المراقبة في المناطق السته وليست أدري حقيقة كيفية عمل هذه اللجنة في الخرطوم والتي تعج بالقيادات العسكرية والأمنية وتشكل مصدر القرار السياسي الأول وما هي العلاقة التي تنشأ بين هذه المجموعة والمؤسسات الأمنية الموجودة مثل القيادة المركزية وجهاز أمن الدولة والمباحث المركزية وغيرها من القيادات الأمنية؟ . (ب) وبنفس القدر فإن هذا الترتيب لم يحدد أيضا أسلوب التعاطي مع المستوى القيادي السياسي في الإقليم مثل الولاة والمحافظين ولجان أمن الولايات والقيادات العسكرية في الولايات وذلك من خلال ابتداع علاقات عمل موثوقة تتعاطى مع الحدث قبل وقوعه من خلال أنشطة استخبارية تنبؤية ( Monitoring Activities ) ومثل هذه الخدمة المتقدمه لا يمكن الحصول عليها ميدانياً بل من خلال مراكز الخدمة المتخصصة على المستوى القومي . (ج) وأخيراً يبقى السؤال الخالد من يراقب قوة حفظ السلام في ظل إمكانيات التحيز أو الإفساد أو التقصير أو التجاوز ؟
5. خلاصة القول أن الترتيبات الأمنية مهما كانت إمكانياتها فإن طرفي التفاوض هما القادران أولاً وأخيراً على إنجاح تطبيق ومراقبة الاتفاقية وعلى إفشالها وتقويضها بنفس القدر .
القوات المسلحة ــ مربط الفرس
6. إن المتتبع لمسيرة الحرب والسلام في السودان يجد أن القوات المسلحة كانت دائما ضحية القرارات السياسية الفوقية والخطيرة التي لا تذهب بعيداً في العمق الى جوهر القضايا الفنية واللوجستيه المترتبه على هذه القرارات .. والمتتبع المحايد لمسيرة الحرب الأهلية في السودان بدءاً من تمرد الفرقة الجنوبية في 17 أغسطس 1955 م وانتهاءاً بالتمرد الحالي في دارفور يجد أن القوات المسلحة قد دفعت ثمناً باهظاً إفتدت به وطن فرقة الساسة ويغرق في أوحاله العسكريون .
7. واذا نظرنا الى الهيكل التنظيمي وآليات العمل التي قامت بموجب اتفاقية مشاكوس سنجد المستويات التالية :
(أ) مؤسسة الرئاسة . في قمة الهرم القيادي تجلس مؤسسة الرئاسة والمكونة من رئيس الجمهورية ونائبه الأول وقد أسماهما الاتفاق القائدين العامين وهو أمر جديد أن يكون هنالك قائدين عامين يجلسان في مكتبين متجاورين في القصر الجمهوري وقد كان من الأجدر أن يسمى أحدهم ( بالقائد العام ) والآخر ( بنائب القائد العام ) ولكن ولحسابات متعلقة بوجود نائب ثان لرئيس الجمهورية يتولى مهام الرئيس بما في ذلك مهمة القائد العام في حالة غيابه لأي سبب أرتضى المشرعون أن يكون هنالك قائدان عامان بدلاً من واحد وأن يبقى الثالث في مقاعد الاحتياطي ليقفز بالعمود من الموقع الثالث الى الموقع الأول مع تجاوز الثاني بقوة القانون ونصوص الاتفاق و لا بأس من أن يكون الثاني قائداً عاماً لقوات الحركة الشعبية وليس نائباً لقائد الجيش السوداني ، إن هذا الترتيب المخل بالانضباط ووحدة القيادة قد يؤدي في كثير من الحالات الى التفسيرات الملغومة وسوء الفهم للسياسات واصطدام قاطرة السلام بصخور الازدواجية واختلاف التقديرات والقرارات . (ب) مجلس الدفاع الوطني المشترك. لقد تم توصيف هذا المجلس وتحديد مهامه في ( الفقرة 16) وفروعها . وقد حددت مهامه في التعامل المباشر في شئون الحرب وتوفير احتياجات الجيوش الثلاثة وتحديد القوة التي تتعامل مع أي تهديد خارجي أو داخلي . ويلاحظ قارئ الاتفاق المحترف الآتي : (1) أن مهام المجلس في هذا السياق تصبح مهام ( قيادية ) وأن سلطاته هي ( سلطات سيادية ) وهي في كل دول العالم من مهام وسلطات رأس الدولة أو القائد الأعلى للجيش ولو تصورنا أن هذا المجلس قد يواجه مشكلة ما تتعرض لقضايا الحرب والسلام فهل يكون قرار كهذا خاضعاً للأخذ والرد خاصة وأن قرارات المجلس حسب نصوص الاتفاق تؤخذ بالتوافق والاتفاق . (2) إن هذا المجلس يعمل بدون هيئة ركن تؤمن له التنسيق والإمداد والتجهيز والتميز والنصح والمعلومات والكادر البشري من خلال المؤسسات العسكرية المعروفة. لقد إكتفي هذا البند بتكوين" لجنة تسيير " مكونة من أربعة ضباط من الجانبين .للنظر في جميع القضايا الخاصة بالحرب والسلام في حالة عدم إنعقاد المجلس. إن مجلس الدفاع الوطني مؤسسة موجودة في كل دول العالم ومهمته هي الدراسة ووضع الخيارات أمام السلطة الآمرة لاتخاذ القرارات . ويضم مجلس الدفاع الوطني عادة وزراء مؤثرين على القرار الاستراتيجي مثل وزير المالية ووزير الداخلية ووزير الخارجية بجانب وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وقادة الأجهزة الأمنية والسكرتير العام لمجس الدفاع الوطني . وبالتالي فإن الحديث عن مجلس دفاع وطني مشترك بالصورة التي وردت في الاتفاقية هو خلط للأوراق وخروج عن المألوف . (3) القوات العسكرية المشتركة. حددت ( الفقرة الفرعية 17 -5 )أن القائدين العامين ( هكذا ) يعينان قائد القوة المشتركة ونائبه كما أن المادة نفسها تحدثت عن تكوين القوة المشتركة ( Joint Force ) والتي يمكن أن تتحول مستقبلاً الى قوة مدمجة ( Integrated Force) في حالة تبني خيار الوحدة الطوعية عند نهاية الفترة الانتقالية . وقد حددت أعداد القوة المشتركة ( بالأفراد ) على النحو الآتي: (أ) ( 24 ) ألف مقاتل في المديريات الجنوبية ( بالتساوي بين الطرفين ) . (ب) ( 6 ) ألف بالنيل الأزرق ( بالتساوي بين الطرفين ) . (ج) ( 6 ) ألف بجبال النوبة ( بالتساوي بين الطرفين ) . (د) ( 3 ) ألف في الخرطوم ( من الحركة الشعبية ) . وقد قسم الاتفاق هذه القوات أيضاً الى فرق عسكرية على النحو الآتي : (1) الفرقة الأولى بجوبا وقوامها 9 ألف جندي . (2) الفرقة الثانية بواو وقوامها 8 ألف جندي . (3) الفرقة الثالثة بملاكال وقوامها 7 ألف جندي . (4) الفرقة الرابعة بجبال النوبة وقوامها 6 ألف جندي. (5) الفرقة الخامسة بالنيل الأزرق وقوامها 5 ألف جندي . أما ( المادة 20 ) من الاتفاقية فقد تحدثت عن تدريب وإدماج القوات وإمكانية تأمين قوة جوية وبحرية مشتركة في وقت لاحق. وتعليقاً على تكوين وتنظيم ومهام القوة المشتركة يلاحظ القارئ المحترف الآتي : (1) يتحدث الترتيب المقترح عن أعداد أفراد في حين أن القوة المسلحة أصبحت تقاس أصولياً بالقدرة القتالية ( Combat Power ) كما أسلفنا سابقا . (2) يتحدث الترتيب عن فرق عسكرية وهي فرق غير متجانسة ( Unequal ) لا في الحجم لا في العدد . وليت المشرعون قد تركوا الأمر بدون الدخول في تفاصيل الأعداد والاكتفاء فقط بمسمى الفرقة وهي تنظيم عالمي يعني أعداداً محددة من الأفراد والآليات والأسلحة وأسلحة الإسناد والخدمات الإدارية ومراكز القيادة والسيطرة والاتصالات . نعم حقيقة أن الفرق تختلف أعدادها باختلاف نوع الفرقة ونوع الإسناد الناري واللوجستيكي وتتراوح الفرقة بين التنظيم الثلاثي والرباعي وحتى الخماسي في عدد وحدات المناورة الموجودة ولكنها تبقى كفرقة مشاة بنفس مكونات واعداد فرقة المشاة الراجلة أينما اتجهت شرقاًأو غرباً والذي يتغير فقط هو التجميع للقتال ( Task Organization ) .
8. برتيبات إعادة الانتشار. ( Redeployment ) تحدد ( المادتان 18 و19 ) من الاتفاق ترتيبات إعادة الانتشار للقوات المسلحة خارج حدود المديريات الجنوبية العروفة في العام 1956 على النحو التالي : (أ) 17 % بعد ستة أشهر من 9 يناير 2005 وهو تاريخ التوقيع على الاتفاق في نايروبي . (ب) 14% بعد مضي 12 شهراً من 9 يناير 2005 . (ج) 19% بعد مضي 18 شهراً من 9 يناير 2005 . (د) 22% بعد سنتين من 9 يناير 2005. (ه) 28% بعد مضي 3. شهراً من 9 يناير 2005 .
9. إذن. (أ) في 9 يوليو 2006 يكون 50% من الجيش السوداني قد انسحب من المديريات الجنوبية الثلاثة ، ومن المعروف أن الجيوش في كل العالم لا تحارب بأقل من 60% وتصبح خارج المعركة عند وصول القوة الى هذه النسبة وتسمى بالإنجليزية ( Combat Ineffective ) . (ب) وفي 9 يوليو 2007 أي قبل 42 شهرا من نهاية الفترة الانتقالية يكون الجيش السوداني قد غادر جنوب السودان والى الأبد تاركاً وراءه أثنى عشر ألف جندي لتذكير الناس بأن السودان ظل موحداً حتى ذلك التاريخ.
10. إن عملية سحب القوات من الجنوب يمثل خللاً استراتيجياً قاتلاً وقد تحدثنا سابقاً عن أهمية التوازن بين الأهداف الاستراتيجية والإمكانيات المتاحة ولو أخذنا بالقول أن عملية السلام الجارية حالياً هي عملية توازن دقيقة بين خيارات الوحدة والانفصال فإن وسائل إعلاء الوحدة أصبحت أصعب مادياً من خلال إجلاء القوات المسلحة عن الجنوب قبل الوقت المحدد لإجراء الاستفتاء وفيه تخذيل معنوي ومادي لرافعي شعارات الوحدة الطوعية واستباق لنتائج الاستفتاء .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العميد (م) حيدر المشرف ........اتفاقية السلام ـ البروتوكول الأمني العسكري (Re: بهاء بكري)
|
الجزءالثالث الاتفاق الأمني العسكري الخيارات المتاحة وإعادة التوازن ( 4 ــ 4 )
1. لقد ناقشنا فيما ما معنى القواعد العامة التي تحكم فن الحرب من النواحي التنظيمية والمهنية كما استعرضنا من وجهة نظر مهنية بعض مثالب اتفاق السلام الأمني ـ العسكري بنيفاشا لكن هذا كله لا يكفي ، فليس من الحكمة أن نشير الى موضع الداء دون توصيف الدواء وعليه رأينا أن من المناسب طرح بدائل و خيارات لإصلاح ما اعوج وليس ذلك من قبيل تضخيم الذات وركوب " الأنا " الضيقة ولكن من أجل وطن عزيز كريم ومواطن يستحق الانحناء والتقدير له ولتضحياته . 2. ثمة أمران لا بد من التحقق منهما قبل الولوغ في شلالات المقترحات والحلول:- (أ) الأمر الأول. هو هل هنالك استعداد من طرفي التفاوض للاستماع الى أي رأي آخر خاصة إذا كان ذلك الرأى الآخر مهنياً وايجابياً وملتزماً بالأهداف للاستراتيجية للإتفاق وأنه متوافق مبدئياً مع الحزمة الكلية للاتفاق ( As one Package ) وإن الاختلاف هو في الآليات والوسائل وليس في المضامين والأهداف النهائية . (ب) الأمر الثاني. إن هناك ضرورة للتحقق من أن الحركة الشعبية تعمل فعلاً لاعلاء خيار الوحدة الطوعية مثلما تفعل مع خيار الانفصال بل أنها تغلب خيار الوحدة على خيار الانفصال . كما أنه من الضروري التحقق من أن الأهداف المعلنة هي الأهــداف الحقيقية وليس هنالك هدفاً آخراً مخبوءاً ( خلف التل ) وأسميه صراحة هنا ( بالانفصال الجاذب ) وهو انفصال يتوفر فيه للحركة المساحة الكافية من الوقت لاستحلاب الشمال ويتم بعد قطع تماس سياسي اقتصادي ـ عسكري بسهولة وبنفس طويل.. طويل مدته ستة أعوام . 3. وبافتراض صدق النوايا وسعة الصدر عند الجميع فإنني افترض أيضاً أن مثل هذين الأمرين يجدان القبول والرضا وأن الكل يريد أن يسمع من الكل وتأسيساً على ذلك فإنني أقدم هذه الباقة من الأعمال الممكنة بقصد إعادة التوازن والمهنية إلى الاتفاق .
4. المقترح الأول إعادة تنظيم القوات الثلاثة على النحو الذي أطرحه في المخطط التنظيمي المرفق وأهم ملامحه :- (أ) قيادة عليا موحدة على مستوى الدولة يمثلها رئيس الجمهورية ونائبه الأول والثاني وأسميها هنا ( السلطة العليا الآمرة ) . (ب) تتبع هذه القيادة مباشرة كل القيادات أو الفرق التي تعمل في الشمال والجنوب والشرق والغرب وتكون تحت الإمرة المباشرة(Direct Command ) للقيادة العليا وهو ما يتبع حاليا في الجيش الأمريكي فالقيادة المركزية الأمريكية لا تتبع مباشرة لوزارة الدفاع أو هيئة الأركان المشتركة " JCS " ولكنها تتبع للسلطة الآمره الوحيدة وهي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والقائد الأعلى للقوات المسلحة . (ج) يتبع للقائد الأعلى مباشرة ضباط أركان هم المفتش العام والمراجع العسكري والقضاء العسكري ومركز البحث والتطوير ومركز إدارة الأزمات وذلك حتى نضمن لهذه الجهات الحيادية واستقلال ومهنية القرار والابتعاد به بعيداً عن المؤثرات الرتبوية أو الوظيفية . (د) إنشاء علاقة تنسيق بين مؤسسة الرئاسة ووزارة الدفاع ومجلس الوزراء بقسط توفير الإسناد الفني واللوجستكي والسياسي والمالي لكل القوات المسلحة ( بجيوشها الثلاثة ) . (ه) إنشاء رئاسة أركان مشتركة تضم رؤساء أركان القوات البرية والجوية والبحرية بقصد تنسيق أعمال هيئة الركن من خلال مساعدي رئيس الأركان للعمليات والاستخبارات وشئون الأفراد والإمداد والشئون المدنية العسكرية . (و) القوات المقاتلة تنقسم الى خمسة أنواع هي : (1) قيادات برية. وهي الشرقية والغربية ـ الشمالية ـ الجنوبية والقوات المشتركة والوسطى وتتلقي أوامرها من القائد العام وتنسق شئونها مع هيئات الركن عبر العلاقة القيادية سيطرة لأغراض العمليات(Opcon). (2) احتياطي مركزي. يتبع للقائد الأعلى ويتألف من القوة الضاربة الرئيسية والتي تستخدم في أقصى حالات الضرورة لمقابلة أي تهديد في أي اتجاه من اتجاهات التهديد المحتملة على مستوى القطر( تحتل هذه القوة موقعاً متوسطاً مثل كوستي أو سنار وتكون من قوات خفيفة الحركة يمكن نقلها جواً أو براً وبأسرع وقت ممكن والأنسب لهذه المهمة هما الفرقة المدرعة والفرقة المحمولة جواً مع سرب طائرات نقل وسرب هليكوبتر خفيفة ) . وتكون علاقة هذه القوة بهيئة الركن علاقة ( سيطرة لأغراض العمليات ( Opcon ) ويمكن أن تكون من قوة مشتركة من الحركة الشعبية والحكومة . (3) قوات الحرس الوطني. ( National Guard ) ويتكون من فوائض الحركة الشعبية والجيش وتعمل على حماية الأمن والمنشآت في وقت الكوارث وأبان عمليات الأمن الداخلي وتتبع إدارياً للولايات وعمليات القيادة الأعلى . وتكون علاقتها بهيئة الركن ( سيطرة لأغراض العمليات ( Opcon ) . (4) القوات الجوية والدفاع الجوي. وتتبع مباشرة للقيادة العليا وتكون علاقتها بهيئة الركن ( سيطرة لأغراض العمليات ( Opcon ) وتقوم الفكرة على دمج القوات الجوية مع قوات الدفاع الجوي بقصد الاستفادة القصوى من امكانيات كلا الطرفين وتقليلاً للنفقات والتعامل بواقعية مع الموارد المتاحة لأن الدفاع الجوي والقوات الجوية سلاحان مكلفان ومن الترف بمكان أن يكون لدينا سلاحان للجو ونحن دولة علي مشارف خط الفقر. (5) القوات البحرية والدفاع الساحلي. بأن القصد من دمج البحرية بالدفاع الساحلي هو ايجاد توازن بين المتطلبات البحرية في الدفاع عن المياه الاقليمية والاقتصادية بجانب أعمال البحث والإنقاذ ( RAS) ومكافحة التهريب وحماية الشواطئ مع الاستفادة من المدفعية الصاروخية الساحلية لتوفير الأمن والحماية للمرافئ البحرية ومنشآتها .
5. المقترح الثاني. إنشاء مجلس الدفاع الوطني تكون مهمته إصدار القرارات الاستراتيجية التى تهم الوطن وأمنه وسلامته على أن يتكون من رئيس الجمهورية ونوابه ووزير الدفاع ورؤساء الأركان المشتركة وقائد القيادة المشتركة وممثل رفيع المستوى من جيش الحركة الشعبية وسكرتير عام لمجلس الدفاع الوطني وهيئة ركن ومتابعة .
6. المقترح الثالث . إرجاء انسحاب القوات الشمالية من الجنوب الى ما بعد انقضاء العام الثالث حيث تجرى الانتخابات التشريعية لأن الانسحاب المبكر فيه اخلال بالتوازن وتسارع لا جدوى منه ولا طائل من ورائه غير ترك فراغات تعبوية تؤثر سلباً على القرارات السياسية المتوازنة .
7. المقترح الرابع. إطلاق ورش عمل تشمل الخبراء من العسكريين السابقين والحاليين لوضع خارطة طريق تضع الاتفاق في المسارات الحميده وتجنبه المزالق وتتناول في تخصصيه تفاصيل الخطوات اللازمة لانجاز المهمة ضمن الوقت المحدد .
8. المقترح الخامس. إطلاق حملة سياسية توعوية لشرح بنود الاتفاق للعسكريين من كلا الجانبين حتى لا يقع العسكر فريسة الشائعات والمشاعر المستفزة والعقلية غير المستقرة بسبب نقص المعرفة والمعلومات . ويجب أن يخطط لهذا الحملة بعناية ووضوح وأن تحدد الأهداف والوسائل مع الابتعاد عن الحراك الموسمي بزخمه الإعلامي والدعائي والتوجه نحو العمل الجاد والمؤثر .
خلاصـــة القـــول (1) إن الاتفاق الأمني العسكري قابل للتنفيذ ولكن بصعوبات كبيرة يمكن تجاوزها اذا رجعنا الى القواعد الأصولية ( Fundamentals ) لاستخدام القوات المسلحة وإعادة الكرة في ملعب المحترفين حتى يجعلوا من الاتفاق الأمني العسكري ركيزة أساسية في بناء صرح الوحدة الجاذبة . (2) أن هنالك ضرورة لخلق علاقات قيادية جديدة تربط بين المستويات القيادية المختلفة التي قد تنشأ عن الاتفاق وبين المؤسسات العسكرية التقليدية من هيئات ركن وإسناد عمليات وإسناد إداري . (3) لا بد من اعادة تكوين ( Reconstitution ) وتنظيم ( Reorganization ) للقوات المسلحة الحالية واعادة انفتاحها ( Redeployment ) الاستراتيجي كي تستوعب القادم الجديد الى المؤسسة ألعسكريه التقليدية .
(4) إن ما كتبته لا يمثل القول الفصل قي هذا الاتفاق بل هو محاولة لرمي حجر في بركة ساكنة آمل أن تنداح لترى مشاركات أخرى خاصة وأن بلادنا وقواتنا المسلحة تدخر الخبرات والعلماء . وأني هنا أدعو شيوخنا وقادتنا الأفذاذ أمثال الفريق أول عبدالماجد حامد خليل واللواء الدكتور عمر محمد الطيب والجنرال الذهبي توفيق أبوكدوك وأستاذ الأجيال اللواء ميرغني سليمان خليل والخبير الاستراتيجي العميد (م) عبد الوهاب البكري واللواء (م) عثمان عبد الله للمشاركة في هذا الجهد بخبرتهم المكتسبة وفكرهم الثاقب . ولن أنسى من أبناء جيلي بعض الخبراء الرائعين أمثال الطاهر عبد الرحمن الشيخ ومعتصم عبد الوهاب المدني وصلاح مصطفي الأغيش وإبراهيم الرشيد ومحمد العباس والسر البدوي وعصام الدين ميرغني وغيرهم للإدلاء بآرائهم وخبراتهم الرائعة من أجل الوطن وقواته المسلحة .
(5) مرة أخرى أكرر احترامي وتقديري للذين فاوضوا ووقعوا فأن المهم أنهم عملوا وفقاً للمتيسر ولم يعملوا وفقا( للمأمول ). لهم التحية والتقدير ولهم العتبى حتى يرضوا . والله المستعان وكان الله من وراء القصد .
عميد ركن ( م )حيدر بابكر المشرف الدوحة – قطر-مارس 2005 م * ــ ماجستير علوم عسكرية الولايات المتحدة الأميركية ــ ماجستير علوم عسكرية كلية القيادة والأركان السودانية ــ معلم تكتيك سابقا في : الكلية الحربية السودانية مدرسة المشاة السودانية مدرسة المشاة الأمارات العربية كلية القادة والأركان السودان ــ معلم تكتيك حالياً بمدرسة المشاة قطــر...
| |
|
|
|
|
|
|
|