دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
قانون الجنسية السودانية الجديد:المخاوف من قلة السكان أم نوعيتها ؟
|
Quote:
حول قانون الجنسية السودانية الجديد: المخاوف من قلة السكان أم نوعيتها ؟
غداة اليوم التالى للتوقيع على بروتوكولات قسمة السلطة و أبيى و منطقتى جنوب كردفان و النيل الأزرق فى مايو 2004 ، التقى الراحلان الدكتور جون قرنق ، و الشيخ عبد الرحيم البرعى بمنتجع سيبما حيث كانت تدور رحى المفاوضات بمدينة نيفاشا الكينية إذ حضر الاخير ضمن رهط من رموز البلاد المختلفة ليشهدوا مراسم الاحتفال بالتوقيع .. ذكر البرعى لقرنق انه قبل فترة وجيزة من حضوره اكمل عقد 1000 زيجة لشباب وشابات سودانيات بكعبته فى الزريبة بشمال كردفان ، بينهم جنوبيون و جنوبيات تخالطوا مع رصفائهم من الشماليين و الشماليات من أمصار البلاد المختلفة .. اغتبط الراحل قرنق من الدور الاجتماعى المتميز فى تأليف قلوب السودانيين الذى يقوم به الراحل الشيخ البرعى و رد عليه هاشا بأن الألف زيجة عدد قليل و انه يريد منه ان يضاعفه عشرات المرات لانه (لايريد فتاة او امرأة بطنها خاوية) لان السودان بأراضيه الشاسعة يحتاج للرجال و النساء لتعميرها .
و اليوم وقد رحل الرجلان دون تنزيل المقترح لأرض الواقع ، تقبل الحكومة على خطة بديلة فيما يبدو وذلك عبر مشروع لتعديل قانون الجنسية السودانية يخفض مدة منحها بالتجنس من عشرة اعوام الى خمسٍ مع اعطاء الهوية للابناء المولودين لأم سودانية ، وذلك وفقا لما كشفه مدير ادارة السجل المدنى بوزارة الداخلية ، اللواء آدم دليل (الصحافة 29 أكتوبر) ، حيث يشى المشروع لدى النظرة الاولى بأن الدافع وراء التعديل هو ان البلاد تواجه اشكالا فى تدنى نسبة سكانها بما يقتضى ذلك التنازل غير المحسوب بدقة حسبما عبر عنه اللواء آدم دليل نفسه حينما افصح عن استحسانه للقانون القديم بقوله إنه (كان أفضل من الناحية الفنية حيث يشترط مضي عشرة أعوام للتجنس لضمان ولاء الشخص، خاصة وأن القانون السوداني يسمح بإزدواج الجنسية غير أنه كان يساوي بين المواطنين والمجنسين في الحقوق، ماعدا القليل منها) . و مع ان اللواء دليل لم يوضح الدوافع وراء التعديل و خفض مدة منح الجنسية ، الا ان أحاديثَ سابقة لمسؤولين رفيعين فى الحكومة تبين ان قلة السكان فى مناطق بعينها من البلاد تمثل احد الاسباب الى جانب اسباب اخرى لا تقل اهمية عن ذلك . فقد صرح وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين فى مارس الماضى لدى مخاطبته لجمع من السودانيين من اهالى الولاية الشمالية المقيمين بالرياض ان (قلة السكان بالولاية الشمالية تمثل تهديدا للأمن القومى) . لكن مخاوف وزير الدفاع من تهديد محتمل للامن القومى تجاوزت قلة السكان الى نوعيتهم، فقد ألحق حديثه ذاك وفقا لما نقلت صحيفة (السودانى) فى ذلك الوقت بإشارة الى إزدياد معدلات الهجرة الوافدة من غرب افريقيا الى البلاد .
و كان الفريق اول عبد الرحيم محمد حسين اكثر افصاحا حول رؤية حكومته للحراك السكانى فى قلته و نوعيته حينما كان وزيرا للداخلية وذلك من خلال حديثه الى نخبة مختارة من المثقفين و الكتاب و الباحثين المصريين بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة فى يناير 2005 ، و قد لخص اللقاء و نشره فى المجلة الخاصة بالمركز فى الرابع عشر من ذات الشهر الباحث المختص فى شؤون السودان ، هانى رسلان وقد قال الوزير فى ذلك اللقاء بوضوح : (انه في ظل نقص السكان في شمالي السودان نجد ان هناك هجرات مستمرة من غرب افريقيا وصلت الى سبعة ملايين و نصف المليون افريقي استقرت بدارفور بينما نجد ان مجموع المصريين في السودان لا يتجاوز عشرين الفا وان هذا وضع غير طبيعي ) . و غض النظر عن صحة الارقام التى ادلى بها الوزير عن عدد المهاجرين من غرب افريقيا الا انه يمكن فهم دوافعه اذا علمنا ان حديثه كان فى سياق حثه للحكومة المصرية على ابتدار توجه استراتيجى نحو جنوب الوادى انفاذا لاتفاق الحريات الاربعة ، حيث اجتهد فى تبيين المغريات التى تجعل ذلك التوجه المصرى مفيدا لمصر اولا و للسودان خاصة فى مجالات الاستثمار الزراعى و مواجهة ازمة الانفجار السكانى و ضيق الاراضى الزراعية فى مصر و كيف ان اراضٍ شاسعة صالحة للزراعة فى ولايات الشمالية و القضارف و الجزيرة يمكن ان تمثل خيارا جاذبا لتوطين العمالة ورأس المال المصرى ، و قد ربط الوزير حديثه ذاك بالتعديلات المرتقبة على قانون الجنسية السودانى التى تمنح الجنسية للمقيمين فى الاراضى السودانية بعد خمس سنوات بدلا من عشرٍ و السماح فى الوقت نفسه بإزدواج الجنسية . وذكر الوزير ان حدود السودان مفتوحة مع 7 من الدول الافريقية التى تجاوره ما عدا مصر وليبيا وان السودان عنده حدود مع تشاد تبلغ 1800 كلم وان هناك 18 قبيلة مشتركة تتحرك على الحدود، وان الوقت قد حان لبدء التعاون مع مصر. لكن مدير ادارة السجل المدنى بوزارة الداخلية ، اللواء آدم دليل فى حديثه آنف الذكر اشار ( لوجود فهم مغلوط في مسألة القبائل الحدودية والمشتركة مؤكدا أن القانون لايتحدث عن قبائل،و لكن عن اشتراطات قانونية ولا يميز عند التحقيق لاستخراجها بين قبيلة واخرى، واضاف : لا نتعامل مع القبيلة كمجموعة واحدة لكن نتعامل مع كل حالة بشكل منفرد) .
و يكشف حديث وزير الداخلية السابق عن قلق دفين لدى الحكومة من اختلال التوازن الديمغرافى فى البلاد و بالتالى تأثيراته المستقبلية على هوية البلاد و امنها القومى وفقا للمحددات و التصور السائد لدى النخبة الحاكمة لمفهوم الامن القومى و مفهوم يعتمد العرق و الدين الى حد كبير كمحددات للامن القومى ، و قد عبر عن ذلك الرئيس البشير للمبعوث الامريكى السابق ، اندرو ناتسيوس فى حديث خاص بأنه يتوقع ان يكون آخر رئيس عربى للبلاد . و غير البشير فإن قادة من المعارضة الشمالية قد افصحوا عن مخاوف مماثلة للتى عبر عنها الرئيس البشير وذلك لدى اجتماعاتهم فى الغرف المغلقة مع ناتسيوس وفقا لما اورده فى مقاله الشهير (ما وراء دارفور) الذى نشره بمجلة شؤون خارجية فى مايو الماضى .
وكان مدير جهاز الامن و المخابرات ، الفريق صلاح عبد الله قد كشف خلال حديثه فى ورشة (الوجود الأجنبى و أثره على الأ من القومى) التى نظمتها لجنة الأمن و الدفاع بالبرلمان نهاية مارس الماضى عن وجود مجموعات من دول الجوار انتقلت للاستقرار في السودان بنظاراتها ، مشيرا الى ان العوامل التي ادت إلى ازدياد التواجد الاجنبي في البلاد منها الحروب في دول الجوار والحرب الاهلية في دارفور والجنوب واكتشاف البترول والمساحات المفتوحة وغياب السجل المدني وتأخر الاحصاء السكاني .
وقد اعتبرت الاستراتيجية ربع القرنية التى اجيزت مؤخرا قلة السكان مع اتساع رقعة البلاد الجغرافية مهددا للامن القومى ، و لكنها لم تخض فى امر التوازن السكانى صراحة . و رغم ان الحفاظ على التوازن الديمغرافى للسكان فى اى بلد امر مشروع حيث سن الكونغرس الامريكى تشريعا منذ سنوات قضى باستجلاب 55 ألف مهاجر سنويا من بلدان بعينها و توطينهم بالولايات المتحدة فيما عرف (باللوترى) و كذلك تفعل بلدان مثل كندا لمواجهة نقص السكان و استراليا و نيوزيلندة و غيرها ، رغم ذلك الا انه يتم وفقا لقوانين يسنها البرلمان بعد مناقشة عامة فى قنوات الحوار المختلفة داخل اجهزة الدولة و مفاعلاتها الاجتماعية و الفكرية المختلفة و بشفافية عالية ، وقد عبر عن ذلك الكاتب الصحفى المعروف مصطفى عبد العزيز البطل فى مقال بعنوان (فى بيتنا رجل مصرى) نشره بصحيفة الأحداث 3 يوليو الماضى متناولا فيه مشروعية المبدأ على خلفية الأحاديث التى تتواتر عن توطين ملايين المصريين فى اراضٍ سودانية و لكنه دعا الى طرح الأمر فى المنابر المشرعة حتى يقول السودانيون كلمتهم بما يرفع الحرج عن الحكومة لخوضها فى امر يخص مستقبل جميع السودانيين ، و قد وجد المقال حظه من التداول فى صحف و منابر عربية و مصرية و تناوله كتاب وصحافيون مصريون بطريقة قادحة بينهم نائب رئيس مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية ، الدكتور محمد السيد سعيد الذى نحا بفهمه للمقال منحىً بعيدا و قال ان مصر ليست معنية بمسألة التوازن الإثنى فى السودان داعيا المثقفين و المفكرين للتصدى بالرد على البطل . الامر الذى اضطر البطل للتعقيب عليه مع آخرين فى مقال لاحق ضمنه توضيحات و معلومات تؤكد تحليله السابق من ان الاقتراب الحكومى من مصر ينطلق من افق الحفاظ على التوازن الديمغرافى فى البلاد . وهو ما عادت و نفته الباحثة المتخصصة فى السودان الدكتورة أمانى الطويل فى مقال نشر فى سبتمبر الماضى بصحيفة (الأخبار السودانية) .
و المخاوف التى تحيط بتخفيض مدة التجنس فى السودان الى خمسة اعوام تدخل فى صميم ما دعا له البطل من اعتماد مبدأ الشفافية فى الأمر حيث ان للدارفوريين من ضحايا الصراع الدائر فى دارفور مخاوفهم المتمثلة فى قدوم مجموعات اثنية من بلدان مجاورة واخرى بغرب افريقيا كان لها مصلحة فى الصراع الناشب و استيطانها فى اراضيهم خاصة اراضى مجموعات الفور و المساليت و الزغاوة وهى اكثر المجموعات تضررا من الصراع الدائر فى الاقليم . وقد اشار الى ذلك المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية ، لويس مورينو اوكامبو خلال مؤتمره الصحافى الذى تحدث فيه الى جمعنا من الصحافيين السودانيين بمقر المحكمة بلاهاى فى اكتوبر من العام الماضى و عاد وضمنه فى تقريره الدورى امام مجلس الامن الدولى فى ديسمبر من العام نفسه .
و يخشى الدارفوريون من ان تضم نتائج التعداد السكانى فى ظل تدابيره التى تمضى فى خفاء و الاحتجاج المسبق من قبل الحركات المسلحة و تلك الموقعة على اتفاق ابوجا على اجراءات تحضيره و على قيامه فى شروط واقع الاقليم المأزوم ، ان تضم هؤلاء الوافدين الى نسبة السكان فى الاقليم بينما تأتى اجراءات السجل المدنى لتضيفهم الى المستندات الرسمية على اعتبارهم سودانيين بما يمنحهم الحق فى تملك الاراضى التى وضعوا ايديهم عليها بقوة السلاح ، فالسجل المدنى يعتمد بشكل كبير على بيانات التعداد السكانى التى لم تعلن بعد ، و قد ذكرت قيادات دارفورية ان الوافدين من (الجنجويد) منحوا جنسيات سودانية و تم ادماجهم فى القوات النظامية و ما عرف بأستخبارات الحدود . و نفس الذى يقال عن دارفور يمكن ان يقال فى ما يذاع عن توطين ملايين المصريين فى الشمالية و الجزيرة و القضارف ليس كمستخدمين و مستثمرين و انما كمواطنين وفقا لطرح وزير الداخلية السابق بمركز الأهرام و تزداد المخاوف من ان يصبح الوافدون الجدد جزءا من خطة المؤتمر الوطنى لخوض الانتخابات المرتقبة (ان قامت فى موعدها المحدد) فى اشراط السيطرة الكاملة له على جهاز الدولة و بالتالى تحكمه بالمسطحات الجغرافية وفى توزيع الكثافة السكانية و نوعها فى اجزاء محددة داخل البلاد وفقا لنتائج التعداد وفى منح المستندات الرسمية للمواطنين ، و كان الكاتب مصطفى البطل قد ذكر فى مقال سابق له نشره بصحيفة الاحداث فى فبراير الماضى بعنوان (انتخابات صلاح قوش) الى محاضرة قدمها الخبير الاستراتيجى ، صلاح البندر بمنتدى الجالية السودانية بواشنطن ذكر فيها انه التقى فى احدى العواصم الاوربية بضباط فى جهاز الامن قالوا له انهم قدموا من اجل تلقى تدريب على عمليات السجل المدنى فى تلك العاصمة و ان ذلك كان مدعاة لدهشتة حيث ان اعمال السجل المدنى هى شأن من شؤون ادارات الدولة المدنية و ذلك واضح من اسمه (السجل المدنى) . و يتضافر مع ذلك الاحاديث المتواترة عن تأجيل الانتخابات الى ما بعد الاستفتاء أو الى العام 2010 كما ذهبت الى ذلك مجموعة الازمات الدولية فى تقريرها الصادر الشهر الماضى عن الاوضاع بجنوب كردفان .
اللواء آدم دليل قال ان الاقبال على طلب الجنسية السودانية عالٍ و ان هناك رعايا دول كبرى بين المتقدمين ، فيما ذكر الفريق صلاح عبد الله فى حديثه آنف الذكر ان (عدد الذين منحو جنسية سودانية حتى 2006م بلغ 42 ألفا و 212) وربما كان ذلك دافعا لتغيير وجهة النظر الرسمية من اجل اعتماد ما اشار اليه اللواء دليل حينما فضل القانون القديم الذى يمنح الجنسية بعد اقامة شرعية بالبلاد تمتد الى عشرة اعوام لاختبار ولاء الشخص المقيم و فى نفس الوقت طرح الأمر للتداول على مستوىً واسع اعمالاً لمبدأ الشفافية الذى دعا له البطل بدلا من ذلك الكتمان المريب !! |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: قانون الجنسية السودانية الجديد:المخاوف من قلة السكان أم نوعيتها ؟ (Re: آدم صيام)
|
المحترم أحمد صيام شكرآ لأهتمامك بهذا الموضوع
Quote: قانون الجنسية السودانية الجديد:المخاوف من قلة السكان أم نوعيتها ؟ |
والحقيقة ان قانون الجنسية الجديد ذات أثر كبير في سير الأنتخابات القادمة.... السؤال الأن هو: هل الغرض منه هو المصلحة العامة للسودان عامة أم لفئة معينة? لان مخاوف الجنوبين وأهل دارفور من قلة عددهم في الداخل بينما أغلبيتهم لاجئين في دول أخري, بعضهم بمستندات اللاجئين وأخرون بجنسيات دول أخر بينما القلة ما زالت تحمل مستندات سودانية.... أذن لو أقيمت الأنتخابات غدآ فأنهم لا محالة خاسرون بسبب القلة. أما نوعية القانون(مثلآ تخفيض مدة التجنس الي خمسة سنوات) واضحة ان غرضها مصلحة مجموعة خاصة...لان المعروف ان كل دول العالم تشدد في قوانين التجنيس بينما السودان يريد تسهيلها...عجبآ. سؤال يطرح نفسه الان هو:هل القانون الجديد قادر علي سد الباب أمام الأجانب الذين يحصلون علي الجنسية السودانية بمبالغ مادية? قبل أشهر مدت قامت أدارة الجوزات بأرسال موظفيها الي امريكا لاستخراج المستندات للسودانين الذي فقدوا أوراقهم الثبوتية(قيل لغرض التصويت في الأنتخابات القادمة)...لكن لم يحالفهم النجاح للأسباب الأتية: تأهيلهم محلي حيث كان تعاملهم مع الناس كما لو كانوا في السودان(التاخير,التكبر الخ). في راي ان القانون الجديد مخيف من ناحيتي قلة السكان ونوعيتها. لك ودي وتقديري
| |
|
|
|
|
|
|
|