|
أخترنا لكم......../ رسالة من امرأة
|
لوحة للفنانة التشكيلية ميس بشارات
Quote: رسالة من امرأة
محاسن الحمصي-الأردن
دموعى أمطار كانون الأول تغمرني، تسبقني، تغرق الممر مابين باب وباب. أهرع نحو الحمام مبتلة، أخلع رداء روحى الأسود، اتوارى داخل نفسي، أجلس القرفصاء واتكـوّم، اتمدد فى المغطس يمتزج بدنى الملتهب بالماء ..فيلسعني. أفرك.. أفرك.. ذلك الملعون، المجنون "قلبي"، اغتسل من ظلي، اقرأ المعوذتين، الأنشراح، دعاء غسل الذنوب.. لكنى لا اتطهّر!؟ ياالله.. أنا المرسومة تقاطيعى براءة الصغار، الساكن جوانحى رشد الكبار ...ضـللّت احمنى من صفاقتي، حررنى من حماقتي، كل ما حولى يختـــّل كعقلى الذى اختــّل..! حين ضخت شرايينى كابوسا سرى فى دورتى الدموية لينبض بداء مجهول العنوان والهوية ألفّ حزنى بمنشفة الصبر، ابتلع أقراصا مهدئة، وأهيم فى شوارع عمان الخلفية، أقود السيارة وتقودنى الأفكار. ادخل عكس السير، يخرج صهريج كاد يهشمني، أقف مذهولة ولعنات السائق تنهم : "ملعون من اعطى النساء حق القيادة وابو من اعطاك الرخصة"..؟ اعتذر للشرطى الواقف تأهبا ليصحبنى إلى المخفر، يقّلب أوراقى يقرأ اسمي، يهوّن من غضب السائق: "بسيطة انتهى الأمر.. لا اصابات، لا ضحايا، لا شكوى ..امض مع السلامة". يرد إليّ الأوراق ..اسمعه وأنا انطلق هاربة: "حلوة مثلك يجب أن تحرص على روحها وأرواح الآخريين يا ابنة الأكابر.." ما أكبر الكلمة وما أصغرني..! ارتجف خلف المقود، ابحث عنى فى المرآة المعكوسة لا أجدني. دورة أخرى وأتوقف.. أقذف قلبى من النافذة تحت العجلات، ألقيه من فوق الجسر المعّلق، اكتشف أنى شفيت من فوبيا المرتفعات وقلبى لا زال معي، أن أمضى الآن ..؟ أمسك هاتفى المحمول، أحاول أن اتصل بصديقاتى اللواتى لا يشغل جلساتهن سوى ثرثرات مملة عن آخر عمليات الشفط و النفخ، الرفع والشّـــد، استغابة، موضة.. ألغى الفكرة. لن يشفين غليلى ويخمدن نار ثورة رد الاعتبار لكبريائى الجريح الـمّلم أطراف البؤس، أمشط شعرى المنسدل على جبينى بأطراف أصابعي.. ألتقط نفسى المتعب، أشعل سيجارة من عقب سيجارة، اتساءل: لـم لا.. ؟ سأجرى قرعة على طابور المعجبين واختار ابدأ بذلك المشهور ذو المكانة المرموقة والذى يتمنى لقاء سيهرب من العيون،الحراسة، العسس ويأخذنى غنيمة مجزية إلى المزرعة.. أو الدبلوماسى الشاب الذى يعرض لقاء مستـترا، بل الشاعر الكبير يحملنى على خد قصيدة فى ركن مكتبه الوثير. لا.. لا.. لن أبكى على كتف رجل يمسح دمعى مقابل حفلة "زنى" وتدنيس جسدى المقدس الغير قابل للبيع ولا يخضع لتجارب فئرانية أو ينحدر إلى مستنقع الطين آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه أود النسيان..ماذا أنسى ..؟ حب ولد فى ليلة خرافية والقمر محاق، لامس جلدي، تغلغل فى مسامى وأنا التى ما هزنى شارب ولا زحزحنتى رجولة.. الشاطر هو من يقع .."ووقعت "..؟ صامت، غامض، يسكنه حزن دفين، وضع صندوق العمر بين يديّ وأنتظـــــــر.. نفض غبار يومى الذابل.. فمنحته طوق الأمان.. طلب الهوى والجوى فاشترطت الوفاء ..خيانة تقابلها خيانة والباديء أظلم. واليوم.. اعترف بالضعف أمام أحرف رسالة غرامية دغدغت أحاسيسه المرهفة من عابرة سبيل فمنحها بعض وقت، ونمّقمختالا سطورا ملونّة محملة برّد. رسالة فارغة.. من امرأة فارغة "تقارن بي!" تجرنى للخطيئة تقودنى نحو بئر الحضيض..! أركل قلبي.. ألكـــّم نافذة عمرى المهدور، أغمض عينى وأمسح اسمه المنقوش على الجدران، الأسوار، الأشجار، الأرصفة.. أعود منكسرة لأعلن اعتزالى للغرام وأطوى صفحة من دفتر عشق خلتها نقية. أتسمّر بقدمى فيل لا يمشى أمام باب غرفتى الموحشة احـدّق: " هذا الوجه المتألق من أين جاء؟.. تلك البسمة الرقيقة متى عادت؟.. الطفل الذى يقفز فوق سريري، رفوفي، كتبي، يبعثر أشيائي.. ينبش دولابي، يبعثر اشلائى من تحت أى شرفة تسلل ..تسلق.. واستراح ...؟ ذلك القلب الحنون.. يستقبلنى بلمسة رجاء، وصوت يمزق السكون، يعلن التوبة ويهمس:" أحبك أنت.. تعالي.. تعالي.. نغسل الذنوب، أمدّ يدي.. احضــــــن "الهواء" وأطير. |
|
|
|
|
|
|