دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
رمضان .. و الفرق بين موية الزير و موية التلاجة
|
قال الشاعر :
إن الكرامَ إذا ما أيسروا ............ ذكروا ما كان يألفهم في المنزل الخشن
و المعنى لا يخفى على أحد .. و ها نحن نستقبل شهر رمضان .. في شقة مكيفة .. و ننتقل إلى العمل بسيارة مكيفة ... و المكتب مكيف .. و الثلاجة متروسة حتى النخاع .. و لا إحساس بالعطش و الجوع حتى مغيب الشمس .. و الموائد تكتظ بكل ما لذ و طاب من المأكل و المشرب ... نقطع لياليه بأمور شتى متاحة في متناول العين و اليد .. هذه الرفاهية .. لا بد أن نذكر معها شهر رمضان في قريتي التي تقبع في آخر شمال.....قريتي التي تحدها من الغرب سلسلة من الجبال الشماء داكنة الصخور .. و يمتد خلفها العتمور حتى درب الأربعين ( طريق تجارة الجمال لمصر ) ثم يقع خلف كل هذا ( العتمور المؤدي إلى كردفان غربا ) .. و شمالا طريق يؤدي إلى واحة سليمة .. ثم إلى الصحراء المؤدية إلى ليبيا و جبل عوينات المشترَك مع مع مصر و ليبيا .. تقع بالضفة الغربية للنيل .. بينها و بين النيل أرض زراعية ضيقة ثم شريط من غابة نخيل ثم النيل الخالد .. تراه من حوش المنزل .. يمر رقراقا صوب الشمال .. يحمل بين جنباته تحيات كل أهل السودان و ينثرها بين كل القرى الوادعة على الضفتين .. أول شهر رمضان أصومه في قريتي .. كان في شهر صيف ترمض فيه الفصال في وقت مبكر .. و كأن الشمس قد تدلّتْ بضعة أمتار .. تلسع النافوخ بسياط من فيح و قيظ .. و تلهب الظهور بسياط من لظى .. فيتدلدل اللسان منذ الساعة العاشرة صباحا .. و تزوغ الأبصار .... و يتصبب العرق مدرارا يرطب الأجساد قليلا .. و يلجأ الناس إلى ظلال النخيل مستجيرين بفيئها .. يلتمسون نسمة تهب من بين الفينة و الأخرى من صفحة النيل لتداعب الوجوه الملفوحة بالهجير .. و عند العصر يتقاطر أهل القرية إلى النيل و يدخلون لجته معانقين ماءه حتى أذقانهم .. بحيث لا ترى إلا الوجوه تبرق منها العيون المتعبة ،، كأفراس البحر تنعم بحمام في النيل .. و يبقون هناك حتى مغيب الشمس ... لا زلت أذكر أول ( فطور رمضان ) رغم كل هذه المدة الطويلة .. فقد كان يتكون من صحن ( ماكن ) به قراصة و دمعة .. و صحن به بعض بصلات خضراء و حزمة جرجير .. و صحن آخر به بليلة لوبيا سمراء ..و آخر به تمر و عجوة و ( كورية ) بها عصير ليمون داكن بفعل ماء النيل المغروف رأسا من النهر دون ( إضافة كلور أو إستعمال فلتر ) .. ما أن ترشف منه رشفة واحدة حتى ترتوي حد الثمالة .. فالماء من الزير الذي لفحه السموم طوال اليوم و لم يرحمه حتى الغروب .. و كورية حلو مر و أخرى آبري أبيض .. حقيقة .. الأكل هناك له مذاق ( الأكل ) .. و هذه جملة لا يحس معناها إلا كل مغترب يأكل و كأنه يؤدي واجبا مدرسيا أو يقوم بواجب العزاء .. ثم يُختتم الفطور بأكواب من الشاى و أحيانا ترافقها الزلابية ( اللقيمات ) .. ليبدأ الليل .. ثقيلا ثقيلا و طويلا .. دون كهرباء .. أو راديو .. أو تلفزيون .. لا شيء غير أناس حولك منبطحين على ظهورهم .. يجترون ذكريات الغائبين .. و يسمعونك كل يوم نفس أحلامهم و أمنياتهم .. و سرعان ما يغط البعض في نوم عميق .. و البعض يقتل الليل في لعب الورق على ضوء لمبة الجاز .. تناوشهم حشرات ليلية تتحاوم حول زجاج اللمبة .. يمازج مغالطاتهم نباح كلاب بعيدة .. و أصوات طائر ليلي ... و المكان حولك يلتحف الظلام بحيث لا ترى أصبعك و إن قربته من عينيك .. لا ترى غير النجوم .. تزين صفحة السماء .. و نجوم تتهاوى و تسقط في المجهول بعيدا .. سألني أحد الظرفاء هناك : الحكمة شنو من فرض الصوم ؟ قلت له : أهم شيء هو الإحساس بما يعانيه الفقراء من جوع و عطش و معاناة . فقال : طيب نحن بنصوم لينا كم سنة .. معقول لي حسع ما حسينا ؟ يعني ما عندنا إحساس ولا شنو ؟ أنا غايتو حسيت من أول يوم صمتو قبال عشرين سنة .. يعني ممكن بعد دة ما أصوم ؟؟؟؟ و رغم محاولاتي المتكررة لتعريفه ببقية الحكم من مشروعية الصوم إلا أنه أبى و إستكبر إستكبارا و قال : إنت جبت الفيها الفايدة بالأول .. ما تحاول تقنعني .. خلي الشهر دة ينتهي على خير و أنا عندي بعد داك فيهو راى ...
ينتهي الليل هناك حوالى الساعة العشرة في الغالب الأعم ... و لا يصحو للسحور إلا من رحم ربي و أفاق مصادفة قبل ( أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) .. ألم أحكي لكم ماذا فعل زميلي ؟ فقد إستيقظ ليلة من ليالي رمضان فجأة فوجد أن الخيط الأبيض قد صار واضحا و أن الليل الأسود قد تسلل أثناء النوم الثقيل .. فما كان منه إلا وضع ملاية على الشباك الوحيد و ملاية أخرى على فتحة الباب السفلى .. فصارت الغرفة مظلمة .. فتسحر الخلق في هذا الليل المصنوع Artficial Night كذلك الليل الذي تمناه ( العاشق روميو .. في مسرحية شكسبير روميو و جولييت ) .. كلما أتى رمضان .. أتذكر تلك الأيام .. و رغم تغير الظروف في قريتي و دخول معالم و وسائل حضارية و إنتشرت ( مولدات الكهرباء ) .. إلا أن رمضان هناك لا يزال ذو بصمة مختلفة لا تزال محفورة في قاع الذاكرة .. كل سنة و أنتم طيبين أهلنا هناك ... كل سنة و أنتم طيبين أهلنا بالسودان .. كل سنة و أنتم طيبين أهلنا في المهجر .. كل سنة و أنتم طيبين .. سكان حوش سودانيز أون لاين .. تصوموا و تفطروا على خير ...
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رمضان .. و الفرق بين موية الزير و موية التلاجة (Re: ابو جهينة)
|
أبو جهينة تصوم وتفطر علي خير وأنت تذكرنا بتلك البروش المهترئة التي تشكو قلة السعف ، وذلك السرير الذي استعار قعر المكواة ، والملايات المبلولة بفعل فاعل ، وعكر الحلومر كأنه طين الدميرة.وجبال اللقمة المكومة زي هدوم الغسيل. داك رمضان والله بلاش ، حقكم ده ما معدود - والغريبة في ناس بعد ده بتباصيهو وتخرق هدنته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رمضان .. و الفرق بين موية الزير و موية التلاجة (Re: ايهاب)
|
عزيزي صديق
تصوم و تفطر على خير
(أبو جهينة تصوم وتفطر علي خير وأنت تذكرنا بتلك البروش المهترئة التي تشكو قلة السعف ، وذلك السرير الذي استعار قعر المكواة ، والملايات المبلولة بفعل فاعل ، وعكر الحلومر كأنه طين الدميرة.وجبال اللقمة المكومة زي هدوم الغسيل. داك رمضان والله بلاش ، حقكم ده ما معدود - والغريبة في ناس بعد ده بتباصيهو وتخرق هدنته. ) ..
تشكر على هذه الإضافة الغنية .. و بالفعل يا صديق .. هنا رغم كل الأشياء المتاحة .. هناك من يخرق هدنة رمضان نهارا جهارا .. غايتو ناسنا في القرى إن شاء الله صيامهم مقبول .. كل سنة و إنت طيب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رمضان .. و الفرق بين موية الزير و موية التلاجة (Re: ابو جهينة)
|
العزيز ابوجهينة ..
عدت بنا الى ذكرى سنين قد مضت ..فيالا جمال الذكرى..خاصة عندما تقترن بهذا الشهر الفضيل..
رمضان فى اقاصى الشمال له وقع خاص كما هو الحال فى الشرق والغرب والجنوب كلٌ حسب البيئة والمناخ ...
اذكر قبل سنين قضيت رمضان فى قريتنا بالشمال و وقد كان فى صيف شديد الحرارة لم ارى مثله قط مع (كتاحة) تحسسك بان قدر غير قليل من الرمل قد سكن حلقك..واناعلى سريرى فى عز النهار كنا التحف (توب جدى) بعد بله فى انا ملئ بالماء لتلافى موجات الحر التى كانت تهب بأستمرار ولكن سبحان الله سرعان ما يجف لأعاود طمره بالماء مرة اخرى بعد ان يكون النوم قد ولىالادبار وبائت كل المحاولات بالحصول على (كندشة) بالفشل .. احياناً كثيرة كنا نهرع الى ظل شجرة (اللبخ) الوارف المتد فى مساحة كبيرة مع رش الماء فى انحاء متفرقة من (الزير) المربوط على جزع (اللبخة) علنا نحظى ببعض ما يخفف حرارة الجو..
مع مقدم العصر نتجه صوب النيل او بالاصح الى ذلك (الخور) الموسمي الذى يتكون جراء فيض النيل وننعم لساعات بغمر اجسادنا فيه..
مع قرب مواعيد الافطار كنا نذهب - فى محاولة لتكسير الوقت - الى (حيضان البرسيم) وسبحان الله عندما تقف وسط تلك الحيضان تحس بنسمة باردة لا تشابه حرارة الجو مع رائحة البرسيم الطيبة...
عندما يقترب موعد الافطار تذهب الفتيات الى جمع ( العويش) لطبخ ما يمكن طبخه وفى الغالب تكون الوجبة الرئيسية (قراصة مع مفروكة) او ما يسمى ب(كابد بالاوجور) .. لن انسى ابداً رائحة (الواقود) المحشور تحت (الدوكة) رائحة لا يمكنك انت تنكر تميزها ويصعب عليك تفسيرها.. مع دقائق الغروب - والتى دائماً ما تكون من أبطأ اللحظات- يتجمع أهل بعد فرش قطعتين من البرش فى خطين متوازيين ثم تأتى (الصوانى) المغطاة با(الطبق)..من كل صوب ورائحة محتواها تفوح متسللة من تحت الطبق فى مراوغة واضحة للمعدة الفارغة.. فى ساعة الآذان عادة ما ينهض احد الجالسين لرفع الآذان وقد درجت العادة ان ينتظر الكل حتى نهاية الآذان ثم تمتد تلك الايادى كل ما طاب بادئين بالبليلة ثم التمر ثم يقوم الجمع لاداء الصلاة - بعدان يتم التأكد من عدم وجود (غنماية ) بالجوار- ثم يعودوا لالتهام الطعام.. حين ينتهى الافطار تكون خيوط الظلام قد بدأت فى التسلل وكما هى العادة اثناء شراب الشاى يكون الحديث فى امور شتى مع باقى (البليلة) فى توادد جميل.. تلك صورة كانت لقريتى الحبيبة فى ذاك الشهر الكريم قبل سنين لا اذكر بعدها اننى ذهبت الى هناك فى رمضان.. ثم جاءت سنين الغربة والاغتراب وحل مكان ذلك الطعام ونكهته الفريدة ما هو مجمد ومبرد ومن الشراب ماهو محفوف بالمواد الحافظة.. حتى الماء ما عاد هو الماء..
رمضان كريم احبتى اعاده الله على الجميع باليمن والرخاء والبركات.. وحفظ الله بلادنا واهلنا من كيد الاعداء..
تصومو وتفطرو على خير،،،
الولــــيد،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رمضان .. و الفرق بين موية الزير و موية التلاجة (Re: ابو جهينة)
|
في قريتنا وقريتكم أخي أبا جهينة وجميع قرى السودان يكون نهار رمضان بطول أربعة عشر ساعة ونيفا وتكون في الغالب الشمس متعامدة عمداً حتى قبيل غروبها بلحظات ويكون طعام إفطارنا تمرات عجاف وأخر يابسات وبليلة من حبات معدادوت من التمسي أو الكبكبيك أو العدسي وكسرة أو لقمة من دقيق الذرة لا فرق وملاح ويكة هلامي تضاهي غبشته غبشة جلودنا ويكون العصير كما يسميه سكان البندر عبارة عن حلو مر يكون أقرب للمرارة من الحلاوة بسبب قلة السكر وكثرة الماء وحرارتها وهناك بعضاً من الآبري الأبيض أو ما يعرف "بالفضح الضيف"حيث أن الضيف إذا حاول شرابه يجد نفسه قد شرب الماء وترك تلك البقايا النووية في قعر الماعون ويكون الحل في الإمتناع عن الشراب أو أن يجلب ضيفكم هذا خلاط مولينكس لضرب الخليط ضرباً مبرحاً وبالضرورة لن تكون نيسله ولا غيرها مسئولة عن الناتج ولا تضمنه البتة أو أن يتقمص هذا الضيف دور الهوفر الثلاثي الذي يكنس ويشطف ويعصر. أما موية الزير فهي أكثر نقاء من موية التلاجة وهي إذا إنقطع التيار الكهربائي أو لم ينقطع تظل باردة بالقدر الذي لا يتأذي معه الإنسان ، رمضان في قريتنا وقريتكم والقرى المجاورة مثال للتعاون والتعاضد ونحمد الله كثيراً على نعمته ، ومع يقيننا بأن الله فضل بعضنا على بعض درجات وأننا منذ أن خلقنا وإلى أن نعود إلى الأرض تارة أخرى نتبوأ الدرجة الأخيرة ، وأنه بالرغم من معاناتنا وتكييفكم وتزييفكم يبقى أجر الصيام متساوياً عند الله ، لكن ما يضجرنا ويؤلمنا أنكم لا تراعوا الكثير من الأشياء وتتطالبونا بعد أن يرفع النداء للآذان أن نراعي فروق الوقت بيننا وبينكم وعلى الهواء مباشرة حتى في الفطور سابقننا. نسأل الله أن يتقبل صيامنا وصيامكم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رمضان .. و الفرق بين موية الزير و موية التلاجة (Re: almulaomar)
|
أخي الوقور الملعمر
الشهر مبارك عليك
(وهناك بعضاً من الآبري الأبيض أو ما يعرف "بالفضح الضيف"حيث أن الضيف إذا حاول شرابه يجد نفسه قد شرب الماء وترك تلك البقايا النووية في قعر الماعون ويكون الحل في الإمتناع عن الشراب أو أن يجلب ضيفكم هذا خلاط مولينكس لضرب الخليط ضرباً مبرحاً وبالضرورة لن تكون نيسله ولا غيرها مسئولة عن الناتج ولا تضمنه البتة أو أن يتقمص هذا الضيف دور الهوفر الثلاثي الذي يكنس ويشطف ويعصر. )
( ، لكن ما يضجرنا ويؤلمنا أنكم لا تراعوا الكثير من الأشياء وتتطالبونا بعد أن يرفع النداء للآذان أن نراعي فروق الوقت بيننا وبينكم وعلى الهواء مباشرة حتى في الفطور سابقننا. )
عافاك الله أيها الوقور .. نرجو أن يكون سبقنا لكم في التوقيت و التكييف معوضا لكل أهل القرى هناك بالسودان عند ربهم درجات من الأجر المضاعف .. أرقد عافية
| |
|
|
|
|
|
|
|