|
الولادة مرتين
|
قال المسيح بن مريم للحواريين : إنكم لن تلجوا ملكوت السماء حتى تولدوا مرتين.
لذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم أبا المؤمنين و لهذا تفرَع على هذه الأبوة أن جعلتْ أزواجه أمهات المؤمنين. فإن أخرج أرواحهم و قلوبهم من ظلمات الجهل و الضلال و الغى إلى نور العلم و الإيمان و فضاء المعرفة و الإيمان و التوحيد. و المقصود بالولادة هنا هي ولادة القلوب. و هي ثلاثة : قلب لم يولد فهو جنين في بطن الشهوات و الغى و الجهل و الضلال.
و قلب قد ولد و خرج غلى فضاء التوحيد و المعرفة و تخلص من مشيمة الطباع و ظلمات النفس و الهوى فقرت عيناه بالله و قرت عيون به و قلوب.
و قلب ثالث في البرزخ ينتظر الولادة صباح مساء قد أصبح على فضاء التجريد و انس من خلال الديار اشعة التوحيد ، تأبى غلبات الحب و الشوق إلا تقربا الى السعادة كلها بقربه و تأبى غلبات الطباع إلا جذبه و تعويقه فهو بين الداعين تارة و تارة قد قطع عقبات و آفات و بقى عليه مفازات و فلوات.
جعلنا الله من أصحاب القلوب المولودة و المفطومة على الله و رسوله و القلوب التي تشب و تترعرع على هدى الإسلام ، و أن نحيا و نموت على دين الحق. آمين
___________________________________________ بتصرف من كتاب طريق الهجرتين لإبن قيم الجوزية ------------------------------------------
|
|
|
|
|
|