دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الكعـــبة المشــرفة والبــبيت الحــــرام (Re: Yassir7anna)
|
Quote: عمارة الكعبة المشرفة عبر العصور
بقي هذا البيت العظيم الخالد رمزًا للعـبادة، وشعارًا للتوحـيد، وقد مرّت عمارته بأطوار ومراحـل، فهُدم وبُني مرّات كما زُيِّن بالذهـب والفضّة. وكانت الكعبة تحظى بالتقديس والإكبار حتى في عصور الجاهلية قبل الإسلام.
من المعلوم بداية أن الكعبة شيء والمسجد الحرام شيء آخر. فالكعبة بناء إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) في أول الأمر وبادئ العهد، وقد يطلق عليه المسجد الحرام باعتبارها مكان السجود وقبلته، أما المسجد الحرام فهو المحيط بالكعبة، وأول من بناه عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
والكعبة بناء مكعب تقريبا، ولهذا سُمِّيت الكعبة، وزواياها إلى الجهات الأربع، والعرب يسمون الزوايا بالأركان وينسبونها إلى اتجاهاتها، فالركن الشمالي يسمَّى بالركن العراقي، والركن الغربي يسمَّى بالركن الشامي، والقبلي يسمَّى بالركن اليماني، والشرقي يسمَّى الركن الأسود؛ لأن به الحجر الأسود.
أركان الكعبة
الأول: الركن الأسود:
سمي به لأن فيه الحجر الأسود، ويسمى أيضا بالركن الشرقي، ومنه يبتدأ الطواف.
الثاني: الركن العراقي:
سمي بذلك لأنه إلى جهة العراق، ويسمى هذا الركن أيضا بالركن الشمالي نسبة إلى جهة الشمال، وبين هذا الركن والركن الأسود يقع باب الكعبة.
الثالث: الركن الشامي:
سمي بذلك لأنه إلى جهة الشام والمغرب، ويسمى هذا الركن أيضا بالركن الغربي. وبين هذا الركن والركن العراقي يقع حجر إسماعيل (عليه السلام) الذي يصب فيه ميزاب الكعبة.
الرابع: الركن اليماني:
سمي باليمانـي لاتجاهه إلى اليمن. وقد يطلق على الركن اليماني والركن الأسود (اليمانيان)، وعلى الركن العراقي والشامي (الشاميان)، وربما قيل (الغربيان). وإذا أطلق الركن فالمراد به الركن الأسود فقط.
أسماء الكعبة
الكعبة المشرفة لها عدة أسماء وردت في القرآن الكريم، منها:
1. الكعبة: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" (المائدة: 297).
2. البيت: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" (آل عمران: 97).
3. البيت العتيق: "وليطوفوا بالبيت العتيق" (الحج: 29).
4. البيت الحرام: "ولا آمين البيت الحرام" (المائدة: 3).
5. البيت المعمور: "والطور* وكتاب مسطور* في رق منشور* والبيت المعمور" (الطور: 1-4).
6. البيت المحرم: "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم" (إبراهيم: 37).
أصل وظائف القائمين على الكعبة
لما تشقق بناء الكعبة في عهد قصي؛ أعيد بناء الكعبة، ورتب قصي وظائف القائمين على الكعبة وحدد مدلولاتها، وهذه الوظائف هي:
(1) السقاية: كان الماء عزيزًا بمكة بعد ردم بئر زمزم؛ فكان مَن يلي الساقية يحضر الماء من ديار بعيدة، ويضعه في حياض، ويحليه بشيءٍ من التمر والزبيب؛ ليشرب منه الحاج.
(2) الرفادة وإطعام فقراء الحجاج: فقد فرض قصي على قريش أن يقدم كل منهم شيئًا إليه ليصنع طعاما لفقراء الحجاج. وقال قصي في ذلك: يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته، وإن الحاج ضيف الله، وزوار بيته هم أحق الضيف بالكرامة؛ فاجعلوا لفقرائهم شرابًا وطعامًا أيام هذا الحج؛ ففعلوا فكانوا يدفعون إليه المال؛ فيصنع طعامًا للمحتاجين.
(3) اللواء: وهو الدعوة إلى الحرب برفع راية فوق رمح ويتبعها قيادة الجيوش.
(4) الحجابة: وهي خدمة الكعبة المشرفة، وتولي أمرها ومفاتيحها.
وبعد قصي انتقلت وظائف الكعبة إلى ابنه عبد الدار لكبر سنه، ثم أُعطيت السقاية والرفادة لأبناء عبد مناف، وأُعطيت الحجابة واللواء والندوة عبد الدار.
|
يتــــبع ،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الكعـــبة المشــرفة والبــبيت الحــــرام (Re: Yassir7anna)
|
Quote: الحجر الاسود
في ذلك الوادي الذي وصفه الله ـ تعالى ـ بأنه (غير ذي زرع) يرفع إبراهيم وإسماعيل قواعدَ البيت الحرام، وعيونهما بين لحظة وأخرى ترمقان السماء، ويدعوان الله ـ تعالى ـ أن يتقبل عملهما ويجعله خالصاً لوجهه الكريم {وإذ يرفع إبراهيمُ القواعد من البيت وإسماعيلُ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}1.
وما إن وصلا ببناء الكعبة إلى المكان الذي شاء الله ـ تعالى ـ أن يوضع فيه الحجر الأسود (الركن الشرقي من جدار الكعبة، بينه وبين الأرض ذرعان وثلثا ذراع، مقابل زمزم ..)2 حتى أمر إبراهيمُ إسماعيلَ قائلا: اِئتني بحجر ليكون علماً للناس، يبتدئون منه الطواف. فأتاه بحجر لم يرضه ... وبعد هنيئة وإذا بحجر بين يدي إبراهيم. فيعجب إسماعيل لهذا، ويسأل: من أين جاء هذا الحجر؟ فيُجيبه إبراهيم: جاءني به جبريل من عند مَن لم يتكل على بنائي وبنائك، ولم يكلني على حجرك3.
ويكتمل البناء، ويُرفع الأذان بالحج على لسان نبيِّ الله إبراهيم، ويلبي الناسُ دعوته من كلّ مكان، وتبدأ مسيرة الحج العظيمة لتستمر عَبر التأريخ وإلى ما شاء الله تعالى:
{وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كلّ ضامر يأتين من كلّ فجٍّ عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسمَ الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكُلوا منها وأطعِموا البائسَ الفقير * ثم ليقضوا تفثَهُم وليوفوا نذورهم وليطوّفوا بالبيت العتيق}4.
الحجر الاسود..يوجد في الجنوب الشرقي من الكعبة وهو حجر ثقيل بيضاوي الشكل اسود اللون مائل الى الحمرة وقطره 30 سم ويحيط به اطار من الفضة ويطلب من الطائف تقبيل الحجر في كل شوط ان امكن او يشر اليه بيده ثم يقبلها .وقد ورد في الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما ولولا ان طمس نورهما لا ضاء ما بين المشرق والمغرب " وقد ورد في الحديث ايضا " ان الحجر الاسود نزل من الجنة اشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني ادم .
الاطار الفضي: ان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما أول من ربط الحجر الاسود بالفضة ثم تتابع الخلفاء في عمل الاطواق من فضة كلما اقتضت الضرورة وفي شعبان 1375 وضع الملك سعود بن عبدالعزيز طوقا جديدا من الفضة وقد تم ترميمه في عهد خادم الحرمين في 1422هـ وبقيت الكعبة على هيئتها من عمارة إبراهيم (عليه السلام) حتى أتى عليها سيل عظيم انحدر من الجبال، فصدع جدرانها بعد توهينها ثمّ بدأت تنهدم، فاجتمع كبراء قريش، وقرّروا إعادة بنائها .. وراحت قريش تنفذ ما قررته حتى ارتفع البناء إلى قامة الرجل، وآن لها أن تضع الحجر الأسود في مكانه من الركن، اختلفت حول مَن منها يضع الحجر في مكانه، وأخذت كلّ قبيلة تطالب بأن تكون هي التي لها ذلك الحقّ دون غيرها، وتحالف بنو عبد الدار وبنو عدي أن يحولوا بين أية قبيلة وهذا الشرف العظيم، وأقسموا على ذلك جهد أيمانهم، حتى قرّب بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً، وأدخلوا أيديهم فيها توكيداً لأيمانهم; ولذلك سُمُّوا «لَعَقَة الدم». وعظم النزاع حتى كادت الحرب أن تنشب بينهم لولا أن تدخل أبو أمية بن المغيرة المخزومي بعد أن رأى ما صار إليه أمر القوم، وهو أسنهم، وكان فيهم شريفاً مطاعاً، فقال لهم:
يا قوم! إنما أردنا البرَّ، ولم نرد الشرَّ فلا تحاسدوا، ولا تنافسوا فإنكم إذا اختلفتم تشتت أموركم، وطمع فيكم غيركم، ولكن حكموا بينكم أول مَن يطلع عليكم من هذا الفج [أو اجعلوا الحكم بينكم أول مَن يدخل من باب الصَّفا ]قالوا: رضينا وسلمنا5.
فلما قبلوا هذا الرأي، أخذوا ينظرون إلى باب الصفا منتظرين صاحب الحظّ العظيم، والشرف الرفيع الذي سيكون على يديه حقن دمائهم، وحفظ أنفسهم ... فاذا بالطلعة البهية، والنور الساطع .. اُنظروا .. إنه محمّدٌ بن عبد الله .. إنه الصادق الأمين .. وبصوت واحد .. هذا الأمين قبلناه حكماً بيننا .. هذا الصادق رضينا بحكمه .. ثمّ تقدم نحوه كبراؤهم وزعماؤهم .. يا محمد! أحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون! نظر إليهم رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) فرأى العداوة تبدو في عيونهم .. والغضب يعلو وجوههم .. والبغضاء تملأُ صدورهم .. أيُّ قبيلة سيكون لها هذا الشرف العظيم، والفخر الكبير، إن حكم لقبيلة دون أُخرى؟ وهل سيرضون بحكم كهذا، وقد ملئت قلوبهم بغضاً، ونفوسهم حقداً، ووضعوا أيديهم على مقابض سيوفهم، وعلت الرماح فوق رؤوسهم؟
في هذا الجو المرعب والمخيف والمحاط بالشرّ، كلّ الشرّ، يقف الصادق الأمين ليعلن حكماً ينال رضاهم جميعاً، ويعيد السيوف إلى أغمادها .. الجميع سكوت ينتظر ما يقوله فتى قريش وأمينها، وهو في هذا العمر (35 سنة) أمام شيوخ قريش وساداتها .. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هَلُمّ [هلمّوا] إليّ ثوباً، الكلُّ ينظر إليه، ماذا يُريد بهذا محمد؟ فيقول آخرون: انتظروا لنرى: أُتي بالثوب، نشره بيديه المباركتين، رفع الحجر ووضعه وسط الثوب، ثمّ نظر إليهم وقال: ليأخذ كبيرُ كلِّ قبيلة بناحية من الثوب. فتقدّم كبراؤهم وأخذ كلّ واحد منهم بطرف من أطراف الثوب، ثم أمرهم جميعاً بحمله إلى ما يحاذي موضع الحجر من بناء الكعبة حيث محمد بانتظارهم عند الركن. تناول الحجر من الثوب ووضعه في موضعه، فانحسم الخلاف، وانفضّ النزاع بفضل حكمة الصادق الأمين6، التي فعتِ الفتنة أن تقع، وحفظتِ النفوس أن تزهق، والدماءَ أن تُراق، حقاً إنّك يا رسول الله رحمةٌ للعالمين قبل بعثتك نبيّاً وبعدها، حياتك عطاءٌ كلّها وخيرٌ وبركة كلّها. رفعتَ الحجر بيدك المباركة من الأرض، ثمّ رفعته ثانية لتضعه في مكانه فنال بذلك بركات أيد ثلاث لأنبياء عظام (إبراهيم وإسماعيل ومحمد صلوات الله عليهم).
ولم يزل هذا الحجر في الجاهلية والإسلام محترماً معظّماً مكرّماً، ولم يعتدَ على حرمته ومكانته حتى جاء القرامطة يتزعمهم أبو طاهر القرمطي سنة 317 هـ ودخلوا مكّةَ عنوة (يوم التروية)، فنهبوها وقتلوا الحُجّاج، وسلبوا البيت، وقلعوا الحجر الأسود ثم حملوه معهم إلى بلادهم بالإحساء من أرض البحرين، ويقال: إنّه لما أخذ الحجر، قال: هذا مغناطيس بني آدم، وهو يجرّهم الى مكّة، وأراد أن يحول الحجّ الى الإحساء. وبقي عندهم اثنتين وعشرين سنة، وقد باءت كلّ محاولات ردّه بالفشل، حتى توسط الشريف أبو علي عمر بن يحيى العلوي بين الخليفة المطيع لله في سنة 339 وبينهم حتى أجابوا الى ردّه، وجاءُوا به إلى الكوفة، وعلّقوه على الأسطوانة السابعة من أساطين الجامع، ثم حملوه وردّوه إلى موضعه في شهر ذي القعدة من سنة 339 هـ ، وصُنع له طوقان من فضة وأحكموا بناءَه7.
وهناك بعض الاعتداءات والتجاوزات التي كان الحجر الأسود عرضةً وهدفاً لها، لكنها لم تصل في خطورتها إلى اعتداء القرامطة المذكـور8.
وظل هذا الحجر موضعاً يتبرك به الناس، يتزاحمون على استلامه، وعلى تقبيله بدءاً برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد كان(صلى الله عليه وآله) يقبّل الحجر الأسود عند دخوله إلى البيت، وقبل أن يبدأ طوافه سبعاً، ويعيد تقبيله بعد أن ينهي الطواف والصلاة.
ولما أراد أن ينطلق مهاجراً إلى المدينة، جاء إلى الكعبة واستلم الحجر الأسود، وقام وسط المسجد ملتفتاً إلى البيت قائلا: إني لأعلم ما وضع الله ـ عزّ وجلّ ـ في الأرض بيتاً أحبّ إليه منكَ، وما في الأرض بلدٌ أحبّ إليّ منكِ (مكة)، وما خرجتُ عنكِ رغبةً، ولكن الذين كفروا هم أخرجوني ...9.
فكان تقبيل الحجر واستلامه أول عمل له (صلى الله عليه وآله) في المسجد قبل الطواف، وقبل أن يقول أو يعمل شيئاً.
واقتدى المسلمون بسيرته (صلى الله عليه وآله)، فأخذوا يقدسون الحجر الأسود ويعظمونه، وراحوا يتسابقون لاستلامه وتقبيله تبركاً به; لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله)كان يستلمه ويقبله ويستقبله ويدعو عنده ... وقد ورد في ذلك حشدٌ من الروايات التي تصرح وبضرس قاطع بجواز التبرك بهذا الحجر استلاماً وتقبيلا ... إضافةً إلى آراء فقهاء المسلمين وعلمائهم على اختلاف مذاهبهم ومدارسهم الفقهية وكلّها تؤكد استحباب التبرك به ... كما تبين وجوب الابتداء بالطواف حول الكعبة وبأشواطه السبعة ـ من الحجر الأسود والانتهاء إليه. وعدم صحة الطواف بل بطلانه إذا لم يبدأ به وينتهي إليه. ولم أجد فيما تيسر لي من المراجع مخالفاً لذلك الاستحباب وهذا الوجوب.
المستشرقون والحجرالأسود
حينما علم المستشرقون بهذا الأمر أرادوا البحث عن ثغرة يهاجمون بها الاسلام فقالوا ان المسلمين لا يعلمون شيئا، وقالوا ان الحجر الأسود ماهو إلى حجر بازلت أسود موجود فى الطريق مابين المدينة، ومكة وجرفه السيل وقطعه إلى خارج مكة، وعثر عليه ابراهيم عليه السلام ، ووضعه بداية للطواف ، وارادوا أن يثبتوا صدقا كلامهم فأرسلوا أحد علماء الجمعية البريطانية التابعة لجامعة كمبردج ودرس اللغة العربية، وذ هب إلى المغرب ، ومنها إلى مصر للحج مع حجاجها، وركب الباخرة، وكان الحجاج المصريون يتخاطفونه ليكرموه ، ويطعموه فتأثر بذلك كثيرأ ثم تأثر ثانية عندما رأى قبر الرسول ، والمدينة المنورة، وتأثر أكثر، وأكثر حينما رأى الكعبة من على مشارف مكة، وكان ذلك فى القر، التاسع عشر وقال ( لقد هزنى ذلك المنظر كثيرأ من الأعماق ) ولكنه كان مصمما على انجازمهمته التى جاء من أجلها، ودخل الكعبة وفى غفلة الحراسة ولم تكن شديدة مثل هذه الايام ، وكسر قطعة من الحجر الأسود، وذهب بها إلى جدة واحتفل به سفير بريطانيا فى السعودية احتفال الابطال فهو من وجهة نظرهم بطل أتى بالدليل على بطلان كلام محمد صلى الله عليه وسلم بان الحجر الأسود من السماء، ووصل إلى بريطانيا، وأودع قطعة الحجر اللأسود فى متحف التاريخ الطبيعى بلندن ليقوم بتحليله واثبتوا أنه (نيزك ) من نوع فريد فوقع الرجل مغشيا عليه وكتب كتابا من اجمل الكتب وسماه (رحلة إلى مكة) من جزءين وصف في الجزء الأول عداءه للإسلام واصراره على هزيمة المسلمين وفى الجزء الثانى وصف خضوعه لله سبحانه وتعالى بسبب ان الحجر الأسود من أحجار السماء.
قالوا في الحجر الأسود:
كثرت الأقوال، واختلفت الآراء، والتساؤلات عن الحجرالأسود; من أين أُتي به؟ ومن أيّ شيء هو؟ وهل يضرُّ أو ينفع؟ وما هذهِ الهالة التي أُحيط بها في الروايات والأقوال وهو لا يعدو كونه حجراً عادياً؟ ..
وقد توفرتُ على كثير من هذهِ الأقوال والآراء، وقبل أن أذكر بعضاً منها، أقول: كلّ هذهِ الأقوال والآراء ـ التي دوّنت بعضها وتركتُ بعضها الآخر لا لشيء إلاّ للإختصار. ليست هي السبب في فضله، وقدسيته عندنا وفي تعظيمنا له; لأنّ ذلك الفضل وتلك القدسية وهذا التعظيم، وأيضاً وجوب البدء به في كلّ شوط من الطواف والانتهاء اليه، واستحباب التبرّك به تقبيلا ولمساً أو استلاماً والدعاء عنده ... كلّ هذهِ الأُمور ثبتت عندنا بالسنّة الصحيحة لرسول الله (صلى الله عليه وآله)فعلا وقولا وتقريراً، وسار عليها الصالحون وعموم المسلمين تعبداً، واقتداءً واتّباعاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وتأسيّاً به، ولا يهمنا بعد هذا ما تحمله تلك الأقوال والآراء ككونه درّة بيضاء في الجنّة، أو أنزله جبريل من السماء، أو كان ياقوتاً أو جوهراً أو شيئاً آخر، أو أنه كما قرأت: مِن أن رجلا من القرامطة، قال لرجل من أهل العلم بالكوفة، وقد رآه يتمسّح به وهو معلّق على الأُسطوانة السابعة: ما يؤمنكم أن نكون غيّبنا ذلك الحجر وجئنا بغيره؟ فقال له: إنّ لنا فيه علامة، وهو أننا اذا طرحناه في الماء لا يرسُب، ثمّ جاءَ بماء فألقوه فيه، فطفا على وجه الماء10.
نعم، قد تزيدنا هذه الأقوال والآراء معرفةً به، واطلاعاً عليه، لو ثبتت أمام التحقيق العلمي لها. أما لو تركنا نحن وهذهِ الأقوال والآراء ـ وبعيداً عن السنّة المباركة ـ فإنّنا لا نستفيد تلك القدسية ولا ذلك الوجوب أو الاستحباب.
صحيح أن قراءة روايات الحجر الأسود التي سأذكر قسماً منها من السنّة والشيعة، وقراءة سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الوقوف مستقبلا هذا الحجر والدعاء عنده، ولمسه أو استلامه وتقبيله ... هذه القراءة تبين لنا أنه حجر ذو شأن كبير وأثر عظيم، وأنه ليس كباقي الأحجار الأُخرى التي قد يحمل نفس مكوّناتها.
وعلى فرض صحة ما ذكرناه من أن إبراهيم (عليه السلام) قال لإسماعيل: إئتني بحجر ليكون علماً للناس، يبتدئون منه الطواف، لكن هذا لا يمنع من أن تكون له أغراض أُخرى، ـ غير كونه علماً يُبتدأُ منه الطواف ـ إن لم تكن في الدنيا ففي الآخرة كما تحدّثت عنها روايات الفريقين، وليس عجيباً وغريباً أن يدلي بشهادته في ساحة الحساب الأكبر {يومَ تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه ...}11.
قال تعالى: {... الذي أنطق كلّ شيء ...}12.
فينطق الحجر الأسود، ويشهد على كلِّ عهد، وكلِّ ميثاق تمّ في ساحته، حيث بداية مسيرة الطواف، فيستقبله كلُّ حاج ويدعو ويتعهّد عنده بالتخلي عن كلّ ما ارتكبه من انحراف ومن ذنوب ومخالفات. وأنه يجدّد البيعة لرسول الله (صلى الله عليه وآله)والالتزام بما جاء به من عند الله ـ تعالى ـ ويتعهد أيضاً بالطاعة والانضمام إلى موكب التائبين كما ستقرأ ذلك في الأدعية المأثورة عند الحجر وأول الطواف.
وعندئذ سيكون نطقه وستكون شهادته ضارةً أو نافعة لنا وبالتالي يمكن وصفه بأنه ضارٌ أو نافعٌ.
ولكنّا لو تركنا هذا كلّه وقلنا: إنه حجر كباقي الأحجار المبعثرة هنا وهناك، وإنه لا يستحق هذهِ الكثرة من الروايات والأقوال والآراء .. وبالتالي ليس هناك سببٌ لأن يحظى بالقدسية والاهتمام. ويبقى مجرد علامة يستدلّ بها الحجاج على بدء أشواط الطواف. إن قلنا هذا فسنواجه أسئلة كثيرة قد تثار، منها:
ما هذهِ الفضيلة والقدسيةُ اللتان أُعطيتا له من قبل المسلمين بكلّ مذاهبهم وعبر تأريخهم الطويل؟
وما هذا الاهتمام والاعتناء به والحرص عليه من قبل المسلمين؟ ناهيك عن أهل الجاهلية الذين كاد الأمر يصل بهم الى سفك الدماء وقتل الأنفس من أجل نيل شرف وضعه في مكانه لولا رحمةُ الله ـ تعالى ـ وحكمة الصادق الأمين كما قرأنا.
ولماذا لم يوضع حجر آخر مكانه عند سرقته من قبل القرامطة، فقد ترك مكانه خالياً طيلة فترة غيابه عندهم؟ ولماذا لم يبدل بشيء آخر أو بحجر غيره كما بدلت أحجار الكعبة في كلّ عملية هدم وبناء تعرضت لها الكعبة في تأريخها، وقد شمل التبديل حتى القواعد من البيت؟ فإن التاريخ لم يذكر لنا مثل ذلك. فقد بقي الحجر الأسود منذ أن وضعه إبراهيم (عليه السلام) في مكانه، يحمل الشكل نفسه والصفات ذاتها، إلاّ اللون الذي كان أبيضَ ناصعاً فاسودّ كما نقلت ذلك الروايات و ... .
وجوابنا هو: أنه حتى وإن قلنا: بأنه حجر كباقي الأحجار لا يفوقها بشيء، وتعرضنا لمثل هذهِ الأسئلة، جوابنا أن الله ـ تعالى ـ قد تعبدنا به كما تعبدنا بغيره، وليس لنا ـ كمسلمين ـ إلاّ الانقياد لذلك; لأن الانقياد إلى الله تعالى، وللذي تعبدنا به هو جوهر الدين وحقيقته، وإن لم نعرف العلة والحكمة من ذلك، ويجب علينا المحافظة على ما تعبدنا الله ـ تعالى ـ به، ورعايته بل وتقديسه.
ثم علينا بعد هذا أن نسكت عما يسكت الله تعالى ورسوله عنه. ولو توقفت المصلحة على التفاصيل لكان على الله تبيانها ولو من باب اللطف ومن الحسن أن لا نخوض في أمور لا يزيدنا الخوض فيها إلاّ جهلا وإلاّ غموضاً وتعقيداً، وتكون بالتالي ميداناً لأن يُلقي بعضٌ بخرافاته وأوهامه، وبعض يهرف بما لا يعرف ... وبالتالي نفقد أشياء كثيرة في خضم هذه الأجواء.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الكعـــبة المشــرفة والبــبيت الحــــرام (Re: Yassir7anna)
|
Quote: (1) البقرة : 127 .
(2) معجم البلدان : 224 حرف الحاء، وورد خطأً أنه في الركن الشمالي; وانظر معجم معالم الحجاز 2 : 235; موسوعة المورد 2 : 74.
(3) أخبار مكة، الأزرقي 1 : 62 و65 طبعة الشريف الرضي، قم، ايران; تاريخ الطبري 1 : 153 دار الكتب العلمية، بيروت.
(4) الحج : 27-29.
(5) أخبار مكة 1 : 163; الكامل 2 : 45; الطبري 1 : 526; سيرة ابن هشام 1 : 197.
(6) أخبار مكة 1 : 163; حياة محمد، هيكل : 124-126; الطبري 1 : 526، الكامل 2 : 42-45; سيرة ابن هشام 1 : 197.
(7) أخبار مكة 1 : 346; معجم البلدان : 224 حرف ح; المختصر في أخبار البشر لابن الوردي 1 : 390.
( أخبار مكة 1 : 346.
(9) أخبار مكه 2 : 155.
(10) معجم البلدان 2 : 224 حرف الحاء.
(11) آل عمران : 106.
(12) فصلت : 21.
(13-1 وسائل الشيعة 13 : 302، 319.
(19و20) البحار 99 : 221.
(21) معجم البلدان، باب الحاء : 224.
(22-26) التاج الجامع (كتاب الحج) 2 : 129، 130; معجم البلدان 2 : 224-223.
(27) دائرة معارف القرن العشرين 3 : 355.
(28و29) موسوعة المورد، منير البعلبكي 7 : 21 و 2 : 74.
(30) المساجد في الإسلام للشيخ طه الولي : 60-61.
(31) النهاية، الشيخ الطوسي : 235-236.
(32) شرائع الإسلام، المحقق الحلّي، كتاب الحج، كيفية الطواف : 199-201.
(33) اللمعة الدمشقية، الشهيد الأول; الروضة البهية، الشهيد الثاني 2 : 248،254،255.
(34) جامع المقاصد، المحقق الكركي; شرح القواعد، العلاّمة الحلّي ج3 كتاب الحج، الطواف : 190، 198.
(35) وسائل الشيعة، الحر العاملي، مؤسسة آل البيت، باب الحج ـ الطواف.
(36) وسائل الشيعة : 344-325.
(37) فقه الإمام الصادق، مغنية 2 : 200.
(3 فقه الإمام الصادق 2 : 203.
(39) وسائل الشيعة 13 : 325.
(40) وسائل الشيعة 13 : 325 ح1.
(41) وسائل الشيعة 13 : 315 ح4.
(42) الوسائل 13 : 326.
(43) الوسائل 13 : 327.
(44) الوسائل 13 : 343.
(45و46) الوسائل، الحج ـ الطواف : 314.
(47-50) كل هذه الآراء للمذاهب الأربعة نقلت من مصدر واحد وهو الفقه على المذاهب الأربعة، عبد الرحمن الجزيري، كتاب الحـج 1 : 653.
(51) بداية المجتهد ونهاية المقتصد، القاضي ابن رشد القرطبي الأندلسي 1 : 248، القول في الطواف.
(52) الفقه الإسلامي وأدلته، الدكتور وهبة الزحيلي، دار الفكر 3 : 161.
(53) الفقه الإسلامي وأدلته، الدكتور الزحيلي 3 : 164-165.
(54) التاج الجامع 2 : الهامش ص130.
|
| |
|
|
|
|
|
|
|