دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول
|
كتب: صلاح الباشا [email protected] كنا قد أشرنا في حديث سابق بأن هنالك مجموعة من المشاريع الزراعية التي كان لها إسهامها الإستراتيجي في مسيرة الإقتصاد السوداني عبر تاريخه الحديث وتعتبر تلك المشاريع من أكبر المرتكزات الإقتصادية الصلبة في السودان بما تمتلكه من أصول ثابتة مرتفعة القيمة عبر كل الأزمنة ، إضافة إلي تراكم الخبرات الإدارية والفنية والحرفية التي كانت تضمها ، فضلاً علي ما ظلت تقدمه من خدمات إجتماعية للمجتمع الذي تتواجد فيه ، فتنهض تلقائياًُ بالأحوال المعيشية والصحية والتعليمية في ذات المناطق ، مما يقود إلي إستقرار السكان في تلك المناطق الجغرافية المحددة . ويأتي - بالطبع-علي رأس تلك المشاريع مشروع الجزيرة وإمتداد المناقل حيث يحتوي المشروع علي إثنين مليون فدان تستزرع بنظام الدورة الزراعية المعروفة، وكما يعلم العديد من أهل السودان أن هذا المشروع قد تم إختيار موقعه الحالي عن طريق شركة السودان الزراعية ) Sudan Plantation Cendicate) وهي شركة قد تم تسجيلها في لندن في بداية عهد الإدارة الإنجليزية للسودان مع بداية القرن العشرين ، أي منذ بداية الحكم الإنجليزي المصري للسودان بعد دخول حملة كتشنر والقضاء علي دولة المهدية في موقعة كرري عام 1898م ومابعدها ، حيث كانت التجارب الأولي لتلك الشركة هي زراعة القطن تحديداً ، وقد تمت تلك التجربة بعد عدة دراسات جغرافية وطبغرافية حيث كان الإختيار قد وقع علي قيام المشروع في منطقة الزيداب ( غرب نهر النيل) في قلب منطقة الجعليين بالشمالية ، غير أن الشركة الزراعية إكتشفت فيما بعد أن الرقعة الزراعية هناك ضيقة ومحدودة وغير قابلة للتوسع نظراً للإمتداد الصحراوي الذي يحيط بالمنطقة من جهة الغرب ، وكانت الكمية المنتجة من الأقطان بمشروع الزيداب الزراعي لا ترضي طموح الشركة الزراعية ، فلم تكن تكفي حاجة المصانع الإنجليزية في لانكشير وليفربول وليدز حيث تتركز صناعة المنسوجات التي كانت بريطانيا العظمي تشتهر بها في أسواق العالم في ذلك الزمان فجاءت فكرة البحث حول نقل التجربة إلي منطقة الجزيرة المروية الحالية نظراً لإتساع الأراضي وإنبساطها وخصوبتها وجودتها ، وهي كما نعلم ( تربة طينية) خصبة لوجودها بين النيلين الأزرق والأبيض ، فضلاً علي وقوع الجزيرة المروية داخل حزام منطقة السافنا حيث يتوفرهطول الأمطارالتي تستمر طوال فصل الخريف لفترة ثلاثة أشهر في السنة ، وأيضاً لتوفر إمكانية إنشاء سدود ( خزانات) لحجز المياه علي النيل الأزرق لخلق نظام الري الإنسيابي ( ترع وقنوات) ، وهنا أتت الإستفادة من شيئين ، هما فتح ترعة رئيسية من الخزان( في سنار) لتمر عبر أراضي مشروع الجزيرة كي تتفرع منها ترع وقنوات صغيرة لري الأراضي وتتوغل داخل الأراضي الزراعية ( الغيط) ، والشيء الثاني هو لتوليد الطاقة الكهربائية المائية من خزان سنار ، ومن المعروف أن الطاقة المائية هي من أرخص أنواع الطاقة في العالم 0 تأسس المشروع وتم إفتتاحه رسمياً في عام 1925م بعد إكتمال إنشاء الخزان في سنار والإنتهاء من حفر الترع والقنوات الفرعية ( أبوعشرينات) ، وتم التخطيط لتأسيس التفاتيش والأقسام وبناء كل مستلزمات العمل من مساكن للعاملين بمختلف أحجامها وإنشاء المخازن والورش والمحالج الضخمة في كل من مارنجان والحصاحيصا ، ثم الباقير في وقت لاحق ، كما تم تأسيس أحدث شبكة نقل داخلي لترحيل الأقطان من الغيط ( الحواشات) إلي منطقة المحالج عن طريق تخطيط قيام أكبر شبكة نقل بضائع محلية في أفريقيا وهي ( سكك حديد الجزيرة) تتبع للمشروع فقط وتم إستجلاب القاطرات والمقطورات المسطحة التي تنقل جوالات القطن من الغيط للمحالج تفادياً للترحيل باللواري المكلفة إقتصادياً ، كما تم تأسيس محطة الأبحاث الزراعية في ودمدني لتناط بها المهام العلمية والبحثية في تحسين البذور والتقاوي لبذرة القطن علماً بأن البحوث الزراعية كانت في سنوات المشروع الأولي هي التي تقوم بكامل العمليات الزراعية قبل إنشاء الإدارة الزراعية بالمشروع ، وبمرور السنين فقد أصبح مشروع الجزيرة من أكبر مناطق جذب العمالة في السودان من كل القبائل خاصة من أهل شمال السودان ، كما جذب إليه مختلف تخصصات أبناء العاصمة المتعلمين ، بل أصبح منطقة جذب للعمالة الأفريقية من عدة دول مجاورة لعمليات الزراعة ولقيط القطن ، ولقد كان أهل شمال السودان هم العماد الأساسي لعمليات الإنتاج بالمشروع ، ومن هنا أتت أهمية محصول القطن كمحصول نقدي إشتهر به السودان في منظومة التجارة الدولية وقد كان يسمي بالذهب الأبيض ، وأصبح صادر القطن لوحده يشكل ثمانين بالمائة من دخل البلاد من العملات الأجنبية ،فضلاً علي التطور الذي رافق توسع المشروع عاماً إثر عام مع تطور وسائل الحياة الإجتماعية بكافة اشكالها لسكان الجزيرة والمناقل ،مثل حفر الآبار الإرتوازية ونقاط العلاج في الشفخانات ومراكز تعليم الكبار ورياض الأطفال والأندية الرياضية والإجتماعية في كل قري الجزيرة وحملات مكافحة الملاريا طوال السنة وحملات التطعيم الإجباري ضد الأمراض المعدية حيث يوجد مجتمع المزارعين 0و كل تلك المنجزات كان يقدمها المشروع من صافي عائدات القطن عن طريق إدارة الخدمات الإجتماعية بالجزيرة حيث كانت تخصص لها نسبة معينة ( إثنين بالمائة) من ناتج أرباح بيع القطن. ولعل العديد من الناس لايعلمون ما كان يقدمه مشروع الجزيرة لمجتمع الجزيرة والمناقل العريض قبل إنهياراته في السنوات الأخيرة ، فضلاً علي أن آثار نجاحاته الجانبية الأخري كانت تتمثل في إنتعاش الأسواق المحلية بمدن وقري المشروع العديدة ، ومارافق ذلك من قيام صناعات وطنية هامة تعتمد علي الخام الزراعي الناتج من المشروع كصناعات النسيج ( مجموعة مصانع شرف العالمية ) ثلاث مصانع غزل ونسيج في مارنجان ومعاصر الزيوت والصابون ، ثم مطاحن الغلال بعد التوسع في إدخال زراعة القمح في النصف الثاني من القرن العشرين، وقيام مصانع نسيج الصداقة في الحصاحيصا وغزل الحاج عبدالله وغزل سنار، وقيام صناعات غذائية في مدني و المناقل وسنار ، فضلاً علي إتباع نظام الدورة الزراعية الذي يتيح للمزارع زراعة المحاصيل الغذائية والخضروات والبصل والفول ، وهي محاصيل جانبية ولكنها مهمة للمزارعين ويدخل عائدها كاملاً ومباشرة إلي جيب المزارع وأسرته، فضلاً علي توفر الأعلاف الزراعية للحيوان في كل قري الجزيرة 0 ولذلك ، فإن الشركة الزراعية في الجزيرة كانت تقوم بأدوار هامة في الإقتصاد الوطني بالسودان عبر مسيرتها منذ عهد الإدارة البريطانية إلي أن تم تأميمها وتحويلها إلي مؤسسة وطنية مائة في المائة في عام 1950م فسميت بمجلس إدارة مشروع الجزيرة بالسودان ، حيث كان أول من ترأس مجلس إدارة الجزيرة المرحوم عبدالحافظ عبدالمنعم محمد ، كما كان يحتل منصب المحافظ بعد رحيل الإنجليز الراحل السيد مكي عباس خلفاً لآخر محافظ إنجليزي وهو المستر جيتسكل المشهور جداً لأنه كان قد تدرج في خدمة الجزيرة منذ أن كان خريجاً شاباً عمره 22 عاماً في عام 1930 حين أتي من لندن حتي مشارف الإستقلال في عام 1956م ، حيث عمل جيتسكل عند تعاقده من لندن مع الشركة الزراعية للعمل بالجزيرة مبتدئاً من وظيفة صراف صغير بالغيط وظل متدرجاً في الوظائف المختلفة عبر السنين الطوال حتي وصل لدرجة محافظ لمشروع الجزيرة0 ولقد ذكرنا كل هذه المقدمة الطويلة عن هذا المشروع حتي تدرك الأجيال الجديدة بما كانت تقوم به الزراعة في هذا الوطن العزيز من أدوار في مسيرة الإقتصاد السوداني حتي وصل عائد البلاد من الناتج الزراعي وحده في بعض المواسم الزراعية إلي قرابة المليار دولار في السنة ، ولقد كانت أقل سنوات المردود الزراعي في عام 1989م ( قبل الإنقاذ) حيث وصل الناتج الزراعي لوحده إلي ستمائة مليون دولار تقريباً ( أي تعادل نصيب السودان من إنتاج البترول حاليا) 0لذلك000 كان مشروع الجزيرة فيما بعد هو الغدوة لقيام مشاريع حكومية صغيرة مثيلة له كمشروع الرهد ومؤسسة حلفا والسوكي كي يزيد الناتج الزراعي للتصدير ولتستقر الحياة الإقتصادية لسكان تلك المناطق 0 وعند إتباع سياسة التحرير الأخيرة ، كانت من أكبر أخطائها تجاهل هذا المشروع بتقليل مساحات القطن فيه إلي أقل قدر وبنسبة إنخفاض وصلت إلي سبعين بالمائة في المساحة ، وإستبدلت تلك المساحات بتوسيع زراعة القمح الذي له مخاطره الأخري ، فهو محصول مكلف ويحتاج إلي مناخات شتوية محددة التوقيت وغير متقلبة ( كمناخات وسط السودان) حسب رأي الخبراء في هذا المجال، والقمح أصلاً عالمياً يعتبر متوفراً ومن أرخص المنتجات المطروحة في السوق العالمي وليس بالسلعة النادرة مثل القطن، ولا ندري حتي اللحظة من هو هذا الفيلسوف صاحب المشورة المدمرة الذي أدار عجلة الزمان بالجزيرة سبعين عاماً إلي الوراء بسبب الخوف من قيام حصار إقتصادي دولي علي السودان كإنعكاس لتداعيات أزمة الخليج الثانية في عام 1990م ومابعدها ، حيث اشار بتقليص مساحة زراعة القطن من مليون فدان إلي مائة ألف فدان فقط في معظم السنوات الأولي للإنقاذ ، مع إتساع مساحات القمح الذي كان وبالاً علي الدولة والمزارع علي السواء ، فإذا بكل دول العالم تسارع في إرسال إنتاجها من سلعة القمح والدقيق الفاخر إلي السودان بأرخص الأسعار ، مما أدي إلي كساد القمح السوداني الرديء والمكلف جداً للخزينة العامة ، وبدأ بذلك إنسحاب السودان من معظم أسواق القطن والغزول العالمية ، وقد إتجه وقتها الغزالون العالميون في غرب العالم وشرقه إلي مناطق أخري من الكرة الأرضية للبحث عن دول بديلة تغطي حاجاتهم من الأقطان طويلة التيلة وقصيرتها ، فبدأ العد التنازلي لهذا المشروع العملاق وتعطلت حركة الأبحاث الزراعية وتم إبعاد كل الكفاءات المتميزة بالمشروع بالكامل وتم إتباع سياسة القفز بالعمود في إدارة المشروع ،وإستشري التخبط وسط الإدارة التي ظل يتبدل مديروها كل سنة أو سنتين من عديمي الخبرة العريقة بعد أن إستغني المشروع من كل الجيل الخبير في شتي أقسامه منذ سنوات الإنقاذ الأولي ، فالكل كان يريد تكبير كومه من السلطات وحدث التضارب الإداري في القرارات ، وتقلص دخل صادر القطن من مئات الملايين من الدولارات إلي سبعين مليوناً فقط في عام 1999م إلي أن إنهار المشروع بالكامل بعد أن ظلت وظيفة المدير العام يتم التعيين لها من أصحاب الولاء - عديمي الخبرة - من خارج إطار المشروع ، وكلهم قد فشلوا فشلاً بائناً في إنقاذه مما دعا أصحاب التخصيص والتحرير في المركز لتكوين اللجان لدراسة إمكانية خصخصة وبيع هذا المشروع العملاق ( بأثمان بخسه) كما تعطلت إثر ذلك كل المصانع المحلية التي كانت تشتري موادها الخام من أقطان مشروع الجزيرة وتحولت تلك المصانع إلي ماكينات هامدة وتشردت العمالة واصبح سكان ولايات الجزيرة وحيواناتهم يتسولون لقمة العيش من خشاش الأرض ومن دواوين الزكاة ومن تحويلات المغتربين الذين هربوا من البلاد زرافات ووحدانا بعد أن سدت كل سبل الكسب أمامهم وهم يرون أهليهم تسوء أحوالهم المعيشية ، ورغم ذلك فإن البنوك الإسلامية بمرابحاتها العالية الفائدة التي تقارب الخمسين في المائة من أصل القرض قد ساعدت في عملية إعسار ثم إفلاس قطاعات هامة من المزارعين الذين باع معظمهم أصوله الإنتاجية القديمة كاللواري والجرارات ، وبعضهم باع منازله المرهونة للمصارف ، فأصبحت سياسة التحرير هذه قد أضرت بقطاعات هامة من جماهير الشعب السوداني بعد ان كانت كل حياتهم تسير في تناغم وتؤدة ونجاحات معقولة وسترة حال عبر عشرات السنين، ولم نشهد في تاريخ السودان كله أن قام الناس ذات يوم ببيع كل أشيائهم الجميلة والعريقة ومعها ذكرياتهم الحلوة خلال سنوات محدودة إلا في عهد تحرير الإقتصاد هذا الذي رافقته حملات دعائية كانت تشعرك بأن السودان سيكون جنة الله في الأرض بعد خمس أو ست سنوات ، فإذا بالسنوات العجاف تتزايد سنة بعد أخري ، وإذا بفلاسفة تلك السياسة التحريرية يصمتون صمت القبور ويشغلون أنفسهم بإختراع مؤسسات أخري لعلها تقنع الشعب في الداخل والعالم الحر بالخارج بأن بلادنا أيضاً تستطيع دخول عالم التجارة التقنية الحديثة من بيع أسهم وسندات وأسواق مالية ومضاربات ، ناسين أن السودان وإقتصاده المنهار لايمكن أن ترتفع فيه أسعار اسهم أو سندات لمؤسساته المصرفية المفلسة حيث ظلت تختفي مصارفه ومؤسساته المالية من الوجود الواحدة تلو الأخري شأنها في ذلك شأن البقالات التي تغلق أبوابها بسبب عدم وفاء الزبائن بسداد مديونياتهم ، ولنا أن نراجع الأداء المالي لأي مصرف سوداني خاص وهي كثيرة العدد لنري كم هي الأرباح التي تحققت للمساهمين في العشرة سنوات الأخيرة ، لا شيء ، فتات فقط 00 نعم فتات فقط 000أي والله00 ورغم ذلك لايزال البعض يتشدق بعبارات ( أسلمة البنوك) ذات الفائدة التي تصل إلي خمسين بالمائة من أصل القرض0 ( نذكر هنا أن فائدة البنوك قديماً كانت عشرة في المائة فقط) ، وكل الذي تغير أننا أبدلنا كلمة قرض إلي مرابحة فأصبح الأمر ( أسلمة البنوك) وهو مجرد شعار فضفاض فقط ، ثم رفعنا نسبة الفائدة إحتراماً لكلمة أسلمة هذه فقط ، وهذا رعب فكري أصولي بائن، والنتيجة كانت كلها إعساراً في سداد المرابحات ، وحصل ما حصل لعملاء المصارف0 لذلك نقول أن تحرير الإقتصاد إذا لم يرافقه تحرير لإرادة الناس وفتح المجالات الفكرية لإسهاماتهم فإن الموقف سيكون ( مكانك سر) ، وهذه طبعاً أفضل من ( إلي الخلف دور) التي حدثت للإقتصاد السوداني عبر سنوات تحرير الإقتصاد ، إذ لا زلنا نأمل في أن يعاد النظر في مسألة إعادة الحياة لمشروع الجزيرة ، وذلك لسبب بسيط لايخفي علي الإدارة الإقتصادية التنفيذية بالبلاد ، وهي أن هذا المشروع به من الأصول الثابتة ما لايحتاج بعده إلي إي إضافات أصول أخري لمدة خمسين سنة قادمة علي الأقل ، فهنالك قيمة أصل خزان سنار ولا نحتاج بالطبع إلي قيام خزان آخر لري أراضي المشروع تحديداً ، وهنالك وجود الأراضي نفسها كأصل قوي وثابت بذات تقسيماتها وتفاتيشها ، مع توفرمؤسسة أعمال الري بكل آلياتها الضخمة وخبراتها المعطلة ، ووجود قنوات الري والترع والتي تحتاج إلي تنظيفها فقط من الحشائش ، فلا نحتاج إلي إنشاء تفاتيش جديدة او شق قنوات جديدة في نظام الري ، وهنالك المكاتب والمساكن والمخازن والورش التي تغطي كل أقسام الجزيرة والمناقل ، وهنالك المحالج الضخمة في مارنجان والحصاحيصا والباقير ، وهنالك أصول رئاسة المشروع في تلك المنطقة الإستراتيجية الهادئة الجميلة ( بركات) ، وهناك أسطول قاطرات ومقطورات سكك حديد الجزيرة التي تنقل الإنتاج من الغيط إلي المحالج ، وهناك إدارة ومعامل وأراضي البحوث الزراعية بودمدني بكل علمائها وإدارييها المتفانين ، وفوق ذلك هناك الإنسان المزارع والإنسان الإداري والإنسان الزراعي والإنسان الفني ، وهناك العامل المتخصص في كل أمور وخبايا ومعدات هذا المشروع 0، وفوق ذلك 000هنالك القدرة الإلهية التي أبعدت شبح فكرة بيع المشروع في سنوات عتمة سابقة وحفظته للأجيال القادمة، فماذا يتبقي إذن كي نعمل لإعادة الحياة لتوظيف تلك النعم والموارد المعطلة التي تبلغ قيمتها السوقية الآن مئات المليارات من ( الدولارات)0 إذن المسألة لا تستدعي الهروب والإلتفاف حول هذا الأمر ، ولا أدري كيف كانت لجنة الخصخصة التي تم تكوينها في السنوات القليلة الماضية تستطيع أن تجد مستثمراً لديه مايقارب الخمسمائة مليار دولار وهي القيمة التقديرية لأصول هذا المشروع المذكورة سابقاً ، كيف كانت خطة الخصخصة ستسير وماهي الجهات المحلية أو حتي الدولية التي تتوفر لديها مثل هذه القدرات المالية العالية لكي تشتري هذا المشروع ، أم أن المسألة سوف تسير علي نهج بيع المؤسسات المالية الرابحة مثل بيع البنك التجاري المتميز إلي بنك المزارع الخاص بأبخس الأثمان ، وبأغرب عملية بيع ، وقد كانت كالتالي: لم يقم بنك المزارع بدفع قيمة الشراء في وقتها فوراً ونقداً في عام 1991م ، بل كلنا يعلم بأن عملية السداد قد تمت من واقع عمليات ونشاط البنك التجاري القديم بعد عدة سنوات لاحقة ( في عام 1997م) مع ملاحظة إنخفاض أسعار الصرف خلال تلك المدة لأن البيع لم يتم بعملة الدولار ( تصور؟) ، أي تم بيع البنك وتم تركه يعمل كي يسدد ثمن أصوله للحكومة ، أي بعد أن حقق البنك أرباحاً عالية بموقفه المالي القوي وبأرباح معاملاته المصرفية لمدة سبع سنوات لاحقة ، ثم قام بعدها بسداد قيمة الشراء إلي بنك السودان دون تعديل في قيمة سعر البيع المقررة في عام 1991م رغم إنهيارات الجنيه المتلاحقة ، أي أن مساهمي بنك المزارع لم يوردوا قيمة الشراء إلي خزانة الدولة نقداً ومقدماً عند إستلامهم للبنك التجاري في عام 1991م ، وهذه لعمري أغرب طريقة للبيع وهي أن تبيع نفسك للغير وأن تعمل سبع سنوات إضافية لتحقق أرباحاً لكي تتمكن من سداد قيمة بيع نفسك للغير من أرباحك المحققة ، وهي تذكرنا بزمن تجارة الرق حيث يظل الرقيق يعمل عند مالكه حتي يتمكن من سداد المبلغ المتفق عليه لكي يتم عتقه بعد ذلك فهي أشبه بهذه المسألة تقريباً وهذا شيء مقلوب تماماً في عالم التجارة مائة في المائة، ولكنها فلسفة التحرير والخصخصة وفوضي المتابعة والإنشغال بالفعل السياسي فقط، فضلاً عن قرار بيع مؤسسة حكومية مصرفية ناجحة كالبنك التجاري الذي يعتبر من أميز البنوك في تاريخ السودان الحديث وله تقاليد تجارية راسخة وعملاء متميزون راسخون في الحركة التجارية السودانية ، فقد إختفي البنك التجاري العملاق إلي غير رجعة ودخل بكل نجاحاته إلي بطن بنك جديد خاص يحمل إسم المزارع ( بالعافية) والذي لم يسهم مطلقاً في حركة الإقتصاد الزراعي والوطني بعشرة في المائة مما كان يقوم به البنك التجاري الذي ( ذهب مع الريح)0 لذلك فإننا نتحدث بإصرار شديد في أن مسألة تحرير الإقتصاد وخصخصة مشاريع وبنوك الدولة رغم صحة نظرياتها من الناحية الفنية البحتة ، إلا أن تطبيقاتها كانت كلها تنم عن إنعدام خبرة في العمل الوطني السوداني ، وعن قلة تجربة في العمل الديواني ، حيث لاحظنا أن هنالك أسماء معينة ظلت ولمدة عشره سنوات تتنقل في نفس وظائف مديري البنوك التجارية والزراعية ، فيتم تحريكهم من بنك إلي آخر كل فترة ، مثل تغيير مدرب الكرة لخانات اللاعبين داخل الملعب مع الحفاظ علي نفس التشكيلة ، وبالتالي لا يحدث إستقرار إداري في البنك المحدد ولاتجديد في سياساته كي يتطور ويصمد ، وذلك بسبب تقلب السياسات وتبدل المهارات ،مما أدخل إقتصاد البلاد بذلك في حقل تجارب ظللنا ندفع ثمن إخفاقاتها المتواصلة فقراً ومرضاً وجوعاً ومهددات للهوية تطل برأسها من وقت لآخر ، وغاردتنا إلي غير رجعة كل قيم وتراث التسامح السياسي والتكافل الحياتي في المعاش والحاجات ، وإفتقدنا معظم مكونات إستمرارية مشروعاتنا الزراعية الضخمة ، وإنهارت الخدمة المدنية التي إشتهر بها السودان بين الشعوب ، وهاجرت العقول المتميزة المبعدة من الخدمة تلعق جراحاتها الغائرة وتتذوق مرارة العلقم إلي مهاجر بعيدة تستصعب العودة بعدها 000ومنهم من بحث عن إكتساب جنسيات أخري فوجدوها علي طبق من ذهب في العالم المتقدم 000فتأمل!!!0 ولكن رغم ذلك يبقي الأمل متقداً في نفوسنا 000 وسنظل نتفاءل بالخير حتي نناله ، ولا نملك إلا أن ندعو الله أن يحفظ سوداننا الحبيب من كل شر وفتنة وأن يهدي كل قادتنا إلي سواء السبيل ، وأن يعم السلام الذي غاب طويلاً كل أرجاء البلاد ، وأن تعود لمجتمعنا مرة أخري كل قيم التسامح والأدب الرفيع والتعامل الراقي بين كل فئاته ، وأن تنتصر قيم الحق والجمال وأن تندحر وتغادرإلي غير عودة كل مشاريع الظلام وأجندة الحرب ، وحينذاك000 سنجد كل أسراب الطيور التي إرتحلت بعيداً جداً ولسنوات طويلة قد حزمت حقائبها لتعود إلي مراتع صباها لتجدد ذكرياتها رغم مرحلة كهولتها فتعود وفي معيتها كل تجاربها الثرة وكل أجيالها الجديدة التي ترعرعت بالخارج بكل ما إكتسبته تلك الأجيال من علم حديث ومن تقنية متقدمة ومن أفق متسع ومتقدم كإتساع بلادنا الشاسعة كي يحدث تواصل وتوارث للخبرات والتجارب في شتي الميادين مرة أخري بعد هذا الإنقطاع الطاريء رغم طول مدته ، وعند ذلك000ستتفتح ملايين الزهور في أرض بلادنا بعد أن أصابها الذبول زمناً ليس بالقصير وختاماً… نأمل بأن يكون هذا الجهد المتواضع قد فتح المجال واسعاً كي يسهم أهل السودان بإبداء ملاحظاتهم حول الأداء الإقتصادي في بلادنا طالما كان أمر الإقتصاد يهمهم كلهم وليس الجهاز الحاكم فقط ، حتي لا تتكرر تلك الأخطاء القاتلة مرة أخري 000، وحتي نستطيع إبعاد شبح المعاناة التي واجهتها جماهير شعبنا ، وأن نتمكن من إغلاق ذلك الفك المفترس والمتمثل في حزام الفقر والجوع الذي أصبح سمة لازمة يُدمغ بها شعب السودان في كل الميديا العالمية كما نراها من وقت لآخر ….والله المستعان ، وإلي اللقاء0 *** نقلا عن صحيفة الخرطوم
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: Abulbasha)
|
Quote: ندعو الله أن يحفظ سوداننا الحبيب من كل شر وفتنة وأن يهدي كل قادتنا إلي سواء السبيل ، وأن يعم السلام الذي غاب طويلاً كل أرجاء البلاد ، وأن تعود لمجتمعنا مرة أخري كل قيم التسامح والأدب الرفيع والتعامل الراقي بين كل فئاته ، وأن تنتصر قيم الحق والجمال وأن تندحر وتغادرإلي غير عودة كل مشاريع الظلام وأجندة الحرب ، وحينذاك000 سنجد كل أسراب الطيور التي إرتحلت بعيداً جداً ولسنوات طويلة قد حزمت حقائبها لتعود إلي مراتع صباها لتجدد ذكرياتها رغم مرحلة كهولتها فتعود وفي معيتها كل تجاربها الثرة وكل أجيالها الجديدة التي ترعرعت بالخارج بكل ما إكتسبته تلك الأجيال من علم حديث ومن تقنية متقدمة ومن أفق متسع ومتقدم كإتساع بلادنا الشاسعة كي يحدث تواصل وتوارث للخبرات والتجارب في شتي الميادين مرة أخري بعد هذا الإنقطاع الطاريء رغم طول مدته ، وعند ذلك000ستتفتح ملايين الزهور في أرض بلادنا بعد أن أصابها الذبول زمناً ليس بالقصير وختاماً… نأمل بأن يكون هذا الجهد المتواضع قد فتح المجال واسعاً كي يسهم أهل السودان بإبداء ملاحظاتهم حول الأداء الإقتصادي في بلادنا طالما كان أمر الإقتصاد يهمهم كلهم وليس الجهاز الحاكم فقط ، حتي لا تتكرر تلك الأخطاء القاتلة مرة أخري 000، وحتي نستطيع إبعاد شبح المعاناة التي واجهتها جماهير شعبنا ، وأن نتمكن من إغلاق ذلك الفك المفترس والمتمثل في حزام الفقر والجوع الذي أصبح سمة لازمة يُدمغ بها شعب السودان في كل الميديا العالمية كما نراها من وقت لآخر ….والله المستعان ، وإلي اللقاء0 |
أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأمين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: Dr. Abdalla Siddig)
|
شكرا ليك يادكتور عبدالله الذي منحك الصبر لقراءة هذا المقال الطويل والذي ربما يبعث علي الملل ، نظرا لأن إيقاع الحياة قد أصبح سريعا ، فقد لايجد المتصفح أو عضو البورد الزمن الكافي لقراءة هذا البحث المتواضع ، ونحمد الله أن أستلمنا في بريدنا الخاص من غير الأعضاء بعض إيميلات المشاركة والثناء ، لكن يقيني أن بلادنا لكي تنهض ، لابد لها من الإلتفات لتحديث هذا المشروع الضخم حيث لايوجدفيه سماسرة عالميون يشاركوننا في خيراته القادمة ، مثل سماسرة النفط الذي يقبضون نسبة سبعين بالمائة من صافي إنتاج السودان من البترول حين إستغلوا حاجة السودان للموارد في حقبة تسعينات القرن الماضي بسبب الحصار والضغوط الدولية التي وضع نظام الإنقاذ نفسه فيها ، ولاذنب لشعبنا في الأمر لك التحية .. وندعو الله معاك ... آآآآآآآآمين الباشا/ الرياض
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: Abulbasha)
|
الأخ الباش :
لك التحيه والاحترام
قراءة المقال كلمة كلمه وحرف حرف .. ومعك في كل ما قلت .. ولكن أظنك لم تزور الجزيرة قريبا لأنك أقفلت أهم مشكله يواجهها المشروع حاليا ... ونسيت أن تشيل الفاتحه على حاجه كان اسمها مشروع الجزيرة
مشروع الجزيرة اليوم اصبح به جبال عاتيه من الطمي تقف امام حركة المرور داخل المشروع كما تقف اما حركة انسياب الماء في القنوات . الطمي الزي يزد الأرض خصوبة اليوم اصبح من أكبر المشاكل وهو ليست مشكه يمكن حلها أو ان مسألة حلها مسألة غايه في الصعوبه وتحتاج لمليارات الدولارات . وازا استمر الحال هكزا فأن المشروع سوف تكون انتاجيته صفر بعد أقل من عشر سنوات ...
كما ان هنالك معضله كبيره كبر تلال الطمي وهي حاجه اسمها اتحاد المزارعين وما ادراك ما اتحاد المزارعين والزي تهيمن عليه فئه من المنتفعين همهم الاول والأخير أنفسهم ولا يفكرون في المشروع من قريب ولا بعد .. ولا يدركون حجم الكارثه ..
بلا شك ان المشروع هو أكبر ضحيه من ضحايا هزا النظام ... ويمكنني ان اسرد لك ألاف النظريات الخاطئه التي تم تطبيقها وادت إلي دمار المشروع ...ولنا لقاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: Abulbasha)
|
سلام ابو الباشا
تحيات وانت تفتح اخطر ملف تمرد سوف يمر علي السودان
قول ليه
لانو المساكين المزارعيين الذين كانوا يحملون السودان اصبحوا يعانون العوزه
وسوف يطالبون بنصيبهم في دخل السودان الذي كانو يوما مصدر ثروته الاول
وانا بقول هذا الكلام لاني متربي وسط هذه الحواشات انا والدي يعمل مفتش قبل المعاش وهو
ابن مزارع ابن مزارع
نتمني ان يتغير الحال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: Abulbasha)
|
Quote: وأكرر لك بانني علي يقين تام من أن أهل السودان في الزمن القادم سيعودون بلاتردد للنهوض بمشروع الجزيرة وإمتداد المناقل |
العزيز ابو الباشا
تحياتي
يقول المثل
العرجاء لمراحههاواتمني ان لا تطول عرجتناء
قرات الموضوع مرتين وذلك لأكثر من سبب
اولها انا مزارع وابن مزارع ولد وتربي و ترعرع بين سرابات و اناقي و حواشات ذلك المشروع العملاق.
ثانيا لان اهلنا في السودان تضرروا كثيرا بما لحق بذالكم الصرح.
ثالثا اتابع بكثير من الاهتمام كتاباتكم كلها و خصوصا الفنية منها.
رابعا(وهذا امر شخصي وهذا ليس مكانه ) ولكن قلب الاسم في راسك شويه!!!!!!!!!!!!!!!.
علي العموم اتمني ان ياتي اليوم الذي نري فيه مشروع الجزيزه اخضرا كما كان.
مع تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: Abulbasha)
|
Quote: وتقلص دخل صادر القطن من مئات الملايين من الدولارات إلي سبعين مليوناً فقط في عام 1999م إلي أن إنهار المشروع بالكامل بعد أن ظلت وظيفة المدير العام يتم التعيين لها من أصحاب الولاء - عديمي الخبرة - من خارج إطار المشروع ، وكلهم قد فشلوا فشلاً بائناً في إنقاذه مما دعا أصحاب التخصيص والتحرير في المركز لتكوين اللجان لدراسة إمكانية خصخصة وبيع هذا المشروع العملاق ( بأثمان بخسه) كما تعطلت إثر ذلك كل المصانع المحلية التي كانت تشتري موادها الخام من أقطان مشروع الجزيرة وتحولت تلك المصانع إلي ماكينات هامدة وتشردت العمالة واصبح سكان ولايات الجزيرة وحيواناتهم يتسولون لقمة العيش من خشاش الأرض ومن دواوين الزكاة ومن تحويلات المغتربين الذين هربوا من البلاد زرافات ووحدانا بعد أن سدت كل سبل الكسب أمامهم وهم يرون أهليهم تسوء أحوالهم المعيشية ، |
أستاذنا صلاح الباشا .. التحايا النواضر ..
شكراً للمقال الجميل والذي تحدثت فيه عن أهم مشروع زراعي في السودان .. وكيف شاخ هذا المشروع وتدهورت حالته حتى أصبح على ما آل إليه الآن .. بفعل السياسات الخرقاء التي تتبعها معه الحكومات وخصوصاً الحالية .. والتي تمارس فيه ضغط كبير على المزارعين وأهل المشروع .. تاره ببيعه وخصخصته ومره بفرض رسوم وضرائب باهظة على مزارعيه .. والأخطر وضع أشخاص يديرونه من غير أهل الإختصاص يعني من الموالين فقط .. دون مراعاة للمصلحة العامة وأهمية المشروع بالنسبة للسودان .. وقد شهدت في الفترة الماضية إنتخابات إتحاد المزارعين .. وقد كانت بالجد مخجلة كشفت العقلية التي يدار بها السودان وهذا المشروع الحيوي ..
ومعك نتمنى أن ينهض المشروع كسابق عهده ..
ولي عوده ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: معتصم دفع الله)
|
الأخ الزميل بابكر حامد سلام ... وشكرا علي المداخلة ، أما بخصوص الإطماء فهذه هي المعضلة التي أشرنا إليهافي سياق المقال حين ذكرنا بأن إعادة التأهيل لهذا المشروع الإستراتيجي تتطلب تطهير الترع والقنوات ، بمعني أن الطمي والحشائش هي التي تعوق إنسياب الماء للري ، لأن كميات كبيرة من الماء تتبخر بفعل الإنسداد وعدم الجريان ، وبالتالي يصيب العطش الرزاعة الأخ ولياب ، شكرا ليك ، وأعتقد ماضرب مشروع الجزيرة وإمتداد المناقل قد إمتدت آثاره إلي كافة المشاريع الزراعية الأخري ، ولعل العودة للإهتمام بالزراعة هي المنجاة لبلادنا من الفك المفترس القادم حين تذهب كل موارد بترول هجليج إلي الجنوب في حالة أن نتائج الإستفتاء لتقرير المصير تنتهي بخيار قيام دولة مستقلة لأخواننا في الجنوب حسب شروط نايفاشا، وبالتالي سنطضر إضطرارا إلي العودة للبحث في الدفاتر القديمة كالجزيرة والسكة حديد .. وبقية المشاريع التي كانت تستر حال أهلنا وتعمل علي دوران عجلة الحياة بالسودان كله ولكن قصر نظر فلاسفة الإقتصاد بالخرطوم ساعد علي ضياع أجمل ما نملك ونفاخر... ولكن ماذا عسانا نقول كما قال صديقنا الشاعر الدبلوماسي محمد المكي إبراهيم: ياكنيسة الرب .. مافي القلب في القلب ، وأتمني أن جد وقتا لشرحها في بوست مستقل لاحقا, أما عن حروفك الندية ياصديقي معتصم فإن أهل الإنقاذ قد أحسوا مؤخرا بأن وقت أفول البترول قد أزف .. برغم أن شعبنا تعسرت أموره بعد ظهور البترول الذي كان وبالا في إرتفاع قيم الأشياء ( بيوت- أراضي - سيارات - كلفة معيشة ) حين إزدات الشقة بين الأغنياء والفقراء... وربنا يفرجها .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: Abulbasha)
|
أخي الاستاذ أبو الباش مشكور جدا على هذا المقال خلااااااااااااااص نسينا هذا الجرح العميق واكبر كارثة انسانية أولا لعموم أهل السودان قاطبة - واقتصادية ثانيا وأزيدكم من الشعر بيوت هل تعلم أن كثير من قرى المناقل والجزيرة هجرها أهلها بعد جفت الأرض وهلك النسل والحرث ؟ وأن آليات مشروع الجزيرة المملوكة للمزراعين والتي كانت تحت إدارة (الري) لم يتبقى منها شيء بجميع مناطق المشروع ابتداء من (114) ودمدني مرورا بالحصاحيصا وودالقرشي ، وأن سكك حديد الجزيرة التي كانت تربط أقصى مناطق المناقل غربا مثل سقدي ووالواحة وحتى الباقير شمالا ومارنجان في الوسط لم يتبقى فيها ولا كيلو متر واحد صالح للاستعمال ؟ وهل تعلم أن محالج مارنجان والحصاحيصا والباقير ربما يتم بيع مواقها لأي تاجر ؟ ويا حسرة مصانع فتح الرحمن البشير (شرف العالمية) وغزل الحاج عبد الله ، ونسيج الحصاحيصا والزيوت ، والصابون ووو ، ويا حسرة شباب وشابات الجزيرة بعد أن فقدوا وظائفهم وأصبحوا (دراويش) يلبسون الجلباب الملون ويسهرون كل يوم في زاوية أحد الشمايخ بودمدني وما جاورها تناسيا للماضي وملئا للفراغ - ويا خسارة مواطن ومزراع المشروع ذلك الإنسان الشامخ الكريم الذي خرج من كل هذا الماضي بأمراض بالبلهارسيا والملارياوظل يتسول ديوان الزكاة والتأمينات الصحية أملا في الحصول على ( كورس حبوب أو حقنة)تطفيء نار حمى الجسد الهزيل والآن بدلا من التفكير في الإصلاح وإاعادة التأهيل نجدهم يستمرون في تجديد ولاية الوالي وتعيين المحاسيب والتخبط في إدارة ما تبقى من أفدنة زيادة في ديون الدولة في موادجهة المزراع - تمشيا مع سياسة النزع التي تمت صياغتها بموجب قانون مشروع الجزيرة الأخير ونساءل الله أن يجعل كيدهم في نحرهم وأن يعجل برحيلهم أنه سميع الدعاء يارب ولكم الشكر أخوكم الشفيع مصطفى الدمام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشروع الجزيرة ... الماضي و الحاضر والمستقبل المجهول (Re: Alshafea Ibrahim)
|
يا سيدي الشفيع السلام عليكم يا شيخنا لا تيأس ، فكثير من الأمم ضربها الفقر والمجاعات ، ثم نهضت بتفعيل الخيار اليدمقراطي الذي يمنع الفساد ويحارب المفسدين بالرقابة المفتوحة وبالحريات التي تكشفهم دون وجلل أو خوف من رقابة أمنية ظالمة ، ودونك الهند العريق يمليار سكانها وزيادة ، فقد تحولت بعد العوز والفاقة والقحط إلي أكبر منتج للغذاء والتكنولوجيا في العالم لذلك فإننا ومعنا الأجيال القادمة لن نفرط في هذا المشروع بأفدنته المليونية عالية الخصوبةوالتي سوف يحيلها الزمن القادم إلي قطن كثيف وإلي حقول تشتعل قمحا ووعدا وتمني ، نعم يا الشفيع فإن الزمن القادم لن يكون فيه هوس أو مهووسين ، لن تكون فيه أيادي قابضة بقسوة علي الرقاب ، فالحرية قادمة قادمة بكل عنفوانها ... وحينذاك ستكون الجزيرة قبلة المستثمرين ولكن بشروطنا نحن أهل السودان نعم ... لن تضيع الجزيرة بأصولها عالية الثمن ، وكل شيء سيعاد تعميره ، وستكون للزراعة في هذا البلد الجميل الأولوية القصوي ... وسيختفي سماسمرة البترول من الوجود إلي غير رجعة .. ويكفي النهب الذي حدث في تعدين البترول بالسودان حين نهبوا منا سبعين بالمائة من إنتاجه ، هؤلاء الذين نقول عنهم أصدقاء كالصين وماليزيا مع تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
|