غادر حمدي ... نقد إقتصادي

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 11:26 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة صلاح الباشا(Abulbasha)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-13-2002, 04:51 AM

Abulbasha
<aAbulbasha
تاريخ التسجيل: 02-27-2002
مجموع المشاركات: 805

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
غادر حمدي ... نقد إقتصادي




    غادر حمدي للمرة الثانية …

    وترك الألم يعتصر خاصرة الشعب (1- 2)



    بقلم صلاح الباشا
    [email protected]

    مواصلة لما إنقطع من حديثنا الذي تم نشره قبل شهور عديدة في حلقاته الثلاثة عند إستلام السيد حمدي لحقيبة المالية في مايو 2001م الماضي للمرة الثانية بعد مضي عقد من الزمان علي رحيله الأول والتي كانت تحت عنوان (تحرير الإقتصاد السوداني بين الحقيقة والخيال) بصحيفة الرأي العام..… وقد جاء النشر متزامناً مع صحيفة أخبار العرب الإماراتية في أبوظبي حسب طلبهم ..والرأي العام –الصحيفة- يضع لها أهل السودان في شتي المهاجر عبر الإنترنت وداخل الوطن معزة خاصة - ليس بسبب موضوعيتها وحياديتها فحسب - و لكن بسبب جرأتها المنضبطة وإيمانها العميق برسالتها التنويرية ومفهومها لأهمية إتباع أدبيات جديدة تتيح لأهل السودان فرصة الإسهام بآرائهم مهما كانت قسوتها لدي البعض طالما كانت تتخذ الموضوعية في مفاصلها دون إسفاف أو سوء قول وطالما كانت تنحاز إلي قضايا شعبنا عبر تاريخه الحديث..

    فإن عدنا مرة أخري لموضوعنا القديم من سلسلة مقالاتنا التي لم تكتمل دائرتها بعد في هذا المجال .. فإننا نري أن مسألة تحرير الإقتصاد وخصخصته والذي في تقديري كان شعاراً فيه حجم كبير من التضليل المنهجي بما أثاره من تغبيش للرؤيا .. خاصة وأن عتمة الليل لا زالت تغطي سماء الحياة السياسية بلادنا .. فلم تكن هنالك خصخصة بالمعني الأكاديمي والعملي في بيع المؤسسات العامة ولبنوك المملوكة للشعب بالطرق العلنية المعروفة .. بل كانت كل المسألة خاضعة للإجتهادات العشوائية المحدودة كنوع من التعلق بالقشة التي ربما يرون أنها تخرج الوطن من غياهب النفق المظلم ..وكل ذلك أتي نتاجاً لعدم توفر المجالس الإقتصادية المتخصصة .. وعدم وجود البرلمان القوي والمتعدد الأفكار .. فلا فرق حالياً بين البرلمان وبين الحزب الحاكم .. لأنهما (وجهين لعملة واحدة) … حيث لم تتوفر بالبلاد الكوادر المؤهلة والتي غادرت الوطن إلي غير رجعة بسبب قرارات (التطفيش المتعمدة) التي مارستها السلطة بقسوة مخجلة جداً لا يمكن نسيانها في التاريخ السياسي السوداني قديمه وحديثه ..ولم يحدث مثلها في تاريخ البشرية كلها وليس في السودان فحسب .

    وقد أصبح فلاسفة التحرير لا يلتفتون إلي إستغاثة أصحاب الرأي بكتاباتهم المتواصلة في الصحف .. ولعل شعار أصحاب القرار هنا هو (ال0000ينبح و0000 ماشي) .. والدليل علي ذلك هو ما ظلت تكتبه كل الصحف تقريباً في خفايا وأسرار تخصيص بنك الخرطوم العريق وتحويله إلي أشياء غير مفهومة بعد .. علماً بأن الكل بات يعرف ماهو (بنك الإستثمار المالي) الذي أصبح يسيطر علي بنك الخرطوم الآن ولمن يتبع .. وكيف إمتلك مع غيره وبقدرة قادر (في عتمة الليل البهيم) وبمساعدة بعض المتنفذين كل أصول وشهرة وعراقة ونجاحات بنك الخرطوم الذي كان يسمي قديماً (باركليز بنك) .. لكن عزاءنا أن كل تلك التدابير لن تخرج من ذاكرة الشعب .. صدقوني .. لن تخرج .. وسيعود بنك الخرطوم ومعه كل أصوله إلي خزانة الشعب يوماً ما .. (صدقوني في ذلك) وليستعد المشترين والبائعين منذ الآن لتجهيز دفوعهم .. ربما يطول ليل الإنتظار .. لكن في نهاية الأمر سيصبح الصبحُ.. وبالتالي لن يكون هناك سجان .. لأنه اًصلاً لن يكون هناك سجن بإذن الله.

    أما إذا تحدثنا عن الإصرار علي تهميش أصحاب الرأي النابع من الحرص علي مصالح البلاد الإقتصادية من هذه الهجمة المريبة المتسرعة .. يعتبر – بالطبع – إستخفافاً بعزائم ورؤي وإشفاق حملة لواء التنوير من شعب السودان علي مقدرات بلادهم .. الشيء الذي يضع بعض القوم أو كل القوم – لافرق- .. تحت دائرة المساءلة ..حتي وإن طال الزمن .. لأن مسألة شعار أن يجعل المتنفذون (جلودهم تخينة) قد إنكشف أمرها .. وهذا ما يؤكد للميديا العربية حالياً خوف معظم المتنفذين من مسألة الحل السياسي الشامل وعودة الحريات (كاملة الدسم) لجماهير شعبنا .. فيجب أن يفهم الناس أن سياسة (عفا الله عما سلف) لن تتكرر في دائرة السياسة السودانية من وجهة نظر الشرع السماوي وحتي الوضعي أيضاً .. وكذلك من وجهة نظر الأجيال القادمة التي أصبحت ملمة بكافة تفاصيل التجاوزات النابعة من بعض ضعيفي النفوس في كل مرافق الدولة وولاياتها .. وكل شيء سيعود سالماً غير منقوص إلي شعب السودان ولو طال الأجل .. فالشعب حتماً قد أصبح معلماً كبيراً وعريقاً في الصبر علي المكاره .. ولكن هل سيتعلم المخطئون مثل هذا الصبر في ذلك اليوم الذي نراه قريباً في الأفق تلوح بشائره .. أرجو ذلك !!!

    سئل منافس الرئيس موغابي في إنتخابات الرئاسة التي جرت مؤخراً في زمبابوي : ماذا ستفعل بالرئيس موغابي إن فزتم بمقعد الرئاسة .. فرد قائلاً .. لن ننتقم منه .. لن نمنعه حق الإستمتاع بالحياة. ..لكننا في نفس الوقت لن نسمح له بأخذ أموال الشعب معه (ولا تعليق !!)

    علماً بأن (الإنبطاح) الحالي أمام القوي الأجنبية - وهي قوي ينقصها الذكاء - لن يقود إلي مخارج أمام المساءلة الشعبية .. ولن تخلق للنظام أعماراً جديدة إن أردات القمادير التغيير الإيجابي ..فذات القوي الأجنبية ستنهزم وتفاجأ أمام التيار الشعبي مثلما إختلطت أوراقها في إسبوع الإنتفاضة عام 1985م .. ذات القوي الأجنبية ستفاجأ..فالتاريخ دائماً يعيد نفسه بذات المؤثرات .. وبذات الملامح ، خاصة بعد أن فقدت الدولة عطف ومؤازرة التيار الشعبي العريض الذي بدأ يتجه إلي قواعده وأشواقه الحزبية القديمة بسبب ضياع الأمل الذي كان ينتظره من رجال الإنقاذ الذين بدأوا – كالعادة – متجردين .. ثم سرعان ما بدأ التفاخر والتطاول في البنيان وفي تعدد الإمتيازات .. وصولاً إلي تعدد الزوجات صغيرات السن . وقد لاحظنا أخيراً أبحاث و إعترافات المرجعية الإسلاموية الكبيرة بالخطأ الكبير الذي أدخلت الحركة الإسلاموية نفسها فيه في يونيو 1989م.. بالرغم من تأخر هذا النقد الذاتي… فحقاً إن شعبنا – كما يقول العرب- هو أكبر حقل للتجارب السياسية المراهقة في العالم.

    فإذا تحدثنا عن مسألة سلسلة إنهيارات الرعاية الطبية والعلاج المجاني ، فإن الأمر هنا يطول ، ويكفي مشهد العديد من النساء والشيب من الرجال حالياً وهم يحملون روشتات الدواء ويتحركون بها وسط الناس في مواقع العيادات والصيدليات في كل المدن طلباً للمساعدة في شراء دواء منقذ للحياة أو أمبولات كلوروكين او كينين أو مضادات حيوية للأطفال الذين أنهكهم المرض الناتج من سوء التغذية 0 وعلي ذكر مسألة التسول لطلب الدواء هذه ، نود هنا أن نسرد واقعة محددة ربما تكون مقياساً لأشياء عديدة ، وهي: أنني قد إستمعت شخصياً في لقاء إجتماعي بحت ومحدود جداً بالخارج إلي زعيم سياسي وقيادي ورقم كبير جداً في حزب كبير (خالص) .. عاد للبلاد .. قال لنا ذلك الزعيم في جلسة مجاملة ودية قبل سنوات قليلة بالدوحة: أن السودانيين بالخارج قد (ذلـُّوا) بضم الذال – أي صاروا مذلولين- فقد أصبحوا يبيعون أعضاء من أجسادهم للمرضي المقتدرين وبثمن بخس جداً خارج الوطن كي يعيشوا فقط !! وهنا…لا نضيف أي تعليق علي هذه المذلة !!!!

    نقول.. لذلك لم يشر أصحاب تلك السياسة الخصخصاوية السودانية إلي الفوائد التي جناها الناس من تحرير الدواء والعلاج الحكومي المعروف بمجانيته في كل دول العالم بلا إستثناء، فهل تحسنت أحوال الناس الصحية أم تعقدت وتدهورت ، أليس ذلك إستغفالاً أن نقول أن أحوال الناس الإقتصادية جيدة ، حيث كان منطقهم يستند علي أحوال دوائر مغلقة من المحظوظين في الأسواق .

    وإن عدنا لمسألة عدالة توزيع السلع الإستهلاكية (أيام زمان) يجب علينا في هذا المقام أن ننظر إلي تجارب العديد من الدول من حولنا ، فقد رأينا كم كانت البطاقة التي توزع بها السلع عن طريق التعاونيات قد لعبت دوراً كبيراً في مصر عبدالناصر – مثلاً- رغم غياب أدبيات التعدد عندهم آنذاك ، حيث ظلت الأسعار للسلع الإستراتيجية اليومية في مصر رغم كثافة سكانها وضيق مساحات أراضيها وتوقف العون العربي والغربي عنها في ذلك الزمان ، ظلت أسعار السلع علي هدوئها وإستقرارها لسنوات طويلة ولم يحدث تأزم طبقي بائن في حياة المجتمع ، ولكنها خلقت لمصر قاعدة صناعية كبيرة وسط العالم الثالث وكان ملايين الشباب يجدون فرص التعليم المتقدم المجاني الذي أتاح لبلادهم توفر أعداد ضخمة من العمالة الشابة في كل التخصصات ،وإنتشرت المساكن الشعبية للجماهير ، وحافظت الإيجارات علي معدلها الهاديء ولذلك لم يتأثر دولاب العمل بل أصبحت مصر من أحسن الدول التي تعيش إقتصاداً متوازناً مابين دخول الناس وأسعار السلع والخدمات0 وتقاربها في ذلك سوريا الشقيقة برغم حالة الحروب الممتدة التي عاشتها مصر وسوريا منذ عام 1948م وحتي عام 1973م ، ورغم سياسة الإنفتاح التي أتت لاحقاً عقب وفاة الرئيس عبدالناصر ، إلا أنه كان إنفتاحاً مرشداً تم ضبطه والسيطرة عليه منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي ولم يترك مفتوحاً علي مصراعيه إلي مالا نهاية ولم يتم بيع البنوك العامة لشلليات محدودة مثل ما حدث للبنك التجاري العملاق بالسودان 0

    وعليه ، فإننا نري أن الآثار الإجتماعية السالبة والناتجة عن تلك السياسات التحريرية للسوق السوداني والتي ظهرت وستظل تظهر في السنوات القادمة بالسودان ستكون خير دليل علي عدم السيطرة علي آليات إقتصاد السوق ، لأن النقلة التي تمت في الإقتصاد السوداني من حركات تعاونية وعدالة في توزيع السلع المعيشية ببطاقة التموين إلي إقتصاد ترتفع فيه أسعار السلع والخدمات من دون أن يصاحب ذلك أي تطور في حركة حياة الناس ومداخيلهم الإقتصادية من حيث الأجور وتوفر فرص العمل وإتساع رقعة التصنيع والزراعة والإنتاج الحيواني ، مع ما صاحب ذلك من تشريد مكثف لقطاعات فنية وإدارية مؤثرة في حركة دولاب العمل فإنعكس كل ذلك علي تدني مستوي الأداء في دواوين الدولة ومشاريعها المختلفة متلازماً مع عدم وجود بدائل في مؤسسات السوق الخاص لإستيعاب تلك الكفاءات التي تم فصلها من الخدمة متلازماً أيضاً مع عدم وجود فرص عمل جديدة لمئات الآلاف من الخريجين في مختلف المراحل. كل ذلك أدي إلي فشل تلك السياسات الإقتصادية التي أذاقت الناس الأمرّين ، مرارة الحرمان من توفر السلع بالسعر الهاديء ومرارة إنعدام فرص العمل للخريجين مع ماصاحبه من تراكم الغبن في نفوس المبعدين من الخدمة وأسرهم حيث لم تفلح تلك السياسات التحريرية في توفير فرص العمل في المشاريع بالقطاع العام أو الخاص ، وعدم تواصل مايسمي بتوارث وتواصل الخبرات الإدارية والمهنية بين الأجيال المختلفة في قطاعات الدولة بسبب الإنقطاع الذي نتج عن الهجرة القسرية للكوادر المهنية في كافة التخصصات والتي لن تعود بالطبع نظراً لخوفها من بروز مغامرين جدد يعودون بالناس إلي نفس الدائرة الجهنمية 0 ونرجو ألا نستخدم نجاح التحرير والخصخصة في شركة سوداتل كنموذج لنجاح سياسات التحرير كلها بالرغم من أن مجموع الأصول الثابتة والمتداولة للمؤسسة العامة للإتصالات السابقة لم يلازمها التقييم الفعلي والحقيقي لقيمتها السوقية قبل خصخصتها، مع تقديرنا الكبير جداً لكل نجاحات إخوتنا الشباب والشيوخ من المهندسيين والفنيين والإداريين في سوداتل العملاقة ، لأننا هنا نتحدث بمنطق تقييم الأصول الثابتة لممتلكات الدولة ، وليس بمنطق توجيه أي ملاحظات إقتصادية علي أداء سوداتل ، فنحن لانتجني علي جهود الغير ولانبخس الناس أشياءهم ، و سوداتل تعتبر من المؤسسات الناجحة أيضاً في العالم الثالث كله ، وقد أصبح شعب السودان بالداخل والخارج يعيشون حالياً نعمة نجاحاتها في هذا التواصل الشخصي والتقني والإعلامي الضخم ، ومن ضمنها إرسال هذه المقالات بالبريد الإلكتروني عبر الإنترنت إلي هذه الصحيفة في غمضة عين ، وهي نموذج متميز للخصخصة لا غبار عليه مطلقاً، ولكن معالجة أمر العمالة السابقة بالإتصالات ترك بصمات سالبة في أدب الخصخصة الذي كان سائداً ، فكانت القسوة هي المنطق آنذاك0

    أما إذا عدنا إلي الخدمة المدنية وربطناها بسياسة تخفيض العمالة بقطاعاتها المختلفة حسب منطق أدبيات سياسات التحرير في مرافق الدولة، نود أن نذكر مدي التدهور الذي حدث للخدمة المدنية سواء في المشاريع الإنتاجية أم في الخدمات الصحية والفنية وفي التعليم العالي وذلك بسبب عدم قدرة وكفاءة (أصحاب الولاء) الإيديولوجي – الرساليين -الذين جيء بهم من كل حدب وصوب حتي من خارج البلاد ومنهم من دخل مع الزحمة وهو لايفهم في الحياة شيئاً أو غير مقتنع حتي بالفكرة الإيدولوجية الإنقاذية السائدة (أصلاً لا توجد فكرة منهجية للإنقاذ) .. ولكنها فرصة عظيمة لأؤلئك القادمين لمليء الوظائف يجب عليهم إقتناءها ، ومثل هؤلاء قد أصبحوا أكبر خطر يومي ظل ينهش في جسد الوطن ويؤثر علي أداء النظام الإداري والإقتصادي وحتي الأمني بالسودان بعد أن تغلغلوا في كل مفاصل الدولة بكل مؤسساتها الإنتاجية و حتي الأمنية وقواتها النظامية التي لم تعد قومية الوجهة ، مما قاد إلي ترهل واضح في الجهاز الخدمي والإنتاجي بالدولة نظراً لركاكة الخبرة بل وإنعدامها في أحايين كثيرة عند هؤلاء الجدد .

    أما إذا تطرقنا بسرعة خاطفة إلي المؤسسات الأكاديمية العليا ..فقد لاحظنا في سنوات ماضية في عهد الإنقاذ كيف ان مساعدي التدريس (المعيدين) في بعض الجامعات مثلاً في فترة من الفترات قد أصبحوا رؤساء أقسام يترأسون أساتذتهم البروفيسورات ، وكان هنالك مديرون لجامعات محددة يستفزون زملاءهم من رفاق الدرب الأكاديمي القديم بطريقة لا تمت إلي روح الزمالة ولا للعلم وأصوله وتراثه وأعرافه بأي شيء ، فأصبح العلم كبرياءً بدلاً من أن يكون تواضعاً جماً .. فدخلت الإيدولوجيات السياسية دور العلم بمثلما دخلته في سنوات حكم مايو الأولي ، ولم يكن ذلك العرف سائداً من قبل في مجتمعات التعليم العالي في تلك المؤسسات التعليمية الراسخة التقاليد عبر كل الأزمنة السابقة ، ورغم ذلك نجد مثل هذا النوع من الأساتذة الآن يرتادون وبكل (قوة عين) أخطر الأجهزة الإعلامية لإدارة برامج دورية للحديث حول التدين والطهارة وحسن المعاملة وتقديم النصح لشعب ناصح أصلاً .. بعد ذلك الإخفاق الذي لازم هؤلاء الأكاديميين في كل المهام التعليمية والتنفيذية الأخري (ولاة ولايات مثلاً) والتي أوكلت لهم بعد ذلك المسلسل الطويل والمخجل من الإضطهاد البائن الذي مارسوه ضد رفاق الدرب الأكاديمي في تلك المؤسسات الجامعية العلمية الرفيعة وقرارات الفصل الجائرة لكوادر علمية متخصصة مما إضطرها للهجرة إلي كل الجامعات في هذا العالم الواسع فوجدوا الترحيب منذ نزولهم من سلم الطائرة وقد فقد السودان بذلك أعز رجاله من العلماء في شتي المهن ، وتم سد النقص في تلك المؤسسات التعليمية السودانية بإستجلاب أساتذة من الخارج برواتب ضخمة تدفع بالعملة الأجنبية وبالمحلية معاً 00فتأمل!!

    ولا أدري كيف نتحدث حالياً عن إلغاء قرارات الفصل للصالح العام بعد إنقضاء تلك السنوات الطويلة ، ولماذا لا تعتذر الدولة للمفصولين ظلماً في المقام الأول عن كل ما سببوه لهم ولأسرهم من هم وغم وضيق وخسائر وضغط نفسي كان هائلاً جداً ، ثم بعد ذلك نترك لهم الخيار في أمر العودة ، أليس الرجوع إلي الحق فضيلة ؟؟ أم أن أخطاء السياسة المتعمدة لا تنطبق عليها أحكام وآداب الدين وفقه السنة المطهرة؟ ؟ ولماذا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعضه ، ولماذا لا يزال البعض علي كبريائه وتعاليه المؤقت برغم محدودية عمر الإنسان القصير في هذه الفانية ، ولماذا نفرش لأمريكا الدرب وروداً وياسميناً ورجاءات ، ونستكثر ذلك علي شعبنا المشفق علي أمر البلد أكثر من القوي الأجنبية المرعبة .. ولماذا لا نضع إعتباراً لمجمل علمائنا وخبرائنا وفنيينا المبعدين خلال أزمنة الغيبوبة السياسية التي صحونا منها مؤخراً إلي حدٍ ما .. 00(والحمد لله علي كل حال)، فمن كان يصدق في يوم من الأيام أن يتم نشر مثل هذه المقالات في عهد الإنقاذ .. وقد آن لنا أن نتذكر ما ذا حل بأصحاب القلم في يوم من الأيام من ضغط وتعذيب وإلغاء تصديق لصحفهم الجريئة الوطنية عندما جهروا بكشف الفساد وقد كان في بداياته الأولي ولم يعم القري والحضر بعد (ويا حليلك ياالسوداني الدولية) .. وياليتهم وقتذاك قد تداركوا وأدركوا ما تقوم به الصحافة كسلطة رابعة من أدوار تعين أهل الحكم لو أتاحوا لها مواعين العمل لإعانة الإنقاذ في إحتواء الفساد قبل أن يترك الحبل علي الغارب فيما بعد عندما – هاصت – المسألة وقد فاقت قدرات ديوان المراجع العام بكل عراقته.. فإختفت الصحف الجادة الطاهرة وإستمرت الصحف المروّضة وقتذاك بوضوح تام لا يخفي علي ذكاء أهل السودان اللماح خلا سنوات الإنقاذ الأولي .. وسوف تنداح وتتمدد دائرة الذكريات يوماً ما لأن الإنقاذيون لم يكنوا أذكياء بالحد الكافي الذي يضمن إستمراريتهم من جهة .. ويضمن نجاحات الفكرة الإنقاذية لتطور إقتصاد البلاد من جهة أخري .

    كما لاحظنا أيضاً أن بعض القادمين من أصحاب الولاء لشغل كل الوظائف العامة خلال سنوات الإنقاذ الأولي قد أهملوا الدور الإداري والميداني اليومي لحل مشاكل الجماهير ، فإنحصر جهد معظمهم في تحقيق أكبر كسب شخصي ذاتي في أقل زمن ممكن ، حيث أصبحوا يقلدون بعضهم البعض في الحصول بكل شراهة علي وسائل الحياة المرفهة من مسكن راق وسيارات حكومية فاخرة ..وقد كان معظمهم ينتمي إجتماعياً إلي طبقات فقيرة .. لم تحصل علي النعمة بتدرج طبيعي .. فحدثت الهجمة الشرهة للإمتلاك .. بغض النظر عن الوسائل والأدوات .. وفوق ذلك تراهم حتي اللحظة يلهثون للحصول علي سلطات وإمتيازات .. كما أن من أكبر عيوب الإنقاذ هي أن الكادر الذي يخفق أو يخطيء فإنه يتم نقله إلي موقع اخري .. فيمارس نفس الأدوار .. (لاحظوا حركات إنتقال كوادر الجبهة الإسلامية القديمة بين الوظائف العليا بالدولة) أي ما نسميه بالبلدي (الكنكشة) .. فضلاً علي خلط العمل الرسمي بالتجاري الخاص حيث يري البعض في النظام أهمية فتح مشاركات تجارية في سوق الله أكبر الهائص ، والإقتراب واللهاث خلف تمويل البنوك.0 والزوغان المتعمد من سداد المرابحات .. مما زاد في تعقيد مواقف ومراكز البنوك المالية فإختفت بعض البنوك من الوجود .. فمنها من إنقضي نحبها .. ومنها من ينتظر دورها في الإختفاء .. وقد تناقص سعر الفائدة لأسهم المساهيمن إلي أدني حد له في تاريخ المصارف السودانية علي إمتداد تاريخ البنوك في العالم أجمع .. ونتحدي المصارف أن تعلن تطورات أسعار فائدة السهم منذ إنشائها بالولار .. ومقارنة مع سعر السهم وقت شرائه في زمان مضي بالدولار ايضاً.

    ولا ننسي أن ما يسمي بسياسات التحرير وإنفتاح فرص الإستيراد التجاري من الخارج قد أضر ضرراً بليغاً بالعديد من الصناعات الوطنية المثيلة ، كما أن السلع التي تأتي إلي البلاد لم تكن سلعاً ذات تأثير علي دفع حركة التصنيع المحلي ، فلم تقدر مصانع النسيج مثلاً من منافسة القماش المستورد والألبسة كالفانلات الداخلية والقمصان وكذلك مصانع العطور والكريمات والأحذية وحتي الحلوي والبسكويتات أيضاً ، فقد أصاب صناعتنا كلها الكساد، مما قاد إلي إغلاق تلك الصناعات المحلية بالكامل لأبوابها وإنسحابها من السوق فتشردت علي إثر ذلك العمالة بالآلاف ، وترك كل شيء داخل الأسواق المحلية لسلع التهريب ولتجار الشنطة الذين تكاثرت أعدادهم سنة بعد أخري بعد أن إنسدت امامهم فرص التوظيف الحكومي وبسبب عدم إشباع الوظيفة (إن وجدت) لحاجات الشباب وتطلعاتهم المشروعة في العيش الكريم وتكوين أسرة كهدف طبيعي يظل يداعب خيالاتهم ، وكل ذلك كان نتاجاً طبيعياً لتلك السياسات الإقتصادية والتي لاندري لماذا يطلقون عليها سياسات تحرير الإقتصاد ، من أين جاءت هذه التسمية الغريبة ، حيث أن إقتصادنا كان محرراً بالكامل منذ الإستقلال ، ولم يكن إقتصاداً مقفولاً أو منغلقاً ، وهل عندما كانت الدولة في الماضي توفر أربعة أو خمسة من السلع الحياتية اليومية للمواطنين ببطاقة التموين بالتساوي وتدعم بعضها بالقليل ،وتعالج شعبها الفقير وتتيح التعليم لأبنائه البسطاء في معظمهم ، هل معني ذلك أن الإقتصاد غير محرر أو مغلق أو شمولي ؟ فهذا منطق تضليلي غريب جداً ، ولقد رأينا كيف كان يأتي التجار في ظل سياسات التحرير بالسلعة من الخارج عندما تكون نادرة الوجود ، ثم يتم تخزينها لفترة إلي أن تجف من الأسواق ، وبعد ذلك يتم طرحها في الأسواق بعشرة أضعافها ، أي والله ، بعشرة أضعافها ، فتتخاطفها الجماهير كل حسب قدرته الشرائية0وبالتالي يستمرأ المستورد هذه الطريقة التي تجعله مليارديراً مابين يوم وليلة ، وهو أصلاً لم يكن يدفع شيئاً في إستيرادها ، بل تم كل شيء بواسطة البنك عن طريق تسهيلات خاصة وبعلاقات أكثر خصوصية ،وقد كنا نجد التاجر هو عضو مجلس بنك مثلاً في نفس الوقت .. بل بعضهم في مجالس البنوك يكون تاجراً ووزيراً مركزياً وعضو إدارة بنك في نفس الوقت .. بل أصبح معظم الوزراء يأتون من وسط إدارات البنوك الإسلاموية .. وبعض أن يحصل التاجر المتنفذ مثلاً علي فرصة التمويل المصرفي .. نجده يتهرب من السداد .. أو إن قام بذلك فإن سداد المرابحة يتم بعد سريان سنوات طويلة .. أي بعد أن يتم تدويرالأرباح والمداخيل الجديدة عدة مرات في السوق ثم تعاد إلي البنوك بعد أن تكون قد فقدت قوتها الشرائية بسبب التضخم وتدهور أسعار الصرف الذي إستمر سنوات طويلة في السابق00 مما أدي إلي إنهيار مراكز البنوك المالية وضعف العائد من الأسهم .. ولذلك فقد ظللنا نقول أن ما كان يحدث ليس هو بسياسات تحرير إقتصادي مطلقاً ، إنما هي عبارة عن فوضي لم يتح أصحاب القرار الإقتصادي فيها وقتذاك للناس الفرصة لإنتقادها وكشفها في الوقت المناسب إلي أن إنتهي حال الإقتصاد الوطني إلي ماهو عليه الآن.. والكارثة العظمي هي أنه (لايزال الفيلسوف يتفسلف) بعد أن وضع أمر العباد والبلاد في هذا الموقف الإقتصادي الذي لا يُحسد عليه .. ولكن هل سيكون الفيلسوف قدر المساءلة القانونية الشعبية مستقبلاً .. هذا هو السؤال الذي لم يدر بخلده أو لم يستعد له بعد!!!

    وكنا قد أشرنا في حديث سابق بأن هنالك مجموعة من المشاريع الزراعية التي كان لها إسهامها الإستراتيجي في مسيرة الإقتصاد السوداني عبر تاريخه الحديث وتعتبر تلك المشاريع من أكبر المرتكزات الإقتصادية الصلبة في السودان بما تمتلكه من أصول ثابتة مرتفعة القيمة عبر كل الأزمنة ، إضافة إلي إكتساب وتراكم الخبرات الإدارية والفنية والحرفية بها ، فضلاً علي ما ظلت تقدمه من خدمات إجتماعية للمجتمع الذي تتواجد فيه فتنهض بالتالي بالأحوال المعيشية والصحية والتعليمية في ذات المناطق مما يقود إلي إستقرار السكان في تلك المناطق الجغرافية المحددة 0 ويأتي - بالطبع-علي رأس تلك المشاريع مشروع الجزيرة وإمتداد المناقل ، وكما يعلم العديد من الناس أن هذا المشروع قد تم إختيار موقعه الحالي عن طريق (شركة السودان الزراعية- Sudan Plantation Sendicate) وهي شركة قد تم تسجيلها في لندن في بداية عهد الإدارة الإنجليزية للسودان مع بداية القرن العشرين ، أي منذ بداية الحكم الإنجليزي المصري للسودان بعد دخول حملة كتشنر والقضاء علي دولة المهدية في موقعة كرري عام 1898م ومابعدها ، حيث كانت التجارب الأولي لتلك الشركة هي زراعة القطن تحديداً ، وقد تمت تلك التجربة بعد عدة دراسات جغرافية وطبغرافية حيث كان الإختيار قد وقع علي قيام المشروع في منطقة الزيداب ( غرب نهر النيل) في قلب منطقة الجعليين بالشمالية ، غير أن الشركة الزراعية إكتشفت فيما بعد أن الرقعة الزراعية هناك ضيقة ومحدودة وغير قابلة للتوسع نظراً للإمتداد الصحراوي الذي يحيط بالمنطقة من جهة الغرب ، وكانت الكمية المنتجة من الأقطان بمشروع الزيداب الزراعي لا ترضي طموح الشركة الزراعية ، فلم تكن تكفي حاجة المصانع الإنجليزية في لانكشير وليفربول وليدز حيث تتركز صناعة المنسوجات التي كانت بريطانيا العظمي تشتهر بها في أسواق العالم في ذلك الزمان فجاءت فكرة البحث حول نقل التجربة إلي منطقة الجزيرة المروية الحالية نظراً لإتساع الأراضي وإنبساطها وخصوبتها وجودتها ، وهي كما نعلم (تربة طينية) خصبة لوجودها بين النيلين الأزرق والأبيض ، فضلاً علي وقوع الجزيرة المروية داخل حزام منطقة السافنا حيث يتوفرهطول الأمطارالتي تستمر طوال فصل الخريف لفترة ثلاثة أشهر في السنة ، وأيضاً لتوفر إمكانية إنشاء سدود (خزانات) لحجز المياه علي النيل الأزرق لخلق نظام الري الإنسيابي (ترع وقنوات) ، وهنا أتت الإستفادة من شيئين ، هما فتح ترعة رئيسية من الخزان(في سنار) لتمر عبر أراضي مشروع الجزيرة كي تتفرع منها ترع وقنوات صغيرة لري الأراضي وتتوغل داخل الأراضي الزراعية (الغيط) ، والشيء الثاني هو لتوليد الطاقة الكهربائية المائية من خزان سنار ، ومن المعروف أن الطاقة المائية هي من أرخص أنواع الطاقة في إنتاج الكهرباء.. ونواصل ،،،،،، 0



                  

05-13-2002, 06:49 AM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18779

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غادر حمدي ... نقد إقتصادي (Re: Abulbasha)

    إحتكــار واعفــاءات
    وقعت وزارة المالية مع الشركة السودانية للاتصالات المحدودة (سوداتل) عقداً تم بموجبه احتكار الاستثمار في مجال خدمات الاتصال لسوداتل ولمدة خمسة عشر عاماً ، كما تضمن إعفاء الشركة من الضرائب والجمارك طيلة سريان العقد ، مع تضمينه جملة اعتراضية تمنح الوزارة حق التخلي عنه كل 5 سنوات .
    إن سلطة نظام الجبهة لم تكتف بالتخلي عن هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي من خلال سياسات التحرير فحسب ، وإنما عملت من خلال هذا العقد إلى حماية الشركة من المنافسة التي تعتبر من دعامات سياسة التحرير ، وتقديم تسهيلات جديدة لها ، بالاعفاءات الجمركية والضريبية ، علماً بأن الشركة بعد أن تلقفت التصفية ، اعتمدت على رأس المال الذي كونته من المشتركين قبل أن تستهل تقديم الخدمات لهم . وبموجب هذا العقد تكون الشركة قد ضمنت احتكار هذا القطاع لتتصرف فيه كيفما تشاء ، سيما وأن الشركة مساهمة حتى الآن في ثلاث شركات (الهاتف السيار "موبيتيل" ، والانترنت "سودانت" ، والنداء الآلي "هواتف") بالإضافة إلى مساهمتها في شركة الثريا (الإمارات) وشركة داتانت المحدودة ، وشرعت في تنفيذ اتفاقيات خارجية مع شركة كوميتل ، ومع السعودية لتنفيذ الكيبل البحري جده – بورتسودان ، مما يجعل الإعفاءات الممنوحة للشركة معبراً لتبديد موارد البلاد والإثراء على حساب مصالحها
    هذا وقد أعلنت الشركة تعاونها مع بنك الاستثمار المالي ، الذي يرأس إدارته عبد الرحيم حمدي (المنظر والمدافع المستميت عن سياسات التحرير) ، عبر مؤتمر صحفي 12/4/2000م عن خطة تستهدف استثمار حوالي 620 مليون دولار لتحقيق أرباح قدرها 505 مليون دولار !! . ومما يجدر ذكره ، أن القيمة التي تتقاضاها سوداتل من المشتركين مقابل خدماتها تعد أعلى قيمة مقارنةً بنظائرها في المنطقة ، رغم الاعفاءات الضريبية والجمركية الممنوحة لها ، مما كان يقتضي تقديمها بأقل الأسعار .
    http://www.elhadaf.net/hadaf39.htm
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de