حوار مع أدونيس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 05:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة محمد علي الفاضلابي(mohammed alfadla&fadlabi)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-06-2003, 09:40 PM

mohammed alfadla
<amohammed alfadla
تاريخ التسجيل: 10-06-2003
مجموع المشاركات: 1589

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوار مع أدونيس

    حوار مع أدونيس
    مارغريت أوبانك وصموئيل شمعون
    حوار العيون



    (الطفل الذي كنته)
    ولدت في سنة 1930 في قرية فقيرة وبسيطة اسمها قصابين، في منطقة اللاذقية قرب مدينة جبلة. قرية تذكر ببدايات الخليقة: أكواخ من الحجر والطين سميناها بيوتا وسط يتمازج فيه الشجر والبشر، وليس جسد الإنسان إلا الشكل الآخر لجسد الطبيعة.

    كان طين بيتنا يتشقق موسميا، وكنا، في كل موسم، نكسوه بطين جديد، لكي يقدر أن يصمد في وجه المطر والريح والزمن. السقف: قضبان خشبية تغطى بنبات شوكي، يغطى بالتراب، ومن ثم تكسى بالطين لكي لا يخترقه المطر. مع هذا كثيرا ما كان المطر يتسلل عبر شقوق غير منظورة، ويسقط نقطة نقطة فوق رؤوسنا جميعا، أبي وأمي واخوتي، وفي جميع أنحاء البيت، فيما نجلس للراحة أو للطعام أو فيما ننام.

    هكذا نشأت كأنني شجرة أو نبتة. ولم يكن البيت إلا حاجزا واهيا بيني وبين عشب الطبيعة حين تعصف أو تمطر، أو رضاها حين تهدأ وتصحو.

    كان بيتا ضيقا. لذلك أقام أبي سريرا من خشب واسعا ننام فيه جميعا، على أعمدة عالية من الخشب. كان هذا السرير بيتا صغيرا داخل البيت، ودون أن يأخذ من مساحته شيئا، إذ كنا نستخدم المساحة تحت السرير لأغراض كثيرة. وفي الشتاء البارد كانت تنام تحته بقرتنا الوحيدة الطيبة، وصديقها ثورنا الوحيد الذي كان هو أيضا طيبا. كنت أذهب كل يوم حافي القدمين إلى معلم القرية، الشيخ، أي ما يسمى ."الكتاب"، لأتعلم القراءة والكتابة.

    كان يجلسني قربه، ويضع في قدمي الرأس المقوس لعكازه، كأنشوطة تمسك بي وتحول دون أن أغافله وأهرب إلى التسكع في الحقول، كما كنت أفعل، حينما تسنح لي الفرصة. حتى الثانية عشرة من عمري، لم أعرف مدرسة بالمعنى المتعارف عليه. فلم يكن في منطقتنا مدارس حكومية. وكانت أقرب مدرسة إلى قريتنا تبعد مسافة طويلة لا يقدر طفل في سني أن يجتازها مرتين، يوميا.

    وحتى هذه السن، لم أشاهد سيارة، ولم أعرف الراديو، ولا الكهرباء وطبعا، لم أعرف المدينة. وبدأت باكرا باكتشاف جسدي، في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة، حيث تلقنت درسي الأولى في كيفية اللقاء بين ذكر وأنثى. كان ذلك ليلا، في واد صغير، وراء القرية، وهي التي أخذتني إليه. بعد هذا الحدث، صرت، أحيانا، أدعك جسدي بأعشاب الأرض، وألامسها كأنني ألامس جسد امرأة.

    بعد أن أنهيت تعلم الكتابة والقراءة عند شيخ قريتنا في "الكتاب"، قرر أبي أن يرسلني إلى تلك المدرسة البعيدة. وأطمأن، رغم قلق أمي، إلى أن تلميذا آخر يكبرني سنا سيذهب معي. كان هذا التلميذ ابنا لمختار القرية، يوسف الكعدي، وكان اسمه عباس.




    صداقة النهر


    وفي أحد أيام الشتاء، عدنا من المدرسة إلى قريتنا، تحت مطر هائل لم ينقطع، طول الطريق. وصلنا مع غروب الشمس إلى النهر الذي يفصل بين قريتنا والقرية التي توجد فيها المدرسة واسمه نهر الشدة وكان كمثل البحر يهدر طائفا عباس لا. لا تنزل. النهر عميق. سيغمرنا بالماء. سنغرق. الأفضل أن ننتظر ربما توقف المطر، وخف الفيضان.

    - لا يزال هناك ضوء إذا حل الليل، لا يعود بإمكاننا العبور وربما ازداد الفيضان. إنه يجيء من مطر الجبال، لا من هذا المطر الذي ينهمر علينا. نعبر الآن، أو تعود إلى المدرسة.

    كان الوقت غروبا، تكاد كثافة الغيوم أن تساويه بالليل. وكنا عائدين، عباس وأنا، من أقرب مدرسة إلينا في قرية يفصلها عن قريتنا هذا النهر، نهر الشدة أو الشذة، لا أعرف. لم أكن رأيت من قبل مطرا مثلما كان في ذلك اليوم. لم أكن رأيت النهر في مثل فيضانه هذا. وكان عباس الذي يكبرني ببضع سنوات يريد، كما خيل، أن يثبت شجاعته، لا أمامي، بل أمام قريتنا والقرى التي تجاورها. لم يصغ اليه أخذ ينازع تموج النهر، يقدم رجلا، ويؤخر الثانية، كأنه يفحص اندفاع المياه وقرار النهر. وبدا المطر غزيرا ملحا ينهمر من غيوم تكاد أن تلامس أكتافنا، في صخب هائل من الرعد.

    - لن نغرق. هات يدك. امسك بي جيدا. لا تخف. لم يكن لي خيار. أخذت يده، ولم أكد أمسك بها، وأضع قدمي في النهر حتى رجني الماء. وأخذ يغمرني، حتى صدري، حتى كتفي، حتى عنقي. أسلمت نفسي للنهر، وليدي عباس. ، قليلا، ونصل إلى الضفة الثانية. قليلا. لكن الفيضان كان يعلو. والمطر يشتد. لم أصدق أننا وصلنا إلى الضفة الثانية. وحين تجاوزنا الخطر، ووضعنا أقدامنا فعلا في الجهة الأخرى من النهر، فوجئت بعباس يصمت، ويمتلئ وجهه بملامح غريبة لا تعرف أهي خوف أم فرح أم مزيج منهما معا. كأنه أدرك لتوه أن عبورنا النهر كان نوعا من جنون الطفولة البريء. كأنه أدرك أننا نجونا من الموت بقدرة ليست فينا. كأنه تدارك تهوره: كيف لم يحسب أي حساب للنتيجة الأخرى التي كانت ممكنة جدا، عنيت الغرق والموت؟ نجونا. وغرقت كتبنا ودفاترنا وكان وصولنا إلى القرية عيدا.

    هذا النهر الذي كاد أن يأخذني معه إلى سرير النوم الأبدي، هو نفسه الذي كان يأخذ أيام طفولتي بين أحضانه، غدرانا، و مغاور، صخورا وأعشابا، أشجارا ونباتات كانت الألوان على ضفافه تتنوع وتتدرج، وكنت أمنحها عيني كأنني أمنحها للحلم كنت أشعر أن وجودي بينها ليس إلا صورة، مزيجا منها جميعا. كانت طفولتي تنسما لمجرى النهر، لضفافه، ولما حولها، ولما تحتضنه. كان طيف يمسك بيدي، ويجري معي، نجلس تارة على صخرة، ونخوض تارة مني مائه المحمول على بساط من الحصى والرمل وكنا نتمرأى في غدرانه، وننظر بشغف إلى أسماكها الصغيرة، ونمد أيدينا نحوها، إليها، ونحسب أننا نحول الماء نفسه إلى طست كبير تلعب فيه مع أيدينا.



    بيني وبين الطبيعة لغة ورسائل

    في أيامنا، وليس عهدها بعيدا، كان الفلاحون في القرى يحسنون الإصغاء إلى كلام الطبيعة. كانت شجرة الزيتون من بين كلماتها الأكثر قربا إلى الطبع والى القلب، والأكثر ألفة. تمد حروفها كمثل الغصون بين يدي التراب أقواسا خضراء حانية يتداخل رأسها وعنقها وصدرها في نسيج واحد: كأنها غيمة بقدمين موغلتين مني أعماق التراب. لا تحب الوحدة، تؤثر أن تندرج في جملة، وأن تكون في جمع. وتزهو بقدر ما يكثر حولها الأصدقاء. وهي نفسها تحيا في معجم الطبيعة بلا عناية، تقريبا. منذ أن تمسك جذورها بصدر أمها الأرض، تتولى هي رعاية نفسها وتربيتها تكتفي بقليل من الضوء الذي تمنحه الشمس، وقليل من الماء الذي يجود به الغيم وتعرف كيف تدافع عن نفسها، ضد العواصف خصوصا: تصنع من غصونها شباكا لصيد الرياح. فيها، يجد الفلاح ما يشبه حياته، معنى ورمزا. وكثيرا ما يفيء إليها، في لحظات التعب، ويتكئ عليها، متمتما في ذات نفسه: بالزيتون، أقسم الخالق وتظل أبدا في ردائها الأخضر. صيفا شتاء، ربيعا خريفا. لا تشحب ولا يتغير لونها. لا يسقط ورقها. وفي موسم عطائها، تتدلى ثمارها في عناقيد، خضراء، سوداء. كل حبة نهذ صغير. غابة من النهود. أنوثة كونية.




    بيـت الـنار

    لم يكن عندنا في البيت الذي شهد ولادتي، مطبخ كما هي العادة في البيوت اليوم كان المطبخ في الهواء الطلق. أمام البيت. قرب العتبة. كانت القدر كمثل قربان يرفع إلى الأفق. هذا في الفصول أو الأيام التي لا تعرف المطر والبرد. أما في الأيام الأخرى شتاء فكانت المدفئة داخل البيت تتحول هي نفسها إلى مطبخ نتجمع حول المدفئة. نمد أرجلنا في اتجاه دفئها. نصغي إلى نشيد الحطب يتصاعد في لهب أحمر. ننظر بشغف إلى القدر فوقه، تلبس السواد وتخبئ طعام يومنا قي حناياها،

    - انهض. يكفيك نوما. طلعت الشمس ، إنه صوت أبي. يهزني من كتفي، رافعا عني اللحاف. كأنه يقول لي "لا يكفي أن تقرأ الكلمات، أو أن تحفظها، وترددها. ينبغي أيضا أن تحولها إلى غيوم تمطر فوق الحقول"

    وفي كل صباح، عندما كانت أمي تهيئ لي زوادة المدرسة، وتكرر، فيما تقبلني، العبارة، اللازمة: "در بالك على حالك "، كنت أشعر، وأنا في طريقي إلى المدرسة "الكتاب"، أنها ترافقني. أنها، أحيانا، تجلس إلى جانبي. أنها كانت تمد يديها لتلمس الفضاء فوقي، أهو ندي، أم يابس؟ أهو مائل إلى الصحو، أم إلى التغيم؟ إلى الدفء والاعتدال، أم إلى البرودة؟ ولعلها كانت تضيف إلى ثيابي ثوبا آخر منسوجا من خيوط صلواتها.

    لا تزال راسخة في ذاكرتي صور من أشياء طفولتي في القرية. أذكر منها السرير الخشبي الهزاز الذي كان بمثابة رحم ثانية. تمثال للنوم واللعب في آن. ينام فيه الطفل لاعبا، ويلعب فيما ينام. سلة مستطيلة، بمقبض طويل، يوضع فيها الطفل كمثل ثمرة. رمز، مادي هذه المرة، للحياة والولادة. وهكذا حوله القرويون إلى لغز يتبارون في خفه: "شيء، لا شيء. له قدمان، ويمشي" ذلك هو السرير الخشبي الهزاز وكان يمشي على بساط صوفي أبيض، غالبا أو تخالطه أحيانا خطوط حمراء أو سوداء، كأنها صور عن خطوط اليد الق نسجته. وكان البساط يغار من السجادة التي لم تكن تفرش إلا للضيوف. كان الضيوف جزءا من العائلة، الجزء الذي يخترق رتابة العادة لهذا، كان يستقبل بما يخترق أيضا هذه الرتابة. كان يدخل إلى البيت كأنه ضوء من مكان آخر. ينور البيت، ويضفي على حضور العائلة ألق السرور والغبطة. وحين .يكون الضيف صديقا للعائلة، تشعر كأن بيتها تحول إلى حديقة من النور.

    أذكر أيضا حقل تبغ أمام بيتنا. وحقول قمح، قريبة إليه. وحسن الليمون. منذ طفولتي، تمرست بالعمل، فلاحة وزراعة، وحصادا. مرة، أخذ المنجل إصبعي، ولا يزال أثر ذلك الجرح واضحا حتى اليوم. وكنت أسابق البارعين في شتل التبغ. كان الشاتول كمثل قلم في يدي، والحقل كمثل صفحة بيضاء. وكانت شتلات التبغ بمثابة الكلمات. يا لتلك السطور، تتلألأ حميمة في كتاب العمر. وقد عرفت كيف أخطها بفضل التتلمذ على حسن الليمون الذي كان يعمل مع أبي في الفلاحة والزراعة والحصاد. حسن الليمون، ألمحه الآن يتكئ على المحراث أكثر انحناء منه. ظهره كمثل القوس، وعيناه أكثر نفاذا من السهام. كان صديقا، بين أقرب الأصدقاء، إلى المطر والغيم، الحقل والشجر. إلى البقرة والماعز، الثور والجدي. وما تبقى، في ذلك الفلك الحيواني الوديع، الصامت. كان يعمل، ويأخذ بدلا عن عمله، قمحا أو زيتونا، أو نتاجا آخر. لم تكن لأبي القدرة لكي يعطيه مالا نقدا. وهو نفسه كان راضيا بما يأخذه، وسعيدا. لم يكن مجرد عامل يساعد أبي. كان قبل ذلك صديقا محبا. وكان أبي يعامله كأنه عضو في العائلة. أذكر أيضا عين قصابين وكانت قريبة إلى حقل التبغ أمام بيتنا. من مائها، كنا نسقي مشاتل التبغ، وشتلاته عندما كنا نسلمها لأحضان الحقل. عين، تمثال ضوء وعتمة، طالع من أحشاء الأرض. أحاطها أهل قصابين بصخر، وبنوا فوقها قبة من الحجر، تظللها كطفلة تغطى، وقاية من الريح والغبار. عين ترى إلينا، فيما نشرب دمعها. أهي التي كانت ترانا، حقا، أم الجنيات الساكنة فيها، تختبئ نهارا، وتظهر ليلا؟

    عين تنبجس منها أيامنا وتسيل كأنها الماء. أذكر كذلك التنور. يمكن أن أنسى أشياء كثيرة في القرية، إلا التنور. ألأنني لا أقدر أن أنسى النار، أو أنسى الخبز الذي كان يخرج منه، وتسبقه إلينا رائحته الذكية كأنها آتية لتوها من السماء؟ وبين العين والتنور، بين الماء والنار، كنا، نحن الذين راهقنا، نستعرض نساء القرية، ثيابهن وألوانهن، وكيف يصففن شعورهن، ويتزين. ونتوقف طويلا طويلا عند صدورهن، وأعناقهن وأردافهن، وسيقانهن.

    لكن، أين هذه القرية الآن؟ حين عدت إليها، بعد خمسين عاما، شعرت كأنني أعود إلى نوع من الموت، محمول في ماء اللغة. شعرت كأنني صاعد على جبل من الريح. وما أتحدث عنه هنا ليس، إذن، إلا دخانا لا موقد له، وضيع ناره الأم. لا مادة تمسك ببصري: هل يكفي أن أتنورها ببصيرتي؟ صحيح، بقيت من هذه المادة أسماؤها، وليست الأسماء إلا أصداء، وأخيلة، وتوهمات. وهل يجدي أن نكتب التوهم؟ أم لعلي، في عودتي إلى القرية، عدت لكي أرى الأب الذي مات، دون أن أراه، دون أن أحضر مأتمه، وأشيعه إلى داره الأخيرة، لكي أراه ظلا لا يكاد أن يرتسم، يتنقل على الدروب إياها، تحت الأشجار نفسها، أو ما تبقى .منها بين الكتب التي كان يختارها لي، ويختزنها.

    على أوراقها التي تكسوها أنفاسه، وأنفاس الذين خطوها. أم أعود لكي أتفحص، شأن كثيرين غيري، ما نصيب الواقع، حقا، في الحياة، وما نصيب الذاكرة، وما نصيب التخيل؟ أم لكي أستعيد من جديد، توهما، جريان الزمن الذي ليفصلني عن مكان ولادتي؟ هل لكي أقارن بين قسمات وجهي وتجاعيد جسدي، وبين قسمات المكان وتجاعيد الوقت؟ هل لكي أستبق موتي وأراه عيانا عبر جريان هذا الزمان، فني الأشياء التي عرفتها طفولتي والتي تغيرت، ولم تعد هي هي؟ هل لكي أواجه موتي، مسبقا؟ أو لكي أرى تلك النقطة الغائمة، الهائمة التي تفصل بين الحياة والموت، وتصل بينهما في اللحظة نفسها؟



    المكان رحم اللغة

    كأنني أبتكر مكان ولادتي، كما أبتكر قصيدتي؟ والقصيدة لا تكتمل. كذلك المكان الذي ولد فيه الإنسان: انه هو أيضا لا يكتمل. هل أفاجـئ، أو أصدم أحدا، إن قلت: أتعجب ممن يزعم أنه يعرف نفسه؟ كيف أعرف نفسي/ فيما تبدو لي كمثل الأثير، أو كمثل خيط في غزل الشمس، أو كمثل الهواء، سائحا في الجهات كلها؟ كما خيل إلى أنني أقترب منها، أكتشف أنني أبتعد. وأعرف أنها ليست سرابا. إنها كمثل ضوء يسلمك، فيما تضل إليه، إلى ضوء آخر يسلمك هو نفسه إلى آخر. إلى ما لا ينتهي. وكل ما كتبته ليس، في ظني، إلا بحثا عنها: بحثا، وليس تعبيرا عنها. كنت أترصدها، أستقصيها، أكمن لها. وكانت تفلت دائما. كأن نفسي، كأن هويتي هي هذا البحت، أبدا.



    قراءة الشعر في ضوء قنديل شاحب

    أذكر أيضا قراءة الشعر العربي القديم، بعناية أبي وبسهره على تربيتي. كل ليلة قراءة. للشعر وحده. يحضر المتنبي (كان الأكثر حضورا). يحضر أبو تمام، البحتري الشريف الرضى. يحضر امرؤ القيس. المعري، لكن، نادرا. ربما لأنه كان "حكيما"، لا شاعرا، كما تعلم تقاليد التذوق، وكما يقول العارفون بشعرنا القديم. قراءة بصوت عال وأمام ضيوف يحبون السماع، وهم أنفسهم شعراء. يصغون إلى صوتك باهتمام، كأنهم يمتحنون ويقومون. يصغون إلى لغتك، نطقا، وتجويدا. يطربون غالبا. لم تكن تقرأ برأسك وحده. كنت تقرأ بقلبك، بحواسك، بجسدك كله. بعد السماع، يأتي امتحان الصرف والنحو. أعرب هذه الكلمة. هذا البيت. واذكر وجوه الخلاف، هذا أو هنالك ثم يأتي امتحان المعنى. ما معنى هذا البيت؟ هل أخذه الشاعر، أم ابتكره. ما المعاني الخاصة به في هذه القصيدة، وحده، دون غيره؟

    كل ذلك في جلسة بعد العشاء، في البيت الذي ولدت فيه، والذي يتكون من غرفة واحدة في ضوء قنديلي شاحب يغذيه زيت النفط، الذي حل محل زيت الزيتون. كل ليلة. تقريبا. تتكرر القراءة. مسرح مفتوح يكاد أن يحاذي ذلك المسرح الأول في رأس شمرا. قرب اللاذقية ، حيث ولدت الأبجدية.

    وكانت الكتب قليلة وكانت غالبا تستعار. وغالبا، لا ترد. كان من يملك في القرية كتابا يشعر أنه يمتلك ما هو أكبر من القرية. وكان مقامه في نظر الفلاحين يكبر ويعلو.




    الشعر سفر نحو العالم

    الشعر. سمعته أو قرأته أو كتبته، سفر. يوسع العالم، خارجا، وداخلا. وداخلا خارجا. تتوسع القرية فتحاذي تخومها تخوم البلد الذي نشأ فيه الشاعر. داخلا تتسع حدود الحلم والخيال والمعرفة. هكذا كان يؤكد القرويون الذين يمضون سهراتهم مع الشعر.

    - "غدا أسافر لزيارة الأصدقاء في قرية (يسميها). أو في قريتين (يسميهما). هل تأتي معي؟ تقرأ لهم شعرا. سوف يسرون بك، ويحبونك "

    وتكون القرية، غالبا، بعيدة علي، أنا الطفل الذي لم يكد يتجاوز العاشرة. لكن، أستيقظ مع أبي صباحا. نفطر خبزا وزيتونا، ونمضي. يسير أمامي. يضع عكازه وراء ظهره، ويشبك به ذراعيه. وإذ أتخيله الآن، يبدو لي في هيئة شخص مصلوب. أتعثر، ألتفت يمينا، شمالا، ورائي. أنظر إلى السماء. ألهو، أحيانا، وأتخلف عنه قليلا يلتفت ليتفقدني، ويقف ضاحكا - تعبت؟ "

    بلى، يولد الإنسان أكثر من مرة، وفي أكثر من مكان. ولادته الأولى من أبويه عمل الطبيعة. لا اختيار فيه. وربما بدوت مغاليا إذا قلت إنني، منذ طفولتي، كنت مسكونا بشعور غامض أن مكان ولادتي الأولى ليست مكانا لكي أنمو فيه، بل لكي أنطلق منه. شعور يقول لي: لن تجد نفسك إلا في مكان آخر، في أمكنة أخرى. كأن الإنسان لا يصبح نفسه إلا بالخروج منها. كأن تاريخ الإنسان هو تاريخ الخروج من نفسه. لكن، كيف أخرج، وأين؟

    لا أعرف كيف خطر لي أن أحلم حلم يقظة، أرسم فيه الطريق إلى دخول المدرسة. قلت الرئيس الأول للجمهورية الأولى لسورية بعد الاستقلال، سيزور منطقة اللاذقية، ضمن برنامج زيارته للمناطق السورية. سأكتب له قصيدة ألقيها أمامه مرحبا. وسوف تعجبه. وإذن سوف يطلب أن يراني. وسوف يسألني عما أريد. وسأجيبه: أريد أن أتعلم. وسوف يعمل على تحقيق هذه الإرادة، وهكذا تم حرفيا. أول حلم يحقق، كنت آنذاك في الثالثة عشرة من عمري. ومن ذلك اليوم، أحب رقم 13.





    المطر قارئ الشعر الأول

    كان ينهمر كأنه يصعد من الأرض السوداء الموحلة، أكثر مما يهبط من الغيم. جسدي تحته يرتعش كمثل عصفور لا يجد مأوى. وتنجبل قدماي بذلك الوحل الأسود. وتكاد قامتي أن تتحول إلى عمود راسخ في الأرض، لا تستطيع أن تتحرك. قدماي شبه حافيتين. كتفاي تنوءان. وثيابي غيوم سوداء تسيل مطرا. شجر، والرياح تمارس عنفها على أعناقه. وكان الشجر ينحني لهذه الرياح، ويظل عاليا.

    كان زعيم العشيرة التي أنتمي إليها، متسلطا عليها، كانها ملكه الخاص. يقرب هذا ويبعد ذاك. يجازي ذلك أو يثيبه، وينتقم من هذا أو يعفو عنه. وكان أبي على طرفي نقيض معه. لم يخضع له قط وظل حريصا على أن يبقى بعيدا عنه. غير أنه دفع الثمن غاليا غاليأ. وكان هذا الزعيم قد أعد استقبالا، قرب قصره، في دوير الخطيب، على الطريق العامة، احتفاء بالرئيس الأول للجمهورية الأولى في سورية، شكري القوتلي، بعد زوال الانتداب، ونيل الاستقلال. رفض أبي أن يحضر هذا الاستقبال، إمعانا منه في رفض هذا الزعيم، وكنت أنا قررت حضوره. لم أستشر أبي، بالمعنى الدقيق، وإنما أعلمته، وقرأت له القصيدة التي كتبتها. اعجب بها ولم يمنعني، ربما احتراما منه لرغبة أحس أنها قوية عندي، تنفيذا لفكرة خطرت لي، وأخبرته بها.

    -"وفقك الله"، هذا كل ما قاله لي، وهو ينظر إلي أترك البيت، شبه حاف، بالقنباز وبقية الزي القروي، وأنطلق تحت غيم كثيف أسود يكاد أن يلامس رؤوس الشجر. كان آلاف الناس يصطفون على جانبي الطريق. ولا أذكر كيف عرف زعيم العشيرة بأنني آت لألقي قصيدة، تحية لرئيس الجمهورية. وهو خبر سرى بسرعة وشاع بين الحضور. أذكر وجوها: كان في بعضها شيء من الفرح، وفي بعضها شيء من عدم الاكتراث، وفي بعضها شيء من الغضب والرفض.

    - "هو ابنه، إذن؟ أطردوه. لا أريد أن يبقى هنا. لا أريد أن أراه "، أخذ هذا الزعيم يردد هذه العبارات على حاشيته، بلهجة جادة، غاضبة. طردوني. بكيت. ماذا أفعل؟ هل أعود إلى القرية؟ كلا. سأتابع، وأحاول تحقيق ما صممت عليه. أذهب، إذن، إلى مدينة جبلة القريبة. سأصل إليها قبل أن ينتهي الاحتفال هنا. وفي جبلة، سأحظى دون شك بمن يساعد في. وأقرأ القصيدة. إلى جبلة. مشيا. عبر الحقول، وكان معظمها حديث الحراثة، لهذا كان المطر والوحل حليفين ضد قدمي، وضد سرعة الوصول، خوفا من أن يفوتني الوقت. وصلت. ولم أكن أقطر عرقا، بل مطرا. أين أذهب. من أرى؟ لا أعرف أحدا. من اللافتات التي تملأ ساحة المدينة، عرفت أن للبلدية شأنا في إعداد الاستقبال. إذن، أذهب وأرى رئيس البلدية، وأخبره، وأطلب أن أقرأ قصيدتي لرئيس الجمهورية. وكان يرئسها آنذاك، ياسين علي أديب - ماذا تريد يا ابني؟

    سألني رئيس البلدية، بنوع من الشفقة والاستغراب، وهو ينظر إلي، مبللا، شبه حاف، أرتعش، لكن دون أن يفارق البريق عيني. - أريد أن ألقي قصيدة أحيي بها رئيس جمهوريتنا.

    صمت. شعرت أن استغرابه زاد. شعرت كأنه يتساءل في ذات نفسه: كيف لهذا الطفل، وهو في هذه الهيئة، أن يلقي قصيدة أمام رئيس الجمهورية، في حشد حافل؟ تبسم قال بلطف: - طيب، اقرأها لي.

    تناولت القصيدة من صدري حيث أخبأتها حفاظا علمها من المطر، وأخذت أقرؤها أصغى، بانتباه قليلا. بانتباه. بحماسة. بفرح. ولم أكد أنهيها حتى قال بغبطة كبيرة - نعم سوف تلقيها.

    اتصل هاتفيا بشخص عرفت فيما بعد أنه القائمقام عبدالله الياس. أرسلني إلى مكتبه في السراي. دخلت المكتب. كان بللي قد خف، وعاد إلى وجهي إشراقه الطفولي المكتب قاعة كبيرة كانت تمتلئ بالموظفين الكبار و السراي. صمت ودهشة. ثم قال لي القائمقام: - "اقرأ القصيدة لنرى"

    قرأتها. استحسان و اعجاب. لكن حيرة كذلك في أمر هذا الطفل - "نعم ستلقيها"، قال القائمقام، بفرح أقل من فرح رئيس البلدية. ثم تابع - "اذهب الآن. انتظر في ساحة السراي. أمام المدخل مباشرة. عندما يجيء دورك في الإلقاء، سنناديك "

    لم أصدق. إن صح الأمر فسوف تكون الأعجوبة هذه المرة، أعجوبة واقع، لا أعجوبة خيال. سوف يكون التخيل هو نفسه الواقع. ساحة السراي. الناس صفوف متراصة على مدى النظر. لافتات، أعلام، صور: سقف عائم في وسط الساحة، مقابل الشرفة التي سيطل منها رئيس الجمهورية، ليرد على تحية مستقبليه ويخطب فيهم، نصب منبر خاص للخطباء. إذن، سوف أصعد هذا المنبر. سوف يملأ صوتي، أنا أيضا، هذه الساحة. ويصغي إليه رئيس الجمهورية نفسه. وبعد أن أنهي قراءة القصيدة، سوف يناديني، أنا القروي الطفل، لكني أقابله، هو رئيس المدن والقرى في البلاد كلها. وسوف يسألني: "ماذا تريد، يا بني، ماذا يمكن أن نقدم لك؟" وسوف أجيبه بعبارة وحيدة واحدة " أريد أن أدخل المدرسة، أريد أن أتعلم "

    هو ذا موكب الرئيس. أمواج من البشر تحيط به، منشدة هاتفة. يصعد إلى السراي يطل من الشرفة. تصفيق. هتافات. صمت. تبدأ خطب الترحيب. الخطيب الأول. الثاني الثالث. وآخرون نسيت عددهم وأسمائهم. وأنا؟ أهملوني، إذن؟ غيروا رأيهم. أكاد أن أنفجر، لكن حنقا وغيظا، هذه المرة. والناس، الآن، ينتظرون خطاب الرئيس. في هذه اللحظة، والرئيس يهم بإلقاء خطابه، سمعت من يقول لي، غاضبا "أهملوك. انه القائمقام "

    وشتمه. ولم أعد أذكر عبارة الشتيمة. أمسك بيدي، وصرخ بأعلى صوته، فيما كان الرئيس يبدأ خطابه: "يا فخامة الرئيس، هذا طفل جاء من أعالي الجبال، لكي ينقل إلى فخامتكم مشاعر أهل الجبل وعواطفهم. نرجوك أن تصغي إليه ". توقف رئيس الجمهورية، وأشار بالقبول. حضنني هذا الشخص، وكان رئيسا لدائرة الأحوال الشخصية في جبلة، وكان اسمها "دائرة النفوس"، وحملني، ووضعني على المنبر، وعرفت فيما بعد، أن اسمه عبد الرزاق المحمود. أحسست كأنني رئيس أخر. وبهذا الإحساس، قرأت القصيدة. كانت مفاجأة ضخمة. وصفق الناس إعجابا. وازداد إعجابهم حين أخذ الرئيس بيتا من القصيدة، استشهد به، وبنى عليه جزءا من خطابه. وعندما أنهى الرئيس خطابه، أخذ الناس يتدافعون حولي، فيما كان صوت يناديني "يريد الرئيس أن يراك"
    صعدت إلى السراي. حضنني الرئيس بحنان. قبلت يده
    - "ماذا يمكن أن نقدم لك؟ ماذا تريد؟ "
    - "أريد أن أدخل المدرسة. أريد أن أتعلم "
    - "سنفعل ذلك. اطمئن "
    بعد حوالي أسبوعين جاء الدرك يبلغونني:
    "أنت مطلوب لكي تذهب إلى طرطوس، وتدخل المدرسة"




    عندما أدونيس

    كنت حين اتخذت هذا الاسم : أدونيس، أتابع دراستي الثانوية في اللاذقية. وكنت في حوالي السابعة عشرة من العمر. كنت أكتب نصوصا شعرية ونثرية أوقعها باسمي العادي: علي أحمد سعيد، وأرسلها إلى بعض الصحف والمجلات آنذاك للنشر. لكن أيا منها لم ينشر في أية صحيفة أو مجلة. ودام هذا الأمر فترة. فاستأت وغضبت. وفي لحظة من لحظات الاستياء والغضب، وقعت في يدي، مصادفة، مجلة أسبوعية، لبنانية على الأرجـح، قرأت فيها مقالة عن أسطورة أدونيس: كيف كان جميلا، وأحبته عشتار، وكيف قتله الخنزير البري، وكيف كان يبعث، كل سنة، في الربيع.. الخ. فهزتني الأسطورة وفكرتها. وقلت، فجأة، في ذات نفسي، سأستعير من الآن فصاعدا اسم أدونيس، وأوقع به. ولا شك أن هذه الصحف والمجلات التي لا تنشر لي، إنما هي بمثابة ذلك الخنزير البري الذي قتل أدونيس. وفعلا كتبت نصا شعريا وقعته باسم أدونيس وأرسلته إلى جريدة لم تكن تنشر لي، وكانت تصدر في اللاذقية. وفوجئت أنها نشرته. ثم أرسلت نصا ثانيا، فنشرته على الصفحة الأولى، أرفقها المحرر بإشارة تقول: المرجو من أدونيس، أن يحضر إلى مكاتب الجريدة لأمر يهمه. فرحت حين رأيت النص منشورا، خصوصا حين قرأت الإشارة. فذهبت إلى مكاتب الجريدة. وعندما دخلت واستقبلني أحد المحررين بدا عليه أنه لم يصدق دعواي بأنني أنا أدونيس. فدخل مسرعا إلى رئيس التحرير وأخبره بحضوري. وحين دخلت إلى غرفة رئيس التحرير بدا هو أيضا كأنه غير مصدق. كان ينتظر شخصا بقامة رجل، فرأى أمامه قرويا، تلميذا بسيطا وفقيرا، وسألني:
    - هل أنت أدونيس، فعلا؟
    فأجبته:
    - نعم، أنا هو .
    ومن ذلك الوقت غلبني اسم أدونيس.
    أذكر لهذه المناسبة أن هناك أشخاصا كثيرين رأوا في اتخاذي اسم أدونيس موقفا عدائيا من العروبة والإسلام. وحولوه إلى وثيقة تؤكد اتهامهم لي بعداء كل ما هو عربي وإسلامي. وكان مواطن دمشقي سمى دار السينما التي يملكها قرب مقهى الهافانا الشهير، باسم سينما أدونيس، فأمرته السلطات المسؤولة آنذاك، بتغيير الاسم، وسميت سينما بلقيس. كأن بلقيس اسم عربي الأصل! ومؤخرا أرسل لي الصديق الشاعر حسين القهواجـي من تونس قصاصة من جريدة "الصريح" بتاريخ 998/7 /8 تحمل الخبر التالي نصه: "ذهب أحد المواطنين قبل أيام قليلة إلى إحدى بلديات الضواحي القريبة من العاصمة تونس لتسجيل ابنه الذي ولد أخيرا. ولكن قابض الحالة المدنية رفض تسجيل المولود الجديد بدعوى أن الاسم فيه بعض الشذوذ، وليس من الأسماء العادية المألوفة. ولما قال له هذا المواطن: إن اسم أدونيس من الأسماء العربية التي دخلت لغتنا العربية، وإنه اسم أحد كبار الشعراء العرب المعاصرين، تمسك قابض الحالة المدنية بموقفه، وقال له: إن هذا الاسم لا يحمله أي تونسي ولذلك، سامحني عاد !". ولم يقتنع المواطن وأصر على تسمية ابنه بأدونيس، وقرر الذهاب إلى المحكمة، وعدم استخراج بطاقة ولادة لابنه إلى أن تبت المحكمة في الموضوع".

    في دمشق يمنع الاسم باسم العروبة والإسلام، وفي تونس يمنع بحجة أنه غير مألوف. هكذا يحارب بعضنا حتى الألفاظ حتى الكلمات. والحق أنني لم أكن اعرف حين اخترت هذا الاسم، أنه ينطوي على رمز الخروج من الانتماء الديني، القومي، إلى الانتماء الإنساني، الكوني، وأنه سيثير مثل هذا العداء في الأوساط الدينية، القومية. ولئن كان الأمر كذلك، فإن على هذه الأوساط أن تحذف آلاف الكلمات من معجم اللغة العربية، ومن لغة الحياة العربية اليومية، وأن تحذف كذلك عشرات الكلمات التي وردت في القرآن الكريم، والتي ليست من أصل عربية لكن بالمقابل هناك اليوم عشرات العرب الذي يسمون أبناءهم باسم أدونيس، من عدن حتى بيروت. لم أر المدينة. لم أعرفها بتفاصيلها، شوارع، وآثارا قديمة، ومعمارا. لم أزر المتحف. لم أزر الجامع الأموي، ولا القلعة. كانت دمشق بالنسبة إلي مجرد غرفة ضيقة يعيش فيها طالب قروي يريد أن يتعلم. وكانت الكتب، وبعض القاعات قي الجامعة، ومكاتب جريدة "الجيل الجديد"، ا وبعدها جريدة "البناء" حيث عملت محررا أدبيا، وبعض بيوت الأصدقاء، وهم أقل عددا من أصابع اليد الواحدة. كانت دمشق قريتي الثانية. لم تبهرني، بوصفي قرويا يجيء من قرية فقيرة نائية، ليعيش فيها، هي العاصمة. لذلك لم تؤثر قي، بوصفها مدينة. أمضيت فيها حوالي ست سنوات، 1950، 1956 والآن، وبعد مرور أكثر من أربعين عاما، أعرفها بالتذكر. أستعيد حياتي فيها، وأتعرف عليها، عبر هذه الاستعادة. كانت دمشق، بالنسبة إلي، تاريخا، كانت زمانا، لا مكانا.

    __________________________________
    عن مجلة (عيون) فصلية ثقافية تصدر عن منشورات الجمل
    السنة الثالثة - عدد6 السنة الثالثة 1998- ليون - ألمانيا

                  

11-07-2003, 02:53 PM

mohammed alfadla
<amohammed alfadla
تاريخ التسجيل: 10-06-2003
مجموع المشاركات: 1589

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع أدونيس (Re: mohammed alfadla)

    up
                  

11-07-2003, 06:06 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع أدونيس (Re: mohammed alfadla)

    شكراً فاضلابي لنقل الحوار
                  

11-07-2003, 09:24 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع أدونيس (Re: mohammed alfadla)

    شكرا فاضلابي لنشر هذا الحوار الممتع
    اذكر- ياجندرية- انني اقترحت على صديقنا يوسف علي بابكر في اليمن ان يسمي ابنه ادونيس.
    وفعلا تقبل اقتراحي.
    وعندما ذهب لاستخراج شهادة ميلاد ابنه, سأله الموظف اليمني حول الاسباب التي جعلته يطلق اسما من اسماء الكفار على ابنه.
    هل ما زال يوسف باليمن؟
    مع خالص الود
    المشاء
                  

11-19-2003, 07:29 PM

mohammed alfadla
<amohammed alfadla
تاريخ التسجيل: 10-06-2003
مجموع المشاركات: 1589

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع أدونيس (Re: osama elkhawad)

    عفوا يا أسامة
    لك الود
                  

11-08-2003, 11:39 AM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع أدونيس (Re: mohammed alfadla)

    في عرف كتير من اهل اليمن البسطاء
    العلماني اخس من الكافر
    ربنا ينير العقول يا اسامة
    لسه منطقتنا دي قدامة وقت طويل جداً
                  

11-08-2003, 05:15 PM

mohammed alfadla
<amohammed alfadla
تاريخ التسجيل: 10-06-2003
مجموع المشاركات: 1589

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع أدونيس (Re: mohammed alfadla)

    عفوايا أسامة ويا جندرية
    الواحد عجبوا الكلام وقلتا الاخوان لازم يشاركونا الحلاة دي
                  

11-11-2003, 09:43 PM

mohammed alfadla
<amohammed alfadla
تاريخ التسجيل: 10-06-2003
مجموع المشاركات: 1589

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع أدونيس (Re: mohammed alfadla)

    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de