وثيقة :- نحو مخرج ديموقراطى من الازمة الوطنية الراهنة

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2024, 01:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ضياء الدين ميرغنى الطاهر(altahir_2&ضياء الدين ميرغني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-10-2003, 01:39 AM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وثيقة :- نحو مخرج ديموقراطى من الازمة الوطنية الراهنة

    نحو مخرج ديموقراطى من الأزمة الوطنية الراهنة
    مقدمة :-
    تشهد بلادنا طوال الفترة الأخيرة ، تطورات سياسية هامة لها تأثيرها الكبير فى الوضع السياسى القائم وفي مستقبل البلاد ، وشملت هذه التطورات مجالات الإقتصاد والسياسة والحرب الأهلية . وبحكم إتساعها وعمقها ، فقد أدت هذه التطورات الى تغييرات أساسية وحاسمة فى الوضع السياسى العام وفى دفع الأزمة الوطنية الجارية في البلاد الى طور جديد يهدد وجود الكيان السودانى نفسه ، ويعرّض سيادته ووحدته الوطنية للإنتهاكات الخارجية والتمزق والتفكك الداخلى . كما أدت الى تفاقم ازمة الفئة الحاكمة نفسها مما يفتح إمكانيات واسعة أمام قوى المعارضة السياسية والعسكرية. كل ذلك يضع بلادنا في مواجهة إحتمالات خطيرة ترتبط،من جهة أخرى ، بمجمل تطورات الوضع العربى والقرن الأفريقى ووسط القارة الأفريقية وأستراتيجية قوي الهيمنة الغربية الولايات المتحدة ، الهادفة الى السيطرة على منابع النفط ومصادر المياه وفرض تسوية مذلة للقضية الفلسطينية الخ... . وفي هذه الوثيقة سنتابع أهم تطورات الوضع السياسى في بلادنا ومناقشة تأثيرها في حركة الصراع السياسى والإجتماعى ، بكل إحتمالاتها المتوقعة ، وبما تطرح من مسؤوليات وواجبات على القوى الوطنية الحيّة فى المجتمع وقوى المعارضة السياسية بشكل عام، ومع تقديرنا لأهمية التطورات الأقليمية ، العربية والأفريقية ، والدولية وتأثيرها فى الوضع الداخلى إلاّ أننا سنركز على التطورات الداخلية ، وذلك لأنها تمثّل المدخل الرئيسى فى تفاعلات وتداخلات العوامل الخارجية كما أنها تشّكل الأساس لمواجهة مخططات قوي الهيمنة الدولية فى نفس الوقت . وحزب البعث عندما يطرح تصوره للوضع السياسى فى هذه الوثيقة فإنه لا يطرحه ككلمة نهائية، بل كأساس للحوار والمناقشة المفتوحة مع كل القوى الأخرى ، فى إطار التجمع الوطني الديموقراطى ، بهدف الوصول الى تصور مشترك وخطط عملية موحدة تمّكن قوي المعارضة السياسية والإجتماعية من القيام بمسؤولباتها ، وذلك لأننا نعتقد أن ما يواجه السودان فى هذه المرحلة من تحديات ومشاكل يتطلب تضافر كل الجهود المخلصة لمواجهة هذه التحديات بجدية ومسؤولية ، ولأننا نرى أن التجمع الوطنى الديموقراطى أصبح يمثل إطارا شاملاً لكل قوى المعارضة السياسية والإجتماعية ، واساساً لبناء جبهة وطنية عريضة تستهدف بناء سودان ديموقراطى موحد ومستقل وفاعل فى محيطه العربى والافريقى والدولى.
    الشرعية المفقودة والطريق المسدود
    لقد جاء إنقلاب 30 يونيو 89 لتقويض الديموقراطية وقطع الطريق أمام عملية السلام الجارية وقتها على اساس إتفاق الميرغنى/ قرنق ، وبهدف إنقاذ حزب الجبهة الإسلامية القومية من هزيمة كاسحة ، بعد أن عزل نفسه عن إجماع القوى السياسية والنقابية ، الجنوبية والشمالية ، ووضع نفسه فى مواجهة ميثاق الديموقراطية والسلام وحكومة الجبهة الوطنية المتحدة ،وهو ، كإنقلاب ، جاء فى عموميته على نمط الإنقلابات العسكرية التقليدية فى السودان ، ولكنه تميّز عنها بإرتباطه بحزب عقائدى يرفع شعارات إسلامية، وبإستفادته من تجاربها ودروسها ، ولذلك قام حزب الجبهة تحت لافتة هذه الشعارات ، بفرض أشرس نظام دكتاتورى فى تاريخ السودان الحديث كإمتداد طبيعى للانظمة الدكتاتورية العسكرية السابقة ، وبالذات النظام المايوى . وإذا كانت الشعارات العزيزة التى رفعتها هذه الأنظمة قد تحولت الى دكتاتورية إستبدادية ، وخراب إقتصادى وإجتماعى ، وتهديد للوحدة الوطنية ، وتفريط فى السيادة الوطنية وتبعية للأجنبى ، وتخريب لعلاقات السودان الخارجية مع دول الجوار العربى والأفريقى .. إذا كانت تلك هى نتائج سنوات الأنظمة الدكتاتورية السابقة ، فإن حصاد إنقلاب يونيو فى سنواته السابقة يفوق سلبيات وإخفاقات الانظمة السابقة ، بل هو إمتداد لسلبيات النظام المايوى فى أسوأ سنواته الاخيرة (87_85 ) . والحلقة الشريرة ، التى ظلت تعيشها بلادنا طوال سنوات ما بعد الإستقلال بين الإنقلاب والديمقراطية ، لم تكن لعنة من السماء بل كانت ، بشكل رئيسى ، نتيجة لضعف التقاليد والثقافة الديموقراطيتين لدى النخبة السودانية عموما ولضيق بعض الفئات السياسية والإجتماعية بالديموقراطية والحريات العامة ، واصرارها على تقويضها والإنفراد بالسلطة واحتكارها في مواجهة إتساع الحركة الجماهيرية الديموقراطية وتزايد نفوذها وتأثيرها . وهذه الحقيقة تؤكدها طبيعة الفئات التى نفذت إنقلابات 58 ، 69 ،89 ، وحقيقة أن التجارب الديموقراطية تكاد تكون محطات إنقطاع بين الأنظمة العسكرية التى سيطرت على أكثر من ثلاثة أرباع فترة ما بعد الاستقلال وحقيقة أن نضال الحركة الجماهيرية طوال سنوات ما بعد الإستقلال وحتى الآن ظل يركز على الحريات العامة واستعادة الديموقراطية وترسيخها..
    وفى مؤتمر الدفاع عن الديمقراطية ، فى اكتوبر 1985 لخصت القوى السياسية والنقابية ، ومن ضمنها حزبنا ، حزب البعث ، هذه التجربة وأكدت رفضها لأى إنقلاب عسكرى ، أيا كانت شعاراته ومصدره ، وأكدت ضرورة الدفاع عن التجربة الديموقراطية والعمل على تطويرها بما يمكنها من البقاء والإستمرار وترسيخها وتوطينها فى الواقع السودانى ، فإذا كانت الانظمة العسكرية تعمل على الإستفادة من دروسها وخبراتها بهدف ضمان إستمرارها فمن الأولى أن تتعلم قوى الديموقراطية من خبراتها وتجاربها من أجل وضع حد للدوران فى حلقة مفرقة وبناء تجربة ديموقراطية راسخة ، بدلا من تكرار التجارب القاصرة والعاجزة .
    إن إنقلاب حزب الجبهة لا يختلف جوهريا عن الإنقلابات السابقة فى عموميات طبيعته الإجتماعية وفى توجهاته السياسية والإقتصادية وذلك رغم الإختلاف الظاهرى فى الشعارات .. فقد رفع الإنقلاب شعارات عزيزة على شعبنا لكنه اعتمد على نفس مرتكزات الانظمة الدكتاتورية السابقة ، مع تشابه متزايد بين الفترة الاخيرة للنظام المايوى والنظام الحالى ، وطور اساليبها وخبراتها بما يمكنه من البقاء والإستمرار . فقد ارتكز الخطاب السياسى لنظام 30 يونيو والجبهة القومية الإسلامية ، طوال السنوات السابقة ، على محورين اساسيين هما: تشويه التجربة الديموقراطية وتضخيم سلبياتها وتحميلها اخفاقات السياسة السودانية فى فترة ما بعد الإستقلال ، وتقويض الاسس الفكرية للنظام الديموقراطى وإعتباره (سلعة غربية مستوردة لا تتناسب مع واقعنا وعقيدتنا ) وذلك بهدف خلق تبرير لمشروعية إنقلابها واحتكارها للسلطة ، دون تقديم بديل مقنع أو حتى تقديم منجزات مادية يمكن الترويج لها دعائيا كمبرر للتضحية بالديموقراطية والحريات العامة . أما المحور الثاني فهو طرح شعارات الإنقاذ والشريعة والإكتفاء الذاتى والمشروع الحضارى وغيرها، بهدف خلق قاعدة واسعة من التأييد الشعبى وربط إمكانية تحقيق هذه الشعارات ببقاء النظام ، وذلك ايضا ، دون أي تأكيد بقدرتها على القيام بذلك كما أثبت الواقع فيما بعد ، بل تدهور الحال الى أزمة وطنية شاملة .


    هذا هو الجزء الاول للتحليل السياسى الذي اصدره المكتب السياسى لحزب البعث السوداني في العام1999 نورده تابعا بهدف خلق اوسع حوار وطنى بين القوى السياسية والذى يحكم عمل الحزب وخطه السياسى الى الآن .
                  

09-10-2003, 11:46 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الجزء الثاني من وثيقة :- نحو مخرج ديموقراطى من الازمة الوطنية الراهنة (Re: altahir_2)

    .
    فى إطار هذين المحورين تدور كل مفردات خطاب السلطة السياسى ، بما فى ذلك الشعارات الإسلامية التى دخلت حلبة الصراع السياسى بقوة وعنف بقوانين سبتمبر 1983 فى عهد النظام المايوى ، ولكن النتيجة العملية تمثلت فى إستناد المجموعة الحاكمة الى نفس ركائز الانظمة الدكتاتورية السابقة ، المتمثلة فى الجمهورية الرئاسية بسلطاتها المطلقة ، نظام الحزب الواحد وروافده وقانون الأمن العام وحالة الطوارئ والقوانين الاستثنائية الاخرى ، وذلك بهدف إحتكار السلطة ، فحظرت نشاط الاحزاب والتنظيمات الاخرى ، واقامت اجهزتها الامنية بصلاحيات واسعة لقمع قوى المعارضة السياسية والعسكرية والإجتماعية ، وشملت إجراءاتها كافة اشكال القمع المادى والمعنوى ، ووصلت ذروتها فى إعدامات شهداء حركة 23 ابريل 1990 العسكرية المجيدة ، حيث اعدمت 28 ضابطا ، من خيرة العسكريين السودانيين ودون محاكمات وبطريقة لم يشهد لها السودان مثيلا فى كل الانظمة الدكتاتورية السابقة ولا حتى فى محاكمات ابطال ثورة 1924 ايام الإحتلال البريطانى، وبذلك كشفت طبيعة نظامها الإستبدادى وقدمته كبديل للديمقراطية ، وتحولت حملاتها على التجربة الديموقراطية الى مجرد تبرير لا معنى له ، إذ مهما كانت سلبيات النظام الديموقراطى لا يمكن أن يكون البديل نظام دكتاتورى يقوم على مزيج من تجربة المؤتمرات واللجان الشعبية الليبية ونظام الحزب الواحد وجوانب السيطرة السياسية الشمولية المشابهة ، ومهما كانت السلبيات لا يمكن أن تتم معالجتها بتقويض النظام الديموقراطى بكامله وهدم اسسه القائمة على احترام حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون وحق الشعب فى تقرير مصيره واشاعة الحريات العامة ، وعلى راسها حرية الرأي والصحافة وحرية التنظيم الحزبى والنقابى والتداول السلمي للسلطة وغيرها . ومن جهة أخرى ، فإن مشكلة الحكم فى السودان لا ترجع الى التجارب الديموقراطية ، بل ترجع الى سيطرة الأنظمة الدكتاتوية الثلاث لأكثر من ثلاثين عاما من مجموع سنوات ما بعد الإستقلال البالغة 42 *عاما ففى ظل هذه الأنظمة تفاقمت مشاكل البلاد حتى تحولت الى أزمة وطنية شاملة فى ظل نظام الجبهة الدكتاتورى ، وإتسعت الفجوة بين تطلعات الجماهير فى الحياة الكريمة وعجز الدولة عن تلبية هذه التطلعات خاصة بعد تخليها عن دورها الإقتصادى والإجتماعى وإرتباطها بالفئات الطفيلية .
    ولا مخرج من هذه الازمة إلاّ بإستعادة الديمقراطية وإشاعة الحريات العامة ومشاركة كافة القوى السياسية فى تقرير مصير البلاد . وإذا كان التوجه نحو الديموقراطية قد اصبح اتجاها عالميا بعد إنهيار المعسكر الإشتراكى وثورة الإتصالات والمعلومات ، رغم محاولة قوى الهيمنة الغربية إستغلال هذا التوجه لخدمة مصالحها واستراتيجيتها ، فإن ظروف السودان الخاصة تؤكد اهمية وضرورة الديمقراطية كمدخل رئيسى للمحافظة على وحدته الوطنية وتطوير أوضاعه الإقتصادية والإجتماعية ، وذلك بحكم واقع التعددية فى حركته السياسية وحيويتها ، وارتباط قضايا التغيير الإجتماعى بالديموقراطية واشاعة الحريات العامة ، وبحكم ضخامة وتعقيد ومشاكل ومهام مرحلة ما بعد الاستقلال ، وضرورات مواجهة الازمة الوطنية الشاملة الجارية فى البلاد ، ولأن تجربة حزب الجبهة نفسها قد أكدت استحالة حكم السودان بواسطة حزب واحد ، وأهم من كل ذلك لإرتباط الحركة الوطنية السودانية وحركة النهضة العربية الحديثة بمفاهيم الحرية والشورى والديموقراطية والتحرر الداخلى والخارجى . لهذه الاسباب لم ينجح الخطاب السياسى للفئة الحاكمة الحالية والانظمة العسكرية السابقة، فى تشويه التجارب الديمقراطية السابقة ولا فى تقويض الأسس الفكرية والضرورات العملية للنظام الديموقراطى فى بلادنا ، بل أدخل نفسه فى تناقض صارخ خاصة عندما فشل فى توسيع قاعدته الإجتماعية وفى جذب أي قوة سياسية مؤثرة الى جانبه . وعندما ربط نفسه بشعارات الشريعة والشورى والإنقاذ أستهدف فقط محاولة إحتكار الإسلام وفرض برنامجه على الآخرين وتبرير قمع قوى المعارضة الشعبية والعسكرية بمنطق دينى زائف ، ولكنه وجد نفسه فى تناقض كامل مع التراث العربى الإسلامى الزاخر بقيم العدل والحرية ،ومع والشورى التى تعنى مشاركة الأمة فى تقرير مصيرها . ولا طريق لتحقيق ذلك بغير الديموقراطية بمفهومها الحديث . كما وجد نفسه في تناقض صارخ مع سماحة الإسلام وارتباطه بالفطرة والتجارب الإنسانية المتطورة ، ومع تأريخ الإسلام وإنتشاره فى السودان وتاريخ حركة النهضة العربية الحديثة بتياراتها الإسلامية والقومية والديموقراطية واليسارية المناهضة للإستبداد والرجعية ، وهكذا بدأ كأن حزب الجبهة يحاول تطبيق نموذج ستالينى متخلف بشعارات إسلامية ، وهذا التناقض يجد تفسيره فى الطبيعة الإيدولوجية والإجتماعية للجبهة الاسلامية الحاكمة ، والفئات المرتبطة بها ، التى تدفعها الى إستغلال كل شئ ، بما فى ذلك معتقدات الشعب ، من أجل فرض سيطرتها على البلاد على حساب مصالحها وقيمها الدينية والإنسانية والقومية .


    كانت عمر سنوات الاستقلال 42 عاما وقت صدور الوثيقة في العام 1999
                  

09-12-2003, 02:12 AM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ج 3 من وثيقة :- نحو مخرج ديموقراطى من الازمة الوطنية الراهنة (Re: altahir_2)

    إن هذا التوجه يرتبط بالبنية الفكرية للفئة الحاكمة وحلفائها ، المعادية للديمقراطية والرأى الآخر ، بما فى ذلك التيارات الإسلامية الأخرى . ويرتبط ايضا ، بتكوينها الإجتماعى البرجوازى الصغير والمتوسط بعد التغييرات والتشويهات التى طرأت على هذه الشرائح الاجتماعية منذ السبعينات _ فهى تستند الى فئات الرأسمالية الطفيلية ودوائر من المثقفين والشباب وبعض القوى التقليدية والرأسمالية الريفية ، وهذه القوى التى ظلت تمثل السند الأساسى لحزب الجبهة فى الفترة السابقة . لقد استند حزب الجبهة حتى بداية السبعينات ، الى فئات من الموظفين والطلاب وبعض دوائر القوى التقليدية ، ونتيجة لمداخيل الإغتراب والارتباط ببلدان الخليج والسعودية ، بعد الطفرة النفطية ، وسيطرته على منظمة الدعوة الإسلامية والشركات المرتبطة بهاوعلى بنك فيصل والبنوك الاسلاربوية الأخرى ، وجدت هذه الفئات مداخل واسعة للثراء ودخول نادى الراسمالية السودانية والعربية . وبعد مصالحة 1977 إستفادت من وجودها داخل صفوف الطبقة المايوية لتركيز وجودها ومواقعها فى جهاز الدولة ومجالات التجارة والخدمات والجهاز المصرفى ، وكان لهذه التطورات تأثيرها فى تركيبها الإجتماعى وارتباطها بقوى الإنفتاح الإقتصادى والتوجه الدكتاتورى الرجعى فى السودان والمنطقة ، كما اشارت الى ذلك وثائق المؤتمر القومى الثانى عشر لحزب البعث (1992) ، وكان لها تاثيرها فى إرتباطها الحميم بالفكر الإقتصادي الراسمالى واللبرالية الجديدة ، وتخليها عن شعارات العدالة الإجتماعية والإشتراكية الاسلامية ، التى سادت فى فترة الديمقراطية الثالثة ، وسيطرة الأثرياء الجدد والاتجاهات الطفيلية على تنظيم الجبهة وبرنامجها السياسى . وبعد إنقلاب يونيو ظلت الفئة الحاكمة تعمل على تدعيم مواقع هذه القوى والشرائح فى جهاز الدولة والسوق والقطاعات الإقتصادية المختلفة . واذا كان مثل هذا الحديث يبدو غريبا فى سنوات سابقة ، فإن واقع الحال يغنى عن أى مقال، _ فالواضح أن شعارات الانقاذ والشريعة وغيرها أستخدمت لتلبية تطلعات السيطرة السياسية والإقتصادية من خلال جهاز الدولة واعفاءته وغيرها ، وأن هذه الشعارات تحولت عمليا الى خراب إقتصادى وإجتماعى وأزمة وطنية شاملة ، وفى ذلك لم يختلف دعاة ( الحل الإسلامى ) عن دعاة (الحل الإشتراكى) المايوى ، لا فى السلوك والممارسة العملية ولا فى مصادر برنامجهم السياسى _ وهذا وحده يكفى لتأكيد وحدة الاساس الإجتماعى والفكرى لقوى الإنقلابات والدكتاتورية فى بلادنا، وتناقض وإزدواجية هذه القوى بين شعاراتها وممارساتها العملية الإنتقائية والإنتهازية وبتركيبها الإحتماعى المتخلف وبنيتها الفكرية المعادية للديمقراطية والرأى الآخر والتراث الالعربى الإسلامى فى مجمله وتياراته العقلانية والمستنيرة بشكل خاص . على قاعدة هذه الركائز السياسية والإجتماعية قام حزب الجبهة بتنفيذ كامل برنامجه السياسى والإجتماعى فى البلاد ، إستنادا الى شعارات عزيزة على شعبنا _ ولكن الواقع قادر على كشف الفرق بين الحقيقة والوهم _ فبعد أن أخذت دورة العنف والقمع دورتها كاملة ، وبعد أن وضح رفض الواقع السياسى والإجتماعى لسياساتها وبرنامجها ، وبعد أن عكست الأزمة الوطنية الشاملة الجارية فى البلاد نفسها فى كل مناحى الحياة ، أُجبرت الجبهة القومية الاسلامية على التراجع أمام ضغوط الواقع الداخلى والخارجى ، ومنذ عام 94 بدأت تتحدث عن الإنفراج السياسى والوفاق والمصالحة الوطنية لتوسيع قاعدة الحكم كبديل لشعار (التمكين ) الذي ساد فى الفترة السابقة ، وذبك الى جانب شعارات تصفية المعتقلات وتوسيع الحريات العامة وإنهاء الحرب الأهلية بالحوار السلمى بدلا من شعارات الجهاد وغيرها ، ورغم أن الفئة الحزبية الحاكمة تحاول إرجاع هذا التحول فى موقفها الى أنه جزء من برنامجها للتحول من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية ، فإن الواقع يؤكد أنه جاء نتيجة لضغوط عدة عوامل محلية وخارجية ، يتمثل اهمها في الآتى:-
    تفاقم الأزمة الاقتصادية وتحولها الى ركود تضخمى خانق ، وإتساع الحرب الأهلية وأمتدادها الى الشمال وتورط السلطة فى تدويل مشكلة الجنوب والمشكلة السودانية وتحويلها الى أزمة وطنية شاملة ، اتساع العزلة الداخلية وصمود قوى المعارضة الداخلية فى وجه سياسات العنف والقمع وبروزها ، بشكل خاص ، فى إنتفاضات شعبية وطلابية وفى مقاطعة إنتخاباتها وأستفتاءاتها وغيرها ، وذلك بالإضافة الى وحدة قوى المعارضة الخارجية ودخولها ميدان العمل المسلح فى الشرق والنيل الأزرق بعد عام 1995 ثم إتساع العزلة الخارجية والضفوط الأقليمية والدولية بسبب توتر العلاقات مع دول الجوار العربى والأفريقى ، حتى وصلت الى مرحلة الصدام المسلح مع البلدان المجاورة وصدور قرارات دولية ضد السودان لأول مرة فى تأريخه .
    وكان لهذه الضغوط تأثيرها داخل صفوف النظام وحزبه حيث برزت خلافات حول المصالحة والإنفراج السياسى والحرب الأهلية والحريات العامة والتعددية السياسية وغيرها وبرزت الى السطح معارضة اسلامية مؤثرة داخل صفوف الحزب الحاكم ومنظمات أخرى ، ووجد هذا التراجع أمام الضغوط تجسيده العملى فى الموقف من الحرب الأهلية ومسودة الدستور بشكل خاص ، كمحاولة للخروج من مأزق الشرعية المفقودة والطريق المسدود الذى وصلت اليه سياسات الدولة فى المجالات المختلفة ، وذلك بالبحث عن شرعية جديدة تساعد على توسيع قاعدة الحكم وإطالة عمر النظام من خلال تحالفات داخلية وخارجية ، تحت شعارات مختلفة ومتناقضة فى نفس الوقت ، فمع القوى الجنوبية ترفع شعارات تقرير المصير ومع القوى الشمالية ترفع شعارات الدفاع عن الوحدة الوطنية والعروبة والإسلام ، ومع القوى الإقليمية والدولية تحاول تقديم تنازلات حول علاقات الجوار ومواثيق حقوق الإنسان وتأكيد إحترام العلاقات الدولية وغيرها .. ولكن هل تنجح السلطة فى مساعيها هذه ؟؟.
    هنالك عاملان هامان، هما التكوين الإجتماعى والفكرى للمجموعة الحاكمة ، بالمعنى الذى سبق شرحه ، والعامل الثانى يتمثل فى تأريخ تعاملها مع القوى الأخرى ، المحلية والخارجية ، خلال السنوات السابقة ، وبحكم عدم قدرتها على التخلى عن تركيبها وأسلوبها فى العمل ، فإن إستمرار هذين العاملين سيقفان حجر عثرة أمام أي محاولة للخروج من أزمتها ، وهذا ما يؤكده السيناريو الذى إتبعته فى معالجة مسألتى الدستور الدائم وإنهاء الحرب الأهلية فى الفترة الأخيرة ، فقد بدأ سيناريو الدستور بطريقة مفاجئة بتكوين لجنة (قومية) لصياغة الدستور ، وظلت تردد أن اللجنة مخولة بصلاحيات كاملة وتضم كل الوان الطيف السياسى، وجاء ذلك فى تعجل واضح وفى ظروف إستثنائية ، شملت غياب الديموقراطية ومصادرة الحقوق الأساسية وإتساع الحرب الأهلية وإمتدادها فى الشمال ودخول قوى المعارضة الشمالية ميدان العمل المسلح وظروف عزلة إقليمية ودولية واسعة .. فى مثل هذه الظروف طُرحت مسألة الدستور من قبل سلطة غير شرعية ، لها مؤسساتها المهيمنة ، ولها اتفاق مع بعض القوى الجنوبية بمنح الجنوب حق تقرير المصير وتكوين دولته المستقلة الخ.. هذه الظروف فى مجملها لا تسمح بطرح قضية الدستور بمثل هذه الطريقة ، لأنها تحتاج الى مشاركة كل القوى السياسية فى البلاد والى إتفاق عام حول طبيعة الدستور والقضايا الاساسية فى مناخ ديموقراطى كامل _ وبغير ذلك ستكون تكرارا لتجربة دستور عام 1973 بحذافيرها _ ومع كل ذلك ، فإن السلطة لم تلتزم بما طرحت في البداية . فعند إنتهاء اللجنة القومية من مسودتها ، ظهرت مسودة أخرى فى القصر الجمهورى ، كتبها اركان النظام الحاكم ، لتحول شعارات الإنفراج والحريات العامة الى نصوص محكومة بقوانين تصدرها السلطة ، وبإدخال تعبيرات ( التوالى ) وصياغات غامضة اخرى تحولت احلام التعددية الى سراب. وجاءت مناقشات المجلس الوطنى لتتم إجازة المسودة بالإجماع ، رغم إرتفاع الاصوات المعارضة ، وبقى فقط إعلان نتيجة الإستفتاء لتتوهم الطبقة الحاكمة شرعية شعبية ودستورية لنظامها الإستبدادى ، ويبدو أنها لا تريد سوى إستخدام الوثيقة كألة رافعة لتسهيل مفاوضاتها فى نيروبى مع حركة جون قرنق ومجموعة دول الإيقاد ، ولفتح مداخل مع بعض قوى المعارضة الشمالية والقوى الاقليمية والدولية ، ولكن الواضح أن ذلك لن يخرجها من أزمتها وعزلتها الداخلية والخارجية ، ولن يخرج البلاد من أزمتها الوطنية الشاملة ، بل سيعمقها اكثر فأكثر ، وذلك لأنه لا مخرج من هذه الأزمة الا باستعادة الديموقراطية ومشاركة كل القوى السياسية فى تقرير مصير البلاد . وفى معالجتها لمشكلة الحرب الاهلية سارت فى نفس الطريق المتأرجح والمتردد ، فهى ترفض إعلان مبادئ الإيقاد ، ثم تتراجع بقبوله، وتهاجم مقررات مؤتمر اسمرا ثم تتراجع لتقترب منها بقبول اهم بنودها_وكل ذلك يؤكد عدم جديتها واستهتارها فى التعامل مع القضايا الوطنية الكبرى ، وينكشف هذا الاستهتار فى سياساتها الاقتصادية والإجتماعية بشكل خاص .

    ونواصل فى الجزء القادم
                  

09-12-2003, 01:39 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وثيقة :- نحو مخرج ديموقراطى من الازمة الوطنية الراهنة (Re: altahir_2)

    اخدو بالكم من الجزء السابق بالتحديد الفقرات الاخيرة منه وقارنوها بالاحداث الجارية الان بما يخص قضية السلام والحرب الاهلية
                  

09-12-2003, 02:42 PM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وثيقة :- نحو مخرج ديموقراطى من الازمة الوطنية الراهنة (Re: altahir_2)

    نعم أخي الطاهر
    نظام الانقاذ سهل القراءة لمن أراد ذلك
    وهو بالتالي سهل التعامل معه
    لمن سعى وراء ذلك
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de