ولكن السؤال: هل يملك النظام السوري ألا يقع في الأخطاء ما دامت فلسفته قاصرة؟؟
لا يستقيم الظل والعود أعوج..
إذا أراد النظام السوري البعثي أن يعيد للسوريين الحرية والكرامة التي سلبها منهم، مثلما سلبها صدام من العراقيين، فعليه بالتنحي.. وإذا لم يفعل فسيكون مصيره مثل مصير نظام صدام، وربما يكون الوضع أسوأ مما هو في العراق.. الحرية وحقوق الإنسان لا يمكن أن تتحقق تحت ظل أنظمة شمولية، بعثية كانت أم إسلامية..
أدعوك لسماع هذه المحاضرة "اضواء على السياسة العربية الحاضرة" وكانت بتاريخ 1968، وسترى بعد نظر الأستاذ محمود وصحة ما قاله يومها.. ستستمع لنقاش بعض المثقفين القوميين العرب في الجزء الرابع..
Quote: إذا أراد النظام السوري البعثي أن يعيد للسوريين الحرية والكرامة التي سلبها منهم، مثلما سلبها صدام من العراقيين، فعليه بالتنحي.. وإذا لم يفعل فسيكون مصيره مثل مصير نظام صدام، وربما يكون الوضع أسوأ مما هو في العراق.. الحرية وحقوق الإنسان لا يمكن أن تتحقق تحت ظل أنظمة شمولية، بعثية كانت أم إسلامية..
شكرا د. ياسر الشريف على التعقيب اتفق معك 100% حول أن الحرية وحقوق الإنسان لا يمكن أن تتحقق تحت ظل انظمة شمولية مهما كانت إتجاهاتها. واختلف معك حول إعوجاج العود .وحول علاج هذة المسألة بالتنحى ولكن فلنحتكم الى الديموقراطية اليست حل؟ استمعت الى المحاضرة من قبل وانا بصددإعداد دراسة مقاربة وتفنيد لما جاء فيها وما جاء فى كتاب الاستاذ محمود عن التحدى الذى يواجه العرب. قريبا إن شاء الله . آآمل فى مواصلة الحوار.
05-30-2005, 12:12 PM
Yasir Elsharif
Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065
بالتنحي إنما أقصد الاحتكام إلى الشعوب، وتلك هي الديمقراطية، وقد بدأت بشائر التخلص من الهيمنة السورية في لبنان تسير نحو استعادة الديمقراطية اللبنانية..
هناك أمر مهم جدا، وهو ضرورة تأمين القاعدة التي على أساسها تُبنى الديمقراطية، وتلك القاعدة هي الدستور الذي يكفل الحقوق الأساسية والحريات الأساسية للأفراد والجماعات، ويعطي الجماعات ذات الثقافة والدين والعادات الحق في تقرير مصيرها اتحادا أو انفصالا، كما تم في جنوب السودان مثلا؛ وذلك يضمن أن تكون الوحدة وحدة طوعية وليست مفروضة، أو أن يكون الانفصال بالتراضي وليس مفروضا..
وأنا سعيد باهتمامك بالمحاضرة وبكتاب "التحدي الذي يواجه العرب".
ولك شكري
ياسر
05-31-2005, 02:32 PM
altahir_2
altahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949
د. ياسر الشريف طاب مساءك اذن لا خلاف حول هذا المفهوم . والحقيقة اهتماماتى بكتابات الاستاذ محمود منذ امد بعيد وكنت ابحث بشدة عن اراءه حول القومية واعتقد اننى طالبت الجمهورين بذلك فى بوستات سابقة . المهم فى الامر ان الحوار والنقاش معك يا د. له مذاق وطعم آخر مهما كانت درجة الخلاف مما يشجع على الحوار الصحى والنقى والمفيد.
06-24-2005, 07:51 AM
altahir_2
altahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949
مؤتمر البعث السوري من منظور البعث السوداني بقلم كامل معروف-كاتب سوداني سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 6/24/2005 3:20 ص اي حديث او كتابةعن سوريا هذه الايام لاتكاد تخرج عن ما تمخض عنه المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي. وهذه الملاحظات المكثفة حول الموضوع تنطلق من افتراض بديهي الصحه وهو انه ليس ثمة امكانية لاصلاح في النظام السياسي دون اصلاح في حزب البعث نفسه. وتتجرأ هذه الملاحظات علي القول بأن التجربة البعثية السودانية لديها ماتقوله في هذا الصدد رغم هامشية السودان نفسه عربيا وافريقيا الان ولفترة ستطول اذ تعصف به ازمة كياينة ورغم كون البعث السوداني المقصود هنا كان ضمن التشكيلة البعثية المرتبطة بالعراق وليس سوريا. بعد فترة من التفاعلات الداخليه، اتخذت ظاهريا وفي البدايه شكل الخلاف مع قسم من قيادة البعث السوداني الاكثر قربا للصيغة والتجربة البعثية العراقيه ( اثنان من اعضاء القيادة القومية سودانيان ) حول مسائل متعلقة بالاستراتيجية السياسية في السودان، انتهي الامر في عام 1997 الي فك الصلة علنا بالقيادة القوميه في اطار عملية مراجعه اكثر شمولا طاولت الصيغة العراقية نفسها حزبا وحكما ومجمل تجربة الحزب - في - الوطن العربي. بعض الخلاصات والافكار التي توصلت اليها هذه المراجعه او التي انبنت عليها يمكن ايجازها علي النحو التالي :
اولا ازمة البعث العربي الاشتراكي تعود في جذورها الابعد الي صراعه مع الناصريه. هذه معركة هزم فيها البعث هزيمة كاملة بمعني انها انتهت بوقوعه تحت تأثيرها بشكل من الاشكال واصبحت قضيته الرئيسية هي كيفية استلام سلطة دولة والحفاظ عليها بدلا من ان يركز علي تطوير نقطة قوته الرئيسية بالمقارنة للناصريه وهي ادواته الفكريه لكي يتمكن من استعادة نفوذه في اوساط المثقفين والنخب المدينيه مراهنا علي انحسار موجة المد الناصري الكاسحه ابان الستينيات. توقف نمو البعث الفكري، او بشكل اكثر دقه، تراجع معدل نموه الفكري بالمقارنة لمعدل تراكم التحديات واضح من ان عملية اعادة تقييم الناصريه بعد ظهور عيوبها التكوينية مع هزيمة 67 تمت بمقولات فكرية ماركسيه وفي مرحلة لاحقة مقولات اسلاميه وكانت مساهمة المفكرين البعثيين فيها هامشيه او انهم، مثل ياسين الحافظ، لم يكونوا اصلا منتمين الي صلب التجربة البعثيه بينما ظل مفكر قيادي من صلبها هو منيف الرزاز ضعيف التأثير بسسبب تعقيدات الصراعات الداخليه وابعد عن مجال التأثير كلية بأعتقاله منزليا في العراق مع تصاعد هذه التعقيدات عندما بلغ قمة نضجه الفكري.
ثانيا: سيادة الفكر الاشتراكي ونظريات الحزب الواحد والصراع العنيف ضد المعكسر الغربي وحليفه الصهيوني مع الحضور الفاعل عسكريا واقتصاديا وايدولوجيا للمعسكر الاشتراكي، جعل الوصول الي السلطة بوسائل غير ديموقراطيه والاعتماد علي اوضاع الشرعية الثوريه مقبولا في اوساط النخبة العربية عموما خلال العقدين السادس والسابع. هنا اضيف العنصر الرئيسي الثاني في تعطيل نمو البعث الفكري. وظل هذا المعدل يتقلص بأستمرار حتي وصلت به قيادة صدام حسين في مرحلتهاالاخيرة الي التماهي مع الفكر الديني التبسيطي.
ثالثا : سواء في العراق او سوريا ترافقت الازمة الفكرية بطبيعة الحال مع اهمال الرصيد الديموقراطي المرتبط بالمنشا السوري للبعث ( دستور عام 1947 والممارسات البرلمانيه البعثية في سوريا والاردن في الخمسينات ) وبمرور الوقت وتطاول الامد بالسلطة الانفراديه وتجويد اساليب القمع المادي والمعنوي ( تضخيم الاخطار الخارجيه، سد منافذ التفاعل مع الخارج الخ ز الخ . ) انتشر موات الحيوية البعثية الداخليه الي المجتمع المدني السياسي وغير السياسي من حوله.
رابعا : تفاعل هذه الظاهره مع تدهور الاوضاع المعيشيه بسبب سوء الاداره والاولويات غير المنتجه اقتصاديا للسلطه الدكتاتوريه وتوسيع النظام التعليمي مع تفريغه من اي مفعول استناري سواء في اسلوب التدريس او محتوي المناهج، فتح المجال واسعا لظهور العقبة الكبري امام الاصلاح السياسي البعثي وغيرالبعثي وهي تضاؤل وزن القوي والعقليات واسلوب الحياه القادر علي تنمية واحتضان التيارات والافكار النهضويه عموما والي تنامي فعالية نقيضها التقليدي لاسيما ذو المحتوي الديني لانه يلبي الحاجة الي السكينة النفسية لاحتمال مصاعب الحياة وفقدان الامل في المستقبل. وفي مثل هذا المناخ تولد بؤر الاصولية الاسلاميه التي تتغذي منها عمليات العنف العشوائي في العراق بمسمي المقاومه مع ملاحظة انه مهما كانت المبالغات بشأن المكون السوري في هذه العمليات فأنه اكبر من اي مكون عربي اخر بما فيه السعودي مما يؤكد متانة مواقعها الكامنة في اوساط الشباب السوري بالداخل.
بناء علي هذا فأن المسالة ليست وجود نوايا وتوجهات اصلاحيه لدي بعض القيادات البعثية السوريه بما في ذلك الرئيس بشار الاسد يمكن حتي ان تكون قد اتخذت شكل مشاريع قوانين لانفتاح سياسي جزئي وانما في انها فاقدة للقاعدة التي يمكن ان تستند اليها لتدخل حيز التنفيذ الفعلي وتغدو بداية لمسار اصلاحي تصاعدي. الحرس القديم الذي يشار اليه دائما كعقبة امام الاصلاح قاعدته في المجتمع اقوي بكثير وحليفه الرئيسي هو حالة اللامبالاه وجفاف منابع الاستناره التي يخلقها تطاول حياة الانظمة القمعيه لدي القسم الاعظم من القوي الاجتماعية الحديثة، محركة التغيير وقاطرته. اما حليفاه الاخران فهما الاسلام السياسي بأعتباره أهم جناح في حركة المعارضه ويمكن يذلك استخدامه للتخويف من الانفتاح السياسي، ومن جهة اخري، المراكز النافذة في الجهاز الحزبي والدولة، عماد قوي الامر الواقع. وبينما يتمني المرء ان يكون توقعه هذا محطئا تعاطفا مع حقوق الشعب السوري الانسانيه وتطلعا لدوره في صنع حياة الكرامه والنهضه التي نستحقها كعرب مثل غيرنا من البشر فأنه، بناء علي هذا التحليل، لايتوقع ذلك.
كامل معروف
كاتب سوداني
06-24-2005, 08:44 AM
ثروت سوار الدهب
ثروت سوار الدهب
تاريخ التسجيل: 07-22-2003
مجموع المشاركات: 7533
تحليل جيد لازمة الفكر القومي كما بينها الاستاذ معروف. لكن هل استفادت الاحزاب القومية اليسارية من التجربة؟ و إلى اي مدي تماهت مع فكرة الديمقراطية اللبرالية؟ و هل هناك استعداد لتداول السلمي للسلظة الحزبية حتى نتاكد من الممارسة على نطاق المجتمع، لانه لا يجوز التبشير بالديمقراطية والضن بها على الحزب نفسه. و نحن هنا محصرون في السودان و نعني ثلاثة احزاب بعثية، و حزبان ناصريان.
و على ذكر دولة الامن و المخابرات الشهيرة سورية افادت الاخبار المتواترة عن انجاز ضخم للديمقراطية و الانفتاح بعد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم، بتوجهات قائد الثورة و المسيرة الميمونة الرفيق بشار طبعا. تفيد بأنه اصبح بالامكان فتح محل للحلاقة بدون الرجوع لفرع المخابرات!!
ماعارف زهاء الخبر نبكي ام نضحك؟
مع حنيني إليك
06-28-2005, 08:21 PM
altahir_2
altahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949
تحليل جيد لازمة الفكر القومي كما بينها الاستاذ معروف. لكن هل استفادت الاحزاب القومية اليسارية من التجربة؟ و إلى اي مدي تماهت مع فكرة الديمقراطية اللبرالية؟ و هل هناك استعداد لتداول السلمي للسلظة الحزبية حتى نتاكد من الممارسة على نطاق المجتمع، لانه لا يجوز التبشير بالديمقراطية والضن بها على الحزب نفسه. و نحن هنا محصرون في السودان و نعني ثلاثة احزاب بعثية، و حزبان ناصريان.
العزيز ثروت على نطاقنا نحن اعتقد لايمكن ان ننقد هذه الازمة ونحللهابشكل علنى ما لم نكن قد تجاوزناها واقصد نحن(حزب البعث السودانى) قطعا سيحكم المستقبل والوعى المتنامى فى استمرارية هذه المجموعات
Quote: و على ذكر دولة الامن و المخابرات الشهيرة سورية افادت الاخبار المتواترة عن انجاز ضخم للديمقراطية و الانفتاح بعد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم، بتوجهات قائد الثورة و المسيرة الميمونة الرفيق بشار طبعا. تفيد بأنه اصبح بالامكان فتح محل للحلاقة بدون الرجوع لفرع المخابرات!!
ماعارف زهاء الخبر نبكي ام نضحك؟
الحمد لله اننا لم نرتبط بهذه التجربة اصلا فى يوم من الايام(السورية) والا لكانت الاجابة اصعب اشاركك المأساة يا عزيزى
06-28-2005, 08:40 PM
Bashasha
Bashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 26625
خالص التحايا صيقى العزيز جدا الرفيق الطاهر لاباس فاجمل مايكون النقاش بحضرتك حتى فى الاختلاف.. دمت صديقا عزيزا
************ العزيز بشاشا لدى سؤال لما دائما تفترض بان الحياة اتجاه واحد لابد ان يكون هناك صوت نشاذ ان تفقنا معه او لا اليس كذلك؟ اعتقد انك انسان دوغماتى جدا.. وسيتعصى عليك تطبيق الديمقراطيه انت اقرب للمؤسـسه العسكريه فى الفهم وتنادى بحريات وجلابه ووو وهلمجرا تتداخل عندك الاشياء بصوره عنيفه.. !!!!!!!!!!!!!
*************** مقال اعتقد ربما يصب فى نفس اتجاة البوست..
Quote: سوريا.. من دولة البعث إلى وطن جميع السوريين برهان غليون
رغم أن توصيات المؤتمر العاشر لحزب البعث العربي الحاكم في سوريا تشكل خطوة مهمة على طريق الاعتراف بالمصاعب الاستثنائية التي يواجهها احتكار الحزب الواحد للسلطة والسياسة في سوريا وضرورة العمل على الخروج منها، فقد أنتجت إحباطا عميقا لدى المثقفين والناشطين السياسيين ودفعت كما تدل على ذلك ردود أفعالهم إلى تفاقم التوتر في البلاد بدل أن تخلق الانفراج المنشود.
وأقول خطوة هامة لأنه بصرف النظر عن طابعها الجزئي وعما يمكن أن يعترضها من عقبات عند التطبيق، تقترح توصيات الحزب الحاكم للمرة الأولى إصلاحات في الاتجاهات الصحيحة التي بقيت عقودا طويلة ترفض الحديث عنها أو تسعى إلى الهرب منها، وذلك سواء عندما تتحدث عن تضييق النطاق في تطبيق قانون الطوارئ أو توسيع دائرة المشاركة السياسية عن طريق التصويت على قانون التعددية السياسية المشروطة أو من خلال الحديث عن الحد من تغول الأجهزة الأمنية على الحياة اليومية للمواطنين. لكن الطابع الجزئي وغير المحدد لهذه التوصيات يصطدم بحجم التوقعات الهائلة التي تفجرت في السنوات الخمس الماضية وألصقت بعهد الرئيس بشار الأسد مهمة الإصلاح مهما كانت نوايا قادته وإمكاناتهم الفعلية. كما أن حجم التحديات الداخلية والخارجية التي تتعرض لها البلاد تدفع إلى الاعتقاد بأن الأوضاع لم تعد تحتمل الحلول الجزئية. هكذا يعتقد القسم الأكبر من الناشطين السوريين أن الشعب الذي عانى خلال 40 عاما من القسوة والعنف من أجل تحويل سوريا من وطن لجميع أبنائها إلى دولة البعث، أي دولة المصالح الخاصة الملتحفة بالبعث والبعثيين، لم يعد قادرا على الانتظار 40 عاما أخرى ولا ينبغي أن ينتظر مثلها حتى يستعيد حقوقه الطبيعية ويتمكن من تحويل سوريا البعث إلى وطن لجميع السوريين من جديد. هذا يعني أن ما تعاني منه سوريا وشعبها أكبر كثيرا من مشاكل التنمية والموارد والكفاءات والتقنيات وتطوير الأداء وتحسين الشروط المعيشية أو حتى معالجة مسألة البطالة، بل أكبر من مسألة الديمقراطية التي تتقدم مطالب النخبة الاجتماعية اليوم وبالأحرى من مواجهة الضغوط الخارجية. إنها أزمة الوطنية السورية نفسها، بما نعنيه بالوطنية من الولاء العميق للدولة الناجم عن الثقة بدورها في تلبية تطلعات الأفراد ومساعدتهم على الارتقاء بعلاقاتهم، والانتقال بهم من مستوى الفرديات المتنازعة إلى مستوى الجماعة الوطنية، أي الجماعة الحية المتواصلة والمتضامنة التي تعيد تأسيس حياتهم الجمعية على أسس أخلاقية يكون التكافل والتعاون على تحقيق الأهداف النبيلة والإيجابية الجامعة في مقدمتها. وليس لأزمة الوطنية في أي مكان وما تعنيه من ضياع الرابطة الجمعية وتحلل الأسس التي يقوم عليها الاجتماع البشري كاجتماع مدني، أي أخلاقي، سوى سبب رئيسي واحد هو زوال الرابط الحقيقي بين الدولة من حيث هي مؤسسة عمومية تعنى بمصالح الأفراد المنتمين إليها جميعا والمجتمع بوصفه مجموع المصالح المتباينة والمتناقضة التي تسعى الدولة إلى تحويلها بالسياسة إلى مصالح متسقة متشابكة ومتضامنة معا في نسق واحد. وفي سوريا جاءت الأزمة الوطنية من حيث العمق والشدة على قدر نجاح الطبقة الحاكمة في فك الرابطة بين الدولة والمجتمع وتحويل الأولى إلى أداة لقهر الثاني وإخضاعه لإرادة طبقة خاصة ومصالحها دون أي توسط عقيدي أو سياسي يخفي أو يساعد على إخفاء علاقة السيادة والاستتباع الجديدة. والرد على هذه الأزمة وإيجاد المخرج السلمي والإيجابي لها هو التحدي الحقيقي المطروح على البعثيين الإصلاحيين أو الذين يحلمون بأن يكونوا إصلاحيين لكن، قبل ذلك، على جميع السوريين أيضا ومن بينهم جماعات المعارضة. وأعني بالمخرج السلمي تحويل الدولة المزرعة إلى دولة السوريين جميعا، أي دولة المساواة بين السوريين. ولا أستخدم كلمة مزرعة هنا من قبيل التشهير على الإطلاق وإنما بالمعنى العلمي للكلمة. فهي تعبر بالفعل عما تمارسه الفئة المالكة انطلاقا من الحق الطبيعي الذي تخوله الملكية من التصرف الحر بموارد الأرض وسكانها دون أن تسألهم عن رأيهم أو تستشيرهم في ما تقرره عنهم أو أن تقدم لهم حسابا عن الطريقة التي تتصرف فيها بالموارد والبشر ولا أن تشعر بأن لهم أي حق في أن يعرفوا ماذا تفعل بهم وإلى أين تذهب بموارد الأرض التي يعملون فيها. فلصاحب المزرعة سلطة مطلقة على ملكه يخوله أن يستفيد منه كما يشاء ويوزعه على من يشاء ويمنعه عمن يشاء ويقدمه لمن يشاء من دون أن يكون لأحد الحق في سؤاله عن أسباب ما يفعله بملكه، خاصة الأجراء الملتحقين أو الملحقين بمزرعته. فلا يستطيع أحد أن ينكر أن البعثيين لم يتصرفوا خلال العقود الأربعة الماضية على أنهم أصحاب ولاية سياسية تنتهي ولايتهم بانتهاء المهام التي أوكلها الشعب لهم، سواء أكانت الوكالة شرعية أو غير شرعية، وإنما كملاك حقيقيين، كما نظروا إلى بقية أبناء الشعب كأجراء ملحقين. فقد كان لهم وحدهم الحق في احتلال مناصب المسؤولية ووضع اليد على كل منصب يرتبط به أو ينبع منه قرار حتى لو كان قرارا علميا أو إداريا أو اقتصاديا أو فنيا أو أدبيا أو ثقافيا. فهم المقدمون من دون تبرير ولا منافسة لشغل مناصب الإدارة من مدير المدرسة الابتدائية حتى رئاسة الوزارة مرورا بجميع مناصب الخدمة المدنية والخدمة العسكرية. ولهم جميع مراكز السلطة السياسية من الرئاسة إلى أصغر دائرة رسمية. وهم الذين يسيطرون على جميع مواقع السلطة في جميع النقابات والهيئات المدنية العامة، لا ينافسهم في ذلك حزب ولا جماعة ولا قوة ولا يخضعون في سلوكهم لمحاسبة أو مساءلة قضائية أو اجتماعية أو سياسية. وبسبب هذه العلاقة الخاصة نجح البعثيون في تحويل سوريا بالفعل، تماما كما كان يقضي شعار "سوريا البعث" الذي رفعوه، إلى وطن خاص بالبعثيين من دون سواهم وحولوا جميع من ليسوا من فريقهم إلى أجراء مستضعفين لا حول لهم ولا قوة ولا موقع ولا دور في بلدهم. وما عليهم إلا الطاعة والإذعان. أما الأساس القانوني الذي أقاموا عليه ملكيتهم هذه والذي ضمن ولا يزال يضمن لهم من دون منازع وضع اليد على جميع مراكز السلطة والمسؤولية فهو ببساطة المادة الثامنة من الدستور التي تنص على أن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع. ولذلك تبدو هذه المادة وكأنها صك تمليك حقيقي للدولة السورية ومن عليها لحزب البعث بقدر ما امتنعت عن تحديد فترة زمنية للولاية أو وضع شروط لممارستها أو مراجعتها، جاعلة من إرادة المالك المطلقة المرجع الوحيد لها، فحولت بذلك الولاية السياسية إلى ولاية ملكية تبيح لأصحاب السلطة القائمة التصرف بحرية كاملة بموارد البلاد وسكانها دون الحاجة إلى تقديم حساب عن عملهم أو التماس أي ذريعة أو سند من الشرعية للبقاء في الموقع الذي أعطوه لأنفسهم أو تبرير استمرارهم فيه. إنها ولاية ثابتة وأبدية مكرسة بالدستور أي قائمة في جوهر العقد (هذا هو معنى الدستور) الذي يجمع بين السوريين وحكامهم أو قادتهم، فالبعثيون هم القادة ومن سواهم هم المنقادون. أما الإستراتيجية التي ساعدت البعثيين على تحقيق هذا الهدف وحولتهم إلى سادة متميزين كما جعلت بقية السوريين بمثابة أجراء منقادين ليس لديهم الحق لا في التعبير ولا في التنظيم ولا في التساؤل ولا من باب أولى في الاعتراض أو الاحتجاج أو المطالبة بالتغيير أو بتعديل الوضع القانوني الذي سقطوا فيه وكرسه الدستور، فهي تكمن في تعميم الحالة الاستثنائية وتخليدها. فعقيدة الانقلاب على الأوضاع الطبيعية والعادية باسم الثورة ودحر الطبقات البرجوازية والإقطاعية هي المبدأ المؤسس والأم الحقيقية للحالة الاستثنائية الأعم والأشمل التي تضع الدولة والمجتمع معا تحت الوصاية الكلية وتلغي قوانين السياسة ونصابها. وفرض قوانين الطوارئ والأحكام العرفية هو الأساس لبناء الحالة الاستثنائية في مجال القانون وتعليقه كليا لصالح القوانين الاستثنائية المعمول بها منذ 42 عاما. وإخضاع المحاكم العادية لسلطة المحاكم الاستثنائية كما تجسد ذلك محكمة أمن الدولة والمحاكم العسكرية والمحاكم الاقتصادية هو أساس فرض الاستثنائية على صعيد السلطة القضائية. وتقديم الولاء الحزبي على الكفاءة والأهلية في التعيين في مناصب الإدارة والمسؤولية هو تجسيد مبدأ الاستثناء في المجال الإداري أيضا حيث تحتل اللجنة الحزبية موقع السلطة الفعلية وتقصي من السلطة حتى النخبة التكنوقراطية أو الخبيرة إن لم تقض عليها انتقاما وإمعانا في تأمين الحماية المستقبلية. والسيطرة الآلية على الموارد الاقتصادية لمراكمة الريوع هي أساس بناء قاعدة الاستثنائية في الاقتصاد بما تعنيه من تكوين اقتصاد توزيع المغانم والامتيازات والمكرمات ومن ثم القضاء على القوانين الاقتصادية سواء ما تعلق منها بقوانين المنافسة الطبيعية أو بمعايير الكفاءة والعقلانية الاقتصادية. والمراهنة على الطبقة الزبائنية وتأمين وسائل إعادة إنتاجها عبر آليات الفساد هذه بديلا للمجتمع وفرضها على أي طبقة أخرى إنتاجية هو أصل الاستثنائية الاجتماعية. وتكليف المخابرات بالإشراف على ضبط العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين الأفراد بدل القانون أو ضد القانون هو أكبر تجسيد لهذه الاستثنائية في مجال السياسة وما تعنيه من إخضاع سلوك الأفراد جميعا وتصرفاتهم في حياتهم العامة والشخصية لتقديرات أجهزة الأمن اليومية كما كشفت عن ذلك الدوائر الحكومية نفسها عندما نشرت قرار القيادة القطرية بإعفاء 67 حالة من الترخيص المسبق لأجهزة المخابرات بهدف إراحة "المواطن" وتخفيف وطأة أجهزة الأمن عليه. فلا يعني هذا الإشراف المباشر من قبل أجهزة الأمن على ممارسات يومية للأفراد من زواج وطلاق وافتتاح مكاتب عمل أو مطاعم أو مشاغل بل تعليم أطفال شيئا آخر سوى أن الحياة العمومية لا تخضع لقانون وإنما هي رهينة إرادة رجل المخابرات الذي لا يحكم موقفه من معاملات الناس ومصالحهم أي قانون موضوعي أو مكتوب أو منقول ولا يتحكم به سوى هواه الشخصي ومصالحه الخاصة. وإخضاع جميع النشاطات الفكرية والإبداعية من عروض ومنشورات واتصالات ومحادثات، حتى اليومية منها، وكل أشكال التعبير والتصوير والتمثيل الأخرى، للرقابة الأمنية والسياسية والإيديولوجية هي التجسيد لهذا الوضع الاستثنائي في مجال الثقافة أيضا حيث يحل القمع والزجر محل المناقشة العقلية والحوار والجدال وتحكيم الضمير الأخلاقي، أي محل التربية الإنسانية، في تنظيم حياة الناس والأفراد الاجتماعية. ليس هدف الاستثناء سوى إلغاء القانون، لا بمعنى النص الرسمي ولكن بالمعنى الأعمق الذي يحيله إلى قاعدة أو منوال عام وثابت ومعلن يسترشد به جميع الأفراد في سلوكهم مهما كانوا وأينما كانوا ويصاغ عليه الحكم القضائي ويبعده عن أن يكون محض هوى ذاتي ونزوة نفسية. وإلغاء القانون يعني بالضرورة استبداله بالإرادة التعسفية والاعتباطية للأشخاص الحاكمين وأصحاب المسؤولية. وبتعميم حالة التعسف والاعتباطية، وهذا هو بالمناسبة معنى "الفوضى البناءة"، على جميع مرافق الحياة العامة والخاصة معا نجح تحالف المصالح الفئوية مع الأجهزة العسكرية والأمنية في تحويل سوريا من دولة مواطنيها إلى مزرعة تحكمها وتتحكم بها، باسم البعثيين ومن وراء حجاب البعث بما يرمز إليه من انتماء لعقيدة مثالية قومية وما يشير إليه من مبادئ إيجابية، أرستقراطية جديدة هي أيضا استثنائية في رثاثة المصالح التي تمثلها وفي افتقارها لأي منظومة قيم اجتماعية أو إنسانية. من هنا تشكل العودة إلى الحالة الطبيعية والإعلان عن نهاية الحقبة الاستثنائية في نظري جوهر العملية الإصلاحية المطلوبة في سوريا تماما كما تشكل العودة إلى حكم القانون جوهر الخروج من الأوضاع الاستثنائية. فحكم القانون هو الشرط الأول لبدء مسيرة استعادة الدولة وضعها السياسي والمدني الطبيعي وتحولها من أداة خدمة المصالح الخاصة إلى دولة الخدمة العامة أي إلى أداة لخدمة المصالح الجماعية والعليا لجميع مواطنيها والعمل على محاربة التمييز في ما بينهم بدل تكريسه الراهن. ويبدو لي أن تأميم الدولة أي تحويلها إلى دولة الأمة هو شرط تخصيص المجتمع أو تأكيد خصوصيته وخصوصياته معا والاعتراف بحقوق أفراده وجماعاته. تماما كما أن تطبيع الحياة الوطنية بالعودة إلى دولة القانون هو أساس رد الاعتبار للسياسة بوصفها مشاركة المواطنين جميعا في تحمل المسؤولية في ما يجري في بلدهم سواء بمعنى القيام بالواجب والالتزام بالمهام الملقاة عليهم أو بمعنى الاعتراف بحق الفرد في أن يشارك في تقرير المصير الجماعي المشترك وعدم التنازل عن هذا الحق لغيره أو التخلي عنه. هذا هو ثمن إحياء الوطنية السورية والوقوف الفعال ضد إرادة الهيمنة الأجنبية وإطلاق حركة الإصلاح والتجديد الحقيقية. __________________ كاتب سوري المصدر: الجزيرة http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B248113C-FEE1-4BEF-98F9-480D45B6C1D9.htm
07-03-2005, 06:47 PM
altahir_2
altahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949
Quote: العزيز بشاشا لدى سؤال لما دائما تفترض بان الحياة اتجاه واحد لابد ان يكون هناك صوت نشاذ ان تفقنا معه او لا اليس كذلك؟ اعتقد انك انسان دوغماتى جدا.. وسيتعصى عليك تطبيق الديمقراطيه انت اقرب للمؤسـسه العسكريه فى الفهم وتنادى بحريات وجلابه ووو وهلمجرا تتداخل عندك الاشياء بصوره عنيفه..
الرائع معتز صدقت المقال يصب فى نفس الاتجاه لكن شوف ليك جنس دى حالة الفقرة الواردة اعلاه زى دا يقولوا ليهو شنو???????
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة