تمويل الأحزاب مع إشارة خاصة لحزب البعث السوداني <عبد العزيز حسين الصاوى>

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 03:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ضياء الدين ميرغنى الطاهر(altahir_2&ضياء الدين ميرغني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-16-2006, 11:40 AM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تمويل الأحزاب مع إشارة خاصة لحزب البعث السوداني <عبد العزيز حسين الصاوى>

    تقديم :-
    الاهمية القصوى لطرح مثل هكذا موضوع ترجع الى ان مسألة التمويل الحزبى ومؤسسات المجتمع المدنى هو رافد اساسى لإستمرارها وربما بقائها على قيد الحياة فى بعض الاحيان . اذ بدونه يتقلص نشاط هذه الاحزاب والمؤسسات الى اقصى حدوده . ومع ظهور انماط جديدة من التفكير واشكال الدعم غير المطروق يكتسب هذا المقال ذو النظرة الفاحصة هذه الاهمية.
    وخاصة وانها تأتى بقلم قائد وباحث ومحلل مهم بقامة الاستاذ عبد العزيز حسين الصاوى .
    ضياء الدين ميرغنى الطاهر

    فالى الجزء الاول من المقال:-
    تمويل الأحزاب مع إشارة خاصة لحزب البعث السوداني (1-2)
    * تجمع الآراء على ان أهم مفاتيح تطوير العملية الديمقراطية في السودان هو الاصلاح الحزبي لأن الاحزاب هى الاداة الرئيسية لتفعيل مشاركة الافراد والجماعات في الحياة السياسية. ومن بين القضايا العديدة المتصلة بهذا الموضوع قضية تمويل النشاط الحزبي.. وهى قضية يتزايد معدل الاهتمام بها لسبب اساسي وهو الانعدام الكلي تقريباً لقدرة المجتمع ممثلاً في عضوية الاحزاب والمتعاطفين معها على المساهمة في التمويل بسبب الازمة المعيشية الطاحنة في وقت يؤدي فيه الارتفاع الجنوني للاسعار لمضاعفة المتطلبات المالية للعمل الحزبي (الايجارات، مخصصات التفرغ، المعدات والاجهزة الخ.. الخ..) يضاف لذلك، ولعله من باب التمني، دخول احزابنا او بعضها عصر المؤسسة القائمة على وجود اجهزة فعالة في جوانب التنظيم والتخطيط البرامجي والتفكير المستقبلي لها تكاليفها المالية هى الاخرى. ومن ابرز الدلائل على ارتفاع قضية التمويل في سلم اولويات الاحزاب والعاملين في الحقل العام عموماً الحديث المتصاعد قبولاً عن دور الدولة في هذا الخصوص كما كان عليه الحال اثناء مناقشة الدستور الانتقالي وقبل ذلك في اكتوبر 2004، نموذج المقترحات التي قدمها مسجل التنظيمات والاحزاب السياسية محمد احمد سالم ( انظر مثلاً ايضاً يس حسن بشير جريدة الايام 5 و 6 اكتوبر 2004 حول نفس الموضوع). وفي نفس السياق نجد ان التمويل او الدعم الاجنبي للاحزاب المحلية، وليس فقط هيئات المجتمع المدني غير السياسي كما نعرف من بعض النماذج اصبح مطروحاً كمخرج مستجد لهذا السبب ولكونه اصبح معروضاً في الساحة الدولية ثنائياً ومتعدد الاطراف اكثر من السابق. هناك التداخل العولمي المتسارع بين الأمم والدول بحيث اصبحت مصائرها اكثر تشابكاً من اي وقت مضى والاجماع على اهمية الديمقراطية الذي اتخذ طابعاً ملحاً وضاغطاً لدى الغرب الاوروبي والامريكي اثر اتضاح العلاقة بين انعدامها وظاهرة الارهاب الموجهة ضده، لاسيما في العالمين العربي والاسلامي.
    على ان ضغط قضية التمويل على الاحزاب السودانية ( وكذلك هيئات المجتمع المدني غير السياسي) يرتفع لدى بعض الاحزاب اكثر من غيرها. فحزبا الامة والاتحادي الديمقراطي، وان تأثرت مصادر تمويلهما التقليدية سلباً بالتغييرات العشوائية ولكن الكبيرة التي ادخلتها غزوة الاسلاميين للاقتصاد السوداني، إلا انهما اكثر استقراراً من الناحية المالية بالمقارنة للحزب الشيوعي وحزب البعث السوداني بينما الاخير يعيش ازمة تمويل اكثر حدة من غيره بعد ان اقتضت ضرورات التجديد الديمقراطي انهاء صلته بالمرجعية العراقية، كما شرح الاستاذ محمد علي جادين (انظر مقاله في الايام مايو الماضي بعنوان نحو اعادة نظر في استراتيجية المعارضة السودانية). وهذا بالاضافة الى جهد ما في اطار هذا الحزب يتيح معرفة كافية بدواخله، هو الداعي لتركيز اكبر عليه في هذا المقال.
    رغم الاتساع المضطرد لمساحة الاتفاق على مسألة التمويل الحزبي من قبل الدولة فان الافتقار الى الشرط اللازم لذلك وهو حياديتها نظراً لجسامة الإرث اللاديمقراطي في عقلية النخبة السودانية كما يتجسد حالياً بأخطر اشكاله في الحزب المسيطر عليها، يجعل منها مصدراً يصعب طرقه في المرحلة الراهنة. كذلك الامر فيما يتعلق بالتمويل الاجنبي الذي تحيط به محاذير وحساسيات اكثر من تلك التي تحيط بالخيارات الاخرى حتى لو جاء من هيئات دولية او دول محايدة مثل السويد. على ذلك يبقى خيار التمويل الوحيد الاكثر احتمالاً من غيره راهناً هو المصادر السودانية غير الرسمية. ونظراً للخصومات المرتبطة بتعامل احزاب (النوع)، أى تلك التي لم ترث قواعد شعبية او مصادر تمويل بسبب طبيعتها غير التقليدية عند نشوئها، فسيقتصر هذا المقال على الموضوع من هذه الزاوية، وبينما يمتلك الحزب الشيوعي، أهم هذه النوعية من الاحزاب و قدراً من الخبرات في التعامل مع خيار التمويل غير الرسمي فأن حزب البعث السوداني اعترف بافتقاره لخبرة التمويل المحلي قائلاً على لسان مسؤوله الاول:0 ان انقطاع صلة البعث السوداني ببغداد كان ورطة حقيقية لانعدام موارد تكفل استمرار العمل بالحد الادني حتى يتم اكتساب الخبرة اللازمة لتوليدها (....) وان معالجة موضوع التمويل السوري- العراقي للاحزاب البعثية بالمداراه كان خطأ شاركنا فيه جميعاً كقيادات بعثية (انظر المقال الذي سبقت الاشارة اليه).
    ان الخاصية الاكثر تأثيراً من غيرها على امكانية التعامل الايجابي لاحزاب (النوع) مع مصادر التمويل غير الرسمي هى ايدلوجيتها اليسارية التي كانت، على اختلاف المنابع الفكرية والفلسفية، تتقاسم رؤية معينة لاوساط رجال الاعمال او البورجوازية حسب المصطلح الرائج وقتها. ضرب من الطهارة الثورية المثالية النابعة من فكرة ان التزام جانب الطبقات الشعبية يستلزم بالضرورة الابتعاد عن هذه الطبقة، ابقى استقصاء امكانية رفدها المالي للاحزاب المعنية واستثماره، فيما هو اقل من الحدود الدنيا ومقصوراً على الحزب الشيوعي لكون حزب البعث لم تكن تواجهه مشكلة تمويل خلال سنوات عديدة بعد نشوئه اوائل الستينيات كانت درجة شح المال لديه تقتضي اقتطاع قدر من اقل القليل السوداني لدعم بعض اعضاء القيادة القومية ببيروت، غير ان الوضع تبدل تماماً بعد انقلاب 68 في العراق حين اصبحت خزينة البعث العراقي مفتوحة امام القيادة القومية وبالتالي امام البعث في كل مكان واستمر هذا الوضع حتى عام 1995 عند بداية انفكاك صلة البعث السوداني بالمنظومة البعثية التي ينتمي اليها البعث العراقي واكتمل عام 1997، اي مقابل المنظومة البعثية الاخرى التي ينتمي اليها البعث السوري الحاكم وتلعب خزينته نفس الدور بالنسبة للاحزاب البعثية المنتمية اليها. احد قياديي حزب البعث العربي الاشتراكي في السودان الذي لا يزال مرتبطاً بالمرجعية العراقية الاستاذ عثمان ادريس ابو راس يقول ( نحن نمد ارجلنا قدر لحافنا وفق الموارد المتاحة) وان السلطات تعرضهم عند الاعتقال لسؤال ثابت عن مصادر التمويل وحجمه وانها صادرت كل المشاريع البعثية الاستثمارية ( بينما يعبر احد قياديي حزب البعث السوداني الاستاذ محمد وداعة عن الوضع بقوله ان فقدان العلاقة مع العراق فقدان للثدي وان الحزب اصبح يعتمد على مساهمات الاصدقاء غير البعثيين بجانب التبرعات) (الرأى العام عدد 13/يوليو 2004م).
    ماهى التغييرات التي طرأت او يجب ان تطرأ على نظرة اليسار الى الطبقة البورجوازية لكي تتسنى الاستفادة من المصادر السودانية غير الرسمية؟ تكفي في هذا الصدد الاشارة الى اختفاء مصطلحات مثل الطبقة والصراع الطبقي من الادب الفكري والسياسي لاحزاب النوع.
    ففي مراجعة سريعة لحوار مطول من اربع حلقات مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد بعد خروجه من الاختفاء مع صحيفة الايام في اوائل مايو 2005 لم يرد ذكر هذا المصطلح إلا مرة واحدة.. وحسب كمال الجزولي (الشيوعيون السودانيون والديمقراطية ص 123- 124) فان نقد يرى ضرورة مراجعة مفهوم الرأسمال الخاص استجابة للمتغيرات المحلية والدولية. وهذه التطورات انعكاس للتفاعلات الداخلية الحية التي يعيشها الحزب الشيوعي متجهة، ضمن مسائل اخرى الى مراجعة قضايا اساسية من بينها الماركسية كمنهج تحليل. اما حزب البعث السوداني فان تفاعلات مشابهة على طريق تحلله من قوالب الايدولوجيات القوموية السورية- العراقية الشمولية، تتجه الى بلورة مفهوم متطور لمصطلح القوى الحديثة. فوفق ما يمكن استشفافه من ادبياته الاحدث انه بات يعتبر المنشأ الطبقي اقل اهمية من عوامل التحديث واهمها التعليم والاحتكاك بالعالم الخارجي في تعريف هذه الفئات المؤهلة لقيادة عملية تغيير المجتمع وذلك ضمن اطار عام يرى ضمان حقوق الطبقات الشعبية وقضية العدل الاجتماعي نتاجاً لقوة ضغط المجتمع المدني السياسي ( الاحزاب) وغير السياسي في ظل نظام ديمقراطي يلعب القطاع الخاص دوراً كبيراً في انتاج ثروة مجتمعه القومية.

    أخبار مرتبطة:
    تمويل الأحزاب مع إشارة خاصة لحزب البعث السوداني «2/2» -عبد العزيز حسين الصاوي

    (عدل بواسطة altahir_2 on 03-16-2006, 11:44 AM)

                  

03-16-2006, 12:56 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تمويل الأحزاب مع إشارة خاصة لحزب البعث السوداني <عبد العزيز حسين الصاوى> (Re: altahir_2)

    تمويل الأحزاب مع إشارة خاصة لحزب البعث السوداني «2/2»
    المتتبع لتطور الفكر السياسي السوداني والعربي اليساري يلاحظ حلول مصطلح رجال الاعمال محل مصطلح البرجوازية بل وورود الاخير في سياق ايجابي ضمن صياغة فكرية تعتبر تضعضع وزن الطبقة الوسطى وثيق الصلة بنشوء ازمة الاستنارة والديموقراطية السياسية بدلا من صياغات المرحلة السابقة التي كانت في الواقع تعتبرها احتياطيا لقوى الاقطاع والرأسمالية الكبيرة المعطلة لتقدم المجتمع. احد احدث الصياغات يأتي من أكاديمي ومفكر موريتاني هو د. عبد الله السيد ولد اباه الذي يحلل في مقال له «جريدة الشرق الاوسط اللندنية 26/5/2005» مصادر نمو وزن رجال الاعمال بما يمكن تلخيصه في انتشار الخصخصة كاحد مكونات الانفتاح الاقتصادي في معظم البلدان العربية وفرص التعامل والحركة خارج بلدانها في اطار العولمة الاقتصادية والمالية. هذه الخصائص تعطي قطاع رجال الاعمال دورا اكبر من دور الدولة وتجعله في نفس الوقت اكثر استقلالية منها بالمقارنة لنظرائهم سابقا. ومع ضرورة التمييز بين نمو هذا القطاع ونمو ظاهرة المافيات التي صاحبتها في بعض الاقطار، فان طبيعيته هذه، حسب ولد اباه تجعله لاعبا اساسيا في عملية الانتقال الى الديموقراطية بدعم مؤسسات العمل الاهلي وتوطيد الارضية التنموية التي لا غنى عنها لنظام تعددي. واضيف هنا ان نمط رجل الاعمال الذي تنطبق عليه هذه الصفة حقا، والمستثمر عادة في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة مثل المعلوماتية والاتصالات، يتميز بتعليم عال ودراية واسعة باحوال العالم تجعله مدركا لارتباط مصالحه بالتنمية الديمقراطية والقبول بدور ما في التوزيع العادل للدخل القومي كضمان وحيد للاستقرار السياسي وزيادة الانتاج والربحية.
    وبينما نجد في مصر نموذجي جورج اسحق، رجل الاعمال الذي يدعم حركة «كفاية» وحزب الغد الذي اسسه رجل الاعمال ايمن نور واحرز المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية نجد في افريقيا غير العربية نموذج رجل الاعمال براينت الذي تولى قيادة ليبيريا خلال مرحلة انتقالية نحو انتخابات ديمقراطية من حرب اهلية منذ عام 2003م. في السودان بعض المعلومات المتصلة بهذا الموضوع تقول بأن رجل اعمال سوداني يدعى محمد ابراهيم تعهد بدفع مبلغ 100 مليون دولار في اطار «مبادرة كلنتون العالمية» التي اسسها الرئيس الامريكي السابق متخصصة في محاربة الفقر والاحتباس الحراري. ومن البديهي ان انفتاحا على الافق الانساني بهذا المستوى لا يمكن ان يكون منغلقا على الافق المحلي سواء فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية او تعزيز نشاطات المجتمع المدني السياسي الحزبي وغير السياسي «تجمع بين النوعين خواص اللاربحية وطوعية الانتماء وديموقراطية الادارة بينما تفرقهما الاهداف السياسية للاحزاب». لدينا في المجال الاخير شواهد عديدة حيث يقف رأس المال الخاص وراء بعض المراكز الثقافية المستقلة عن الدولة بأجهزتها الظاهرة والخفية. أما فيما يتعلق بالاحزاب، فهناك المعلومات التي رشحت حول مصادر تمويلية خاصة لقوات التحالف السودانية وحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان. وهذه تثير قضية ينبغي التشديد على اهميتها اكثر من مرة وهي الضوابط المطلوبة لحماية المجتمع المدني السياسي، لان التداخل بين رأس المال الخاص والاحزاب يغدو بغير ذلك بابا مشرعا لعلاقة تبعية وافساد لاجوائها الداخلية لا سيما في مجتمع سوداني تعاني غالبيته في ظل انظمة غير ديموقراطية. هناك الضوابط التي يمكن ان يتضمنها قانون يصاغ لهذا الغرض نجد ان احد نماذجه في التجربة المغربية الذي ينص على ان تمنح الدولة الاحزاب التي تحصل على نسبة 5% من الاصوات منحة سنوية باشتراط امساك حسابات دقيقة ومنشورة وعقد مؤتمر واحد على الاقل كل اربع سنوات الخ الخ.. غير ان الضمان الاساسي يبقى توفر شروط الديموقراطية في الحزب المعني بما يجعل حركته شفافة بدرجة تفرض عليه رقابة ذاتية من قبل اعضائه ومناصريه قبل رقابة المجتمع الكبير. توفر مثل هذه القابلية في حزبي الشيوعي والبعث وغيرهما من الحركات التي نشأت اصلا كحركات سياسية، حتى ولو افتقدت شرط الديموقراطية الداخلية خلال فترة طويلة من حياتها يفترض ان تكون اكبر من الحركات التي يغلب عليها الطابع العسكري.
    من واقع التجربة في الحزب الذي تشغله قضية التمويل اكثر من غيره من بقية الاحزاب وهو حزب البعث السوداني يمكن القول لهذا المقال الزعم بأنه لا زال متأثرا، ربما من الناحية النفسية على الاقل، باجواء المرحلة السابقة في حياته. والمعني بذلك ان العقلية البعثية لا تزال فيما يبدو غير قادرة على الهضم الكامل لفكرة ان طلب الدعم المالي من المجتمع الواسع ليس استجداء من جهة الحزب او تفضلا من الجهة المانحة لا سيما لكونها رأس المال الخاص. الحزب الديموقراطي التكوين هو بالتعريف حزب في خدمة المجتمع وخاضع لرقابته ضمانا لذلك بحكم ان العضوية فيه تطوعية مدركة لواجباتها بقدر ادراكها لحقوقها فهي بذلك عين المجتمع الكبير، داخل الحزب وممثلته فضلا عن كونه يستطيع، اضافة لذلك، ممارسة رقابة مباشرة على مدى انسجام اداء الحزب مع متطلبات الديموقراطية سواء في خطوط عمله او مواقفه السياسية. وبناء على ذلك فإن المجتمع ملزم بمعنى من المعاني بتمكين الحزب من اداء مهمته بكافة السبل ومنها المالية اذا احتاج الى ذلك. هناك دون شك فارق لا يزال بين الواقع والمثال الحزبي الديموقراطي الذي تتطلع اليه التجربة السودانية ولكن المسألة هي ان ازمة التمويل في حد ذاتها احد اسباب هذا الفارق خاصة في هذه الحالة. وقعت محاولات بعثية ولكنها محدودة للغاية لم تتعد الاتصالات الفردية في نطاق المعرفة الشخصية بينما الافتراض هو ان الاستقرار الكامل لحقيقة العلاقة بين الحزب والمجتمع في الاذهان يحفز على التخطيط والعمل المنهجيين لتغطية كافة المصادر المتاحة، افرادا كانوا ام جهات. وهي دائرة اوسع مما كان عليه الوضع في اي وقت من الاوقات في مفارقة واضحة مع ما نلمسه لمس اليد من اندياح دائرة الفقر لتشمل فئات اجتماعية كانت بعيدة عنها.
    نظرا للتغييرات الكبيرة التي طرأت على تركيبة الاقتصاد السوداني، وأهمها تعدد مجالات رأس المال الخاص، وكذلك الاغتراب، اصبح هناك عدد كبير من اصحاب الدخول العالية والاثرثاء السودانيين ذوي خلفيات يسارية وربما بعثية سابقة لا تزال روابطهم بها حية بمستويات وانواع مختلفة «شخصية، عاطفية الخ... الخ» على ان الاهم من ذلك هو تغلغل القناعات الديموقراطية والليبرالية في اوساط متسعة باستمرار من النخبة السودانية عموما ومن كافة الاتجاهات والمشارب تضم قسما من هؤلاء مشكلة حافزا اضافيا لديهم ولدى بعض الاثرياء الآخرين.. هؤلاء سينظرون الى مثل هذه المساهمة من زاوية اهتمامهم بدعم عملية الدمقرطة في الاحزاب السودانية. وكما ذكرت من قبل فإن تكوين رجل الاعمال السوداني الحديث، او الجيل الجديد من الاسر التجارية المعروفة وغير المعروفة يجعله منفتحا على هذا النوع من الاهتمامات. الى جانب ذلك فإن رغبة البعض في المساهمة ستكون نتيجة زوال حاجز مرتبط بمصادر التمويل السابقة. هؤلاء كانوا ضمن قسم من الجمهور العام معجب بدور البعثيين النضالي ضد قوانين شريعة سبتمبر، ذروة ظهورهم السياسي، ولكن يصده عن الاقتراب منهم بأي وسيلة ملمح كان طاغيا على صورة البعثيين السودانيين ابان انتخابات عام 1986 ونتائجها هو الاعتماد على مصادر الدعم العراقي الذي خاضت فيه بعض الصحف بمبالغات تحدثت عن حقائب تحمل 15 مليونا من الدولارات.
    بأوضح الكلمات الممكنة يقول هذا المقال بإن على حزب البعث السوداني ان يترك وراءه مخلفات الماضي التي تقيد حركته في هذا الاتجاه وان يخوض تجربة طرق مصادر التمويل المتاحة هذه دون تردد.. هذا واجبه تجاه نفسه كجزء من واجبه تجاه المجتمع.. والخطوة الاولى التي يمكن ان تقطع الطريق على التردد هي اصدار نداء علني الى الجمهور العام متزامنا مع اتصالات مباشرة او غير مباشرة بذوي المقدرة المالية يشرح فيه رؤيته لهذه القضية بصورة عامة وعلاقتها بدور تيارات الحزبية السودانية المتطورة في تعميق الوعي الديموقراطي بممارسة للشفافية في اول نموذج من نوعه في السياسة السودانية. ولتأكيد هذا الجانب عمليا يتضمن النداء خطوطا عامة لمصارف التمويل الحزبي المطلوب مثل مرتبات المتفرغين وطباعة الكتب والكراسات مع تقديرات تقريبية لتكاليف كل بند بناء على افتراضات معينة. ومن الممكن بطبيعة الحال تقديم مشروع تفصيلي لمن يرغب متضمنا هذه البنود وغيرها مثل اجهزة كومبيوتر. من حيث طريقة التبرع هناك امكانية دفع مبلغ مقطوع سواء لتغطية بنود محددة او دون ذلك مرة واحدة او على اقساط. كما يمكن للتبرعات ان تكون عينية بما في ذلك وسائل نقل سيارة او موتور سايكلات. او خدماتية: من اصحاب المطابع طباعة بعض المواد مجانا او بتخفيضات كبيرة.. من اصحاب مكاتب السفر والسياحة تذاكر مجانية او مخفضة داخليا وخارجيا.. ولتطوير هذه الفكرة الى اقصى درجاتها يمكن للحزب ان يطلع المتبرعين اذا رغبوا على الطريقة التي صرفت بها تبرعاتهم خاصة اذا اشترطوا منذ البداية اوجها معينة لصرفها. كما ان تسهيل عملية التبرع يقتضي نشر ارقام حسابين مصرفيين احدهما بالعملة الصعبة.
    بعد ذلك كله وفوقه لا بد للنداء ان يكون واضحا تماما في انه ليس هناك مقابل من اي نوع للتبرعات غير الشكر فالتزام الحزب الوحيد والصارم امام كافة المتبرعين هو نفسه التزامه امام الرأي العام: السعي الجاد والممنهج لدمقرطة الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية وممارسة اكبر قدر منها في تركيبته الداخلية تسمح بها الظروف الراهنة.
                  

10-09-2006, 10:41 AM

ناذر محمد الخليفة
<aناذر محمد الخليفة
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 29251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تمويل الأحزاب مع إشارة خاصة لحزب البعث السوداني <عبد العزيز حسين الصاوى> (Re: altahir_2)

    ++
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de