|
تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح
|
Quote: أقدم لأعضاء البورد بداية رواية للصديق عوض حسن هارون، فهو كاتب مرهف دقيق الإحساس بالآخرين والأشياء التي حوله، يختلس عوض في هذه الرواية بعدا فنيا من بين أنياب زنازين التعذيب وبيوت الأشباح ويسجل بدقة مدهشة آلام المعتقل السياسي، عوض يستدعي في روايته كل خبايا وثنايا التعذيب النفسي والحرمان ويسجل سطورا يريد لها الجلاد أن تنسي وتدفن تحت رمال النسيان وتلال العفو عما سلف. عوض صاغت وجدانه أزقة بري المحس وامتداد ناصر وصالات الصالون الأخضر و مدرسة الخرطوم القديمة، وجامعة القاهر الفرع واتحاد الكتاب، وشكلته سحرية قابريال ماركيز و واقعية جورج أمادو والطيب صالح وأدب المغرب العربي، ومحمود دوريش. وسأقوم بعرض هذه الرواية في شكل حلقات
|
هكذا قدمه الاخ أحمد امين في وقت سابق ولم أكف عن الازعاج المتواصل للصديق (عوض هرون) للمواصلة في بدأه ليقيني بان التجربة يجب ان تملك بكاامل تفاصيلها لجماهير شعبنا ومن أجل يوم حساب أت لامحال أقدم هذه التجربة بعد نقاش طويل مع الاخ عوض لمواصلة هذا النشيد وليعرف الناس ماالذي كان يدور في كواليس الاشباح . أقدم اعتذاري للاخ احمد امين لنقل التجربة مرة أخري من جديد علي المنبر الحر حتي يعلم الجميع طبيعة هؤلاء الاوباش والذين لاعلاقة لهم لا باخلاقنا السودانية ولا بموروثات شعبنا وقيمه نقدم مرة أخري للملاين من ابناء وبنات شعبنا والذين سيكونون يوما ما قضاتنا في معركتنا الفاصلة ضد سدنة الاسم السياسي وتتار القرن الواحد والعشرين فالي التجربة
الحلقه الاولي
كانت تمطر ليس مطرا كالذي نعرفه ولكن نقطا بسيطة بين كل نقطة ونقطة ثانية من الزمن , فقد كانت تلك آخر سحابة بقيت في السماء , التي أصبحت صافية الآن وبدأت بعض النجوم البعيدة تتلألأ معلنة انتهاء يوم ماطر ,كانت السماء تشعر بنفس ذلك الشعور الذي يتملكني عندما أتبول بولا كثيرا وعند النهاية يبداء بولي ينزل نقطة نقطة , فاشعر بالارتياح إذن كانت السماء ترتاح في هذه اللحظة لذلك كان النسيم يداعبنا نحن الستة القابعين في الصندوق الخلفي للعربة التايوتا المكشوفة , كنا سعداء بالمطر , وبالحرية ,أنزلونا في تقاطع شارع القصر مع شارع عبد الرحمن النجومي عند المرديان تماما . شاهدت النساء الجميلات جدا من رواد الفندق وهم يخرجون بعد انتهاء المطر تلك كانت أول مرة أرى فيها امرأة بعد عام كامل شكرت في سري رجال الأمن علي اختيارهم المكان والطقس الذي احتفل فيه بحريتي . كنت استمتع بكل ذلك أثناء نزولنا من البوكس وانتبهت على دفعة قوية من يد رجل الأمن نزلت بعدها واتجهنا أنا ومحمد شمالا في اتجاه شارع القصر حتى نجد عربة أجرة تقلنا إلى منازلنا , كان محمد في ارتباكه ذلك الذي لازمه من أول يوم لدخولنا . - هذا الاتجاه الذي نسلكه خطأ (( دائما يردد هذه العبارة حتى داخل الاجتماعات )) - اتبعني أنا متأكد - أريد سيجارة أولا فأنا لم أدخن منذ عام - وأنا أريد أن ارتمي في حضن أمي وحبيبتي في وقت واحد - ابحث لنا عن محل لبيع السجائر - فلنبحث أولا عن النساء كنت مشتاق إلى حركة البشر , كنت مشتاق إلى زحام ميدان الأمم المتحدة كنت انظر إلى النساء في أرجلهم بالتحديد ,تعجبني السيقان الطويلة الملساء الممتلئة , فمن الأرجل أبدا النظر إلى النساء ثم اصعد ... اصعد حتى استقر عند الوجه وقليلا ما تخيب الصورة التي رسمتها في خيالي عن جسد الأنثى التي انظر إليها عندما تكون المرأة ذات ساقين جميلتين يكون خصرها نحيلا كخصر أروى ,بطنها ضامرة صدرها بارزا إلى الأمام ومشيتها مستقيمة , تلك المشية التي تمشيها سلمى وهدان .
وافق محمد بأننا نسير على الطريق الصحيح بعد أن عاد إليه اتزانه . دخلنا إلى نادي ناصر الثقافي وجدنا سجائر كليوباترة فقط اشترينا صندوقين ذهبنا إلى موقف التاكسيات قبل أن نركب شربنا اكثر من ثلاث سيجارات الأخرى وراء الثانية . كان هناك تاكسي واحد متجه إلى منطقتنا وكان هناك ثلاث ركاب أنا ومحمد وأنثى , ركب محمد مع باقي سيجارته قرب السائق , وركبنا أنا وهي في الخلف . أشعلت سيجارة ,كنت مرتبكا فقد كانت أنثى جميلة . كانت تنظر إلى باندهاش فقد كنت مبتلا وشعري مبتلا , كنت أبدو كأنني أتيا من قتال . انك تدخن كثيرا فقد أشعلت حتى الآن سيجارتان وعند الموقف كنت أراقبك أشعلت ثلاث سيجارات ." سحرني صوتها- أعجبني إنني لفت نظرها خلال وقوفنا في انتظار سيارة الأجرة " - " كنت لا أريد أن اقطع هذا الحوار لذلك قلت هامسا مع ابتسامة " هل يضايقك التدخين - لا . لا يضايقني ولكنك تشرب بشراهة . أشعلت سيجارة أخرى .. ولكنها أمسكت بيدي قبل أن أشعلها .تشبثت بيدها حتى شعرت باللذة , " كان عمري أربعة عشر عاما عندما جاء ابن عمتي الذي يكبرني بسنتين من قريتنا إلى العاصمة ذهبنا أنا وهو إلى منزل الفرح كما يسميه الكبار والذي كان بالقرب من منزلنا , كنت خائفا جدا , فقد كان أبي يقول انه منزل شياطين . لكننا كنا نرى إن الرجال يدخلون ذلك المنزل ويخرجون وهم يصلحون أزرار سراويلهم وكانوا يضحكون ,وكنا نلعب قرب المنزل يوميا ونرى الرجال يمازحون بنات الشيطان فنزداد ارتباكا , وذات مرة رأيت خالي وهو يخرج من ذلك المنزل ويتحدث ضاحكا عند الباب مع إحدى الشيطانات . وهو الذي قال لي ذلك اليوم إن هذا المنزل هو منزل الفرح . ورغم ذلك كنا نخاف منهم وكان أبي يقول من يذهب إلى هناك يصبح مسخوطا . كنت ارتجف عندما أشار ابن عمي إلى واحدة منهم فدفعتني هذه دفعا تجاه الغرفة , دخلت خائفا ولا ادري لماذا أنا هنا , وفجاءة فكت لي أزرار سروالي وبدأ شيئي ينتصب وبدأت تخلع ملابسها واحدا ..واحدا . وقفت حائرا وأنا منتصب كانت في عمري تقريبا رغم أنها تبدو اكبر , وقلت لها ماذا افعل ؟ . أمسكت بي من يدي وجذبتني إليها وهي جالسة على السرير فقذفت عليها ما كنت ادخره قبل أن تستعد هي لاستقباله , في ذلك اليوم طردت من بيت الشيطانات ولم اذهب إليه حتى الآن .
وقعت السيجارة من يدي , ولم اخجل من الأثر الذي تركه ما فعلت فقد كان سروالي مبتلا من المطر .وعاودني نفس الإحساس الذي شعرت به منذ أربعة عشر عاما ... اكتشاف أسعدني إنني رجل مازلت .
نواصل
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
Many Thanks, Dear Khidir for this most needed documentation... I'm sure this will be one of the land marks pieces in the history of Sudanese litrarture...
What a horrific and ugly days... we need to keep it up for the coming generations... Mohamed Elgadi one of 171 cellmates of Awad Haroun in Citibank
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
العزيز خضر العزيز محمد اشرف الراجل الجدع الدكتور محمد القاضي العزيز جدا احمد امين
فكرة هذه الكتابة هي سرد تفاصيل ماجرى لنا نحن المائة واحد وسبعون معتقلا في الفترة مابين 1992-1993 في داخل احد بيوت الاشباح - زماجرى ويجري لنا حاليا من تشرد في جميع انحاء العالم - قص كيف حرمونا من ابسط متطلبات الحياة في المعتقل , الاكل - الشرب, الذهاب الي الحمام وفي الغربة - العيش في جو الوطن مع الاهل والاصدقاء والحبية وشوارع المدينة هنا اكتب عن احلامنا الصغيرة - رغباتنا - عذاباتنا . اود ان انوه الي انه تم نشر جزء من الفصل الاول من هذه الرواية التي اسميتها تفاصيل ماجرى للاشباح هنا عام 2003م وكذلك في منبر سودانيات عام 2004 م . وكنت قد قررت التوقف عن نشرها ولكن بناء على رغبة صديقي خضر ومعاوية كرفس والحاحهم اللذيذ . وتقريظ محمد القاضي الذي لااستحقه سوف انشر كل فصولها هنا وعلى حلقات
ولتكن هذه الرواية مهداة الي روح اعمامي مصطفى احمد الشيخ / ومحمد محجوب " اللورد"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
3
سار بنا التاكسي في شارع البلدية وعند صينية التاكسي التعاوني التي تقاطع شارع البلدية مع المك نمر أحسست بالخوف . والتفت إلينا محمد ونظر إلي نظرة ذات معنى وابتسم , كنا قبل ساعة في هذا المكان سويا , كانت الحياة عادية أضفى عليها نزول المطر جوا من البهجة , سيارات مسرعة , كلاكسات , طلبة الجامعة والخريجات الجميلات المنتظرات عملا أو زوجا أيهم أول , يسيرون بمرح وثقة وحرية , وعلى بعد خطوات يقبع حسن في زنزانته وحيدا بعد أن خرجنا وتركناه . تخيلته الآن واقفا كعادته ممسكا بيديه الاثنتين باب الزنزانة وهو يتحدث مع حاج مضوي في الزنزانة المقابلة والتي تقع علي بعد عشرين مترا من الزنزانة رقم خمسة والتي كنا نسكن فيها عاما كاملا , نشأت بيننا علاقة حميمة نحن وسكان الزنزانة رقم سبعتا شر أو زنزانة حاج مضوي كما كنا نطلق عليها . نتحدث لساعات طويلة مع مصطفى والجمري والحاج مضوي سكان تلك الزنزانة بلغة ابتدعناها خلال عام كامل واستطعنا أن نتفاهم بها من دون أخطاء فنفهم بعضنا جيدا , كانت لغتنا خليط من الإشارات بالأيدي والكتابة على الهواء وهز الرأس والنقر على باب الزنزانة , كنا نتحدث في كل شئ عن أخبار الزيارات والأخبار التي يأتي بها المعتقلون الجدد , كنا نحلل الأحداث ونربطها بالأخبار التي تأتى من الخارج , كنا نتكلم عن الأشياء الخاصة , وعن مشاكلنا التي تحدث داخل الزنا زين , كان ذلك يتم خلال ساعات طويلة بدون أن يصدر صوت من أحدنا , بهذه الطريقة اتفقنا جميع النزلاء في الزنازين الثمانية عشر على الإضراب عن الطعام . ففي خلال الستة شهور الأولى اصبح كل المعتقلين يجيدون هذه اللغة . لم يكتشف الحراس أبدا الطريقة التي كان ينتشر بها الخبر في الزنازين ولكنهم كانوا يتفاجئون بتوحد المعتقلين في مواقف كثيرة رغم إجراءاتهم المتشددة , فقد كانوا لا يسمحون لنا بمغادرة الزنزانة إلا عند الذهاب للمرحاض أو الوقت الذي يستغرقه التعذيب الذي كان يجري في الساحة المربعة أمام الزنازين , كانت طريقة الخروج للمرحاض تتم بفتح الزنزانة رقم واحد أولا وبعد أن يذهب آخر سكانها إلى المرحاض يتم فتح زنزانة رقم اثنين , وهكذا حتى آخر واحد في زنزانة رقم تمنطاشر .
تخطى التاكسي النفق جنوبا , اتفقت مع محمد أن نذهب أولا إلى منزلهم ثم بعد ذلك يقلني نفس التاكسي إلى منزلنا , كان متوترا جدا ومرتبكا وكنت أريد أن اطمئن عليه , نزلت الفتاة التي شعرت بما فعلت أمام المستشفى , عرفت إنها ممرضة وتواعدنا أن نلتقي هناك , لم اسألها عن اسمها , وبعد أن نزلت تذكرت إنني لم احفظ ملامح وجهها .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
4
دخلت مكتب مدير القسم في الطابق الثالث , كان يجلس ابن عمتي الذي اشك انه يعمل معهم ومدير القسم وشخص آخر . وضعت الشنطة التي بها أشيائي القليلة بين رجلي , تأملت الغرفة , كان مكتبه مقابل الباب مباشرة وبالجانب الأيمن كنبة طويلة وكرسي وأمام الكرسي طاولة وبها منفضة سجائر وفي الجانب الأيسر وضع تلفزيون وجهاز فيديو على حامل وبجانبه كرسي كبير من الجلد الأسود الناعم . كنت حتى الآن لا أعرف هل ابدأ بالسلام عليهم أم اصمت . هل احتضن ابن عمتي أم أتجاهله , فضلت الصمت وتجاهلت ابن عمتي , كنت مشتتا . جلست على الكرسي على يمين التلفزيون . وقف الضابط مدير القسم من على كرسيه وقال لي بتهكم واضح : - مرحبا بالمناضل ... إذا لم يتدخل ابن عمتك وصديقنا كنا نريد أن نجدد لك المدة ستة اشهر أخرى .."بدأ محاضرة طويلة وكنت احلم بسيجارة .." أريد سيجارة الآن يأبناء الكلبة , فلتذهب إلى الجحيم أنت والسلطة وابن عمتي .. أريد سيجارة " برنجي " , كنت احلم منذ شهور بلحظة خروجي , واضع سيناريوهات كثيرة ومختلفة للسيجارة الأولى " البرنجية " الأولى . تخيلت إنني سأخرج من بوابة السجن كما في الأفلام المصرية , أتوجه إلى اقرب دكان لاشتري علبة السجائر تلك الحمراء , وأشعل السيجارة الأولى بعود ثقاب ومن توتري الشديد لا يشتعل العود الأول , فأشعل العود الثاني , يشتعل أقربه من فمي الذي تهتز فيه السيجارة خفيفا , أضع يدي الشمال التي تمسك بعلبة الكبريت أمام السيجارة لأمنع الهواء عن عود الثقاب حتى لايطفيه ,تشتعل السيجارة مع نفس خفيف عليها للداخل , بعد أن تشتعل انفض يدي اليمين مرتان لينطفي عود الثقاب , وأخذ نفسا عميقا , أتحرك , أحس " بدوخة " تجعلني اجلس على الشنطة ... وتاكسي .. وفي التاكسي أشعل ثلاث سيجارات حتى اصل إلى البيت . وسيناريو آخر في حالة انهم أوصلوني بسيارتهم إلى البيت , كنت سأنزل منهم في الدكان قرب منزلنا , دكان مصطفى . سأطلب من مصطفى أن يشعل لي سيجارة قبل أن اسلم عليه , اجلس في الكرسي الأبيض المكسورة رجلاه الخلفيتان بعد أن ألصق مسنده إلى عمود النور , اشرب السيجارة الأولى وهو يحدثني عن نساء الحي موضوعه المفضل , بعد النفس الأول سأتذكر إنني لم اسلم عليه فاحتضنه وأساله عن خديجة تلك التي استمنى علي مشيتها وأنا في السجن . خديجة ذات المؤخرة الكبيرة . أو خديجة أم صلب _ كما يطلق عليها جميع سكان الحي , سوف يقول لي كم مرة سألت عني . وسأسأله هل يمكن أن يدبر لي معها لقاء اليوم ليلا كما عودني , ام إنها ستأتي إلى منزلنا بمجرد أن تسمع بخروجي وكعادتها ستكون "مكبرتة " ورائحتها تسبقها قبل حضورها بدقائق ومؤخرتها تأتي بعد حضورها بدقائق – كنت أقول لها " انك كالسيل يسمع هديره قبل حضوره ويترك آثاره بعد ذهابه " . إذن ستكون السيجارة الثانية في حضرة " خديجة أم صلب " , وهي السيجارة التي تتبع عملية الجنس , هناك من يستمتع بسيجارة الصباح , وهناك من يستمتع بسيجارة بعد الأكل , وهناك من يفضل أن يشرب السيجارة بعد الشاي أو القهوة , ولكن أنا استمتع بسيجارتين , واحدة وأنا في مقعد الحمام , والأخرى مع خديجة بعد الفاصل الأول , السيجارة بعد ممارسة الجنس خاصة إذا كان في البال فاصل ثاني هي نزهة بين معركتين – استراحة محارب , كوب شاي بعد أكلة دسمة , هي إكمال لنشوة الجنس – إشراك للحواس التي لم تشارك في العملية الجنسية , هي فرصة لكي يأخذ المرء زمنا بعيدا عن سطوة جسد المرأة التي تنام معك . - أريد سيجارة " ياأبناء الهرمة " . انتهى من كلامه أحسست بذلك لانه اقترب مني وقال في اذني - وقع على التعهد ونستطيع أن نحضرك في أي وقت إذا خالفته حتى لو رجعت إلي ...... أمك " قالها في اذني احتراما لابن عمتي " . قرأت التعهد دون أن اشغل نفسي بهل هم محترمون يحترمون بعضهم البعض ......... لا علينا . - أين القلم - خذ بدون كلمة أخرى وقعت على التعهد ورسمت خريطة منزلنا الذي يعرفونه جيدا .. يعلمون إن هذا التعهد يوقع عليه المعتقلون بدون أن ينفذوا فيه حرفا واحدا ولم يتم أي تعديل في صيغته منذ أيام البوليس السري في زمن الاستعمار . - اذهب ولكن نحذرك من أن تمارس أي نشاط هنا أو في الخارج فعيوننا عليك في كل مكان ونعلم انك ستخرج من هنا وتسافر ككل رفاقك فكلكم جبناء تركتم البلد وهربتم . - بالمناسبة سنقوم بتسهيل كل الإجراءات لك وسنحذف اسمك من قائمة المحظورين إذا أردت أن تسافر . – قال الرجل الأخر - تريدون أن تبعدوني يا بناء القحبة – " قلت في نفسي " - معنى هذا أن يذهب مباشرة إلى المنزل – أقصد أليس هناك إجراءات أخرى . " قال ابن عمتي - لا ليس هناك إجراء آخر يمكنه أن يذهب ولكن ليس بسيارتك , سنقوم بتوصيله , لذلك يمكنك أن تتفضل .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
شكرا خضر وساواصل مامكنني في نبش الذاكرة وسنلتقي ان اتصلت اليوم
احمد الامين
اتدري ياأحمد ان من امراض السجن التي تلازم المعتقل بقية عمره , ضعف الذاكرة والنسيان المستمر , ففي المعتقل من اليوم الاول تسقط في شرك التعتيم المنصوب لك بدقة , فكل ماتسمعه في البداية هو الصراخ وولولة السياط واوامر السجان وكلامه الذي يقوله وهو لاينتظر منك اي اجابة عليه . فبعيدا عن البشر والناس , لاتدري بما يجري على بعد خطوات منك ولاغيرك يدري بما يجري عليك , وانت قابع في زنزانتك تلك حيث كل عالمك طوال اربعة وعشرين ساعة الا خمس دقائق منحصر في مساحة متر ونصف في مترين مع ثمانية من الرفاق في زنزانة خانقة عفنة ليس فيها سوى فتحة في اعلى الباب ونور مضاء على الدوام - لامجال للقراءة الا مايحفظه بعض الرفاق من الادعية والاناشيد والاغاني - ولا مجال للكتابة الا على الهواء لتوصيل رسالة لرفاق الزنزانة المقابلة " من قبيل : الزول الجديد دة بعثي أو انصاري أو اتحادي أو شيوعي - ماتخافوا منه . ورغم ذلك لن ننسى ياأحمد ولن تصبح اسطورة ولن تنجرف من الذاكرة ومن اجل ذلك هاأنا انشرها كاملة مرة اخرى -----لكي لاننسى ---
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
5
رجفة اليد .......... تلك العادة اللعينة التي تقتلني خجلا عاودتني عندما دخلت إلى مكتبي على غير توقع , كانت معها صديقتي الهام التي بادرت وقالت - صباح الخير أحمد لم استطع أن أقول شيئا وأنا في ارتباكي الواضح الذي ظهر لضيوفي في المكتب من رجال الأعمال الذين كانوا يراقبون الموقف بفضول طفيلي . - قمت من مكتبك الوثير ومددت لها يدك المرتعشة , حتى انك أوقعت الاباجورة والتلفون وحمالة الأقلام , وكانت عيناك تتحركان حركة ظاهرة بين مقلتيك ... هكذا . " قال لك أحد الرجال بعد خروجهم " . من ارتباكك لم ترفع يدك للسلام على الهام , التي قالت وهي تخفي ابتسامة خبيثة " فقد كانت تعرف ولعك بسلمى وهدان " - احمد ازيك – يبدو انو معاك ضيوف , والله كنا ماشيين جنب مكتبك قلنا نطلع نسلم عليك . - اتفضلوا . اقدم ليكم شنو – شاي – قهوة – حاجة باردة - ولا شئ . " قالت الهام وهي تنظر إلى الضيوف " - ناسكفيه ... " قالت التي انشغل بها قلبك حتى إن يدك ارتجفت مرة أخرى بطريقة لم تستطع أن تواريها من الأنظار , ارتجفت بتلك الطريقة السخيفة التي اكتسبتها منذ الطفولة عندما كان والدك يحاصرك بأسئلته وتحقيقاته الصعبة " . كانت يدك ترتجف عندما يسألك المعلم في الفصل كنت تجاوب كأشطر التلاميذ ولكن يدك ترتجف رغم ذلك , كانت ترتجف طوال فترة الامتحان حتى انك تجد صعوبة كبيرة في مسك القلم وكنت تحل هذا الإشكال بطقطقة أصابعك حتى أصبحت هي الأخرى عادة . كانت يدك ترتجف عندما تواجه الطلاب في الاجتماعات الطلابية – عند توقيعك على الصفقات التجارية – في التحقيق معك في مكاتب الامن – في وقت التعذيب في بيوت الأشباح , وتشعر بها أيضا عندما تقبل الفتيات . ضغطت على الجرس وصحت : - ياحدقو .... خمسة نسكافيه من فضلك - لا . أنا عايزة شاي ... " قالت الهام" - طيب ياحدقو . أربعة نسكافيه وواحد شاي " كنت أول مرة قابلتها فيها في جامعة الخرطوم , كانت " برلومة " . وكنت تسير مع صديقك في الشارع الرئيسي , آتيا من الجامعة التي تدرس فيها للتنسيق مع الرفاق في جامعة الخرطوم بخصوص ندوات بداية العام الدراسي الجديد. قابلتم مجموعة من الأصدقاء فوقفتم تتحدثون , ثم أتت هي ... يالله – لون القرفة ورائحة القرنفل ... أين قرأت هذه العبارة .. آه إنها عنوان رواية لجورج امادو ...ترى ماذا كان سيكتب لو رآها هكذا تلبس بنطلون جينز مع قميص جينز وتربط شعرها على شكل ذيل حصان . كانت مشيتها خفيفة على الأرض حيث لا يلمس الجزء الخلفي من حذائها الأرض مما يجعل رأسها دائما لأعلى وصدرها بارزا . كانت بوسترا ضد السلطة الرجعية والكيزان كما كتب عنها بعد ذلك عادل القصاص . وقفت معكم برهة كانت كافية لتستقر الابتسامات على وجوه الجميع وتعلو الضحكات ويبوخ المكان عطرها القرنفلي اللذيذ , وتداهمك رعشة اليد تلك اللعينة لتفقد كل اتزانك وتقول آه ... بصوت سمعه الذين كانوا بقربك . وقفت هذه البرهة وذهبت . فرجعت أنت إلى جامعتك وقد نسيت المهمة وكأنك حضرت خصيصا لكي تراها وتذهب فقط " . هذا ما سجلته في يومياتي ذلك اليوم . بعد ذلك بخمس سنوات قابلتها في مبنى الأمم المتحدة بالخرطوم كنت اعرفها جيدا واعرف اسمها بل اعرف كل شئ عنها من يوم مولدها حتى هذه اللحظة . كانت تبدو مرهقة جدا , مرهقة كالمرأة التي داهمتها العادة الشهرية على غير انتظار منها . تحركت تجاهها . سلمت عليها . ردت علي السلام باختصار من لا يريد إزعاجا . - سلمى وهدان – أم أنا مخطئ " قلت لها وأنا أحاول تكبير ابتسامتي " - هي نفسها " قالت باندهاش " - يبدو انك لم تعرفيني - لم أتشرف بعد - احمد يعقوب " قلت أنا وكأنني مقدم نشرة الأخبار الجميع يعرفه " - Who’s he" قالتها بالإنجليزية وبتهكم جعل يدي ترتجف مرة أخرى " ارتجفت يدي حتى إنني لم اقل لها وداعا , أو أي جملة تجعلني اذهب وأنا محفوظ الكرامة . . هل هي صدفة حضورها الآن أم شئ مدبر . احضر " حدقو " الشاي والنسكافيه , قالت وهي تحمل كأسها - من غرائب الصدف إننا تقابلنا هذا الصباح في مبنى الأمم المتحدة " قالت وهي توجه حديثها نحو الهام . " ربما سألت الهام عمن يكون احمد يعقوب وذكرت لها الهام انه صديق فحضرت معها لتعتذر لي . ولكنها واصلت حديثها وليس في نيتها الاعتذار , بل كأنها قرأت أفكاري فهي تريد أن تقول لي إنني حضرت فقط صدفة . فسألتني عن مقر شركة قالت انه قريب من مكتبي أو في نفس العمارة على حسب ما وصف لها وبما إن الهام معها فقد صعدتا إلى هنا . - اعرفه في الطابق الثالث " قلت أنا - قالت الهام وهي تغمز : بالمناسبة نحن جايين نعزم الناس على حفلة رأس السنة .وآنت طبعا معزوم ليها من الاول وعارف المكان . - قلت سوف احضر بشرط حضور سلمى . لم تعلق . وشربت قهوتها وذهبت بعد أن دليتهم على مقر الشركة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
6
حفل ليلة رأس السنة على شجرة الحراز الخالية من الأغصان يقف صقر بني اللون مائل للسواد , كان يحرك رأسه يمينا ويسارا وكأنه يبحث عن شئ ما . طار من الشجرة وحلق حولي برهة ثم استقر مرة أخرى فوق الشجرة . الجو كان غائما والبرد شديد حتى إنني اعتقدتها ستمطر ثلجا على غير عادتها في بلادي . الشمس لم تكن ظاهرة للعين فالسحب تغطيها لذلك كان الوقت يبدو ليلا رغم إن الساعة كانت حوالي الخامسة عصرا . كنت ارتعش بشدة ولاشيء يسترني من البرد . - ترجف ذي القصبة – "قالها ابن الكلب " كنت واقفا وأنا احمل كرسيا بيدي الاثنين اعلي من رأسي , كنت اشعر إن يدي قد وصلت إلى اسفل قدمي من ثقل الحمل وطول الزمن الذي امرني فيه الحارس بحمل الكرسي بيدي الاثنين ورفعه فوق رأسي , بشرط أن أقف مستقيما , " كيف اقف مستقيما يأبن العاهرة , وأنا ارتجف بردا . في الساعة الرابعة والنصف حضر الضابط إلى الزنزانة الضيقة. وبطريقة هستيرية وبصوت عالي قال :- - احمد يعقوووووب - نعم - انزع ملابسك كلها , واخرج إلى هنا - كلها " وفي هذا البرد قلتها في سري " - نعم كلها ماعدا السروال الداخلي ..... يا خول " كانوا يستعملون معنا هذه الألفاظ يوميا وفي كل حوار معهم لذلك لم اهتم بالرد عليه , فنزعت ملابسي كلها وبقيت بالسروال الداخلي كما أمر . كنت أفكر ماذا حدث في الخارج حتى يحضر بهذه الطريقة الهستيرية ويناديني أنا بالذات . هل سوف يكون معي بقية الأربعة العظام كما كان يطلق علينا . أم سوف أكون وحدي هذه المرة . ربما تكون زيارة لي ويريدني أن اذهب إلى الحمام لاغتسل , فاخر مرة اغتسلت فيها كانت قبل أربعة أيام ". فتح الحارس باب الزنزانة , خرجت وآنا احمل بقية ملابسي التي خلعتها في يدي . ضربني الضابط علي صدقي الأيسر ضربة مؤلمة ومفاجئة لي وهو يقول : - ضع الملابس في الزنزانة , هل أنت ذاهب إلى مرقص . " ثم موجها حديثه إلى رفاقي في الزنزانة " - طبعا ستحتفلون معنا اليوم برأس السنة جهزوا أنفسكم , فبعد أن نفسح أخوكم احمد يعقوب سنرجع لكم . سكب الحارس الذي كان ينتظرني على الباب جردل من الماء البارد على جسمي – صرخت من المباغتة , واغلق الباب بسرعة حتى لا يعرف رفاقي لماذا صرخت . قادني الضابط إلى المساحة الخالية المربعة التي كانوا يمارسون فيها تعذيبنا اليومي , كانت هذه المساحة في الأصل مكان لحديقة تم حفرها وتسويتها وملئها بالطين اللزج , وعلى أطرافها تم عمل صبة إسمنتية روعي أن تكون حبات الحصى التي تتخلل الأسمنت بارزة ومتفرقة وفي المكان الخالي بين الزنازين والحديقة وضعوا كمية كبيرة من الحصى الذي يلهب الأرجل في وقت الصيف.ويثلجها في وقت الشتاء . أوقفوني في منتصف المربع الطيني الذي ملئ بالماء .... كان الماء بارداً وكأنهم أحضروه مباشرة من الثلاجة . وقف الضابط في المساحة الخالية من الماء , وبدأ يتكلم – كلام جيش – وهو نوع من الكلام الذي يخلو من المعنى ويقصد منه فقط تعذيب المجندين واختبار قوة تحملهم . تحدث لمدة نصف ساعة كاملة , وأنا أموت برداً وأسناني لا تتوقف عن الاصطكاك ببعضها . كان يقف متدثراً ببطانيته ولا يتوقف عن الكلام والحركة , ترأت النصف ساعة قرنا بالنسبة لي وعندما تعب هو من الكلام , طلب مني الاستلقاء على الماء – رفضت في البداية – فاحضر الحراس الذين كانوا يصطكون برداً رغم الملابس الشتوية التي كانوا يرتدونها – احضروا السياط واخذوا في ضربي كأنهم ينشدون الدفء . لم أعطهم الفرصة فقد استلقيت على الماء بسرعة وقوة ناثراً رذاذها البارد مع الطين عليهم . أمرني الضابط أن أتقلب على الطين البارد تقلبت عليه حتى شعرت إنني أصبحت لوحا من الثلج , لم اعد اشعر بأطرافي ... لم اعد اشعر حتى بجسمي . بعدها ذهب الضابط لم يلقي علي أي سؤال كعادتهم منذ دخولي إلى هذا المكان , وعند الباب قال للحارث الذي كان يرافقه دائما " هو لكم نظموه " . دخل ثلاثة حراس آخرين يلبسون الملابس الصوفية الثقيلة ويحملون بطانيات تدثروا بها وجلسوا على الكراسي , ومن هناك جعلوا يصدرون لي الأوامر . - أرنب نط ----ينط الأرنب - تسعة استعد --- استعد , برفع يدي إلى أعلى رأسي , في وضع قافزاً - واحد , واحد , واحد , .... - ست العرقي استعد ..... امسك اذني اليمنى بيدي اليسرى ... واصبع قدمي الايسر بيدي اليمنى وادور حول نفسي دورة كاملة فاترنح واقع كالسكران .... كانت هذه الحركة تضحكهم وتضحكني انا ايضاً حينما يطلب من احد الرفاق عملها , يفقد الانسان توازنه كاملاً ويقع من اعلى كيفما اتفق . - خذ هذا الكرسي – " كرسي جلوس كبير " - واحمله بيديك الاثنين فوق رأسك واحذر ان يقع منك انه غالي الثمن . واذا وقع منك على الارض فالسوط حتى الموت . سامع ياشيوعي يا... " تفها من فمك ايها المخصي فان لكم يوماً ترونه بعيداً ونراه قريب " . ظللت واقفاً حتى وقعت انا والكرسي من الاعياء والتعب والبرد فقام عدد منهم بضربي بالسوط واعقاب البنادق وانا احاول النهوض , ولا أستطيع , وبعدها لم اشعر بشئ " بين الحلم والواقع كنت اسمع صراخاً , وكلمات مثل الكريسماس – رأس السنة – شيوعيين –كلاب ." تعودت منذ سبعة سنوات ان اقضي ليلة الكريسماس , وليلة رأس السنة مع الجنوبيين كنت مواظبا على هذا منذ ايام الجامعة , فقد كنت اجد نفسي معهم على سجيتي وطبيعتي بعيداً عن التعقيد والتدثر بالعفاف البليد . كنا نرقص –نسكر –نغني – ونتقافز في المطر ونصرخ صراخ المجانين ... فتحت عيني مفزوعاً إثر ضربة السوط على ظهري , ومع استعادتي لوعيي , سمعت صراخاً شديداً اختلط مع صرختي بعد ضربة السوط , لاول وهلة كنت اظن ان الصراخ صادر مني , ولكن بعد ان صحوت تماماً اثر الضربات المتلاحقة التي بدأت تنهال علي من الحراس , اكتشفت ان كل رفاقي في الزنزانة والزنازين الاخرى قد اخرجوا الي الساحة وهم عراة الا من السروال الداخلي مثلي . وعدد كبير جداً من الحراس لم اشاهدهم قبل هذا اليوم يضربوهم باعقاب البنادق وبخراطيم المياه والخيزرانات والسياط الجلدية التي تضرب بها الابل واسلاك الكهرباء , وكل مايمكن ان يستعمل للضرب , وكان احد الحراس يمسك بخرطوم المياه ويرش الماء على المعتقلين وهو يضحك ويقول لا أحدهم :- اطفئ الانوار ياخوجلي فالساعة منتصف الليل . كل عام وانتم بخير ياجماعة - ها .. ها ..ها . " كنت في يوم غير هذا اقولها في اذن سلمى مع قبلة خاطفة وكانت يدي ترتجف دون ان ترى هي تلك الرجفة لانطفاء الانوار . " كانت تلك هي الحفلة التي وعد بها الضابط ..... وغبت عن الوعي مرة اخرى .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: awadharoun)
|
الاخ عوض هارون واصل فى هذا السرد الذى يؤرخ لفترة مهمة من فتراة الانقاذ الكالحة. الاخ عوض هارون لقد جمعتنى الظروف بك فى الزانزانة رغم 5 نحنا جينا مجموعة من الجريف غرب او كما كانو يسمونا فى جهاز الامن ( وكر الشيطان) ولو بتزكر الاخوة مصطفى زكى واشرف ابو العلى واحمد الحلفاوي وحاتم والاخوان خوجلى ولم تسعفني الزاكرة بتزكر اسم شقيقه الاخر ومحمد تعلمجي الامن حيث كان متهم فى محاولة انقلابية مع حاج نقدالله فلقد جمعتنا تلك الايام مع كوكبة من المناضلين آمثال الحاج مضوي وميرغني عبدالرحمن وكمال الجزولي ودكتور فاروق احمد ادم والطيارة قامت وست العرقى.
سيف الدين محمد جبريل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
العزيز سيف الدين جبريل
وهل يمكن ان انسى تلك الايام " البوست دة اصلا لمقاومة النسيان " هل تذكر تلك التسميات " وكر الشيطان" " مجموعة الشاي"" شلة العرقي" كانوا يطلقون على مجموعات المعتقلين جماعيا هذه التسميات التهكمية لكي تعطيهم المسوق النفسي لتعذيبهم بدون ان يرف لهم جفن . فهم يضربون الشيطان وهذه عبادة , وهم يجلدون جماعة العرقي وهذا واجب . وقد كان في ذلك الزمان تجمع ثمانية من الاصدقاء لشرب شاي المغرب ايضا جريمة تستدعى ان يأتي كلاب الامن مسلحين بكامل عتادهم الحربي. احمد الحلفاوي هذا فصل كامل في هذه الرواية فقد كان نوارة المعتقل في ذلك المكان الذي لاتنبت فيه زهور. مرحب بك مرة اخرى سيف ولتكتب في هذا المكان عن ذكرياتك تلك فهو مشرع لك ------- وحتى لاننسى -----
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
7 عندما اتصل جورج إيوال في التاسعة صباحاً كنت اعد تقريراً عن مذبحة الجبلين تلك المذبحة التي كنت احد شهودها . رغم ان جورج لم ينقل لي الخبر دفعة واحدة , الا انني صرخت صرخة جعلت كل الموظفين يندفعون نحوي مرعوبين , لم اتوقف عن الصراخ , اقفلت السماعة واندفعت اليهم مبتسمة اعانقهم وانا اصرخ " احمد طلع .... احمد طلع " فجأة تحول الرعب الذي اصاب المكتب الي ابتسامات وتهنئة بالسلامة . لم انتظر الإذن , اندفعت نحو استراحة السائقين التي كانت خالية , لم اتوقف خرجت من المبنى وقررت ان اقطع المسافة بالأرجل ظناً مني ان انتظار التاكسي قد يؤخرني عن لقاء أحمد . كانت المسافة بين مقر الأمم المتحدة وعمارة المحامين في شارع الحرية حيث مكتب جورج تستغرق اكثر من نصف ساعة مشياً على الأقدام . لا أذكر كيف قطعتها . كنت اسمع دقات قلبي واضحة ... نتيجة المجهود الذي ابذله في المشي , كنت لا أمشئ بل أطير ... اطير فرحاً بلقاء حبيبي ... كيف امضيت هذا العام بدونه ... تغيرت حياتي كلها منذ تلك الليلة التي قابلته فيها هو وجورج في حفلة رأس السنة المجنونةكما تسميها الهام . لم يلفت انتباهي في ذلك الصباح الذي قابلته فيه مرتان , في الطريق تحدثت عنه الهام كثيرا , احسست بانها ترمي الي هدف ما . وكونه لم يعجبني لم اركز على كلامها , ولم اهتم به فقد كان بسيطا وعادي كما تقول البنات .وانا لايعجبني الرجل عندما يكون عادياً, كنت احب الرجال المميزين الذين يستطيعون اظهار تميزهم في كل الاوقات , فقد تربيت في جو من الاثارة والنجومية او الكاريزما التي كانت تميز آل وهدان . فقد كانوا نجوم مجتمع كوستي بحق . وعندما انتقلت الي الجامعة سبقتني الي هناك نجومية اسم عائلتي والجمال الذي كانت تتصف به نساء هذه العائلة الذين مروا علي الجامعة . انا جميلة جداً اعرف ذلك , مثقفة جداً اعرف ذلك, بهذه الثوابت جئت الي الجامعة , فمنذ ايام الدورة المدرسية القومية التي كنت نجمتها والمدرسين والطلاب يتهافتون عليَ , وهذا ماكنت اتوقعه في الجامعة التي استقبلتني باشعار الحلمنتيش والكاريكاتيرات . ولكني ايضاً كنت ادرك في قرارة نفسي انني لست مكرسة لهذا النوع من الحياة . لذلك كنت ابحث عن الجانب الاخر من الجامعة , فقد كانت اهدافي اكبر من الوقوف أمام المرأة , وكانت احلامي اوسع من الجو الرطب في المين رود , كانت همومي بحجم الوطن واحلامي هي احلام شعراؤه , قادتني هذه الهموم والاحلام الي غير المكان الذي حجزه لي رواد" المين رود " وشعراء حلمنتيش , الذين كانوا يريدونني بوستراً في مجلة سيدتي فاصبحت بوستراً ضد السلطة , وصلت الي مكتب جورج, بمجرد ان فتحت باب المكتب قابلتني حنان سكرتيرة جورج بالقبلات والاحضان, كانت فرحتها بخروج احمد حقيقية احسستها من قبلاتها فقد ازداد توتري لحظة لامس صدرها حلمتي , يبدو ان حواسي المستنفرة اصلا كانت مهيأة للعناق , عناق احمد . لاول مرة منذ سنوات كنت اريد ان اتبرج فكرت ان استعمل ادوات حنان فهي كانت تضع كل الالوان على وجهها . لم اكن احب هذه الاشياء , ولكني كنت اريد ان اظهر في اجمل صورة من اجل احمد .تذكرت انه قال لي مرة " احب فيك سمارك الواضح " , فاكتفيت بان وضعت قليلاً من عطري , العطر الذي يحبه احمد , وربطت شعري علي طريقة ذيل الحصان , سمعت ضحكته المميزة من وراء الباب , تدغدغني هذه الضحكة , تثيرني فهي من الاشياء النادرة عنده , افرحني انها اول صوت اسمعه بعد عام كامل , ترى ماذا يقول له جورج , ذلك الوحيد الذي كان يستطيع ان ينتزع منه هذه الضحكة . فتحت الباب الذي يؤدي الي غرفة جورج . كان جالساً علي كرسي الضيوف ماداً رجليه على الطاولة وقد خلع حذائه , اربكته مفأجاة دخولي رغم انه كان يتوقع حضوري , على عجل اراد ان يلبس حذائه لم اعطه هذه الفرصة ارتميت عليه ..لا بل قفزت عليه وهو مازال في الكرسي .
- سنة ... ينعل دينك - " لم يرد .. امسك وجهي بيديه الاثنتان وقربني الي فمه وارجعني الي اليوم .. الي اللحظة " . غازلنا جورج بكلماته المهذبة , وعندما لاحظ انني اصبحت كبنات الثانوي احاول التدثر بذلك العفاف البليد باحثة عن الطرحة التي كنت اصلاً قد نسيتها في مكتبي . ضحك وقال لحنان : - اليوم اجازة في المكتب احتفالاً بخروج احمد . والقي المفتاح لأحمد . - بالمناسبة طلبت ليكم الغداء من المطعم حايصلكم الساعة تلاتة , وماعندي مواعيد مع أي واحد اليوم يعني ممكن تاخدوا راحتكم كاملة واغلق الباب خلفه وهو يغمز لنا . جلست بكاملي في حجر احمد واضعة راسي علي صدره بينما قام هو بتمشيط شعري باصابعه , بداءت احكي له ماجرى لي من يوم اعتقاله , كانت يده تتحرك في اجزاء جسدي كانها تريد ان تتعرف عليه لاول مرة . كانت اصابعه تبحث عن منحنيات جسدي وهضابه , تسافر بعيدا حينا وفجاءة ترجع . بين السفر والرجوع , اتوه في عيون احمد . ويغمرني دفء تماما كالدفء الذي احسه الان وانا بين احضانه . رفعت راسي قلت له : كان جسدي سجينا وانت الان حررته . قال : وانا صرت اشعر بالوحدة حتى في وجود الناس لذلك سأسافر .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: ABUKHALID)
|
الاخ عوض هارون ليكن هذا البوست توثيق لجرائم الانقاذ المخفية لقد عزبوا المناضل البعثى التجاني حسين حتى فقد حاثة السمع. من الزكريات الممتعة مع احمد الحلفاوي اول يوم ندخل فيهو الزنزانة الجماعة بكونو متخوفين من الناس الجداد يكونو قواسات من الامن وكان هذا يوم ضربة الترابي فى كندا ولقينا كل المعتقلين فى الحوش وتم توزيعى معكم فى الزنزانة رقم خمسة واول زول سلم علي بالاحضان كان الزميل مصطفى زكي حينها اطمئن الجميع فقام الاخ احمد صرخ معلقآ دة احمر. سيف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
8 حملت حقيبتك , حقيبة الوطن كان فيها خطابات سلمى , وصور الاصدقاء وديوان المجذوب ورواية تويجات الدم وملابسك الداخلية وبنطلون جينز واوراقك الرسمية , ولوحتين لسيف اللعوتة وشحتو . وعدك جورج انقير ان يحضر لك طبقات ودضيف الله في المطار ولكنه لم يحضرها لك , وعندما سألته قال لك _اريدك ان تنسى الطبقات , اذهب الي هناك وابحث عن السودان الجديد . اين سأجد السودان الجديد ياجورج – في تلك البلاد التي يذهب اليها الملفوظين – الرؤساء والملوك السابقين والشراميط والصعاليك والسياسيين الذين انهكهم النضال . حملت حقيبتي وتوسدتها في صالات مطارات العالم , محطتي الاولى كانت مصر , كنت اعرف مصر جيدا من خلال المسلسلات والافلام ومجلة روز اليوسف وصباح الخير وكتابات نجيب محفوظ ويوسف القعيد وعبد الحكيم قاسم واشعار احمد فؤاد نجم والابنودي وصلاح جاهين واغاني الشيخ امام وسيد درويش , كنت اعتقد انني اعرف مصر جيدا من هؤلاء , لكني اكتشفت ان هناك مصر اخرى , مصر لم يكتب عنها كل هؤلاء , مصر المشردين , مصر الذين لايجدون مايأكلونه ليلا , مصر السودانيين في العتبة , مصر السودانيين في عابدين , مصر السودانيين المرابطين امام مكتب اللاجئين الذين لايعرفون اين ستنتهي بهم مألاتهم هل في كندا. ام امريكا . ام استراليا . ام في مصر ذاتها. فجاءة خطر لي ان ابقى داخل المطار , اعيش فيه كما في ذلك الفيلم الذي يحكي عن احد اللاجئين الجزائريين الذي يعيش في مطار شارل ديجول, سوف اشرح قضيتي وقضية التعذيب في السودان لصحافة وتلفزيونات العالم , وانا في تهويماتي ناداني صوت انثوي رقيق - استاذ احمد - مرحب " سريعا جدا مددت يدي بالسلام " - الاستاذ من وراء الازاز داكهو عطاني الوراة دي " التفت ناحية اشارتها لم اتبين شكله جيدا نسبة للازدحام الشديد , من ترى يعرف انني هنا " اخذت منها الورقة وشكرتها , فتحت الورقة كانت ورقة صغيرة بها تسعة كلمات" لاتنسى ان تحضر بعض المشروبات من السوق الحر" . بدون ان اعرف من هو الذي وراء الحائط الزجاجي اتجهت نحو البار اشتريت عدد لابأس به من زجاجات الويسكي من كل الوان " الليبلز" الموجودة في البار وكم كرتونة من البيرة حتى انني احتجت لواحدة من تلك العربات التي يدفعها المسافرون . وواصلت طريقي مع الركاب نحو موظفي الجمارك والجوازات وانا افكر في من هو الذي سيستقبلني . ومن اين علم انني ساكون هنا, وانا لم يعلم بسفري هذا الا ثلاثة سلمى وجورج وامي .انتهيت من الجوازات والجمارك . وسرت نحو بوابة الخروج ونظري يتجه نحو الحائط الزجاجي . اين انت الان ياحسن عثمان . اتراك قابعا في زنزانتك تنتظر تلك الخمسة دقائق التي هي المدة المسموحة لك لقضاء الحاجة , والاستحمام , وملاقاة الرفاق , والوضوء للصلاةالاجبارية, والتقاط بعض الاخبار . ام تراك واقفا كعادتك وانت تمسك بالسيخ على فتحة الباب , متربصا لهم تراقب تحركاتهم , مما يجعلهم يرتجفون صائحين " اقعد تقعد قيامتك " . انا الان في مصر ياحسن عثمان , في مطار القاهرة , هاأنذا اخرج من المطار حاملا معي مالذ وطاب من الشراب … اعلم انكم مضرجون بالجوع والعطش …. اعلم انه وفي هذه الساعة بالذات جاء اليكم علوان " وكشح " سطل الماء الذي استلف احدكم وقتا مقتطع من خمس دقائقه ليملائه …. سيتضاعف بعدها احساسكم بالعطش ولكن ستحاربونه بنكات الحلفاوي وتعليقاته الساخرة على مشية علوان المكسورة , تعودتم اعرف ان تتحملوا العطش حتى اليوم التالي بطريقة الجمل التي تعلمتموها من مصطفى . اتذكر ياحسن ذلك اليوم تماما كما في حلبة الرقص , تتردد يبهرك الضوء فتأخذك الموسيقى , وتتلبس اقدامك حمى الحركة , فتجد نفسك في الوسط مشاركا الناس , ثم رويدا رويدا تضيع منهم مع تواطؤ منك على الغرق داخل نفسك , تندغم حركة جسدك مع الموسيقى , تصبح الموسيقى لك وحدك , لاتسمع اي اصوات اخرى سواها تنسى الناس الذين كنت ترقص معهم , فرقعة السياط هي التي تنظم حركة الجسد , لذة الالم هي النغم , صرخات الرفاق هي النشاز , و في قلبك ينمو الحزن مولدا الانفجار فتتماهى مع النشاز , لايتركونك , يكتموا الصرخة بتلقيمك قطعة من القماش لترتد الصرخة الي داخلك , فهم لايريدون لصرخاتكم ان تقطع منهم هذه النشوة التي لاتأتيهم الا في عنفوان التعذيب . اين بوابة الخروج في هذا المطار الكبير , واين الذين ينتظرونني .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تجربة معتقل سياسي (عوض هرون ) أو ما تم في غرف الاشباح (Re: خضر حسين خليل)
|
العزيز خضر لك حزمة من الورد ولعوض هارون قنبلة !! منذ فتح هذا البوست انا اقرأ عوض بعمق انا اعرف هذا النوبي الوديع من زمن تاتيت دع حفيد الخليل يكتب .. ويكتب لن اعلق ابدا فقط سأحتفظ بهذه المخطوطة الرائعة وسأعيد قراتها مرات عوض لك الشوق العظيم ولنا الانتظارالمر بوعد اللقاء ولو في بيت عسكرية !! خالد سدني
| |
|
|
|
|
|
|
|