دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مكان محمد جلال شاغر في قاعات الدرس وحلقات الحوار العفيِّ
|
د. مهندس فوزي محمد صالح الناشط النوبي والمتابع الحذق للاحداث يتابع دوما مجريات الامور ويمدنا بما هو يسحق .. وبريده دوما يحمل الكثير من المعاني العميقة
الأخ الغالي محمد طابت أيامك ومتعك الله بالصحة والعافية جزء من رزمانة هذا الأسبوع للأستاذ كمال الجزولى المحامى الأستاذ كمال الجزولى يدافع عن حرية الدكتور محمد جلال هاشم
من يسمع يا رجل؟
في ورقته حول د. محمد جلال ، عضو اتحاد الكتاب السودانيين المعتقل ، ومن خلال ندوة الاتحاد ، تضامناً معه ، بقاعة عبد الحي ، نهار الأربعاء 18/7/07 ، ضرب د. الوليد مادبو مثلاً بتصدِّي هذا الباحث لجهات عالميَّة رفضت فكرة تحويل تسمية دراسات علم الآثار في منطقتنا الجغرافيَّة من (علم المصريَّات Egyptomology) إلى (علم السودانيَّات Sudanology) ، وذلك من منطلق رؤيته للحق في ( تقرير) ، وليس فقط (إثبات) ، أن منشأ هذه الحضارة هي أرض النوبة. من ثمَّ نبَّه مادبو إلى أن وقفة محمد جلال التي أدت لاعتقاله ينبغي ألا تفهم كمجرَّد وقفة (كجباريَّة) ، بل كوقفة وطنيَّة تدعو لاحترام الخصوصيَّة الثقافيَّة للشعب النوبي وغيره من شعوب بلادنا ، كوسيلة حضاريَّة لتقرير الذات السودانيَّة ديموقراطيَّاً. وبالحق ، فإن لمحمد جلال مجاهداته الفكريَّة المرموقة في مبحث (الهويَّة والتمايز) كمقولتين فلسفيَّتين وثيقتي الارتباط ، بدلالتي (الوحدة والاختلاف) ، وتعود صياغتهما إلى الفلسفة اليونانيَّة الباكرة ، إلا أنهما فهمتا ، آنذاك ، فهماً أنطولوجياً بحتاً ، تراوح بين تأكيد بارمنيدس على (التطابق) وخلوصه إلى (الثبات) ، وبين تشديد هيراقليطس على (التغيُّر) وخلوصه إلى (النسبويَّة). لكن مع أرسطو بدأ الانتقال من دراستهما في إطار العلاقة الأنطولوجيَّة بين الأشياء الماديَّة ، فحسب ، إلى معالجتهما ، أيضاً ، فى حقل العلاقة المنطقيَّة بين الأحكام المفاهيميَّة. هكذا أضحت (الهويَّة) تدل على (الثابت) المشترك ، سواء بين الأشياء الماديَّة أو الأحكام المفاهيميَّة ، أما (التمايز) فأضحى يدلُّ على (عدم تطابقها). لاحقاً طوَّر ليبنيتز هذا الاتجاه بصياغته (قانون الهويَّة المنطقى). غير أن أسلوب التفكير الميتافيزيقى السائد ، آنذاك ، بالغ فى عزل (الهويَّة) عن (التمايز) ، الأمر الذي انتقدته المثاليَّة الألمانيَّة ، خاصة لدى هيغل ، حتى جاءت الماديَّة الدياليكتيكيَّة لتعين على رؤية المقولتين كوجهين (متحدين ومتضادَّين) لظاهرة واحدة ، و(كمرحلتين) من تطوُّر تناقضاتها الداخليَّة ، وكتعبير عن علاقتى (الثبات والتغيُّر) فيها. ومحمد جلال هو سليل البحث الطويل في قضيَّة (الهويَّة) التي شغلت أجيالاً من المبدعين والمفكرين والباحثين السودانيين ، منذ بواكير ثلاثينات القرن الماضي ، حيث بدت كما لو تكرَّست في حقل الآداب والفنون وحدهما. فقد وعدت (مدرسة الفجر) ، مثلاً ، بالتأسيس لما أسمته بـ (الأدب القومي) لاستجلاء (الذاتيَّة السودانيَّة) ، وأطلق حمزة الملك طمبل نداءه الشهير: "يا شعراء السودان أصدقوا وكفى!" وذلك فى كتابه (الشعر السودانى وما ينبغى أن يكون عليه) ، كما نحا محمد احمد محجوب ذات المنحى في معالجته لقضيَّة الأدب واللغة في السودان. ثم بعد سنوات طوال برزت ، في ذات السياق ، أطروحتا (الغابة والصحراء ) فى مطالع الستينات ، و(أبادماك) فى خواتيمها ، وإن اتسع مفهوم الأخيرة شيئاً ، ليشمل سائر أشكال الفنون ، كما ظهرت (مدرسة الخرطوم) في التشكيل ، خلال النصف الثاني من الستينات. لكن ، مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ، بدأت هذه القضيَّة تحظى باهتمام ومشاركة أوسع من مفكرين ومبدعين وباحثين وكتاب وسياسيين من مختلف المدارس والاتجاهات والتخصُّصات ، مِمَّا أكسب الحوار طابعاً سوسيوبوليتيكانيَّاً أعمق. تلك هي الأجواء التي شهدت ولادة مفهوم (السودانويَّة) ، بدلالاته المتعدِّدة ، ولعلَّ أشملها الدعوة لمقاربة سؤال (الهويَّة) من خلال معالجة حراكات وعلاقات التاريخ والاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والفكر فى السودان ، على الصعيدين البحثى والإبداعى ، والاشتباك ، بحساسيَّة خاصة ، مع المحدِّدات الرئيسة لأسئلتها التفصيليَّة على ما هى عليه فى بلادنا ، وليس بالتعميم الرتيب لخصائص هذه الحراكات والعلاقات في أيِّ بلد آخر. وقد سلك مفهوم (السودانويَّة) ، منذ بواكير استخداماته ، لا بالمعنى الذي يزعم اكتمال التأسيس النظري أو المنهجي الشامل ، كما راج خطأ ، وإنما بدلالة التشديد الإشكالي ، فحسب ، على تلك الحساسية ، أو التوجه الذهني المطلوب عند التعاطي مع سؤال (الحالة السودانيَّة) ، وتجليات الواقع الثقافى ، بحيث يستشرف أفقه الممكن ، ويمتح من حقائقه المجرَّدة ، القائمة على (التنوُّع) بالأساس. (السودانويَّة) ، بهذا الفهم ، أدنى لأن تتمظه ( كنظريَّة) لم تكتمل بعد ، لكنها تعكس التوق لتجاوز المقاربات التى تعمد لإخضاع الواقع الفكري والثقافي فى السودان لنظريات وفرضيات (عامَّة). وهي ، بالأخص ، انتباهة سديدة لثقل (العامل الثقافي) فى منظور التاريخ الاجتماعي لمختلف تكويناتنا القوميَّة. و(السودانوية) ، فى بعض مجازاتها أيضاً ، تقصِّ منتبه لأهمِّ اتجاهات الحوار المطلوب بين المكونات الأمة ، تحقيقاً له ، وضماناً لتواصله ، كغاية ووسيلة في آن. ولأن هذا الحوار لم يستقم ، حتى الآن ، كما ينبغى ، فإن الثقافات السودانية ، بل والشعوب السودانيَّة ، لا تزال جزراً معزولةً ، والتائه الأكبر وسطها هو إنسان السودان الأوسط الذى ينتابه ، على حد تعبير د. نور الدين ساتى الذي يعود إليه الفضل في سك المصطلح نفسه ، ".. الإحساس فى بعض الأحيان بأنه يعيش حياته كجورب مقلوب" (م/الثقافة السودانية ، ع/15 ، أغسطس 1980م ، ص 11). إلى تيار (السودانويَّة) هذا نستطيع أن ننسب محمد جلال أيضاً. ففي كتابه الموسوم بـ (منهج التحليل الثقافي: القوميَّة السودانيَّة وظاهرة الثورة والديموقراطيَّة ) يقدِّم نموذجاً مرموقاً ، كما نوَّه د. مادبو ، في مناهضة (المركزيَّة الثقافيَّة) ، إعلاءً لشأن (الهويَّة والتمايز) من صميم خبرة الواقع السوداني ، فيرى ، عن حقٍّ ، أن (المركزيَّة) ستؤدي حتماً إلى هَرَميَّة تبرِّر لرجل الدولة شحذ محفزات النزعة القبائليَّة ، دونما أدنى اعتبار لواجبه في تقرير الرابطة المدنيَّة ، ويشدِّد على الديموقراطيَّة المؤهَّلة حقاً لتوظيف جدليَّة الصراع الثقافي إيجابياً ، كبديل يجدر التعويل عليه ، كونها "محور التماسك العاطفي" للشعب.
مكان محمد جلال شاغر في قاعات الدرس ، وحلقات الحوار العفيِّ في الهواء الطلق ، لا بين جدران السجون الشاهقة ، أو في عتمة الزنازين الموحشة!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مكان محمد جلال شاغر في قاعات الدرس وحلقات الحوار العفيِّ (Re: hanouf56)
|
الأخ Welyab في آخر زيارة شرفني بها في منزلي المتواضع بلندن كنا كمن يسابق الريح: هو في عجلة ليرتب آخر أغراضه قبل التوجه إلى هيثرو في رحلة العودة المظفرة إلى الوطن بعد أن نال شهادة الدكتوراه في اللغة النوبية على يد العالم الكبير بروفيسور هيرمان بيل ، وأنا وزوجتي في حثه على تناول الطعام فقد وصل متأخراً لأنه كان يصر على أن تكون دارنا هي آخر مكان يودعه وأن تكون وجوهنا نحن والأطفال آخر الوجوه التي يودعها قبل الذهاب لهيثرو. كنت أقتطع من الدقائق القليلة المتبقية ثوان لآقول له فيها: هذه المرة لابد أن يكون نصيب هالة المغربي والصغار هو نصيب الأسد من الإهتمام..وبالله ياجلال تاخدهم أي مكان عشان يتفسحوا شوية..دا حقهم عليك ! وأظنه سئم ثرثرتي..قطع رجاءاتي بأن نبهني إلى أن أفرغ لمشاريع الكتابة التي شغلت بها بعض الوقت وحدثته عنها. ثم إنه نبهني أن أفي بوعدي بالتوجه إلى الوطن أو قريبا منه. نبهته مرة أخرى إلى أنه لم يطعم ، وينبغي أن يأكل شيئا.
كنت أحمل همه وهو سارح في هموم وطن بحجم قارة. حسبت كثيرا أنني أصقل تجربتي الوطنية ونقائي الثوري بحيث يرث أبنائي من بعدي سيرة أب وطني نظيف أحب بلاده وشعبه إلى حد الغلو. كنت واهماً. صداقتي بالثائر والمثقف العف محمد جلال احمد هاشم نزعت مني ذاك الوهم وأكدت لي أنني بحاجة لأدخل مدرسة المثقف الواهب ثقافته لمواطنيه دون خيلاء كاذب..مدرسة النوبي الأصيل والسوداني الأكثر أصالة محمد جلال هاشم.
في معتقلات السودان _ويشرفني أنني كنت نزيلها - يلتقي ضباط وعسكر السجون وبعض نزلاس السجن يلتقون بأمثال محمد جلال هاشم؛ وتكون النتيجة دائما هي أن تتنزل الثقافة كمفهوم إنساني نضالي وأخلاقي إمن برجها العاجي إلى أرض الواقع، وتتزود زنازين السجن وطوب حائطه بالضخ المعافى لرسالة المثقف حين يكون دخوله إلى زنزانة السجن شرفا يتمناه كل شريف ، وشمسا يعجز صغار الآلهة وحائط السجن عن حجب ضيائها.
| |
|
|
|
|
|
|
|