|
" اسلا سل سو " Asela sela soo
|
كما تعددت وأختلفت وسائل النوبيين في التعامل مع الأشياء، إلى جانب ابتكاراتهم النوبية الصرفة لأدواتهم ومسمياتهم استحدث الأطفال النوبيون بفطرتهم وسيلة تخاطب بين الأقران في الريف النوبي. "اسل سل سو" Asela sela soo هي وسيلة تخاطب بينية مبتدعة بين الصبية والصبايا الذين يمرحون بالأغنام في إطراف الحقول والمزارع الريفية، لترتع الأغنام بالأعشاب التي تنمو خارج الحقول وعلى أطراف الجداول بفعل بعض تجاوزات السُقيا التي تحدث رغم أنف المزارعين وخارج إرادتهم، عندما تكسر الجداول، أو تفيض عنها المياه فتنبت بعض الأعشاب والحشائش خارج الخطة أو الرقعة المزروعة ببعض الخضروات الموسمية. إلى جانب بعض المساحات التي يستغنى عنها المزارعين بفعل إنتهاء موسم النبتة المزروعة أيضا. فيجلس الصبية على أطراف الجداول والحقول وهم يراقبون الأغنام خشية أن تتعدى على المساحات المزروعة والمناطق المحرمة عليهم، حيث يتم تقسيم أدوار المراقبة بين المتواجدين، أحيانا بالتناوب ! وأحيانا أخرى بالجهات. وذلك حسب ما يقتضيه الأمر والحاجة !! ومن الطبيعي أن يجد الأقران من الوقت ما يسمح لهم بممارسة بعض الألعاب المحلية التي تكون عادة مرادفة أو ملازمة أو مرتبطة بحالة التواجد كلعبة "التابTab" التي تلعب بأربع قطع صغيرة مصنوعة من جريد النخل الأخضر بشقها وتهذيبها لتحمل الأعواد الأربعة لونها الأخضر والمستمد من طبيعة لون الجريد، والجانب الآخر يحمل اللون الأبيض الناتج عن شق الجريد.! ويستكمل باقي أدوات اللعب أيضا من بقية ما استخدم من الجريد نفسه،أهمها تلك العصاة الحامية لسعتها! أو تلك العلقمة الصغيرة المسماة بالسيجارة، ومن يسعد بها وتقع بين يديه ـ حسب مجريات اللعب ـ يصدر بموجب حيازتها أحكام حسب هواه. وربما يشفي بها غليله، أو يسترد بها ثأره من أحكام صدرت عليه!! وعندما يتحلق مجموعة الصبية أو الصبايا للعب"التابTab" تكون هناك فئة أخرى قد آثرت التحاور، ويكون التحاور عادة إما حوار صداقة، أو حوار خصومة وندية، ولكل نوع من انواع التحاور أسلوب مخصص وطريقة فريدة، حيث يتحاور الأصدقاء الذين لا يودون أن يعرف بعض الصغار ما يدور بينهم بطريقة الـ " اسل سل سو " وهي طريقة بينية مبتكرة ومتعارفة بين مجموعة المتحدين بها، فتكون بإضافة حرف أو مقطع متفق عليه في آخر الكلمة أو في أولها أو جزعها ـ كما يتفق عليه ـ ليصعب على البقية متابعة ما يدور بينهم من حديث، وخاصة عندما يكون للحديث دلالات إعجاب متبادل بين صبي وصبية! كما أن أسلوب " اسل سل سو" ينشط أيضا بين الصبايا (ذوات الطرح الملونه ) وهن في طريقهن إلى البئر لجلب المياه العذبة فيتجاذبهن الحديث في بعض الخصوصيات فيلجأن إلى ذاك أسلوب، وعندما يدور الحديث بين من عرفن طريقهن إلى قرب موعد تغير لون الطرحة التي تعلو رؤوسهن، بتقدم شاب إلى أوليائهن، فيبدين فيما بينهن مدى موافقتهن.! أو رفضهن، والذي لا يتجرأن بإبدائه لأوليائهن، ومن خلال ما يتناقل بين القرينات وما يتلمسه اللصيقون بفطنتهم القروية من خلال مؤشرات وإيحاءات لها دلالات مألوفة، كتعمد اختفاء الصبية من اعين من أراد الاقتران بها !. لتعطي دلالات الموافقة !! وعكسها تماما، حيث أن عدم إكتراثها للتخفي من أعين ونظرات طالب ودها دلالة وتوضيح، ليتيقن طالب الود عدم رغبتها في الاقتران به. ومن تلك الثقافات والإيماءات النوبية الثرة يتورع النوبي في تعامله، ويكتسب اللباقة والكياسة في التعامل مع الآخرين، لتتجسد شخصيته المسالمة الحاذقة النبيهة نبراسا منيرا في أواسط المجتمعات المحيطة بهم.
|
|
|
|
|
|