|
(تغييب الوعي).. مهمة من في (الشمال) وغيره؟!!
|
(تغييب الوعي).. مهمة من في (الشمال) وغيره؟!!
الرياض/ محمود عابدين
في سودان اليوم لا (يصنع) الفقر وحده، لكننا نتجرع مرارات صناعة (الجهل) والتسطيح وتغييب الوعي، عمداً أو جهلاً أو دفعاً (مدفوعاً) بمقابل قد يكون معنوياً او غير ذلك.. فلدينا فئة أوشريحة من المجتمع تقول الشئ وتمارس نقيضه، تتحدث بصوت عال وتطلب من الآخرين الصمت، تمارس السياسة وتغرق فيها حتى النخاع، وتطلب من الآخرين عدم اقحامها في قضايا الساحة، تتحزب وتلعن الحزبية، تتلون ايدلوجياً وترفض أي صبغة لدى الآخرين!!
فما ان تعبر عن ذاتك بتجرد وصدق، وتمارس حقك في تقيؤ تلك الادعاءات المزيفة التي عليك ابتلاعها، وفي النقد وتفنيد الحقائق، الا وتصدوا لك همزاً وغمزاً ولمزاً في اشارة الى مصالح ذاتية مزعومة لا وجود لها..يعلم الله لو كانت هي المراد، كم كان بالامكان ان يغتنم ويغتني الانسان بمعايير هذه الدنيا الفانية ولكن الكلمة مسئولية وأمانة.
لكن ما يجب تأكيده هنا، هو أن ليس منا من يملك كل الحقيقة، وليس من يختلف معنا كله خطأ كما يزعم احدهم في هذه الصفحة(هذه هي الحقيقة وما دونها كله باطل)!!
كل شئ بنظرمن عنينا على مايرام.. وكل مسئول عندهم مبجل مقدس لا يأتيه الباطل من امامه ولا من خلفه، الواحد من أوئك المسئولين بنظرهم، انزه من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب صاحب مقولة: (اذا أخطأت فقوموني).. مسئول يجب ان نرمقه بنظرات الاعجاب ونحفه بكرم الضيافة التي من قواعدها تصديق كل ما يقول، منزهاً عن أي خطأ أو غرض، حتى لو كان يحط من شأن الآخر ولو كان (الآخر) علياً في قامة وطن!!
في وقت تتكالب فيه أجندتهم الخاصة (مشروعات وهمية) ليس لها مبتغى سوى محاصرتك، فأنت ايها النوبي البسيط (مسيس) ولديك اجندتك الخاصة، لو تجرأت على احد هؤلاء المسئولين المروجين لشائعة المصالح التي سوف تجنيها المنطقة من قيام تلك المشروعات، مسئولون يتوافدون على مهاجرنا الواحد تلو الآخر تاركين مسئولية الرعية وحقهم على راع يشهد الله انه ما تقلد منصبه لكفاية مهنية او تميز، سوى تصبغه بتلك الصبغة السياسية التي يحرمها انصاره ومريديه على الاخرين.. لو تجرأت وسألت وأشفقت على مصير تاريخك (المدفون تحت الثرى على حد تعبيرهم)، لو تساءلت عن مشروع سد كجبار.. لماذا قيامه. وما هي الجهة التي كلفت بدراسة جدواه؟ ولماذا هي بالذات؟ ولماذا التعتيم على المشروع؟ .. فأنت متهم بالانتماء الى حزب سياسي(علمأً ان الانتماء لحزب او جماعة سياسية هي أساس اللعبة الديمقراطية)، ولديك أهواء في السياسة وتعارض اي تنمية..
أما لو صفقت وهتفت على صيغة عادل امام (هو انا هاعرف اسمي اكتر من الحكومة) فيالك من مواطن صالح ونزيه!!
في احدى زياراته قال احد وزراء الولاية الشمالية: لماذا نحجب المعلومات.. هل هي معلومات عسكرية؟!!.. منذ تلك المقولة ظلت المعلومات البسيطة التي سألنا عنها والمتمثلة في: ما أهداف المشروع؟ ما حجم رأسماله؟ وما هي آلية ادارته؟ ..الخ، حبيسة الأدراج طي الكتمان، بينما اميط اللثام عن أدق الأسرار العسكرية عن حرب اسرائيل في لبنان الصيف قبل الماضي؟ فيما ما زالت اسرار سد كجبار محظورة سوى تلك التي يجود بها ويوزعها لنا احد المتبرعين سندويتشات سريعة في مقالاته!! .. هم يستميتون لترويج وتزييف واقع ما عاد يحتاج الى تنظير او كثير عناء للتوضيح..ما مشكلتنا اذن؟ .. هي تتلخص بكل بساطة في أن هناك تعديل في قواعد العقد الاجتماعي بين الدولة السودانية والمواطن ولكن من طرف واحد، وما عاد بموجب هذا التعديل حق للمواطن على الدولة في المأكل او المشرب اوالمسكن والتعليم والصحة.. ونحن نتساءل اين وكيف ولماذا صودرت هذه الحقوق؟.. وهل يحق للطرف الثاني وهو المواطن الاحتجاج وممارسة التعديل من جانبه او الخروج كلية عن هذا التعاقد الكلاسيكي الذي أصبح عرفياً؟.. ومقابل ماذا تتخلى الدولة عن واجباتها التقليدية؟..
هل يعتقد كل من اوتي نعمة العقل أن تلك المشروعات (الفقاعية) التي تطرح عديمة اللون والطعم والرائحة، تعادل ما صودر من حقوقنا على الدولة في المأكل والمسكن المقدور على ثمنه والتعليم والصحة؟، هذا اذا لم تكن من بين أهداف تلك المشروعات الاخلال وتكريس الاختلال الاجتماعي والاقتصادي لصالح فئة بعينها في المجتمع؟
يريدوننا ان نصفق لضيوفهم القادمين، ولا نزعجهم وان نمارس كرم اطلاق العنان لهم ليقرروا لنا قيمة ماضينا وواقع حاضرنا بل وشكل مستقبلنا ومستقبل ابنائنا.. بأي حق لهم الغلبة ولنا الخضوع، لهم القرار وعلينا التصفيق؟ .. لا يدري احد سوى المصفقاتية والهتيفة وصناع الجهل واعداء التنوير.. ان المرء ليتعجب حين يخال لهؤلاء ان علينا باستمرار ابتلاع هذا الغث الذي يروجونه، في حين لا يتحملون كلمة حق تسطع بين سطور رأي نسطره أو مقال نكتبه من وقت لاخر!!. اين العدالة اذن؟!!
من مصلحة الهتيفة بقاء الوضع على ما هو عليه في الشمال كما في أنحاء البلاد، وكما يقول الانجليز: (لا اخبار جديدة.. هذا خبر طيب بحد ذاته).. لا يريدون التغيير ولا يؤلمهم ما يحدث للوطن ولانسانه من تمزق في مكوناته كدولة وفي ثقافته كانسان، ولا تمدد الاقامة غير الهنية خارج حدود الوطن، ولا يؤلمهم مؤشرات المستقبل القاتم ولا مرارة الحاضر.. فربما بل من المؤكد أن من يده في نار الغلاء وغليان الاسعار، ليس كمن يده في صولجان السلطان وخيراته الوفيرة التي تغري بعضاً ممن كان يزعم أنه من حملة المبادئ ان يبيع اهله الكادحين بأبخس الاثمان مقابل حفنة من (...) ليتها كانت حتى دولارات!!.
هذه دعوة لحملة مشاعل الرأي من أهل الشمال بكافة اتجاهاتهم وميولهم وانتماءاتهم، ان يضيئوا صفحات هذه (البانوراما) حتى لا تكون خاوية ينعق على عروش اشجارها البوم والغربان، وان يسهموا بقدر ما امكن في تعزيز مكانة الكلمة الصادقة الخالية من غرض التزييف والتسطيح .. ونقل الحقائق المزدانة بالتحليل والرأي الشجاع، لنختلف ونتفق وفق قاعدة راسخة من ثقافة الاختلاف وتغليب الحوار البناء.
للفئة الباغية على حق الاخرين في الرأي والتعبير نقول:
بكل فخر نغرد خارج ذاك السرب من المصفقين!!
آخر المرارات: يملأ المسئول المكان والزمان ضجيجاً بتنمية شاملة تعم الشمال هي الأضخم في تاريخ المنطقة، تنمية كما يزعم تشمل كل القطاعات .. لماذا اذن نهرع الى خارج الولاية بل وخارج الوطن حين يمسنا مكروه في مالنا أو صحتنا؟، ومن بالمواطن المسكين الذي نسوق له تلك التنمية المزعومة؟ من يدفع فاتورة علاجه؟!!
|
|
|
|
|
|