من المؤكد أن لقيام لجان مناهضة سد كجبار في الداخل والخارج دوافع منطقية>> فمنذ أن كانت فكرة إقامة سد كجار حلما يراود بعض المهتمين اللذين حاولوا دراسة الجوانب الايجابية والسلبية مصطحبين معهم تجربة إغراق المدينة العريقة ( حلفا ) بقيام السد العالي في الستينات .. وكذلك صور الإغراق والمآسي وما لحق بالنوبيين طيلة قرن كامل من الاغراقات المتلاحقة التي كانت تتضرر منها القرى والمناطق النوبية الواقعة جنوب سد أسوان .. والتعليات المتلاحقة التي كانت دوما سببا في التهام القرى النوبية في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني و منظمات حقوق الإنسان والجهات المنظمة لها . راجع مائة عام من الاحزان النوبية ومن الملاحظ أن اغلب لجان المناهضة الحالية انبثقت أو تحولت ... فنقل أنها خرجت من رحم لجان سابقة وبمسميات كانت تعمل في السابق لدرء آثار السدود . وتحولت تلك اللجان إلى لجان مناهضة للسدود. فبداية قيام لجان مناهضة سد كجبار كانت بعد أن تجاهلت السلطات والجهات الرسمية و تنكرت لتواجدهم .. حيث أرادت (السلطات) بذلك أن تغيّب تواجدهم في ساحات العمل العام . فتشكلت اللجان وانتظمت الداخل والخارج ونسقت.. ووحدت الجهود، ورسمت الخريطة . وناهضت وقادت المظاهرات الرافضة ، وأقامت الندوات وبذلت الكثير من الجهد لإيصال رفضها العادل والمسنود بتقارير خبراء واكاديمين في مجالات شتى لقيام السدود ، الى جانب رفضهم لتجاهل السلطات لهم .. وتمادت السلطات في التجاهل وأخذت ترسم وتخطط وتعمل وفق برامج معدة وفي ظنها أنها ستفرض ارض الواقع بل كرست الجهود ورتبت بمعاونة الأجهزة السلطوية المملوكة للدولة والنظام القائم لترغم أهالي المنطقة حيث كانت البداية بالتهديد والوعيد إلى أن تطور الأمر إلى القتل المتعمد باليات وازرع سلطوية .. ثم تراجعوا إلى ممارسة أسلوبهم الأول واختاروا أسلوب الضغط والتشريد تارة بالتهديد المباشر وتارة بالتلميح وتارة بالخداع وتارة بالإكراه وتارة باقتياد الرافضين إلى السجون والمعتقلات . فالسلطات التي جربت كل المحاولات الضاغطة لم تفكر أبدا في مجالسة الرافضين واستقصاء وجهة نظرهم ومسببات الرفض .. فهي تعتبر الرافضين والمناهضين مجرد مجموعات خارجة على النظام وأصبحت تروج بأنهم خونة ومأجورين. وان اللذين زهقت أرواحهم هم مجرد مجموعة غررت بهم .. وخزعبلات وتصريحات غير مسئولة تخرج من أفواه بعض المتسلقين النفعيين.. ومحاولات استمالة وإغراءات مادية وغير ذلك من الأساليب والطرق الملتوية .. كل هذا التصرف سيؤدي حتما إلى طريق خطر بل بدأت بعض الجهات تفكر بجدية لقيام كيان نوبي رافض لتصرفات حكومة المركز جملة وتفصيلا، وترى أن طريق الخلاص هو ما سبقهم إليه بعض المجموعات التي فرضت نفسها بقوة السلاح. وهنالك تيارات تعمل على إعلان جبهة أو كيان في الخارج أسوة بغيرهم من تلك التنظيمات التي شهدتها الساحة السودانية .. نعم إن هذا التجاهل ومضي الدولة قدما في غيها سيكون هو السبب الرئيس في خلق تيارات مناوئة للسلطات في الولاية والمركز ويمكن أن يتطور الأمر إلى إعلان بيانات وتحريك لقوى العالم والجهات الخارجية ودخول المنطقة والدولة والنظام القائم في دوامة جديدة كسابقاتها من حركات التحرر التي حملت السلاح فمنذ أن نالت منطق السلاح حيزا في الوجود وتقاسمت مع المركز السلطة والثروة لا احد يستطيع أن يجزم بعدم تكرارها في الشمال حيث كل المؤشرات والمعطيات تشير الى ان السلطات تود أن ترغم من الباقين في الساحة على حمل السلام و ربما تكون هي المحطة القادمة . وعلى الجهات والنظم والسلطات القائمة تحمل النتائج .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة