إبراهيم الكامل ( آل عكود ) وهجٌ يُبرق و عَقلٌ يتكلَّم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 09:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-18-2006, 01:51 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إبراهيم الكامل ( آل عكود ) وهجٌ يُبرق و عَقلٌ يتكلَّم




    إبراهيم الكامل ( آل عكود )
    وهجٌ يُبرق و عَقلٌ يتكلَّم



    التقيت إبراهيم في صفحة من صفحات المنافي ، واستطعمت مائدة السماء .
    سمعت رنيناً يهبط من فوقها ، و ( أجليت النَظر ياصَاحي ) ، واكتحَلَت برؤيته العيون . كُنت من قبل قد تَطلّعت لقبسٍ من سِفر إبراهيم الكامل : ـ

    { المدارات والمعابر } .

    ومن يشتَمّ البعض يُفتتَن ، ويطمع أن ينبسط له الرزق . فمن السماء هبطت عليَّ مائدة ، وقد بَخلت عَلى من سألوا الأنبياء عليها من قبل . سُبحان من يُجري الأرزاق على هواه . استطعمت ولم أزل أستقطع لنفسي ما شاء الوقت ، وأقرأ من سِفرٍ في منزلة رحيق عمرٍ ، يعجز القلم أن يستجلي كنوزه .

    مرحى .. مرحى ، يقول إبراهيم إنه سِفره الأول ! .
    استكتب أبو الفرج الأصفهاني نفسه خمسين عاماً ، حتى كتب الأغاني . هذا السِفر أجده يذَّكرني بمنـزلة من منازله . يصغر سفر إبراهيم حجماً عن أي من مجلدات الأغاني ، لكنه كثيف المحتوى . لم يجمع الأشعار والأخبار كما فعل الأصفهاني ، بل جلس عند كل نص من نصوصه جلسة عابد ٍ زينت له الدنيا من حوله أية من نعم المولى ، يجلي غموضها ويدخل ملكوت كاتبها ويلبس روحه حتى ينقلها للغة الأخرى .

    لقد تخير إبراهيم مادته للترجمة من النفيس المنظوم ، و من المموسق ، والمقدس ، ونقل لنا من شِعره الفصيح والعامي وافترش لنا أرائكاً نتكئ عليها لننهل .إنها لمفخرة لي ، أن يتطوَّف من حولي مُذنبٌ فواح بعِطر الثقافة البَهي . لن نقدر على شُكر من جعل السماء بأنوارها المتلألئة في قبضة أيدينا ، ويسر لآل عكود أن تكون منحة المولى بيدهم . نِعم الأرواح حين تأتلِف .

    قلت له : ـ

    ـ فارع الطول أنت مُشرِق الطَلعة . بسمتك ترسم لُطف ملامحك النبيلة . تبدو كأخٍ صدوق يكبُرني فقدته زماناً ثم التقيته في مساء يوم من أيام المنافي .
    رد ببسمة ، وعلى وجهه أرى ارتباكاً لا يناسب ثقل تجربته و عُمره ، وتلك من بشائر التواضُع . هو عيب استشرت جرثومته و ملأت كل خلايانا المُبدعة . جلسنا ولم يترك لنا الوهج الذي بيننا مجالاً لنعرف قشور بعضنا فدلَفنا إلى اللُب . بدأنا بالمِزاح ، وتقلَّبت نفسي في نعيم أن يُصادِق المرء جمال المزهرية المورقة وهي في عُمر العطاء السخي ، فتُفرد من روائحها ، وتمُد إليّ فرح الدنيا يضحك طفولةً .

    قلت : ـ

    ــ إذن ( المدارات والمعابر ) هو سِفرك الأول .

    قال : ـ

    ــ نعم هو الأول و هنالِك ديوانا شِعر ينتظران النشر . كَوْني هو الذي تكاثف ، عَسيرة هي الكِتابة في موطننا . تَعذبتُ وأنا أصحِح المُسوَّدة ، المرة تلو الأخرى . ضاقت بي الدنيا قبل أن يخرج السِفر إلى النور ، ولم يزل عندي موضع مُراجعة .

    قلت له : ـ

    ــ ربما نحن في السودان حديثي عهد بالنشر . سبقتنا مِصر ولبنان و دمشق ..

    قاطعني : ـ

    ــ الأزمة في تصحيح اللغة والإخراج والصقل !
    لحظة صمت نَهضَت بيننا ، وانعطف بنا الحديث لشأنٍ آخر . قلت : ـ

    ــ حَدِثني أنت عن الكتابة وخواطرها ، و هواتف الذهن التي تُطارد من يكتبون . أهي تُطاردك ؟ .

    قال : ـ

    ــ كأنك تقصد خَمر الكِتابة ، وسُكر اللغة ، فعندما أصعد عتبات الخيال الحالِم ، تهبط عليَّ الخواطِر هبوط النسور على القوارِض .

    قلت له : ـ

    ــ إنها خاطرة غريبة الأطوار تعتريني مثلك هذه الأيام .لا وصف لملامحها الغريبة ، حين تتملّك الروح والجسد . لا وقت تتخيره هي للهبوط عليَّ .حتى نَـزف السماء لَه مواسم ، لكن تلك الخاطرة تتسلل إلى الذهن كقَدرٍ استعذبت سكِينه مواضِع الرخَاوة وغاصَتْ . تهبط عقلك هبوط ملاكٍ في هِزة كونيةٍ ترتجُ لها الأفلاك ويتمدد الكون في فراغه السحيق . هذا عسير عليّ . أصحو فجأة من حلمٍ يذبحني وأنا أتخبط من انفلات الروح وقت مُفارقة الجسد . أركل بقدميَّ كأنني أتشبث بالحياة . عسير أن يهوى المرء قاتلِه . يُكسر سُنن الأحياء في حُب البقاء و كره الفناء .

    قال إبراهيم : ـ

    ــ نعم ، أنت الصادق . كأنك قد وصفت ما بي . أحسست أن الخاطِرة أمر كَوْني حين يهبط يستوطن ذهني . يحُثني لأكتُبْ ، وعندما أفعل تسترسل اللغة في نـزف متقلِب الألوان و الملامِح . لوحة مُتحركة ملؤها الأحمر والأبيض والأصفر والأسود والتركُواز ، وعجائب تتخلق بين استراحات الرمادي حين يستعصي الصفاء والود بين الجميع . أقلق هو ليلي و تَهيبته .

    قُلتْ :ـ

    ــ أراك سيدي وأنت في عُمر تجاوز الخمسين ، كنخل فارِع الطول حين تُداعِبه الريح يضحك . فجذوره قد استشرت شرايينها تُمسِك بعروق الذهب في صخر الأرض .أعرف من يقول اترك في جيب سُترتك مُفكرةً صغيرة على الحِمل ، ناعمة رشيقة في رفقتك حتى وأنت نائم ، وعند هبوط صرخة الخواطر ، انـزع نفسك من النوم وامسِك القلم واتبِع الأوامِر .

    قال إبراهيم : ـ

    ــ أذكر في زمان قديم كُنت أعرف سيدة أجنبية تعشق مثل هذه الخواطر ، وتجلس في حضرتها جلوس الطفولة أمام الجَّد حين يقُص من أحسن قصصه التي تُلهِب الخيال . كان قلمها يُطيع الخواطر المجنونة و ينقل الشِعر والنثر . يهبط ذهباً لامِعاً برياحه الشيطانية يلتهب بالتمرُد ، حتى عبثت تلك الخواطر بذهنها ، وأسرجتْ بُراق الأحلام وطافت الآفاق ، استعصى عليها العودة لعالمنا . كانت تلك مأساة مُجلجلة .كَتبتْ تلك السيدة أسفاراً تُـذهل العقول . ترمي الأحجار في البِرك النائمة ، وتلون أقصان الخيال بألوان الدنيا الساحِرة . إياك يا عبد الله أن تستجيب لتلك الخواطر فتتملكك وتُبعدك عن القريب والحبيب . استجِب قدر المُستطاع ، ولا تُسلس لها قيادك كل الوقت . إنها تضرِم نارها حزاماً حولك حتى يستعصِي علينا أن نُعيدك لدنيانا . أنت تعرف الشاعِر إدريس محمد جمّاع ، فعند تآلفه مع تلك الخواطِر سرقت دَنياه ، وسرقته عنا . قبل غيبته الكُبرى نفث غُبار الشِعر ندياً حنيناً دافقاً ، واستغرق نفسه محبة لا شواطئ لها . أمطرنا جمَّاع ترياقاً يُقينا شاطحات الخيال ، وغاب هو شهيد سِحرها .

    قلت لإبراهيم : ـ

    ــ يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني : ( الخاطرة تُغري بالانفلات ) .
    إنني أعرف مخاطِر الإبحار معها . دعني أعود لنهجِك ، حين قلت لي إنك تستنهِض روح الفنان الذي صاغ النص قبل ترجمته ، تسبح قليلاً في عوالمه . تتقمص روحه ، وترقب كيف استجمع الخيال ساعة الخلق . الفكرة ، وحبائل الغة و النص ، ثم حُلول الروح قبل بدأ الترجمة . إنه عِشق غريب على سَمعي ، عصيٌّ على فَهمي ، إنني لست شاعراً لأحكُم . أنت تُقربني من الصفاء ودنياه السَاكِنة المُتأمِلة . أتَعشق النص أولاً أم تُصادق الحُلم ؟ . قُل لي كيف تحول النص عندك من عامية شِعر البُطانة القديم إلى الإنجليزية ثم إلى العربية الفصيحة عندما ترجمت الشِعر من ( مُسدار الصيد ) للشاعر الفخيم محمد أحمد عوض الكريم أبو سِن ( الحاردلو ) ؟ . هل لك أن تنشِدني النص أولاً ثم ترجمتك للإنجليزية شِعراً ، ومن ثم النقل إلى العربية الفُصحى شِعراً أيضا . اسمعني كل ذلك بنغم الدُوباي وريح أهل البُطانة كما وعدتني .
    ضحك ابراهيم و أنشد بمخارج الأصوات الريَّانة بخبرته في التدريس ، منذ مراحله الوسيطة والثانوية ومن ثم الجامعية . الأحرف عنده تتراقص وتتموسق . الهبوط والصعود والتأرجُح ، المد والإدغام والخلخلة والقلقلة والإخفاء والإظهار . سينمائية تتغمصه بكل ألوانها الطروب حين يقول : ـ

    ــ دوبيت الطبيعة ( من مُسدار الصيد ) للشاعر الحاردلو بلهجة قبيلة الشكرية :



    الشَّم خَوَّخَتْ بَرَدَنْ لَيالي الـــحَرَّهْ
    والبَرَّاقْ بَرقْ مِنْ مِنّا جَابَ القـــِرِّه
    شوفْ عيني الصِّقيرْ بِجْناحُو كَفَتَ الفِرِّهْ
    تَلْقاها أمْ خُدودْ الليلهْ مَرَقَتْ بـــَرَّهْ

    ( أم خدود : الغَزالة )

    وبالإنجليزية :


    A HARDALLO QUARTET OF NATURE

    The sun leant squashy …
    Scorch suddenly abated ;
    Lightning then flashed …
    Breezed freshly floated ;
    Glimpsed I of a hawk..
    Lashing a dove , unawaited
    The cheekiest of gazelles..
    Now leaves caverns dilated..


    وبالفُصحى :

    شَاخَت الشَّمْسُ جَبْرَةً ... رَطَّبَ الليلُ حَرَّها
    بَرَق البَرقُ بَغْتـــَةً ... رَدَ للبيد قـُرَّها
    و هَوىَ البازُ صَافِعـاً ... ظَهْرَ فَرَّاءَ جَـرَّها
    فأطَلَّلتْ بِخَدَّهـــا ... ظَبيَةٌ هَاكَ سِرَّها

    عبد الله الشقليني

    2/04/‏2005‏-م


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de