|
الشيطان الباطِن
|
الشيطان الباطِن
(عشيقة من زمن الطيش وزوجة ، يسكنان الجُمجُمة .)
تلك تفاحة الرأس ، وهذه سكين المواسم . نَم عزيزي حتى نجد مُتسعاً من الوقت لنَفتح رأسَك أيها الشقي ، فمن غُبار القطيع أمسكنا بِكَ في زحام العامة . إن دماغك المُحب للحياة مصنعاً فريداً لا يتعطل أبدا . يسهر بعضه في منامِكَ ويستريح بعضه الآخر . مليارات الخلايا، تضطرب وتتحدث وتعمل ، ثم تزوي مع انقضاء العُمر . تلك فروة الرأس ، نقشِّرها لنرى العظام المُتشابكة . ندَع قشرة الدماغ جانباً ، ونَعبُر ذكاءك و التلافيف . يقولون الشيطان في التفاصيل ، لكنني أراه يختبئ هُنا . صوته أجَش ، شكَّلته الدُنيا نزوة إثر نزوة ، سياط تعلو الظهر ، وقهر نما أشرَّ مما كُنا نتصور . إن الشيطان الباطن في مُخيّلتك أيها الشقي كائن نمرود ، لا يُحب الثمر إلا المغسول بماء التُـرَع ، أو المنـزوع من الطين الأسود . دوماً في مائدة العَصر لا يحمل سكيناً أو شوكة ، بأصابع يديه يلعق الزبد الطافي . بطلٌ في وجه الدُنيا عاري الجسد ، تُعجبه الأنوثة تمشي حافية في الوَحل وفي الأحراش . الشَعر تناثر في ضوء الشمس والرغبة تُقطِر ندىً . خاطبتُه : ـ أأنت ابن الحاضر أم أنت سليل الرجل الذي انتصب على قدمين وسار ؟ قال : ـ أنا ابن الرغبة المنطلقة ، يُضجرني الضبط . قلت : ـ من تكره ؟ قال دون تردد : ـ تلك السيدة التي تسكُن معنا البيت . صورتها كمومياء مُحنطة تلتف بسياج من لهب يلمع . عِطرها بارد ، وشفتاها كالصمغ .الوجه تمثال حجر ، والبسمة تقاطيع برُنز والشَعر مشدود بانتباه إلى الخلف . سيدة النُظم والترتيب .. الذي أكره . قلت له : ـ أتلك صورتها مع زوجها ، .. أأنت زوجها ؟ قال الشيطان : ـ أنا الحُر الهارب من ماكينة صُنع الأطفال . أنا العابث في الدُور المُظلمة .أهوائي تُفلت من ضوء الشمس . يُعجبني التكسُّر وأعشق اللَّذة في مواضع الحيرَة فأنا صديق الخُبز المُبهَّر . لي عشيقة من زمن الطيش ، هي الآن سيدة في عُمر دافئ . نضحكُ سوياً وأتمرغ على حِجرها ، تتحسس شَعري الخَشِن بأصابع يديها وتسألني :
( دبَّ الصلع على رأسك أيها الهارب من قفص الزوجية ، سأنفُث سُمي لينتعش جسدك . اخلع هندامك وريش الروتين وأترع من كأس رضابي واسكر.)
عبد الله الشقليني 20/11/2005 م
|
|
|
|
|
|