هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 00:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-23-2007, 05:11 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار


    B]



    هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (1)

    ***



    رأيتُ صورة ضوئية في ألبوم صور قديم فاندلقت جِرار الذكرى :
    رحلة أكاديمية لزيارة آثار شمال السودان ، مطلع سبعينات القرن الماضي :

    بُرهة في زمان التاريخ . بقليل من الحيل تمكَّنا من التعود على التعليم المُختلط . انحلت أزمة النظر إلى الأنثى من مناظير الكبت وحلّت محلها الزمالة والرفقة الطيبة وحُسن تدبير الخُلق . بيننا لم تزل الحُجب ، لكن رقة الحديث والرفق فيه وطيف الدُعابة والتفكير قبل الانفعال : هو ما تعلمنا عند مخاطبة رفيقات الدرس من أخواتنا الطالبات .

    معنا في مسيرة تلك الرحلة سيدةٌ ، زوجها رفيقنا في السفر و مُشرف على الرحلة ومُعلم لمادة التاريخ . هيَّ في سن رفيقتينا أو تكبُرهُن بسنة أو سنتين .سيدة لم تَمحَ عِفة قلبها الطلِق أن أنوثتها قد جربت الرفيق الحميم بعقدة الزواج . هي غير اللائي برفقتنا . هنالك تمييز خطّت رسمه سكِّين ثقافةٍ فَصَلت بين المرأة البكر وبين المتزوجة . تغيّراً نوعياً في تركيب الهرمون و تشكيل الجسد ونمط المسلك وطيب الروائح وطرائق الحديث . فروق لم تزل تُراوح مكانها وإن تلونت بلون التحضُّر .لم نزل نرسف في قيود بقايا المجتمع الزراعي الرعوي بإرثه الذي جعل أمر الدنيا سهل على الذكور وعسير هو على الإناث .

    مُشرف الرحلة و زوج تلك السيدة يلبس رداءً أكبر من سنه . يتقمص روح الأبوَة مسلكاً وطريقة حياة حتى يظهر الفارق بيننا وكأنه دهرٌ ، رغم أنه يتوسط العُمر إذ هو أقرب إلينا كأخ أكبر . بيننا وبينه ثلاثة عشر عاماً تقريباً.

    في عُلبة من عُلب القاطرة تَجمعنا عصراً للعب الورق ، فطريق السفر أيام تَنتظر . استدعى رفيقنا " محمد علي" مُعلمنا للمؤانسة من بعد سويعاتٍ من انطلاقة القطار من محطة البدء . حضر هو على استحياء كمن يحاول أن يمسِك بالفجوة بيننا ألا تلتئم و لا ننسى أنه معلم عالي المقام. الطُرفة عنده مُتماسكة مُتكدرة من أثر التكلُف . يبتسم من خلف شفاهٍ مُغلقة . عضلة أو اثنتان من ضرورات انفراج الأسارير لا غير ، حتى لا نَتبين نحنُ فرحه المُغلّف بأردية الصناعة ، ففي موضع التسلية أيضاً يرغب أن يكون قيِّماً علينا ، لكنه فشل .فهزيمته في لعب الورق يستحق عليها تاجاً من سعف النخيل كما عودتنا الأرياف : ( صايمة ) !!؟ .

    لم نتجاسر على الضحِك كما كُنا نفعل ، لكنه الهمس الفَرِح المغموس بالاحترام فهو أشدّ وقعاً على النفوس . تقطعت كل حبال الود الذي بذلنا كي نَسُدّ الفرق بين أوجهنا الضاحكة و وجهه المٌتجهِم .نَدِم هوَّ أشد الندم أن لعب الورق معنا و امتلأت نفسه حسرة من هزيمة لا تعني شيئاً آخر المطاف ! .كان عليه أن يُبقي الجسور بيننا و يختار أن يكون واحداً منّا يستعذب الجلوس إلينا ولا حاجة لمقعده المُتميّز عَلماً بين طلابه . أن تصبح إنساناً وتُعامل الآخرين بلا تكلُف هو الطريق للتصالُح مع النفس ومكسباً لمحبة الآخرين . لكن " السيد " لم يفعل !.

    كان السفر قد تمَّ التحضير له من قبل و بكل التفاصيل. الطعام المُجفف هو الأفضل ، فمحطات السفر في ذلك الزمان مصدراً مأموناً لتغيير نمط الطعام :
    شندي ، عطبرة ....، أبو حمد وإلى كريمة . نعُمنا بخير رفقة في الزمان : كتاباً مفتوحاً بألق التحابُب العفيف، فالرحلة والمبيت والسفر مع الدرب الطويل أيام قاطرات البُخار أمرٌ تترُك أنتَ معه زمان السرعة واللهث وتعود لزمان الرعي :

    " الدُغُشْ " ،" الصُبُحْ " ، " الضَحوية " ، " العِصير " ،" المِغيرِب " ، " العِشا " !.

    منام الإناث في مكان غير الذي نتخيره لأنفسنا . تلك السيدة وزوجها في
    ( قَمْرة ) في عُلب القطار تخصهم . للطالبتين اللتين برفقتنا ( قَمْرة) تخصهما أيضاً كذلك ، أما نحن جمهرة الذكور فننام أينما اتفق . إنها " سكك حديد السودان "!.

    روائح" الزوجة السودانية " تَمُر علينا مُثقلة بالطيب ، يهتز المكان من وقع حِراكها رغم أن "السيدة "تخففت منه بتوازن وفق ضرورات الزمان والمكان ورفقة الخارجين لتوِّهم من مرحلة البلوغ .

    بدأنا عالماً جديداً علينا يتطلب قدراً من تعقيد الاحترام المُلتبث . " السيدة " في سننا .أكسبتها علاقتها بمشرف الرحلة هيبة مُصطنعة لا تُناسب عُمرها ، بل هي من ضرورات المسلك الخفي الذي حفره التعقيد الثقافي الذي نعيشه ، ولكنها تجاوزت كل ذلك حين فاحت رياحينها بيننا تنشر شخصها الطاغي بتفرُده على مجلس أُنسنا فانتزعت مكانتها المُتميزة عُنوة . وعندما تتبدى المشاعر في انطلاقها العفوي ، يُنشب المُجتمع المُحافظ مخالب صقوره الجارحة في الذاكرة ، فتجد نفسكَ خجولاً ترتد لتلثُم مواضع الطفولة في نفسك التي هذبها الحياء لتحميك من طيش العواطف الجامحة التي تصيدَك في منعطفات البراءة . تذكُر أنتَ أن لكل مقام مَسلَكا فتتجنب جوهرتي عينيها وهما تنضحان عافية و تتجولان بيننا بحرية ، فنُدرك أنها كانت تفتقد الحياة الطلقة و وجدتها الآن بيننا . تسللت الرغائب الخفية تَجذبها لتعيش مثلنا ، فنحن الأقربُ سناً .أحلامنا و أدوات المؤانسة و تُراث العُمر ورواحل التاريخ المُشترك تُمسِك بالصُدفة لتجمعنا معاً.

    الحكاوي والقصص والطرائف ولعب الورق والغناء من السّهل المعروف ، والتندُر والضحك و خدمة المطبخ السفري ... ، عالمٌ أُسري يذكرنا أيام الأعياد عندما تلتقي الأُسر ببعضها في مجالس الأنس وننسى فروق "الجندر" .

    هنا وَجَدَتْ" السيدةُ " نفسها أسيرة دُنيانا . توقٌ خفي لعالم حُر . نزاع نفسٍ ترغب أن تكون مثلنا بلا قيود من حوائط الرصد أو نُظم خفية تُحدد للسيدة كيف تَسلُك . قدِمت هيَّ للراحة والرفقة والتسلية ونحن قدمنا نمزج المعرفة الأكاديمية بالتسلية والترفيه .

    بدأتُ الانتباه رغماً عني ونظرتُ مَلياً في رسمها و وسمها . لم أكن أعلمُ أن الفرح قد تخثر في وجنتيها والتفَّ حول الغمازتين . عيناها الضاحكتان تنظركَ فتتسلل البهجة إلى قلبك وأنتَ لا تدري . شمسها المُغردة تغمر الجميع بدفئها .

    تحركت الدُنيا بحُللها الباسقة ، ومشى التيار بين الجميع : حياة عفيفة طلِقة ، دون مكر . أيكون خيار العُمر عُرضة لامتحان عسير حين ترُجّ العواطف المنفلتة سكينة سيدة متزوجة ؟ . ها هي رحلة الصدفة تمتحن مصداقية تلك المشاعر الإنسانية التي تتدفق بكل حرية وقد تُزعج من يتصور أنه يمتلك المشاعر المنفتحة على الآخرين بقيد الرباط الزوجي . هُنا جاءت المفارقة بين حياة ترغب الانطلاق وأسوار خفية تُحاصر الصبية الفاتنة في موعد إثمارها . أيكون فارق السن بينها و بين زوجها أزمة تُطلّ ؟ ، فعشر سنوات أو تزيد ربما تُحيِّر الأنثى التي تتزوج من رجل يكبُرها سناً : إما أن تُكمِل مسلكها الطفولي كمُدللة أو تَكبُر لتلاحق زوجها عُمراً و مسلكاً وطريقة حياة .

    بدأتُ ألمح تعقيداً خفياً : هيَّ بشوشة مُنطلقة ضاحكة ، و زوجها مُنغلق صَمُوت وإن نَطَق تَعجل العبارة مُتلعثماً أو خرج عن المألوف كمن لا خبرة له في شؤون الحياة الاجتماعية ، وتلك من غرائب الذين لا تتصالح عقولهم التي تعي مع تلك الخفية الباطنة .

    ها هو " سيدنا" المُشرف على الرحلة : كل يوم يمُر عليه يُصبح أكثر عصبية . فزوجته الفاتنة الفرِحة : قنبلةٌ موقوتة في تفكيره المضطرب ولو صبر على الدُنيا لربما كانت أيامه وأيامها سعداً بلا قلق وَلَما طلَّت الفتنة التي تخفي شرخاً مُحتملاً في حياتهما الخاصة . ها نحن نلمس توق سيدة مختلطة برغائب مدفونة في الصدر تطلب الانطلاق ، تفور برغوتها ... تستدعيكَ لترشُف .
    يناديها زوجها باسمها عندما يلحظ الود يتدفق بينها وبيننا فتُصلِح هيَّ هندامها على عجل وتذهب إليه في ( القَمرة ) التي تخصهما . تغيب بعض الوقت ثم تعود بأشواقها لحضن مجلسنا السامر.كل ساعة تمر تُصبح ( قَمرتنا ) مسكناً أكثر خصوبة و أكثر دفئاً . بها كل المفاتن البريئة التي تسقي القلب وتنظف المشاعر من روث المجتمع الكذوب الذي يقول بغير ما يسلُك ! . ها هو المذياع و منه عثمان الشفيع يتغنى بقصيدة الشاعر محمد عوض الكريم القرشي ، فسرت رعشة في لغة الوجدان :

    فلتسألوني عن عيد الكواكب ..
    الفيهُ نور الدنيا صفاهُ ساكِبْ
    ..............

    جَلَسَتْ "السيدة" بيننا بعد أن تَسللت من ( قَمرتها ) مُجدداً وقد فرغت من مطالب زوجها الكسول ، فشطائر الطعام في حاجة لمَن يلُفها لمأكله والكأس في حاجة لمَن يمُدها له ، فهو من طينةٍ استرخت من أثر خدمة العبودية في الميراث البعيد.

    بُرهة ...ثم بدأ السمر من جديد . نردد معاً غناءً جماعياً و القطار ينزلق على خطوطه الحديدية بإيقاع رتيب يناسب أغانينا :

    الليلة وَ الليلة .
    دار أُم بادِر يا حليلا
    بريد زولي .
    .........

    بهدوء بدأت"السيدة" بالتصفيق الخجول ثم بالترديد الخفي إلى أن تمايلت من الطرب مثلنا وانطلق الهََزَار من فمها مُغرداً وتضاءلت أصواتنا أمام جرسها الصاعق .حاولتُ مُجاراتها بميلودية ثُنائية غنائية ، فكان صوتها كساء مَخملياً وصوتي أرض التضاريس . الجميع في شركٍ طروب بين الألفة والسمر حتى فاجأنا جميعاً ( سي السيد ) زوجها . احتبست الأصوات في الحناجر وكستنا غشاوة جففت بهجتنا.
    لم تسعِف (سي السيد ) مقالة يزيل بها حرجَ المفاجأة غير :

    ـ كيف الحال ؟
    ردَّ أحدنا كاتماً الضحِك:
    ـ " كويسين "...لكن الدُنيا برد !

    تسلل "السيد" من حيث أتى وتنفسنا الصعداء دون أن ننبس ببنت شفة . بدأنا نَعُد أكواب الشاي . قالت " السيدة " الجميلة الضحُوك وهي تنظرني وأنا أحاول تجنب مثل تلك النظرات الثاقبة التي تخرق الحُجُب :
    ـ صَوتَكَ حلو ! .

    الآن جاء زمانك يا قلب لتنهض من سُباتك ذات صدفة . أينعت ثمراتُك للقِطاف وهي تقف في واجهة طريقك بوهجها الذي يفوح ندى كأنكَ لم تألفه من قبل . هي الآن تمتحِن تماسُككَ في وجه إعصار الذكورة والأنوثة التي كنتَ غافلاً عن كنوزها الخادعة . عيناها الضاحكتان تجعل الفراشات تفرُّ من تقاطُع خيوط الروائح ولا تدري أي بستان وردٍ يكون مآلها . إنكَ يا قلب تخرُق العادات وتمدَّنَ عينيك لما متعنا به غيرك !.

    رفعت نظري إليها فأبرقت عيناها بجواهر خلابة واصطفت ألوان الدُنيا الحالمة في المُحَّار الأبيض متلألئة وبدأ العالم الجميل ...

    عبد الله الشقليني
    18/ 11 / 2007 م

    ***

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 11-23-2007, 05:24 AM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-01-2007, 01:17 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 01-12-2008, 03:57 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 01-12-2008, 03:59 PM)

                  

11-23-2007, 03:28 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    (2)

    قلت لطير الهَزار :
    ـ يا لدُنياك من دُنيا !
    وصوتُك ، يعتصر عُناب النغم الشجي ،
    ومَسكنك العُلا

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 11-24-2007, 07:13 AM)

                  

11-23-2007, 03:46 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    كم من القضايا تناقشها الان فى هذا المتن ياصديقى؟
    الزواج وتعقيداته بين فارق السن والاستاذية
    الصبا الباكر والتمرد المصاحب
    السكة الحديد وانهيارها التام
    كلية الفنون ومرجعياتها وثوابتها فى السفر بالطلاب الى بلاد السودان الواسعة
    وارتباط الطلاب من ثم بتلك البلاد فى حميمية لا تنفصم
    عدا عن اللغة التى تقارب ان تكون لوحة مكتملة وحدها
    يا لك يا شقلينى
    شكرا لك
                  

11-23-2007, 04:33 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    (3)

    الأستاذة سلمى الشيخ في بحور الغوص :

    تحية لك وكثير احترامي من بُهار الود الذي تقرئين به النصوص . بدأ الأمر حين طلبت من سيدة عُمرنا الجميل ، عند حضورها لدُنيا المهاجر ونستعيد ألفة الحياة التي شتت دفء السكن الأسري .
    قلت لها أن تُحضر ألبوم الصور . منها رفعنا صوراً ضوئية في بوست :
    العيد الذهبي لهندسة العمارة ،
    وقلبت الصور و وجدتُ صورة تضم نفر منا ، واندلقت الجرار تماماً كما وصفتها هُنا ( داون لود ) :
    وكتبت ، ونقلت الكثير من المشاعر التي تُحيط بصور الحياة في تلك البرهة الكونية التي كنا فيها معاً . لدينا من تجربة العُمر ما أهلنا لنقرأ الماضي بمفاتيح النفوس البشرية التي كانت تمُر علينا ... ثم كان النص :
    فيه قراءة صادقة لتاريخ وطن ، وتعقيد شخوص وقبضة مُجتمعات بقسوة على حيوات الإناث الخاصة ......
    لقد تعبت كثيراً حتى تيسر نقل صورة الزمان والمكان والأنفس .

    شكراً لكِ مِسك المحبة التي تصفين بها هذا النص .

    ***
                  

11-23-2007, 08:49 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    (4)
    Nightingale: a small brownish migratory thrush

    Luscinia megarhynchos
    Song bird

    الهَزَار هو العندليب
                  

11-23-2007, 09:27 PM

هاشم أحمد خلف الله
<aهاشم أحمد خلف الله
تاريخ التسجيل: 01-16-2007
مجموع المشاركات: 6449

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    اخي الحبيب عبدالله صباح هذا اليوم قرأت هذا النص الرائع وكنت كمن يتابع عرض مسلسل تلفزيوني مشوق , كم اتمني ان احظي بفرصة الكتابة السهلة الممتنعة لديكم .
    لا اود الغوص في لب الموضوع ولكن يكفي اني إستمتع بهذا السرد الجميل المشوق , أنتظر كتابتك المشوقة دائماً وابداً واجد لي العذر في عدم المداخلة في بعض المرات , فاحياناً لا أجد الكلمات المناسبة للمشاركة وغالباً ما يكون النص اكبر من قدراتي .
                  

11-24-2007, 05:40 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: هاشم أحمد خلف الله)



    (5)

    العزيز الأستاذ/ هاشم أحمد خلف الله
    تحية واحتراماً
    يحق لنا أن نسعد بوجودك هُنا ، وما الثناء الذي وجدته كتابتنا
    إلا من نعيم فضلك وتواضعك ونُبل مقصدك .
    نعم إن السرد هنا يحمل وصفاً للظواهر ،
    ومن مفاتيحها ولجنا للدواخل . فالأنفُس وما بها من تعقيد
    وهي تُنازع مكانها بين أهوائها وأهواء الغير وقيود المجتمع الخفية
    لو ولجنا عالمه لوجدناه كوناً شاسعاً ،

    لك الشكر الجزيل ، وليتنا نستحق هذا الثناء
                  

11-24-2007, 05:27 AM

mamkouna
<amamkouna
تاريخ التسجيل: 12-05-2004
مجموع المشاركات: 2246

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    تدفق سلس للذكريات...
    وصف جميل و مُحبٌب..
    تشويق و إثارة..
    piece of art !
                  

11-24-2007, 05:53 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: mamkouna)



    (6)

    العزيزة الأستاذة / ممكونة
    سعدنا بكِ بيننا هُنا ،
    تبدأ الحكاية من مشهد وتتداعى ذكريات تسقط مثل حبات المطر أوله يُداعب وآخره غمرٌ كثيف .
    تجد البوابات ، تسمع أنينها تنفتح وتلج أنتَ الدُنيا
    فاغراً الفاه من دهشة أنكَ كنتَ روحاً وجسداً بين تلك الأرومة .
    تلمس التفاصيل وتنفُخ عنها أتربة الزمان لتكتشف معدنها النفيس .

    لن أمل سيدتي أن أطلب منك في كل مرة أن تُعيدي لنا بوست :
    ( جلسة قهوة ممكونة ) لتكون مجلس دفء عائلي حقيقي في زمان عزّ علينا أن نلتقي ....

    ***
                  

11-24-2007, 09:54 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    عبدالله الشقليني، كلامك الكتبتو ده أسمح من الزولة
    الانكتب عنها يا سلام لكين الرحلة قصيرة شكرا
                  

11-24-2007, 03:23 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: Mohamed Abdelgaleel)



    (7)
    الحبيب : الأستاذ / محمد عبد الجليل
    تحية لك ، وأنتَ تعبُر من هُنا في مجلسِ تاريخٍ دافئ .
    هذا قطف مما حدث ، فالحياة بسحرها تدخل المسام وتغمُركَ في بحورها .
    لم تكن هذه إلا جُرعة من دنَّ تلك الرحلة .
    لا يسعفنا الزمان ولا المكان أن نجلس جلوس العُباد لنستذكر .
    B]

    أما السيدة التي تقول أن النص يفوقها جمالاً :

    فهي لمحة من مُهرٍ عابر ،
    وكنزٍ سافر
    وظباء ناظرة
    مُتأملة
    تغزوكَ في خِبائك
    فتحفُر في بطن الأرض لتنجو

    في زمن لو فتحتَ كنوز الغناء لوجدتَ من يتغنى بـ :

    يا أخوانا كان رُقْتُو
    بوَصِف الشُفتُو

    شُفتَ ....

    ***
                  

11-24-2007, 08:48 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    B]



    عيناها الضاحكتان تجعل الفراشات تفرُّ من تقاطُع خيوط الروائح ولا تدري أي بستان وردٍ يكون مآلها . إنكَ يا قلب تخرُق العادات وتمدَّنَ عينيك لما متعنا به غيرك !.

    ****
                  

11-25-2007, 08:03 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:



    رفعت نظري إليها فأبرقت عيناها بجواهر خلابة
    واصطفت ألوان الدُنيا الحالمة في المُحَّار الأبيض متلألئة
    وبدأ العالم الجميل ...



                  

11-27-2007, 06:12 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    الأخ الشفيف المرهف الحس عبدالله الشقليني
    قرأت النص بتمعن ورأيت من خلاله
    قلما يطاوعك ولا تطاوعه
    يُعبر عن ما تُريد ولا تُعبر عن ما يريد
    أرى النص كأنه عبر إلينا من خلال مقص رقيب
    لو أستمد هذا القلم اللدن بعض من جرأة ورفع عنه ثوب الحياء "وتصعلق قليلا " لأوجد لنا قِبلة أدبيه وقمة تضاهي القمم والرموز التي نتعلق بها ..
    لكن ذلك لا يقلل من قيمته كوجبة أدبية دسمة ..تفتح الشهية للكتابة والقراءة
                  

11-27-2007, 06:45 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22759

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عاطف عبدالله)

    عبد الله

    سلام يا عزيزي

    كما قال أخي عاطف ( الغائب الحاضر ) .. يطاوعك قلمك .. و أنت ( تنْهره ) أن يرعوي ..

    Quote: هنا وَجَدَتْ" السيدةُ " نفسها أسيرة دُنيانا . توقٌ خفي لعالم حُر . نزاع نفسٍ ترغب أن تكون مثلنا بلا قيود من حوائط الرصد أو نُظم خفية تُحدد للسيدة كيف تَسلُك . قدِمت هيَّ للراحة والرفقة والتسلية ونحن قدمنا نمزج المعرفة الأكاديمية بالتسلية والترفيه


    و ها أنت أسير تلك الذكرى .. و كلما صدح هزار ... أو تنامت ضحكة إلى مستمعك ... ستعود إلى هذه الرحلة

    دمت و شكرا للإمتاع
                  

11-28-2007, 08:13 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: ابو جهينة)



    العزيز الكاتب : أبو جهينة
    لك العُمر الودود والثمار الناضرة على وجهك النضير ،
    وسنعود .

                  

11-27-2007, 08:01 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عاطف عبدالله)

    B]

    (8)
    العزيز الكاتب والقاص : عاطف عبد الله
    تحية لك مغموسة في حليب محبة .


    يكاد الراوي لا يُصدق أنه وكاتب النص ليسا بتوءمين .
    إنه يومٌ من أيام أعياد التحريض على الصعود إلى عتبات الكتابة الجسورة بفعل كتابك إلينا. إلى أهوائها ودروبها الوعرة تُريدنا أن نمشي.
    وحدهم الكُّتاب يعرِفون كيف يرسم بنانهم جُرعة كثيفة تنفُث في وجهكَ كحليب ( الجِرتِق ) يُبللكَ بالفأل ويمُد أيامك سَعداً.
    بالثناء المُبطن بالتكليف قدِمت مرة أخرى تقول لي :

    ـ اترُك بنانَك لصواعق القص وبروقه الراعدة .

    أعلم أن من خَبِر الكتابة الروائية مثلك ، يُمسك بمفاصل الحراك الدرامي في النصوص ،
    يقرأ النص باطناً وظاهراً . ها هو بنانَكََ الخبير في سير الحواري المُعتمة ،
    والغرق في الظلام لرؤية الأضواء متلألئة من منابعها الطبيعية .
    نعم ... إن فتنة القص نائمة وأردتني أن أوقظها ،
    ولن تظل على حالها التي تركنا ،
    فالدُنيا عند العُباد فتنة يخافون منها .
    فالجمال بسمة من بسمات الكون تداعت أمام الراوي :

    ناعمة مطوية تحت جُنح العواطف ، تتوق لعالم منفتح على فضاء
    رحيب وماضٍ يعبُق بالأرواح وهي تتآلف ثم تتهدم الجسور.
    على قلة ما كتبت لنا أيها القاص : عاطف عبد الله ،
    فقد قبضتَ على الخصر ومفاتيح الحكاية .
    بين من يكتُب والراوي شراكة غريبة ،
    يلتقيان في الخفاء بعيداً عن الأعيُن ،
    ويفترقان في النور . يرغب الراوي أن يكون الكاتب ،
    ويأبى مَنْ يكتُب أن يكون أسير شخوصه وإن علت مكانة .
    استتر الراوي وحجب القص الصراح و كاد أن يبوح..

    تآلفت الأرواح هُناك وكان عليها الهبوط لنعيم الأجساد بما يخبئه من ألغام ومحاذير .
    ربما يأمل الكاتب أن ينفتح خيال القُراء على شراكة صناعة القص .
    يُقدم لهم الخيط والنَول ويترك لهم أمر الصناعة :

    يفتحون أجساد الشخوص ، ويفتشون الرغائب الدفينة في الخبايا .
    سأغمض عينيَّ مرة أخرى وأعدُكَ أن أُكمل الدرب الوعر ...

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 11-27-2007, 08:04 PM)

                  

11-28-2007, 08:15 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    ونواصل القص
                  

11-28-2007, 08:27 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    هيّ ضحوكٌ فرِحةٌ تُحاكي طائر الهَزَار (2)

    ***



    الطقس الأغبر البارد الذي نراه من نوافذ القطار يُمهد لكَ أن تظل جالساً تستأنِس. لم يكُن دفء العُشرة أو لفائف الود تكفي بل سُلطان الحضور البهي كان الأقوى . إيقاع القطار الرتيب كالخبب يهُز الأجساد وتحس بتلالها تَهتَزُّ ، ترقص من تحت الأثواب فتذوب أنتَ في سوائل الحُسن التي تُطوقُكَ وتُنازع روحك أن تتنفس . كُنتُ أعلم أني مَشدود إلى الغزال الأليف الذي لبِس جسد السيدة بأغلاله الخفية ، فجوهرتَي عينيها قوة تهزم كل طرائق الخروج من هذا الكون الذي نهض من أصابعِ النعيم وبَاحْ . هذا سِحرٌ لا تنفعُ معه الأدواء التي نسمعُ أو نقرأ عنها .
    لحظة صمت صاخبة عمَّت المكان . الأذهان تُفسِح وتُفرِدُ فسيفُساء الخيال الخصب . قَطَعَتْ صَمتَنَا وهي تقول :

    ـ أنا أعرف قراءة الكَفّ !

    قلت مازحاً :

    ـ أتعلمين المخبوء ؟.

    قالت :

    ـ ابسِط كفَك التي بها تَكتُب .

    بَسطتُ لها اليُمنى ، فنامت اليدُ في سَكينةٍ على الفخذ مُتأدبةً أدب الطفولة التي تنتظر طعام الأثداء . تَرَاخت اليدُ وأسلمت روحها لها . أمسكت السيدة بالكفِّ ونامت كَفي اليُمنى وهي تنتقل من الفخذ إلى بطن كفها الأيسر و رقصت النعومة في الرمل والحصى . غطتني بهجة مُوسِرة بالغنى وأظلمت الدُنيا من حولي إلا موضع الكفين وعيناها اللتان تتفرسان في التلال وخطوط التَماس . برِفقٍ رقصت أناملها على كفي واستيقظ ماردٌ يئن كان مطموراً في جسدي الضامِر . دارت الدُنيا حولي تبحثُ في أفلاكها ثم هبطت موضع اللَّمس . أ هيَّ حاسة نتعرفُ بها الكون من حولنا أم هي فتنة ؟ .

    هاجر القلبُ تاركاً قفصه وسجنه التاريخي إلى الكف حيث أصابعها تُفتش في نسيج الخلايا باحثة عن المصائر المخبوءة في المستقبل .العينان تبحثان تدوران حول تلال الكف و وصال الأنامل رقصٌ من لَهَب . تَفَرَّسَتْ في تفاصيل الكف وهي تقول :

    ـ هذا يا عبد الله تل المُشتَرِي ، و تلك درب حياتك طويلة من حوله أسفل الوادي حيث خُطوط العُمر . أشهدُ في وسطها أحراشاً مُعتمة ...

    رَفَعتْ رأسَها والتفَّت أوراق أغصانها حول قُرص وجهٍ تَحجُبُه شمسُه ثم أصلَحَت بأصابِع يدها موضِع القمر وأزاحت الخُصلات الهاربة من مكانها فأضاءت ( قَمْرتنا ) فوق أضوائها . التقت العينان بالعينين وسطَعت البُروق وانفَرَج العُناب عن اللؤلؤ فانحَسَرت الأجفان من كهرباء العواطف الحبيسة واحْمرَّت الوجنتان منها كمن لم تتَذُوق عاطفةً عاصفةً من قبل تاريخ تلك البُرهة التي أسرفت .

    الآن علمت أن الأرواح لم تزل ترفُل في عُذريتها بيننا وتتبختر في موجٍ مطَّرب .
    دَلَفت هيَّ تحكي عن تِلال المال و الرزق وحظ التجارة وأخْفَت بحذق موجات من الطلِّ يكاد يعصف بنا ويكشف المستور .
    بيُسر سألتني :

    ـ أنكَ لا تعرف كثيراً في التجارة و لا تعرف خداعها وتُحب الأطفال وتنسى نفسكَ بينهم .

    كنتً أنظر كفي حين تحلَّقت أعيُن الحضور من حولي ونهلت من نبع الدهشة ترقب الحدث المُثير . تسابق الجميع ليقرءوا حظهم عندها . عرفت الآن أن الكون قد منحني فُسحةً لأفلتُ من هذا الوهج الفاضِح . وعند انشغالها بقراءة الحظوظ والأيدي والقلوب تُسامرها ، وجدت نفسي مُطلق الصراح أراقب هذا الكنز السافر أنوثة ودِعة ولُطفاً .

    نظرت مكان ثوبها وهو ينحسر قليلاً عن تلال المفاتن أعلى ساعدها الأيمن دون رقيب .أطلَّت الفتنة من هناكَ وهَبطت عند العُنق . وجدت نفسي دون وعيي أُمسِكُ طرف ثوبها لغطاء المفاتن ، وصاحبِتها مُنشغلة تَشْرح للحضور مُسمَيات السهول والتلال والخطوط . انتبهت هيَّ وتلعثمت لَحظة ثم كابَرَت نفسها وأفلحت دون أن ينتبه أحد.
    أيصلُح العالم أن نُعيد ترتيب نرده من جديد؟ .

    أحسستُ أن هذا الكون موزعةٌ أقماره وأنجُمه في الظلام الرحيب بلا عدالة ، فهذه الزُمُرُّدة التي تجلس بيننا ليس لها إلا أن تكون في موضع الحكمة أو الجلال أو نسيماً يتنفسه الصبحُ قبلَ إشراقه .

    عبد الله الشقليني
    28/11/2007 م

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 11-28-2007, 08:37 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 11-28-2007, 11:40 PM)

                  

11-29-2007, 02:39 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: وجدت نفسي مُطلق الصراح أراقب هذا الكنز السافر أنوثة ودِعة ولُطفاً .
                  

11-29-2007, 04:04 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    أرى بصيص فكاك الرواي من عسف المؤلف
    فإلى الأمام ..أصعد بنا إلى جبل البركل .. نتابع بشغف
                  

11-29-2007, 01:36 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عاطف عبدالله)



    (9)

    الحبيب الكاتب والقاص : عاطف عبدالله

    كتب الدكتور محمد يوسف نجم في سفره فن القص ( صفحة 45 ) :

    ( ..لكن ذوق القارئ الناقد أشد تعقيداً من كل ذلك ، فإنه يتطلب من القصة أن تكون زاخرة بالحياة ، وذلك بأن تقدم صورة مموهة منها تتسم بميسم الخلود والاستمرار ، مهما تنوعت المشارب واختلفت الأذواق وتباينت الميول والأهواء والمفاهيم الأدبية )


    ونحن نكتُب :
    نُشاهد في كون الكتابة كيف تنكسر الأضواء وتتفجر ينابيع الألوان .
    إن الكتابة دُنيا صعب قيادها ، لكن بالصبر عليها تنفتح بواباتها ساعة ارتطام الأحداث المُدوِّية . تأبى الشخوص إلا أن تنتصِب أمامَك عارية . ترقب أنت كيف تستحِم وترسُم على الأجساد زينتها وترتدي رياشها وتتجمل و تتبختر . ثم كيف هي تفرح وتغضب وتأسى وكيف تستطعِم من زاد الأجساد والأرواح وكيف تتأمل وتتعوَّد ثم تُحب وتذوب وجداً .
    عالم القص ماكر واسع الحيلة وغنيٌ بالمشاعر ، نبحثُ له في لُجة بحوره سَربا ..
    أو كما اقتبسناه من الذكر الحكيم :

    {... فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً }الكهف61
                  

12-20-2007, 02:33 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: ونحن نكتُب :
    نُشاهد في كون الكتابة كيف تنكسر الأضواء وتتفجر ينابيع الألوان .
    إن الكتابة دُنيا صعب قيادها ، لكن بالصبر عليها تنفتح بواباتها ساعة ارتطام الأحداث المُدوِّية . تأبى الشخوص إلا أن تنتصِب أمامَك عارية . ترقب أنت كيف تستحِم وترسُم على الأجساد زينتها وترتدي رياشها وتتجمل و تتبختر . ثم كيف هي تفرح وتغضب وتأسى وكيف تستطعِم من زاد الأجساد والأرواح وكيف تتأمل وتتعوَّد ثم تُحب وتذوب وجداً .
                  

11-29-2007, 08:03 AM

قرشـــو
<aقرشـــو
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 11385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    الحبيب عبدالله الشقلينى

    لك التحية

    حقيقة جمال هذا السرد يفسده تخبط الكلمات مثلما اتى هنا ولكنه عز على أن اقرأ ثم أفر مهزوما بروعة الكلمات وجمال السر وحسن اختيار التعابير وانا أكاد اعيش معك ذلك الوهج الرائع للزكريات الجميلة لا سيما وان ذات الفترة هى فترة الصبا وكم كان لقطار الشمال حظ من الذكريات فى المحطات أو داخل القمرات فالجمال منسكب حيثما ذهبت ولا تكاد تنسى وهج ذلك الشعاع الذى ينساب من المقل ..

    عودتنا سيدى ان تكتب لنا ما يطربنا ويعجبنا ويجذبنا فما ان نرى اسمك حتى نقع كالفراش على بقع الضوء الآسر بلا انتظار ودوما نغنم جميل الحكى ...

    ما اجملك سيدى وما اسعدنا بوجودك بيننا ...

    سلمت وسلمت يداك وذكرياتك الجميلة ...
                  

11-29-2007, 06:28 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    B]


    الحبيب قرشو
    يحس المَرء بدفء السكن والوجود عندما تُلامس
    بنانَكَ الأحرف عندنا هُنا :
    وجدٌ كثيف ومحبة لك أن رأيت ما نكتُب بعيون عاشقة ،
    ونأمل أن نكون كما تَودُ :
    نزرع من المكتوب بِساط خير وسهمٌ نكتتب
    في مزرعة الإنسانية
    شكراً لحضورك البهي بيننا

    ****
                  

11-30-2007, 06:07 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    (10)

    نقطف من النص :

    Quote: التقت العينان بالعينين وسطَعت البُروق وانفَرَج العُناب عن اللؤلؤ فانحَسَرت الأجفان من كهرباء العواطف الحبيسة واحْمرَّت الوجنتان منها كمن لم تتَذُوق عاطفةً عاصفةً من قبل تاريخ تلك البُرهة التي أسرفت .


    صعب هي الكتابة :

    أنت تخلط مشاعر الراوي وتوهُج محبته الباسقة مع تخيره مفاتيح
    تلك الصور . تفتح مُفردات الجمال في ذاكرته لتنثرهافي النص .


    **

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 11-30-2007, 06:09 AM)

                  

11-30-2007, 06:39 AM

سمية الحسن طلحة

تاريخ التسجيل: 11-18-2006
مجموع المشاركات: 4735

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    الأستاذ / عبد الله الشقليني
    جرار ذكراك دنان فائقة السكر
    الجمال ...
    والأرواح الشفيفة دوما تواقة له وإلا لماذا يلتقط المغناطيس أشياء دون سواها ، لابد من وجود معايير نسبية تتوافق وكل نفس ، أتفق تماما أن النجوم تتبعثر في الظلام بلا إنتنظام
    ولكنني أيضا موقنة أن الكمال لايتوافق مع الكمال فكم من ثغرة لدى x تسدها y رغم وجود فجوات قد تؤدي لمرونة الحركة وقد تتسبب في الخروج عن المدار .
    رصدت نفسي كأول الزوار ، دلفت فأعتكفت ، أوعزت لغيري ، فهم طواف ، تحدثنا حول ماقرأنا مما كتبت ، أسرني السرد المتبرج يوما بعد يوم ، وحل ّ وثاق الصمت ، فشد حبال الصوت حتى عيل صبري ، فخرجت تلك الأحاسيس المزمجرة طنة لاتعلو على طنين بعوضة ، أو تأوه عاشق بجنح ليل بهيم ، آه تخرج من صدر كمرجل يفور من شدة مايجد وليس من الذكريات ، أستأذنك في تسجيلها على ضفاف بحر ذكرياتك الثائرة بفعل صورة ضوئية .
                  

11-30-2007, 08:27 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: سمية الحسن طلحة)




    (11)

    الأستاذة / سمية الحسن

    بأصابعَكِ التي تكتُب : يكون الكون جميلاً ،
    وتعود العصافير إلى بساتين النعيم وأعشاش الرضا .
    لقد طوقتِ عُنقي وأعناق من اشتركوا معي الحاضر والماضي
    ونُسائم القص بعقود الإطراء وخبايا التكليف أن نكون بقدر ما يتمنى الأحباء هُنا .
    إن العالم الجميل الذي اندلقت جِراره ذات صدفة حري بنا أن نُمسِكه ونضمه إلى موضع القلب ،
    فهو يُنقي بواطننا من كل كدر ، يُغسل مآقينا من مِلح الحُزن ، وأوجاع أحباب لن نستطيع لم شتاتهم .
    إن اللغة وإن أمسكنا بأذيالها فهي هاربة من وهج الحكاية . فقد مشت معنا الدرب ،
    وبِكِ سيدتي :
    تنفتح الأبواب العصيّة للكتابة وهي تشهد من يرُشها بحليب الفأل
    الذي تنفثه في أوجهنا أول مرة من تكون رفيقة في السَكنُ ...

    حين أوشك أن يطوي ثنائية الإنسان الذي يبحث عن نصفه الآخر .

    ***

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 11-30-2007, 08:32 PM)

                  

12-01-2007, 01:25 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: سمية الحسن طلحة)

    Quote: الأستاذ / عبد الله الشقليني
    جرار ذكراك دنان فائقة السكر
    الجمال ...
    والأرواح الشفيفة دوما تواقة له وإلا لماذا يلتقط المغناطيس أشياء دون سواها ، لابد من وجود معايير نسبية تتوافق وكل نفس ، أتفق تماما أن النجوم تتبعثر في الظلام بلا إنتنظام


    هكذا قطفنا من مكتوب الأستاذة / سمية الحسن ،
    نعم : إن الثمار عند اكتمال نُضجها تتثاقل بحثاً عن الأفواه التي
    تنتظر


                  

01-07-2008, 08:23 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: سمية الحسن طلحة)

    Quote: جرار ذكراك دنان فائقة السكر
    الجمال ...
                  

12-01-2007, 07:39 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    (12)
    عزيزنا الكاتب الروائي : عاطف عبدالله
    تحية واحتراماً

    نقطف من كتابك لنا :

    Quote: أرى بصيص فكاك الرواي من عسف المؤلف
    فإلى الأمام ..أصعد بنا إلى جبل البركل .. نتابع بشغف



    إنك ترى بصيص فكاك ، وذاك تحريض لينفلت الراوي من عباءة الكاتب .
    أحقاً إن الأمر كذلك ؟
    دعنا نفتح بوابات النفوس :

    كنتُ أعلم ألا فكاك من حصارك ،
    بالفعل إن الكاتب قد تراه أكثر مُحافظة يكاد لا يدخل مناطق الراوي ويُفسح للقراء دواخله المُعتمة ، فبدأ الراوي كمن يدخل العِش طفلاً عُذري في كل أنفاسه التي تهبُط وتصعد ، وأنثاه أو سيدته قد فكت الدُنيا عُذرية جسدها ، وبقيت أزمة قلب وعِشق مُنفلت كأنها تُجربه أول مرة ، وما كان تاريخها وفق النص إلا : فُحولة اعتلت جسداً . معها دهشة الدخول لعالم الجسد من مدخل غريب على الإنسانية ، ولكن اعتاد المُجتمع المُحافظ أن يغفل في زحمة الدُنيا أن مفاتيح فتح بوابة الجسد بالدخول من مفاتيح القلب وعواصف العِشق التي تُحيل العالم بكل تناقضاته إلى عالم رائع .
    من هنا كانت أزمة المجتمع المحافظ أن تتزوج سيدة وفي الزحام نتذكر آخر الأمر أن الزواج من المُحتمل أن يكون دهشة إعجاب أو غرابة التجريب ، ولا محبة أو عِشق .
    من هُنا التقت عُذرية الطرفين القارئ والسيدة ، وفتح الكاتب فضاء تلك المشاعر وهو متفائل بأن القُراء أكثر عُمقاً مما نحسب ، فقد أوضحت الكاتبة والروائية الأستاذة سلمى الشيخ سلامة أن النص في جزئه الأول قد مسَّ حيوات مثل مُفارقة الزواج واختلاف السن وأزمة المرأة التي لم تخبر العشق في حياة المجتمع المُحافظ ، وتاريخ الوطن وسكك حديد السودان وربطها الدولة بأطرافها ...
    ونواصل

    ****

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-01-2007, 07:42 AM)

                  

12-01-2007, 09:39 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    أيام لا تشبه أيامنا اللاحقة

                  

12-02-2007, 08:57 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هيَّ ضحوكٌ فرحةٌ تُحاكي طائر الهزار (3)




    فديناكَ أهدى الناس سَهماً إلى قلبي .. وَ أقتلهم للدّارعين بِلا حربُ

    سبقنا أبو الطيب الشاعر قبل نيف و ألف عام حين قال ما قال . ما كُنتُ أعلم أن النفوس عميقة الغور . عصفت بي حالة أقرب لأنس النفس من النجوى . تسللت الحكاوي من كل بُستان طريف تنبُت لنتسامر . تشترك السيدة معنا القص . النوادر تحكي عن عالم نحاول نحن الخروج من قبضة زمانه ومكانه . كنتُ أعلم أن قلب السيدة صفحة بيضاء لم تعلق بها نُقطة حبر . تسأل هي وتُراوغ وتطرق الأبواب الموصدة بيُسر دون أن تعرف أنتَ إلى أي ضفة تقف مراكبها . واضحة وضوح الشمس وخفية عند الاختلاف تُشعل أواره وتترُك لك النتيجة لتقولها أنتَ . تُمسك الحديث بيد الحنين والرفق وتسقي عصافيرنا الشراب الحُلو. تفتح نوافذ الدخول لاختلافات الثقافة من باب التنوع وليس من باب المُفاضلة .
    سألت نفسي :

    ـ كيف تعيش هيَّ البراءة التي تُخضبها ؟ . كيف تعيش هيَّ الحياة الحميمة وهي منزوعة الدسم ، منزوعة من حِلي الحديث و طرب العشق ؟ . أين هي من مقولة ترد في الغناء عن ليل العاشقين الطويل ؟

    كُنا جلوساً . تفرقنا على مقاعد ( القَمْرة ) التي شهدت كل الذي حدث إذ جمعتنا صدفة من ورائها أحابيل الزمان ومكر الدُنيا التي تُقرّب البعيد وتُبعد القريب .

    سألت هيَّ عن حيواتنا : الأُسَّر ، الإخوة والأخوات . من السرد البريء يعرف الواحد منا أكانت حياته الأسرية متوازنة تنهل من الإنسانية أم تسير مختبئة مُثقلة بخوف من التجارب . حياة الذكور وانفلات مُغامراتها منذ الطفولة . حياة الإناث والسياج الاجتماعي وأغلال العادات التي خلخلها تعليم المرأة . دُنيا ندخل نحن من فجواتها بالمُغامرات حين نفلت من قبضات الأهل . نذكر كل ذلك ونحن نستغرق في الضحك بدموع الأطفال . كسرنا كل الأسوار التي كانت تقف في وجه أن نكون حِزمة أصدقاء مُتجانسة الرغبات والأهواء والرؤى . فسيفساء ثقافات لم تكن لتجتمع إلا أيام الجامعة . كانت الرحلة فتحاً للفائف تلك الحِلي الثقافية التي بَعُدت عن أعين الإعلام فاختفى الكثير الذي طمره التاريخ بلا سِجِل وبقي في الصدور ، وتلك أزمة وطن يمشي مُترهلاً عند البطن ونحيفاً عند الأطراف.

    كنا متنوعي الأصول من أطراف السودان و وسطه . نتوزع على قرى وأشباه مدائن السودان . من شماله " دُنقلا " وهجرة الجيل الأول منها . من "حلفاء" و مَنْ وُلدَ هناك وشهدت طفولته النـزع القاسي من تُربة الأهل عند تشييد السد العالي في مصر وحين غطست مآذن حلفاء غرقاً تحت الماء وتفرقت نوبة مصر إلى الجبال ، ونوبة السودان إلى " خشم القربة " . آلاف الكيلومترات حين هاجر المُكتوون بنيران العُسرة . مشت القسوة على القلوب تطحن البشر أجسادهم والأرواح . الآثار العريقة تهوي بلا وجيع . حاولت المنظمة الدولية حماية الآثار . حفظت البعض وثَقُل عليها الكثير . أما القائمون على الأمر حينذاك فلم يعرفوا أن جُرم الغفلة هو تنمية مجتمع على أنقاض مُجتمعات أُخر تهدمت بُنيتها دون أن يرمش للماكرين جفنُ !.

    بعضنا من "مدني" و "أم درمان " ومن " شندي" وقرى ريفي" الحصاحيصا " ومن " نيالا " و" الضعين" .
    أغرينا الصديق ( آدم ) أن يُرينا وجهاً لهذا التنوع وقد فرغنا للتو من أغنيات وسط السودان . بدأنا محاولة ضبط الإيقاع الذي لم نتعود بالتصفيق . حاولنا مرة ثم أعدناه مرة أخرى إلى أن تآخينا مع ( الجّراري ) . وبدأ صوت ( آدم ) عميقاً تخضب من وهج سهول الريف وجبالها ومطرها وريح الأرض وكائنات البوادي . من أغنيات" موسى أبَّا " أطلتْ :

    يا بنات الحي قولوا لَمْ رُوبَا
    جِيتَا للخُطبة
    لقيتَا مَخطوبة
    يا بنات الحي
    ......
    بيُسر وبصوته الرخيم الجهور بدأ ( أدم ) الغناء ونحن من ورائه ننسج خلفية رائعة تنوعت فيها الأصوات نعومة وخشونة ، شدة ورخاوة. صورة رائعة لوطن تتجمع أشلاؤه في ( قَمْرة ) صغيرة في قطار بُخاري يسير شمالاً في موسم الشتاء. بردٌ لم يتعود بعضنا فكان الغناء تميمة دفئ ناعمة تتجول بيننا تُثري الدواخل .
    ساعة لك وساعة عليك .
    تقف أنت موقف المُشاهد ثم المُشارك لتلك الدُرر الثقافية التي تدفقت أمواهها مطلع سبعينات القرن الماضي . تجربة فريدة ثرية في زمانها ثم أثرت المشهد الثقافي من بعد بقوة دفعٍ وجلست مكانها في الوجدان .
    أما السيدة فهي كخاصرة الرقص التي تتجمع عندها فواصل الجسد ، فهي صولجان الحُكم وواسطة العقد . كاريزما انطلق بخور طيبها يغمرنا بلا استثناء . ابتسام مخبوء يتسلل إليك . نزاعٌ على كأس شربٍ معها أو يدها بمنديل تُجلي وجهك من ثلمٍ على الخد فترتبِكْ أو تنزع أنتَ عن إصبعها خاتماً ملوناً لتُجربه في الخُنصُر. نهضت الأُلفة سيدة علينا ونعمنا بالإنسانية من كل خيرها الميسور . سقتْ منابت جذورنا لتُنبت ثمارها لاحقاً .
    كُنا نحنُ بمثل ما قال أبو الطيب حين أنشد :

    بأدنى ابتِسامٍ مِنكَ تحيا القَرائحُ ... وَ تقوى من الجسم الضّعيف الجَوارحُ

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-02-2007, 07:50 PM)

                  

12-03-2007, 11:39 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: أما السيدة فهي كخاصرة الرقص التي تتجمع عندها فواصل الجسد ، فهي صولجان الحُكم وواسطة العقد . كاريزما انطلق بخور طيبها يغمرنا بلا استثناء . ابتسام مخبوء يتسلل إليك . نزاعٌ على كأس شربٍ معها أو يدها بمنديل تُجلي وجهك من ثلمٍ على الخد فترتبِكْ أو تنزع أنتَ عن إصبعها خاتماً ملوناً لتُجربه في الخُنصُر.
                  

12-02-2007, 09:00 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)
                  

12-02-2007, 04:21 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:
    فديناكَ أهدى الناس سَهماً إلى قلبي .. وَ أقتلهم للدّارعين بِلا حربُ
                  

12-02-2007, 07:35 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    كنتُ على وشك قول:
    ليتك لا تقف عند هذا الحد
    رغم أن الكتابة فيها ما فيها
    وتفرد ما تفرده
    مما يحتاج إلى (روقانِ مزاج ودخان وهيل)
    وسلسلة خيوطه (الموضوعية)



    والأهم
    الوقوف بإجلالٍ عند الحبكة اللامعة
    والتدفق السلس المقتضب


    لكن
    وجدت أن للهزار بقية
    فإني من المنتظرين



    سلمت تمتع
                  

12-02-2007, 08:27 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    Quote: كنتُ على وشك قول:
    ليتك لا تقف عند هذا الحد
    رغم أن الكتابة فيها ما فيها
    وتفرد ما تفرده
    مما يحتاج إلى )روقانِ مزاج ودخان وهيل(
    وسلسلة خيوطه)الموضوعية(

    والأهم
    الوقوف بإجلالٍ عند الحبكة اللامعة
    والتدفق السلس المقتضب

    لكن
    وجدت أن للهزار بقية
    فإني من المنتظرين

    سلمت تمتع



    (13)
    العزيز في السماء المنفتحة على الحبيب الآخر :

    بلة محمد الفاضل :

    كنتُ أعلمُ أن إغراء القاص : عاطف عبد الله سيفتح أبواب جنان القص ، وجنونه .
    أن الكتابة الحاذقة فعلٌ مُرهِق ، لاسيما إن كنتَ تُدقق في التفاصيل .
    فالفكرة إنجاز هُلامي ، والسرد اللغوي لم يعُد اليوم وسيلة توصيل الفكرة ،
    بل صار فعل يُضمر كل التراث اللغوي ويُشركه المسرحية المقروءة للنصوص .
    أعلم أن كثافة الرؤى كنيران الجحيم في القص المُقدس : دوماً تطلب المزيد .
    إن الجُرعة المُكثفة من النص تُمسك في قبضة يدها عالم من تجارب الدُنيا ،
    ليست تجربة نص يكتبه صاحبه بقدر ما هي تجربة حياة .

    تكفي اليوم هذه الجُرعة للحوار معك سيدي ،
    فقد أمسكت بي وأنا ملتبسٌ بين أن أكتُب أو أكتفي بما نثرنا من قص .
    شكراً لك . لا تكفي الردود فبنانكَ الذي حكى أكبر من التوضيح .
    سنظل نُفرِد لكل سيدة تغني مثل عندليب الزمان رقماً ،
    ويتبقى شُكرك في منعطف الكلام .

    عبدالله الشقليني

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-03-2007, 07:37 AM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-12-2007, 06:54 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-12-2007, 06:54 PM)

                  

12-03-2007, 06:37 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: بأدنى ابتِسامٍ مِنكَ تحيا القَرائحُ ... وَ تقوى من الجسم الضّعيف الجَوارحُ
                  

12-07-2007, 07:08 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    أيشبه الندى الدمع ؟
                  

12-07-2007, 06:07 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هيَّ ضحوك فرحة تحاكي طائر الهََزار (4)



    أيصدق الفأل المستحيل حين يكون الزمان قبضة من تُراب الحنين أم أن الدُنيا عاشقة تشرب النبيذ المخلوط بشاي الحليب؟ . أين أنتِ أيتها البادئة أحرُفَكِ من ضوء القمر حين تخفتُ أضواء الصناعة وينعس ساقي الخمرُ .

    قال العاشق المُثقل بالعواطف و المَشاعر المُجنزرة :

    ـ مَن أنتِ يا نادلة الفرح ، يا بُستان ورد لا يشبه زمان الطلع ؟. يحق للماسِك عصا الولاية أن يضرب الجسد وقت يشاء ، أما الروح فهي طليقة تبحث عن مغامرة وسط أحراش قريبة إلى النفس ، قريبة إلى العُمر ، قريبة تلتف بسلوفان الحياء أول أمره ... ثم دارت فراشات ملونة بيننا.

    تذكر العاشق أن القطار يقطع الفيافي شمالاً ، فسقط متاع الذكريات ينزف :

    أين كان في مُبتدأ بلوغه ؟ ولمَ لمْ يُدرك نيران الهوى التي تستوقفكَ لتستدفئ إلا يوم ولجت تلك السيدة باب ( اَلقمرة ) بلُطف وتعرفت بأريحية على النفوس التي تمرح بحرية كزرع استغلظ فاستوى على سوقه يُعجِب .

    كم هو مُتعبٌ أن ينهض العِشق في هيبة المجتمع الزراعي الرعوي وحضوره الطاغي و الغليظ على العواطف النبيلة ، يمُد لها أرصفة قاسية لتمشي عليها ، في حين يفتح ذراعيه وَجداً لصحاري النفوس أن تأكل من خُضرة الدُنيا !
    عجباً !!
    هناك على الطريق من على البعد تجري أشجار الشوك من سرعة القطار في نظر رُكابه . من بعد المياه الراقصة في خيالات الصحاري من وهج الشمس تشهد التقاء الرمل بالسماء...و من هناك يجري النيل سليل الفراديس : صاحب المحبة الحقيقية التي عرفتها الحضارات التي كانت تهبه أغلى الأنفس عرفاناً بجميله .تحركت الأرض من فعل حرارة باطنها وانفجرت تُحرِك الجبال وانفتح مجرى النيل من بحيرة فكتوريا منذ نيف واثنتي عشر ألف عاماً. شق الأرض بمهرجان الخُضرة . حاك هو للذين يسكنون من حوله قلائد من نور . هناك فرق بين حجر الجرانيت وحجر الماس المتلألئ .
    الفرقُ بينٌ لكن الزمان أخرس لا يسمع ! .

    قال العاشق لنفسه :

    لو صببت الماء في صحراء عُمري أو سقيتني من رضابها فسأنهض عابداً يحمل سلال فاكهة الصحاري ، أرحل عبر السهول والوديان والجبال وأستمتع بدهشة العُمر و أُربت على رؤوس الطفولة إلى أن يسألني أحدهم ببراءة :
    ـ من أنت سيدي وما اسمك وأين بيتك و ما اسم أمك ؟

    أنك تَضيع أيها العاشق في أجنحة الرب التي تطويك في أحابيل القص .

    توقف القطار على مهل ٍ. شريان يمشي يغزي عُروق الأمكنة النائية في الريف ، تتبعه أسباب التجارة : أسماء وحاجات تصلح أن تجد من يشتري . وتفرق الباعة يستجدوننا أن نشتري . سيدات كاد ينكفئ بهم العُمر من ترهُل أحماله يفرشنَّ بضاعة قليلة الحيلة مما تعتاده محطات السفر . نظرة في سواد الأعين تجدها تتعفف عن السؤال وإلحاح الحاجة .
    قالت له السيدة وهو يفاصلها في ثمن حزمة من أراك للسواك:

    ـ يا ولدي البِتقدر عليهو أدفعو !

    أسفَ هو من المجادلة وظهر وضيعاً أمام سيدة نبيلة تقول : الرزق على الله .
    دفع ثمن البضاعة كاملاً وبث لها من الحديث أعذبه ليُنسيها أن الوجه الذي ترى كالقلب الذي يُحب الدُنيا من بعد عشق جاء بلا ميعاد . ألا يُحدث العشق في النفس ما يُحدِث ؟!.

    تلك الروح التي تُرفرف في ذلك الزمان لا تشبه أحداً .

    ***

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-31-2007, 01:47 PM)

                  

12-07-2007, 10:02 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: أيصدق الفأل المستحيل حين يكون الزمان قبضة من تُراب الحنين أم أن الدُنيا عاشقة تشرب النبيذ المخلوط بشاي الحليب؟
                  

12-08-2007, 11:41 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    قال العاشق لنفسه :

    لو صببت الماء في صحراء عُمري أو سقيتني من رضابها فسأنهض عابداً يحمل سلال فاكهة الصحاري ، أرحل عبر السهول والوديان والجبال وأستمتع بدهشة العُمر و أُربت على رؤوس الطفولة إلى أن يسألني أحدهم ببراءة :

    ـ من أنت سيدي وما اسمك وأين بيتك و ما اسم أمك ؟



                  

12-08-2007, 12:06 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هي ضَحوكٌ فرِحةٌ تحاكي طائر الهَزَار (5)



    لدى السيدةُ مَخزونٌ مِن شهي الأطعمة التي تقبل الحفظ يوماً وليلة ، فالحافظات المُبرَدة لم تكُن متوفرة آنذاك . شتاء ديسمبر وأنتَ تتجه شمالاً يزداد قسوة وتهبط الحرارة منذ العصر فلا تكفيكَ من بعد وإلى منامِكَ إلا أكسية الشتاء . على الرأس أغطية يلبسها الذين نراهم ونحن نعبُر بالقطار محطات الشمال . ألوانها متنافرة وفق المتوفر فتُجار الأرياف قصيري النظر لا يُميزون الألوان تمييز العارف . لا يهتم الذكور بالهندام إلا في مرحلة الشباب ثم يفتُر الحس وتموت الدهشة في زحام طحن الحياة . للنساء شأن آخر . لهنَّ ثقافة وحس بتناسق الملبس : النسيج والملمس ، خيوط القطن والخيوط الكيماوية وخليطهم ، النقوش وشكلها المُجرد والهندسي أو النباتي ، الخطوط المستقيمة بصرامتها والتي تتمايل وتتحايل بأنوثة مُترفة . الأحذية ألوانها ونحتها ، الثياب التي تلتف من حول الأجساد ، ما يتسلل إلى نظركَ من ثياب الداخل : جُلها رسم بصري ينتمي لحِزام ربيعٍ يتدرج في الثِقل وقوة الإضاءة وقوالب الشكل . إن الملبس عند نساء ذاك الزمان ولم يزل جوهراً إذ هو قمة عروض الأنوثة في سوق المُجتمع .

    نترك الآن كل سيدات ذاك الزمان ، ونعود للسيدة الآسرة التي بدأنا خوض بحرها من الشاطئ الضحل . غمرَنا الماءُ وقتها إلى الساقين ثم عُدنا أدراجنا ننتقي القوارب التي تُناسب وتصلُح للإبحار .
    السيدة : شكلٌ وزيٌ ولطفٌ ورقةٌ . تتصالح هي مع المختلفين إن نبت خلاف في زحام الحديث أو اختلاف الرؤى . تُمسك هي خيوط التماس وتمتص كدر السفر عندما يعصُبُ رأسه بالعناد .تبتني من الكآبة نسيج فرَحٍ حتى أجد نفسي أتعللُ كاذباً بآلام رحلت معي قبل السفر ، فتنكبُ عليَّ مستعطفة بحنو يُلامِس أمومة فقدتُ صدرها الحاني منذ زمان الطفولة الأولى . ها هي تعود إليَّ فتختلط مشاعر دفئ الأم مسلكاً في الذاكرة حين تمتص عسرتي أو عندما يكون حِجرها نعيماً للراحة . أضع رأسي وهي تُحرك أصابعها تبحث في قشرة الرأس ويغشاكَ خدر لذيذ وتقول يا ليتني أذهب إلى نوم الحجور .
    ها هيَّ الأم تنبُتُ من أعطاف سيدة هي الأم الصغرى وأنا تشكلتُ الآن من رغبات مُكتملة النمو لا حدود لدنياواتها . ها هي مشاعر الأمومة الحانية تختلط بمشاعر العِشق الناهض وتعصف بي النقائض .
    أيكون العِشق مُختبئاً منذ الأم الأولى ، تركُض النفس خلف الحنين حاملةً طفولة ممتدة وتجدني لا أُفرق بين محبة الأم ومحبة المرأة شريكة الكون والفِراش والمصير ؟

    تسير الدُنيا ببنائها الذي ينهض من الرُكام الذي يتهدم كل يوم وكل ليلة ، فأنا صاعدٌ من طفولتي إلى صباي وشباب فتوَّتي والنفس تُصارع ما بداخلها من نقائض : غزلانها و ذئابها وأفاعيها والطير . أمٌ حانيةٌ مختبئة في الذاكرة وفتاة أحلام وضعتها الصدفة في سيدة ذاقت الحياة الحميمة الخاصة كيفما اتفق ، لكنها لم تزل عذراء الروح . لم يتغير طبعها الودود مسلكاً أو صفاؤها الذي يفيض علينا جُملتنا ويخُصني بلؤلؤة بريقه . هي كائن يستطعم بوجوده مع الآخرين أو الأقران الذين وجدت عندهم الأنواع المتنافرة المُتجاذبة ، تنزعها من عالمها الذي عاشته رتيباً تسير عجلاته على طريقٍ مثل طريق قطارنا الذي يسير برواحله . يحق لها أن تمَل صدأ الرتابة وتشيؤ الحياة التي مضت قبل تاريخ الرحلة وتهرب لنبض عُمرها الضاحِك بيننا .

    اصطرعت نفسي بين أن أراها كائن شهي وبين أم حانية . أتصنَّع وعكةً ، فتُمسِك هي اليد تتحسس الحرارة . تغيب لحظة وقد صنعت لي شراباً ، تُمارس عليَّ مهارات الطب البديل . تجريبٌ مُذهل لطعم الحياة بين الألم المتصنع وبين الفرح وأنا ألبس لبوس الضحية . إن الوهم الكذوب لمُدهِش . شهدتُ الطُعمَ يصطاد الإنسان الرائع الذي يسكنها فتضطرب .
    حاولت إسكات ضميري حين يسألني :

    ـ لِمَ تخدعها ؟

    قلتُ له :

    ـ ماذا تقول !

    يرُد :

    ـ ألكَ قِيماً تعتزُ بها وتؤمِن ؟

    قلت :

    ـ نعم

    يرُد :

    ـ تُعاملك السيدة في كَدركَ كأم صغيرة وتراها بعينيك الخادعة جسداً يُشتهى وعنقاً يشرئبُ للعناق وكرزٌ يُنادي شهوتكَ ورِضابٌ تأمل أن يسقيكَ طعم الحياة .

    انتفضتُ مرتبكاً وأسكتُ ضميري .

    ( القَمْرة ) تعودت على طيب العُشرة وشجن الغناء . بدت الآن لمشاعري مزدحمة رغم حلاوة الرفقة وجاذبية الإستئناس . لا يصلُح الخاص وسط الأنوار الساطعة . تُحدثني نفسي بخلوة أستمتعُ فيها بفك ضفائر شَعر السيدة لتُعيد هيَّ ترتيب تاج رأسها بما لا يُناسب السفر . ينسدل الشَعرُ حينها وتُفسِح الألبسة وتكشف العُنق إلى الكتف ويبدأ النعيم الدُنيوي في بلاط مملكة السِحر . أعُض شفتي وأنا على مقربة من كل الذي يتمناه شيطاني الذي تمرد على التقاليد . أمسحُ على ردائه و أسبحُ في بُحيرة إغوائه .

    ***
                  

12-09-2007, 12:38 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:


    تسير الدُنيا ببنائها الذي ينهض من الرُكام الذي يتهدم كل يوم وكل ليلة ، فأنا صاعدٌ من طفولتي إلى صباي وشباب فتوَّتي والنفس تُصارع ما بداخلها من نقائض : غزلانها و ذئابها وأفاعيها والطير .


                  

12-09-2007, 08:50 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    تُحدثني نفسي بخلوة أستمتعُ فيها بفك ضفائر شَعر السيدة لتُعيد هيَّ ترتيب تاج رأسها بما لا يُناسب السفر


                  

12-11-2007, 05:07 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    هي تلك الضحوكة .. وأنا أحاصرها بحواسي الست يطرق أذني صوت الشاعر حين يقول

    " باب الروح متاكا انسربى
    صاحيات ألحدايق أرعى
    قبال منجنيق الخوف
    يعاود ضربي
    قبل الطير وصعلوك
    النحل منكبي
    هشي العافية من تمري
    المخمر وعبي
    متل النيل طبق مركوبو
    مارق للبحر مدبى
    أدخلي في الجسد محمومة
    بي المرض المحير طبي
    ذي اتر النعال فوق
    الرمال متخبى
    هشي العافية من تمري
    المخمر وعبي "


    وبما أنها لا تستجيب لي فهلا أستدعيتها يا عبدالله لتسكب لنا من معتق تمرنا وتعبأنا بالنشوة والفرح
                  

12-12-2007, 05:13 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عاطف عبدالله)


                  

12-12-2007, 07:03 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عاطف عبدالله)




    (14)
    في بهو الراوي : عاطف عبدالله
    يذهب النص مبلغاً ، يرفُل في حللٍ زاهية . تُمسك الصورة الضوئية بملامح من أبطال النص .
    وتفتح القصيدة التي اقتطف أبواباً من جواهر الإبداع في الشعر القومي مُترف الرؤى ،
    ضارباً أجنحته في أفق الخيال من فوق أمنية من يقرأ .

    سلمت سيدي
    رفعت أشرعة للسفن وتبدأ رحلة جديدة وأرضاً جديدة يطأها النص .
    شكراً لك سيدي على الطعم وعلى زُخرُف الآنية وأضواء الثريات .

    ولـ ( كيفك إنتَ ) وفيروز : زمُرُدٌ على جيد النصوص .
                  

12-12-2007, 07:12 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هي ضحوكٌ فرِحةٌ تُحاكي طائر الهَزَار (6)



    دُنيانا مُتنازعة بين حياة وادعة مطمئنة السير في درب الرزق و حياة العشيرة ، وبين لمحات الصناعة التي تسللت إلينا منذ زمانٍ بتجارة المُهاجرين حيناً أو بعمل المُستعمر الدءوب لما يخدم مصالحه . حياة تأخذ من أسباب الحضارة قطفاً وتعيش ريفية بأحمال الثقافة مُتعددة الأهواء .

    أهي سلة بها ثمر البيئة الذي نستطعمه وثمر يأتينا مع أهله الذين وفدوا علينا ؟
    أصبحتُ أسير تلك الدُنيا التي تتصارع صحاريها مع أحراشها و يتصارع نباتها وبَشَرَها على الأرض. تعودَت النقائض وهي تتردى من فوق بعضها . السيطرة للقَوي على الضعيف ، فالزمان من أفاعيله صُنع الجروح و مُداواتها .
    أحببتُ ...أو أني توهمتُ . دخلت من بوابة من جرفته مشاعره . توق أكبر من تضاريس المنع في ذهن المُخيِّلة التي تقبِض على حياتنا من ثقافة الموروث ، ففي باطن النفس روح تهيم و تطلبُ فكيف خلاصي ؟ . من يسبح الآن في موج السيدة الطاغي وهو يلُفه المكان ويهزمه النظر إليها ؟.
    تنبهتُ لصوتها الضاحك ينزعني و يقطع أحلام الصحو:

    ـ سارِح بغَنَم إبليس !

    أتكون دُنياها صافية كمياه غدير و هي ملكة نورٍ كالأنجم تنظُر إليَّ من علٍ ؟ .
    أعادتني باسماً من رحلة ما كان يعصُف بي ، ومن فرح العودة لسمائها لم ألحظ أننا وجدنا ( القَمرة ) تضمنا وحدنا وأصوات الآخرين تأتي من البعيد .

    جاء صوتها حانٍ رفيق النبر حلو الشجن . به وشوشة مزاح مُخادع وهي تستطرد :

    ـ الماخد عقلك يتهنابو .

    انفتح عالمي ولم أُحرِك ساكناً من وهج تداخُل المشاعر . انتقلتُ الآن لدُنياها سائراً برغبتي و مُسيَّراً في أفلاك جاذبيتها . ها هو الخيار الذي كُنتُ أتربصُ به يأتي دون ميعاد . نظرتُ ملياً في بؤبؤ عينها اليُسرى فهو الثقب الذي يصلُح لإرسال المشاعر وفق ما كنتُ أرى . فأنا أسير ماضٍ " مَسمري" يؤمن بتأثير الأرواح وإرسال الفكرة والنوم برغبات الآخرين واختلاط العلم القديم بالنفوس عميقة المجاهل . كنتُ مؤمناً بأنا لا نعرف من أنفسنا إلا كما يظهر من جبل الجليد .

    تنفستُ طويلاً و حبستُ الهواء كثيفاً ساخناً داخل صدري وتخيلتُه يخرُج من عينيَّ . بثثتُها الموجة الأولى ثم أعقبتُها بالثانية .لم تزل هيَّ مُتماسكة المشاعر ، ساطعة العينين عند بريق لحظها الخاطف . اقتربتُ من مجلسها بمسافة تدرأ مُفاجأة دخول الصِحاب إن همُّوا ، أو هَمَّ زوجها أو غريمي في شِركة كائنها الجميل الذي دخل دُناياي من أوسع أبواب الوجود فُسحةً .
    تبسمتُ في وجهها و قلتُ أعيد لها جُرعة الإرباك :

    ـ تذكرتُها وسرحت بغنم إبليس.

    ارتبكت السيدة ودَخَلَتْ مَصيدتي ، وقالت دون تدبُر :

    ـ من هي ؟.

    قلت :

    ـ أنتِ تعرفينها .

    أشاحت السيدة بوجهها تُخفي ما فضحه السُكون اللاحِق ، ثم أَطْرَقَتْ بعيداً هاربة بأكسية الوجه الملون بالأحاسيس تتصنَع النظر من نافذة القطار . كأن المزاح بدأ بالإعجاب وقد نهض عشقاً ثم كبُر الآن وتمدد يعصف بالروح وبالجسد . بدأ نهر الحياة جاداً يأخذ مُنعطفاً بعد شلال الصُدفة وصخورها الوعرة . ها هي الحياة التي عاشت ماضيها تتفسخ . ما أعظمَكِ أيتها العاطفة الإنسانية : تَفُكين إزار الحُلول الوسط وتكشفين الفراغ الهائل وتآكُل الدواخل من تجربة قصيرة في الزمان تقتلع الثوابت من جذورها ! .

    تساءلت السيدة في سرها عن كيف كانت خُطي الحياة بدون العواطف المنطلقة !. إن العِلل هي في القَبول بالماضي قبل "الرحلة "العاصفة . الآن تنفجر أُكذوبة العائلة التي ضمتها ولمَّ شملها كل شيء إلا رسم المحبة التي تُحرِك دولاب الكون ، فكم كان رغد العيش المأمول رياش طاووسٍ وفي الداخل خواء يُطلق صَفيره كلما عصفت الريح .
    في جوف السيدة تعصف ريح تطرُد بيوت العنكبوت وغربان المساكن المهجورة . الربيع الذي لا يظهر كثيراً عندنا يُطل الآن من سماء العشق الذي صنعت لبناته الصُدفة . وهاهي اللحظة الهاربة من الكون تتكاثف أغلالاً لا تستطيع هي منها فكاكاً .

    كل الماضي شجرٌ جَفَّت ثماره الآن في وجه أعياد الخُضرة التي تَهُبُ على السيدة الفاتنة و الأرض تكاد تدور من النشوة ومن الزلزلة . تُحدثُ السيدة نفسها وهي هاربة من الخلوة التي أجلستها مع رغائبها وجهاً لوجه :
    ـ إنه الرفيق الذي تَخَيرتُه مَشاعري وهو أول من طرق باب روحي . كم هي الدُنيا قاسية حين لا نلقى حلاوتها إلا عندما تأتلف الغيوم من بعد خراب سوبا!. أجد نفسي أهوي خائرة القُوى في مستنقعٍ غريب .
    رفرفت الروائح واقتربت الأنفاس و انحل جسدها مُتفككاً لعناصره الأولى و صعدت هي قمة الخضوع . ذاب الكائن الذي كان يملأ كوننا بضجيج حلوله الكاريزمي وأضحى بضعف إنساني لا يقوى على الحِراك .

    نعيمٌ من أنعُم الحياة حين تفيض .

    عبد الله الشقليني
    12/12/2007 م

    ***

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-13-2007, 09:30 AM)

                  

12-20-2007, 09:12 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    كل الماضي شجرٌ جَفَّت ثماره الآن في وجه أعياد الخُضرة التي تَهُبُ على السيدة الفاتنة و الأرض تكاد تدور من النشوة ومن الزلزلة . تُحدثُ السيدة نفسها وهي هاربة من الخلوة التي أجلستها مع رغائبها وجهاً لوجه :
    ـ إنه الرفيق الذي تَخَيرتُه مَشاعري وهو أول من طرق باب روحي . كم هي الدُنيا قاسية حين لا نلقى حلاوتها إلا عندما تأتلف الغيوم من بعد خراب سوبا!. أجد نفسي أهوي خائرة القُوى في مستنقعٍ غريب .
    رفرفت الروائح واقتربت الأنفاس و انحل جسدها مُتفككاً لعناصره الأولى و صعدت هي قمة الخضوع . ذاب الكائن الذي كان يملأ كوننا بضجيج حلوله الكاريزمي وأضحى بضعف إنساني لا يقوى على الحِراك .

                  

12-13-2007, 05:24 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    جاء صوتها حانٍ رفيق النبر حلو الشجن . به وشوشة مزاح مُخادع وهي تستطرد :

    ـ الماخد عقلك يتهنابو .


                  

12-14-2007, 11:57 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    أحببتُ ...أو أني توهمتُ . دخلت من بوابة من جرفته مشاعره . توق أكبر من تضاريس المنع في ذهن المُخيِّلة التي تقبِض على حياتنا من ثقافة الموروث ، ففي باطن النفس روح تهيم و تطلبُ فكيف خلاصي ؟ .

                  

12-15-2007, 01:54 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    الشقلينى معك إمتطيت ذات...القطار وجلست فى ذات القمره...وعايشت ذات
    التفاصيل...وتفاعلت بذات الإحساس الذى رسمت به أنت وبتقنية سامغة شاهقه
    لوحة متحركة بسرعة حركة القطار...وسرعة الملابسات على مسرح العفويه
    التى أخرجت دون مخرج يصنع حقيقتها...بل جاءت أروع حلقات... حلقت معكم وحدقت
    فى أبعادها...وبذات الشغف سلبت لبى تلك التى أشبه بالتى سلبت لب العباسى
    فى مليطه...فشجت الخليه وأروت غلة الصادى فى النفس...معك ومع حرفتك فى هندسة الحرف لتبنى
    الكلمه...ثم تبنى غرفة الجمله...وصالون العباره...ثم تحدث حديقة لنص كحدائق بابل
    المترعة بهاء وخضره...مصفوفة فيها ومبثوثة بمكر هندسى بارع الأزاهير...والعصافير
    البهيجة...والتى سرق عباقرة التلوين السحر من الوانها...وسرق فطاحلة الموسيقى
    والغناء منها النغم وسحر الإيقاع...عزيزى الشقلينى تكتب بقدرة الكتيابى الذى
    يعطس الشعر...وتكتب بقلب أنبياء...وعقل حكماء أوتوا من العلم ما يغيب على بعض
    الأنبياء...إنسان أنت كبير..إنسان يزرع الأمل فى الناس...ويصنع الأسباب لهم...عزيزى
    الشقلينى بخمسين رجل على ذات خاصيتك يمكن صناعة مهدية فاضله...لا عيوب فى
    داخلها ولا الخارج...أبقى معنا...وابقى لنا...ومتعنا بسحر الإنسانيه الرفيع...وفجر
    فينا الدهشة تلو الدهشة...علنا نخرج من مأساة مكر الواقع المسيخ...عزيزى
    إنك تكتب بعبقرية عتاة الكتابه...وبحرفة ومكر متقنيها...وفقك الله...كاد نفسى
    ينقطع من ملاحقة النصوص...وكأنى كنت أسابق ذلك القطار...........................




    منصور

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 12-15-2007, 09:42 PM)

                  

12-15-2007, 08:14 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: munswor almophtah)



    (15)
    الحبيب منصور المفتاح ،
    صاحب البنان المُحب الطَلِق كطائرٍ من طيور الشاعر بازرعة حين كتب :
    B]

    كل طائر مُرتَحِل عبر البحر قاصد الأهل حملتُه أشواقي الدفيقة
    ليك يا حبيب للوطن لى ترابُه لشطآنُه للدار الوريقة


    إن بنانك مُمسكٌ بصولجان اللغة الفخمة ، أجلستها جوار مقعدك العالي وزينتها من بليغ معانيك واخضرار سندُس جنانك الزاهية . بها ألبستنا قلادة لسنا بأهلٍ لها ، إلا بفضل محبتك التي كسرت حُجب المعاني وأورثتنا مقاماً نحنُ نخفُض عنه ،إذ لم نزل نحن نُجرب النظر للكون وأهله والوطن بعين تأمل أن ينهل الجميع من بحر المحبة لتُطفئ بحر الجفاء الذي طفح كيلُه ، ونأمل أن تهزمه مثل نواياك الطيبة وأنت تُمسك بالعربية لُغة وبمحبة الآخرين مبسوطة كل البسط وبيد الجفاء مغلولة إلى الأعناق بل ومسفوحة الدم .
    ليتني كُنت بقدر ما تتمنى ،
    مثلكُم نحن نسعى بالخير إلى أقصاه وليتنا نُصيب .
    لك من الشكر موفوره
    ومن طيب القول منثوره
                  

12-16-2007, 08:02 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    كأني أقول بعد التهامي (6):
    دعنا هنا
    وتلفتني طلاوةُ السرد إلى الاستزادة

    دعنا هنا
    لندع للخيال الذي لا محالة مندغماً بمحراب الضوء
    متتبعاً خيوطه بشغفٍ
    سيرنو إبان الانتقال إلى رسمٍ خاصٍ
    ومن هنا قلت:
    دعنا....

    ولما للسرد من جماليات فارهة
    أطمع في الاستزادة


    وأنحاز للثانية فبين الثنايا ألف ومض وومض...

    محبتي
                  

12-16-2007, 09:45 PM

سمية الحسن طلحة

تاريخ التسجيل: 11-18-2006
مجموع المشاركات: 4735

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: بله محمد الفاضل)

    Quote: ما أعظمَكِ أيتها العاطفة الإنسانية : تَفُكين إزار الحُلول الوسط وتكشفين الفراغ الهائل وتآكُل الدواخل من تجربة قصيرة في الزمان تقتلع الثوابت من جذورها ! .

    الأستاذ / عبدالله الشفليني
    في هذه الرحلة تسير بنا نجب مطاياك وهي تعِن
    وجدت لنفسي مستقراً بجوار هذا الإقتباس
    تلوذ به من قر ليال مشتية
    فأنخت رواحل الكلم
    للإستزادة
    ثم الكربتة خلفكم
    لزواملك حداة لايحملون سياط
    يلهبون المشاعر لا الظهور
    فلاتتوقف
                  

12-19-2007, 11:31 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: سمية الحسن طلحة)



    (18)
    سيدة اللغة الباهرة لأهل البُطانة
    ونسماتهم التي ترُد الروح :
    سمية بت الحسن ود طلحة

    من نسمة صباح طلَّت حُروفِكْ
    يا ها قَعدَة ونيس قِدَام جُروفِكْ

    قرأت المطايا و" الكربتة " وتذكرت أبياتاً لإبراهيم ود الفراش :

    كَربِت يا جَمل رِزقَك على الله
    سِيدَك مِن حِسَار الحُمْ مَقَـلََّّى
    طريت الرَّ تَبُه وفي الجِيلْ مَـوَلَّى
    ارَاحْ يا تيس على امْ فاَطْرا مَجَلَّى

    نعدُك يا سيدة الحديث وأنس الصفاء أن نكون كما تودين لنا أن نكون
    خيراً هو سعيكِ خلفنا ، فما
    " تبراكِ إلا العافية والزين يُجمِّل أيامِك و يسعد بيكِ عِيدِكْ "
    تقبلي مودتي ومحبتنا قلمك الفواح

    ****
                  

12-19-2007, 10:46 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: بله محمد الفاضل)



    (17)
    عزيزي في شراكة القص :
    بلة محمد الفاضل
    تحية طيبة وعيد به كل ما تشتهي الأنفس .
    بيننا شراكة لم تعُد خفية في أفق النص . نكتُب ونُفسح لسماوات المشاركين أن تنفتح على الآفاق . يشتركون معنا نسج القص في زمانه ومكانه : شخوصه التي تتحرك في البطولة أو التي تكسو النص بحيوات المسرح وشخوصه التي تُكثف الرواية . لم أكن أحلمُ بأن يمتد النص لولا رقة مشاعر المشاركين وحفزهم أن تمتد الرحلة وتتفتح زهراتها من الأكمام .
    نظرتُ الشخوص ، من دواخلها ، حوار نفسوها عند الصمت أبلغ ففيه الخصوصية تدرأ المسلك الخجول وتفتح بوابة في أثر الثقافة والتُراث وقبضته المُحكمة على الأنفُس وهي تحاول الفكاك .
    لكل صفحة من الصفحات لون وطعم وبينها جميعاً نسيجاً يربط .
    تقبل محبتي وجزيل شكري للمشاركة الثرية في حق النص الذي لم يكن لينطلق لولا قُبلات المُحبين .

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-19-2007, 10:47 AM)

                  

12-17-2007, 09:42 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    (16)

    الأحباء :

    بلة محمد الفضل
    سمية الحسن طلحة

    لكما الشكر والعرفان لهذا الثراء ،
    وسأعود لكل واحداً فواحدة


    و إليكم الحلقة ( 7 ) :
                  

12-17-2007, 09:53 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هي ضحوكٌ فرحةٌ تُحاكي طائر الهَزَار (7)



    نوم السفر على إيقاع عجلات القطار وهي ترُج الأجساد و تُشتت أحلام الهناء ... بعضٌ من إعسار السفر ، فتصحو رغماً عنكَ مُبكراً. الصبح تنفس مُشرقاً من بعد الفجر . الشمس صفراء قادمة من احمرار الفجر . قُرصها في الأفق يصعد والسماء صافية للعيون المُبصرة . ترقب أنتَ القطار يُهدئ سرعته ، يمشي الهُوينى. تنظر الصباح يوقد بسمته على البيوت الخفيضة المُتفرقة وعلى أهلها وهم يستفتحون يومهم يطلبون الرزق . على إيقاع بطئ تسمَعُ صفير الإيذان بالوقوف تَدرُجاً ، ثم هدأت أنفاس القطار . وقف في قريةٍ على طريقه إلى الشمال.

    للصباح رونق الأرياف ولبالونات الصدر أن تتنفس أوكسجيناً نقياً ونسمة قادمة إليكَ بريح الزرع من البعيد ، وقد نهض من سباته يستقبل يوم جديد .تمثيلٌ غذائي في حضرة الشمس واهبة للحياة ضرورات البقاء . أصوات الكائنات الأليفة من الطيور والحيوانات تأتيك من البعيد . لا ترى أنتَ مزرعة القناديل ولا تسمع صوت السواقي ، لكنكَ تشتمّ عبقها يهبط عليك يُغسل أيامك الماضية من صدأ الضجيج .

    تحتَ ظلال نعيم الأرياف هبطنا وتفرقنا. مسحنا سوق الباعة بأعيننا وبالتجوال. يُلاحقونَك هم لتشتري منهم ، وتُحرك انتباهَكَ سيدات في مقام وسن أمهاتنا جلسنّ متفرقات يوقِدنَّ لشاي الصباح فالرزق في مُدونة العقائد على الله .

    عُدنا سريعاً بالخبر لمن في القطار . اتفق مُنظمو الرحلة على ترتيب أمر شاي الصباح ، أما طعام الإفطار فمن بعد إقلاع القطار ، لكني وبعض الرفاق خضعنا لإغراء الأمومة المبذولة هُنا وهُناك .جلسنا قرب "حاجة آمنة " نستطعم شاي الصباح ومُغريات ملحقاته المُشبعة بالدسم . هي في سن أمهاتنا . سمراء فاقعة اللون . الوجه الوديع لم تجد له القبيلة وسيلة انتماء غير وَسم " الشلوخ " ! ، لكن جمال صورتها لن تُضيره الخدوش وإن أغلظت . إن نفذت ببصيرتك لرأيت كم كانت هي في صباها وردة أنوثة يانعة ولم يزل بريقها يتوهج . ثوبها رمادي باهت النقش يصلُح للعمل تحت الظلال و بين مواقد الفحم المُتنقِلة . جلسنا قربها نبحثُ عن أُلفة الصباح وحنينه الذي يُقطر حليب الرِضا .

    بيني وبين " الحاجة نفيسة "أمي بيدٌ دونها بيدُ ، لكن دفء مجلسها وأنا أتذكر حلاوة طعامها وشرابها عند كل صباح تجعلني أبحث عن أشباهها في أوجُه أمهاتٍ من الوطن والدُنيا ، لعل الطفولة التي لم تزل تعلق بالنفس تروي حنينها .

    تحلقنا من حول "الحاجة آمنة " أنا ويوسف وبكري . هي تسأل ونحن نُجيب :

    ـ أهلكُم من وين ؟
    ـ ............
    ـ " أهلكُم كيفنَهُم ؟ "
    نرُد :
    ـ بخير وعافية .
    ـ أبواتكم شِن بِشتَغلوا ؟
    ـ .........

    سلسلة من أسئلة الدفء المتلاحقة ترُش علينا أمطار الخير بلا حدود .
    بأمومة مبثوثة لمن يشتهي ، تُغطي " حاجة آمنة " طفولتنا المُطفأة في الوجدان وهي تُنازِع لتبقى بضعف غضاريفها في محطات العُمر . جلسنا قبالتها نستمتِع بدفء العاطفة ، نشرب ونستطعم وندفع الثمن الزهيد ! .

    لم تكنُ هي تعرف كثير شيء عن الجامعة التي كنا ندرس بها ولكنها تعرف لأي طريق تقود . تسأل عن الوظيفة و يؤرقها هجرة " الضنى " ، فعذاب فراق الأبناء من لسع الزمان في تلك الأصقاع . تمتد العواطف مشدودة بخيوط الأمل من الوطن الأول وإلى مضارب العسرة والبحث عن العلم أو الرزق في المهاجر : داخل الوطن أو خارجه وتنفُث من الصدور الشِعر والغناء من جور الزمان ومن عذاب الفراق . تحكي لنا " حاجة آمنة " هجرة أبنائها و ما افتقَدَته من طعم الصباح من كل يوم ،حين تُفرِّق عليهم " الشاي " . يتلوَّن وجهها بحسرة الفراق وهي تأمل أن يفتح الله لأبنائها أبواب الرزق المُشرعة و تلاحقهم بدعواتها :

    ـ " أنا عافية مِنكم باطِن وظاهِر ".

    تحكي هي بالمسجوع من رصف اللغة العامية بلسان أهل الشمال و تسمع أنتَ أثر أنغام البيئة يحفُر في هيكل اللغة فتُفتش ذاكرتُك عن المتشابهات التي تُقرب الرسم الدقيق لمحتوى الحديث فتتلمس الدُنيا بعيونٍ وأسماعٍ ساحرة وتعرف أن محبتك الوطن قد أهدرت دمك مسفوحاً على ترابه .

    تفتح ذاكرتك الآن بِركْ الأغاني و دفق حنين أهل الشمال ، فترنو لك قصيدة الشاعر " السر عثمان الطيب " من كوة في بيت الذاكرة حين يكتُب :
    B]

    شوفي الزمن يا يُمة ساقني بعيد خلاص ،
    جرعني كاس ،
    إدردَرتَ واتغربتَ واتعَذبتَ يا يُمة وريني الخلاص .
    يا يُمة يا نور الصباح وِقتين يَطِلْ
    يا يُمة يا بدري البِشِع دايماً يهِل
    يا يُمة يا فيض الحنان الما كِمِل
    ..........................
    بتذكَرِكْ يا يُمة في الدُغش النَسايمُو يهَبهِبِن ،
    قايمة الصباح مِتكَفلِتي
    شايلة الحِليلَة على المُرَاح
    حَلبتِي اللبَن ، جِبتيهُو بإنشِرَاحْ
    ........................
    بتذَكَرِك يا يُمة في ساعة الهجير
    صالاكي نار الدوكي عُستيلنا الفَطير
    رشيتي قُلتي اُكلُوهُ خير
    ....................
    وِقت الخُلوق تَرقُد تنوم
    أسهَر براي مع النجوم
    والشوق يَرِف جنحينو بى فوق لي يحوم
    ..................
    بتذكرِك يا يُمة وقت الناس يجُونا من البلد
    ناعِم تُرابا على جِسيماتُم رَقد
    .....................
    بتذكرِك يا يُمة والناس قالوا قايمين البلد
    رصوا الهديمات عَدلوا
    وركبوا اللواري وقبلوا
    خلوني وَحدي بلا أنيس
    ....................
    شالوا السلام أنا مني ليك
    يا يُمة ساعة يوصلوا
    ويقولوا ليك شُفناهو في بلد الأمان
    رسلي لي عَفوك ينجيني من جور الزمان

    عبدالله الشقليني
    17/12/2007 م

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-17-2007, 10:08 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-17-2007, 11:18 PM)

                  

12-18-2007, 06:59 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    الشمس صفراء قادمة من احمرار الفجر . قُرصها في الأفق يصعد والسماء صافية للعيون المُبصرة . ترقب أنتَ القطار يُهدئ سرعته ، يمشي الهُوينى. تنظر الصباح يوقد بسمته على البيوت الخفيضة المُتفرقة وعلى أهلها وهم يستفتحون يومهم يطلبون الرزق .

                  

12-19-2007, 04:09 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    للصباح رونق الأرياف ولبالونات الصدر أن تتنفس أوكسجيناً نقياً ونسمة قادمة إليكَ بريح الزرع من البعيد ، وقد نهض من سباته يستقبل يوم جديد .تمثيلٌ غذائي في حضرة الشمس واهبة للحياة ضرورات البقاء .


                  

12-19-2007, 07:23 AM

بشير الخير

تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    You know what, Abdallah?

    There is this association
    Which I always find
    When I look with appreciation
    Into the Cosmos and behind
    Between the image of a goddess
    And a pretty woman's face



    Between the age of 20 and 36 -the time of my marriage - I was as pious as a Buddhist monk, a Muslim sufi in his retreat (khalwa) or a Christian gnostic in his recluse
    In those days, you could not find an under-twenty decent young man (walad ibni nass, mu'addeb o mali markazu) who would say he had a fulfilled real love life, other than a platonic relationship, often one-sided and unexpressed, that engulfed him with those overwhelming, mystical, euphoric, ecstatic and unimaginably powerful feelings you are describing.

    That drive of life, which was essentially a means of reproduction, survival or continuation of a species, had been transformed by man into a labyrinth of secrecy, sacredness, taboos and intricate traditions and rituals, thus, becoming one of the major distinguishers between man and other species. It has become most thrilling amd most agonizig.

    In the second half of the seventies, I was working after graduation. I used to visit the U.of K. to attend some cultural events. I was already approaching thirty. But, I was still celibate and as pious as I have said. It was not a kind of traditional religiosity at all, rather, a deep spiritual journey, somewhat like this "New Age" spiritual experiences.

    When my eyes nadvertently fell on those beautiful young people, in their prime life, and I remembered that most of them had to live until their late twenties or early thirties to enter the gates of “marriage paradise” or the “golden cage” - no thought at all other than marriage was ever present in mind!! - a faint voice, a flash thought, inside me that would say "What a waste of life!!” feeling pity for them, but not for my own mortal self!! Because I was feeling very satisfied with my monastic life at that time. I did not see a woman even in my dreams.

    Later on in life, I would laughingly tell my friends of those thoughts, but this time feeling pity for myself!! And for the millions of individuals in our societies who wasted, or are still wasting, their prime life, shackled by unbreakable taboos, inhibitions and insurmountable ages-old traditions, rituals, qualification requirements and social codes of marriage. When one gets married, in most cases, prime life would have already gone. As people get into marriage with little experience in life and without any real preparedness or education about marriage potential problems, often life turns soar. But, alas! they are already trapped forever.

    What a waste of life!! What a Waste of life!!

    In any case, love life should always keep that sacred fire and spiritual feeling. Otherwise, it will be a tasteless experience if not an abhohrent one.


    Thank you Abdallah, for your very inspirational and prolific work



    (عدل بواسطة بشير الخير on 12-19-2007, 07:25 AM)
    (عدل بواسطة بشير الخير on 12-19-2007, 03:36 PM)

                  

12-19-2007, 07:39 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 27722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: بشير الخير)

    شقليني العزيز

    عيدية مباركة عليك وعلى من تحب
                  

12-20-2007, 06:09 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: حيدر حسن ميرغني)



    العزيز حيدر
    تحية واحتراماً

    وكل عام وأنت ومن برفقتك
    تتمتعون بموفور الصحة والعافية
                  

12-19-2007, 04:40 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: بشير الخير)



    (19)
    العزيز الكاتب: بشير الخير
    تحية واحتراماً

    بمثل تلك الفُسحة من الأرض الفضاء الذي كتبت لنا نجد أنفسنا دون شك نُعيد النظر في الكثير الذي كان يمر علينا في مسيرة حيواتنا والصبا الباكر وأزمات البلوغ وعُسرة أن تستجيب للعاطفة التي تلهب الجسد وهمومه والفكر : دفق انجذاب الإناث والذكور حين تأتي أغلال الثقافة والموروثات تقف دون ممارسة الحياة الطبيعية .

    في كثير من أصقاع البلاد وأريافه التي لم يتملكها فكر وثقافة المنع والحجب والأغلال تجد الحياة سلسة دون قسر . وفي الأصقاع المقابلة الكثير من عنت الموروثات ما أغلظ على الحياة الإنسانية من رسف أغلال المنع ، للإناث نصيب الأسد من المنع وأغلال حبس رغبات العواطف والأجساد إلا من خلال المؤسسة التي ترتضيها البيئة ، وكما تفضلت ، تجد حلها في انتظار الزوج بالمواصفات جميعاً ويُنسى في عجلة " ستر المحارم " أن العواطف النبيلة هي أمنيات وأحلام تُزين الدنيا ولا أثر لها في مُقبل الأيام ، في حين ترى ثقافة المنع الحياة اللاحقة هي مرتجى ممارسة الجسد لحقوقه وثراء الدفء بميلاد الأطفال ، ثم تبدأ الحياة بجسدين ليس بينهما كثير شيء إلا الفراش الذي هو مطية الحرث ، ثم تأتي العاطفة من " العُشرة " !!!.

    قد تجد الأنثى أنها تلهث لتُطفئ رغبات الجسد الذي يظل بعذريته يحُث الأنثى أن تتهيأ ليكون ذلك العالم مُبكر الحدوث ، وبحياة أكثر رغداً وفق منظور الرزق ، أما الذكور فلهم بوابات أُخر لكسر حواجز ثقافة المنع : لهم بالليل دروب في الأرياف على الرمل تجد طريقهم إلى أطراف القرى يفعلون ما حرمته ثقافة مجتمعاتهم في العلن وترضى عنه وتغض النظر في الستر !.

    لم تحل تلك المجتمعات المأزومة ثقافياً أزمة المرأة أو الرجل منذ بلوغه وإلى الزواج ،
    أيقدر الجميع على الصوم وارتداء غلظة قهر الجسد عند المتصوفة أو التسامي بتحويل طاقة الجسد إلى عقله لتُنير ؟.

    هنا أزمة المجتمع وثقافته التي تُنتج في كل زمان شروخ في النفوس وعذاب موروث .
    لقد فتحت سيدي بمُداخلتك أبواب مشرعة للنظر في "تابو" المحظورات وكيف هو يورث كما تفضلت في كل يوم ملايين الخيبات التي يمضغها أبناء وبنات المجتمع إرضاء لحمل ثقافي أثقل على الظهور بلا مُجير يُخفف .

    قد تظل الحياة برومانسيتها الطافحة في انعطاف الزمان كوة ليغتسل منها الوجدان ، وهو في طريقه لتحرير الأجساد من عبودية التقاليد .
    لك محبة عامرة بقدر ما أثريت لنا النصوص هنا وما نبت من سرد القص وهو يتجول في رؤوس شخوصه بما تحمل من إرث .

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-19-2007, 04:57 PM)

                  

12-19-2007, 08:42 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (8)


    معبد الأسد بالنقعة


    المصورات

    أهرامات البجراوية

    نهر النيل

    ***




    في أول الرحلة عند عبورنا " النقعة " ، " المصورات " ، " البجراوية " تلمسنا بأيدينا عظمة الأقدمين . سُلطانهم على الحجارة وإذلالهم صلابتها بالنحت . تدور أعيُننا تحاول قراءة بواطن الماضي وصفحات التاريخ . الخراف وهي جالسة على مقاعدها أكبر من خرافنا التي نشهد . لأهراماتها مشهد من الرغبات التي تُسخر البشر للحياة التي يأمُل الأقدمون عيشها. هبطنا المكان هبوط السُياح بدهشة أن أجداداً لنا صنعوا ما صنعوا بأيديهم . نحتوا اسمهم حضارة لم تستطع الدُنيا وإلى اليوم فك طلاسم لُغتها !.
    نتلمس الحجارة بغرابة التنـزه ، واستذكرنا الصور والمراجع وهالنا ما رأينا. ها هي الدُنيا تنهض من وهج الكتُب ، تنفُض الأتربة عن تاريخ موغل في القدم . نحن شهود آثاره وآثار خُطى الأقدمين تركب عجلات الزمان وتعبُر من الماضي السحيق إلينا .دُنيا اعتصرت الفكر الخلّاق ليرسم ويُخطط وصُهِرت الأجساد لتصنع هذا الإبداع الفخم .

    حَمل صديقنا "يوسف " كاميرا قليلة الحيلة بمقاييس اليوم ، ولكنها سجلت وقائعنا بدمها الذي تفجر نافورة ذكرى ، وسفحها البنان على ورق السماء المقروء .وَقَفت سيدتي الفاتنة تلتقط لنا صورة شمسية ضمتنا جميعاً ، ثم أخذ "يوسف" يُلاحقنا حتى ظفر بها واصطادهاتتلمس نحتاً حجرياًو تُشير .بأصابع ناعمة تلمست الحجارة التي ما ألفت مثل تلك الوداعة . أخال الحجر من دفق مشاعري نحوها ، تكاد تجري فيه عروق الحياة . حجارة منحوتة منذ آلاف السنين تسقيها الشمس من لهيبها وتغسلها أمطار الزمان وأعاصير الفصول . ما وَجَدَتْ أصابعً أكثر دفئاً ورقة ملمس من أصابع سيدتي تمسحُ عليها برفق . لقد اختلطت مشاعري فصرت أنظر الدُنيا بقلب محبٍ عاشق يكاد من توهم عِشقه أن ينفلت عن المألوف . أتُراني عاجز أخلط حلاوة الوهم برماد الواقع وقد أطفأ ناره التاريخ ونحن نقرأ ونعتبر ؟.

    من بين الحجارة الصامتة والأنفُس ومشاعرها المُتقلبة خيط حديث بين دهر تولى وحاضرٌ يُشرق على دُنياي . كأن الحجارة وهي في العراء بيت دفء وفراش حرير تتقلب فيه سيدة مجدولة من النعيم المأمول ، مرصوف لونها من خروج شمس الصباح وقد أضفى على لون سمرتها رونقاً و وهجاً يكاد يُحيي كهنة المعابد من نومهم الطويل تحت التُراب . كأني أحسُ حِراكهم ! .

    عجبنا من الكون حولنا ساكن سكون الموت . لا نهضة ترفعُ من شأن تلك التُحف الأثرية ، لا صوت ولا ضوء ولا حضارة تعرف أن تعتاش من تاريخها ..ونعجب !. الجيران على البُعد كأن لا شيء هنا ، كأن الماضي جسدٌ انسلخ بنسله وأهل اليوم ليسوا بسلالة أولئك ! .
    وقف زوج السيدة في رونقه مُعلماً ، يُشير بيده ، ويُقارن النصوص بالواقع . يتلقف الأسئلة بيُسر ويجيب . استعاد كما كنتُ أظن بعض ما فقده وأمسك بالمُبادرة من جديد . نظرت سيدتي بعينٍ فاحصة ، رأيتها تستمع بملامح دهشة المُتلقي كأنها تسمع حديثه أول مرة .
    قلت لنفسي :

    ـ ربما رأت فيه الآن مارداً يبسط سيطرة العلم بيسر الحاذق ، فنهضت في نفسي الآن غَيرة و وددتُ لو أطفئ ذلك الوهج الذي بدأ من صورته وهو يتوسط جمعنا . ما أغربكِ يا نفس ، فيكِ الشرور كلها تأتلف مع المحبة في الجسد وفي الفكر ونبض القلب . لم أجد هناك من داعٍ لصنع قمة درامية لحياتي العاطفية المُتقلبة فالرحلة في أول الطريق .


    وضحكت في سري ورضيت بواقع أني خسرت جولة ولم أخسر معركة .


    ***

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-20-2007, 00:01 AM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-20-2007, 01:11 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-30-2007, 07:28 PM)

                  

12-30-2007, 12:38 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    ونستحمُ في ماء القص

    ونواصل
                  

12-31-2007, 06:08 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (9)



    يذكر العاشق وهو في فورة شبابه و مشاعره التي تضرب أركان كونه وعالمه أنه لن يستسلم. يبدو فرحه كوكبي ، تزدهي الأفلاك من حوله وهي تدور تُعلن أن القفص الصدري لشاب في ريعان الصبا قد اهتز وأن سجيناً حبسته الأضلُع بات يضرِب قضبان سجنه طالباً الحُرية . أمامه الأعراف والمستقبل والطموح .

    توقف العاشق قليلاً يُراجع أمره : أيستسلم لأعراف مجتمعه ،ويقيم حائطاً آخر لسجينه في الصدر رقيق الحال ، أم يذهب لرحلة صيد لا يعلم وإن احتاط محاذيرها ؟
    بدأ الراوي العاشق يحلُم و يستذكر من شِعر مُعلمه الذي علمه كيف يتذوق الآداب والشعر في الثانوية : إن الدُنيا قاطرة تذهب بالعُمر ولا تُجملها إلا المحبة وبهرج الفنون والآداب . تذكر أبياتاً من الشعر كتبها معلمه الشاعر" الهادي آدم "في بواكير حياته الشعرية والعاطفية وأجرى عليها عبد الوهاب نسيجه من الموسيقى العربية وغنتها أم كلثوم ، وهي تحكي أمانيه :

    و غداً تأتلق الجنة أنهاراً و ظـــلا
    و غداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولى
    وغداً نزهوا فلا نعرف للغيب محــلا
    و غداً للحاضر الساجد نحيا ليس...إلا
    قد يكون الغيب حُلواً
    إنما الحاضر أحــلى

    تفاءل هو بالخير ، ورمى العاشق الصغير بكل أحماله على تعقيد السفر وغرائبه وجمره . وقرر ألا يُرجئ اللحظة في ألقها أن تشرُد ، وألا يفعل مثل العامة يُكثف بُخار العشق ويُقطره في عُلبة ويرميه البحر وينسى . لا الزمان يتسع للقهر ولا الدُنيا تتسع لتكرار الصُدفة . خلق العاشق من زوجها غريماً ومُعلماً ، نـزع ستر جسد المعشوقة ذات زمان وفعل أفاعيل حميمة لا يُريد العاشق أن يراها إلا قسراً ، فمن خضع لسُنة أهله جرى فجورهم عليه مجرى العادة ، فالقسر والقهر قد تكون مقبولة وهي من السُنن العجاف التي تزخر بها مُجتمعاتنا !.
    لا يريد العاشق الذي خرج من مرحلة البلوغ بأقل الخسائر إلا أن يُصدّق أن غريمه ساقه المجتمع سوق النوق في رحاب القطيع : عمِل في منصب ذا شأنٍ وتزوج استجابة لعادة اعتادها مجتمعه واختار له عروساً:

    ( سِميحة وبِت ناس و خَدامة ) !!

    رأي الراوي العاشق أن غريمه صاحب منصب وسطوة عليه من أثر تقدم العُمر لا أكثر ، وأن مركزاً اجتماعياً حازه غريمه وهو لا شكَ حائزه عن قريب .

    وبدأ الراوي يقُص :

    إن اقتناص اللحم من بيت الفهود ، يستحق أن ينثُر المرء بطانته لتُعينه في الحرب الصامتة التي من أبجدياتها ألا يعرف أحد من رفاقي ورفيقاتي ما يدور من خلف كواليس الأنفس . القطار يُمهِل ولا يُهمِل ، كأنه يأتمر معي لتكون الرحلة أطول ، والزمن صنعة تعرفها الدُنيا : تسوقكَ إلى النصر أو الخُسران المُبين آخر المطاف و لا حلول وسط . لن تمُر السيدة في حياتي مرور الكرام . لن أنفُخ في رماد كما تقول الأمثال ، ولن أستسلم لشطر بيت شعرٍ الذي يقول :
    ما كُلُّ ما يتمنى المرء يُدركه ، بل أقول :

    ستأتي الرياح بكل ما تشتهي السُفن .

    السفر قطعة من جمر حُلو المذاق ، وليس كما تقول أدبيات المسافرين أبداً.
    قُُربنا وداخل ( قَمْرة ) جوارنا وعند الليل من بعد الأقاصيص التي تشوقنا وتشوقها ولا تنتهي ، تقضي السيدة راحة للنوم بعيداً عنا . لا أحسب غريمي وزوجها إلا بعيداً عن الجسد الحريري وقد تدثر بكساءٍ ثقيل من فعل البرد ، و كما كنتُ أتمنى له أن يكون شارد الذهن يُرتِب أمر الرحلة وتفاصيلها من مبيت الطلاب والمشرفين و الأضياف و وسائل النقل ... الخ

    كنتُ أتمنى أن يكون شاغله أكبر من سعته فيغض الطرف عن ملاحقة السيدة بتفاصيل خدمته التي لا تنتهي ، رغم أن الملل هو كما كنتُ أتمنى صديقاً لمَسْلكه ونصيب كل من يعاشره . قلت لنفسي آملاً آخر المطاف أن لن تموت الأسدُ جوعاً ولن تأكل الكلاب لحماً طريا.

    سأتفاءل بالخير ، ولو أن الشياطين في ذهنية المُقدسات لا تأتي بالخير .

    31/12/2007 م

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-31-2007, 06:23 AM)

                  

01-05-2008, 06:59 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: لن تمُر السيدة في حياتي مرور الكرام . لن أنفُخ في رماد كما تقول الأمثال ، ولن أستسلم لشطر بيت شعرٍ الذي يقول :
    ما كُلُّ ما يتمنى المرء يُدركه ، بل أقول :

    ستأتي الرياح بكل ما تشتهي السُفن .
                  

12-31-2007, 08:16 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    أتصمد المحبة كل هذا الزمان وتبخل عن عام وليد في رحم الغيب ؟
                  

12-31-2007, 09:45 PM

الجيلى أحمد
<aالجيلى أحمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2006
مجموع المشاركات: 3236

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: أتصمد المحبة كل هذا الزمان وتبخل عن عام وليد في رحم الغيب ؟



    وأسأل معك ,وعنك ياصديقى,..

    http://sudanyat.org/vb/showthread.php?t=6558

    كل عام وأنت بيكاسو..
                  

01-01-2008, 06:08 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: الجيلى أحمد)



    عزيزنا وصديقنا الجيلي ،


    لك تحية حُب وإعزاز لك وللذين يسألون عنا ، لهم محبة مفتوحة الفضاء ، كطائر لا يشتكي جوعاً سافر يستحم في الهواء الطلق .
    وكل عام وأنتَ وسيدة عظيمة تقف معك على الدرب ، ومجموعة من عفاريت الدُنيا الجميلة وهي تُزين الحياة ، ويقولون اسمها : الأطفال .
    لا تعلم كم هو القلق والحسرة حين يكون الإنسان بعيداً عمن يُحب ، ففي لفائف الدُنيا الكثير ، ولكن الأقرب إلى النفس من الصعب أن يفرِط المرء في صحبتهم .
    لا تسع الورقة السماوية ذكر الكثيرين من الأحباب ومن الفضليات من الذين اشتركنا معهم خُبز الكلمة .
    كانت سودانيات بيت دفء ... وكانت بيتنا الذي نقضي فيه الكثير . تعلمتُ من دفء المشاعر الكثير ، نأمل أن تجمعنا الدُنيا في فضاءات أرحب .
    أحمل في نفسي ذكرى قديمة طيبة مع الأخ : خالد الحاج .....

    شكراً لك إطلالتك في أول العام ، والعزاء موصول لكل أهل السودان في رحيل بروفيسور كدودة ، لم أزل أذكر محاضرات اقتصادية نيرة له في السبعينات ، نورنا فيها عن اليورانيوم وسرقته من غرب السودان ، وحديثه الموثق بالأرقام في تحليل ميزانيات الدولة وكيف يتعين على القائمين بالأمر فعل الممكن .

    شكراً لك إطلالتك ،
    ولم تقل لنا عن السيدة الضحوك ..


                  

01-01-2008, 06:51 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    الأخ عبدالله
    سلام على روحك الطيبة

    هذه فقط إنطباعات قاريء ويشدني السرد الوجداني الذي يستحوذ على الحس الإنساني ويأسره!!


    ينساب هدير هذا السرد الوجداني كالموج على الأضواء المعتقة الكاشفة لرائحة جروف النيل عند ملتقاه ..على الرصيف ينهمر بسرعته كالعادة على جدار الحلم،أستيقظ وحيدا إلا من الألم، وعلى رفرفات نايك .. قيثارتك الفيروزية فتسرقني عاشقتك و سردك كما موج النيل.. وهي ترسل هديلك الأبيض الملائكي الأسطوري عبر ألحانك التي تذرف إيقاعات مختلفة تتشظى لها أوتار المنافي بعيدا في ذاكرة الجرح غير آبهة بنا وأنا العاشق لهكذا ببوح وجداني أنصت في غير كلفٍ لأنه يأتي مسترسلاً كما كالقصيد حتى ينثى القلب..

    تعود أصوات بوحك بنا إلى بداية الحلم ..إلى مكانه حتى منتهى الغريب في خطوط المدن ، وقد تلتفت إلى أغنيات عبدالله الشقليني من رفوف الرومانسية الضائعة، فهي تخترقني و تتسرب من بين أغصان الورد كبسمةورد يحمر معها الخدين ، لتخفي وراءها قسمات العشق ، وكأنه يقول:"أنا صاحب ذلك الصوت..أنا طير المنافي ..أنا عاشق النيل..."، حينها ينطلق صوتك في همس بوح مخملي بهي يرقص للمساء الخريفي من أنغام نسجتها كما يسيل الماء البارد من أعماق الجبل، بينما تحتفظ الحمرة الطفيفة على محيا والبشرة السمراء في صفاء القلوب ..وأنا أقرأ السرد الوجداني أخالني أمضي في أرصفته بخطوات متثاقلة أرقب العابرين الذين لا يعبرون. وتظل فيروزتك الهزارية الصغيرة تركب كل المساءات وتعانق "سيمفونية مرتيل" الحالمة!!

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 01-01-2008, 06:52 AM)

                  

01-01-2008, 11:40 AM

سمية الحسن طلحة

تاريخ التسجيل: 11-18-2006
مجموع المشاركات: 4735

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    سيد الحروف الجروف
    عبدالله الشقليني
    كل عام وأنتم والسيدة الضحوك بألف خير
    السابقون السابقون يعودون لبدايات الحلم والمنى
    بالسبر في محطات كانت وظلت آثارها تترى
    واللاحقون جرفتهم سيول مباغتة داهمت قلاعهم
    بعد أن ظنوا كل الظن أنهم في حضن مرساة حصين
    فهل يدرك من رمى بهم القدر الموشى بالعادات والتقاليد
    (في دروب وهم بعد لم يدروا ماالليل والسُرى )
    الفرق بين بين التقرير والإستفهام ...
    [ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ] [الملك: الآية : 22]
    أم أن لهم آذان لايسمعون بها ... ؟ أجدني أستمريء القول :
    لاتعذليه فإن العذل يولعه *** قد قلت صدقاً ولكن ليس سامعه

    تقبل عشقنا لحروفك الأمل فليس أجمل من أن نحيا به ونعيش له
                  

01-01-2008, 07:16 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: سمية الحسن طلحة)



    (21)
    يا سيدة الحرف النضير والبشارة التي تورق كل يوم وكل ليلة :
    الأستاذة / سمية الحسن طلحة
    عام نتمناه لكِ وأنتِ كما تودين تنهلين من نعيم الدُنيا المبذول بقدر هذه الدُرر التي تنثرين من ضوء ما تكتبين .
    ستظل أحرُفَكِ سلسة ناعمة ، ولكنها هادرة كسيل اشتاق أوديته القديمة . تكتبين ما يحمل من المعاني أشتاتاً ، ومن المكنوز ألواناً تغشي الأبصار .
    أذكر في فتنة الدُنيا وبين عذابات السؤال ما كتب الشاعر " أحمد رامي " في ترجمته لرباعيات الخيام من الفارسية :

    القلب قد أضناه عشق الجمال .. والصدر قد ضاق بما لا يقال
    يا رب هل يرضيكَ هذا الظمأ .. والماء ينساب أمامي زلال

    لعلي أسبق حُلمي قول أن في باطن كتابك لنا نُذر أمطار القص ، فالأرض مستلقية تنتظر .
    شكراً لكِ هدية العام الجديد
                  

01-03-2008, 05:27 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    القلب قد أضناه عشق الجمال .. والصدر قد ضاق بما لا يقال
    يا رب هل يرضيكَ هذا الظمأ .. والماء ينساب أمامي زلال


                  

01-05-2008, 08:28 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: سمية الحسن طلحة)

    Quote: سيد الحروف الجروف
    عبدالله الشقليني
    كل عام وأنتم والسيدة الضحوك بألف خير
    السابقون السابقون يعودون لبدايات الحلم والمنى
    بالسبر في محطات كانت وظلت آثارها تترى
    واللاحقون جرفتهم سيول مباغتة داهمت قلاعهم
    بعد أن ظنوا كل الظن أنهم في حضن مرساة حصين
    فهل يدرك من رمى بهم القدر الموشى بالعادات والتقاليد
    (في دروب وهم بعد لم يدروا ماالليل والسُرى )
    الفرق بين بين التقرير والإستفهام ...
    [ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ] [الملك: الآية : 22]
    أم أن لهم آذان لايسمعون بها ... ؟ أجدني أستمريء القول :
    لاتعذليه فإن العذل يولعه *** قد قلت صدقاً ولكن ليس سامعه

    تقبل عشقنا لحروفك الأمل فليس أجمل من أن نحيا به ونعيش له



    يقولون عند سجدة العِشق : خشوع كامل
                  

01-01-2008, 01:56 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)



    (20)
    العزيز الكاتب : أبو بكر يوسف إبراهيم

    تحية لك وأنت تُرفد دُنيانا الضاحكة بلغةٍ صافية الينابيع ، خضراء بالبِشر ، قتّالة بحوافر خيل العِشق تمخرُ عُباب أفنان النفس وبساتينها الخفية إلا لمن يعلمون . كنت أجدف في نبع كنتُ أظن أني متوحدٌ ، تأخذني العُزلة مما حولي . وبقدر من بعض الصفاء الذي ننـزعه من دُنيانا العاصفة .. نلبس بُردة ذاك الزمان الذي نحكي عنه . أشياؤه والجالسون والقائمون والراكضون هم من زمان تباطؤ الحياة وسيرها الوئيد . عالم دونه عوالم اليوم وضجيجها وسرعتها ، وزحام الأنفس التي لا تُطيق صفاءً . تنظر بإيقاع أسرع فلا وقت ينتظر أن ينعم الإنسان بما لديه من رزق ونعمة ، وما يلتحفه من كساء والحمّى تعصر أوصاله .
    شكراً لك أن بثثت فينها إحساساً نتمنى أن نستحقه ، فمن فرط محبتك تلك الأعشاش التي نروي كيف كانت تدور فيها الحياة بأفراحها والبؤس الخفي الذي يعب الكثيرون والكثيرات منه وقد طمست معالمه يدٌ مقتدرة ترغب أن تبدو الدنيا للآخرين أجمل .
    لك محبتي وكثير اعتزازي بهذا الحضور اللغوي الباهر الذي أثرى الملف دون شك .
                  

01-02-2008, 02:52 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    ونواصل


                  

01-02-2008, 08:59 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (10)



    أهذا هو التاريخ ؟

    تساءلت :

    عندما احتمى الإنسان الأول بالكهوف أو عقد أغصان الأشجار ببعضها لتكون له بيتاً ، لم يزل في كل يوم يُفسح لدنياه أن تفي بحاجاته ورغائبه . تتدفق العشيرة جماعاتٍ وفُرادى يبتنون لأحلامهم مكاناً في الواقع ، فالأهرامات دليل توظيف الفكر لتُصبح الأحلام حقيقة . يقولون الرُعب حافز يُحرِك طاقات الإنسان ، فبناة هذا التاريخ الموغل في القدم وقد قهرهم الخوف قد أنجزوا هذا العمل الباهر الذي يُصارع الزمان. وقف وسط إعصار الطبيعة دهوراً . تقوست ظهور الذين ابتنوه من ثِقل الأحمال . بين الجروح والإعاقة والشلل والموت نهضت تلك الحضارة التي بها نحن نفخر ‍!.
    لمن يستنطق التاريخ سيجد إبداع الإنسان ينام جنباً إلى جنب مع الظلم وقسر العبودية المُذل .سيبكي كثيراً من يحمل قلبه رقة إنسانية شفافة، عندما تتكشف أمامه حقيقة الظُلم و القهر الذي تعرض له بناة تلك الصروح الباذخة التي سوّق لنا العلم أن نطلع على أسرارها الظاهرة للعيان . بعضه نهض من محبة عقيدة ما والكثير نتج عن اختلاط الخوف بالرعب من قهر قساة القلوب من الذين كانوا يتحكمون في مصائر شعوبهم . أيحق لنا أن نفخر بعمل الأجداد أم نتحسر على الذين عاشوا ذلاً منذ الميلاد و إلى الرحيل ؟
    في مرايا دُنيا الأسلاف ، نشهد أن الجمال الذي يُفجر الدهشة لم يأتِ بيُسر . إن الحريات النسبية التي نشهد اليوم غير التي كانت بالأمس . كان القوي في ذلك الزمان يبقى والضعيف يهلك وتدوس عليه الحياة ولا عين تطرُف! .
    في " قَمرة " الدفء جلسنا ، وفي زحام أنسنا تساءلت السيدة التي طرقت القلب وسكنت غرفة من غرفه :
    ـ إن كنا نشهد أجدادنا يقومون بذلك العمل الباهر ،لِمَ لا نشهد مثله اليوم ، إذ أن لدينا كلية للفنون وأدوات النحت اليوم أيسر وجلب الخامات من أقصى الأرض أسهل ؟.
    تداولنا في الأسباب والظواهر . العَرَض والجوهر ، اختلفنا واتفقنا ولكن أسئلة عالقة لم تزل تُراوح مكانها .
    طرق معلمنا باب" القَمرة" التي تضمنا ، وبرقة لم نعهد ألقى التحية ، فأفسحنا له مكاناً للجلوس بيننا. تبسم وطلب كوباً من الشاي إن لم نرى مانعاً ! . هبط علينا المسلك هبوطاً صاعقاً : أهذا هو الرجل الذي كنا نعرف ، ينقلب ما بين يوم وليلة لجليس وديع بيننا !. كاد " محمد على " أن يُعلِّق ولكنني ربتُ بيُسر على فخذه ألا يفعل . مددنا حبل الود ببضع كلمات ثم فتحنا دون روية الحديث عن الوجه الأكاديمي للرحلة وفي أنفسنا أنها الصلة الحميمة للحديث في حضرته ، فرد علينا المعلم بلُطف حقيقي أنه جاء للأنس ، فقد شغلته برمجة الأيام القادمة وترتيب التنقل والمبيت عند الوصول لاحقاً لكريمة !.
    جلسنا نحاول أن نستأنس ، وصعب علينا التآلُف ، فالطُرفة حين حاول أحدنا أن يحكيها ، ومن فرط الجدّية وتكلُف السرد أضحت آخر الأمر نثراً باهتاً بلا أثر. تحدثنا عن الطقس فهو أيسر السُبل لصناعة الحديث ، وقلنا فيه قليلاً دون ما قاله مالكٌ في الخمر . آخر المطاف سكت النغم ... سكت الكلام !.
    تسللنا من المجلس واحداً يتبع آخر وتركنا المُعلم مُستفرداً بزوجته :
    الأمير فيليب والملكة اليزابيث ، ملكة تُحبها الجماهير وزوجها رفيق درب ليس إلا! .
    تجولنا بين عربات القطار فالريح المُغبِرة تأتي ببردٍ لم نعتاده . راقبنا الوجوه المُلثمة من أغطية البرد . السلال والحقائب تُكشف عن بساطة حياة الراكبين في الدرجة التي يركبها عموم أهلنا ، يتعرفون عليك بيُسر ويستضيفونَك بما يتيسر لديهم ، فخير أهلنا في وجوههم المُستبشرة . سهل المنال أن تكون واحداً منهم فالود منثور بلا ثمن . بطول الأرض وعرضها من" نمولي" وإلى "حلفا " تلمح جينة الكرم بالموجود وبغيره مبذولة بلا حدود ، كأن الطيب وقد لفّ الوطن من أقصاه إلى أدناه .


    ***

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 01-02-2008, 09:39 PM)

                  

01-04-2008, 07:23 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    ويتمدد بالون القص ...
                  

01-05-2008, 08:41 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    ولا نريد أن تنال من دواخله شكة دبوس

    دائم الترقب

    محبتي
                  

01-05-2008, 09:06 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: بله محمد الفاضل)

    Quote: ولا نريد أن تنال من دواخله شكة دبوس

    دائم الترقب

    محبتي



    عزيزنا بلة ،
    وإنك شاهد ترقب ، ها هي
    النصال تتكسر على النصال
                  

01-06-2008, 07:56 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: في مرايا دُنيا الأسلاف ، نشهد أن الجمال الذي يُفجر الدهشة لم يأتِ بيُسر . إن الحريات النسبية التي نشهد اليوم غير التي كانت بالأمس . كان القوي في ذلك الزمان يبقى والضعيف يهلك وتدوس عليه الحياة ولا عين تطرُف! .
                  

01-08-2008, 07:14 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote:

    أهذا هو التاريخ ؟

                  

01-06-2008, 02:59 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)



    وانسرب الماء من تحت الصخور لدنة ستهزم الصلابة من بعد زمان
                  

01-06-2008, 12:11 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (11)



    كنتُ أظنني أرى الشعر وقد اعتدل واستقام ونهل من ينابيع عصية على العادة في حضرة من هام عِشقاً وسفك الحرمان دمه . ربما اختلطت الأسطورة بحقائق التاريخ ، وربما يقف عِشقي في مرآة ذاك الشاعر الذي مات من أفاعيل العشق والهيام وطرفه الآخر الذي يحب يُنازعه الرغائب . عاشق من زمان قيس والعامرية و الشعر القتّال . حياة ترويها لنا الأحاجي .عاشقٌ و شاعرٌ ، قتله العِشق وهو يُداريه ففجر صدره ومات .
    استدركت قصته من الذاكرة وهي تتخبط غادية ورائحة . نبتَ من الذاكرة ما ورد في "المستطرف في كل أمرٍ مستظرف "على لسان الأصمعي أنه قال :
    B]

    "بينما أنا أسير في البادية إذ مررتُ بحجرٍ مكتوب عليه هذا البيت :
    أيا معشر العشاق بالله خبروا .. إذا حل عشقٌ بالفتى كيف يصنعُ
    فكتبتُ تحته :

    يداري هواه ثم يكتم سره .. ويخشع في كل الأمور ويخضعُ

    ثم عُدتُ في اليوم الثاني فوجدت مكتوباً تحته :

    فكيف يداري والهوى قاتل الفتى .. وفي كل يوم قلبه يتقطع

    فكتبتُ تحته :
    إذا لم يجد صبراً لكتمان سره .. فليس له شيء سوى الموت أنفعُ

    ثم عدتُ في اليوم الثالث فوجدتُ شاباً مُلقى تحت ذلك الحجر ميتاً ،
    فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد كتب قبل موته :

    سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا .. سلامي على كل من كان للوصل يمنعُ "


    انتهى الأصمعي وانتبهتُ لنفسي أقول :
    ـ كيف مصيري إذن ؟
    أأنتظر تبكيت الضمير من وخذ الشعر كما أورده الشاعر محمد المكي إبراهيم حين كتب :
    B]

    لأنك عند باب الرعب أحنيت الجبين رضى
    قبلت شهادة الكتب القديمة و الرواة الخائنين
    عن الهوى و الفن
    و نمت على وسائدهم قرير العين محتقبا
    غثاثة مجدك المخدوع
    لأنك باسم إرضاء القبيل و سطوة الآخر
    تركت هواك للأعداء
    و لم تصمد هشاشة عظمك العذري للقتلة


    قلتُ لنفسي :
    نبتت أيامي زهرة مُحدِّقة في الأسى ونار الحياة تستعر عند انسحاب المرء تاركاً عِشقه للريح . لم أكن أنظر أن إضمار العشق قتال وأن الدم المسفوح يُدمي الشمس عند بزوغها صباحٍ كل يوم جديد وأن ذبيحة بشرية جديدة في طريقها لمعبد الهوى ، وأن كهنة العهد القديم لم يبتلعهم التاريخ ، بل هُم في قمة الصحو ينتظرون دمي ! .

    قلت لنفسي :
    ذاك العاشق المقبور إن صحَّت قصته أو ذاك ابن المُلوّح الذي مات في الصحراء ، إن كانا بطلين من أقاصيص الخيال فإن بيني وبينهم شراكة في التوجُس من مصائر العشق و الهيام في مخازن الصدور ، غائرة الجراح في ضمير الغيب . يُضمر الكون لي دون شك قِتلة مُدوية .أيمكن للموت أن يختار طريح علل الهوى أم أن عُمري أطول ، وقدرتي على إدارة الأحداث أكثر جسارة وإثارة ، وأن مساحة الحُرية الممنوحة الآن أكبر من ابتلاع النصال الجديدة التي تمددت شفرتها بين الليل والضُحى ؟.
    لبستني روحٌ فالتة وهي قد وَكزت ضميري تنبهه أن الدُنيا تُضمر لي مكيدة محشورة في إبط النفائس التي تظهر مرة كل عُمر أو مرة كل قرن . لُجةٌ تطايرت من انفجار عظيم تُلوح بوهجها قُرب الأرض أو المُشتري أو المريخ ولا تتكرر .
    ـ لن أموت بطعنة في الصدر وهو مكشوف بلا درع ، بلا قلائد من الحديد أو البأس ، ولن أرضى بقسمة الضباع في حضرة الأسود .
    لن أرضى بقهر العشيرة وسياط القمع و حُكم العادات والأغلال التي لا حق لها في خياراتنا .جاء الوقت لنسمي الأشياء بأسمائها ....
    إني أُحبها ، رضي الكون أم أبى ،

    وإني في سبيلي لتدبر أمر العشق الفالت من الدُنيا . لن اسجنه صدري ، بل سأجلسه على أرائك من الموعود في دفاتر النعيم . نهضت الدُنيا الآن رائعة : غُرتها الفتنة وعلى أعطافها الجمال سيداً وعلى أردافها تكتنـز الشهوات القديمة.
    نـزعتُ نفسي عن ثوب الأُضحية ، وفاجأتُ الجلوس جميعاً في ( القَمرة ) :

    ـ أقول لكم ماذا ترون في مَنْ عِشق امرأةً متزوجة ؟

    وَجَم الجميع !.

    استقامت السيدة الضحوك واقفة ملسوعة وهي تحاول مُداراة الاحمرار الكثيف يُدمي خديها ونشر غيومه على وجهها . مرتبكة تعذرت هي بشيءٍ نسيته حتى لا يحس أحداً وغادرت على عجل !.
    أمسكني يوسف وهو يهُز ساعدي :

    ـ ما الذي فعلت ؟ ، لا الزمان ولا المكان يسع ما تقول !!

    انفضَّ السامر ، فلم يقدر الجميع على ابتلاع موسى الصّراح ومحو الحدث الجليل الجلل . بدأ الأمر كأن جبلاً من آنية زجاجية رقيقة لامعة تهوي وتتكسر من جنون مبتدئ عِشقٍ أكبر من سعته فانفجر .
                  

01-12-2008, 09:58 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: لأنك عند باب الرعب أحنيت الجبين رضى
    قبلت شهادة الكتب القديمة و الرواة الخائنين
    عن الهوى و الفن
    و نمت على وسائدهم قرير العين محتقبا
    غثاثة مجدك المخدوع
    لأنك باسم إرضاء القبيل و سطوة الآخر
    تركت هواك للأعداء
    و لم تصمد هشاشة عظمك العذري للقتلة
                  

01-12-2008, 04:54 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    بينما أنا أسير في البادية إذ مررتُ بحجرٍ مكتوب عليه هذا البيت :
    أيا معشر العشاق بالله خبروا .. إذا حل عشقٌ بالفتى كيف يصنعُ
    فكتبتُ تحته :
    Quote: يداري هواه ثم يكتم سره .. ويخشع في كل الأمور ويخضعُ

    ثم عُدتُ في اليوم الثاني فوجدت مكتوباً تحته :

    فكيف يداري والهوى قاتل الفتى .. وفي كل يوم قلبه يتقطع

    فكتبتُ تحته :
    إذا لم يجد صبراً لكتمان سره .. فليس له شيء سوى الموت أنفعُ

    ثم عدتُ في اليوم الثالث فوجدتُ شاباً مُلقى تحت ذلك الحجر ميتاً ،
    فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد كتب قبل موته :

    سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا .. سلامي على كل من كان للوصل يمنعُ "
                  

01-09-2008, 11:09 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)




    على الطريق ...
                  

01-09-2008, 11:18 AM

salma subhi
<asalma subhi
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 4817

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    أي باب يأتي منه الفرح لابد أن نطرقه....


    أدام الله عليك الأفراح يا استاذ عبدالله


    كل سنة وانت طيب
                  

01-11-2008, 10:20 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: salma subhi)




    Quote: أي باب يأتي منه الفرح لابد أن نطرقه....
    أدام الله عليك الأفراح يا استاذ عبدالله
    كل سنة وانت طيب

    الفاضلة : سلمى
    بدخولك من بوابتنا :

    نقول كما قال الشاعر عبد الرحمن مكاوي:

    الليلة جيت شايل الفرح .. قصدَك تعوضني الي فات
    أديتني حنية عيون .. ما لقيتامن أقرب صلات
    وأديتني إحساس بعُمر .. حاضنو الربيع ونسايمو جات

    شكراً لكِ سيدتي .
                  

01-13-2008, 12:11 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: الليلة جيت شايل الفرح .. قصدَك تعوضني الي فات
                  

01-11-2008, 11:05 AM

serenader

تاريخ التسجيل: 01-14-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    الأستاذ عبد الله الشقليني
    أشهدك أني- ومن زمن متطاول- لم استمتع بنص متماسك، ورائق، كنصك..
    روّح الله عنك همومك واسعدك كما أسعدتنا بكتابتك المختلفة(وإن كانت الخاتمة تسير نحو الألم، كما أتظنى)
                  

01-11-2008, 03:11 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: serenader)

    B]


    الأستاذ عبد الله الشقليني
    أشهدك أني- ومن زمن متطاول- لم استمتع بنص متماسك، ورائق، كنصك..
    روّح الله عنك همومك واسعدك كما أسعدتنا بكتابتك المختلفة(وإن كانت الخاتمة تسير نحو الألم، كما أتظنى)


    العزيز الأكرم :سرندر
    شكراً لك أن وهبتنا فوق ما نستحق ،

    نشهد أنك قد أحببت خُبزنا المكتوب على ورق السماء ،
    وإن من بين صلادة الصخر ما يتفجر ماءً وتنبُت زهرة .

    أما عن الحُزن :

    فكيف هو صنيع حين يولد بين السيف وكساء غِمده ؟..

    لكن الفأل دوماً سيد أحلام قادمات


    **
                  

01-12-2008, 08:28 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: لكن الفأل دوماً سيد أحلام قادمات
                  

01-12-2008, 03:32 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)


    B]

    هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (12)



    أظلمتُها أم ظَلمتُ نفسي حين جمعتُ رفقتي إلى رُكنٍ قصيٍّ من الحَرج . أمثل تلك الصراحة حين قُلت :
    " أقول لكم ماذا ترون في مَنْ عِشق امرأةً متزوجة ؟ "
    أهي التي صادرت من السيدة الضحوك المِهزار بسمتها التي كانت تُعطر المكان ، فتكلست البهجة المبذولة بلا مُقابل ونـزلت أستار الجفوة والتكلُف تُفصل ما بيننا من حنين و أُلفة ، ونحن أحوج للراح و سُكر القلوب ؟
    خلوتُ إلى نفسي وقد حلَّ المساء راكضاً لا يلوي على شيء. رحل الجميع وتركوني للأسى في " القمرة " وحيداً .

    ها هو الليل أضواني وبسطتُ يد الهوى وأذللتُ دمعاً كاد أن يتفجر ، تماماً مثل أوصاف أبو فراس الحمداني .
    لا الليل ولا عِطر الأنوثة المُميّز الذي يفُض أغلفة الغرائز بطيبه وطعمه الذي لا تُخطئه أنف لقادر أن يُزيح تلك الكُتل الصخرية التي جلست صدري . لقد كَسرتُ جِرار الفرح ، عامداً مُتربصاً مع سبق الإصرار وأنوء الآن بأحمالٍ تَعِسة صنعتها بيديَّ التي تُجيد صُنع الخرائب وأنا في غيم ذهول ! .
    أ كان الهوى أوسع من صدري وقُدرتي و احتمالي ؟

    أمسكت بورق اللعب وقد انتشر على طاولة صغيرة أمامي . أعملتُ بصري و وجدتُ ورقة فيها " الفارس " بقلبٍ أسود ، و تُجاوره الملكة بقلبٍ أحمر ومن حولهما مجموعة أرقام ، بين الثمانية والثلاثة .
    كنتُ منذ زمان مولعاً بتسلية " الحظوظ " . أنثُر الورق كيفما اتفق أمام الأضياف وأقرأ الطالِع . أعقدُ خيطاً رفيعاً خادعاً بين الصُدفة وبين المصائر المحجوبة وأعُب ، فتتوقد الأعيُن ببريق الشوق من حولي ناظرة في دهشة تتأمل كيف أصنع المُغامرة من ورق اللعب المنثور وأنا السعيد المُنتشي !.
    أيصدق قول امرؤ القيس :

    ـ اليوم خمرُ وغداً أمرُ ؟ .

    لا الخمر بين يدي ولا الأمر ممكن . أنا الآن أخرج من دُنيتي صِفر اليدين .

    قلتُ لنفسي :

    ـ كيف يا تُرى أُعيد الآنية المكسورة إلى السلامة ؟ ، لا أحسب الدُنيا تظلِم من مجرد سؤال جاء عفو الخاطر و ربما لامس ما تُخبئه الصدور .

    دخلت السيدة التي أهوى دون أن أحس بقدومها . وجدتُ نفسي متكئاً على أريكة خائر القُوى . أحسست بمقبض باب " القمرة " تُغلقه هي من الداخل ،فقال الشيطان في باطني : " أظنها هيت لك " !!

    يا لبؤسي .

    انفجرت السيدة وقد تفرقت يداها من حولي وتبعثرت أصابع يديها مُنذرة مُتحفزة ، مُعاتبة ، غاضبة . الشَعر المُنفلت يتماوج على قمرِ وجهها ، وقُرصه يُظلله الغمام . الدم المسفوح من تحت الخدين لوَّن وجهها حُمرة نافرة ، ساحرة وأنا المأخوذ : لا أسمع شيئاً ولا أعي ، بل أرى دُنيتي الجميلة التي تشكلت في جسد امرأة تهجُم على مجلسي . علمت حينها أن الجمال الحقيقي يتوهج بنيران الغضب ، وأن خالقها كما تقول المُقدسات قد أخذ زمانه المُبدع ولم يتعجل خُبزها ، وصورها أبدع تصوير . صنعها " زي الملكة ماتريد " كما تقول أغنية الحقيبة :

    سيدة وجمالها فريد
    خلقوها زي " ماتريد "
    في خدودها وَضعوا الريد

    وللغة في الصناعة شجون .
    ثوبها ينحسر من فعل ما ألم بها . انفتحت فُرجة من تحت العُنق إلى الصدر ، فوجدتُ نفسي وقد خطفت مقولة رفيقنا " عبد المنعم " المشهورة :

    ـ الصلاة يا ناس !


    ****
                  

01-14-2008, 02:09 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هيّ ضحـوكٌ فَرِحـةٌ تُحـاكي طائر الهَـزَار (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: سيدة وجمالها فريد
    خلقوها زي " ماتريد "
    في خدودها وَضعوا الريد



    مَنْ هي " ماتريد " ؟
    أهي ملكة أسبانيا ما قبل منتصف القرن الماض ؟

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 01-15-2008, 06:24 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de