دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
إضاءة حول مقال دنقس والمثقفين والبرعي
|
إضاءة حول مقال السيد دنقس و المثقفين والبرعي التمهيد : ربما حوى مقال السيد عبد القادر دنقس على الكثير من الرؤى ، وأخلاط من الأفكار والتداعيات ، ويمكنني تلخيصها كالآتي : 1/ حديث منقول عن (حُوار ) رأى ضرورة الوضوء عند زيارة الشيخ قبل مصافحته . 2/ الإطلاع على بعض من قصص عن كرامات الشيخ البرعي وردت في المنبر واستهجانها . 3/ لا لوم على الشيخ البرعي لأنه بذكائه جمع خيرة أبناء السودان في زريبة ، ويرى الكاتب إن المعروف عن الزريبة هي مستودع الخراف والبهائم . 4/ عدم نكران الفضل الاجتماعي والاقتصادي على من جاوروا الشيخ . 5/ التساؤل المطروح حسب نص الكاتب : ـ ( نسأل أنفسنا وبكل صدق ، ما الذي يجعل إنسان بتعليم متواضع أن يكون له كل ذلك النفوذ ؟ ) 6/ النص : ـ ( أن الشيخ نتاج عديمي الضمير سارقي قوت الشعب ) . 7/ النص : ـ ( الحزن من موقف المثقفين فعند اقتراب الحرية يصنعوا إقطاعيا للعبادة ، والخضوع للشيخ الصوفي دون تبرير . ) 8/ عدم نكران الصوفية كجزء من المكون الروحي . 9/ الإقرار بأن الدين من الخاص ، ولكل إنسان مطلق الحرية للانتماء الروحي ، ولكن هنالك ما يجمع الجميع من مصالح اقتصادية وحقوق و واجبات ، ولا ينبغي لأمثال الشيخ البرعي أو الإمام الصادق أو السيد الميرغني تبني مشكلات الدولة ، بتبني مشاكل الفقراء والمحتاجين ، وكثير من الناس هُلكت من صراع المتصوفة على النفوذ .
الإضاءة : لا يسع المرء أن يقرأ مقالاً بذلك الإسراف ، وتلك القفزات من موضوع لآخر . فالموضوعات المطروحة لا يسعها مقالاً موجز في السماويات ، لكننا نحاول أن نمسك ببعض الرؤى ونضيء عليها لفائدة من يقرأ . فرمي الحجر في بركة أدعى لحراكها ، إذ نرغب الإضاءة تعميماً للفائدة . من الصعب وصف الشيخ البرعي أنه يصارع للنفوذ والسلطة ، فأصحاب السياسة من الطائفية ، ومن الأحزاب الدينية والعرقية والمذهبية والصفوية وغيرهم معروفون ، ولهم برامجهم السياسية وشاركوا في السلطة ، وأمسكوا بصولجان الحكم ، أو يسعون لذلك في السر والعلن . لم يكن الشيخ البرعي نتاج سارقي قوت الشعب ، فتاريخه معروف منذ أربعينات القرن الماضي ، والجميع يعرفون كيف نشأت الزريبة وكيف تطورت . فهي لم تنشأ كما نشأت ( ميت أبو الكوم ) مسقط رأس الرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد تقلده السلطة . والجميع يعرفون كيف تُدار الخلاوى كدور لعلوم الدين والعربية ، ومساكن لطلابها ، وإطعامهم مما ينفقه العامة والخاصة من العيني ومن الأموال عن طيب خاطر لتسيير الحياة فيها كمؤسسة تربوية بغض النظر عن ملاحظاتنا عليها. ولذلك تاريخ ضارب في القدم لست بصدد دراسته الآن ، فمن يقرأ تاريخ السودان وتاريخ نشوء الخلاوى والهجرات القديمة يعرف . نتجاوز الحديث عن الشيخ فتاريخه الحافل وسيرته على التلفزة بدون وسائط هي خير دليل لمعرفة الرجل ، ورأيه في الكرامات كان واضحاً وغطته الفضائية السودانية في برنامج مسائي مشهور ، مترف بالأحاديث والإنشاد ، ولم يزل متداولاً ، و يمكن للقاص والداني الإطلاع عليه ومعرفته . لكنني أستفرد بالإضاءة حول الكرامة أو الكرامات ، وأتجاوز عن النماذج التي ذكرها الكاتب بغرض الإحاطة بالمفهوم بديلاً عن التضييق . الإضاءة على مفهوم الكرامة : يقول الشيخ محمد الطيب الحساني : ( لحظاتنا كلها كرامات وليس هنالك كرامة أفضل من كرامة العِلم ) إن من يطلع على ما يُطبع في المطابع العربية حول الكرامات ، يجدها تكاد تفوق كل ما طُبع من مثيلاتها في كتب التراث . وتحوي سير الأولياء ، المناقب ، الشطحات ، النفحات ، الأعاجيب ، الخوارق ، المدد ، ، البركة وأحياناً المعجزات . ولعل المدد هي الكلمة المرددة في جنبات الأضرحة والمزارات المقدسة ، وترد على أفواه الناس و ذوي الحاجات الذين يؤمنون بالكرامات ويتناقلون روايتها مخلفين لنا بوعي أو بدونه تراثاً أدبياً جديراً بالدراسة وحَرياً بالنقد والتحليل . كيف تنشأ الكرامة ؟ وكيف تتطور؟ الثقافة الشفاهية وأثرها على تطور الكرامة ؟ الثقافة وعلوم النفس البشرية وعلاقتها بالكرامة ؟ إن التحليل والدراسة تقرب الراغب في المعرفة ، حتى لا يركن للتقديس من منطلق صوفي ، أو النبذ من منطلق عقلاني بتحميل النتاج وِزر بؤرة اللاوعي في العقلية الغيبية للإنسان المعاصر . لقد بات واضحاً في مجال المعرفة أن المنتج غير العقلاني يلعب دوراً كبيراً في صُنع التاريخ ، وفي تحريك مجرياته . يمكن مراجعة ( حضرات الخليفة عبد الله التعايشي ) والخاصة برؤية المهدي و الخضر في المنام ورؤية الرسول الكريم في إحدى الحضرات وتأمينه على رأي الخليفة لغزو الحبشة وغزو مصر ، وبالرجوع لمنشورات المهدية الذي حققه الدكتور أبو سليم يجد الراغب فوق ما يتمنى . إن إهمال المنتج غير العقلاني بدعوى الإغراق في الغيبيات ، يفقد المُتقصي جانباً من دراسة مجتمعه أدبياً واجتماعياً وسياسياً وتاريخياً ونفسياً. وقد استثمر الأديب الفخيم الطيب صالح الكثير من التراث الصوفي الذي تحفظه الذاكرة الشعبية السودانية ، وأينعت ثمار أدبه . فالكرامات هي مادة الحديث في السمر ، ووسيلة وعظية في المساجد . وهي من أدوات الترقي في المقامات لدى معظم الطرق الصوفية . وهي من الأغراض التي يتكئ عليها الأدب العربي والإسلامي الحديث ولا سيما في الرواية . إن النص الكراماتي هو نص روائي لا متناه ، يستطيع أن يواكب العصور ويتجاوزها بنصوصه الشعبية الهلامية وصفاً لسير الأولياء . وقد أخطأ المؤرخون كثيراً عندما أزاحوا الكرامات الصوفية جانباً ، إذ أهملوا جانباً خصباً من طرائق البحث في الوجه الآخر للمجتمع أشبه بالتأريخ الشعبي للحياة كما يتصورونها ، ويتمنونها . لقد كانت الكرامات منهلاً خصباً للأدب العالمي حيث وُظِفت توظيفاً انتشل الأدب العالمي من التقريرية إلى الخيال اللا محدود ، وقدوم الرؤى الشعرية التي تركت بصماتها على الأسلوب الأدبي للفنون . فالكرامة تنشأ من الراوي كطرف ، ومُحقق الكرامة ( المدد ) كطرف ثانٍ ، وشهود الكرامة كطرف ثالث . وتتحرك الكرامة في محور إثبات الولاية للولي ، والتنفيس الإبداعي عن أفراد المجتمع ونهج القص الشفاهي مع الإضافة من الخيال ، والكرامة التعليمية . ويمكن للكرمة لو جاز لنا وصفها في صورها الشعبية المنقولة أن تكون : ـ طيراناً في الهواء ، أو المشي على الماء ، أو تحمل الجوع والعطش ، أو طي الأرض ، أو تسخير الملائكة والجن والحيوانات والجماد وكائنات أخرى ، أو إنقاذ الناس ساعة الحاجة ، أو التنبؤ بالمستقبل ،أو القدرة على شفاء الآخرين من الأمراض ،أو المعاونة على التأليف ومعرفة كل العلوم ، أو مصاحبة الأنوار والغمام ، أو إحياء الموتى وتكليمهم ،أو خلود الولي بعد موته أو إرهاصات موته ، أو تحقيق النصر على الأعداء ، أو القدرة على تغيير جوهر الأشياء مع بقاء الصورة ، أو مشاهدة الخضر ومصاحبته ...الخ الناظر لحياة مؤسسي الطرق الصوفية عندنا ، والمميزين من سلالتهم في كافة ربوع بلادنا ، ومنذ التاريخ القديم ، يجدهم أهل العلم ، والدين . ويرى الدكتور محمد عبد الحي في كثير من رؤاه أن الفقيه السناري هو المثقف الأنموذج . وإن اختلفنا معه أو اتفقنا ، فان لمؤسسي الطرق الصوفية دوراً محورياً في حياة أهلنا منذ تاريخ موغل في القدم . و أرى أن السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه هو : ـ لماذا يتعلق الناس بهم ؟ إنني أرى العقل الباطن ، صاحب الغريزة المنفلتة في صراع دائم مع العقل الواعي . وأرى أن الصورة المُثلى التي تتصارع بين الضوء وبين الظلمة ، أو ما يسمى في اللغة الأخلاقية الصراع بين الخير والشر ، يجعل المستضعف في هذا الصراع يبحث عن نصير ، يُعينه ساعة الخوف الكُبرى ، ويتوسم الدفء الحنون أينما كان . يتقبل المتصوفة النفس البشرية في ضعفها بكل أخطائها ، لا يلهبون ظهرها بالوعيد والنفي والبتر والقطع ، بل بالعون على الطريق بالميسرة . وينهجون نهجاً مغايراً لنهج أهل الظاهر ، يتقبلون ضعفك برحابة ، تقرب العامة والخاصة إلى دورهم . إنني أنظر لطرائق تدريب المتصوفة ، وعلى المهارات الخاصة بدراسة علوم النفس البشرية التي ينتهجونها ، ويضنون بها عن غير الخاصة ، هي التي تؤهلهم لتبوء تلك المكانة التي يعجز المرء عن إدراك عظمة عوالمها . فمن ينجح في التدريب منهم ، يلبس الدور الكاريزمي وتطوف المحبة من حوله أفواجاً من الناس . لقد توقف المستعمرون كثيراً عند دراستهم لهذه الظاهرة . إن محبة الناس هي القوة التي ترفع الشأن ، وتسمو بهم تلك المرتبة . وأرى أن بها من الأهمية ما يفوق دراسة العلوم الدينية واللغوية . وقد نهل المتصوفة منذ القدم من حضارات أمم الشرق ما أعانهم على إبداع الطرق والجلوس للصفاء ، وفتحت أذهانهم للحياة العِرفانية . فتمارين التعبُد والصيام ، وقراءة الأسماء والأوراد . وطقوس قهر البدن ، وإذلال الروح للانصياع ، هي التي تمهد لنور الصفاء أن يرسم خطوطه في أوجه المتصوفة . و تمهد لمهارات نقل الإيحاءات للآخرين ، و عند توهُج الحضور الكاريزمي للشيخ المتصوف ، تتبدى صورته في الرونق البهي . كأنما تغشى العيون غشاوة سحر( مسمري ) قديم . ربما للحديث بقية .
عبد الله الشقليني 10/03/2005 م المرجع : 1/ منشورات المهدية ، تحقيق الدكتور إبراهيم أبو سليم 2/ أدبيات الكرامة الصوفية ،الدكتور محمد أبو الفضل بدران
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: إضاءة حول مقال دنقس والمثقفين والبرعي (Re: Abdulgadir Dongos)
|
هكذا يكون كلام العارفين يا باشمهندس عبد الله فلا فض فوك وليس العجب في من تبنى تفسيرات القرن الثامن عشر للمادة فأنكر البعد الروحاني للإنسان ولكن العجب فيمن ينكرون البعدالروحاني للدين ليحولوه في النهاية إلى إيديولوجية سياسية الإنتماء إليها كالإنتماء لأي حزب سياسي ايديولوجية تسخر لكنز الأموال وبناء القصور وسفك دماء الابرياء. أصحاب تلك الإيديولوجية قلوبهم لا تصدق أن هناك من يدعو الله صادقا فيستجاب له أو أن هناك من إذا أقسم على الله أبره فدعواتهم هم لا تجاب وأرواحهم تعرف أي مصير ينتظرها عندما تفارق هذا العالم وهي معرفة تجعل عقولهم تنكر بها على أهل الصدق أهل الله في محاولة للحفاظ على توازنهم النفسي ولكن هيهات....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إضاءة حول مقال دنقس والمثقفين والبرعي (Re: محمد عثمان الحاج)
|
Quote: فدعواتهم هم لا تجاب وأرواحهم تعرف أي مصير ينتظرها عندما تفارق هذا العالم وهي معرفة تجعل عقولهم تنكر بها على أهل الصدق أهل الله في محاولة للحفاظ على توازنهم النفسي ولكن هيهات |
أستاذ محمد عثمان، هذا هو اللغط بعينه والذي أعنيه. ما الذي أدراك أين تذهب روحي بعد مفارقة جسدي؟ ولماذا لا تجاب دعوتي؟ هل لأني لا أعتقد فيما تعتقد؟ ولم الوعيد والتهديد بما تنتظره أرواحنا؟ ليس لي شيخ لأرتجف عنده ولا أتطلع لأغتناء واحد منهم حباني ربي بمعرفة تجعلني أعيش بعيدا عن أي أقطاعي كهنوتي بصيرورة المسئولية أمام نفسي ومجتمعي أما ربي حتما ملتقيه فردا. نسبيا أعتقد أنها حياة كريمة، ارتضيتها لنفسي وأريدها لبني وطني من مرتادي زريبة الشيخ الوقور حتي ننهض ونكف عن حياة الاعانات من دول الأستكبار. عجبت لأمرك وأنت تكتب من خلف الشاشة البلورية وتنشر في الوعيد بما تنتظره أرواحنا أولا تريدها لأؤلائك الحواريون في تلك الزريبة؟ أعتبر ما تدعوا له سيدي أمر جلل، يريد منك وقفة جريئة للعدول عن حشر مخالفيك في لظي تتوهمه. لك الحترام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إضاءة حول مقال دنقس والمثقفين والبرعي (Re: Abdulgadir Dongos)
|
عفوا أرجو أن تقرأ كلامي جيدا أنا تعجبت من فئة "أصحاب تلك الإيديولوجية قلوبهم لا تصدق أن هناك من يدعو الله صادقا فيستجاب له أو أن هناك من إذا أقسم على الله أبره فدعواتهم هم لا تجاب وأرواحهم تعرف أي مصير ينتظرها عندما تفارق هذا العالم وهي معرفة تجعل عقولهم تنكر بها على أهل الصدق أهل الله في محاولة للحفاظ على توازنهم النفسي ولكن هيهات...." وأنت عندما تفهم هذا الكلام بأنه موجه إليك تقر بأنك لا تصدق أن هناك من يدعو الله صادقافيستجاب لهأو أن هناك من إذا أقسم على الله أبره فهل نفهم من ردك هذا أنك تقر أنك من ضمن هؤلاء؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إضاءة حول مقال دنقس والمثقفين والبرعي (Re: عبدالله الشقليني)
|
إلى الأحباء هنا تحية وسلام
اليكم أنموذجاً لما أرفدته لغة المتصوفة في التعبير . أنا لم ألتقِ الشيخ في حياته أبداً، و سمعت باستشفائه في مشفى في ألمانيا، فكتبت وقد اقتبست من لُغة المتصوفة وآداب حديثهم ، ما يفتح أبواب النفوس المتعطشة للرحابة : ـ
الى البرعي ( أجرٌ وعافية )
والى الكرام ، وقد ألفت قلوبهم محبته يقولون : كتبت لك والربيع مطل والزمان ضاحك والأرض عروس والسماء زاهر والأغصان لدنه والأشجار وريقه والجنان ملتفة والثمار متهدلة والأودية مطردة أن ينزل المولى سلسبيل الشفاء محبة من فوق سماواته الباسقات : يعدون اليه ضبحا ، و يورين قدحا ، فيثرن به نقعا .
عبدالله الشقليني 28/9/2004
تلك ربما إضاءة بأنموذج من تطوير لغة المخاطبة. لكم شكري
| |
|
|
|
|
|
|
|