جنوب كردفان: تظيم الكمولو السرى – الخلفية التأريخة والنشأة والأهداف
الزعيم النوباوى، إبراهيم محمد بلندا، فى مقابله له أجراها الكاتب الهولندى نانى أوب تاندى، بتأريخ 18 أبريل 2006، قال إنه من ضمن قيادات تظيم الكمولو- وقد أختار خيار الأنضمام لصفوف المؤتمر الوطنى بدل أخذ طريق الحرب. اليوم إبراهيم هو رئيس برلمان أقليم جنوب كردفان من جانب المؤتمر الوطنى. فى تلك المقابلة يقول أبراهيم "إننى أعتبر إحد مؤسسى تنظيم الكمولو السرى والذى يعمل بسرية فى جنوب كردفان منذ عام 1972م". ويقول إبراهيم "نتيجة لنشاطى فى التظيم فقد سجنت لمدة أقلها خمس أعوام، فى كل من كادقلى، الأبيض ومناطق أخرى". ثم يضيف "لقد مضى جل مؤسسى الكمولو ولكنها سنة الحياة ونحن بهم لاحقون". يضيف الزعيم أبراهيم بلندا إننى ليس رجل حرب بل رجل أقناع وحجة ورأى. يقول إبراهيم إن خطتنا الأولى من تأسيس التنظيم السرى هى إشعار الأخرين بوجودنا كشعب نوباوى، فقد وقفت الحكومة فى صف القبائل الأخرى.
فى كتابه تحت عنوان: "فخور بأننى نوباوى" يقول نانى: فى عام 1972م أسس أبناء النوبة فى مدرسة كادقلى الثانوية العليا تلو "رابطة أبناء جبال النوبة" كمحاولة لسحب أبناء النوبة من تحت أقدام تظيم الأتجاه الأسلامى ذو النفوذ المتزايد وكان أول رئيس لرابطة أبناء جبال النوبة هو الأستاذ كامل كوه مكى، الشقيق الأصغر للأستاذ يوسف كوه مكى ومن قيادات ذلك التنظيم الوليد الكماندوز عبد العزيز أدم الحلو رئيس قطاع الشمال فى الحركة الشعبية والكماندوز دانيال كودى نائب حاكم جنوب كردفان الحالى من جانب الحركة الشعبية. مع أتفاق كثيرون من الفعاليات السياسية النوباوية اليوم مع تأريخ نشوء رابطة أبناء جبال النوبة إلا إنهم يختلفون فى أسباب قيام الرابطة، منهم من يقول أن التظيم قام أساساً ضد السياسات التعسفية لنميرى فى حظر أى نشاط نوباوى يهدف إلى توحيد النوبة كالروابط والأتحادات وغيرها.
يضيف الكاتب نانى: إن أغلب قيادات التنظيم الوليد دخلت الجامعات والمؤسسات العليا فى عام 1976م مما مكنهم من الأتصال بفعاليات نوباوية نشطة فى المجال السياسى. من تلك القيادات التاريخية لرابطة أبناء جبال النوبة والفعاليات السياسية النوباوية فى المجال السياسى فى ذلك الوقت تأسس تظيم الكمولو "الشبيبة" السرى فى عام 1977م وكان أول رئيس له هو الأستاذ يوسف كوه مكى.
نواصل ..
بريمة
12-28-2008, 09:55 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30274
الحركة السياسية لأبناء جبال النوبة لم تبدأ مع ظهور تظيم الكمولو أو روافده مثل رابطة أبناء جبال النوبة عام 1972م.
معلوم أن الحركة السياسية النشطة لأبناء جبال النوبة بدأت فى حوالى عام 1950م وقد قادت تلك الحركة الساسية النشطة إلى تأسيس "أتحاد أبناء جبال النوبة " فى عام 1953م بقيادة الأب فليب عباس غبوش وفى عام 1960 شارك أتحاد عام أبناء جبال النوبة فى الانتخابات البرلمانية وفاز بعدد مقدر من المقاعد البرلمانية فى جبال النوبة. تلى ذلك أن شاركت قيادات أتحاد أبناء جبال النوبة فى ثلاثة أنقلابات متتالية، أنتهى الأمر بحظر التظنيم من قبل حكومة نميرى عام 1970 ومن ثم خروج معظم القيادات النشطة إلى المهجر.
مرجع: Postcolonial Subjectivities in Africa; by Richard P. Werbner
نواصل ..
بريمة
12-28-2008, 11:32 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30274
الدكتور حامد البشير إبراهيم، من أبناء الحوازمة .. يعتبر من أميّز من كتب عن سيرة الأب فيليب عباس غبوش وأتحاد أبناء جبال النوبة .. فى مذكراة العشرة الشهيرة التى تم نشرها فى صحيفة السودانى بعد وفاة الأب فيليب عباس ..
أختلف الدكتور حامد البشير مع المؤرخ فيليب وربنر فى تأريخ نشأة أتحاد جبال النوبة .. يقول الدكتور حامد البشير:
Quote: في عام 1964م تم تكوين اتحاد جبال النوبة والذي أضيفت إلى اسمه كلمة (عام) في 1965م في مؤتمر التنظيم الثاني بكادقلي. وذلك بعد النقد الذي وجه للحزب الوليد واتهامه بإقصاء الآخر الإثني في المنطقة (العرب) فأصبح اتحاد عام جبال النوبة وانضم إليه ناظر الرواوقة (الحوازمة) سعيد حامد اللكة وآخرون. لقد خاض الحزب الجديد أول انتخابات له عام 1965 وفاز بثمانية (؟) مقاعد فى البرلمان شغلها السيد فيليب عباس غبوش والسيد زكريا اسماعيل والسيد احمد الزبير النعمة والسيد قمر حسين رحمة والسيد بحر كريا الرضى وغيرهم. تلك كانت هى الفترة التى لمع فيها اسم فيليب عباس غبوش وأثير حوله غباراً كثيفاً من النقد والحوار والجدل. لقد كان عند الكثيرين شخصية مثيرة للجدل خاصة لكونه مسيحي والباعث الجديد لقومية النوبة في فترة ما بعد الاستقلال مما أثار خوفاً كبيراً عند الكثيرين على مستقبل الإسلام في جبال النوبة خاصة وهو الإقليم المجاور للجنوب الذي يخوض حرباً ضد الشمال بسبب غياب التنمية والمشاركة السياسية وبسبب الهوية أيضاً. كانت تحركات الأب فيليب داخل البرلمان وخارجه أظهرت قدراً كبيراً من التقارب بينه والسياسيين الجنوبيين. وكان بلا شك يسعى جهده للربط فكرياً ووظيفياً بين قضية النوبة (وجبال النوبة) وقضية الجنوب حتى يكتسب حراكه السياسي زخماً أكثر كثافة وأكثر فاعلية ليتمكن من تحقيق بعض المكاسب السياسية من جراء ذلك للنوبة وللإقليم. ربما رأى الأب فيليب في الدين (المسيحية) عاملاً لذلك التقارب المنشود مع الجنوب، أو في التقارب الإثني (حيث على الأقل كلاهما) لا ينتميان إلى عروبة أهل السودان، أو في التقارب الجغرافي (Proximity) أو لكون كلاهما أقلية (بمقاييس الحرمان من مصادر القوة والنفوذ) لا بالمقاييس العددية. وبالطبع كسياسي، لقد تحرك القس فيليب في إطار المتاح أمامه من الفرص إذ أن السياسة هي فن الممكن وأن الأحداث السياسية يجب أن تفسر في إطار تاريخيتها وزمانها ومكانها حتى تكتسب معناها الموضوعي ومشروعيتها وتبريراتها في رأي الفاعلين فيها وفي رأي المراقبين لها أيضاً.
من يريد أن يقرأ المذكرت سوف يستطيع الوصل عليها من خلال الرابط التالى:
فى خضم التأريخ المتشابك والمعقد للحركة السياسية فى جنوب كردفان، فإن القائد والأب الروحى للنضال النوباوى: الأب فيلب عباس غبوش لا يمكن تجاوزه. مع أن قيادات تنظيم الكمولو تنفى دور الأب فيلب عباس فى تأسيس التظيم أو حتى أخذ أفكارهم السياسية منه إلا أن الواقع السياسى يقول أن الأب فيلب قد أثر تأثيراً عظيماً فى بناء الوعى النوباوى والحركة السياسية النوباوية الرافضة لتدخل المركز فى الشأن الجنوب كردفان وقيادة حركة النضال النوباوى ونشوء وبعث الثقافة الأفريكانية فى عروق المجتمع النوباوى. عن ذلك الدور الخفى للأب فيلب عباس يقول القائد الكماندوز دانيال كودى فى حوار أجرته معه صحيفة أجراس الحرية عن الأب فيلب قائلاً: " الأب فيليب، أب روحي بالنسبة لجبال النوبة، ... علّم أجيالاً على مدى فترة زمنية طويلة، ومنذ أن احترف المجال السياسي، وأنا واثق بأن الأجيال التي علمها فيليب غبوش ستأخذ الراية من بعده وقد أكون أنا أولهم. وفى نفس الحوار يقول دانيال كودى عن القائد يوسف كوه مكى أول رئيس لتنظيم الكمولو السرى: " هو خريج من أكاديمية فيليب عباس غبوش، وجزء لا يتجزأ مني أنا شخصياً، وهو قد ترك لنا رسالة عظيمة للمضي بهذا النضال لتحقيق مكتسبات شعبنا في جنوب كردفان وجبال النوبة بصفة خاصة". نخلص أن الأب فيليب غبوش كان حاضراً فى تأطير حركة تنظيم الكمولو السرى.
بريمة
12-29-2008, 01:10 AM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30274
نعود إلى عام 1970م حينما حظر الرئيس جعفر نميرى تنظيم أتحاد عام جبال النوبة من العمل السياسى؛ وفى الحقيقة تم أقياف كل أنواع النشاط السياسى الحزبى وسمح للعمل فقط لتنظيم الأتحاد الأشتراكى. وبحظر قيادات أتحاد عام جبال النوبة وخروجهم من الساحة السياسية، لم يكن هناك بد من إيجاد بديل للتعبير عن هموم المنطقة. فقد بدأت قيادات شابه تعمل بدأب من أجل إيجاد بدائل أخرى، حيث نشأ التنظيم الكمولو السرى "كلمة كمولو تعنى الشبيبة بلغة ميرى .. أهل القائد يوسف كوه مكى".
يقول الكاتب فيليب وربنر، كان من أهداف التنظيم الوليد أيجاد مشاركة أوسع لأبناء جبال النوبة فى المؤسسات القومية – كالجيش، الشرطة، السجون، الحزب الشيوعى، أتحاد نساء السودان وغيرها.
نواصل ..
بريمة
12-29-2008, 02:52 AM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30274
سوف ننظر للحركة السياسية لأبناء جنوب كردفان فيما بعد عام 1970م وحتى بداية عام 1985 فى ثلاثة محاورة بايجاز شديد:
1. محور الحركة السياسية التى يقودها الأب فيليب عباس غبوش وقد تقدم ذكر ملامحها .. 2. الحركة السياسية التى يقودها النوبة فى حكومة نميرى .. بقيادة المحافظ محمود حسيب 3. نشاط تنظيم الكمولو السرى حتى بداية ظهور الحركة الشعبية والحرب الأهلية الثانية فى عام 1985.
سوف نتطرق إلى موقف تلك الأتجاهات الثلاثة وموقفها من أبناء البقارة فى الأقليم.
فى كل هذه التقاطعات سوف نركز على دور تنظيم الكمولو فى تحريك الأحداث.
غداً نواصل ..
بريمة
12-30-2008, 02:41 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30274
والأب فيليب غبوش من الأوائل الذين تبنوا الأفريكانية وهناك عدة روايات تشير بأصابع الأتهام بأنه إحد أعضاء الكتلة السوداء فى السودان التى كانت تنادى بالسودان الأفريقى منذ قبل الأستقلال. الاب غبوش كان نصرانياً فقد كان ضمن أجندته نشر المسيحية فى السودان التى ظلت تواجه المد العربى والأسلامى بجنوب كردفان. الأب فيليب غبوش لم يجعل نفسه واجهة لتلك الحروب ضد العروبة والأسلام ولكنه عمل على مزواجة العروبة والمسيحية ليجعل العروبة وسيلته لنشر الوعى الدينى المسيحى فى الجبال.
الأب فيليب غبوش عمل بكل جهد لضم أبناء النوبة إلى أنيانيا الأولى وكان يجمع الدعم المادى من المنظمات الصليبيه ويقدمه لحركة أنيانيا الأولى. لم يقف الأب غبوش عند الدعم المادى بل عمل على أنضمام أبناء النوبة لصفوف أنيانيا الأولى لكنه لم يفلح فى مسعاه، لعامل أستيعاب حكومة نميرى لقيادات نوباوية بارزه أمثال المحافظ محمود حسيب الذى حشد النوبة ضد رغبة الأب فيليب غبوش. ظل الأب فيليب غبوش متمرداً تمرد سياسى على كل السياسيات والأنظمة التى حكمت السودان دون أن يكن هو حامل للسلاح وقد مات وهو يحمل رتبه قائد فى الحركة الشعبية .. ربما كشيئ تشريفى لنضاله أو كسب وده؛ فهو مناصر لكل حركات التمرد والأنقلابات التى تمت فى السودان.
تميّزت فترة نضال الأب غبوش بتحريك شعور الغبن ضد المركز وجعل من النوبة وسيلة لأثارة ذلك الغضب .. يقال فى أحد لقاءاته الجماهيرية فى إحد الأحياء المغمورة فى أم أدرمان كان ينادى: أين ناش الورنيش، أين ناس الصحة، أين خدم البيوت .. وقصده أن جمعهم جمع مهمشين.
الأب فيليب غبوش لم يعارض وجود البقارة فى جنوب كردفان ولم يكن معارضاً حتى لوجود العرب من غير البقارة فى جنوب كردفان .. وهذا فرق شاسع بينه وبين تنظيم الكمولو السرى الذى جاء لمناهضة العروبة فى جنوب كردفان. لكن للحقيقة الأب فيليب لم يكن مهتماً بالبقارة فى الأساس وكان خطابه ليس فيه مساحة لأستيعاب العرب البقارة المسلمين ولكنه أيضاً لم يوجه غضبه أو هجتمه ضدهم كما يفعل الكمولو ..
بريمة
12-30-2008, 03:41 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30274
نواصل .. الأب فيليب غبوش له باع طويل فى مسألة ضم النوبة إلى الحركة الشعبية .. بحكم كبر السن ومكانته الأجتماعة لم تفرض عليه حكومة المركز رقابه كما فرضت على القيادات الأخرى .. فكان منزله بمثابة مركز إجتماعات مفتوح لكل الذين يدعمون خط الحركة الشعبية ..
الأب فيليب غبوش هو الذى نظم اللقاء بين قيادات الحركة الشعبية وقيادات أبناء النوبة فى منزله وبموجب ذلك الأجتماع سافر الأستاذ يوسف كوه مكى وتبعه قيادات كثيرة إلى الحركة الشعبية .. وكان أول من وصل أثيوبيا الأستاذ يوسف كوه مكى.
وللعلم أن كل أو أغلب تلك القيادات التى أجتمعت فى منزل الأب فيليب غبوش كانت فى تنظيم الكمولو السرى، فهى بدورها تستغل الأب فيليب كغطاء لتحركها حتى لا يكشف أمرها ..
بعد أن ضمّن الأب غبوش هجرة أبناء النوبة للحركة أعلن صراحة أنه مع الحركة الشعبية وأنهم يعملون فى الداخل لتحقيق أجندة الحركة الشعبية .. ثارت ضده الأحزاب وتمت محاصرته وأنشق حزبه الذى اسسه فى عام 1985م جزء معه والأخر ضده حتى وفاته .. بعدها خرج الأب غبوش إلى المهجر كما خرج عام من قبل عام 1970م، ليظل يدافع عن مواقف النوبة حتى وفاته.
هناك شيئ مهم يجب ذكره، هو عندما جاءت نيفاشا ولم ترض طموحات أبناء جنوب كردفان، أنقسموا إلى مؤيد ومعارض حتى فى المهجر .. وجد الأب فيليب غبوش نفسه فى موقع حرج .. هل يقف مع مبادئه الجديدة مع الحركة والجنوبين من أجل السودان الجديد أو يقف مع مبادئه قبل ظهور الحركة من أجل قضايا النوبة .. قال الأب غبوش قولته الشهيرة حينما تنازعته المجموعات المختلفه "يا أولادى أنا مثل راجل المرتين".
نعم، أى شيئ كتبته هنا ولم أضعه فى أقتباس أو لم أشير إلى قائله هو تأريخى ولدى أكثر من توثيق فى هذه الحالة أو أن يكون متواتر وهناك بعض الأحداث التى أعايشها بنفسى منذ نهاية السبعينات .. كأنسان تربى ودرس وعايش فى الجبال بجنوب كردفان.
الموضوع برمته تأريخ لشيئ سار فى أطار المتداول وإن كان لا يزال التنظيم يمارس السرية، الهدف هنا ليس التجريم بقدر ما هو محاولة أن يخرج التنظيم بكامله ليمارس العمل الجماهيرى، وهذه الدعوة وأسبابها سوف أتى لها لاحقاً بعد ما نقدم كل التوثيق.
بريمة
01-01-2009, 01:51 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30274
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة