يعتب عليّ الكثيرون من القراء والأصدقاء. لماذا؟ لأنني، وعلى حدّ تعبيرهم، لا أتفاعل مع الأحداث اليوميّة التي تقع على امتداد عالمنا العربي وأتعامل معها ببرودة دمّ وأعصاب تستدعي التساؤل. أقصد تساؤل القراء!! يسألني قارئ عزيز عليّ: هل تتجاهلين أم تجهلين ما يحدث؟!! ويتابع آخر: هل علينا أن ننتظر أحداثا أكثر أهميّة مما يجري للأقباط في مصر أو العمليات الانتحارية شبه اليوميّة في العراق، أو ماجرى وما زال يجري على الساحة السوريّة، حتى نقرأ لك تعليقا؟!! لماذا لاتمرّين، ولو مرور الكرام، على تلك الأحداث في محاولة لاقناع قارئك بأنك على اتصال واهتمام بالوطن الأمّ؟!!! وتنهمر عليّ الرسائل الإلكترونيّة التي تحمل نفس السؤال دون أن تأخذهم بي رحمة!! ـــــــــــــــــــــــــــــــــ غريب أمري، أم أمر هؤلاء؟! مايدهشهم ويثير تساؤلهم قد يبدو بالنسبة لي، ورغم أهميّته، أمرا عاديا لايصل الحد الذي ’يثير قريحتي كي أكتب عنه بشكل يومي! لقد كتبت وما زلت أكتب عن الأسباب والعوامل التي أدت، ومازالت تؤدي، إلى هذا الواقع العربي المهين. ولو يتذكّر قارئي كل ما كتبته لما سألني لماذا لاتتفاعلين مع الأحداث بشكل يومي! أبدو أنني أختلف عن الجميع في تلك النقطة. فأنا عندما يمرّ يوما ولا أقرأ عن قتل متعمّد أو جريمة أو غزوة أو اغتصاب أو اضطهاد أو ماشابه أستغرب وأقول مالذي يجري؟ هل ملّ عالمنا العربي القتل والاضطهاد والظلم؟ ألف وأربعمائة عام ونحن نملأ برميلا بالبارود، وكلمّا امتلأ نضغطه أملا في بقعة فراغ تسمح بدكّ المزيد من البارود! قضيت عمري كلّه بين دفتي كتاب. كل العلوم التي نلتها أكّدت لي بأنّ الانسان ناتج تربوي وهو حصيلة مازرعه والداه ومجتمعه في حقله! لايمكن أن يخرج قمحا لو زرعوه شعيرا، ولايمكن أن ينبت شوكا لو بزروه وردا! ولو حدث عكس ذلك لكذّبت كل كتبي ولكفرت بكلّ علومي! في الكيمياء يقولون: عندما يتفاعل الهيدروجين مع الأوكسجين وتحت ظروف معينة سيكون الناتج ماء! لم يصدف أن تفاعل الهيدروجين مع الاوكسجين وأعطى زيتا. عندما يكون الماء هو الناتج لا أحد يكترس ولاأحد يعتبر الأمر حدثا غير عادي، ولو فرضنا أن عالما ما قد أنتج في مخبره زيتا من الماء والأكسجين لارتكس كل العلماء والمهتمين بعلم الكيمياء ولاعتبروا الأمر غير عادي ويستحق الكتابة عنه! لماذا تريدون أن يفاجئني ماحدث في الاسكندرية عندما هاجم عشرة آلاف مسلم مهووس بتعاليم الرفض والقتل كنيسة مهددين بقتل روادها؟!! هل تعتبرون قتل راهبة في كنيسة محاطة بعشرة آلاف شخص، رضع كلّ منهم القتل والارهاب مع حليب امّه، أمرا غير عاديا؟
هل تعببرون تفجير شاب لنفسه بين مجموعة من الأطفال في بغداد وقتله ثمانية وعشرين طفلا أمرا غير عادي؟ هل تعتبرون قتل الحريري أمرا غير عادي؟ هل تعتبرون موت غازي كنعان، نحرا او انتحارا، أمرا غير عادي؟ هل تعتبرون الطريقة التي تتعامل بها الحكومة السوريّة مع لجان التحقيق أمرا غير عادي؟ ............................. غير العادي، حسب رأي، أن يمارس الأقباط دينهم بحرية واحترام في مجتمع مسلم ولا ’يضطهدون أو ’يقتلون! غير العادي أن يعيش شيعي مع سني في نفس البلد أو الحيّ أو الشارع ولا ينحرا بعضهما البعض! غير العادي أن يحكم رجل مسلم لفترة زمنيّة معينة ثم يغادر كرسي الحكم بمل ارادته دون أن ’يقتل! غير العادي أن يختلف الرجال المسلمون ولا يتقاتلون فيقتلون ويقتلون! غير العادي أن يخرج الى الحياة رجل مسالم، وهو لم يذق في حياته إلاّ حليب البغض والكراهية! غير العادي أن يتفاعل الأوكسجين مع الهيدروجين ويكون الناتج زيتا! غير العادي ان تزرع شعيرا وتجني قمحا! غير العادي أن تقرأ على طفل الآية التي تقول: قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ورسوله....فيكبر هذا الطفل ليصبح رجلا يحترم كلّ انسان سواء آمن بالله أم لم يؤمن! ............................. اسامة بن لادن حدث طبيعي. رجل مسلم مسالم وعاقل حدث غير طبيعي! واذا اردنا ان نعكس هذا الوضع ليستعيد الانسان في اوطاننا انسانيته فيصبح من الطبيعي ان يكون مسالما وعاقلا ومن غير الطبيعي ان يتحول الى بن لادن آخر، اذا اردنا ان نحقق ذلك علينا ان نتبنى ثقافة جديدة!. ليست لدينا ثقافة، مارضعناه ومازلنا نرضعه لأطفالنا لا يتعدى كونه مجموعة من التعاليم والعقائد التي خربت أكثر مما أصلحت. ماذا تعني كلمة ثقافة؟ في اللغة العربية كلمة "ثقف" تعني قوّم الاعوجاج. يقال ثقف الغصن أي قوّم اعوجاجه وجعله مستقيما. هل نحن مستقيمون؟!! .......................... عندما يصبح العادي في حياة أمّة غير عادي، عندما يصبح اسامة بن لادن حدثا طبيعيّا ووفاء سلطان حدثا غير طبيعي هل نستطيع ان نقول عن تلك الأمة بأنها أمة مستقيمة؟!! اذا، وببساطة، عندما يعوّج كلّ شيء في حياة امّة تفقد تلك الأمّة مايمكن ان نسميّه ثقافة!! عندما تنمو شجرة بطريقة معوجّة، نقول: مسكينة تلك الشجرة! لقد افتقرت الى يد فلاح رحيمة لتقوم بتثقيفها وتقويمها!. وعندما تنمو امّة بكاملها بطريقة معوجّة نستطيع ان نقول: مسكينة تلك الأمّة! لقد افتقرت الى كلّ وسيلة من وسائل تثقيف وتقويم الامم! الانسان كالشجرة، لايمكن تقويمه الاّ عندما يكون غضّا. ومتى تجاوز سنوات غضاضته يتصلب ويفتقر الى المرونة التي نحتاج اليها لتثقثفه وتقويمه: إنّ الغصون اذا قوّمتها اعدلت ولن تلين اذا صارت من الخشب نفهم من ذلك بأنّ معظم مانحتاج اليه من ثقافة نتشرّبه في سنوات طفولتنا الأولى. العلوم التي نتلقاها لاحقا لاتفيدنا في شيء مالم تجد لدينا قاعدة ثقافية تستند عليها. ............................. الثقافة تساعد الانسان على استيعاب مايتعلمه، ثمّ تطبيقه على حياته! الانسان المعوّج، الذي افتقر الى ثقافة تقوّمه، لا يستطيع ان يستوعب ايّ علم، وبالتالي لا يستطيع أن يطبّقه! مانفع علوم لا نقدر على استيعابها ولا على تطبيقها في حياتنا؟! الثقافة هي الوسائل التربويّة التي تقوّم الانسان وتأهله لتطبيق مايتعلّم لاحقا! والتربية هي الأحكام والقوانين والنظم والضوابط التي تقولب الانسان بطريقة مستقيمة، طريقة تكسبه هويّته البشرية الانسانيّة التي تميّزه عن غيره من مخلوقات الطبيعة! انظر الى الانسان المسلم كيف يحاور.. كيف يتصرف عندما تختلف معه.. كيف يمشي.. كيف يقضب حاجبيه.. كيف يقطع الطريق.. كيف يقود السيارة في شوارع بلاده.. كيف يناطح في الأماكن المزدحمة.. كيف يرمي بالاوساخ من شرفة بيته وعلى قارعة الطريق.. كيف يغش عندما يؤتمن.. كيف يتسيّب عندما يحمل مسؤولية.. كي ينتقم عندما يبغض..كيف يتكاثر.. كيف يعامل زوجته واهل بيته.. عندما تراقبه عن كثب تلاحظ بأنّه يعيش حياته بلا ضوابط، وبالتالي بلا ثقافة! فالثقافة هي نظم ومثل وضوابط. بل، باختصار، هي المسطرة التي تستخدمها لرسم خط مستقيم لا عوجاج فيه! عندما تقرأ حديث نبوي يقول: "اذا بايعتم خليفتين فاقتلوا واحدا منهم" تتساءل: عندما يكون القتل هو الضابط الوحيد مامصير الأمّة التي تتبنى ثقافة كهذه؟!! الطفل الذي يتشرّب ثقافة هذا الحديث كيف سيستطيع لاحقا ان يستوعب مايتعلمه عن الضوابط والقوانين في المجتمعات الديمقراطيّة ويطبّقها على حياته ومجتمعه؟!! قرأت مؤخرا مقابلة مع جندي امريكي في العراق، قال بالحرف الواحد: اكره حياتي هنا! شعب غريب عجيب! تطلب منه الوقوف بالدور اكثر من مائة مرّة فلا يردّ، وعندما يأتي جندي عراقي ويضربهم بالعصا يقفون جميعهم بانتظام. يبدو أنهم لا يفهمون إلاّ بهذا الاسلوب!! لكي يفهم هذا الجندي سلوك هؤلاء البشر يجب ان يقرأ هذا الحديث النبوي!! يجب، باختصار، ان يفهم الثقافة التي انجبتهم! ............................................. الأمم المتمدّنة هي أمم منضبطة، تحكمها قوانين ومبادئ ونظم، وهنا تكمن ثقافتها. الامّة الاسلاميّة امّة تفتقر الى ثقافة، وفقرها الثقافي المدقع تسبب في انتاج انسان معوّج لم يستطع ان يستفيد من بحور العلوم التي اغرقت عالم اليوم! مابين ايدنا لا يتعدّى كونه مجموعة اعراف وعادات وتقاليد وتعاليم شوهت ولم تقوّم، وخرّبت ولم تبني! نحتاج اليوم الى بلدوزرات لنجرف اكوام القمامة التي زخر بها تراثنا الثقافي(!!!) والتربوي!! نحتاج الى عملية تنظيف وتطهير للعقل البشري الذي افسدته تعاليمنا! نحتاج الى اعادة تأهيل الانسان في بلادنا تربويّا وسلوكيّا، ليكون قادرا على اخذ موقعه بين بشر اليوم! باختصار، نحتاج الى ثقافة!! .............................................. ’قتل السيد جبران تويني رئيس تحرير صحيفة "النهار" اللبنانيّة بطريقة لم يقتل على غرارها انسان في بريّة من الوحوش في تاريخ البراري. أصدر السيّد فيصل المقداد ممثّل سوريّا في الامم المتحدة عقب تلك الجريمة تصريحا وصف به السيد جبران بأنه كلب من كلاب لبنان! هل أحد يؤمن بأنّ هناك أثرا لثقافة في البيئة التي أنجبت السيّد المقداد؟!! هل احد يؤمن بانّ يدا امتدت لتقوّم هذا الرجل في سنوات طفولته؟ لا استطيع ان اتصوّر ذلك! فالبيئة التي تمتلك اثرا من اثار ثقافة لا يمكن ان تنجب انسانا ينحطّ الى ذلك المستوى!! ..................................... أثناء الحملة الانتخابية التي قادها بيل كلينتون ومنافسه الجمهوري بوب دوول ماتت والدة السيّد كلينتون، وكان كلينتون في جنازتها عندما تهجم عليه دوول بطريقة اعتبرها المراقبون غير اخلاقيّة. سأل احد الصحفيين السيد دوول: كيف تقول عن كلينتون بأنّه كذا وكذا في الوقت الذي كان ينعي به والدته؟!! ردّ دوول: بوب دوول لا يفعل ذلك...بوب دوول لا يفعل ذلك..إنّي اعتذر..إنيّ اعتذر!! تلك هي امريكا البلد الغضّ الذي يتّهمه العرب، مثيرين للضحك، بأنّه بلد بلا ثقافة!! متى يعتذر الممثل السوري كي يثبت للعالم بأنّه يمثّل بلدا ذي ثقافة؟!! ...................... كنت انتظر دوري في مكتب ترجمان محلّف كي اصدّق بعض الوثائق التي احتجت اليها هنا في امريكا. في غرفة انتظار ذلك المكتب انتصبت خزانة صغيرة تغصّ ببعض الكتب العربيّة. مددت يدي وتناولت كتابا منها لا على التعيين، في محاولة لقتل الوقت! عنوان الكتاب: تهذيب سيرة ابن هشام للكاتب عبد السلام هارون، وكعادتي عندما اتصفح كتابا بالصدفة، فتحت على صفحة لا على التعيين ورحت اقرأ: عن أبي قتادة قال: رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان، مسلما ومشركا، واذا رجل من المشركين يريد ان يعين صاحبه المشرك على المسلم، فأتيته وضربت يده فقطعتها، واعتنقني بيده الآخرى، ولولا ان الدم نزفه لقتلني، فسقط فضربته فقتلته. واجهضني عنه القتال، فمرّ به رجل من أهل مكّة فسلبه. فلما وضعت الحرب وفرغنا من القوم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:"من قتل قتيلا فله سلبه". فقلت: يارسول الله! لقد قتلت رجلا ذا سلب، فأجهضني عنه القتال فما ادري من استلبه! فقال رجل من اهل مكّة: صدق يارسول الله، وسلب ذلك القتيل عندي، فأرضي عليّ بما سلبته. فقال ابو بكر الصديق: لا والله لا يرضى عليك، أتعمد الى اسد من اسود الله يقاتل عن دين الله وتقاسمه سلبه؟!! اردد عليه سلبه! فقال رسول الله(ص): صدق، اردد له سلبه! فقال ابو قتادة: فأخذت منه سلبه فاشتريت به مخرفا، فإنّه لأول مال اعتقدته( أي ملكته ). .................................. في امّة يكتسب فيها ابو قتادة اول مال يملكه عن طريق القتل والسلب، لايمكن ان توجد ثقافة! في امّة تؤمن بأن قانون ابي قتادة هو قانون الهيّ، لايمكن ان تتبلور ثقافة! في امّة تسمح بقتل انسان ببساطة لأنه لايؤمن بشريعتها، تحتاج الى ثقافة! وايّة ثقافة؟!! ثقافة تصنع من المخلوق البشري انسانا! ثقافة تغسل عقل أبي قتادة وتنظّف نفسه..ثقافة تقوّم ’خلقه.. ثقافة تعلّمه كيف يبني علاقاته، كيف يقبل غيره وكيف يجمع ماله! ان الكتب التي تروي حكايا ابي قتادة وأمثالها ليست ثقافة، بل هي معاول تهدم كلّ محاولة لتثقيفه! هذه الكتب هي التي انجبت السيّد المقداد فجرّدته من كل اعتبار! هذه الكتب هي التي انجبت هؤلاء العشرة آلاف متعطّش للدماء الذين أحاطوا كنيسة محرّم بك في الاسكندرية وهددوا بقتل روّادها!! هذه الكتب هي التي اغتالت الحريري! هذه الكتب هي التي ان أنجبت غازي كنعان وهي التي نحرته! هذه الكتب هي التي سمحت للسلطات السوريّة بان تماطل وتتلاعب وتتهرب من مواجهة مسؤولياتها أمام المجتمع الدولي! هذه الكتب هي وصلت بنا الى تلك الحالة المعوجّة والميؤوس من تقويمها! هذه الكتب لم تقوّم بل عوّجت! هذه الكتب ليست ثقافة، بل زبالة تعفّنت وعفنّت معها امّة بكاملها. نحتاج الى حرقها..الى طمرها في سراديب لا قرار لها! واذا كنّا بحاجة للعالم المتمدّن فلسنا بحاجة في تلك المرحلة الاّ الى بلدوزراته، كي تجرف اكوام زبالتنا وتساعدنا على حفر سراديب كي نطمرها. .......................... براميلنا امتلأت وحريّ بنا أن ننظفها قبل أن نضع فيها شيئا جديدا ومفيدا! عمليّة تفريغها أصعب بكثير من اعادة ملئها! اعطني طفلا صغيرا استطيع ان اصنع منه رجلا مستقيما! لكنّني، وعلى الأغلب، لا استطيع ان اعيد صياغة رجل مشوّه لأجعل منه مخلوقا نظيفا قابلا لأن يتعلم ويتثقّف. لقد استطعت ان اصنع من اولادي بشرا يحترمون غيرهم ويقبلون من يختلف معهم، لأنهم لم يتربّوا داخل تلك البراميل. لكنني ابدو عاجزة عن اقناع رجل كالسيّد المقداد، الذي وللاسف يمثّلني كسوريّة في الامم المتحدة، لا استطيع ان اقنعه بان كلمة كلب لا تقال بحق انسان حتّى ولو كان عدوّه وخصوصا عندما يكون في رحاب الله! ................ أنا لست مشغولة عن قضاياكم، لكننّي في حالة بحث دائم عن بلدوزر!! هذا البلد الذي اعيش فيه غنيّ ببلدوزراته، كما هو غنيّ بثقافته، فلا تقلقوا عليّ وانتظروا منيّ المزيد!
10-12-2006, 02:47 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30279
صراع حضارات؟!! (2) من المعني أكثر من غيره بفهم طبيعة الصراع بين الغرب الذي يمثل كلّ ديانات الأرض وبين الاسلام الذي يمثل نفسه؟!! يصعب على معظم الغربيين، كما يصعب على معظم المسلمين، ان يفهموا اوجه الصراع! يخطئ من يظن، في كلا الجانبين، بأن مايحدث هو صراع حضارات! الصراع دائما يعني اصطدام نقيضين. الحضارة لا يمكن ان تصارع حضارة. الخير لا يصارع خيرا ولا الشرّ يصارع شرا. وحدها البداوة تصارع الحضارة والبدائيّة تصارع المدنيّة والخير يصارع الشرّ. وحده النقيض يصارع نقيضه! مانراه هو صراع افكار، صراع عادات وتقاليد وأعراف. أحد الجانبين فيها يمثّل مفهوما والآخر يمثّل نقيضه. الحضارات تتنافس لكنّها لا تتصارع! وعندما يبلغ تنافسها حد الصراع تفقد ميّزاتها الحضاريّة. التنافس بين الحضارة الفرنسية والحضارة الامريكيّة واضح وضوح الشمس. في اليوم الذي اعقب مجزرة ايلول الارهابيّة كتبت جريدة الليموند الفرنسيّة على صفحتها الأولى: كلّنا امريكيّون! بينما نزل المسلمون الى الشوارع يرقصون ويغنّون! الحضارة الفرنسيّة لا يمكن ان تتصارع مع الحضارة الأمريكيّة، لكنّهما قد يتنافسان. طالب مجتهد يتنافس مع آخر مجتهد، لكنّ الصراع يميّز العلاقة بين طالبين متناقضين في درجة اجتهادهما. التنافس بين قطبين يعكس دائما اوجه التشابه بينهما اكثر مما يعكس اوجه الخلاف. ********************* ما نراه من صراع اليوم على الساحة الدولية ليس صراعا بين الحضارات وليس صراعا بين الأديان، انّه صراع بين نقيضين.. صراع بين زمنين.. بين عقليتين، عقليّة تنتمي الى القرون الوسطى واخرى تنتمي الى القرن الواحد والعشرين. إنّه صراع بين القمع والحرية.. بين الديكتاتورية والديمقراطية.. بين الهمجيّة والعقلانيّة.. بين احترام حقوق الانسان وبين اغتصاب تلك الحقوق.. بين من يصنف المرأة مع الكلب والحمار وبين من يعتبرها مقياسا لحضارته ورقيّه.. ******************** من الأقدر من الناس على فهم طبيعة ذلك الصراع؟!! الانسان الذي يستطيع ان يفهم طبيعة ذلك الصراع أكثر من غيره هو الانسان الذي يعيش في العالمين.. هو الانسان الذي يجرّب النقيضين.. بضعة ساعات من الطيران كفيلة ان تنقلك من اقصى هذا الصراع الى ادناه فتتعرف على طبيعته وأسبابه. تلك الامور لا يعرفها الانسان الغربي ولا الانسان المسلم الذي لم يبرح يوما حدود عالمه! ولذلك استطيع ان افترض، ولو من باب الجدل، ان المسلمين المهاجرين أكثرمن غيرهم قدرة على فهم طبيعة هذا الصراع، لأنهم عاشوا في العالمين وتسنى لهم ان يروا مالم يستطع ان يراه غربي لايعرف عن الاسلام شيئا او مسلم لا يعرف عن الغرب شيئا! ولكن المشكلة في طبيعة العقيدة الاسلامية التي تحدد ساحة الرؤية عند معتنقها فلا يرى إلا ما تسمح به حدود تلك الساحة! يعيش المسلم معظم سنوات عمره في الغرب ولا تصدق عندما تقابله الا انه غادر الربع الخالي لتوه! يركب احدث السيارات الأمريكية وكأنه يركب جمله! يأكل غازيا.. يحاور غازيا.. يمشي غازيا.. يكتب غازيا.. يعيش حياته برمتها غازيا!مايكسبه من هذا العالم غنيمة وما يقدمه منّة! ******************** في المدينة التي أعيش بها توزع بلديّة المدينة على كل بيت ثلاثة براميل للقمامة. برميل للأوساخ التي لا فائدة منها وبرميل آخر لمخلفات الحديقة كالأعشاب والأزهار والبقايا الناجمة عن تقليم الاشجار، والبرميل الثالث للمعلبات والأوراق القابلة لاعادة التصنيع. طبعا الغاية من هذا التصنيف هو حماية البيئة من التلوث. واعادة الاستفادة من الأشياء القابلة لاعادة التصنيع. كنت مدعوة على طعام الغداء في بيت صديقة مسلمة. في آخر الحفل قمنا بتنظيف المائدة وقامت هي بالقاء كل شيء في برميل الأوساخ. سألت سعاد مستفسرة عن سر تصرفها فردت: لعنهم الله! اتريدينني ان اساهم في تنظيف بييئتهم وهم يساهمون في تلويث بيئتنا؟!! ألم تسمعي بارتفاع عدد الاصابات بالسرطان في الاردن بسبب حرب الخليج؟!! ألم تسمعي كيف تقوم اسرائيل بتلويث مياهنا بالمواد المشعّة؟!! ألم تسمعي بالمومسات اللواتي يرسلهن اليهود الى مصر كي يساهمن في نشر الايدز.. ألم .. ألم...؟!! ـ نعم.. نعم سمعت بكلّ هذا، ولكنني لم اسمع بأن حيوانا يأكل من عليقة ثمّ يرفس فيها وهو يعلم بأن اولاده واحفاده واحفاد احفاده ستأكل من تلك العليقة!! عندما زرت سوريّا العام الماضي برفقة زميلتي الدكتورة لاسلي مارتين، كانت لاسلي تضع النفايات من ورق وبقايا طعام في محفظتها حتى تعود الى البيت وتعثر على برميل للقمامة، علما بان معظم الشوارع في الأحياء التي زرناها لم تكن تختلف عن ايّ برميل للقمامة! هل سعاد تمثل حضارة ولاسيلي تمثل حضارة اخرى؟!! التناقض بين تصرف سعاد ولاسيلي يعكس صراعا بين البداوة والحضارة، وليس بين حضارة وحضارة! ******************* قد يحتج عليّ احدهم، كما جرت العادة، بقوله: ولكن سعاد لا تمثل الاسلام وعليك ان تميّزي بين الاسلام والمسلمين! لهؤلاء أقول: سعاد هي الاسلام، والاسلام هو سعاد! في حجة الوداع قال النبي محمد: اليوم اتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا! ما فعلته سعاد هو مظهرمن مظاهر تلك النعمة، ونتيجة حتمية لتعاليم ذلك الدين! تقرأ سعاد حديثا نبويا: "من لم يغزو في حياته ولم يتحدث عن غزو فقد مات وهو في شعبة النفاق" لماذا يغزو الانسان؟ ولماذا كان محمد يغزو؟!! ماهي الغاية المرجوة من الغزو؟!! لا اعتقد بان احدا على سطح الأرض يستطيع ان يختلف معي على أن الغاية من ايّ علمية غزو هي إمّا كسب منفعة وإما الحاق ضرر، وعلى الأغلب الاثنين معا! في القرن الواحد والعشرين، وفي أمريكا بالذات، لا تستطيع سعاد ان تغزو ولا ان تتحدث عن غزو! لا يجد الغزو له مكانا في حيّز وعيها، فيتلاشى مع الزمن ويغيب من ساحة تفكيرها! ولكن الغاية المرجوة منه تبقى في حيّز اللاوعي عندها وتلح على سعاد بعناد كي تسعى نحوها. تسعى سعاد، مدفوعة من قبل الرغبات المطمورة في حيز اللاوعي عندها، دائما لكسب منفعتها والحاق الضرر بغيرها. الرفاهية التي حققها لها هذا العالم الذي تعيش فيه هي المنفعة التي سعت لاغتنامها، والتلوث الذي تساهم به هو الضرر الذي ألحقته بعدوها. ******************* الانسان الذي يتبنى ثقافة الغزو انسان يخرج الى الحياة مشوها. يعيش عمره راكضا وراء غنيمة أو ساعيا الى الحاق ضرر. العقلية الغزاوية عقلية مريضة، تغنم بلا قانون وتضرّ بلا شفقة! لقد سقط الانسان المسلم ضحيّة لتلك العقلية، وليست سعاد إلاّ برهانا على تلك الحقيقة. الوضع المأساوي الذي آلت اليه المجتمعات الاسلاميّة هو نتيجة حتميّة لفلسفة الغزو والغنائم. صديق مصري مسلم خبير بالشؤون المصريّة أكد لي مؤخرا بأن ودائع حسني مبارك واولاده في البنوك الغربيّة تزيد عن 120 بليون دولارا. لست خبيرة بعلم البنوك ولا اتابع البورصة ولا يهمني كثيرا مصداقيّة هذا الرقم، ولكنني على ثقة بأن أحاديث النبي محمّد عن الغزو والغنائم هي التي شوهت حسني مبارك وليس هو الذي اساء فهمها، وهي التي شوّهت سعاد وليست هي التي اساءت فهمها! تريدون حكاما يأمرون بالعدل وينهون عن المنكر؟!! علّموا الناس أن يأكلوا رغيفهم بعرق جبينهم لا أن يغنموه من عدوّهم، علموهم بأنّ الغزو جريمة وبأن الحاق الضرر خسّة! استبدلوا ثقافة الغزو والغنائم بثقافة العمل المثمر والكسب المشروع. سعاد ومبارك ضحيّتان من ضحايا فلسفة الغزو والغنائم. عندما تسعى سعاد لتلويث البيئة عمدا وعن سابق قصد، وعندما يسعى مبارك لاستنزاف ثروات بلده وتجويع مواطنيه عمدا وعن سابق قصد، إنّما يسعى كلاهما، وبأمر من النوايا المطمورة في حيّز اللاوعي عندهما، الى كسب غنيمة والحاق ضرر! ******************** الكلمة هي الأصل. هي التاريخ والحاضر والمستقبل! نحن نتاج الكلمة التي حملتها الرسالة المحمّدية! يصعب على أحد فينا أن يتصور مدى الأثر الذي تتركه الكلمة سواء كان ذلك سلبيّا ام ايجابيّا! الفوضى التي يعيشها الناس في أيّ مجتمع اسلامي، هي ثمرة من ثمار الفلسفة الاسلاميّة. انظروا الى أي رجل مسلم يتبوأ منصبا، ابتداء من رئيس الدولة وانتهاء برئيس مخفر شرطة، ودعونا نقيّم اول عمل يقوم به بعد تبوأه لذلك المنصب! "الاقربون اولى بالمعروف"! يسعى بيديه ورجليه للبحث عن اقربائه. لا يترك "صايع" في عشيرته ولا "ثرثري" في قبلته ولا "حرامي" في عائلته إلاّ ويغمره بما ملكت يمينه! ينهب "المنصب" متعاونا مع جاره الثامن قبل التاسع ومع التاسع قبل العاشر! درجة القرابة تحدد حجم الغنيمة ومقدار الضرر. لا قيمة عنده للكفاءات، ولا قدرا للملكات والمهارات! يتحول المنصب برمّته الى فريسة يجتمع عليها وحوش عائلته وعشيرته وقبيلته بالتدريج، ابتداء بالأقرب وانتهاء بالأقل قرابة! "الأقربون اولى بالمعروف" فلسفة لا تخلّف سوى الظلم والقهر والفقر. تقضي على التواصل الانساني وتعزز العصبية القبلية وتعمي الفرد فلا يرى في غيره قيمة انسانية إلاّ من خلال درجة قرابته له. اليس في العراق رجل كفؤ للقيادة سوى عدّي وقصيّ صدام حسين؟!! اليس في سوريّا رجل كفؤ ليستلم القيادة سوى بشّار حافظ الأسد؟!! اليس في مصر رجل كفؤ ليتصرف بخزينة الشعب المصري سوى جمال حسني مبارك؟!! اسألوا نبيّ الاسلام وسيأتيكم الجواب: الأقربون اولى بالمعروف!! *************** تعالوا نفترض جدلا بأن نبيّ الاسلام قد أصرّ في تعاليمه على أن "المحتاجون اولى بالمعروف" أو على أنّ "الأكثر فيكم مهارة وكفاءة هم الأولى بالمعروف"، هل كنّا سننحدر الى هذا الوضع المزري؟!! طبعا لا! لو كان صدّام حسين قادرا على ان يتجاوز فلسفة هذا "الحديث النبوي" لرأى في الكثير من شباب العراق من هو أكفئ من هذين "الجلاّدين"!! لو كان حافظ الأسد قادرا على ان يتجاوز فلسفة هذا "الحديث النبوي" لرأى في الكثير من شباب سوريّا من هو أكفئ من هذا "المراهق الأهبل". لو كان حسني مبارك قادرا على ان يتجاوز فلسفة هذا "الحديث النبوي" لرأى في الكثير من شباب مصر من هو أكفئ من هذا "المعتوه"! لا يستطيع الرجل في أغلب الأحيان أن يتجاوز حدود تربيته وثقافته. لكي تعيدوا الى كل ذي حقّ حقه، غيّروا فلسفة القرابة واجعلوا صلة العقل والانسانية أقوى من صلة الدم. انشروا بين اجيالكم القادمة ثقافة تعتمد على مبدأ: أهل الكفاءات والمهارات أولى بالمعروف من ذوي القربي. اعيدوا صياغة المثل الذي يقول: انا واخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب، بمثل آخر: ابن عمي المتعلم خير من اخي الجاهل، ورجل غريب أكثر علما خير من اخي وابن عمي! ابنوا العلاقات الانسانيّة على اساس العلم والخير لا اساس الدم وصلة القربى! عندما تفعلون ذلك سيغيّر التاريخ مجراه وسيكون لكم حضارة قادرة على ان تنافس حضارات اليوم، لا على ان تتصارع معها! أنتم تتصارعون مع العالم لأن هذا العالم، ومن خلال منظاركم الضيق، لا يندرج تحت مظلة "الأقرباء". وتبجلون جهلاءكم لأنهم اخوانكم واولاد عمومتكم! انشتاين عدوّكم لأنه يهودي، بينما صدّام حسين من دمكم ومن نفس الرحم التي انجبتكم، ولذلك ظلّ انشتاين بعيدا عنكم وظلّ صدّام يدوس على رقابكم! ****************** يتعامل الغرب مع الاسلام على اساس انّه دين كغيره من الأديان ويتعامل مع المسلمين على اساس انهم بشر كغيرهم من البشر. فتح لهم ابوابه على مصراعيها واحسن استقباله واحتواءهم. كان المسلمون ولم يزالوا اكثر المهاجرين استفادة من أنظمته وقوانينه التي تحترم الانسان، بل وتبجله. وقد يتساءل أحد: ولماذا كانوا اكثر المهاجرين استفادة؟!! والجواب: لأن عداءهم السافر لكل ماهو غير مسلم برر لهم طرقا كثيرة غير مشروعة ولا اخلاقية لاستغلال تلك النظم والقوانين! يأتي المسلم مع عائلته الى امريكا، يعيش مع زوجته على سنة "الله ورسوله" ومطلقا اياها على سنة القوانين الأمريكية، فتسرق وتنهب من النظام الاجتماعي الذي يكفل للام واولادها مستوى معيشة لائق عندما لا يكون لها عمل أو معيل! ويبحث هو عن طرق سهلة يلفّ بها على القانون فيحتال على بطاقات الائتمان وشركات التأمين والبنوك وينهب، وعندما يطاله القانون يلجأ الى المحاكم بحجة إنّ التمييز العنصري ضد اسلامه كان وراء وقوعه! ***************** منذ حوالي عدّة سنوات حدثت واقعة في احدى الولايات الأمريكية أقامت عليها "كيير" الدنيا ولم تقعدها. أمراة مسلمة محجبة كانت تجلب اولادها الى احدى الحدائق العامة القريبة من بيتها، يتناولون طعامهم ويلعبون ويقضون بعض الوقت سوى تغادر بعد ان تترك وراءها أكواما من الزبالة. أحد سكان الحي المواجه بيته للحديقة تقّدم منها أحد المرات وسألها بلطف ان تقوم برمي الاوساخ في سلّة القمامة. وعندما رفضت بحجة أنّه لا علاقة له بها. منعها من ان تغادر المكان حتى يصل البوليس. وصل البوليس والزم السيدة بجمع اوساخها وإلا ستدفع غرامة وتحال الى المحكمة. احتجت "كيير" على الحادثة بحجة التمييز العنصري ضدّ الاسلام، فالرجل الامريكي اعترض سبيل السيّدة فقط لأنها محجبة ولأنه عرف بأنها مسلمة! طبعا احداث كثيرة على غرار تلك الحادثة وقعت قبل حادثة ايلول الارهابية وكان المسلمون يخرجون دائما من المولد بصحن الحمص كله! فالقوانين لصالحهم حتى يثبت العكس! بعد احداث ايلول الارهابيّة ازداد اهتمام الغربيين بمعرفة الاسلام والمسلمين وارادوا ان يعرفوا اين اخطأوا عندما سمحوا لهؤلاء البشر باستباحة ارضهم وقوانينهم وأخلاقيتهم. وبدأ البحث والسؤال: اين الخطأ؟!! ازدادت مبيعات القرآن وازداد اهتمام الأمريكيين خاصة والغربيين عموما بقراءته! والمسلمون منتشون فرحا لأن ذلك يعني ازدياد حالات التأسلم في الغرب! يفضلون ان يعلوا ولو على رأس خازوق! كنت مرّة اصغي الى مقابلة مع مسؤول امريكي عسكري قال في سياق اجابته على بعض الأسئلة: قرأت القرآن مرتين في أعقاب حادثة ايلول. سأله احد الصحفيين: وبماذا خرجت من قرائته؟!! أطرق رأسه قليلا ثم قال: علينا ان نحمي انفسنا! في حقيقة الأمر كانت غاية الأمريكان ازدياد معرفتهم بالاسلام والمسلمين على مبدأ: اعرف عدوّك! في غمرة البحث عن تلك المعرفة توصل ذلك الرسام الدنماركي الى الكثير من المعطيات التي قادته الى رسومه! اذا تلك الرسوم لم تأتِ من فراغ! يضاف الى تلك المعرفة الحريّة المتاحة للفرد هنا! حقّ الفرد في التعبير عن رأيه حق مصان. دفع الغرب ثمن الحفاظ على هذا الحق سنوات من الحروب الأهلية واراقة الدماء. لن يتخلى عن ذلك الحق بسهولة! يصعب على المسلم ان يعي أهميّة هذا الحق بالنسبة للانسان الغربي لأن لم يمارس هذا الحق في حياته! الحرية لا يعرف قيمتها من لم يعِشها! ويصعب عليه ان يفهم بأن هذا الرأي لم يأتِ من فراغ، بل استند على معطيات قدّمها المسلمون للعالم على طبق من ذهب! الارهاب الذي مارسه بعض الإسلاميين على مرآى من المسلمين كلهم، دون ايّ احتجاج، أجبر العالم على ان لا يميز بين مرتكب الارهاب والساكت عنه! فالمسلمون اما ارهابيون واما مشجعون بسكوتهم للارهاب، والغرب لم يعد يميّز بين الفئتين! فالساكت عن الارهاب كفاعله!! عندما يقطع مسلم رأس رهينته امام العالم كلّه وهو يزعق: الله اكبر.. الله اكبر أشهد ان محمدا رسول الله، عندما يفعل ذلك بمباركة المسلمين اجمعهم، تلك المباركة التي يعنيها صمتهم وتبرير بعضهم، عندما يفعل ذلك يثبت للعالم كلّه بأن كوفيّة الرسول قنبلة وليست حمامة! ************** الفئة "المثقفة" من المسلمين وخصوصا تلك التي تعيش في الغرب تنافست فيما بينها أثناء تداعيات الحدث وراحت تتبجّح: "نحن نؤمن بحرية التعبير، ولكن يترتب على ممارسة الحرية بعض المسؤولية. اليست هناك خطوط حمراء يجب على الانسان ان لا يتجاوزها؟ أليس احترام العقيدة حق من حقوق الانسان؟" والجواب: طبعا وبلا ادنى شك! فاحترام العقيدة، في حقيقة الأمر، قيمة غربيّة لا علاقة للاسلام والمسلمين بها. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يقيّم هؤلاء "المثقّفون" سلوك المسلمين بنفس المقياس الذي قيّموا به سلوك هذا الفنان؟!! ماذا يقول هؤلاء "المثقفون" عندما يرفع مسلم، بأمر من سلطته السياسية والدينية، مكبرا للصوت على باب كنيسة ولد فيها مؤسس المسيحية ويزعق: كذب الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم؟!! ايّ احترام تبديه للآخرين عندما تطعنهم في عقائدهم؟!! لماذا لا يشعر المسلمون بمشاعر اليهود والنصارى عندما يشتمونهم خمس مرات في اليوم واصفين اياهم "بالمغضوب عليهم والضالين"؟!! متى يفهم المسلمون بأن حريّة العقيدة واحترامها طريق ذو اتجاهين، عندما تأخذ اتجاها معينا عليك أن تراعي من يأخذ الاتجاه المعاكس كي لا تصطدم به. عندما تتطالب باحترام الغير لعقيدتك يجب أن تحترم بدورك عقيدة هذا الغير! وعندما تقارن بين سلوكك وسلوك الآخرين عليك أن تستخدم نفس المقياس. *************** كما رفضت كيير رسوم الكاريكاتور ونددت بها عليها ان ترفض التشريع الاسلامي الذي يلزم اهل الكتاب بأن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرين. واذا كان لدى "كيير" مايبرّر الزام أهل الكتاب بدفع الجزية، لا اعتقد ان لديهم مايبرر أن يدفعوها وهم مهانون وصاغرون! اعضاء كيير (مجلس العلاقات الاسلاميّة الامريكيّة) يعيشون في امريكا ويعرفون تماما بان دفع الضرائب واجب على كلّ فئات الشعب لا فرق بين المسيحي وغير المسيحي، وبأن المواطن الأمريكي يدفع ضرائبه المستحقة من موقع احساسه بالمسؤولية تجاه وطنه وليس من باب الذل والإهانة! متى يعي المسلم الغربي طبيعة الصراع بين اسلامه وغربه، فيسعى لتخفيف حدة ذلك الصراع؟!! **************** اذا ما بين المسلمين والغرب ليس صراع حضارات، بل صراع البداوة مع الحضارة! صراع بين طريقتين لاحترام الدين والعقيدة، طريقة تصنف العالم بين مؤمن وكافر وطريقة تصنف كل البشر تحت لواء الانسانيّة لا فرق بين أحد وآخر. صراع بين طريقتين لدفع الضرائب، طريقة تفرض الضرائب على غير المسلم وتلزمه ان يدفعه وهو مذلول ومهان، وطريقة تفرضها على كل اهل البلاد وتطالبهم أن يدفعوها بأدب واخلاق! صراع بين نبيّين، نبيّ مسالم لم يحمل في حياته سيفا ولم يقم بغزوة ونبيّ آخر ليس في سيرته سوى الغزو والغنائم والنساء. علم المملكة السعودية يرفع سيفا فوق عبارة" اشهد ان لا اله الاّ الله واشهد ان محمدا رسول الله"، بينما علم امريكا يحمل خمسين نجمة ترمز لخمسين ولاية لا فرق بين انسان يعيش في ولاية واخرى بقيد انملة! تنتقل من ولاية الى اخرى وكأنك تخرج من غرفة نومك لتدخل حمّامك! الصراع بين السعودية، كدين ومفاهيم وعادات وتقاليد، وبين امريكا هو تماما كالصراع بين مفهوم العلم السعودي ومفهوم العلم الامريكي. أحدهما يرمز للسيف والقتال والآخر للوحدة والوئام. لا يمكن ان يكون العلم الذي يحمل سيفا وشعارا دينيّا رمزا حضاريا، ولكن العلم الذي يحمل شعارا لجمع شمل اهل البلاد، رغم اختلافهم اديانهم واعراقهم ومشاربهم، يمثّل الحضارة بعينها! الصراع بين الغرب والشرق صراع بين الحضارة من طرف والبداوة من طرف آخر. إنّه صراع مفاهيم وقيم وعادات وتقاليد، وليس صراع حضارات! ************** ********** نقلاً عن الناقد Your reaction: http://www.copts-united.com/wr/go1.php?subaction=showfu...325&ucat=68&archive=
The Arab Mind FRANK TALK: “I don’t believe you can reform Islam,” says Wafa Sultan, who contends its scriptures are riddled with violence, misogyny and other extremism. (Karen Tapia-Andersen / LAT)
بريمة محمد أدم. من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان كوز وامنجي ومقيم في الولايات المتحدة بلجوء سياسي ذو علاقات قوية مع سفارة النظام في واشنطن له مهمة واحدة كان بعملها من ايام الجامعة والي اليوم الظهور بشكل معارضي من اجل بذر الفتنة والمساعدة في التدمير بالعربي كده شغل مخابرات كان في اليونان مبعوثا من امن نظام الخرطوم بدا بالمحايدين واليوم بدارفور وكردفان
10-12-2006, 03:14 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30279
بريمة محمد أدم. من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان كوز وامنجي ومقيم في الولايات المتحدة بلجوء سياسي ذو علاقات قوية مع سفارة النظام في واشنطن له مهمة واحدة كان بعملها من ايام الجامعة والي اليوم الظهور بشكل معارضي من اجل بذر الفتنة والمساعدة في التدمير بالعربي كده شغل مخابرات كان في اليونان مبعوثا من امن نظام الخرطوم بدا بالمحايدين واليوم بدارفور وكردفان
10-14-2006, 11:47 AM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30279
تابعوا معنا هذه الظاهرة، هل تذكرتم أبى لهب، الذى قال عنه القرأن تبت يدى أبى لهب وتب، الأن هو فى مزبلة التأريخ .. لا تحزنوا إن لهذا الدين رب وقد وعد بحفظه: إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .. هؤلاء الأدعياء ينشرون الأسلام من حيث لا يعلمون
بريمة
10-14-2006, 11:58 AM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30279
بعد كل تلك الصفحات والاف العبارات وملاين الحروف التى نشرتها لنا هنا يا بريمه بعد كل ذلك السرد والقصص والامثله والعبارات التى خطتها وفاء سلطان وقمت انت بجلبها هنا لكى نقراءها بينما كنت اقراء تلك المقالات المطوله خطر فى زهنى بان بريمه هذا ( زول خطير ) والكلام الجابو دا يا متفق معاهو او مختلف معاهو عليه توقعت منك مقالات مطوله ايضا وربما اطول من الطويله تعبر قيها مدى اتفاقك او اختلافك مع وفاء سلطان لكن......................
كل ما جادت به قريحتك عباره صغيره عليك ( يوجد كسره فى الكاف ) اللعنه وفاء سلطان
وبعد عبارتك تلك وبعد ما اوردته هدى سلطان تخيل حكم الناس عليكما ( هنا امثل نفسى فقط ) سوف اقول ودون عناء من تفكير او تحليل لا فض فاك يا هدى سلطان فلقد عريتى المسلمين تماما اسقطى عنهم اخر ورقه توت كانو يتوارون خلفها فظهرت عورتهم عيانا بيانا للعالمين وانت يا بريمه ( يا مسلم ) جبته الكلام ده كلوه لينا ( المسلمين برضو ) وفى النهايه يكون ردك عليه فقط كلمه حسنا يا اخى فالنخرج معك فى غزوه ونفقطع راس تلك ( اللعينه ) ونعلق راسها فى الكعبه ونهلل ونكبر ونعبد الله بعدها حتى الصباح اتريدنا ان نهتف بان صلاه الجمعه سوف تقام فى البيت الابيض فهلمو للجهاد ( كما كان يهتف بعض الناس فى السودان قبل ان يصبح البيت الابيض مكتهم ومزارهم ومكان اقامتهم ) اهذا ما تريدنا ان نفعله
كلا يا اخى خسر البيع هذه المره ( كما خسرنا انفسنا وديننا بامثالك وامثال بن لادن وبقيه المسلملين الذين يجيدون قطع الرؤس وتفجير الاجساد والرد على مقلات كامنشوره هنا بعباره عليكى اللعنه )
ليتك قلت لها ان نيبنا الذى نعرف ارسل هدى ورحمه للعالمبن ليتك قلت لها ان نبينا اتى مكملا لفضائل الاخلاق ليتك صرخت فيها ان هؤلاء ليس من يمثل الاسلام وان الاسلام براء منا كلنا ( مسلمى القرن الواحد وعشرين ) ليتك قلت .... ليتك قلت.....
ولكن ... يا بريمه خسر البيع وكسبت وفاء الجوله بالمنطق والتحليل والعقل وانت فقط تحسست موقع سكينك ونظرت الى موقع عنقها ( وبديت تحلم )
وانا لله وانا اليه راجعون
10-14-2006, 01:33 PM
يوسف الولى
يوسف الولى
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 1312
الأخ يوسف الولى هذا ما نبحث عنه، إنفعالك سلباً أو إيجاباً .. لهذا الدين رب وتكفل بحماية، إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .. نحن فى الغرب نعمل بفقه أدفع بالتى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عدواة كأنه ولى حميم، نحن فقط نحاول توسيع دائرة المعرفة بالشر أو السوء حتى يتقيه الناس، شفت المنطق كيف، وكلما تمت المعرفة بالزيف يستطيع الناس تجنبه .. هنا المسلم مسلم والكافر كافر ليس هناك أرضية وسط، من قال لاإله إلا الله فقد صدق، ليس كما فى العالم الأسلامى إيمان فطرى يخاف عليه من الأنجراف، هل رأيت الفرق ..
شكراً على أضافة وصلة الرأى والرأى الأخر بريمة
10-14-2006, 03:54 PM
Biraima M Adam
Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 30279
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة