|
مكاتب عمالية.. متى؟
|
مفهوم الرعايا السودانيين في الخارج لا زال محصوراً في الوصاية التي تقوم بها السفارات والقنصليات في الخارج تجاه المغتربين أو المشردين من أبناء الوطن في أصقاع الدنيا المختلفة، مما جعل العلاقة لا تقوم على مبدأ التكافؤ من حيث الحقوق والواجبات.. بل تقوم على أساس التنافر والتضاد ومن ثم انقطاع حبل الاتصال والتواصل إلا فيما يتصل بالمعاملات القنصلية العادية من تجديد واستخراج جوازات سفر وشهادات ميلاد وتوثيق وغيرها.
هذه المعادلة الظالمة أفرزت سلبيات لا حصر لها حتى ساد بين الجميع أن هذه الجهات ما هي إلا بوابة للتحصيل الرسومي والضرائبي في حين أنها تجاهلت أدواراً أهم تتمثل في الرعاية الحقيقية لمواطنيها من حيث حماية حقوقهم وتأصيل مبدأ الوجود في تلك الدولة أو غيرها.
أسوق ذلك وأمامي حالة طبيب سوداني أوصدت أمامه الأبواب للعودة أو العمل في السعودية بعد أن أنهى كفيله تعاقده معه فاختلفا في الحقوق؛ مما أجبر الطبيب على اللجوء للجهات المختصة لاسترداد ما يرى أنها حقوق في حين احتفظ الكفيل بجواز سفره، فاعتبر الطبيب ذلك نوعاً من الضغوط عليه للتنازل عن حقوقه أو جزء منها.. وظل الحال هكذا لمدة تقارب السنتين والطبيب مع عائلته لا يستطيع العودة دون حقوقه المالية أو العمل لاكتساب لقمة العيش.
الشاهد في كل ذلك أن القنصلية في جدة- كما يقول لي الطبيب في اتصال هاتفي معه أمس- لم تحرك ساكناً تجاه معالجة القضية؛ بل ولم تقدم له أي مساعدة أو دعم لحل الموضوع مع الكفيل.. وللأسف لم يرد على اتصالاتنا الهاتفية المسؤول عن هذا الملف في القنصلية حتى نعرف جهودهم ورأيهم.. ولكن حتى ذاك الحين هنا لا بد من الإشارة إلى أن أمثال هذا الطبيب كثر وعلى مستويات مختلفة من حيث المهنة والعمل من عمال ورعاة ومحاسبين جميعهم يشتركون في خلافات مع كفلائهم خاصة فيما يتعلق بالحقوق، وأن هناك مآخذ على بطء وسلبية تحرك القنصلية أو السفارة مع مثل هذه القضايا في حين نلحظ أن السفارات العربية الأخرى تنشط بشكل ملحوظ في التعامل والتعاطي مع مشاكل رعاياها من خلال اتصالاتها المقننة مع الجهات السعودية وذلك بوجود مكاتب عمالية متخصصة تفتقد إليها سفاراتنا التي تمتلئ بجيش جرار من الموظفين والقناصل الذين لا نعرف لهم أدوار تذكر.
إن موضوع إيجاد مكاتب للعمال ضرورة يفرضها العدد الكبير لحجم العمالة السودانية في المملكة والذي قد يتجاوز المليون بقليل، وحتى الآن لا ندري ما سبب افتقارنا لهذا المكتب الذي يمكن أن يلعب أدواراً جوهرية في صدارتها تقنين العمالة نفسها من حيث عقود العمل وضمان الحقوق ومن ثم تمتين أواصر العلاقات في إطار من الالتزام المتبادل الذي يحمي حقوق جميع الأطراف كما يمكن أن يساهم وبشكل أساسي في حصر العمالة ونوعيتها حتى ننهي بذلك مفهوم (عمالة سودانية سائبة).
فهل يحرك موضوع الطبيب مياهاً راكدة لسنوات طويلة لم يشأ أن يقترب منها أحد.. وطبعاً جهاز المغتربين لا حول له ولا قوة.
|
|
|
|
|
|