العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 11:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-18-2010, 01:10 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان




    التحضير الأول للعبور:

    في يونيو 2008 زارني صديقي ابن حلفاية الملوك العقيد محمد علي احمد علي الخليفة يحمل نسخة من كتاب (العبور إلى الشاطئ الآخر) للمرحوم خوجلي عبد الرحيم ابوبكر شقيق زوجته الأستاذة كوثر عبد الرحيم وطلب مني قراءة الكتاب وتقديمه في ندوة بمركز الطيب الهندي الثقافي الإجتماعي وانه سيخطر صديق المؤلف د. جعفر كرار والأستاذ عبد العزيز الهندي مدير المركز. وعندما قرأت الكتاب أدركت مغزى اهتمام صديقي به.
    وقبل أن يكتمل مشروع الندوة إذا بصديقي محمد علي يعبر إلى الشاطئ الآخر بتاريخ الثاني من اغسطس 2008م ويلحق بمؤلف الكتاب خوجلي عبد الرحيم ومن مفارقات الحياة العجيبة أن يتوفى صديقي العقيد محمد علي بعد اربعة سنوات في نفس التاريخ الذي توفي فيه المرحوم خوجلي عبد الرحيم في الثاني من اغسطس 2004 وكأنما روح الأموات تلتقي مع روح الأحياء وتناديهم وكانما الندوة أقيمت في الشاطئ الآخر بين صديقي والمؤلف.

    في العام 2005 توفي المهندس وليد إبن صديقي محمد علي في نفس العام الذي تخرج منه من جامعة الخرطوم ومضى كالنسمة واثرت الفاجعة في صديقي ولم يكن يدري أن الموت يطارده هو وبعد ثلاث سنوات من وفاة ابنه يعبر الوالد إليه.

    فبينما كان المؤلف خوجلي عبد الرحيم يطارد الموت كما سنرى كان الموت يطارد صديقي محمد علي.. وبنهاية حتمية هذه المطاردة يلتقي الصديقان في الشاطئ الآخر ... خوجلي يكمل 64 عاماً (نوفمبر 1940 – أغسطس 2004) والعقيد محمد علي 60 عاماً (ديسمبر 1948 – أغسطس 2008) وكتبت الأستاذة انصاف زوجة المؤلف خوجلي عبد الرحيم بعد مضي أربعة أشهر على وفاته (وما برح الجرح ينزف .. وفاءً وتقديراً وإعزازاً .. هذا ما علمتنا اياه من معاني الوفاء والتقدير .. جادك الغيث وأنزلك المولى عنده منزل صدق).
    فيما كتبت الأستاذة كوثر زوجة صديقي محمد علي (ربط العلماء بين نفوس الناس والكواكب في أفلاكها وعقدوا بينها نسباً فلكل نفس ورقة في كوكب وقال علماء الفلك أن الكوكب لايموت ... أما نهره فقد جرى والزمان متواكبين .. رنين صوتك على خدود النجوم .. إهبط، إهبط إلينا .. على جمر إنتظار ونشيدنا الصامت .. يهمس محمد، محمد كالزمان).
                  

01-18-2010, 01:12 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    التحضير الثاني للعبور:

    في اكتوبر 1964م والثورة الشعبية في قمتها ضد النظام الشمولي الأول في السودان تحركنا مجموعة من طلاب المدرسة الأهلية الثانوية أم درمان صوب ساحة القصر الجمهوري بالخرطوم .. فوجدنا الناس تتجمع حول قيادات الثورة التي كانت تخاطب التجمعات تدعوهم إلى الإستمرار حتى الإنتصار .. وقتها لم تكن هنالك مكبرات الصوت بالكمية والنوعية التي تراها الان وكان يعتمد في الغالب على الحنجرة.. من بين تلك القيادات الجماهيرية الثائره التي كانت تخطب شاب طويل اسمر قوي الجسم يرتدي نظارة سميكة وصوته جهوري يسمع الأبكم يمتلك ناصية الخطابة التي تثير البشر والجماد معاً فاندفعنا إليه نستمع ودون أن أشعر قلت لزملائي: ده خوجلي عبد الرحيم من الحلفاية .. وقتها كان طالباً بجامعة الخرطوم كلية الإقتصاد وعضو في اللجنة التنفيذية لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم (1961م) وبسبب نشاطه الطلابي دخل سجن كوبر أو ما اسميه (جامعة كوبر) وقضى فيه وقتاً.. أثناء اعتقاله وقع حدث يعكس صفاته الكامنه فيه: فقد توفي والده إثر حادث حركة (1961م) ومنحته السلطات إذناً للعزاء ولكنه رفض الخروج من السجن وحده وترك زملائه بقية أعضاء اللجنة .. وتستجيب السلطات ليس إزعاناً لشرطه ولكن احتراماً لموقفه وتقديراً لهذا الشاب الذي وضعته المقادير بين الخروج من السجن وحده لتقبل العزاء في والده – وبين البقاء في السجن مع زملائه .. فاختار طريقاً ثالثاً ذهاب كل اعضاء اللجنة لتقبل العزاء فكان مشهداً مثيراً أبكى الكثيرين حيث وصل قادة الإتحاد الطلابي لمكان العزاء، ويقول خوجلي في ذلك (كان لابد أن يتجمر الذهب أو يذوب الصفيح).

    ثورة اكتوبر 1964م شارك فيها قادة كثيرون .. ونسي التاريخ أن يذكر الكثير منهم ويوثق لهم .. ويعود السبب الرئيس لذلك أن القادة الذين كانوا ينتمون لأحزاب سياسية اكتسبوا الشهرة بقوة الآلة الإعلامية لتنظيماتهم.
    ولكني أشير إلى أن خوجلي عبد الرحيم كان أحد أهم القيادات الشابة لثورة اكتوبر بل وشارك في الندوات كلها بما فيها الندوة الشهيرة المفصلية في اشعال الثورة والتي أقيمت في جامعة الخرطوم .. وكان ينتمي وقتها إلى تنظيم المؤتمر الإشتراكي بالجامعة.

    والمؤلف خوجلي عبد الرحيم كان طالباً مميزاً منذ المدرسة الثانوية بورتسودان واشتهر في ذاك الوقت بتمكنه من اللغة الإنجليزية لدرجة أنه كان يقدم كثيراً من الندوات بلغة الخواجات وقد أطلق عليه زملاؤه في المدرسة لقب (سقراط) وفي تلك السن المبكرة قرأ لبرنارد شو وشكسبير والدوس هكسلي ..الخ، وكان مولعاً بالمسرح ولعب أدواراً متعددة لشخصيات شكسبير وحينما دخل جامعة الخرطوم قدم محاضرة (1961م) في مدرج كلية الإقتصاد باللغة الإنجليزية عن (نقد التفسير التاريخي للماركسية) وخوجلي كان يمكن ان يكون مؤلفاً لعدد من الكتب فمنذ شبابه الباكر رأى فيه اساتذته مشروع اديب .. ويؤكد ذلك كتابه الأول (جنوب خط 12) في العام 1966م، وكان عمره وقتها ستة وعشرون عاماً ونشر الكتاب مسلسلاً في صحيفة الأيام وإضافة لكتابه الذي بين يدينا (العبور إلى الطرف الآخر) والذي اصدره وعمره ثمانية واربعين عاماً له كتاب ثالث لم ينشر 1991م (ألوان الطيف السبعة). والبنية الأدبية والفلسفية زرعت فيه من خلال مكتبة والده الغنية وتنوعها وحضوره النقاشات العميقة بين والده وعمه اللذان اشتهرا بثقافتهما الواسعة.

    كنت أتوقع أن يترك المرحوم خوجلي كتاباً عن حقيبة الفن لولعه واهتمامه بها فهو شاعر مرهف ولكنه مقل .. وأذكر حين كان طالباً في الجامعة كنا ايام العطلة الاسبوعية (الخميس والجمعة) نذهب إلى منزله لنستمع إلى الفنان المرحوم بادي محمد الطيب الذي كان كثيراً ما يقضي العطلات معه .. وخوجلي يتحدث حديث المتخصص في الحقيبة شعراءها وشعرها وتاريخها أمام من ؟ امام احد فطاحلة ومراجع فن الحقيبة الفنان بادي محمد الطيب.
    خوجلي درس الاقتصاد علم الاجناس جامعة الخرطوم واقتصاديات التنمية جامعة جورج واشنطون، وتحليل النظم في مركز لوكهيد للأبحاث بكلفورنيا وعمل بعد تخرجه مفتش بوزارة المالية والتخطيط الإقتصادي – ثم نائباً لمعتمد مشروع خزان الروصيرص وهو من مجموعة الإقتصاديين الذين توسم فيهم المرحوم مامون بحيري المستقبل وشجعهم على الالتحاق ببنك التنمية الافريقي بساحل العاج رئيساً لقسم عمليات شمال افريقيا – ثم انتقل الى الصندوق الكويتي – والبنك الدولي كخبير في الجهاز المركزي للتخطيط في الجمهورية اليمنية – واخيراً في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بالكويت.

    كتب المرحوم خوجلى العشرات من المقالات والدراسات داخل وخارج تخصصه.. كتب الشعر والقصة والبحوث والدراسات وأشير إلى بعضها فعند تخرجه من الجامعة شارك في مؤتمر اركويت الأول عام 1966م بورقة بعنوان (اثر النقل في التطور الصناعي) – وفي عام 1988م نشرت له جامعة الملك سعود دراسة بعنوان (تحقيق المخاطر الزلزالية في الوطن العربي) – اصدارة لسلسلة (الخلاصات المركزة) وهي عبارة عن ملخصات البحوث المنتقاة في مجالات التنمية والإستثمار – اشرافه على نشرة (ضمان الاستثمار) أثناء توليه ادارة البحوث بالمؤسسة العربية لضمان الاستثمار.
                  

01-20-2010, 07:59 AM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    Quote: وبسبب نشاطه الطلابي دخل سجن كوبر أو ما اسميه (جامعة كوبر) وقضى فيه وقتاً.. أثناء اعتقاله وقع حدث يعكس صفاته الكامنه فيه: فقد توفي والده إثر حادث حركة (1961م) ومنحته السلطات إذناً للعزاء ولكنه رفض الخروج من السجن وحده وترك زملائه بقية أعضاء اللجنة .. وتستجيب السلطات ليس إزعاناً لشرطه ولكن احتراماً لموقفه وتقديراً لهذا الشاب الذي وضعته المقادير بين الخروج من السجن وحده لتقبل العزاء في والده – وبين البقاء في السجن مع زملائه .. فاختار طريقاً ثالثاً ذهاب كل اعضاء اللجنة لتقبل العزاء فكان مشهداً مثيراً أبكى الكثيرين حيث وصل قادة الإتحاد الطلابي لمكان العزاء، ويقول خوجلي في ذلك (كان لابد أن يتجمر الذهب أو يذوب الصفيح).


    تأمّل !
                  

01-18-2010, 01:13 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    التحضير الثالث للعبور:

    صدر كتاب (العبور إلى الشاطئ الآخر) في يناير 1988م أي قبل 21 عاماً تقريباً. قامت مؤسسة القبس التجارية بالكويت بطباعة الكتاب الذي احتوى على عدد (205) صفحة من الحجم المتوسط. واتبع المؤلف منهج الترقيم بدلاً من الفصول فاحتوى الكتاب علي (23) رقماً. كما لم يحتوي الكتاب على فهرست كسراً للقوالب المتبعة. اما صورة الغلاف الأمامية فقد كانت معبرة عن موضوع الكتاب .. صورة الدبابة والدماء السائلة من راء (العبور) وراء (الآخر) تصب على طرفي الدبابة .. ولم يوضح اسم المصمم ربما كان المؤلف نفسه لما عرف عن حسه الفني وقدرته على الرسم .. أو ربما ساهم في فكرة التصميم.

    الإهداء. توزع على ثلاث: الاسرة المكونة من زوجته انصاف وبناته هالة وملك وابنه مصطفى – ثم الذين عاشوا معه (محنة عدن) وتصادف وجودهم في الفندق وعددهم (96) نزيلاً – وأخيراً زملاء المؤلف في العمل بالصندوق العربي بالكويت.

    طبع من الكتاب في 1988م عدد (2) الف نسخة. ورغم أن سعر الكتاب الموجود بالغلاف يقول (ديناران كويتيان) إلا أن الكتاب لم يعرض اصلاً للبيع في المكتبات السودانية وانما وزعه المؤلف اهداءً إلى الأهل والأصدقاء.

    أعيدت طباعة الكتاب في يوليو 2009م نجح الناشرون في عرضه في بعض المكتبات السودانية.
    والكتاب يروي (محنة عدن) اليمن الجنوبي وهي تجربة عايشها المؤلف في الفترة بين الساعة الخامسة والنصف مساء السبت 11 يناير 1986م إلى الساعة الخامسة والربع من صباح السبت 18 يناير 1986م أي فترة اسبوع. فقد وصل المؤلف الى عدن في مهمة رسمية قادماً من الكويت حيث كان يعمل مديراً لإدارة العمليات بالمؤسسة العربية لضمان الإستثمار .. ولكن قمة التجربة واثارتها كانت خلال الخمسة ايام الأخيرة الأثنين 13 يناير 1986م إلى صباح السبت 18 يناير 1986م .. وانحصرت من حيث المكان في فندق عدن (أنشئ بالتعاون مع الفرنسيين) الذي كان يقيم فيه مع 96 نزيلاً من جنسيات مختلفة حوالي عشرين بلداً تتراوح اعمارهم بين 3سنوات – و64 سنه – وثلث نزلاء الفندق كانوا من النساء والأطفال..

    خارج مساحة الفندق كان الصراع داخل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليمني الجنوبي الحاكم يدور بين مجموعة (عبد الفتاح اسماعيل / علي عنتر / وعلي شايع هادي) وبين مجموعة الأمين العام للحزب (علي ناصر / محمد علي احمد / احمد مساعد حسين) وتطور الصراع إلى حرب كارثية بين الرفاق في الشوارع والأزقة والمباني وتحول فندق عدن من مرفق خدمات إلى سكنة عسكرية تتحصن فيه احدى المجموعات المتصارعة وتدير معركتها منه. ووجد النزلاء انفسهم هدفاً لنيران المعركة.

    يصور المؤلف احداث فيلم حقيقي وتتنقل الكميرا بين المعركة العبثية وحديث الرفاق (ماذا سيبقى للشعب اليمني اذا سقط الحزب؟ سنحرق عدن عن بكرة ابيها إذا لزم الأمر لكي يبقى الحزب).
    أيها النزلاء عليكم تحمل التضحييات (لأن الحزب سيد الجميع بلا استثناء)
    (وأن سلامة الحزب فوق سلامة الأفراد والمباني)
    وفي هذا الجو العجيب بدأ الحوار بين النزلاء والتفكير فيما بينهم وبين انفسهم:
    (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا) قرآن كريم
    (اذا كنت قلقاً ومتوتراً ستموت وإن لم تكن ستموت أيضاً فلا داعي للتوتر والقلق) حكمة هندية.
    (إن الإنسان الطليق يمكن أن يسجن نفسه في كون فسيح – كما يمكن للسجين أن يطلقها بحرية في الفضاء الرحب).

    وكثير من الكتاب يخاطبون الصفوة وآخرون يخاطبون الطبقات الشعبية والعبور إلى الشاطئ الآخر خاطب الإثنين: الصفوة او كما سماهم خوجلي (الاذكياء): (ليس المهم أن نكتب كثيراً .. إنما المهم ان نكتب شيئاً ذا قيمة) والتزم بمدرسة الهايكو اليابانية التي تأثر بها وهي تمثل احد مظاهر التوق إلى الحرية ولذا تميز اسلوبه بالإيجاز وبساطة التناول وبلاغة التعبير .. وخاطب الطبقات الشعبية حين عبر إلى الشاطئ الآخر عن طريق ندهانه لشيوخه وكل زول يقول اسم شيخو وتأثر الكاتب في تناوله لمحنة عدن بنشأته أي أن شعبية الكتاب تنجذب من الإسلام الصوفي الشعبي الذي يجري في دماء الكاتب فخوجلي تتمكن فيه عوامل النشأة الأولى ماركة حلفاية الملوك المسجلة مثله وجماع – محمد محمد علي – بروف عون – وأبو هالة (اطال الله عمره) – فالبنية عند أهل الحلفايا بنية صوفية متسامحه ومتواضعة ومنفتحة.
                  

01-18-2010, 01:14 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    التحضير الأخير للعبور:

    ارتبط خوجلي باليمن منذ أن كان صغيراً في الخمسينات والستينات من القرن الماضي من خلال تعامله مع أصحاب الدكاكين اليمنيين الذين كانوا يمتلكون عدداً كبيراً من دكاكين القطاعي بأحياء السودان المختلفة – ثم ارتباطه بالطلبة اليمنيين في المدارس الثانوية. وجامعة الخرطوم واستمرت هذه الصداقات حتى اصبح بعض اقرانه في الجامعة من المسئولين في دولتهم..

    ولأن الاستعمار البريطاني في السودان هو نفسه الذي استعمر اليمن الجنوبي فقد منح عدداً كبيراً من الطلبة اليمنيين فرصة الدراسة في السودان مما ساهم في توطيد العلاقة بين السودانيين واليمنيين.

    وزاد من تعلق المؤلف باليمن مجال اهتمامه (تأثير الخيار السياسي على التنمية الإقتصادية والإجتماعية) .. فكان كثير السفر والإقامة والعمل في اليمن سواء من موقعه في الصندوق الكويتي – او البنك الدولي. أو الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والإجتماعي لدرجة أنه قضى أثني عشر عاماً متفرقة باليمن.

    أحب خوجلي اليمن كما أحبها بروف عون – والأستاذ مصطفى عبد العال (ذكريات سوداني في اليمن) ورغم اختلافه المبدئ مع اصدقائه من قادة اليمن الجنوبي إلا انه احترم خيارهم السياسي وتطبيقهم للمفاهيم الإشتراكية واحترم اتساق مواقفهم وسلامة الرؤية. وتطبيق مبدأ القدوة الحسنة في السلوك الشخصي ولم يكونوا ممن وصفهم السيد المسيح (الذين يحبون تلقي التحيات في الساحات، وصدور المجالس في المجامع، والمقاعد الأولى في المآدب، يأكلون بيوت الأرامل، وهم يظهرون أنهم يطيلون الصلاة، هؤلاء سينالهم العقاب الأشد) (ص 36) فالإنتصار في النهاية يكون للهدف النبيل المسنود بالموقف الملتزم.

    ونلحظ أن بدايات الوعي في اليمن كانت في العام 1947م وهي نفس الفترة التي بدأ فيها مؤتمر الخريجين في السودان. وحين رفع السودانيين شعار (السودان للسودانيين) رفعت الجمعية العدنية شعار (عدن للعدنيين). كذلك تصادف تقارب افتتاح الإذاعة السودانية وإذاعة عدن ... نال اليمن الجنوبي استقلاله عن طريق التفاوض الذي بدأ في 29 نوفمبر 1867م وهي نفس التجربة السودانية وإن نال السودان استقلاله قبل ذلك باحدى عشر سنة في العام 1956م وتجربة استقلال السودان واليمن الجنوبي مختلفة عن تجربة اليمن الشمالي الذي انتهج وسيلة الثورة الشعبية العسكرية في 26 سبتمبر 1962م.

    في حوار بين المؤلف واثنين من قادة الحزب الإشتراكي اليمني في يوم السبت 11يناير 1986م (ص 38) قال محمود عشيش (ما اسميناه في السودان (بالإنتفاضة) هي بدعة سودانية لم ترد في ادبيات الثورة وقواميسها. واضاف ان هناك انظمة رجعية وهناك ثورات شعبية مكتملة النضج ولا شئ بينهما. ولاتكتسب الثورة الشعبية معناها الحقيقي إلا إذا أريق على جوانبها الدم) لذا نفهم عنف الحرب العبثية التي صورها لنا المؤلف في العبور إلى الشاطئ الآخر. (لبيك واجعل من جماجمنا لمجدك سلما) من اناشيد الصحوة العربية. ونلحظ أيضاً تأثير الوعي المبكر والحوار الذي انتظم جيل المؤلف في جامعة الخرطوم مع الطلاب اليمنيين والذي افرزته حركة الأستقلال الأفريقية وبوادر البعث العربي وما ارتبط بها من رموز .. نكروما، لومببا، كنياتا، رشيد الكيلاني، عبد الناصر، ساطع الحصري.. الخ. وأهم مظاهر هذا التأثير تحديد المبادئ والإلتزام بها ووضوح الرؤيا والجهر بها.. فعند نقاشه مع اصدقائه اليمنيين يعلن إختلافه المبدئي .. وحبه لليمن .. وببصيرته النافذة وحدس الأنبياء الذي لا يخطئ قال أن اليمن ستعود موحدة وصدقت نبوءته. (ص 20).

    وعن السودان يقول إذا استمرت اساليب العمل السياسي والدس والمزايدات والمناورات فسينتهي إلى ما انتهت عليه دولة الغساسنة عندما (تولى صغار الرجال كبار الأمور) ص 37.

    وامتد التاثير إلى وضوح الموقف من القضايا العربية والأفريقية فأثناء حصار النزلاء في الفندق يتابع خوجلي الحرب العراقية الإيرانية ولا يخفي تعاطفه (أنا رجل عراقي الهوى من قبل ومن بعد) (عربي مع العراق وعلي بن ابي طالب العراقي) ص 52.

    وفي لحظة مثيرة من محنة فندق عدن يحكي خوجلي (ص130) عن الطفلين امين 11سنة – وأمل 5 سنوات – اللذان كانا ضمن النزلاء فالأم فرنسية تعمل في سفارة بلادها بعدن والوالد مصري يعمل استاذاً في جامعة القاهرة .. ويقول شعرت بما يشبه قربى الدم من أمين واخته، آه ... مصر يا اخت بلادي يا شقيقة.

    وحينما تزايدت النيران على فندق عدن واهتمت الدول الغربية بمواطنيها المحتجزين. تقدم البعض باقتراح إخلاء الفندق واللجوء إلى السفارة البريطانية وقد وافق معظم النزلاء بما فيهم بعض العرب (... هو خوجلي شو بدوا فينا إذا كلنا بدنا نروح السفارة البريطانية) ولكن شئ سوداني / عربي في داخل خوجلي أملى عليه موقف مغاير وقال (ص 137) (انني افضل أن اموت في فندق عدن، بدلاً أن أموت في سفارة دولة اجنبية في مدينة عربية .. وأرى في الإقتراح المطروح سوء الخاتمة في أوضح معانيها .. وألمس فيه عاراً لا استطيع أن أقبله حياً، أو أتحمله ميتاً) (لسنا نغضب .. طالما تفكيرنا حر .. ومنطقنا مهذب) الزين عباس عماره (ص 170).
                  

01-18-2010, 01:15 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    في قلب المعركة للعبور:

    في مساء الإثنين 13 يناير 1986م تصنت نزيل الفندق خوجلي إلى التعليمات الموجهة من قائد القوة المسلحة بالفندق إلى أفراده المسلحين: (التركيز على ضرب الدبابات .. التعزيزات.. نقل الزخيرة ...الخ)
    وفجأة انفجر خزان وقود احدى الدبابات .. اهتز الفندق وسقطت عدة نوافذ وجزء من السقف الزائف في الغرف التي امتلأت بالدخان والغبار ... وحينما حاول السفير السويدي الذي كان محتجزاً ضمن النزلاء الإتصال ببلده تأكد تعطيل الهواتف .. فانقطع الاتصال مع العالم الخارجي هاتفياً وتلكسياً.

    وتزايد عنف المعركة بين الدبابات المهاجمة والصواريخ المضادة وبين الرفاق المهاجمين لتحرير الفندق من الرفاق المدافعين عنه .. وليس تحرير النزلاء وانقطع التيار الكهربائي إلا من مولد صغير وإقتصرت الإضاءة الخافتة على منطقة المصعد .. وفي هذه اللحظة يصور المؤلف في كلمات قلائل الحالة العربية في العام 1981م وهي مشابهة لحالتنا اليوم: {{أدرت المذياع ، كانت إذاعة عدن قد صمتت تماماً وكانت ثلاث دور إذاعة عربية تتبادل السباب بين انظمتها .. وأخرى رابعة تبث حديثاً عن (إختلاف العلماء في نواقض الوضوء)}} (ص58).
    لاحظت الثقافة العسكرية عند خوجلي لدرجة إهتمامه بالتفاصيل وقدرته على تقييم الموقف والتحليل. والثقافة العسكرية ليست حكراً على العسكريين كما يعتقد البعض حتى أن معظم فطاحلة الإستراتيجيين العسكريين لا ينتمون إلى المهنة وإن أشار خوجلي إلى بدايات تكوينها عنده إبان الدراسة الثانوية والكديت ومعسكرات السبلوقة أيام عظمتها ومعلميهم الضباط: محمد الباقر أحمد - احمد حسن العطا – مقبول الأمين الحاج، وتمكن خوجلي بهذه الثقافة من المساهمة في تكوين لجنة (قيادة) لإدارة شئون المحتجزين والتفكير في الحلول الممكنه لخروجهم من محنة فرضتها عليهم المعركة العبثية للرفاق. فتكونت لجنة ثلاثية من بريطاني، فرنسي، وسوداني (خوجلي) وبدأت تظهر قدرات مؤلفنا القيادية .. بدأها بخلق علاقات جيدة واتصال تنسيقي مع افراد القوة اليمنية المدافعة عن الفندق في تناسق مع بناء علاقات مع النزلاء المحتجزين خاصة المتوترين والقلقين والخائفين (لابد لنا في تقييمنا للناس تحت وطئة الظروف العصيبة أن نمارس درجة عالية من التسامح وان نعطيهم هامشاً كبيراً لحدود رد الفعل البشري) وتم تجميع المياه وحصر الأغذية والسيطرة عليها، والأدوية الموجودة بالفندق والتي بطرف الأفراد .. وعمل استبيان للنزلاء وتخصصاتهم ووزعت المهام بناءً على ذلك.

    ولفت نظري تدوينه لبعض التفاصيل فيما يعرف عند العسكريين بمفكرة القائد – تقدير الموقف من إمكانية احتجازهم – استراتيجية الأخبار وتعيين تيم لتجميعها وتحليلها – تحديد المهمة – عدد قوتهم 96 – الإمداد الإدارة – تحديد أماكن تجميع النزلاء الأكثر أماناً وخروجهم من الغرف.
                  

01-20-2010, 08:15 AM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    Quote: وفي هذه اللحظة يصور المؤلف في كلمات قلائل الحالة العربية في العام 1981م وهي مشابهة لحالتنا اليوم: {{أدرت المذياع ، كانت إذاعة عدن قد صمتت تماماً وكانت ثلاث دور إذاعة عربية تتبادل السباب بين انظمتها .. وأخرى رابعة تبث حديثاً عن (إختلاف العلماء في نواقض الوضوء)}} (ص58).


    تأمّل !
                  

01-18-2010, 01:16 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    المتعة في العبور:

    المتعة في الكتاب تقابلك في كل سطروتنقلك كميرا خوجلي في أكثر لحظات الصورة ماساة لتحولها إلى ابتسامة .. ويدخل في دمك خلطة عجيبة من الحزن والفرح وينتابك احساس دافئ من علاقة الرسم والكلمات.. عندما قرر عمل استبيان للنزلاء شكل تيماً من محمد الأردني وإيزابيلا اللاتينية وليعرف القارئ بإيزابيلا كتب (ايزابيلا في حوالي الرابعة والعشرين من إحدى دول اميركا اللاتينية – متوقدة الذكاة – لها من الخبرات ما يتجاوز عمرها – تحسن التصرف – تختار كلماتها بعناية – وكذلك بلوزتها – بالرغم ما يبدو عليها من التماسك إلا انها تنتمي إلى ذلك النوع من الفتيات الذي يحوله النبيذ إلى شظايا) (ص 93) .. وحين كان الجميع في هلع وخوف يتشاورون في أمرهم تحدثت إيزابيلا: (أدارت الفاتنة ذات الجذور المتعددة رأسها نصف دائرة كأنما أرادت أن تستيقن أن جميع العيون قد استقرت في نقطة أو أخرى من جسدها) (ص 89) ويعبر طبيب من النزلاء عن حالته النفسية حين يكلف بعلاج النزلاء (أرجو أن تنسوا تماماً انني طبيب فقد أكون في الواقع احد المرضى) ص 164.
    والمتعة تتخلل إليك من تعدد المواهب والقدرات عند الكاتب كأديب فنان وشاعر رقيق ومسرحي وقصصي وصحفي ومؤرخ والكتب التي قرأها وأشار إليها ناقداً لها أو متأثراً بها تكفي لتصنيفه كمثقف موسوعي.. ولكن كثرتها في كتاب متوسط الحجم تصيب القارئ بالتخمة.

    والكتاب الذي نحن بصدده يصلح أن يتحول إلى مسرحية أو فلم سينمائي مثله وفلم تايتنك الشهير، الأول تدور أحداثه في فندق عدن والثاني في البحر بالرغم من أن الكتاب يغلب عليه المنهج الصحفي.

    والمتعة أيضاً تتوافر في الشعر الذي تضمنه الكتاب العربي منه الفصيح والعامي والمترجم والصوفي والمقامات الحلبية في الهند والمأثورات والحكم واقوال الفلاسفة افلاطون – ارسطو ...الخ . فخوجلي استخدم الشعر وعبر به عن حالات المحنة .. احمد عبد المعطي حجازي – ادريس جماع – المتنبي – الزبيدي – عبد المجيد عبد الرحمن – صلاح احمد ابراهيم – البحتري – إليا أبو ماضي – الزين عباس عمارة.

    والمتعة الروحية من جانب في استخدام واختيار الآيات القرآنية المناسبة فبدأ الكتاب (فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله) واختتمه بـ (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا).

    ومن جانب ثاني من الإنجيل (وا خجلي منكم .. اليس فيكم رجل واحد عاقل بوسعه أن يقضي بين اخوته) سفر أيوب في العهد القديم، (في البدء كانت كلمة، وبدونه ماكان شئ ممكن) يوحنا 8 / 24.

    وكميرا خوجلي المتنقلة تمتعنا في قمة الحزن وتنقل لنا رغبة النزلاء البشرية في الإبتهاج بالحياة رغم المأساة ويقترح أحد النزلاء إقامة انشطة ترفيهية لرفع الروح المعنوية المتوترة وتحمست النساء وبدأن في تحضير التمارين لإقامة استعراض راقص.. وهنا يقدم خوجلي حواراً مسرحياً مليئاً بالقيم حين تسأل (هيزل دونتون) المشرفة على الاستعراض عن مكان التمارين .. فالمكان الوحيد الصغير المناسب هو المصلى الذي يصلي فيه محمد الأردني وخوجلي.

    هيزل دونتون: هل إقامة التمارين هنا يسئ إلى مكان الصلاة وقدسيتها؟
    خوجلي: إن جوهر الحضارة وروحها الحقيقية يكمنان في العقل وليس في ما يراه الناس من مظاهر الأشياء.
    هيزل دونتون: سأعلم السيدات تمارين جين فوندا الراقصة.
    خوجلي: الصلاة رياضة نفسية والتمارين الرياضية أيضاً، وديننا دين يسر.
    هيزل دونتون: هل تعني أننا يمكننا ان نبدأ التمارين؟
    خوجلي: لست مفتياً ولكني لا ارى سبباً للإعتراض
                  

01-20-2010, 08:19 AM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    Quote:
    والمتعة الروحية من جانب في استخدام واختيار الآيات القرآنية المناسبة فبدأ الكتاب (فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله) واختتمه بـ (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا).

    ومن جانب ثاني من الإنجيل (وا خجلي منكم .. اليس فيكم رجل واحد عاقل بوسعه أن يقضي بين اخوته) سفر أيوب في العهد القديم، (في البدء كانت كلمة، وبدونه ماكان شئ ممكن) يوحنا 8 / 24.

    وكميرا خوجلي المتنقلة تمتعنا في قمة الحزن وتنقل لنا رغبة النزلاء البشرية في الإبتهاج بالحياة رغم المأساة ويقترح أحد النزلاء إقامة انشطة ترفيهية لرفع الروح المعنوية المتوترة وتحمست النساء وبدأن في تحضير التمارين لإقامة استعراض راقص.. وهنا يقدم خوجلي حواراً مسرحياً مليئاً بالقيم حين تسأل (هيزل دونتون) المشرفة على الاستعراض عن مكان التمارين .. فالمكان الوحيد الصغير المناسب هو المصلى الذي يصلي فيه محمد الأردني وخوجلي.

    هيزل دونتون: هل إقامة التمارين هنا يسئ إلى مكان الصلاة وقدسيتها؟
    خوجلي: إن جوهر الحضارة وروحها الحقيقية يكمنان في العقل وليس في ما يراه الناس من مظاهر الأشياء.
    هيزل دونتون: سأعلم السيدات تمارين جين فوندا الراقصة.
    خوجلي: الصلاة رياضة نفسية والتمارين الرياضية أيضاً، وديننا دين يسر.
    هيزل دونتون: هل تعني أننا يمكننا ان نبدأ التمارين؟
    خوجلي: لست مفتياً ولكني لا ارى سبباً للإعتراض
                  

01-18-2010, 01:16 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    العبور الروحي:

    في الساعة الثانية والنصف من صباح الثلاثاء 14 يناير 1986م تزايدت الإنفجارات بضراوة وشراسة وتحطمت غرفة خوجلى وهو بداخلها، فايقن أن الوقت قد حان للرحيل:

    يا هذا البدوي الممعن في الهجرات
    ضاع الدرب .. وذاد الكرب .. وثقل الداء
    لا مهرب فالبحر التابوت
    لا رحمة في أحشاء الحوت
    هل سمعتم ولقد ران على الناس الوسن
    جثة تدفن من غير كفن

    وهنا يتذكر خوجلي أن كل الطرق تؤدي إلى الله وأقربها هو الذي يمر عبر أوليائه الصالحين (ص 69) .. وبدأت كمرته التي يصور بها تعرض علينا شريطاً لحياته (Flash Back) ونرى افراد اسرته يمثلون أمامه ويعرض تفاصيل دقيقة عن حوارات دارت بينهم .. فيسأل الله أن يمده بعض الوقت لتدبير بعض الأمور العاجلة ولتكن مشيئته بعد ذلك .. وتمتلئ الغرفة بنيران المعارك .. وتمتلئ أيضاً بالأولياء والصالحين والدراويش من ذوي القربى الروحية من الله .. وبدأوا في حلقات ذكر، ثم إلتأمت الحلقات في حلقة واحدة...

    وأهله العركيين قدموا من طيبة وأبوحراز وأم درمان .. الشيخ عبد الله، الشيخ ابراهيم ود عبد الدافع، الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ خوجلي الذي سمي باسمه .. ومولاي الشيخ محمد حمد النيل ..

    يرتجف خوجلي ويرتعش ويدخل فيما يشبه الغيبوبة وانشطر إلى جزئين لكنهما لم ينفصلا تماماً ويتسم احدهما بالشفافية والآخر من صلصال من طين .. أحدهما يرتفع به وقد استنفر جميع اسلحة الدفاع الذاتية والآخر يرتفع به وقد أصابه الخمود وروح الهزيمة واقترب من الإنهيار الكامل ... وتأتي لحظة تفجر قوة هائلة في داخله .. فإذا به يرى الطين يتفتت وينزاح .. وتحرر ذاته المتعالية من ربقة البدن وينتهي إتحادهما العرضي .. إنها حالة صفاء ماعاد الزمان ولا المكان .. ويعبر إلى الشاطئ الآخر. (ص 73).

    استقبله على الشاطئ الآخر ورحب به أربعة من أفراد اسرته: جده الناظر أبوبكر المتوفي (1971م) – والمرحوم والده (1961م) - وعمه اسماعيل (1969م) – وابن عم والدته وزوج شقيقتها الشيخ يوسف حمد النيل (1980م) ..

    وحينما حاول أن ينقل إلى أربعتهم حال الدنيا التي تركها أشار إليه جده بأن هذا الأمر لا يعنيهم.. فاحتوته حالة السكينة وانتهت طاقة القلق وتحولت إلى طاقة اطمئنان .. انها راحة الموت لكنه موت الحي فقد انفصلت روحه عن جسده بشكل مفاجئ بصورة لم تتزامن مع بقية مظاهر الموت .. لقد تساوت عنده الأشياء وهي المرحلة الأولى في مراقي الصوفية.

    قال ابن القيم في كتابه الروح أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها .. مسألة تلاقي الأرواح أدلتها كثيرة .. وقد حوى كتاب الطبقات لود ضيف الله كثير من قصص الأولياء والشيوخ والصالحين.

    وتنقلت كميرا خوجلي إلى جزئية مثيرة في الكتاب وهو في الشاطئ الآخر فتصور أن خبر وفاته وصل إلى اسرته في الكويت والسودان فذهب إلى هناك بروحه ليرى مأتمه وكيف واجهت زوجته وبناته وابنه الموقف بل تحدث إلى والدته (ام دولة) فإنتفضت من رؤية ابنها المتوفي .. وتأثر بمشاعر المعزين من الأهل والأصدقاء والزملاء بالكويت وقص علينا خوجلي كيف أحضر جثمانه من اليمن إلى السودان .. وسمع أصدقاءه من المعزين يتحدثون عن محبته لليمن الجنوبي وأهله وثقته في قادته وهلاكه فيه .. ولكنه أيضاً لاحظ أن كثير من الأصدقاء ينغمسون في انس لا يمت إلى المناسبة بصلة وهم يحتسون الشاي .. حتى أن أحد أقاربه انتهز مناسبة وفاته وجلس إلى جوار احد المعزين من أصدقائه يعمل في إدارة الأراضي وقال له: أن المرحوم كان قد كتب خطاب إليكم لمساعدتي في تسجيل قطعة أرض...

    (يا أخوانا شكراً جزيلاً .. عزاؤكم مقبول وسعيكم مشكور اتفضلوا امشوا شوفوا أشغالكم) (ص 157).
                  

01-18-2010, 01:17 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    العبور الأبدي:

    خلال مطاردة خوجلي للموت ظل هاجس موته بعيداً عن ارض الوطن يطارده أيضاً وكان يشعر أنه عندما ينفذ الموت في موقع المولد ومهد التكوين ينهال تراب الفضاء على تراب الخلق ويعود الفصل إلى الأصل ليلتئما كما كانا في البدء في تعاطف دائم وتراحم ابدي (ص 159).

    في منتصف يوليو 2004م زار خوجلي السودان بجسده والتقى أهله وشيوخه واصدقائه.. فيما ظلت روحه في الشاطئ الآخر، ويبدو أنها كانت زيارة أخيرة للجسد قبل أن يعبر ويلتحق بالروح فودع الجميع على ان يعود بعد اسبوع لكنه عاد بعد أربعة أيام ففي الثاني من اغسطس 2004م توفي خوجلي بالكويت بعيداً عن أرض الوطن .. ودفن بمقابر حلفاية الملوك في الرابع من اغسطس 2004م.. أي بعد تسعة عشر عاماً من عبوره الروحي إلى الشاطئ الآخر، وصلى بالمشيعين مولاي الشيخ محمد الشيخ الريح حمد النيل الذي وعده خوجلي أن يصلي معه الجمعة بعد عودته من الكويت.

    والمدهش أن خوجلي حين صور في كتابه تفاصيل وفاته في العام 1986م ومأتمه والمعزين – كان حاضراً بروحه .. وحين عبر في العام 2004م كان حاضراً بجسده .. ولكن مشهد الماتم الأول والثاني كانا متشابهين متطابقين بكل التفاصيل.

    والكتاب احتوى على سيرته الذاتية بما فيها سيرته بعد الممات وتفاصيل العزاء وتضمن كل رؤيته وفلسفته في الحياة ومن خلال رؤيته لخص الفشل والنجاح في مسيرة الإنسان الإجتماعية والثقافية وحتى السياسية.
    ورغم نجاحه كخبير اقتصادي في مؤسسات دولية وإقليمية لم يستفد منه السودان بقدر موازي (نجاح المؤسسة في تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية والإجتماعية في أي بلد يقاس في حده الأدنى بقدرتها على اطعام مواطنيها وتأمينهم من خوف).

    وربما يأتي اليوم الذي نرى فيه العبور إلى الشاطئ الآخر يعرض مسرحياً أو نشاهده فلماً مليئاً بالحركة وقيم الحياة.

    عبد العزيز خالد عثمان
    حلفاية الملوك
                  

01-18-2010, 01:18 PM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)
                  

01-19-2010, 07:46 AM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    up
                  

01-20-2010, 06:48 AM

عادل نجيلة

تاريخ التسجيل: 08-11-2009
مجموع المشاركات: 2832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)



    رحم الله الدكتور خوجلي أبوبكر رحمة واسعه فلقد قابلت الرجل لمرة واحدة خلال الدعوة التي أقامها صهره وإبن أخيه العزيز بكري أبوبكر .. و يومها جلست قبالته على الطاولة يتوسطنا البروفسر سعيد عبدالكريم و الصحفي أحمد على بقادي .. وكنت طيلة الفترة أصنت مستمعآ لشتى الأحاديث فذاك مقام صمت لأمثالي لا للكلام .. وكانت تلك محاضرة جزلى قل أن تجدها في هذه الأيام .. وجدت نفسي مشدودآ في تلك الطاولة ولم أتبين بأن الليل قد تجاوز المنتصف وبدأ الحاضرون في التوديع .. ودعناه و أنصرفنا بيد أنه ترك أثرآ عميقآ بداخلي لم أنساه .. وغادرنا عائدآ ألى دولة الكويت حيث كان يعمل .. ولم تمض أشهر قليلة حتى نعاه الناعي .. وحزنا أشد الحزن عليه وكأنه كان بيننا طيلة هذه السنوات .. رحمه الله رحمة واسعة و لصهره العقيد أحمد علي أحمد وطيب الله ثراءهما.
                  

01-20-2010, 07:56 AM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: عادل نجيلة)

    أستاذ/ عادل

    فعلا رحم الله الدكتور/ خوجلي أبوبكر وتغمده برحمته..

    عالما جليلا ، وإقتصاديا ، ومفكرا ، وسياسيا، وأديبا أنيق العبارة..وغيرها الكثير !

    أحد الجنود المجهولين الذين ساهموا في صياغة تاريخ هذه البلاد ولم يعنيهم من قريب أو بعيد أن تتصدر أسماؤهم صفحات الصحف !

    والشكر موصول للسيد / عبد العزيز خالد وأمثاله من من يعملوا على تزكيرنا بسيرة أمثال هؤلاء الأفذاذ..

    حتى لا ننسى..
                  

01-20-2010, 08:04 AM

Hassan Bakri Nugud
<aHassan Bakri Nugud
تاريخ التسجيل: 11-24-2009
مجموع المشاركات: 922

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    Quote: وكتبت الأستاذة انصاف زوجة المؤلف خوجلي عبد الرحيم بعد مضي أربعة أشهر على وفاته (وما برح الجرح ينزف .. وفاءً وتقديراً وإعزازاً .. هذا ما علمتنا اياه من معاني الوفاء والتقدير .. جادك الغيث وأنزلك المولى عنده منزل صدق).


    آمين،
    له المغفرة ، ولهاالصبر والسلوان
                  

01-21-2010, 05:51 PM

Abdul Monim Khaleefa
<aAbdul Monim Khaleefa
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 1272

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Hassan Bakri Nugud)

    الأخ الأستاذ / حسن بكري نقد
    تحياتي ومودتي

    لك أجزل الشكر وأنت تهدي قراء سودانيزأونلاين هذا العرض السلس والشيق لكتاب "العبور إلى الشاطئ الآخر" لمؤلفه الاقتصادي المرموق والأديب الأريب الراحل خوجلي عبد الرحيم أبوبكر، الذي نجح في أن ينقل لنا بأسلوبه الرفيع التجربة الإنسانية الفريدة والنادرة التي هيأت له الظروف معايشتها في فندق عدن؛ وهي تجربة أجاد المؤلف في وصفها وتسجيلها بما يجعل القارئ يعيشها وينفعل بها، ويتفاعل معها؛ وذلك لما تحفل به من دراما عنيفة. وفي تقديري أن هذه التجربةالواقعية، والتي تكادأن تفوق الخيال، ترقى إلى مصاف روائع القصص العالمي.

    التهنئة ووافر التقدير للأستاذ عبد العزيز خالد عثمان على عرضه الضافي والمشوق للكتاب، وعلى كلماته التي تنبض صداقة ووفاء لصديقه ابن حلفاية الملوك البار (بل وحقاً ابن السودان البار).. ولا أملك سوى أن أقول للأستاذ عبد العزيز الكلمة الموجزة التي يستخدمها الإخوة العمانيون عندما يودون التعبير عن الإعجاب والثناء .. ألا وهي كلمة (أحسنت).

    محبتي
    عبد المنعم خليفة
                  

01-21-2010, 07:10 PM

Abdul Monim Khaleefa
<aAbdul Monim Khaleefa
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 1272

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Abdul Monim Khaleefa)


    ونحن نستعيد ذكرى هذا الصديق الاقتصادي والأديب والوطني المستنير، أرجو أن أشرككم باستعادة بعض الجوانب الطريفة من سيرته العامرة.. وإلى جانب الصداقة العامرة التي أعتز بها، فقد جمعتني مع الراحل العزيز زمالة لجنة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، كما أن كلينا يحمل وسام KG .. وهذه لمن لا يعرفونها اختصارات Kobar Graduate!

    ولقد سبق أن أشرت لبعض هذه الذكريات في سلسلة مقالاتي بعنوان "أوراق أكتوبرية".. بل سمها "أوراق كوبرية"!! وهذه مقتطفات من ذلك البوست..
    Quote: كما آمل أن أتعرض أيضاً لبعض الأحداث الهامة المرتبطة بتلك الثورة الخالدة التي مهرها الشهداء بدمائهم الزكية ؛ وبعض المواقف الطريفة أيضاً ( والتي يدور معظمها حول زميلنا في لجنة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم / صديقنا العزيز خوجلي عبد الرحيم أبوبكر (عليه رحمة الله) ، والذي كان يتمتع بروح الفكاهة الراقية Refined sense of humor؛ وهو الذي حزن لمصادرة قلمه ضمن إجراءات الاعتقال في اليوم الأول، إذ أنه كان ينوي أن يكتب به تاريخ الإنسانية في أثناء فترة السجن الطويل المرتقب ! وظل "تاريخ الإنسانية" موضوعا للدعابة وإثارة الذكريات كلما جمعتنا مناسبات اجتماعات مؤسسات التمويل العربية مع العزيز خوجلي بعد سنوات عديدة من تلك الوقائع والأحداث - رغم أننا حقيقة نثق في أن الخلفية الثقافية العريضة التي يتمتع بها الأخ (أبو الجاز) كانت تؤهله لتنفيذ ذلك المشروع الطموح!)..

    محبتي
    عبد المنعم خليفة

    يتبع..
                  

01-21-2010, 07:24 PM

Abdul Monim Khaleefa
<aAbdul Monim Khaleefa
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 1272

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العبور إلى الشاطئ الآخر: مطاردة الموت عند خوجلي عبد الرحيم ـ عبد العزيز خالد عثمان (Re: Abdul Monim Khaleefa)

    Quote: وفق ما تقضي به لوائح كوبر فإن هناك ساعة في نهار اليوم يقضيها المعتقلون السياسيون خارج جدران السجن ، في الهواء الطلق تحت ظلال الأشجار ، وذلك بتوصية من طبيب السجن (الدكتور الإنسان/ يوسف عثمان) من منطلق الحفاظ على الصحة النفسية للمعتقلين . حركة الخروج من السجن والعودة إليه بعد نهاية هذه "الفسحة" تتيح الفرصة للقاءات عابرة ، وأحياناً تكون ممتدة ، بين المعتقلين السياسيين فيما بينهم ، وبين المساجين المحكومين من غير السياسيين. كانت ساعة "الفسحة" هذه هي الفترة التي كنا نلتقي فيها بـ (ع) ونتحاور معه ، ومع آخرين من بينهم سجين ترك لدينا انطباعاً مؤثرا ؛ وهو لا تنطبق عليه صفة الإجرام ، بل كنا نلمس فيه كل الصفات السودانية الإيجابية - كل ما هناك أنه كان يقيم العدالة الاجتماعية بطريقته الخاصة دون اكتراث لمدى قانونية ذلك !

    الأصدقاء خوجلى عبد الرحيم أبو بكر ( عليه رحمة الله ) ومحمد العباس أبا سعيد كانوا من أكثر زملائنا مداومة وحرصاً على اللقاءات مع هؤلاء المسجونين ، وخلق علاقات إنسانية معهم . وكلا الصديقين يتمتع بحس أدبي رفيع يجعلهما يتذوقان طعم هذه التجارب الفريدة التي تسمح لهما بالغور في أعماق النفس البشرية وتلمس ما تمور به من دوافع وطموحات وصراع . وكانا يثقان من أن وراء أي من هؤلاء المساجين ظروف مجتمعية معينة قادته إلى ما هو فيه ، وكان ذلك مدخلا لصحبة قوامها الثقة التي تساعد على البوح. ومن المعروف أن ظروف السجن تنشا عنها صحبة ذات طبيعة حميمة وودودة ، ناشئة من معايشة الظروف المشتركة والعيش خلف الأسوار سوياً . وفي القرآن الكريم (سورة يوسف) نتعرف على العلاقة الخاصة التي نشأت بين نبي الله يوسف الصديق وبين صاحبي السجن، اللذين ظل يدعوهما إلى التوحيد ، بينما هما يبوحان له بهمومهما وشجونهما ، ويستفتيانه في تفسير أحلامهما عسى أن يجد لهم أملاً يخرجهم من مصيرهما البائس .

    آمل أن يكون صديقي الراحل العزيز خوجلي قد سجل مذكراته عن تلك الفترة.


    محبتي
    عبد المنعم خليفة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de