حثالة جيل

الطَفح


تَدفق ايها النهرُ
شلالاً بلا منبع
أترك اينما تَرحل
رحيق الدَم في الاحراش مستَنقع

أترك في كل مدينة توصل
أثراً لمن ياتي
و يتبع دربك المنسي
وشماً علي الدرعِ
و سهماً علي القوسِ

هاجر أنتا للمجهول
سَتشهد قَبل أن ترحل
دموم الموج في الوطن

كيف ستترك التاريخ
يسَطر أن أمثالك … حثالة جيل ؟
هَربوا قَبل سفر الريح
وبعدك هاجر النجم
و غاب الفجر في الغابة
برغم طبول أجدادك
وراء السُحب
اختفي القمر

عظيماً كنت كالفجر
حين تغسل وجهك المشرق بموج النهر
و تجلس علي الافق
للفقراء تاتلق
و حزناً كنت تحترق
جسراً لنحم الليل كي يعبر و كي نعبر
تَفتح قلبك الموصد لقنبلة
و باب الحقل و المدخل لسنبلة
و تحلم يوم أن نعشق
تسأل عن هويتنا
قبل بداية التكوين مَن كنٌت ؟
و ماذا صرت بعد الغذو ؟
أتزكر عهد ذاك الفونج
أتزكر نبتة من مروي

أتزكر كيف جاء الفوج بعد الفوج
جاوا من صحاري الشعر
هاجروا فوق جسر الموج
أتزكر و جهك الاول نحاسي
و همس طبولك الوثني
أتزكر دمك الاول خلاسي

حملت نتاقض الالوان ملحمة
و كنت حضارة الاسلاف
نتاج السيف و الرمح
زواج الحرب و الصلح
و كنت خلاصة الاشراف

فاأين يغوص ميلادك
وأين طقوس اجدادك
في الغابة أم في السهل
في الجبل أم في النخل
و كيف لبست ثوب القهر
وأين لغاتك الاولي ؟
و صوت طبولك الهدار للمطر
و صلاة ندائك المحتار
عند الخوف و الخطر
و رقصك حينما تصتاد حول النار
و حين تغني فوق التل للمطر
و تفرِد و جهك المشدود كاللاوتار
و حين تمِد سهم القوس
أسود وجهك المطلي باللابنوس
في الاحراش
عريق لونك الموروث كالحباش

تدفق أيها النهر
شلالاً بلا مَنبع
وأترك أينما ترحل
رحيق الدم
في الاحراش مسنتقع
فبعد الان لن تحلم و لن تسمَع ؟