ديسمبر 2009م تجاوزت أهم أوجه القصور في مارس أبريل 1985م

Quote: الاستاذ الفاضل الهادي هباني بعد التحية الطيبة.. والاحترام الزائد: في مروري اليومي على ساحات سودانيز اون لاين الثرة فكريا وثقافيا واخباريا- بغض النظر عن بوستات اللت والعجن - اجدني دائم التطلع لمشاركاتك المتميزة..والهادفة.. تلك التي تدل على وعي قويم..واسلوب مباشر وشفاف.. موروث من تلكم الارومة الماجدة..ارومة الفارس الاسطورة كيوات الذي كانت سنابك فرسه تحدد بحر ابيض من الجبل للجبلين ..عنوة و اقتدارا..ولا جرم ان فكرك المستنير وادبك الجم قد جعلك مقبولا عند الجميع..بشتى اتجاهاتهم ومشاربهم .. لا اقول هذا بحكم معرفتي بك.. ولا نفاقا ولا رياءا.. فلست انا من الابواق المنفوخة ولا من الدفوف المضروبة.. انما هي قناعاتي ..و التي تؤمن بأن الوسطية هي بيرق العارفين.. ومنهج السالكين في الدروب المفضية لسودان نحلم به جميعا..معافى ومزدهر.. وتراني قد تابعت خيطك بسودانيز اون لاين عن انتفاضة ابريل المجيدة ومقارنتهما بما سميته "ثورة ديسمبر 2009".. وبما اننا كنا في المرحلة المتوسطة حينذاك الا انه كان لنا شرف المشاركة فيها انطلاقا من مدرسة ابو كدوك ومرورا بالمؤتمر وموسى الضو حجوج الثانويتين .. ومررنا بنفس الدرب الذي سلكته تظاهرة الاثنين"البائسة"..واستنشقنا الغازات المسيلة للدموع وطوردنا من الشرطة بالهراوات..ورأينا بام اعيننا انحيازالجيش لتسونامي الشعب الهادر نحو اقتلاع نميري.. وحقيقة تفاجأت بمحاولتك المقارنة بين "ملحمةابريل" و"مهزلة ديسمبر" .. وقد مرت تحت الجسر مياه ودماء .. واراك قد ظلمت ابريل كثيرا بمقارنتها بهذه التظاهرة التي غابت عنها الجماهيروتركتها للمنظمون والمنظمون "بكسر وفتح الظاء".. وكان راس الحربة فيها باقان اموم وياسر عرمان.. ولدي جملة اسئلة..ومداخلة.. وقبلهما اود ان اثبت تاييدي المطلق للتظاهر السلمي القانوني..اما الاسئلة فهي : هل تظاهرة ديسمبر 2009 هدفها الضغط على الحكومة لاجازة وتعديل بعض القوانين المعلقة مثل قانون الاستفتاء والانتخابات والمشورة الشعبية والامن العام..ام هي لاسقاط الحكومة واجتثاث النظام من جذوره؟ اذا كانت الاجابة هي الضغط لتعديل سلوك المؤتمر الوطني تحت مظلة نيفاشا.. اذا لا داعي للحديث عن ابريل ثانية..وعلينا انتظار ما تسفر عنه صناديق انتخابات 2010..والا كيف يستقيم ان تنادي القوى المعارضة بعودة ابريل واسقاط النظام وهي تعلن صباح مساء التزامها باتفاقية نيفاشا..؟ وسؤال اخر : هل الجامع بين القوى المعارضة هو هدف تكتيكي..يفضي لاسقاط الحكومة .. ام هي رؤية واضحة لسودان ما بعد الانقاذ بعد سقوطه ؟ وسؤال ايضا : كيف تدك الجماهير باب مركز تسجيل الصحافة طلبا للتسجيل.. حفاظا على حقها في الاستحقاق الانتخابي..ثم تنادى قوى المعارضة بمقاطعة الانتخابات؟ وانت تقول ان "المركز الموحد" لهذه القوى ولد من حركة الجماهير؟ وسؤال اخير : هل تعتقد ان جماهير 2009 هي نفسها جماهير 1985 او 1964.. بادبياتها واهتماماتها واتجاهاتها؟ اما مداخلتي فهي: في رايي.. يا استاذي.. نفسيا.. لن تنساق جماهير الشعب السوداني وراء باقان ولاعرمان..وذلك لمرارات كثيرة ليس اخرها ذكرى "الاثنين الاسود".. وليس اولها مجزرة توريت 1955 .. وبين هذه وتلك عاش السودانيون اياما عصيبة هلك فيها الحرث والنسل.. وحينما اقول ذلك لا انتقص من حق الحركة الشعبية ككيان سياسي في قيادة العمل العام..فذلك حق كفله لها الدستور الذي مهرته بتوقيعها في نيفاشا.. ولكن واقعيا لن تقدر حركة حملت السلاح لخمسة عقود من الزمان في احراش الجنوب على قيادة جماهير الشمال بعد اربع سنوات فقط من تواجدها بين ظهرانيه في الخرطوم..الحركة الشعبية يا عزيزي من قواعدها وحتي قادتها الحاليون الحالمون.. تعاني من ازمة ثقة كبيرة مع الشمال بلا استثناء وبعض الجنوب.. لا تستثني حتي المتحالفين معها من مؤتمري جوبا..ربما كنا نحلم جميعا ب "سودان ما" في حياة قائدها الاسطوري قرنق.. ولكن شاء الله له ان يرحل بحلم كبير ..فماتت ثقة الشماليين في الجنوببين وثقة الجنوبيين في الشماليين.. ودونك في ذلك صحف يقرؤها السودانيون صباح كل فجر جديد منذ نيفاشا : " الانتباهة والخرطوم مونيتور" مثالا .. قضى الزعيم جون قرنق وكان يحلم بزيارة المتمة.. واقسم لك ان اهلها كانوا سيتقبلونه بعد نيفاشا باكاليل الورود.. كل السودانيون وثقوا في حنكته.. وصدقه لسودان موحد متوازن.... ولكن جاء بعده امثال باقان اموم وياسر عرمان راكبين ظهور قادتنا في الشمال لتغييرنا بمفاهيمهم هم.. ومنطلقاتهم هم.. ولم يكلفوا انفسهم حتى بزيارة مدن الشمال .. قادتنا الشماليون من اقطاب المعارضة الذين تخلت عنهم الحركة بعد مهرها معهم "مقررات اسمرا" والتحقت في مفاوضات منفرده مع الانقاذ بعيدا عنهم ثم توجتها باتفاقية السلام الشامل..لم تكلف نفسها حتى دعوتهم بصفة مراقب ..وهي نفسها التي اذاقت قادتنا في الشمال الامرين حينما كانت في التجمع تأمر وتنهي..ودونك في ذلك كتاب سقوط الاقنعة لفتحي الضو..ذلك الشفيف الذي وضع قلمه تماما على مكامن علل المعارضة.. ونفسيا ايضا.. لن تنساق جماهيرالشعب السوداني وراء الترابي.. العضو الاشد ضراوة في قوى مؤتمر جوبا.. لان راعي الغنم في بحر ابيض يعلم انه هو من اتى بالانقاذ.. وهو من نكل بكل هؤلاء القادة الذين يتبادل معهم الآن الابتسامات في دار الحزب الشيوعي ..ويلهب حماسهم في دار الحركة الشعبية.. ولأن اعظم المحللين يجلس القرفصاء الان "متمحنا" في ذلك الداهية الذي يتصدر اجتماعات من اطاح بهم..هل قبل به اقطاب المعارضة على مضض المرحلة ام لالتقاء الرؤى؟ وليس معني كل ما سبق من كلامي ان الجماهير ستنساق وراء رايات المؤتمر الوطني.. فهو فيه من العلات ما الله به عليم.. ولكن الجماهير الواعية تريد من كانت التنمية اولويته..ورفع المعاناة عن كاهلها شاغله الاساسي.. فهي قد شبعت من الوعود الجوفاء ..والاعمال الخرقاء.. وختاما اقول ان ابريل ثورة خالصة لها ظروفها التي تختلف تماما عن ظروفنا الان.. هب فيها السودانيون هبة رجل واحد.. لهدف واحد.. ودفنوا نظاما كان على شفير قبره.. اما الآن فالوضع مختلف تماما ..فهناك اتفاقية نيفاشا.. بجداولها الزمنية المحددة..ونسبها وضامنيها من المجتمع الدولي والافريقي .. وفوق كل ذلك الشعب السوداني..وبذهاب الانقاذ من غير صناديق الانتخابات سواءا بثورة شعبية او انقلاب ستتفتح ابواب جهنم على هذا الوطن المغلوب على امره.. واقول ايضا انه رغم المعاناة التي يكابدها المواطن في معيشته اليومية.. ورغم النهب اليومي للمال العام..ولكن مواطن السودان اقتنع بحدسه ان انتظار نتيجة الانتخابات في 2010هي الخطوة الامثل..وهي الفيصل لاطراف الحراك السياسي السوداني.. ومن ياتي به الشعب عبر الصناديق هو الاجدر بالقيادة.. ويجب ان تنحنى له كل الرؤوس احتراما.. عادل ابراهيم الدوحة