|
Re: عشرون ملاحظة من ثورة الشباب السوداني الظافرة صلاح شعيب (Re: صلاح شعيب)
|
Quote: عشرون ملاحظة من ثورة الشباب السوداني الظافرة
صلاح شعيب
1ـ الثورة بدأها جيل الشباب الذي يتراوح معظم أعمار بنيه وبناته بين السابعة عشر والثلاثين ربيعا. وهؤلاء هم الذين ولدوا، وترعروا، في ظل الإنقاذ، ما يعني أن خطاب الحركة الإسلامية لم يؤثر فيهم. ذلك رغم محاول تدجين الإسلامويين ذهن الجيل الجديد عبر المناهج التعليمية، ومعسكرات التدريب، والإعلام. وحق لهذا الشباب أن تسمى الثورة باسمه في وقت وجدنا أن الشباب في الحكومة والمعارضة لا يأبه برأيهم في التخطيط الحزبي الاستراتيجي. فمعظم المكاتب السياسية القيادية لأحزابنا خالية من وجود أفراد عمرهم أقل من الثلاثين. والمدعاة لذلك، أو المستبطن في ذهن القادة كبار السن، أن ليس من بين الشباب منظرين، وأن خبراتهم أقل، ورؤيتهم قاصرة في فهم الاستراتيجيات السياسية. هذا برغم أن رؤساء الأحزاب التقليدية الرئيسية لم يصلوا سن الثلاين حين تسلموا مسؤوليات القيادة. 2- لا يستطيع اتجاه سياسي، أو أيديولوجي، أو نقابي، أن يدعي أنه رتب، أو قاد، هذه المظاهرات. 3- تعتبر هذه المظاهرات أقوى فعل سلمي في عمر الإنقاذ، وهي العمل الجماهيري الوحيد الذي هز أركان النظام، وأخاف المسؤولين فيه، وأعطى الأمل القوي بزوال النظام، آجلا أم عاجلا. 4- تجاوزت المظاهرات مشهدية ثورتي أكتوبر، وأبريل، من ناحية الفدائية التي قابل بها المتظاهرون رد الفعل الحكومي، كذلك هي أكثر ملحمية بالنظر إلى الترسانة الأمنية التي اعتمدها النظام بشكل أكثر وحشية من نظامي عبود ومايو. 5- الهبة الشبابية، والتي تحولت شعبية عفوية، أكدت أن الأحزاب السياسية، بقادتها السياسيين، وقواعدها معا، ليست هي التي تبتدر قيادة الحراك الجماهيري، وإن عملت للتمهيد له بنشر الوعي حول الشمولية، وضرورة مقاومتها. ففي لحظة ما من عمر الزمان تتكامل ظروف خاصة، مع تهور وقمعية الأجهزة الأمنية والشرطية، لتقود إلى تبلور ملامح الثورة. 6- رد الفعل الحكومي الوحشي أبان أن الرصاص لا يحمي الدكتاتور، وإنما يحرض الشعب أكثر على مواجهته مهما ازدادت قمعيته، وأن تصرفات الأجهزة الأمنية هي التي تبتدر، بأفعالها الهوجاء، رد الفعل الذي يخوف الديكتاتور. إذن الديكتاور يصنع أدوات خوفه بالمعنى العميق. ولكن هل يعلم مسبقا؟ الله ونحن نعلم. 7- إن القادة السياسيين، لحظة الثورات، يلحقون دائما بها، وبما يفعله منظموها الشباب، وليسوا هم الذين يلحق الشباب بهم من ناحية تحديد كيفية التظاهر. 8- مسؤولو المؤتمر الوطني الذين يتمددون أفقيا، ورأسيا، أصبح حالهم يرثى له في ظل خلوهم من أي سلوك أخلاقي. وفي حال انتقادهم بناء على المعيار الديني لا يمكن وصفهم غير أنهم شياطين في هيئات آدمية. إنهم يقتلون ويتهمون العلماني بانه خطر على سلوك المجتمع! 9- الثورة الشبابية أسهمت بسرعة في تغيير مواقف المنتمين للديكتاتور، كما أنها بشكل أسرع ساعدت الذين كانوا يتخذون مواقف رمادية على ركوب موجتها، والتسرع بإظهار التأييد. والمتتبع لكتابات شخصيات بعينها يتحير بسبب ماهية الطاقة التي منحت هؤلاء لتقدم ركب الناقدين للنظام في حين أنهم ظلوا طوال عمر الإنقاذ صامتين، أو محايدين، ولم يكتبوا جملة رأي واحدة ضد الإنقاذ. وهؤلاء تحولوا من موقع كونهم قراء جيدين إلى كتاب يحاولون قيادة تيار التغيير. 10- الثورة أظهرت أن التضييق على آليات العمل النقابي، والإعلامي، والسياسي، وحشد القوات النظامية، والدعم الخارجي، وإقامة الخلايا الأمنية ليست هي العاصم من الثورة، وإنما العاصم هو الحكم الرشيد المرسخ ديموقراطيا، ذلك الذ الذي يحمي الحاكم، أينما ومتى ما وجد. 11- الثورة أثبتت أن شبكة العلاقات الداخلية التي يصنعها النظام سريعة التناثر، وأن علاقاته الإقليمية والدولية في لحظة ما تكون عبئا عليه، لا عونا له. الثورة أكدت كذلك أن مليارات الدولارات التي أنفقها المؤتمر الوطني لمقابلة العمل العسكري المعارض، وشق وحدة الأحزاب، واستقطاب انتهازييها، وتزييف حقيقة مشروعه السياسي والديني لم تحمه. ولو أن الحزب الحاكم أنفق هذه الأموال في تنمية وسائل العمل الديموقراطي الحر لما قامت الثورة. على أن طبيعة الديكتاتورية تجافي هذا الافتراض. 12- استخدام مرجعية الدين، ودور العبادة والمظاهر الديني، تمثل سياسات مرحلية مهما ابتذل هذا الاستخدام. فسعي كثير من الناس إلى الحصول على الحاجة الخدمية، على المستوى الجمعي، أقوى من الالتزام بالحاجة الروحية. 13- في اللحظات المتأخرة من تدهور استقرار النظام، أو هيبته، يختفي اللاعبون الإقليميون والدوليون ويبدو واحدهم كأنه لا يرى، ولا يسمع، ولا يحس، استغاثة الحاكم الذي تحالفوا معه. أما حين يقلع الشعب حاكمه المتجبر فإنهم يتجنبون استضافته حتى لا يتحرج هؤلاء اللاعبون دبلوماسيا حين تبدأ الملاحقات القضائية. 14- التحالف الحقيقي للأنظمة الحاكمة ليس مفيدا مع الذين لديهم قدرات سياسية، واقتصادية، ومحلية، وإنما التحالف الجوهري، والفاعل، والمثمر، مع أفئدة وقلوب الشعب. الإسلاميون المتسلطون يعرفون ذلك، ولكن وجدوا أن مذاق السلطة أحلى من مذاق توطن الخلق الديني في ممارساتهم. 15- الدكتاتور وحاشيته يتسمون بالجبن دائما في لحظة الحقيقة. 16- في الآن الذي تقبض عليه الجماهير الثائرة يبدو رجل الأمن أضعف من النملة. 17- قوة الدفع الذاتية للثورة تأتي من الأخطاء المتراكمة في تعامل السلطة معها. ففعل أخرق ـ ولكنه متوقع ـ يمثل دبابات في يد الثوار، وأن كلمة مسيئة أو مستفزة ـ وهي إذ متوقعة من مستبد أشر ـ أفضل من آلاف المناشير لتحريض الشعب، وأجباره على مواجهة الدكتاتور. 18- الإنقاذ لا تختلف عن النازية، وربما تفوقها في بعد توظيف الدين، وتعلية سقوف الاستفادة من النهج العرقي، والاستخباراتي. 19- ثورة السودان أثبتت مرة ثانية أن إسلاميي الخارج يقصرون نيل الحرية والديموقراطية على جماعاتهم. أما غيرهم فلا يحق لإعلامهم أن يتناول أخبار القمع الذي يفعله عضو قطري ضمن تنظيمهم العالمي. 20- الإعلام الحكومي الذي تنفق عليه حكومة المؤتمر الوطني مليارات الدولارات انشلت حركته، وانتهي تأثيره بمجرد خروج المواطن إلى الشارع. وبالتالي يبقى الإعلاميون المصرون على عدم القفز من السفينة مجرد مزيفين لحقائق التظاهر، ويتكامل دورهم مع الأجهزة الأمنية. وبالتالي يصعب التفريق بين دور الكلاشنكوف والقلم.
|
تسلم يا صديق.
| |
|
|
|
|