دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Tragie Mustafa)
|
ابن خالي فيصل ياخت تراجي رقيق الحاشية حين تراه وجها لوجه .. اكبرمنه انا بما يقترب بعقد من الزمان واعرفه صغيرا ثم تاهت خطانا في عالم امتدت اطرافه وتشتت الاسر ولا نلتقي الا في زمان غير ذي ميعاد او عند ديار افتراضية كهذه وكذلك عادل و ابن اختنا عثمان صانعو كلمات مؤورقة جميلة .. ليس فينا كاسرة من عنف او قسوة او عنصرية لكن الحروف في لغة كثيرة البلاغة تعطي غير ما تبطن واحيانا تكون حادة وهي ليست كذلك ... و كلام مثل ذلك حاد دون قصد خير من نصل حاد في خاصرتنا اهل السودان من احتراب وظلم اخذ من اهلنا وبلادنا زادا كنا نوفره لغد في دارفور و الجنوب والشرق والشمال ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Tragie Mustafa)
|
ابن خالي فيصل ياخت تراجي رقيق الحاشية حين تراه وجها لوجه .. اكبرمنه انا بما يقترب بعقد من الزمان واعرفه صغيرا ثم تاهت خطانا في عالم امتدت اطرافه وتشتت الاسر ولا نلتقي الا في زمان غير ذي ميعاد او عند ديار افتراضية كهذه وكذلك عادل و ابن اختنا عثمان صانعو كلمات مؤورقة جميلة .. ليس فينا كاسرة من عنف او قسوة او عنصرية لكن الحروف في لغة كثيرة البلاغة تعطي غير ما تبطن واحيانا تكون حادة وهي ليست كذلك ... و كلام مثل ذلك حاد دون قصد خير من نصل حاد في خاصرتنا اهل السودان من احتراب وظلم اخذ من اهلنا وبلادنا زادا كنا نوفره لغد في دارفور و الجنوب والشرق والشمال ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
جزء من مقابلة مع الدكتور ادريس البنا ..عضو مجلس رأس الدولة ايام الفترة الانتقالية بجريدة الصحافة العدد رقم: 4645 بتاريخ 2006-05-14
Quote: - اخر مشاريعك الابداعية ؟! .....................................
في جانب اخر ابحث خلال هذه الفترة لعمل دراسة جديدة عن لغات الشمال مع بعضها البعض ، القديمة والحديثة ، الهيروغلوفية والمروية بصفة خاصة ، واللغة الهيروغلوفية وعلاقتها باللغات السامية ، ومن المرجعيات والمؤشرات الدالة الحجر الذي وجد في جزيرة عمكة قرب الشلال الثاني واخرجه الدكتور نجم الدين محمد شريف في احدي كتبه وتكلم عنه باللغة المروية ومكتوب عليه بالاحرف القبطية ، اضافة الى حروف (كبارة)عليه رحمة الله الذي كتب اللغة النوبية ، ولغة المحس ،والدناقله بالحروف القبطية حتي يري الناس العلاقة الموجودة بين هذه اللغات ..
|
http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147489614&bk=1
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: bushra suleiman)
|
واجتمعت اسرتي الصغيرة من ابناء خال وخالة واخت في ديار افتراضية حين شق علينا ان نجتمع في عمكة او كل ارض المليون .. يافيصل طه اخوك عمر طه كان قد بدا يكتب كلاما جميلا عن عمكة ولا اعرف هل اتمه ام لا ..ارجو - حيث انك علي مسافة جغرافية قريبة منه- ان تاتي منه بالخبر اليقين ... ويا اهل ديار بكري الافتراضية ان اردتم زواجا لابن اختي عثمان صالح فجمع من اخواله موجودون هنا معكم وعثمان عميق الفكر كلماته بديعة اثر ان يقترن بها لا بغيرها فقبلنا كلنا اسرته الصغيرة فاتركوه لا بداعه يغنيكم كثيرا عن طبل و زمر زواجه
معلومة : عمكة هي اسم للفخار الذي اشتهر به النوبيون والفراعنة قبل الاف السنيين .. الفخار المنقوش اللامع من رواسب رمل النيل ويسمي عمكة وقريتنا ونحن اسرة واحدة كانت عمكة ولنا في كل بيت من الدر الي دنقلا قريب وهكذا النوبيون كل النوبة قريتهم الكبيرة ووجعهم الاكبر
ودمتم ابوبكر سيداحمد http://thenubian.net[/B]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
سلام يا أبوبكر
أتحفتنا بتلك الذكريات الرائعة ، وأكيد فيصل سيطرب أكثر بجانب العقد الفريد من أبناء عمكة ،،،
أبتسمت إبتسامة عريضة حينما أشرت لمنادة الخالة فاطمة حسن (ووا فيسل) أبتسمت لأني قابلتها في الخريف الماضي بعقر دارها ووجدتها والدة تيفيض طيباً وكرما
وهنا عثمان صالح وهنا راكوبة شعبان قرناص
شابان قـرناصِـن( كـرّي) (1) البجعة الغـبـشاء ، الفـريدة مـن نـوعـها وحجـمـها الـراقـدة في سـكـيـنة ٍ مطمـئـنة ٍ و محـيّـرةٍ دون أن يطرفُ لها جـفـن حـتى في أوج هـبـوب " الكـتــّاحة" أو تـهـتـز لها أرياش عـندما يعـبـث بجـناحـيها ريح أو يغـشاهـا طائـفٌ من ضجـر لفـرط طول الـرقـدة التي إمتدت لعـقـود ٍ طويلة ٍ أمضـتها بلا طعام ٍ أوشراب دون أن تتحرك من مكانها قـيد أنـمـلة أو يُسـمَعُ لها صـوت أو تـتـمـلـمـلُ عـندما تعـبر أسـراب الـنمـل والفـئران مـن تحـتـها و تـتـسـلـقـها الجـنادب القـلـقـة مـسـتهـينة بوجودها، أو تمرض أو تـشـيخ وهي تحـتضـن بحرص ٍ بالغ ٍ بيضها الأثـري الذي لم يره أحد حـتى الآن والمـدفـون تحـت الـتـراب الكالح السواد في" اوروهـوش" عـلى مقـربة ٍ مـن مسـجـد القـرية (15) الـتي أبصـرتُ فـيها نور العالم لأول مرة ٍ، لاأحد يعـلــم عـلى وجه الدقة والتحـديد القاطع متى هـبطت إلى هـذا المكان ولـم إخـتارته أصلاً !.
لم تستمد "راكوبة" شابان قـرناص شهرتها التي طبـّـقـت الآفاق في سهـل البطانة وصارت معلماً بارزاً وعـنواناً معـروفاً يهـتدي بهـديه الغرباء الى القـرية(15) من وحدانية ٍ في الوجود أو ضخامة ٍ في الحجم أو وجاهة ٍ في المظهر. القـرية غاصه بالرواكـيب إلى حد" الشَرَق"، في " جـمي" و"عـمكه"، في الفـسحات العامة و أمام البيوت : راكوبة الجد قـرناص ، راكوبة شيخ القـرية شلك الكبير راكوبة حيّ الصين الشعبية، راكوبة أبد الله سادق، راكوبة مدثر قـُـلـُقــل، راكوبة مصطفي صالهـيـن، راكوبة هَـسَن أشوشه، راكوبة مهميد أهـميد خليل، راكوبة العمدة، ، راكوبة السُـني، راكوبة بُجّه، راكوبة أبد الله هـسن إبراهـيم ، راكوبة أستاذ قاسم اقلان، راكوبة المرحوم أبد القادر مهميد نور وغـيرها كُـثرٌ، وهـذا ماحـيّرني و دفـعـني لتقـصيّ تاريخ تشـييد" الراكوبة"! "الأعلام البارزة" وأصحاب الذاكرات" السنينة" والمشهـود لهم بحـفـظ سـجـّلات الأحـداث الكبرى عـن ظهر قـلب ـ في زمرتهم المالك الرمزي للراكوبة ـ والذين إستسلموا لمشـيئة المكـتـوب عـلى ألـواح الغـيب دون إعـتراض فـلم يهـجـروا القـرية مـذ جـلـبتهم قـاطرات الهجرة القـسرية إلى هذا المكان في مسـتهل الستينات ، يعودون بتاريخ تشـييـد الراكوبة إلى بدايات العقـد الثمانيني ويعـتبرونها إمتداداً طبيعياً" لنادي البرش" الذي ساهـم في تأسيسه في منتصف السبعينات شابان قـرناص وهَـسن فُـرُم، لكن غـياب الدقة في تحـديد تاريخ العام هـو ما جعـلـني أرتـاب كـثـيـراً في مصداقـية الرواية والرواة الذين سألتهم فـرداً فـرداً، أذكر منهم: (جدتي فانه هـسن مهيميد : الإبتسامة الخالدة التي تـفـعـل فـعـل " الشَـبْ" في عَـكـْرَة النفـوس، غـديرالحـنان الذي لايكـف لحظةً وحدةً عـن الجريان، طهره هـفـيظه : القامة الفارعة يرافـقـها نحول ألـيم، الوجه الذي يذكـّر الرائي بشباب ٍ كان عامراً بالجمال طمسـته الهـموم العضال وفـقـر الحال والغـياب المبكـّر لرفـيق الحياة الذي نافـسـتها في حـيازته ضرتان، مبارك مهميد اسمان : الهيبة المتعالـية داس عـليها حذاء الداء الفـتاك وهـو يجـرّهـا نحو القـبر جـّراً، هَـسـن اسمان : المزارع الفـيلسوف ومالك التراكـتور الروسي المتهالك ،عـمر دهـب : حكـيم الشفخانة العديمة النفع والبائسة بؤساً أفـقـدها مبررات وجودها منذ سنين، خالتي روحـيه : رمز المحـبة الصامتة والصامدة عـبر الزمن وضد الزمن، مثال المرأة الوفـية لأهـلها وزوجها و زريتها، السُـمرة المستطابة عـذ ّبها سعـير" الدوكة" و" الصاج" ودخان أحطاب السدر واللالوب المجـلـوبة من غابة " ساساريب" الواقعة على نهرعـطبره. قـروشي : " أباذر" قـريتي، المسـتوحّد في" قـطيته " الغريبة غـرابة الكلمة الشاذة في سياق جملة متجانسة العناصر، بحذاء الطاحونة في قـطاع " كلو هـوش " بعـمكه ،" الشِـبه المتشـرّد" في قـرية ٍ يمتلك فـيها الأهالي دون تمييز بيوتاً مُشـيـّدة من الأسمنت ( تـسـتـثـنى من هـذه القاعـدة : القـبائل البجاوية الرعـوية و الوافـدون من مناطق أخرى من السودان واللاجـئون من الحبشة وارتريا والمهاجرون من تشاد، و الذين يفـدون إلى المشروع الزراعي بحـثـاً عـن العمل و لقـمة العـيـش ، خديجة محجوب قـرناص : ( العُـمـلة النادرة) التي لايصيبها صدأ ولايغشاها زيف، العمرالموهـوب لسعادة الآخرين. مهـميد أهـميد خليل : المزارع ، السمّـاكي وبائع البطيخ والشمام، ينطق اللغة العربية كما يروق له ولا يكترث لقـواعـدها على الإطلاق، ديمقـراطيٌ بالفـطرة السلـيمة في علاقاته الحـبيّة مع أبنائه الذين يوقـرونه كما يجـب. مُعْـنـّي ذاد المعاد : الأديـب الخجـول الضائع المسجون في عالم شخوص مسرحه الخاص ( لم يغـيَر حتى الآن من صرعة" الشعر الكـث" التي كانت رائجة في منتصف السبعينات). أنـّاو زينب شريفه وشقـيقـتها نفـيسه كديس: توأمتان تنسج أخـيـلة الناس عـنهما وعـن بنت عـمتي ناجده هانم سَفـوره التي مات توأمها في أشهـر الرضاعة الأولي حكايات مرعـبة يتهـم فـيها أهالي القـرية أرواح النسوة الثلاث بالإستحالة إلى قـطط سيامية بعد منتصف الليل. ويحكي الذين يسرقـهـم الوقـت وهـم يتسامرون في راكوبة" شابان" أو يحـتسـون الخمرة في ميدان كرة القـدم أو الذين يرغـمهم جفاف في الحلق أو رغـبة ملحّة في قـضاء حاجة طبيعـية عـلى الإسـتيقاظ مـن النوم، أن الأرواح الأنثوية التي تتـقـمص هـيئات القـطط تطوف ببيوت القـرية بيتاً بيتاً وهي تتمخطر فـوق الأسوار وترمـق الـنائمـين في باحات الدور بعـيون ٍ يتطاير منها شـرر حـقـيقي يكاد يحـرق أطراف الملاءات المتهدّلة من الأسـرّة ، وأن صوفـها يكون منفـوشاً ومُـثـاراً وحاد الأطراف كالأشـواك التي تغـطي أجسام القـنافـذ وأن ضخامة رؤوسـها غـير طبيعـية مـقـارنةً بـرؤوس القـطط المنزلية والخـلـوية ، وأن أزيالها التي يتعدى طول الواحـد منها المتر تكون منتصبةً في الجـّو" كـسـياط العـنج "، وأن المواء الذي تصدره ـ مبرزةً أنياباً بطول " المَسلاّت" ـ وحـشيٌ و شريرٌ تقـشعـر له الأبدان. أستاذ سليمان موندو : وهـب للقـرية سني شبابه و كل ما يملك دون أن يطلب أجراً أو ثناء . مَحمَه كُـدُود : صاحب ( الشارب الأسطوري" الماكِـن") وكأنه ينحدر من سلالة تركـمانية ، ملك الطرائف التي تجعل حتى الآلهة العبوسة تفـقـد وقارها و تـنـسى إكـتـئابها وتـقـهـقـه في إنـتشاء . طه حسين بيرم : الصوفي الذاهـد، حَجّـو مهميد نور: المرأة الوديعة ، شهـيدة القـسـوة الذكورية التي لاترحم حتى نساء العائلة. حنان عبد الله صادق : الذكاء الفـذ والنشاط المتفجر وقـوة الشخصية : مفـخـرةٌ تـزيـّن هامات نساء عائـلـتي . دَكـه فـُـلـّه : المزارع الذي ينطوي قـفـصه الصدري البارز الأضلاع عـلى روح متيـّمة بالغناء والرقـص إلى حد الوله الصوفي، صاحـب الأنامـل السحـرية وهي تـوقـّع عـلى" الطار" المشـدود الجـلـد وكأن الأنامـل والطار عاشـقـان إتحدا في حالة غـرام ٍ مكـشـوف وهـيام ٍ عارم ومناجاة ٍ شـفـيفة ( يري الناظرون" دكه فـله " وهـو يودّع بإبتسامـته الشاحـبة المخمورة صفـوف الراقـصين والراقـصات في الحـلـقة المغـمـورة" بالعَجَاجة " وأضواء" الرتاين" المعـلّـقـة عـلى أعـواد خشـبـية، ثم يتلاشى بجـلـبابه الأبيض وخصلات شعـره الذي غـزاه الشيب قـبل الأوان ويذوب كليةً في دائرة الطار العاشق الولهان الذي يسـتمـر وحده في إصدار الإيقاعات دون أن تمسسه يد، ثم يتعالى بخورالإيقاعات السماوية رويداً رويدا قـبل أن ينـتـزع العالم المبهور من صنيع الطار المسحور ويقـتـلعـه مـن جـذوره إقـتلاعاً وهـو يطير بالناس والأنعام والحواشات ليستمر الحفـل في عـرصات السماء ثم يعـود العالم إلى سهل البطانة ـ مبحراً داخل" مركـبة الطار" ــ بعد شروق الشمس) ، ذلك الفـنان الضئيل الجـسـم تكاد تـزدريه الأبصار، يفـسـد غـيابه كليةً طعـم الأعـراس والمناسبات السعـيدة ، عـمتي هانـُم سـفـوره : نقاء السريرة في أجـّل معانيها، المرأة الصبورة ، لم تكسر رماحها عاديات الدهـر ونوائبه التي تكالبت عـليها منذ الصبى الباكر. جـدي إبراهـيم سادق : أسـطورة سـوف يفـرد لها يـراع الزمان ، ذات يوم ، سفـراً مستقلاً لاحصر لأبوابه . مهميد أربا: صاحب الكـنتين اليتيم في قـطاع " اوروهـوش" بعـمـكه ، دياب : الجزّار الوحيد بالقـرية، الغريب الذي ألـف الناس وألـفـوه فـلم يشتهي العودة إلى أهـله بدنقلا حتى فارق الحياة وهـو أعـزب مسـن ، دقّـو : المزارع القـزم ، مالك اللوري الفـحـل الذي تخصّص منذ السنوات الأولى للهجرة في فـتح السكة وتمهيدها أمام باقي السـيارات الصغيرة أثناء فـصل الخريف، عـندما تضيق البطانة ذرعاً بقاطنيها ـ بجةً ونوبيين وشكرية ـ بعد إصابة عـقـلها بجنون المـطرالذي لايتوقـف عـن الهـطول لأكثر من يوم ٍ كامل ٍ في كثير من الأحيان، عـندها يصير وحل الأرض على أشده وتغوص بيوت القـرية المشـيـّدة من " بلوكات " الأسمنت وسط البرك والمجاري وتنعزل تماماً عـن العالم الخارجي ويصبح الخـروج إلى الشارع معاناة حقـيقـية إن لم تكن مغامرة، فـيضطر الناس لرصف الطوب أو البلوكات والقـفـز من فـوقها عـند إنتقالهم من مكان ٍ إلى آخر، وتسبح العقارب في المياه الطينية السائلة ويتعـفـن قـلب التربة مصدراً روائح لا تحـتملها الأنوف هي مـزيج نـتـن مـن ركام الأوساخ و روث البهائم و الجذور الميتة و فـضلات الكلاب و الضفادع والجنادب وفـئران أم سيسي العملاقة التي تتغذى على الفـول السوداني والبامبي( تهاب ضخامتها القـطط) ولايجد الناس مفـراً من الإعـتكاف الـُمـمّـل في البيوت ـ ريثما تشفي السماء غـلـيـلها فـترتاح بعض الشيء ـ وهـم يتدفأون بمديدة الحلبة أو قـطع السـلاّبيـّة (2) مع اللبن الساخن أوالكابيدة(3) مع السمن البلدي أو السُـونـَـرّي(4)، ويحـتسـون الشاي مع قـطع القـرقـوش وهـم يثـرثـرون في أسى و يسـتعـيدون ذكريات وطنهم الذي لم يكن يعرف قـساوة الأمطار ، مهميد كوكو: المزارع والعامـل بشركة الكهرباء ، صاحب الصوت الجهـوري، والطـرفـة الحاضرة والتعلـيقـات الساخرة يفـرُ من لسع سياطها المدهـونة بالزيت صغيرالقـريـة وكبيرها عـلى حد ٍ سواء، تـُسْـمَعث قـهـقـهـته المارديـة المجلجلة بوضوح من عـلى بعد مسافات وترتعـش لحضورها الطاغي فـرائص الهواء ، هـسن اشوشه : ملاك الرحمة في القـرية، المساعد الطـبي المتواضع الذي أنقـذت شهامته وخبرته في مجال الطبابة العشرات من خطر الموت المؤكد ، يوسف قـوشكـو: المزارع الناجح، غـفـير المدرسة الثانوية العامة للبنين ، المحب للهزل ، بئر الحكايات الملفـقة التي يستطيبها الناس في جلسات السمر والمآتم دون أن يصدقـها أحد. أبد الله شلك : الذاهـل في يأسه من الحياة ، المستغرق في خمرياته العـبثـيـةوغـيـبوبته المستدامة ، جدتي كـيـو: الخجولة المنطوية على نفـسها في أحد اركان بيتها المتواضع تتقاسمه مع آخرين كثر، لم أسمع صوتها حتى إرتحلت إلى السماء ( لست واثقاً الآن مما إذا كانت جدتي كـيو قـد ولدت بكماء أم لا). أستاذ أبد الهليم قـرناص : صاحب القـلب الكبير، في نظرته للدنيا حزنٌ مدسوسْ، يقـدّس خـالته فانه هـسن مهميد ويبرّها لأنها رعـته هـو وإخوته وعـوضتهم عـن غـياب والدتهم التي إنـتـزعـها مـلك المـوت وهي في ريعان الشباب، تجده حاضراً ومبتسماً أمامك كلما تذكرته أوإحتجت إلي عـونه في شأن، منظمٌ بارعٌ للحـفـلات في أعـراس عـمكه وناشط إجتماعـياً دون أن ينتمي إلى حزب سياسي. سرّي اسمان صادق : حـيـويّة متدفـقـة وروحٌ لاتسـتكـين إلى الخلود في مكان ثابت، المنافـس الأول لمهمد كوكو في كل ما أحـصيت للأخير من صفات فـيما عـدا الضحكة المجلجلة والبنية البدنية : بدانة كوكو يقابلها هـزال سرّي ، أستاذ زكريا: المعلم الهميم البار بأهـله وعشيرته، يوزع عليهم التحايا في الأصائل دون أن يمل أويكل، لكنه يفضل اللغة العربية على لغته الأم. ازيزيده : مأساة من مآسي"اوروهـوش"، جنت الأقـدار على أنوثتها فأورثتها ساقاً عـرجاء صرفـت عـنها قـلوب العشاق وأعـين الخُطّـاب إلى أبد الآبدين، اسمان شلك : من سلالة بيت العمودية الحاكم في عمكة ، " تسـطر جبين" الزمان فجأةً ، دون سابق إنذار، فـتبددت أيام العز والسؤدد و تبقى اللقـب حائراً وُمعـلـّـقـاً في سماء القـرية مجرّداً من الأبهّة القـديمة و مسلوبة منه ـ دون مقاومـة تذكرـ نـِعَـم الإمتيازات، فـتوجـّب عـليه أن" ينكري" مثل بقـية الخلائق في" فـرنه" التاريخي حيث يعمل تحت إشراف إبنه ساوي شباب من الوافـدين أشهرهم اسمان شابان اللاجيء اللأرتري الجنسية، وصل إلى القـرية في أوائل الثمانينات فاراً بجـلـده مـن جحـيم معسـكـر لاجـئـيـن أقـيم عـلى مقـربة مـن خـزان"خشم القـربة"، كان مستوحداً و ضائعاً يفـتش عـن لـقـمة العيـش الشـريف والإنسانية المفـقـودة فـتبناه شابان قـرناص وأشركه في زراعة الحواشة التي يمتلكها في حزمة الحواشات التي يُطلق عليها إسم " الأملاك"، مما جعل الناس ينسـون إسم والده وعائلته وينادونه بإسمه الأول ملحقـيـن به إسم أبيه الروحي شابان، كادح وصبور ، طيب القـلب ومسالم ، مثقـف ونموذجي في سلوكه ، يحب أهـل القـرية و الخمرة واللغة الإنجليزية والمواضيع السياسية ، مهمود بسيوني : صديق جدي أهـمد طه ومن أفـراد صفـوته وعصبته الأثيرة التي ينتظم في عـقـدها مهمد كوكو وهـسن سعيد ، المشرف على أمر تشغيل وصيانة صهريج المياه الكائن خلف المقابر ، محبوبٌ من الكل ، ترتاح لصوته وحديثه النابع من القـلب حتى وهـو يثأثيء عـند نطق الكلمات ، هـسن سادق : الصوت الهاديء النبرة و الحضور الذي لايكاد يُحسُ لكـنه عـذبٌ وأنيقْ ، مهمود جريمه: إسمٌ على غـير مسمى ، من الذين ينسربون إلى قـلوب الناس دون إسـتئذان، صانع المـواقـف الطريفة التي ما أنزل الله بها مـن سـلطان ، تكاد الضحكة تخنقـني وأنا استعيد بعضاً من مشاهـده الغرائبية وهـو يقـتحم، في أواخر السبعينات، ساحة عـرس بعربة اللاندروف التابعة لمصلحة الـري حـيث يعـمـل ، فإضـطربـت صفـوفالراقـصين وفـرّ الناس من أمام العربة التي فـقـدت عـقـلها من تأثـير الخمرة البلدية، وولـولـت النساء في جزع وهـن يطلقـن صيحات " إبيّه إ بيـّو، إ بيّه مهمود جريمه إبيّو"، ومقالبه العديدة المشهورة لندمائه المتطفـلـيـن على" قـنينة العرق" التي يحرص على سلامتها أكثر مما يحرصعـلى سلامة روحه ، طيب المعـشـر وكريم في كل شيء ما عـدا الصهـباء). عـزوتُ الإضطرابَ الملحوظ في تحـديد عام إنشاء الراكـوبة إلى أمـنـيـزيا جـماعـية ربـما تكـون أصابت ذاكرات هـؤلاء المهجـّرين بالقـوة إلى بـقـعة مـوبـؤة بالأمراض المستوطنة تنبت سـويّـاً مع الحشائش والقـمح والأقـطان وتسيل من السماء وتهـب مع الهمبريب وتنطبع على الشـراشـف مع ذرات الغبار. الوحيد الذي كانت إجابته مـفارقـة للرواية المتداولة حول نشأة الراكوبة كان أبد الرهـمـن كـتـّي.
كانت تربطني بأبد الرهـمن وأسرته مودّة حـمـيمة صـلـّبت عـود القـرابة التي تربطننا وأكسـبتها نكهةً متميزة. ذات أصيل سألته عـن" الراكوبة " ونحـن نحـتـسي الشاي المخـلـوط بلـبـن الماعـز الذي أعـدته زوجـته بدوية، أمام منزله الكائن في آخر" مربوع " في " اوروهـوش" ، تظلـنا شجرة اللبخ الكبيرة التي غـرسـت في السـنوات الاولى للهجرة. وعـندما أفـضيت إليه بشكوكي في مصداقـية الرواية المتدوالة عن الراكوبة، إبتسم وهـو ينحني ليرتشف جرعة من الشاي الساخن ثم قال: أنت في منزلة ولدي هـواري و لك عندي معزّة خاصة ، ولذلك سأخبرك بالحقـيقة التي يعرفها قـلة. هـذه الراكوبة جـلـب المرحوم محجوب قـرناص أعـوادها وبوصها على ظهر لوري حملها من"عـمكة الأم" عـندما هُجـّرنا من هـناك، وورثها مفككة إبنه البكري" شابان"، لكن لاأحد يعلـم بالتحديد متي شيدت ومن شيدها ، إستيقـظنا ذات صباح بعيد لايتذكره أيّ من شهود الحدث و وجدنا الراكوبة في المكان الذي تراها فـيه الآن، منسوبةً إلى إسم مالك الأعـواد والبوص. هـذه الراكوبة التي تبدو عاديّـةً في مظهرها الخارجي أعـتقـد ـ والعلم عـند الله ـ أنها مسحورة. ألم تلحظ كيف يتقاطر عـليها الناس من عـمكه وجـمي تاركـين" راوكـيـبهم" مـتـزاحـمـيـن على" بروشها" القـديمة. حتى الغرباء وعابرو السبيل لايرتاحون إلا تحت ظلها ، و يفـضلون بروشها المـتهـتـكة على ألحفـة زاوية المسجد المريحة وأبسطة صندكـتي( المفـرد: صندكه) (5) جمي عـندما يضطرون للمبيت بالقـرية؟. أومأت برأسي علامة الموافـقة ، فـواصل : ألم يثر إهـتمامك مصدر الصواني العامرة بالأكـل في أوقات الوجـبات الثلاث؟ من يبعث بتلك الصواني ومن يأتي بها إلى الراكوبة ومن يعـيدها عـندما تفـرغ أطباقـها وإلى أين؟ لم ينتظر إجابتي بل ثابر على إمتحان قـدرتي عـلى الملاحظة أعـواد الراكوبة ألم تلحظ صلابتها و" البوص" الذي يظللها و يسـّورهـا ألـم تلفـت إنتباهـك غـرابة ملمسه ومقاومـته العنيدة للأمطار والرياح ؟ ألأتـشـتم فـي الراكوبة رائحة النيل الثائر في أشهر الدميرة وأطـيان الجروف المشتولة بالكرشقـيق(6) والقـمشة والعدسي والبرسـيم والمَري (7 ) ، تلك الجروف التي طمرنا فـيها أرواحنا المنتحبة قـبل أن تغـطيها مياه السد العالي إلى الآبد ثم هُجـّرنا إلى هـذا السـهـل بأجساد ٍ كالـبـوص الـمـنخـورْ ؟ كـنت مذهـولاً أتطلع إليه بعيون طفـل ٍ ما يزال يتحسس تضاريس العالم بأصابع ٍ مترددةٍ وخجلى. رماني بنظرة دالةٍ وهـو يخـتـتم الإمتحان العـسـير بسؤال عـويص ٍ وجامع : هـل رأيت الراكوبة تصانُ في يوم من الأيام؟؟؟ ..... فـصلت بيننا فـترة صمت بليغ ، نادته إحدى بناته لأمر ٍ ما فإسـتأذن قـبل أن يكمل السـرد واعـداً بالمواصلة في أصيل اليوم التالي . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هامش : (1) شابان قـرناصن كرّي ( لغة نوبية) : راكوبة شعبان قـرناص . (2) سلاّبـيـّه : ( لغة نوبية) : رقائق تصنع من عـجين القـمح . (3) كابيدة : ( لغة نوبية) : أقـراص سميكة تصنع من عجين القـمح ( القـرّاصة). (4) سُو نرّي : ( لغة نوبية): اللبن الحامض. (5) صندكة : مفـردة أظنها وفـدت مع الأتراك والله أعلم، بناية من الخشب يجـتـمع فـيها الرجال للسمر وتقام فـيها المآتم . (6) كشرقـيق : ( لغة نوبية ) : اللوبياء . (7) مَري: ( لغة نوبية) : عـيش الريف . ـــــــــــــــــــــــــــ عثمان محمد صالح اسمان مهيميد ساله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: ولياب)
|
شاكر لك قريبي ولياب فلقد اتحفتني بما لم اقراؤة لعثمان .. خالتي فاطمة حسن وزوجة خالي احمد طه - هكذا نحن في عبكة تتشابك الاطراف فلا يمكن ان تكون ام اي واحد منا الا هي امنا كلنا انا وعمر وفيصل وشابان وكل جيلنا من ابناء عمكة .. فاطنة حرم ادريس او فاطنة حسن محمد لم اراها مطلقا الا باسمة متفائلة بشوشة .. شابان قرناص والده المرحوم ابن عمتي كان له صوتا اسرا جميلا يؤذن به الصلوات الخمس منذ ان عرفناه حتي ذهب من الفانية ووالدته خالتي شقيقة فاطمة حسن ذهبت وهي في عنفوان شبابها وشابان مازال صغيرا لم يتجاوز سن المراهقة حينها او لم يصلها .. شعبان اسطوري التكوين تعجز ان تعرف هل هو شاب او كهل او عجوز .. انه شعبان خلقنا ووجدناه هكذا في جميع مراحل عمره وعمري وهو يكبرني انا وعبدالحليم وعبدالحميد صالحيين بثلاث سنوات ( خرجنا الي الدنبا في شهر واحد وخرج شعبان وشقيقي احمد في اسبوع واحد هكذا قالت فاطمة حسن ووالدتي فاطمة محمد طه ).. كان شابان يبدو لي وانا لصيق به في مراحل حياة مختلفة قبل عقود اربع شخص من عالم هلامي لا هم له محدد وفي بعض الاحيان عبقريا يعرف ما لا اعرفه وبعض الاوقات حكيما متزنا .. حيرني شابان كما حير اوسمان فلم نجد الا ان نكتب عنه فهو من اساطيرنا النوبية كما كان المرحوم خالي احمد طه اسطورة في نظري لم اعرف شخصا ملكي الطبع والهوية ٌ Royal مثله لليوم وانا علي اعتاب الستيين
ودمتم ابوبكر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
عزيزي فيصل ..وفي ذكر الكاوي في عبكة هاك بعض مما وثقه صديقي عبد الفضيل كما سمي نفسه الاستاذ ريتشارد لوبان استاذ الانثروبولوجيا والدراسات الافريقية بجامعة رودس ولقد زار والدتي منذ عاميين وهو عليم بالنوبة وعبكة : ABKA ABKAN :=ABKA is a Neolithic site in lower Nubia that gives its archaeological name to an archaeological horizon. It represents an early case of a Nubian pottery tradition that me be just prior to the A-Group. Abkan peoples may descend from the Mesolithic Qadam tradition (12,000-9000 BCE) since they share similar stone tool technology in the same region. Commonly, both had grinding stones for processing wild grains and flaked microlithic boring and grooving tools. While the Qadam peoples did not have a pottery of the Abkan people a stylistically distinguished from the contemporary Khartoum Mesolithic with its wavy-line patterns. The smooth finishes for Abkan pottery suggests that they were forerunners of the A-Group tradition. The site at Abka known for numerous petroglyphs of regional wild fauna, including what appear to be giraffes, ibexes, ostriches, and gazelles. The Scandinavian Expedition to Sudanese Nubia closely studied these petroglyphs. Circumstantial evidence exists that links the makers of the petroglyphs to the Abkan pottery tradition. Typical of those times are eggshell, bone, and oyster shell beads
وهذا تفسيير لكثير مما كان في عبكة من كاوي ورسومات لحيوانات استوائية علي الحجارة ..الخ
ابوبكر 16 مايو 2006
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
المهندس ابوبكر كلام الأركيولجست ريتشارد أكثر من رائع وقد أجاب علي إستفسارات كثيرة - يديك العافية وقد الحقتة ملفي النوبي فورا .
بخليك مع الفكشن التحفة دية للزول العبكاوي عثمان محمد صالح
الزائرة ذات السحنة الامازونية
طلسم الطلاسم , وقود لمدفأة الروح في لا نهائية صقيع سلافي تجمدت اطرافة من البرد وشاح مطرز ومقفي بهواجس غجر متجولين بمركبات معبأة بلعنات قرون , نكبــــــة مزارع تبغ لأتراك مستضعفين صادر هوس الشمولية بالنقاء العرقي أسماءهم وهويات شواهد قبور أسلافهم فاستردوها بعد هجرة إلي أنقرة واسطنبول وعودة مفجوعة إلي ديار بيعت علي عجل , تــــية منبوذات من أقاصي الريف , معاناة عاملات بناء ورعــــاة , أغنام ضامرة البطون وعاطلون عن العمل في ظل حدائق لا تمل من مسابقات في الثرثرة ولعبة الشطرنج , حـــيرة كتاب مؤرقين وشعراء أفذاذ بملابس رثه وكهول علي قارعة الطريق في عصر إقتصاد السوق .
سرب عصافير تســـترخي مناقيرها المطلية بالجوع علي قنطرة في ضحي مبلول بحيرة البانجيرو ملتهبة – تحت فرو جليد سميك بأنفاس قوارب عشاق نيـــــام ( البحيرة لا القوارب كانت هي المعقودة برموش توق – إلي مقلة مسبلة لشط في إنتظار صيف شريد ) رنة أجراس كنائس خالية من المصلين في سكون آحاد , غطاء وسادة مغسول برماد هلال صخرة مغمورة بشلال أسي , صــالة خريستو بوتيف في قلب المدينة الجامعية بصوفيا مشتعلة بحريق غناء , مصعد طائر بكهرباء ضحكاتنا الطليقة – قطعنا سيرا علي الأقدام مسيرة أربعة ساعات في أحراش بصل وتوت بري – إلي قمة جبل فينوشا قبيل مغيب , محطة موستوفيا التي خلفنا فيها بص جبلي , ثم تيهنا قرابة الساعتين بلا مظلات تحت دفقات مطر باحثين في طرقات لولبية عن منتجع مناسب للمبيت , دوران عجلات ذلك القطار المسافر إلي قرية بانافوتشة السياحية ونحن نعدو كالمجاذيب من صالة الإنتظار ونلحق به وهو يغلق أبوابة , أنياب ثلج متكلس هابط من حلق مغارة باي كيرو التي آوت الإنسان الأول في تلك الجهات أضواء كهارب تضئ وتعتم فيما يشبه حلم متقطع كاشفة أمام أفواج السياح معالم أسوار قلعة المدينة القديمة في بلاستو , إلتفاتة مقصورات قطار مشدوه نحو كوخ معلق بخيوط الصمدية فوق صخرة ناتئة من صخور إستار بلاكيا , شبح إنتظاري لأوبتها المتشحة بالبخار المجهد من دروس اللغة الإنجليزية في أنصاف ليالي شتاء – بنطال جينز مسهوك اللون وسترة مبرقعة وشال عتيق وسيجارة عمالية لا تنطفئ , عند أخر محطة للبص رقم 313 في حي ملادوست بصوفيا هبوطها من جوف البص النعسان وغيابها في تلافيف بسمة المنتظر لسنوات ضوئية علي مقعد خشبي صبور وذوبانها بلا مشقة في دفء جليد متيم كأخر عشيقين في تاريخ المحبة المستوحشة المقرورة .
كانت عذوبة مذاق بلقاني عجيب ثم إنسحبت ميلينا من حياتي بهدوء مثلما دخلتها بهدوء ذات ظهيرة صائفة ومقلة في الكلام تتنزه برفقة كلب ممراح في الخلاء الرابط حيى الدرفسينا وملادوست
كنت في مطلع العشرينات أجتاز المسافة المعشوشبة متعجلا الوصول إلي المدينة الجامعية , لمحت الظهيرة الوديعة الطبع فتخليت عن المدينة الجامعية وتنزهنا طويلا بين جسرين في طور التشييد وبساتين تفاح وكرز , كانت لغتي البلغارية وقتها ركيكة وفقيرة , أجهدنا التجوال وأخجلني الكلام العسير باللغة الغريبة فإسترحنا علي حجرين متباعدين مغروسين عميقا في نجيل كثيف , التحم الحجران حال جلوسنا وظلا يتهامسان ويتناجيان في العتمة الموحشة بعد مغادرتنا للمكان . إنسحبت ميلينا من حياتي بسبب أحلامي , كنت طوال الأعوام الثلاثة الأخيرة من تسعينات القرن الماضي مشغولا في أحلامي بامرأة خلاف من تقاسمني ذاد المحبة والإحترام , كانــــــت ملينا علي دراية تامة بدقائق ما يدور في دهاليز احلامي وتحفظ كل شاردة وواردة عن غريمتها تلك التي لم ترها ولا لمرة في حياتها , إسمها , ملامح وجهها , صبـــغة شعرها , هندسة جســــــدها الفذ , رائحة عطرها المفضل , ضوع أنفاسها الحارقة , نبرة صوتها المهدئ للأعصاب , لون حقيبتها اليدوية المصنوعة من جلد الأوناكوندو و الوشم الغامض المزين لكتفيها , التحدي المستفز في نقرات كعب حذائها العالي علي بلاط ناعس , الشبق الشيطاني الراشح من التفاتها المدروسة , سلطان بسمتها المشفرة , مفعول صمتها المفاجئ تتوسل به لفت انتباهي لحضورها في شاشة ذهني , أعقاب السجائر المصبوغة بطلاء شفتيها , بربرية اظافرها , المواقيت الثابتة التي الفت زيارتي فيها ممزقة استار الظلام بحريتها الأمازونية , نوع الشباك التي تجيد نصبها والحيل الماكرة التي تجيد حبكها واستخدامها لاحداث الوقيعة بيني وملينا , عبارات الاطراء التي تستطيب سماعها ونحن متشابكي اصابع الاحلام الي ذروة جبل البهجة في سكون الليل المهدهد في حجر شبة جزيرة البلقان
لم تكن غريمة ملينا تجسيما ذهنيا يراودني في المنام لنسوة تركن بصماتا حانية علي صفحات سجلي ومضين إلي الأبد وحدها الصدفة هي التي قيضت لي لقاءها في مقهي مزدحم بالرواد في سنتر صوفيا تبادلنا في اللقاء القصير حديثا فاترا عن المدينة والطقس ثم بدأ مارثون الملاحقة الليلية الذي دام ثلاثة اعوام بلا انقطاع أيقظتني ملينا ذات صبـــــاح , فركت عيني فإذا بالسرير طاف علي طود عائم في بحيرة دموع وحقيبة ملابس ملينا تجدف في إتجاه باب الشقة المخلوع بقوة الأمواج .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
قيصل .. اما آن لعثمان ان يلملم روائعه المبعثرة هنا وهناك في مخطوط يقراؤه العالم .. هل نترك هذا الابداع مبعثرا ربما تهب عليه رياح او كتاحة فيفقدها العالم ... تفاكر مع عمر لنري ماذا نفعل ... معلوماتي عن عثمان حيث تركته يافعا قليلة ولكنني اعرف روعة حروفه ...يجب ان يعرف العالم هذا الابداع ويخطو عثمان الي ما يستحقه من بهاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: bushra suleiman)
|
اسماء عبكوكية العبكوكي الذي شاركه رئيس الولايات المتحدة الامريكية الاستشفاء في اهم مستشفيات امريكا خضر محمد احمد علي شريف .. والده المرحوم محمد احمد علي شريف حفيد شريف عبكة من الولياب .. اختار خدر ان يقرن اسمه بذلك الشريف في سبعينات القرن الماضي فصار خضر الشريف اما عندنا اهله فهو خدر ابككي عبككي ... في صغري وففي الفترة التي سبقت سفري مع اسرتي الي كوستي عام 55 وانا د ون السابعة من العمر كنت صديقا لهو كان يتراي لي كذلك ..كان ياتي في اجازاته دائما في الشتاء ولذا كان يلبس بالطو اسودا جميلا علي جلباب ابيض ... كنت معجبا بطوله وهو ليس بطويل كما اكتشفت عندما كبرت انما انا كنت قصيرا و شبه لي انه طويل في قفطانه الاسود ...كان منزلهم بحساب ذلك الزمن بعيدا عن منزلنا فالبيت الذي لا يجاور فهو بعيد في القرية او هذا ما كنت احسب ولكنه عندما ياتي في اجازته ولم اكن اعرف ماذا يعمل واين ولكن كان ياتي الينا فا صحبه مسرورا لبعض الوقت .. كان عجزي في ان ارطن ربما هو سبب الصحابة فلقد كان يتحدث معي بلغة افهمها حينئذ ... وفي الخرطوم وانا دون العاشرة وجدته في بيت واحد مع خالي محمود ربما كان في الخرطوم ثلاث او بجواره لكنه كان يقرا كثيرا وغرفته مليئة بالمجلات والكتب وكان ذاك يستهويني فظننت انه اعلم الناس ... محمود حبب الي قراة المجلات المصرية فقد كان ياتي باعداد منها وهو عائد من العمل وخدر ابوككي كان كذلك بالاضافة الي كتب كثيرة لم اكن اقرب منها .... بقيت صورة الانسان الانيق القارئ في مخيلتي حتي بعد ان كبرت وكنت ازوره لماما في اوقات بعيدة مع التجاني فلقد كان التجاني ان استولي علي صحابتي له ( كما خيل الي) فصار هو صاحبه فكنا نزوره في منزل انيق في السكة حديد ثم المنزل رقم 13 مقابل داخلية بحر الغزال في اواخر الستينات وصار البيت فيما بعد مكتبا لقسم تسمين الماشية بادارة المراعي .... خدر كثير الاهتمام بنفسه ومنظره العام .. اول مرة اعرف ان هنالك سيارة تسمي اودي عندما رايته مرة وانا مهندس خريج وهو يقف بجانب سيارة لم اري شبيها لها حمراء فسالته عنها فقال بخيلاء انها " اودي .. الوحيدة في السودان وربما كل افريقيا " .... اتذكر له مكتبا في نفس الطابف في عمارة ابو العلا الجديدة التي كان فيها مكتب اي سي اي او الشركة الوطنية للكيماويات وفيها خالي محمود والمرحوم ميرغني محجوب ود.محمد حسين فيما بعد .... علمت انه سكن العمارات لكنني لم اذهب الي هناك الا مع محمود خالي مرة في عيد ما ووجدت زحمة من الاهل فانزويت في مقعد بعيد ثم خرجت ...كنت اسمع انه رجل اعمال ولكن لا اعرف ايه اعمال فهو في نظري الرجل الانيق خدر ابوككي ... ولم اسمع عنه او منه بعد مغادرتي السودان في 77 الا في عام 84 وانا في كيسومو علي بحيرة فيكتوريا وعند خط الاستواء ازور التجاني حين كان يعمل مع وينروك الامريكية ...سمعت جرس الهاتف فرفعته فاتي صوته " انا خضر " لم اعرفه فحسبته من زملاء التجاني لكنه ردد الاسم وسال عن الوالدة وهي كانت معنا هناك فعرفت انه خدر ابوككي ..سالني من انت؟ فعرفته بنفسي ( انه الزمن كنت احسبه صاحبي وانا صغير وهو الان يسالني عن اسمي وانا في العقد الثالث حينئذ ومتزوج ) تبادلنا بعض الكلمات ثم سالني فجأة " انا راقد في مستشفي ( اسم لمستشفي شهير في امريكا) .. تعرف جاري منو ؟ " تلعثمت فانا في تلك اللحظة كان اهتمامي المباشر هو صحته ولماذا هو في المستشفي وفي امريكا ولكنه كرر السؤال فاجبته بانني لا اعرف .. قال " ريجان ! " كان ريجان في ذاك الزمان اما ما زال رئيسا لامريكا او انتهت فترته لتوها .. اتت الوالدة فسلمتها الهاتف فصارت تتحدث معه وذهبت وانا في عجب من خدر ابوككي يحب ان يكون متفردا في حبه لذاته واهتمامه بها وبمكانة وضعها لنفسه حتي وهو مريض .. وهو اول عبكوكي ينال رئيس الولايات المتحدة الامريكية شرف العلاج معه في اهم مستشفيات العالم وبماله .... انه من عبكة وابوككي وكفي .... ابوبكر سيداحمد مايو 2006
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: bushra suleiman)
|
الأخ ابوبكر وبشري سليمان - أسعد الله مساءكم بكل الخير
وبمناسبة الزمن الجميل والزعيم خضر الشريف أقتطف لكم من ملف عبكة الخاص بي بعضا من الأسماء اللامعة التي ساهمت بجهد وافر في حركة التعليم والخدمة المدنية في السودان
ولعبكة الصغيرة إشراقات رائعة مع شقيقاتها الأخريات بوادي حلفا في رفد الخدمة المدنية السودانية بكفاءات مهنية وتعليمية عالية الهمة منذ ان عرفت منطقة وادي حلفا مسيرة التعليم قبل نحو مائة عام تقريبا وتسعفني الذاكرة الخربة بالأسماء اللامعة التالية من الجيل الذهبي لأبناء عبكة - للراحلين منهم الرحمة والمغفرة .
المرحوم الوالد / خليل محمد خليل ( رائد التعليم الأولي في المنطقة ) المرحوم الأستاذ / ميرغني صادق ( أستاذ الأجيال ) الأستاذ محمود محمد طه ( مدير سابق شركة imperial chemical international ) المرحوم الباشمهندس / محمود صالح محمد ( المدير الأسبق للمؤسسة الفرعية لأعمال الري والحفريات بمدني الأستاذ محمد الفاتح سيد احمد ( مدير قسم التحرير الإنجليزي الأسبق بسونا ) دكتور التجاني سيدا احمد محمد خليل ( خبير دولي في منظمة الفاو ) المرحوم الدكتور حسن خليل محمد ( إستشاري الأمراض النفسية والعصبية ) الدكتور محمد خليل بعشوب طبيب resident physician المهندس أبوبكر سيد احمد ( مهندس معماري ومدير إسكان شرطة الخرطوم في السبيعنات ) الأستاذ خضر الشريف international businessman عميد طيار متقاعد محمد عبد اللطيف قرناص الدكتور إبراهيم عبد اللطيف قرناص resident physician المهندس الزراعي عبد الحميد صالح محمد ( ماجستير وقاية نباتات ) المهندس عبد الله غالية ( مهندس مدني ) المهندس جمال محمد حسن عوض المهندس محمد حسن إبراهيم ( مهندس إتصالات ) الأستاذ صالح محمد أحمد الشريف ( وزارة الشباب وأول مسئول لمراكز الشباب في الخرطوم ) الأستاذ صالح محمد طه ( تربوي من الطراز الأول ) الأستاذ عمر سيد احمد محمد خليل ( مدير بنك أبوظبي الوطنى بالخرطوم ) الأستاذ حيدر حسن إبراهيم ( مدير قسم الضمانات والإعتمادات الدولية ببنك السودان ) الأستاذ عمر أحمد محمد طه ( ناشط وباحث في الشئون النوبية ) الأستاذ معتصم سيد احمد ( خبير تأمينات ) الأستاذ بشري سليمان سعيد ( شاعر مجيد ) الأستاذ صلاح مندو ( أول عبكاوي يتخصص في الأثار الأستاذ سليمان مندو ( مهندس العمل العام ) الأستاذ بكري مندو ( رجل الشهامة وأخو الأخوان الأستاذ محمد عثمان محمد خليل الأستاذ عبد الرحمن سيد احمد محمد خليل ( محامي ) الأستاذ طلحة سيد احمد المهندس مالك سيد احمد ( مهندس ممرات جوية ) المهندس الزراعي جعفر صالح محمد الأستاذ عيسي محمد عثمان الفني محمد فرح ( خبير ميكانيكا السيارات بالفطرة ) الأستاذ أحمد فرح ( خبير محاسبي ) الأستاذ عبد الله قرناص ( زعيم تجار حلفا ) الأستاذ شعبان قرناص ( معلم الأجيال المتفاني ) الأستاذ حسن عبد اللطيف قرناص الأستاذ مجدي قرناص ( مدير البنك السوداني الفرنسي فرع الخرطوم 2 ) الأستاذ إسماعيل أحمد محمد طه ( مخرج سينمائي ) الدكتور عادل احمد محمد طه resident physician الأستاذ علي سيد احمد محمد خليل ( عقبرى زمانه ) الأستاذة إسمهان محمد احمد ( معلمة سابقة ) الأستاذة المناضلة ومرتادة المعتقلات السياسية سلوى حسن محمد أحمد المرحومة الأستاذة علوية حسن محمد أحمد ( تربوية من الطراز الأول ) المرحومة الأستاذة ميمونة سيد احمد الأستاذة نورة سليمان سعيد الأستاذة عائشة سيد احمد محمد خليل الأستاذة زينب محمد أحمد المرحومة الأستاذة مريم عبدة أحمد علي الأديب عثمان محمد صالح
وهناك أسماء أخري لامعة كثيرة لا تسعفني الذاكرة لحصرهم علاوة علي ابناء عبكة النجباء من الجيل الحالي وهم كثر ولا أعرف أسماء أغلبهم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
يا فيصل طه ، سلام
أين الدبلوماسي الشاعر جعفر محمد عثمان ؟
إنه رقم مهم ضمن شعراء السودان
ولقرينا أبوبكر التحية ، والتحية موصولة من دبيرة إلى عمكة .
وأهديك هذا الحجر المقدس لعثمان محمد صالح
الحجر المـقـدّس ـــــــــــــ
قـبيل مغـيـب الشمس في قـريتي أنفـض يدي من كل مشاغـل الدنيا والآخرة مسرعاً بإتجاه بيت جدي أهميد طه وأحمـل الكوب المُـتـرع بـشاي " المُـغـربية" و الذي تجـيد صنعه جدتي فاطنه هسن مهميد وأخرج إلى الشارع وأحـتـل مكاني على الحجر الأثير منتظراً هـبوط الظلام. وعـندما أنام في بيت والديّ يناديني الحجر المقـدّس من جديد فأجـيبه بلا تردّد : لـبـّيـك !
ليلُ البطانةِ ساحرٌ ومرعـبْ. تـتسـيّـده العـقـارب والأفاعي وعـواء الكلاب في الكـَمـبـو البعيد، و روائح تبعـثها الحواشات و أخرى تأتي من زرائب الأبـقـار وإلـتماعات النيران المشـتعـلة في روث البهائم أمام مضارب عـشيرة المَـلـّو غـربي" اوروهـوش" ، وأوبة طائـرات الرش المروحية إلى مراكزها سالمةً بعد أن قامت بسكـب" الكـيماوي" عـلى الأعـشاب الطفـيلية، و خشخشة أشجار" اللـبخ " الـمُعـمّرة أمام البـيـوت وهي تهتـز وتتمايل مخمورةً بالأنسام التي تـهـبُ عـلـيها من اللامكان، وإستغاثات سيقان القـمح المحروق بعد إنتهاء موسم الحصاد ، وهـدير تراكـتورات الجمعية التعاونية صدئت محاريثها وشاخ سائقـوها وأنهكـت ماكـيناتها فـتعطلـت عـن العمل قـبل أعـوام، وسـجالات سُـكـَارى، وأناشـيـد الرعاة الهـدندوة الحـزانى وهي تـتـدلـّى ـــ كما الأقـراط ـــ مـن أسـقـف الـبـيـوت والدكاكـين الفـقـيرة والرواكـيب بعد رحـيـل منشـديـها وغـيابهـم الكامـل خـلـف غـبار الرواحـل و المـواشي فـيما وراء " تـرعة سبعات"، وأصداء تائهة للغة تشـاديـة يجـلـبها الريح العابر مـن قـطاطي الـعـمال الـموسـميين المنصـوبة في حـواشات " الأملاك" ، وإشارات غـير مفـهـومة مصدرهـا بناية المطار العـتـيق هُـناااااااااااااااك" : حـّولها الهجـر و الإهـمال إلى شـبه خـرابة ، ونداءات الرشايدة القاطـنين في الخيام الـمُـهـلهـّلة بالـقـرب مـن سكة " الـتـيـرّ ف"، وذكريات الـزُرّاع الذين يتحوّلـون في الظلمة إلى أشـباح وأنـيـن الأموات في المقـبرة الـزاحـفـة بإتجاه البـيـوت !.
ليس في البلدان الذي زرت وأقـمـت لـيـلٌ يـتـفـحّم وجهه كـلـيـل الـبطانة. لم أجـرّب الموت حتى الآن لكـنـني أعـتقـد أن ظلام الـقـبر الذي يحـتـل حـيّـزاً واسعاً ومخـيفـاً في مخـيـّلة المسـلـمـين لا يعـدو كـونه قـطعةً مـن ليل البطانة وهـو يعـتصر أضلاع قـريتي الصغيرة حتى تكاد تـتهـشـّم وأهـالي القـرية عاجزون عـن الصراخ وطلب الغوث .
الليلُ فاحمُ السـواد وهـو يزحـف مـطمـئـناً و واثـقـاً مـن سكـته كـلما تأخـر الوقـت، قـوامه ذلك الخليط العجيب من سواد التربة الطينية الغاضبة من نفـسها ومن كائناتها ومن الناس وظلمة المجهول وهـدوء أقـرب إلى سكون الموت لاتضيئ قـتامـته سـوى مصابـيح الأرواح في الأقـفـاص الآدمـية الهزيـلة و" جلالـيـب" الرجال الذين يسبحون في الموجات السوداء ويجـّدفـون بصعوبةٍ بالغةٍ وهـم يشـقـون طريقـهم عكس التيار قاصدين المسجد لأداء صلاة العشاء أو النادي أوصندكة" جمي" أو الرواكـيب الكـثيرة المنتشرة في الساحات وأمام البيوت إنتشار الـعـقـارب في" السَهـلة" الخلفـية "لأوروهـوش" والمحصورة بين داخلية طلاب المدرسة الثانوية العامة وبيت هـسن فضل الذي يقـف وحيداً ومحتاراً في ذلك المكان مستأنساً بشجرتـيـن وحظيرة للبهائم ( ربما كان إسـتـيحاش البيت هـو السـبب في أن أبناء هـسن فـضل يبدون متوحـشي السلوك مقارنة بأترابهم وأشرار، حتى عـندما يبتسـمـون تشعـر وكأن الباسـميـن تماسـيح لا بشـر ) ، و تـنـتهي بحـواشات" نمرة 4" المحاذية للطريق الترابية الي تسلكها القـرية المعـتـقـلة بين الجداول والـتـرع وهي تجاهـد باحـثةً عـن منـفـذ ٍ يـقـودها إلى العالم الخارجي، هـذه الطريق تعبرها أيضاً اللـواري والباصات الغبراء القادمة من كسلا وشاحـنات الرمل( القـلاّبـات) مـن منطقة "ساساريب".
تغيب القـرية15 برمـتها في" جـراب" الليل الواسع ، تتغطى بالأسمال وتـنام عـميقاً بين أسرارها. في المهاجر أستيقـظ من النوم في وقـت متأخر من الليل وأفـتح الباب بهدوء وأخرج . يسـتـقـبـلـني هـواءٌ مـنعـشٌ شـمـمـت ضـوعه لآخـر مرةٍ قـبل16 عاماً . أمـر بجوارالـهـدوء الشامـل الذي يسـود" راكـوبة" عـمي مصطفى سالـهـين ويرشح من " الخـيـش" الذي يـلـفـها وهي تحـتـل مكانها كالديدبان في طرف الـشارع وكأنها تحـرسه مـن شـرور الليل. تطل الراكوبة على أوسع ميدان في القـرية15 يضم المسجد وملعب كرة القـدم وراكوبة شابان والنادي وفـرن اسمان شلك وطاحونه عـبده فـرح والقـهوة البعيدة في"جمي" والتي لايزورها إلاّ الأغـراب. في جزء من هـذا الميدان قـبالة بيت خالد أهـميد خليل وأسـتاذ عكاشه أهـميد ابراهيم وإنتهاءاً بالراكوبة تـقـامُ بعض أعـراس وحفلات" اوروهـوش" وقـريباً من ذات الموقع يقع الحدث الذي يتكرر كل عام حاملاً الخير والبهجة للناس : عـندما تشـعـر جدتي فاطنه صادق اغا بإقـتراب البلاء وتكاثرأعـداد الشياطين في سماء القـرية تخرج قـدر" البليلة" الكبير وتوقـد الحطب فـيتعطّـر الجـّو برائحة اللـوبـياء الذكـيّة مخـلـوطةً بحـبيبات القـمح و العدسي فـيدوخ الناس من فـرط المتعة التي تشيعها البـلـيلة الساحرة و الراحة النفـسية التي تجتاحهم وتهز كيانهـم هـزاً لطيفاً وهم يـتـلذذون بطعمها جالسين على التراب ثم يتكـثـف عـطر البـشارة ويتسامى لينعقـد كالهالة حول هلال المسجد ويظل هـناك يوم أو يومين قـبل أن تأتي عاصفة ترابية من إتجاه حلة" قـفـله" فـتطرده من موقعه الأثـيـر فـيرفـرف مثل" سمبريات" دُوانه صادق ويُحـلـّـق في إتجاه القـريه 14 ، ثم أنحرف يساراً وأمشي ــ عـلى يميني منزل بدر الدين مهميد اسمان وعلى يساري بيت هانم سفـوره ــ حتى أصل إلى الشارع الألـيـف الذي يقع عـليه بيت جدي وجدتي : مسقـط رأسي، ملجـئي وملاذي ، منتجع الروح عـندما يطاردها سَـمـوم المـهاجـر، المكان الذي لـن أكـف عـن زيارته في كل لـيـلةٍ عـندما تحـتـويني تـربـة قـريتي المهـجورة وتـفـسح لي مرقـداً ضيـقـاً و قاتـماً بين أحـبائي الأموات ، عـلى يميني يتمدّد جدي من طرف أمي أهـميد طه وعـلى يساري جدي من طرف أبي سالهين.
أرتاحُ عـلى الحجر المقـدّس من جديد وأحِـنّ إلى شاي جدتي أحـتسـيه مُـتمهـّلاً ومنتظراً ـ بحكم العادة ـ إشارة المساء تأتي بها رسولة الصَبيّة التي كانت تضمّد جراح روحي .. لكن الصَبيّة تزوجـت منذ سنوات وإرتحلت إلى زوجـها وهي غارقة في النوم في هـذه الساعة المتأخرة من الليل ورسـولـتها أيضاً ، فـمـن العبث أن أظل هـنا !! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اسمان مهيميد ساله عثمان محمد صالح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: ولياب)
|
يا قريبي ولياب... قري النوبة لم تكن الا بيوت كبيرة لافراد من اسرة نوبية واحدة ... وبالتالي كنت وما زلت تجد ان الاخ في دبيرة والاخت في اشكيت او دغيم وابت العم في عمكة او اكمة وهكذا .. الاستاذ المعلم الشاعر جعفر محمد عثمان لم يكن في السلك الدبلوماسي كدبلوماسي انما كممثل ومندوب للثقافة واليونسكو العربية في المغرب والصومال وقابلته في الثمانينات قي مقديشسو ( وكانت تحتضر تحت وطأة قساد سياد بري وعصابته التي حطمت الصومال) ثم قابلته في اخر زيارة لي للسودان في 95 وهو موجود هناك كما يترأي لي .... استاذ جعفر يفيض رقة وادبا وتواضعا جما
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
يافيصل .. اولا نحن عائلة قليلة النوم .. وحتي لو نمنا نصر علي اننا لم ننم الليل كله( اولاي نيرسوا ..! امنينة طه - ميمان - فاتنة حسن ...الخ ) ...ثانيا نختفي فجأة ثم نقرر ان نظهر .. الم يحكي لك عمرو عن مظفر الذي قطع المسافة من ازبكستان الي قرية 15 يتوقف في المطارات ومحطات البصات دون ان يعلم احد حتي يصل بيته في القرية فجأة .. وكذلك فجأة سيعود عادل وعثمان ... اما ابراهيم دوانه فهذا قصة منذ ان كان طفلا ينادي خالته " يويو " وامه باسمها حاف " دوانه" ويصر وهو يجرب كل كليات الطب في جامعات مصر قبل ان يجرب كل امريكا ان يات الي وانا هناك في اجازة قصيرة بجماجم كثيرة للونسة وهو يعرف بانني هربت من الطب الي الهندسة بسبب تشريح صرصور فما بالك بالجماجم ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
عزيزي فيصل ..وفي ذكر الكاوي في عبكة هاك بعض مما وثقه صديقي عبد الفضيل كما سمي نفسه الاستاذ ريتشارد لوبان استاذ الانثروبولوجيا والدراسات الافريقية بجامعة رودس ولقد زار والدتي منذ عاميين وهو عليم بالنوبة وعبكة : ABKA ABKAN :=ABKA is a Neolithic site in lower Nubia that gives its archaeological name to an archaeological horizon. It represents an early case of a Nubian pottery tradition that me be just prior to the A-Group. Abkan peoples may descend from the Mesolithic Qadam tradition (12,000-9000 BCE) since they share similar stone tool technology in the same region. Commonly, both had grinding stones for processing wild grains and flaked microlithic boring and grooving tools. While the Qadam peoples did not have a pottery of the Abkan people a stylistically distinguished from the contemporary Khartoum Mesolithic with its wavy-line patterns. The smooth finishes for Abkan pottery suggests that they were forerunners of the A-Group tradition. The site at Abka known for numerous petroglyphs of regional wild fauna, including what appear to be giraffes, ibexes, ostriches, and gazelles. The Scandinavian Expedition to Sudanese Nubia closely studied these petroglyphs. Circumstantial evidence exists that links the makers of the petroglyphs to the Abkan pottery tradition. Typical of those times are eggshell, bone, and oyster shell beads
وهذا تفسيير لكثير مما كان في عبكة من كاوي ورسومات لحيوانات استوائية علي الحجارة ..الخ
ابوبكر 16 مايو 2006
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
الباشمهندس / أبوبكر
لك التحية وشكراً للسرد الجميل والذكريات العبقة كجمال (عبكة)
عزيزي / فيصل
لك التحية مع الشكر للتوثيق
وهنا عثمان حيث كان (إدريس)
إدريس ــــــــــ
كنت أتجوّل وحيداً في أزقة ذلك الحي الكسلاوي الذي أصبح مستقـراً لي ولأهـلي طوال النصف الثاني من السبعينات حتى مطلع الثمانينات، عـندما صادفـته لأول مرة.
توسّطتُ أقـرب الفـَسحَات إلى البيت فإسترعى إنتباهـي منظر رجلٍ يتبوّل بلا حياء على حائط أحد المنازل، غـير مكترثٍ للعنات العابرين.
أرخى الرجل طرف العَرّاقي المشدود. .إستدار متراجعاً خطوتين ثم إتكأ ـ لذهـولي ـ على الحائط المبلول. عـندها رأيتُ وجهه.
لم يكن ينظرلا في إتجاهي ولا في إتجاه العابرين وهـو يبتسم ـ بغموض ٍ ـ لأناس ٍ بعيدين .
كان عـملاقاً، غاب لون عَـرّاقـيه كليّةً في عـتمة ِ خليط ٍ من الأوساخ ذابت في مسامات القـماش وصارت جزءً من مكونات نسيجه، لون بشرته مائل إلى بياض شاحب، تنسدل خصلات شعره على جبهةٍ ضيقة، مستقـيم الأنف( بلا حدّة)، ممتليء الوجنتين، أشعث الذقـن، كث الشارب، غـليظ الشفـتين ، ضيق العـينين يعلوهـما حاجبان غـزيرا الشعر، مسّود الأظافـرعلى نحو مثير للتقـزز، مُشعر كقـرد ، و حافي القـدمين رغـم حرارة الطقـس . أدهـشني الإكتشاف. قـطعت طوافي مؤثراً السرد الفـورّي . عـلّـق أبي بإقـتضاب : لاتشغل بالك كثيراً، لابّد أنه مجنون . ثم تعّوذ مرتين وهـو يلعن الحي الجديد و المدينة معاً.
زارنا الجيران في ظهيرة ذلك اليوم وتعرّفـوا عـلينا. جيئ بالصواني وغـص الديوان بالرجال، وضاقـت الفـراندة الخشبية التي تظلها عـريشة عـنب بالنساء ، وإزدحمت الراكوبة المتاخمة للمطبخ المتنائي في آخر البيت بضجيج الصبية والبنات. فاح ضوع الشاي المُحلّى بنكهة الحبهان، وتصاعـدت في الجو الساخن رائحة الـقهـوة الحبشـيّة الممزوجة بالجنزبيل وهي تغـلي عـلى جمر النوادر، واُريق دن ٌ مترعٌ بالحفاوة والحكايات، وأنـّت الأسِـرّة الـمفـروشة في براح الحوش الترابي تحت وطأة أسماء الـزوّار وأسئـلتهم وقـفـشاتهم متمنين لنا إقامةً سعيدةً، ساعـين لتخفـيف حدّة آلام" الإنتقال العـسير"............... ثم إندمجـنا في حياة الحي ، وعـرفـتُ، لاحقاً ، أن إسمه إدريس.
شـغل المجنون موقعاً متقـدماً في قائمة إهـتماماتي الطفولية. جمعتُ بحرص وشغف شذرات متفـرقة من سيرته وأنا أستجلي غـوامض المدينة والحي ( زاحمه في المكانة، لاحقاً، ذلك الجرو الشليق).
كان تحت سن العشرين ، من أسرة دنقلاوية عـريقة في الحي قـدم أسلافها إلى المدينة على أيام التركية ، فأغـوت أنسالهم بالمقام فـتنة السواقي، ونداوة الخضرة على ضفـتي القاش، وخليط القـبائل والثقافات المتساكنة، والهدوء العجيب الذي يشيعه في صدورالمهاجرين زمزمُ توتيل وطمأنينة التاكا وتراتيلُ القـرآن في جنبات" التكـّية" المبروكة وهي تشبّ عـلى أمشاطها وتحتضن الضريح المقـدّس وتتعالى في إتجاه العرش المكين، وإستعبدهـم مذاق الموز والمانجو والجوافة والتمرهـندي واليوسفـندي والبرتقال، خبروا المزاج البجاوي وألفـوا فـصول المنطقة، وتصالحوا مع كتاحاتها وخريفها وسلاسة لغتها العذبة الهجـين، وإستطابت بهائمهم برسيم السواقي، ليستـفـيقـوا بعد عـقـود ٍ طويلةٍ من الإستقـرار وقـد إنبتت جذورهـم النوبية، موقـنين بأن العودة إلى الشمال صارت مستحيلة إذا ما قـلب لهم الموطن الجديد، يوماً، ظهر المجّـن، يتيم الأب ، تنفـلت عـدوانيته من اللجام ـ بين الحين والآخر ـ فـيرتاد قـسم الأمراض النفـسية والعقـلية بمستشفى كسلا، تنافـسه على عـرش جنون الحي، فـطّومة : في حوالى الأربعين من العمر ، عـبوسة المزاج، شعر رأسها أشبه بدغـل" كِـتـِر" ، سليطة اللسان، مرهوبة الجانب، إنطوائية، يتجنبها أهالي الحي وتـُنسجُ حول هـستيريتها شتى الأقاصيص . كان إدريس طليقاً في الشوارع من شروق الشمس حتى المغيب، مهـاباً ومحبوباً في آن ٍ واحد، في الـوقـت الذي لا تغادر فـطّومة خـلـوة جـنونها إلا في أحيان نادرة تشتم فـيها إحدى الجارات، أوتحصب المارين بوابل ٍ من الحجارة والشتائم ثم تصفع الباب وراءها بعينين يـطفـر منهـما سيلُ وميض ٍعـدواني.
يقـوده أهـله إلى المستشفى قاهـرين عدوانيته بعون الجيران. وما إن يتململ الحي شوقاً لرؤية المجنون من جديد حتى يظهر إدريس ـ بلا سابق إنذار ٍ ــ معافى ، هادئ الطبع ، نظيف الأثواب، حليق الشارب والذقـن، راسماً على شفـتيه إبتسامةً خجول وكأنما يعتذر بهاعـن كل ما صدر منه في السابق. يستبشر الناس خيراً، وما إن تنقـضي أشهر قلائل حتى يرتد كل شيء إلى وضعه القـديم : يتسخ العَرّاقي الذي لايُخلعُ ليلَ نهار، تطول اللحية طولاً بشعاً وتكتسي بالغبار، يسوّد لـون الأظافـر وتستوطنها أدران، يُرجمُ النعال في أقـرب كومةٍ للأوساخ ، يتعكـّر الصفاء في العـينين الضيقـتين، تتبدّل نبرة الصوت تبدّلاً مرعـباً وتخرج العبارات سـيئة الـتراكيب، مجروشةً في طاحونة الأسنان ، ملفـوظةً ببطء و تثاقـل، ممطوطة النهايات وكأن صاحبها يهذي ، غامضة الدلالات كلغة الأطفال وهم يجتازون أولى عـتبات الكلام ، يرافـقـها على الدوام لعابٌ كـثـيـفْ.
أقـرب المقـرّبين إليه هـم : أصغر اخوانه سناً، وحاجه الـُسرّة بائعة الفـول السوداني، وعـبد الواحد بائع الخضروات في سوق حي العمال. يهش ثلاثتهم في وجهه ، ويعتنون بأمر طعامه، أما الأثيرة فـكانت عـروساً قـدمت لتوّها من إحدى قـرى الشمالية : يراها إدريس في سوق الحي فـينسى ضجة الباعة والمشترين . يقـترب منها بهدوء مطبقاً على إحدى يدها وهي غافـلة عن نواياه. ترتعد المرأة من الخوف وهي تصارع للتملـّص من قـبضة العاشق المجنون ، ثم تنجدها شهامة مشتر ٍ أو بائع، لتعود إلى البيت دامعة العينين وفارغة اليدين تلاحقها سخرية الباعة ونظرات إدريس وإبتسامته الغامضة الأمر الذي أجبر زوجها بعد أشهر من المعاناة والخصومة الأسريّة المتجددة وتهامس الجيران، إلى الرحيل من الحي دون أن يودّع الجيران، مصطحباً معه حبيبة إدريس الوحيدة. تتردى حالته الصحية فـيتمرد إدريس عـلى سُـلطة البيت مفـضلاً النوم في الساحات، رافـضاً المغريات مستهيناً بوعـيد إخوته، مستلقـياً تحت شجرة نيم. وعندما يبتلعه الظلام تمتد نحوه كـف صغيرة حازمة و نافـذة الإرادة توقـظه فـيستسلم لها إدريس بلا مقاومة، ويتبعها مغمض العينين وسط إندهاش المارة الذين يخبرون عـناده، وتفـتح لهما الأم الباب فـيرتمي إدريس على فـراشه المهيأ، والجيران يهزون رؤسهم عجباً لحكمة الخالق الذي وضع السرّ والسطوة في يد أصغر الأشقاء سناً.
حين تقـفـر شوارع الحي في ساعات القـيلولة، يعود إدريس إلى ظل الحائط الذي يستخدمه للإستجمام والتبوّل وكأنما يريد بصنيعه المائي أن يترك بصمته في ذاكرة الحي مخطوطة ًبحبر ٍ متميز ٍ، وغـير ِ قابل ٍ للمحو رغم طلاء الجير الذي يجدّده أهـل المنزل أكثر من مرةٍ في العام .
يتكيء إدريس عـلى الحائط المبلول مبحلـقاً في سحائب الغبار ـ الموشك على الهبوب من إتجاه حي العرب ـ تحتل صفحة السماء. يتأمله المارون فـتغيب عنهم هـويته الأصلية، وينسون لبرهةٍ أن الشاردَ في حديقة أفـكاره مجنون. يحاول البعض ـ دون جدوى ـ ملاحقـته وهـو يتوغـّل في دهاليز عالمه المبهم، و فجأةً يقـطع عـلى إدريس خلوته نداءٌ يعيده إلى عالم الناس فـيهروّل شاداً طرف الـَعـّراقي بقـوّة. ينحني الظهر الُمجهَد من حمل أثقال الجنون ثم يستقـيم ليعود ثانيةً إلي وضع الإنحناءة المريحة وهو يخترق الرهاب قـبل أن يمحوه الغبار. تعود الصورة المحبوبة إلى إطارها المألوف، ويهزّ الناس رؤوسهم هـزّاتاً دالةً وهـم يتابعون إدريس يحرّك بعصاة هـرولته المجنونة سكون ماء الظهيرة في أزقة الحي العمالي الفـقـير. * * * * * * * غادرتُ كسلا في مطلع الثمانينات مبقـياً على حبال المودّة ممدودةً مع رفاق طفـولتي ، متسـقـّطاً أخبار إدريس مـن أفـواه العابرين حتى عـلمتُ بفاجعة مـوته مـوثوقـاً بحـبل ٍ غـليظ ٍ إلى جذع شجرة مانجو تتوسـّط دار أهـله في حي العمال.
مات إدريس قـبل أن يدرك الثلاثين من العمر . مات من الحُرقة والحزن مضرباًعـن الطعام والشراب، راثياً ومُشيّعاً بنظراته الكابية جنازة الحرية المُصفـّدة ، مشتهياً غـبار الشوارع، وملمس الحائط المبلول، وأنفاس الخلائق في الصباحات، وزحمة الباعة والمشترين في الساحة التي لم يفارقها إلاّ ليعود إليها من جديد ، ونكهة الفـول المدمّس من يد حاجه السُرّة، وأوبة العمال من ورشة السكة حديد، وفـيضان القاش الجالب لعيال الفـلاّ تة ـ الغـُبش الوجوه من أثر المسغبة وطول الإنتظار ـ غـباشة المآتم الساكنة في بطون الأحطاب ، وموقـف البصّات يبن مبنى" التعاون" و دكان"حجر"، و" الزاوية " التي تتوسط بين حيي العرب والعمال، وباعة الدجل والشعوذة و الأدوية البلدية في سوق غرب القاش، ولسعة الرمضاء، وبهجة الغفـوة في ظلال النيم وسيسبان السواقي الجنوبية ، وتعاسة منظر قـطاطي السكة حديد ، و أزيز مولـّدات الكهرباء في خلاء ما بعد المدرسة الثانوية للبنين ونادي المريخ ، ومتعة الخوض في مياه الأمطار، والتسكع ـ بأقـدام ٍ تكره قـيد النعال ـ فـوق ركام الأوساخ ، وزحف اللاجئين عـلى سوق المدينة هرباً من الجوع والذل وإمتهان الكرامة في معسكر ود شريفيّ، ورنّة أجراس المدارس، وقاطرات الشحن والركّاب، وعودة المصلين من مسجد السكة حديد في أيام الجمعة والأعـياد، وشارع العيادات، وضجة العربات في طريقها من بانت إلى شرق القاش ، متمرّداً ـ بسلاح الحنين الصامت إلى الموت ـ على فـظاظة الحبل الذي شدّ ساقـيه ـ أعـواماً ـ إلى جذع تلك الشجرة ، مثل كلب ٍ عـقـور!. مات إدريس مجنون ذكرياتي فـتـهاوى في أخدود العالم الآخر جزءٌ نفـيسٌ من سنوات طفـولتي الطليقة في أزقة ذلك الحي الكسلاوي، وأضربت ذكرياتي هي الأخرى عـن الطعام والشراب، أسفـاً عـلى ضياع الحرية، وإحتجاجاً عـلى قـسوة القـيد الغليظ الذي أوثـق ساقـيها وكبلها ـ أعـواماً ـ إلى جذع تلك" الشجرة القاتـلة "، مثـل كلب ٍ عـقـور !. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسمان مهيميد ساله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Osman M Salih)
|
ثمرة سماوية ! ـــــــــــــ (1)
إستهـوت طفـولـتي القـرويّة ثمرة !. إستحال هـواها عـشقاً . صار العشقُ هـوساً . إستبدّ الهـوسُ فـصار" جنوناً مختاراً" نصبّتُ ـ في إحدى ثوراته ـ الثمرةَ مليكةً أجلستها ـ في مخيلتي ـ عـلى عـرش سائر أنواع الفـواكه التي تذوقـتها وسمعت عـنها آنذاك. جدتي فاطنه هـسن مهيميد، وهي التي أشرفـت على تنشئتي في تلك الأعوام، أدركت ولهي المجذوب وتـفـهّمت دوافعه كما لم يفـعـل أحـدٌ سواهـا .
(2)
كانت بسمة جدتي هي التي توقـظني في الصباحات الباكرة لأيام الأسبوع العادية، أما في أيام الجمعة والعطلات فـكان الصرير الذي يصدره سرير خالي فـيصل ، مسحوباً ( كدت أكتب: مسحولاً) على ذرات الرمـل، هـو الذي يتولـّى ـ غـير متعمّـدٍ ـ هـذه المهمّة وهو يهرب مـن حر الشمس التي تأخذ أشعتها في غـمر الحوش الواسع ، إمّا في إتجاه الظل الرقـراق البيضاوي الشكل والذي تجود به شجرة الليمون المحنيـّة الظهر، بالقـرب من صنبور المياه، أو إلى الظل الآخر الذي يرمـيه الحائط العالي الذي يفـصـل بـيـتـنا عـن بيت أنـّاو شرفـو .
يقـوم خالي بسحب السرير في عجلة واضحة، وعـندما يصل به إلىبقعة ظليلة يرتمي عـلى الفـراش مُمـنـيّـاً نفـسـه بـنـومة هانئة حتى مـوعـد الفـطور ، متضرّعاً في سـرّه ألا تبكـّر أنـّاو بتـول صادق بزيارتها هذه المرّة لتروي لجدتي ، في الفـراندة المواجهة لـبوابة البيت أحداث الطيف العجـيب الذي أقـلق منامها ، متعمدةً ، في كل ذلك، ألا تنخفـض نبرة صوتها ـ(هـكذا كان خالي يفـسّـر، مستاءاً، سلوك جدتي بتول صادق، واصماً نيتها بعلامةٍ سلبية ٍ، الأمر الذي أدى لنشـوء جفـوّة طفـيفة بينهما ردمها،لاحقاً، تـراب الزمن) ـ حتى يسـتيقـظ النائم في وقـت ٍلايجـب أن ينام فـيه الناس إلا إذاكانوا عـليلين ( الحجة المستهلكة الـتي تـتـسـتـر وراء حجابـها جـدتـي بتول صادق و تـبرّر بها سلوكها اليوميّ ).
بعد أن تفـرغ من إعـداد شايها المتميّـز النكهة و الطعم تطلق جدتي سراح الخراف والأغـنام التي تأخذ في الصياح مفصحة ً بذلك عـن تبرّمها وإعـتراضهـا العلـني عـلى طول الحبس الليـلي في الحظيرة، يرافـقـها ـ متضامناً ـ نقـيق الدجاجات الغاضبات يلـّوثن رملة الحوش بالفـضلات التي لاتـنـتهي، ويروق لـهـن الطواف عـدّة مـرّات حول سرير"النائم"، الأمر الذي يعـتبره خالي، وهـو مايزال تحت الغـطاء، حـلقـةً من حلقـات مؤامرة كونية تحاكُ ضد غـفـوته الصباحـية ، مؤامرة عـقـلها المدبـّر: أنّاو بتول صادق وبشرك ٍ من جدتي فاطنه وحيواناتها وطيورها الداجنة وشمس البطانة اللـئيمة أيضاً!، وتقـوم بتسليم السعيةّ لمحمد مَـلـّو راعي البهائم ، وتعيد المعيز والحملان ـ بصعوبةٍ ـ إلى مكانها في الحظيرة، وتكنس الحوش وترتب الأثاث، وعندما ترتدي جدتي ثوب" الكـرب" الأسود، أتبعها إلى الخارج، بلا تردد .
نسير سويّـاً ـ يداً بيد ـ في إتجاه الحواشة الواقعة ضمن حزمةٍ مـن الحواشات يُطلقُ عـليها إسم"إتناشرات" ، تمييزاً لها عـن بقـيـّة الحواشات التي تحـمـل هي الآخرى أسماء دالـة : نمرة واحد ، نمرة إتنين، نمرة تلاتة، نمرة أربعة ، نمرة خمسة ، نمرة ستة، سبعات، تمانيات ، حداشرات ، تـلتاشرات و الأملاك .
لاتكـف جدتي لحظةً واحدةً ونحن نقـطع الشارع الذي يقع عـليه بيتنا عـن توزيع تحـية الصباح على المارين. نجـتاز ملعب كرة القـدم فـتـنـتهي عـنده حدود"عـمكة ". نتوغـل في حي" جمي" ثم نمر بحذاء صف النباتات التي تسـّور المدرسة الإبتدائية المختلطة ونخـلّــف وراءنا الـبيوت فـتـتـلـقـانا المـقـابـر.
تصـمـت جدتي ، تتوقـف وهي تقـرأ سورة الفاتحة على الأموات وتطلب مني بالإشارة أن أفعل ذات الشيء فأنصاع للأمر باسطاً كفيّ بطريقة مضحكة وأنا أتـلـفـت ذات الـيمين وذات اليسار دون أن أعـرف بالضبط مالذي يتوجـب علىّ قـوله في تلك الحالة ثم يسـتأثـر بإهـتمامي ـ كمخرج ٍ من الورطة ـ منظر الغربان التي تسـتريح عـلى أغـصان السدرة المنتصبة بين شواهد القـبور. تكمل جدتي طقـوس سلامها الصامـت عـلى الأموات وهي تخص قـبوراً معـينةً بإهـتمام إستثنائي يتجلّى في تركيز البصرعـليها وهي تمسح المقـبرة الساكنة بنظرة عـطفٍ شاملة للتعـساء وتختلج ملامح وجهها الأسمر، وتطفـر من عـينها دمعة تكـفـكـفـها بطرف الـثوب ثم تجذبـني من يدي فـنواصل السير دون أن نتبادل كلمة واحدةً حتى نخرج من دائرة المقابر ونصل إلى الصهريج المحاذي" لـتـرعة إتناشرات " مصدر مياه الشـرب الوحـيد لقـريتـنا آنذاك .
نحيي مهمود بسيوني عامل الصهريج المستوحد في ذلك المكان المهجور و تتبادل معه جدتي حديثاً قـصيراً ثم نقـترب من حافة الـترعة شبه الساكـنة. تنحني جدتي وتخـلع شبشها وتحمله بيدها اليسرى ، تأمرني بخلع حذائي.تنحني ثانيةً لتحملني بيدها اليمنى وهي تخوض في ماء الترعة ـ (القـنطرة بعـيدة) ـ ونغطس، أحياناً، إذا ما صادفـتنا حفـرة عميقة أو كان الماء غـزيراً على غـير العادة.
نخـرج من الترعة ، نسير قـليلاً ونعـبر صفـاً مـن أشـواك " الكـِتـِر" الكـثيفة المتشابكة على يسار الطريق ثم ندخل منطقة الحواشات . عـندما نصل إلى حواشات " إتناشرات " أكون قـد بلغـت رجائي أو أكاد . فـهناك عـلى أطراف جداول" أب سـتة" و" أبـو عـشـرين " ينـتـظرني عالـميّ .
(3)
" الـُـفـُرتـّه " نبتة بريّة ، قـصيرة الـساق، تـنمـو عـلى أطراف جـداول" أب سته" و" أبوعـشرين" ولايهـتم بأمرها إلا الأطفال ، وهي غـير مُـضـِرّة كالأعـشاب الـتي تـتطفـل عـلى المزروعات، و هي الأبعد عـن صفة الجشع ضمن قائمة النباتات التي عـرفـتها عـن قـرب فـصادقـتني و محضـتني موّدتهـا بلا حساب . تتجنب الفـرته الإفـراط في التكاثر كـيلا تزيد أعـباء المزارعية الذين يعـظّمون ذهـد ها الفـطري . يهشون لها عـند مرورهـم ملوّحين بحقـد المناجل السفـّاحة ( تقـطر من شفـراتها اللامعة المتعـطشة للـقـتـل المجّاني دماء" السـِعـدة " و"الهَـمـبرتي") ، مقـتـفـين أثر" الأنكوج" والعشبة الممقـوتة تراوغـهم حـيـناً حتى تجد سكةً للهرب وتندس مضطربة الأنـفاس بين سيـقان الأقـطان وهـي تدرك أن نهايتها قـد حانت، لكـنهاـ كالآخرين ـ تعـشـق الحياة!. يداعـبون وريقاتها و يغازلـونها هـمساً : " وو فـنتي تو، وو مستو" *، فـتشيح بوجهها من فـرط الحـياء، فـيدعـونها تواصل العـيش في سلام مسـتمتعةً بحـمام شمس الظهـيرة دون أن يـتطفـل عـلى عُـريها المقـدّس إنسـانْ .
" الــفـرتـّه " نـبـتة ، عـفـيـفـة، ألـيـفـة، خجـولة، متواضعـة ، وديعة، حنونة، مسالمة وصبورة كجدتي، تـطرح أثمارها الصغـيرة الصفـراء وتـغـلـّـفـها ــ خـشـية الغبار والحشرات وأشعة شـمس البطـانة ونظرات الكـبار الحارقـة ــ بخـمار ِ وريقـات ٍ رهـيفة ٍ و ناعـمةٍ ، وتـنـتـظـر، طوال الـيـوم، مـقـدم الأطفـال .
.إنـها نـبـتـتي أنا : مليكة طفـولـتي القـرويّة الـبهـيجة ، نـداء السعادة المـقـبورة في جبّانات إحـن المهاجـر و مراراتها، معـشوقـتي الأولى وحـلـمي الأخـيـر!
(4) قـبيل موعـد الفـطور تكون جدتي قـد فـرغـت من تنظيف الحواشة فـنسلك طريق العودة محـملـّـيـن بحزمة كـبيرة مـن " الهـمبرتي" وجيوبى ملآى بالُـفـُرتـّة . (5)
اُرغـمـت على مـفارقـة القـرية عـندما حضر والداي في إحـدى العطلات الصيفـية وأخذاني من كـفـالة جدتي ـ جـثةً تكـفـّـنـها الدمـوع ـ إلى حيث يعيشان في محطة" الحصيره" الواقعة على خط سكك حديد السودان، في المسافة بين" الحواتة " و" قـلع النـحل ". حرمـتـني سُـكـنى المكان الجديد من جدتي وقـريتي . حرمـتـني من طعـم الفـرتة أيضاً. كانت الحصيرة محطة قاحـلة لا تـنـبـت تربـتها شـيـئاً خلاف الذرة البيضاء والحمراء و" التمليكة" و" التبش" وأعـشاب أخرى عـديمة النفع لم تـستأثر بخيال طفـولتي، فـلم أتوقـف عـندها كثيراً ولم أكترث لـتـدوين أسـمائها في دفـتر تلك الأعـوام .
عانيت من غـياب جدتي، وعـذبني" الفـطام الـُمبـكـّر" مـن عـذوبة طعم الـُفـُرتـّه . هـذا الغـياب و ذاك الفـطام إنطبعـت آثارهـما المهـلـكة عـلى صفـحة روحى إلى الأبد ( أعـتقـد أنهما كانا الـسبب الرئيسي في أن الشـيب بدأ يغـزو شعـرى وأنا تحـت سـن الخامسة عـشر، لا العامل الوراثي كما تـزعـم والدتي سعيده أهميد طه). في الأمسيات الطويلة ـ بلا تلفاز أو برنامج للتسلية ـ عـندما تحل الكآبة ونحن نـتمـدّد على العناقـريب في فـناء الحوش الضيّـق تحـت سـماء الحـصيرة الرمادية المكـفـهـّرة ، كان صدري يـموج بالحـنين. كنت أستحي من أحزاني فأحاول إغـراقـها في بطن" الماعـون"المزدان بعددٍ من الأهـلـّة الزرقاء والمترع باللبن الحليب الذي كنا نكـثر من شربه في تلك الأعوام( كنا نمتـلك حظيرةً عامرةً بالأبقار)، لكن الحيـلة الطفـولية الساذجة لم تنطلي عـلى أحد، إذ كانت الأحزان صعـبة الـمراس وفـضائحية السلوك : تتمرّد على قاع الماعـون لـتطفح فـوق رغـوة اللبن كاشـفة بذلك سّري و فاضحة حزني فـيزداد إرتباكي و يتعاظم خجلي .
أسـلمت والدتي أمرهـا لله بعد أن فـشـلت ذخيرتها المكنوزة من حنانالأمومة في تعويضي عـن غـياب جدتي، أما" الـُـفـرتـّه فـقـد أرغـمـني جـفـاف الحـلـق المزمن عـلى الإنكسار والإستسلام ، مسـتبدلاً ولهي المجذوب بطعـم " مـنقـة" الحواتة الذائعة الصـيت في تلك الناحية ، وحلاوة البطيخ الذي ينمـو في رمال سنار وتجلبه اللواري السفريّة وهي تشـق قـلب الحصيرة في طريقـها إلى المدن الكـبرى . ألـف طلعتي سائقـو و" مساعـديّة" تلك اللواري المحـمـلة بالبطيخ والذين أدركوا مأساتي دون أن يطلعهم عـليها أحد ، وأشـفـقـوا علي طفـولتي المكروبة وحفـظوا إسمي وإعـتادوا إنتظاري حافـياً في الهجـيرلأشـتري بطيخة " روسمان" أترنح من ثـقـلها وضخامتها وأنا أحملها سعيداً إلى البيت. لكـنه كان خـداعاً للـنـفـس و تعـويضاً قـسرياً مؤقـتاً وبائسَ الحصاد ِ لثمرةٍ سماويةٍ فاتـنةٍ لاتـعـوّض!. (6)
تقـدمت بي سنوات الطفـولة فـدخلت المدرسة الإبتدائية في تلك المحطة الخَـلـويّة. وتمكنتُ من حفظ العديد من السور القـرآنية بينها سورة عبس. لسببٍ ما إرتاح لها فـؤادي . كـنت أتـلـو السورة عـدّة مرات في اليوم وأرددها أثناء الصلاة وفي كثير من الأحيان : ( هـكذا) من باب تزجـية الوقـت !. وأتعجل تلاوة السورة كيما أصل إلى الآيات (وحدائق غـلبا وفاكهة وأبّا. متاعاً لكم ولأنعامكم)، فـيطلق خيال الطفـولة لـُمهره العَـنان، فأرى بوضوح كل ما سيحدث في يوم القـيامة ( إذ ما كـتـب الله ) لي دخول الـفـردوس مع الموعـودين والمبشرين والشهـداء : أبصرت الحاجب رضوان يحرس بوابة الجـنة الموصدة ممسكاً بكوكاب ـ ( لم تخـتـلـف بوابة الفـردوس في مخـيـلـتي الطفـولـية آنذاك عـن بوابة بيتنا الحديدية الضخمة ، لكن بوابة بـيـتـنا الريفي على تواضع مظهرها الخارجي و دنـيـوية المواد التي صُـنعـت منها، تـتـفـّوق على بـوابة الجـنة بإمتياز كونها لاتـوصَـدُ في وجوه الضيـوف و الزائرين حتى وقـت متأخر من الليل، والأهم : لـيـس لها حاجـب يحرسها بكوكاب !) . إستقـبلني رضوان بإبتسامة بشوشة وخاطبني، لدهـشتي، بلغة عشيرتي. كان مزاجه في تلك الساعة معتدلاً فـسألني بلكـنة شفـوقة إمتزج فـيها الهزل بالرأفة والسخرية : وواسمان مهيميد سالهين، ساوو قـوسه إر هـِدو تون داري ؟ *، * ثم حـشى جـيـوبي وملأ طرف قـميصي و"مُـخلاية" الكتب والدفـاتـرالمدرسـية بالُـفـُرتـّة التي تنموعـلى ضفاف الكوثر، تذوقـت واحدة منها فـوجدتها تعادل من حيث الشكل والحجم وعذوبة الطعم الـُـفـُرتـّة التي تنموعلى أكتاف الجداول وبطون"السَرابات"التي تـفـصّـد حواشات روحي، وتثمر في سكـينةٍ وطمأنينةٍ تحت شمس البطانة القهّـارة، وهي تنتظر عـودتي !. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هامش : *وو فـنتي تو، وو مستو : ياأيتها التمرة الجميلة. ( تجنبت الترجمة الحرفـية دامجاً العبارتين في عـبارة واحدة تفـيد المعنى الإجمالي ) *وواسمان سالهين ساوو قوسه إر هـِدو تون داري ؟: من أين جئت يااسمان مهيميد سالهين وأنت بهذه الشناعة؟ .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Osman M Salih)
|
طيور النيل
ـــــــــــــ
مقـدمة : " طيور النيل" جزء من عمل يعكف على كتابته خالي السيد/ عمر أحمد محمد طه. تدخّـلـتُ ـ برخصة ٍ من الكاتب ـ في العديد من مواضع النص الأصلي، حاذفاً حيناً و منقحّاً حيناً آخر ومعدّلاً في الصياغة حيثما إقـتضت الحاجة و إستحكمت حلقات الضرورة ، لكن"عـضم" النص وروحه ونكهته ـ كل هذا يظل محـتـفـظاً " بعُـمَـريـّـته " وإلى الأبّد. عثمان محمد صالح
طيور النيل
ــــــــــ
في الظهيرة نهبط إلى النيل ، في الموقع الأثير، عـند " سِـقـرين مُـشـَرا"(!)
قـبالة ساقـية شريف ، عـند الحـد الفاصل بين " كلوهـوش" و" أوروهـوش".
بين الشاطيء والبيوت تمتد غابات النخيل من " ككلودن أركي" شمالاً ، أسفـل منزل أهـميد فـرح و تتطاول في إتجاه الجنوب حتى تصل إلى ساقـية شريف. تتوزع هـذه المساحة التي تحـتـلها غابات النخيل أسماء هي: فاشن آرتي، ككلودن أركي ، أمَن مُشرا، كـَمَن أتيّ و سِـقـرين مُـشرا. مساحة لاتـتجاوز الكـيلومتر المربع لكـنها تغّـص بحـشـدٍ من الأسماء ِ مذهـل !!
في ذاك المكان الذي يجمع بين Abkay البلدة في الشرق وجزائرها في أبكينارتي وشِـرقـوندي ، حيث يلتقي الفـرع الغربي للنيل والفاصل بين أبكينارتي وشرقـوندي ، مع الفـرع الجنوبي القادم من شلال " أري دونقي" (2) جـنوبيّ Abkay ــ هـناك يحـلـو لنا دوماً، نحن صبيان البلدة، السباحة واللهو في مياه النيل: نلعب " الواكي" تارةًً و" الأبّدي" تارة ً أخرى وأخرى ثالثة نسبح خلف مركب قادمة من أبكينارتي، نحاول الصعود إليها من جانب ٍ واحد ٍ حتى تكاد تنكفيء ، فـتولول النسوة فـيها ، فـنتركها ونسبح بعـيداً .
في أواخـر أغـسطس يكون النيل في أعـلى مناسـيـبه وتـتـتابع موجات الدونة (3) وتتغـّطى صفحة الماء بالرغـوة والزبد نتيجةً لتهدّم الضفاف التي يجرف شجرها وحـيواناتها الهـدّام .
من أبهى الأشياء التي تجـلـبها"الدونة" معها العـشـرات مـن طيور الكـركي و الأوز البرّي تأتي سابحةً مع التيار، تعـبث بمـناقـيـرها في الماء المزبد حـيناً وحـيناً آخر تتقافـز وكأنما أصابها خـوف من تمساح ٍ يتربّص بها تحـت الماء أو ربّما بسبب الملل ليس إلاّ، ثم تطير لمسافات ٍ طويلة ٍ فـوق سطح النيل لتحط عـليه من جديد.
عـندما تـلـوح تلك الطيور في الأفـق الجـنوبي أو الغربي من " دُنقـّن ساب" نـرمي بأنفـسـنا في الماء ونسـبح لملاقاتها في عـرض النيل مُمـنـّيـن أنفـسنا بالإمـساك بواحدة ٍ منها على الأقـل حـتى تتكرر معنا ذات الأحداث المثيرة التي كان بطلها رجل من جزائر"كوكيّ " تسـلّـل في حُـنج الظلام وأطبق على طائرين من الرهـّو كانا يقـضيان الليلة في حـشائش ِ واحدةٍ من تلك الجزر الهادئة، فـزع الطائران ورفـرفا بجناحيهما ثم طارا بالرجل المتشـبـّث بالسيقان وحـلـّـقـا به فـوق النيل تارةً وفـوق البـيـوت تارةً أخرى وحـيناً فـوق الجـبال. والرجل الذي يحفـظ معالم الأماكن و هـويات الأشـياء التي أصبحـت تحـته ، راح يسـمّـيها في سّـره : هذه" أمَندي"، وتلك" أسـّوري"، وفي البعيد،هـناك، ترقـد، مطمئنةً،"شايكي". حـلّـق به الطائران فـوق بلدة " هـيسـين أركي" أحـصى بيوتها القـليلة بيتاً بيتاً ولم تغـب عن باله حتى حظائر البهائم، وعـندما دنا الطائـران مـن النيل تمكـن مـن تمـيـيـز " الفـدو"(4) المربوط عند شلال صغير. تبين أطراف الفـدو ثم تخـتـفي تحت ضغط المياه مثـل قـرون إستشعار أسماك الدشّي وهي تصارع التيار وتـراوغ مـياهه العـنـيدة المندفعة بقـوة ٍ في صعودها الأبدّي ، في إتجاه الشمال،لاتـلـوي على شيء. وصل به الطائران إلى منزل بسطان أركي . " لا شك أن بسطان في طريقه إلى المدينة ليبيع ما إصطاده من السمك "ـ هكذا حدّث الرجل نفـسه عندما لم يجد أثراً لحمارة بسطان وجحـشها عـند النخلات القـليلة العدد والمنتصبة فـيما وراء البيت .
إلى الشمال قـليلاً رأى رجلاً يعتلي ظهر حمار. حسبه بسطاناً ، لكنه سرعان ما إستدرك وتراجع عن ظنه عـندما سمع الحمار يطلق عـقـيرته بنهيق قـوي مؤكداً بذلك ذكورته." لابّد أن يكون هـذا السادر في" الغـبشة " سيدي أواده ، فهـو الآخـر يبكّر في الذهاب إلى المدينة ليسـوّق ما عـنده من سمـك وقـمـشة "ــ قالها في يقـين!
سيدي أواده هـذا كان مشهوراً بكـنية سيدي بدري لأنه يكون دائماً على ظهر حماره قـبل شروق الشمس. يـّروى عنه إنه إشتكى لإبراهـيم صادق من عـدم زيارة الأحلام
لمنامه!
رّد عليه الرجل ببديهته الحاضرة وسخـريته اللاذعة قائلاً : كـيف ستـزورك الأحلام ، ياسيدي أواده ، وأنت تعـتـلي ظهر حمارك ساعة ينام الناس ويحـلـمون!
ربمّا لم يكن الرجل ينام أصلاً حتى تـزوه الأحلام كـبقـية خلق الله ، ولكن مامن شك في أنه كان " يحـلـم" ـ خـلسةً ـ بغـد ٍ أفـضل لأولاده !
يبدو أن الحمار قد إستشعر إنشغال صاحبه عنه وإستغراقه في أحلام اليقـظة ، فأخذ يتباطأ في المشي ، بل إنتهز الفـرصة وتوقـف لإلتهام بضعة قـضمات من نباتات " الهمبرتي" المنتشرة على أطراف الطريق.
آب سيدي بدري إلى نفـسه عـندما سمع هاتـفـاً سماوياً ينادي بإسمه . عـندها أفاق من أحلامه وصاح في الحمار: ( هـاـ هـرجـا) . تـلـفـت حـواليه ثم أكمل المسير .
فـوق بلدة " شارتي" شاهـد الرجل من عـليائه بسطان وهـو ينحـدر بحـمارته يرافـقـها جحشها الصغير، عـند " خـور موسى" ، متجهاً إلى " كمبي" .
يبدو أن المشاهـد والأحـداث المتلاحقة قـد شغـلـت ذهـن الرحل المحـلـّق حتى أنه نسيّ نفـسه تماماً ولم يفـكر في وسيلة للهبوط . فالرجل الذي كانت أمنيته القـبض على الطائرين، تحوّلـت تلك الأمنية إلى حـلم عـندما حـلـق به الطائران المفـزوعـان وطافا به كل أرجاء المكان، لكنه سرعان ما أحس بالخطر عندما بدأ التعب و الوهن يدب في أجنحة الطائرين. تملكه الذعـر عـندما عـبـرت بذهـنه خاطرة أن الطائرين المنهكين من فـرط الطيران المتواصل ، قـد يلقـيان به على قـمة جبل عال ٍ أو في بطن وادٍ سحـيق ٍ أو فـوق شجـرة " أرج" ضخمة فـيهـلك . وعندما حلقا به فوق مياه النيل عند بلدة " شارتي" أطلق سـراح أحد الطائرين ليهوي به الثاني في عرض النيل. حاول الطائر المسكين الفكاك من قبضة الرجل الذي أخذ يغرقه في الماء مخاطباً إياه بلكنة ٍ كوكية : ( خلينا ليك الجـو ، كمان عايز تصارعـنا في البحر ) ــ كان الرجل صادقاً في قـوله وواثقاً في تحدّيه للطائر فـقـد كان أهـل " كوكي" سادة البحر وملوكه بلا منازع !!
وعندما عاد الرجل بالكائر سارداً الحكاية لأهـله ، سأله صبي من السامعين أن يهـبه الطائر ، فـرّد عليه الرجل بسخريةٍ : ( أديني قال ! ده إحنا جايبنو من الجّو)!
تقـترب منا الطيور فـنسعى للإمساك بها ، تقـفـز من على سطح الماء مذعورةً ثم تطير بعـيداً وهي تطلق أصوات المفاجأة والفـزع . نفـيق من أحلامنا دون أن نظفـر منها بشيء سـوى الحـسـرة وقـبضة من الريش المبلول!!
عمر أحمد محمد طه
هامش : (1) سِقـرين مُـشرا : مشـرع المراكب (2) شلال أري دُنقي : الشلال الثاني. (3) الدونة : موجات الدمير ة في أوان عزها في أواخر أغـسطس. (4) الفـدو : نوع من شباك الصيد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
Abubakr باللة أقرأ القصة دية في فضوة ذهنية خالية من الكدر
ثمرة سماوية ! ـــــــــــــ (1)
إستهـوت طفـولـتي القـرويّة ثمرة !. إستحال هـواها عـشقاً . صار العشقُ هـوساً . إستبدّ الهـوسُ فـصار" جنوناً مختاراً" نصبّتُ ـ في إحدى ثوراته ـ الثمرةَ مليكةً أجلستها ـ في مخيلتي ـ عـلى عـرش سائر أنواع الفـواكه التي تذوقـتها وسمعت عـنها آنذاك. جدتي فاطنه هـسن مهيميد، وهي التي أشرفـت على تنشئتي في تلك الأعوام، أدركت ولهي المجذوب وتـفـهّمت دوافعه كما لم يفـعـل أحـدٌ سواهـا .
(2)
كانت بسمة جدتي هي التي توقـظني في الصباحات الباكرة لأيام الأسبوع العادية، أما في أيام الجمعة والعطلات فـكان الصرير الذي يصدره سرير خالي فـيصل ، مسحوباً ( كدت أكتب: مسحولاً) على ذرات الرمـل، هـو الذي يتولـّى ـ غـير متعمّـدٍ ـ هـذه المهمّة وهو يهرب مـن حر الشمس التي تأخذ أشعتها في غـمر الحوش الواسع ، إمّا في إتجاه الظل الرقـراق البيضاوي الشكل والذي تجود به شجرة الليمون المحنيـّة الظهر، بالقـرب من صنبور المياه، أو إلى الظل الآخر الذي يرمـيه الحائط العالي الذي يفـصـل بـيـتـنا عـن بيت أنـّاو شرفـو .
يقـوم خالي بسحب السرير في عجلة واضحة، وعـندما يصل به إلىبقعة ظليلة يرتمي عـلى الفـراش مُمـنـيّـاً نفـسـه بـنـومة هانئة حتى مـوعـد الفـطور ، متضرّعاً في سـرّه ألا تبكـّر أنـّاو بتـول صادق بزيارتها هذه المرّة لتروي لجدتي ، في الفـراندة المواجهة لـبوابة البيت أحداث الطيف العجـيب الذي أقـلق منامها ، متعمدةً ، في كل ذلك، ألا تنخفـض نبرة صوتها ـ(هـكذا كان خالي يفـسّـر، مستاءاً، سلوك جدتي بتول صادق، واصماً نيتها بعلامةٍ سلبية ٍ، الأمر الذي أدى لنشـوء جفـوّة طفـيفة بينهما ردمها،لاحقاً، تـراب الزمن) ـ حتى يسـتيقـظ النائم في وقـت ٍلايجـب أن ينام فـيه الناس إلا إذاكانوا عـليلين ( الحجة المستهلكة الـتي تـتـسـتـر وراء حجابـها جـدتـي بتول صادق و تـبرّر بها سلوكها اليوميّ ).
بعد أن تفـرغ من إعـداد شايها المتميّـز النكهة و الطعم تطلق جدتي سراح الخراف والأغـنام التي تأخذ في الصياح مفصحة ً بذلك عـن تبرّمها وإعـتراضهـا العلـني عـلى طول الحبس الليـلي في الحظيرة، يرافـقـها ـ متضامناً ـ نقـيق الدجاجات الغاضبات يلـّوثن رملة الحوش بالفـضلات التي لاتـنـتهي، ويروق لـهـن الطواف عـدّة مـرّات حول سرير"النائم"، الأمر الذي يعـتبره خالي، وهـو مايزال تحت الغـطاء، حـلقـةً من حلقـات مؤامرة كونية تحاكُ ضد غـفـوته الصباحـية ، مؤامرة عـقـلها المدبـّر: أنّاو بتول صادق وبشرك ٍ من جدتي فاطنه وحيواناتها وطيورها الداجنة وشمس البطانة اللـئيمة أيضاً!، وتقـوم بتسليم السعيةّ لمحمد مَـلـّو راعي البهائم ، وتعيد المعيز والحملان ـ بصعوبةٍ ـ إلى مكانها في الحظيرة، وتكنس الحوش وترتب الأثاث، وعندما ترتدي جدتي ثوب" الكـرب" الأسود، أتبعها إلى الخارج، بلا تردد .
نسير سويّـاً ـ يداً بيد ـ في إتجاه الحواشة الواقعة ضمن حزمةٍ مـن الحواشات يُطلقُ عـليها إسم"إتناشرات" ، تمييزاً لها عـن بقـيـّة الحواشات التي تحـمـل هي الآخرى أسماء دالـة : نمرة واحد ، نمرة إتنين، نمرة تلاتة، نمرة أربعة ، نمرة خمسة ، نمرة ستة، سبعات، تمانيات ، حداشرات ، تـلتاشرات و الأملاك .
لاتكـف جدتي لحظةً واحدةً ونحن نقـطع الشارع الذي يقع عـليه بيتنا عـن توزيع تحـية الصباح على المارين. نجـتاز ملعب كرة القـدم فـتـنـتهي عـنده حدود"عـمكة ". نتوغـل في حي" جمي" ثم نمر بحذاء صف النباتات التي تسـّور المدرسة الإبتدائية المختلطة ونخـلّــف وراءنا الـبيوت فـتـتـلـقـانا المـقـابـر.
تصـمـت جدتي ، تتوقـف وهي تقـرأ سورة الفاتحة على الأموات وتطلب مني بالإشارة أن أفعل ذات الشيء فأنصاع للأمر باسطاً كفيّ بطريقة مضحكة وأنا أتـلـفـت ذات الـيمين وذات اليسار دون أن أعـرف بالضبط مالذي يتوجـب علىّ قـوله في تلك الحالة ثم يسـتأثـر بإهـتمامي ـ كمخرج ٍ من الورطة ـ منظر الغربان التي تسـتريح عـلى أغـصان السدرة المنتصبة بين شواهد القـبور. تكمل جدتي طقـوس سلامها الصامـت عـلى الأموات وهي تخص قـبوراً معـينةً بإهـتمام إستثنائي يتجلّى في تركيز البصرعـليها وهي تمسح المقـبرة الساكنة بنظرة عـطفٍ شاملة للتعـساء وتختلج ملامح وجهها الأسمر، وتطفـر من عـينها دمعة تكـفـكـفـها بطرف الـثوب ثم تجذبـني من يدي فـنواصل السير دون أن نتبادل كلمة واحدةً حتى نخرج من دائرة المقابر ونصل إلى الصهريج المحاذي" لـتـرعة إتناشرات " مصدر مياه الشـرب الوحـيد لقـريتـنا آنذاك .
نحيي مهمود بسيوني عامل الصهريج المستوحد في ذلك المكان المهجور و تتبادل معه جدتي حديثاً قـصيراً ثم نقـترب من حافة الـترعة شبه الساكـنة. تنحني جدتي وتخـلع شبشها وتحمله بيدها اليسرى ، تأمرني بخلع حذائي.تنحني ثانيةً لتحملني بيدها اليمنى وهي تخوض في ماء الترعة ـ (القـنطرة بعـيدة) ـ ونغطس، أحياناً، إذا ما صادفـتنا حفـرة عميقة أو كان الماء غـزيراً على غـير العادة.
نخـرج من الترعة ، نسير قـليلاً ونعـبر صفـاً مـن أشـواك " الكـِتـِر" الكـثيفة المتشابكة على يسار الطريق ثم ندخل منطقة الحواشات . عـندما نصل إلى حواشات " إتناشرات " أكون قـد بلغـت رجائي أو أكاد . فـهناك عـلى أطراف جداول" أب سـتة" و" أبـو عـشـرين " ينـتـظرني عالـميّ .
(3)
" الـُـفـُرتـّه " نبتة بريّة ، قـصيرة الـساق، تـنمـو عـلى أطراف جـداول" أب سته" و" أبوعـشرين" ولايهـتم بأمرها إلا الأطفال ، وهي غـير مُـضـِرّة كالأعـشاب الـتي تـتطفـل عـلى المزروعات، و هي الأبعد عـن صفة الجشع ضمن قائمة النباتات التي عـرفـتها عـن قـرب فـصادقـتني و محضـتني موّدتهـا بلا حساب . تتجنب الفـرته الإفـراط في التكاثر كـيلا تزيد أعـباء المزارعية الذين يعـظّمون ذهـد ها الفـطري . يهشون لها عـند مرورهـم ملوّحين بحقـد المناجل السفـّاحة ( تقـطر من شفـراتها اللامعة المتعـطشة للـقـتـل المجّاني دماء" السـِعـدة " و"الهَـمـبرتي") ، مقـتـفـين أثر" الأنكوج" والعشبة الممقـوتة تراوغـهم حـيـناً حتى تجد سكةً للهرب وتندس مضطربة الأنـفاس بين سيـقان الأقـطان وهـي تدرك أن نهايتها قـد حانت، لكـنهاـ كالآخرين ـ تعـشـق الحياة!. يداعـبون وريقاتها و يغازلـونها هـمساً : " وو فـنتي تو، وو مستو" *، فـتشيح بوجهها من فـرط الحـياء، فـيدعـونها تواصل العـيش في سلام مسـتمتعةً بحـمام شمس الظهـيرة دون أن يـتطفـل عـلى عُـريها المقـدّس إنسـانْ .
" الــفـرتـّه " نـبـتة ، عـفـيـفـة، ألـيـفـة، خجـولة، متواضعـة ، وديعة، حنونة، مسالمة وصبورة كجدتي، تـطرح أثمارها الصغـيرة الصفـراء وتـغـلـّـفـها ــ خـشـية الغبار والحشرات وأشعة شـمس البطـانة ونظرات الكـبار الحارقـة ــ بخـمار ِ وريقـات ٍ رهـيفة ٍ و ناعـمةٍ ، وتـنـتـظـر، طوال الـيـوم، مـقـدم الأطفـال .
.إنـها نـبـتـتي أنا : مليكة طفـولـتي القـرويّة الـبهـيجة ، نـداء السعادة المـقـبورة في جبّانات إحـن المهاجـر و مراراتها، معـشوقـتي الأولى وحـلـمي الأخـيـر!
(4) قـبيل موعـد الفـطور تكون جدتي قـد فـرغـت من تنظيف الحواشة فـنسلك طريق العودة محـملـّـيـن بحزمة كـبيرة مـن " الهـمبرتي" وجيوبى ملآى بالُـفـُرتـّة . (5)
اُرغـمـت على مـفارقـة القـرية عـندما حضر والداي في إحـدى العطلات الصيفـية وأخذاني من كـفـالة جدتي ـ جـثةً تكـفـّـنـها الدمـوع ـ إلى حيث يعيشان في محطة" الحصيره" الواقعة على خط سكك حديد السودان، في المسافة بين" الحواتة " و" قـلع النـحل ". حرمـتـني سُـكـنى المكان الجديد من جدتي وقـريتي . حرمـتـني من طعـم الفـرتة أيضاً. كانت الحصيرة محطة قاحـلة لا تـنـبـت تربـتها شـيـئاً خلاف الذرة البيضاء والحمراء و" التمليكة" و" التبش" وأعـشاب أخرى عـديمة النفع لم تـستأثر بخيال طفـولتي، فـلم أتوقـف عـندها كثيراً ولم أكترث لـتـدوين أسـمائها في دفـتر تلك الأعـوام .
عانيت من غـياب جدتي، وعـذبني" الفـطام الـُمبـكـّر" مـن عـذوبة طعم الـُفـُرتـّه . هـذا الغـياب و ذاك الفـطام إنطبعـت آثارهـما المهـلـكة عـلى صفـحة روحى إلى الأبد ( أعـتقـد أنهما كانا الـسبب الرئيسي في أن الشـيب بدأ يغـزو شعـرى وأنا تحـت سـن الخامسة عـشر، لا العامل الوراثي كما تـزعـم والدتي سعيده أهميد طه). في الأمسيات الطويلة ـ بلا تلفاز أو برنامج للتسلية ـ عـندما تحل الكآبة ونحن نـتمـدّد على العناقـريب في فـناء الحوش الضيّـق تحـت سـماء الحـصيرة الرمادية المكـفـهـّرة ، كان صدري يـموج بالحـنين. كنت أستحي من أحزاني فأحاول إغـراقـها في بطن" الماعـون"المزدان بعددٍ من الأهـلـّة الزرقاء والمترع باللبن الحليب الذي كنا نكـثر من شربه في تلك الأعوام( كنا نمتـلك حظيرةً عامرةً بالأبقار)، لكن الحيـلة الطفـولية الساذجة لم تنطلي عـلى أحد، إذ كانت الأحزان صعـبة الـمراس وفـضائحية السلوك : تتمرّد على قاع الماعـون لـتطفح فـوق رغـوة اللبن كاشـفة بذلك سّري و فاضحة حزني فـيزداد إرتباكي و يتعاظم خجلي .
أسـلمت والدتي أمرهـا لله بعد أن فـشـلت ذخيرتها المكنوزة من حنانالأمومة في تعويضي عـن غـياب جدتي، أما" الـُـفـرتـّه فـقـد أرغـمـني جـفـاف الحـلـق المزمن عـلى الإنكسار والإستسلام ، مسـتبدلاً ولهي المجذوب بطعـم " مـنقـة" الحواتة الذائعة الصـيت في تلك الناحية ، وحلاوة البطيخ الذي ينمـو في رمال سنار وتجلبه اللواري السفريّة وهي تشـق قـلب الحصيرة في طريقـها إلى المدن الكـبرى . ألـف طلعتي سائقـو و" مساعـديّة" تلك اللواري المحـمـلة بالبطيخ والذين أدركوا مأساتي دون أن يطلعهم عـليها أحد ، وأشـفـقـوا علي طفـولتي المكروبة وحفـظوا إسمي وإعـتادوا إنتظاري حافـياً في الهجـيرلأشـتري بطيخة " روسمان" أترنح من ثـقـلها وضخامتها وأنا أحملها سعيداً إلى البيت. لكـنه كان خـداعاً للـنـفـس و تعـويضاً قـسرياً مؤقـتاً وبائسَ الحصاد ِ لثمرةٍ سماويةٍ فاتـنةٍ لاتـعـوّض!. (6)
تقـدمت بي سنوات الطفـولة فـدخلت المدرسة الإبتدائية في تلك المحطة الخَـلـويّة. وتمكنتُ من حفظ العديد من السور القـرآنية بينها سورة عبس. لسببٍ ما إرتاح لها فـؤادي . كـنت أتـلـو السورة عـدّة مرات في اليوم وأرددها أثناء الصلاة وفي كثير من الأحيان : ( هـكذا) من باب تزجـية الوقـت !. وأتعجل تلاوة السورة كيما أصل إلى الآيات (وحدائق غـلبا وفاكهة وأبّا. متاعاً لكم ولأنعامكم)، فـيطلق خيال الطفـولة لـُمهره العَـنان، فأرى بوضوح كل ما سيحدث في يوم القـيامة ( إذ ما كـتـب الله ) لي دخول الـفـردوس مع الموعـودين والمبشرين والشهـداء : أبصرت الحاجب رضوان يحرس بوابة الجـنة الموصدة ممسكاً بكوكاب ـ ( لم تخـتـلـف بوابة الفـردوس في مخـيـلـتي الطفـولـية آنذاك عـن بوابة بيتنا الحديدية الضخمة ، لكن بوابة بـيـتـنا الريفي على تواضع مظهرها الخارجي و دنـيـوية المواد التي صُـنعـت منها، تـتـفـّوق على بـوابة الجـنة بإمتياز كونها لاتـوصَـدُ في وجوه الضيـوف و الزائرين حتى وقـت متأخر من الليل، والأهم : لـيـس لها حاجـب يحرسها بكوكاب !) . إستقـبلني رضوان بإبتسامة بشوشة وخاطبني، لدهـشتي، بلغة عشيرتي. كان مزاجه في تلك الساعة معتدلاً فـسألني بلكـنة شفـوقة إمتزج فـيها الهزل بالرأفة والسخرية : وواسمان مهيميد سالهين، ساوو قـوسه إر هـِدو تون داري ؟ *، * ثم حـشى جـيـوبي وملأ طرف قـميصي و"مُـخلاية" الكتب والدفـاتـرالمدرسـية بالُـفـُرتـّة التي تنموعـلى ضفاف الكوثر، تذوقـت واحدة منها فـوجدتها تعادل من حيث الشكل والحجم وعذوبة الطعم الـُـفـُرتـّة التي تنموعلى أكتاف الجداول وبطون"السَرابات"التي تـفـصّـد حواشات روحي، وتثمر في سكـينةٍ وطمأنينةٍ تحت شمس البطانة القهّـارة، وهي تنتظر عـودتي !. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هامش : *وو فـنتي تو، وو مستو : ياأيتها التمرة الجميلة. ( تجنبت الترجمة الحرفـية دامجاً العبارتين في عـبارة واحدة تفـيد المعنى الإجمالي ) *وواسمان سالهين ساوو قوسه إر هـِدو تون داري ؟: من أين جئت يااسمان مهيميد سالهين وأنت بهذه الشناعة؟ .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
فيصل .. هذا العثمان يوجعك ويشجيك بما يرسم .وقادر علي النظر الي ما نخبيه في دواخلنا التي نحاول ان تبقي هناك عجزا فلا نحن قادرون علي تشكييل رسم مثله يكفينا رؤية ما نخبيه ولا شجاعة لدينا لاقتلاعه من دواخلنا ....كيف لعثمان من رسم فسيفسائي دقبق التفاصيل كهذا الذي يشكله لمخزون من ذكريات لطفل .. انها فاطنة حسن تترجم ما تريد بعفوية وابداع عاطفي شجي خلقنا ووجدناها عليه بكلمات عثمان والقه ..هذا التمازج الروحي بين الجدة والحفيد ليس للذي بين جدة اخري وحفيد ..انه ابداع الخالق ...
محمد عبداللطيف ورحلته الي لندن في ذاك الزمان البعيد اخذت في سنوات طفولتنا زخما فجعلت كل ما يبدو لنا طائرة في السماء هي طائرته وان لندن صارت من خوف وهلع دوانه سعيد علي محمد هي المدينة التي لابد ان تكرهها كل عبكة ...ولقد كان ! حتي التهينا بكوارث الهجرة والسد العالي ... من تدابير القدر وانت تذكر زكريا محي الدين وكانت سنوات غربتي الطويله قد جعلت بيني وبين من من هم في عمره حاجزا الا ان الفاتح بعث لي رسالة اليكترونية اول امس يقول لي " اعطيت رقم هاتفك الي زكريا ابن محي الدين شلك وهو يزور الامارات والان موجود فيها ؟" لم يتصل بي او اتصل قلم استبيين رقمه ولكنها تدابير الفدر ..
ابراهيم دوانة سيبقي لغزا واجب التقسيير لاجيال لا تعرفه كما نعرف ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
الأخ فيصل و الإخوة المتداخلون
تحياتي العطرة
لا يأتي إسم عبكة أو عمكة إلا و تجدني مشدوداً إليها لعدة أسباب.
و قبل أن ألج إلى الأسباب لا بد لي أن أذكر أنه عندما إنتقلت معلماً إلى القرية 15 كان في معيتي إبن خالتي محمد سعيد منقولاً لإحدى قرى حلفا الجديدة .. فقال بعد أن وصلنا تخوم عبكة من جهة منزل قرناص :
من دخل عبكة فهو آمن .. و من دخل بيت قرناص فهو آمن
أسبابي التي ذكرتها أعلاه : أن عبكة هي قرية كنا نمر عليها في صغرنا عندما كانت حلفا ( لبنان عصرها و باريس زمانها ) .. نمر عليها من فوق اللواري ..
و السبب الآخر أنه من النادر جداً أن تبقى نفس خصال شعب تم تهجيره من دياره كما يتم إقتلاع نخلة من جذورها ، ثم يكون الشعب يعطي نفس العطاء الأخلاقي بنفس الزخم رغم أنه يعيش في بقعة إفتراضية خارج رحم التاريخ المكاني و الزماني ..
إنهم أهل عبكة .. شهادتي في عبكة قد تكون مجروحة .. لأنني رضعت سنة و نيف من حميمية النوبة الأصلية من إمرأة إسمها فاطنة حسن .. و أيم الله إنها والدة بمعنى الكلمة .. قلما يجود الزمان بإمرأة مثلها في إنسانيتها .. فهي أم روؤم .. قامت بتربية أبناءها و بناتها ، و من يراهم يقول لا بد أن هذه المرأة تلقتْ دروساً في علم النفس أو التربية.. و لكنها بفطرتها السليمة و معدنها الذي لا يصدأ ، وفقها الله في تربية أبناءها تربية يفتقر إليها بعض الأسر في زماننا هذا رغم وجود كل سبل الحياة .. العم أحمد محمد طه .. هذا الرجل الودود .. الذي كان لا تفارق البسمة شفتيه إنهما والدا فيصل طه .. و جد و جدة عثمان .. في ذاكرتي عطبرة و والداى يقبعان دون زحزحة .. و في ذاكرتي عبكة بقرية 15 و فاطنة حسن و عمر أحمد طه و عادل و إسماعيل .. كَفَّة أخرى للميزان دون أدنى مبالغة. فقط لا غير هذان المكانان.. لأن هؤلاء يذكرونني بطبيعتي الحالية .. الذكرى الحميمة .. و الحنية بتاعة ناس البلد القدام.. قصرت تماماً في زيارة أهلي بعبكة .. كما قصرتُ في زيارة قريتي بالشمال منذ عام 1974 حيث لم أزرها منذئذ. و لكن كل هذا المزيج يشكلان إحساسي و مشاعري .. شخصيات عبكة ... لا تفارق الذاكرة .. أورون هوش .. و الصهريج .. و محمود بسيوني .. و محمود جريمة و دياب الجزار و حسن كديس ,,,,ووووووو رحم الله الأحياء منهم و الأموات
الأستاذ أبو بكر
تحياتي العطرة
جاء في مداخلتك :
Quote: معلومة : عمكة هي اسم للفخار الذي اشتهر به النوبيون والفراعنة قبل الاف السنيين .. الفخار المنقوش اللامع من رواسب رمل النيل ويسمي عمكة |
هناك رأى آخر في هذا الصدد.. فحرف العين غير موجود في اللغة النوبية بكل عصورها القديمة و الوسيطة. لذا فإن نطقها بالعين فيه خلاف. و ما عرفته من المرحوم نجم الدين محمد شريف ( الذي تشرفت بالعمل معه كمتعاون ) بأن عمكة أو عبكة قد يكون إسماً مدغماً و محرفاً من إحدآ هذه الإحتمالات :
1. عمكة : هي أمكة : و هي إختصار ( أمَنْ ) و ( أركة ) أو ( أركي ) .. و هو خليط الماء و الطين .. أىْ الفخار. 2. أبكة : و هي كلمة محرفة من أُبُك .. و هو الشيء الضخم أو الكتلة. 3. أُمُّكَة : و هي بمعنى المنتهى ..
و لا أذكر بقية الإحتمالات و التي للأسف لم توثق نظراً لظروف كثيرة صاحبت أيام نجم الدين الأخيرة بعد تعرضه للحادث المشئوم.
أرقدوا عافية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: ابو جهينة)
|
شكرا للجميع للكتابة عن مسقط راسى وموطنى وموطنكم عمكة شكرا يا شقشيقى فيصل على هذا البوست الرائع شكرا للباشمهندس ابوبكر شكرا للاخ والصديق ولياب شكرا للاستاذ ابوجهينة شكرا لابن خالتى الاستاذ بشرى شكرا للصديق ابن اختى عثمان شكرا لكل من كتب فى هذا البوست حرفا ولكل من شارك بالقراءة لقد خرجت من عمكة صغيرا ولا اتذكر الكثير عنها لكننى اذكر اننى كنت اهوى مراقبة صيادى السمك فى صغرى وكنت اساعد الراحل صلاح محمد عثمان فى جمع ما يصطاده من سمك وقد اهدانى ذات مرة سنارة قبيل المغب علىشاطئ النيل فقمت بايصالها الى خيط دوبارة وذودتها بالطعم ثم تركتها فى الماء حتى الصباح وقضيت ليلتى احلم بسمكة كبيرة ستكون حتما عالقة بسنارتى استيقظت مبكرا وذهبت لتفقد سنارتى ( اول سنارة فى حياتى) فاذا بى اجد الخيط قد انقطع من المنتصف والسنارة لا اثر لها وبما اننى حتى الان اهوى صيد السمك فاننى استعيد هذه الحادثة الى ذاكرتى كلما اتيحت لى الفرصة لممارسة هوايتى المفضلة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
التحية لعشاق عمكة ، ولا سيما للدكتور عادل طه الذي شرف البوست بعد طول غياب ويبدو أن الدكتور الأنسان عادل مشغول بالمرضي ويكفينا فخراً أنك (دكتور إنسان) وليس (دكتور بدرجة رجال أعمال) .
والتحية موصولة من قبة سليم حتى عمكة وبالعودة تحف أستاذنا أبوجهينة ، صاحب الحكي الجميل السلس .
قريبنا ابوبكر
سردك جميل أرجو أن تواصل .
فيصل ، عثمان ، بشري ، لكم التحايا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: ولياب)
|
الأخوة الكرام ابوبكر أبو جهينة عادل وولياب
أنة لمن سوء الطالع العجيب أن أكون اليوم متورطا في المكتب حتي لحظة كتاية هذه الكلمات رغم الهطول الرهيب الذي شهدة البوست مساء اليوم - زنقة ما حصلتش في التاريخ القريب - ولا يزال مسلسل التورط مستمرا حتى لحظة إعداد هذة النشرة المقتضبة وتشير ساعتي الآن إلي الحادية عشر ليلا ....
سوف أتي غدا إنشاء الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
أخونا العزيز أبو جهينة كانت عيني ترف طيلة يوم البارحة وأنا وعلي نسق ما كان يرددة كبارنا في مثل هذه الحالات كنت أقول يا رب أجعله خيرا فتارة يأخذني القلق المتوثب في دواخلي ويحضني للإتصال بالمنزل لعل ردا من المدام يسهم في إنقشاع الأمر وحينما لا أجد من يرد علي تلفون البيت أرجع خاسئا إلي قلقي وأوهامي لأحاول إستنطاق جوالي الصامت الذي أبي هو الأخر علي كشف خبايا ودوافع رفــــة العين تلك حتى سرقت فسحة صغيرة من العمل لأجد الإجابة في حوش سودانيزاون لاين – أخونا جلال أو ابوجهينة يمطر بوست عبكة بمداد أخضر شجي وكان ما كان من أمر الورطة المكتبية التي حالت دون ردي في حينة
الأخ جلال . نزلت أهلا وحللت سهلا بين أهلك وأحبائك العبكاويين فنحن ما زلنا والشهادة لله مشدودين لتداعيات تلك الفترة الخصيبة التي أهدانا إياها ذاك الزمان الجميل العابر الذي جمعنا وإياك في ربوع القرية خمستاشر الحبيبة – لا زلت أذكر حضورك الجميل البهي وأنت تداعب بأناملك الفنانة ذاك العود القديم الذي كنا نجتمع علي إيقاعة الحزين في أمسيات مضمخة بالحب والإلفة والخوة النبيلة
ما زلت أتذكر كل تفاصيل ضحكاتك المعبرة التي كنت تطلقها من القلب وناس جريمة ومحمود بسيوني وأصدقاء أخرون عزيزون يتحلقون حول مجلسكم العامر بكل الحب والإدمان – أخي جلال كيف سارت وتسير بك الدنيا بعد مغادرتك الفجائية لعبكة – أدخل في بوستاتك الأدبية الأنيقة كلما سنحت لي الفرصة بذلك لكنني لا أجرؤ علي ترك كلمات إعجاب قليلة حتى لا تفسد كلماتي الغلبانة البهرجة التي عادة ما تصاحب مواضيعك الفنانة وأراك تقول في إحدى مداخلاتك الأخيرة بانك سوف تشد الرحال في يوليو القادم لتمضية بعض الأيام وسط الأهل والأحباب في الخرطوم – ويقيني بأننا قد نلتقي هناك – تعال إلي النادي النوبي فمعظم أمسياتنا في الخرتوم نقضيها داخل أسوار ذلك الصرح النوبي الشامخ وأخيرا عايز أقول ليك بان إحدي النكات الجميلة التي كنت قد سمعتها منك لا تزال تطنطن في أذني حتى اليوم ( النكتة التي رويتها لنا ذات مرة عن تلك المرأة التي إرتشفت كأسا من عرقي بلح صافي وتفتفته علي عجل قائلة : أبيا وا إدين قوس إنا حملي
يديك العافية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
الحبيب عادل --- التحيات لله
حزنت جدا لسنارتك التي غطست فيما أعتقد في أمن مشرا أو فاش نارتي والسمكة التي قبضتها في مخدة الأحلام --- لماذا لا تحكي لنا عن خواجات الأثار الذين سكنوا قبالة منزلنا تحديدا في بيت حبوبتنا الراحلة بتول صادق والخواجة الشاب الذي أطلق علية أخونا اسماعيل اسم ابشوشة و الذي كان قد أشتري حمارا من عمنا المرحوم حسنو يمتطي صهوته بطريقة عكسية متجولا به أمام الفسحة التي كانت تفصل بيتنا وبيت بتول صادق وهل يا تري ما زلت تذكر الحفلة الختامية التي نظمت لخواجات الأثار في منزل المغترب الدنقلاوي بلبل وكان فنانها الشاعر المبدع الراحل محمد عثمان خليفة والذي تغني أمام الخواجات السكاري بالدكاي النقي أغنيتة الشهيرة وهي بالطبع جميلة بالنوبية فقط - أقوندينا في الكــــــرجي وأمن أركي في القللي – صدقني تتعبني هذه الحكايات الحبيبة للنفس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
عزيزي فيصل
سلام يعبق بعبق تلكم الأيام الفريدة
أرجعتني بكلماتك لذكريات حميمة ستظل رابضة في قاع المخيخ.
عندما أدينا أنا و عزيزي عمر الإمتحان في معهد الموسيقى .. ثم أتيت لقرية 15 لأنزل ضيفا عند الحاج قرناص صديق والدي .. ثم إصرار عمر و تسللنا خلسة إلى منزلكم العامر ليغضب بعدها آل قرناص مننا .. ثم سرعان ما عادت المياه إلى مجاريها ..
جلساتنا الحميمة على نغمات العود و صوت الأستاذ عمر ( البخيل جدا بصوته .. الكريم للغاية بكل ما يملك ليسعد الناس ) ..
ياااااه .. أقول شنو و أخلي شنو ؟ تتزاحم الرؤى و الأحداث .. و لكن يبقى شيء واحد ليظل إطارا لكل هذا و ذاك .. و هو وجه فاطنة حسن بإبتسامتها الودودة و صوتها الحنون لتذكرني بصوت أمي رحمها الله. لله درها. لا زال الفاتح أخي يحمل كل الود لصديقه عادل. و لا زلت أذكر هدوء إسماعيل ..
و يغلبني الكلام و أقيف هنا ..
عافاكم الله.. تحياتي لكل من يمت لعبكة بصلة ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
"تكا مولك ".... محمد احمد محمد خليل " محمد شلك " اكبر ابناء احمد محمد خليل " احمد شلك او احمد طماية احمد سليمان "... كان احمد شلك شديد البياض تخاله من الممالييك طويلا فارها يقفز راكبا حماره الابيض العالي بقفزة واحدة ,وقالت لي والدتي فاطنة هجيجة - اطال الله عمرها – ان جدها طه احمد وهو خال احمد طماية ( احمد شلك) هو االسبب في كنيته ب " شلك" ..فقدكان ابن اخته احمد طماية يصدر اصواتا حين يبكي شبيهة بصياح اهلنا الشلك فكان يقول " اسكتو الشلكاوي هذا " فالتصقت به الكنية .. اما ابنه البكر محمد والذي ورث عنه المشيخة فقد ورث عنه كذلك طوله فوالدته من دتي وكان مغرما بفلاحة الارض لا تبدو عنده رغبة في مشيخة او سواها فهو فلاح يحب ارضه ومزارعه وجزره وكانت من الممنوعات علينا جميعا بمن فينا من صغار عفاريت كفيصل وجعفر صالحيين اللذين كانا يرتادا اي جحر في كل عبكة ولايقدر علي الامساك بهم دوقوقو وكان اسرع الصغار والكبار جريا ... المهم ان محمد شلك كان موسوعة متنقلة عنده اخبار الاجداد وتواريخ الاحداث منذ المهدية .. كان اكبر من اعمامه ابودقن والدي وعثمان فلذا فهو العليم بكل تواريخ الاسرة وكل الاسر .. ذاكرته لا تعرف الزمن فما حدث قبل خمسيين عاما قريب جد ا عنده يتفه الزمن ولا يعترف به فكل تاريخ مهما قدم هو قريب ولازمته" تكا مولك " اي "تلك القريبة " التي اشتهر بها عند ذكر الحدث مهما كان في زمان قديم كان يختصر بها الزمن والاحداث .... كان من الطف خلق الله ودودا باشا بالكل الا من تغول ووطاءت قدماه مزرعته قرب المقابر ..كان نخلها يعطي رطبا حلو ولذا كانت عفاريت من كلوهوش تنتظر اوبته الي اوروهوش وراكوبته في المغرب لسرقة بعض من رطبها الا ان الخوف من المقابر كان يمنعهم من المداومة علي ذلك ولذا بقيت مزرعته بعيده المنال تحرسها عفاريت المقابر من عفاريت كلووهوش
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
صباحي اليوم حزين .. رحل صديقي رائعة النوبة حمزةالدين مساء الامس حيث كان يعيش في كاليفورنيا وسيدفن اليوم ويسير في جنازته عمدة كاليفورنيا ...رحل قبل ان افي بوعدي واتصل به كعادتنا منذ سنوات ... سافتقد صوته وهو يرد علي الهاتف " انينغا هكر في ؟ " سافتقد رسائلة واسطوانته الجديدة التي كان يرسلها لي ....انا حزين ولو عرفته عبكة لحزنت عليه ..لاحول ولا قوة الا بالله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
دروب عبكة – من ذاكرة طفل (الجزء الثاني)
فيصل .. امس اتصل صالح محمدطه ( خالي وعمك) من الخرطوم ويبدو ان تأثركثيرا بمساجلاتكم عن عبكة وقال انه سياخذها معه مطبوعة الي القرية يوم الجمعة وكانت الوالدة ( عمتكم) مسرورة به وباوراقه وبكم جميعا ....
وهاكم بعض من ما تجود به الذاكرة الكهلة عن عبكة ودروبها :
عبكة كما ذكرت كانت مستطيلة او رباعية الشكل بيوت من اطرافها الثلاث ووسط بعضه خال وجزء به مزارع والجزء الموازي للنيل كله نخل سوي بيت محمدخليل وال سعدالله ... شمالا وبعد المدرسه لاقل من كيلومتريين كانت ارتقو او علي بيك وكلا الاسميين شغلا فكري كثيرا وانا صغير وما زلت ..وارتقو لم تكن ارتي ( جزيرة) فكيف هي ارتفو (جزر ) ومن هو علي بيك فساكنيها كانو صادق حسين ( ال بركات) وسيدي ككو وسليمان ( ذهب عني اسمه الثاني) كان انيقا في لبس ملاحظ الصحة .. وكان هناك الحكيم نصرالله .. كان ممرضا ولكنه يقوم بكل مهام الطبيب عدا اجراء العمليات .. كان طويلا انيق الهندام نظيفه يهتم بمظهره وكلامه كثيرا لا يقول لغوا ... يعرف لكل داء دواء .. كنت اركض من عبكة الي ارتقوا علي الاقل اسبوعيا لاتي به الي والدتي بعد ان تكون حساسية لعينة قد كادت ان تقضي عليها فيحقنها بدواء فترتاح حتي اسبوع اخر ...ومرة كاد عرابي وعائشة ان يرحلا عن الدنيا حينما ارادا تحضير وجبة فته لهما الاثنين فقط - وليس انا منهم- فبدلا عن زجاجة الزيت استعملا زجاجة الفلت القاتل للحشرات وهما في مخبئهما يلتهمان جريمتهم اصابهم مغص وقئ فما كان مني الا الركض الي ارتقو لاتي بنصرالله –لحسن طالعهنا الثلاث هما ارادا الفتة لهما وحدهما ولو كنت معهما لما وجدنا احدا يركض الي ارتقو في ظهر يوم عبكوي حار ... اتي نصرالدين بمعداته وافرق ما في مع معديتيهما وهكذا كتب الله لهما نجاة باذن الله علي يدي انا الذي رقضا ان اشاركهما وليمتهم ... ارتقو هكذا ارتبطت عني بنصرالله و جدتي حفيظة وابنتها راضية فكانا يسران كثيرا عند رؤيتي ومحي الدين عندما ياتي في اجازته من الخرطوم ولكن كان هناك ما يحول دائما بيني وبين ارتقو وهو " التركجيين " فاهلنا في ارتقو هم امهر صناعها في المنطقة وبراميلها السوداء هي اول ما تطالعها عند زيارتهم ... ولسبب او اخر كانت الاسماك وحصاد النيل من محرمات فاطمة خديجة ولا يسمح لنا بالتفرب منها اوذكرها وورثت ابنتي من جدتهن ذلك – رغم انهن ولدن في بلاد يها السمك اهم وجبة ويدرسن في بلاد كذلك تشتهر بحصاد البحر -.. اما انا فلم اكل سمكا الا بعد ان تجاوزت العشريين وعرفت رويال والريفيرا في العاصمة ... وبسبب التركجيين رماني عبدالله حسن ابراهيم واخاه محمد حسن في المياه الضحلة في كروور عبكة وتخيل لي حينئذ انني ميت لا محالة غريق في النيل .. ولكنهما كانا يعرفان ان المياه ضحلة واني اغرق في شبر ماء ..وكنت وانا تحت الماء كما تهيئ لي اسمع تجاني يتعارك معهما وانهما اغرقاني ولكن بعد قليل اكتشفت انه يمكنني الوقوف وعندئذذ وجدت الماء لا يكاد يصل ركبتي .. وسبب العراك هو انهما كانا عائديين الي شرقندي بعد ان اشتريا قفة مليئة بملح حجري ابيض من دكان ابوككي لزوم التركجيين وكنت وتجاني عائديين ربما من ابكانارتي او حمدان وتقابلنا عند الكوروور وعندما رايت قفة الملخ صحت " اخيييي!!!! ياابتاع التركجين العفن " وكان ما كان ..!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
ابن عمتى العزيز ابوبكر وقع خبر رحيل الموسيقار حمزة علاء الدين على كالصاعقة خمزة صاحب دسة دسى براما ان دنيا شد مسودتا كانت اغنياته خليط من الحنين والحزن والامل .... والوفاء لنيل النوبة ولارضها ارجو ان تتقبل العزاء فى هذا الراحل الاسطورى
العزيز ابوجهينة التحية لك ولصديقى الفاتح والذى لم اره منذ امد بعيد والتحية لباقى افراد الاسرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: Faisal Taha)
|
فيصل ..انا ضمنت المعني في تسمية اوروهوش وكلوهوش .. اي اننا كنا في بيت واحد بيوته غرف :
....الخ وما بين الاطراف امتلا تدريجيا في الخمسينات من كلا الفصيليين وانسابهم وهذا جعل الاشارة وفقا بالاتجاه وليس ببيوت معينة فكلهم اسرة واحدة توزعت في غرف (بيوت ) القرية فمتونوق صارت كلووهوش واورونوق صارت اورو هوش ... عبكة لم تكن قرية وانما بيتنا كلنا لا نحتاج الي اذن مسبق للتحرك داخل غرف البيت الواحد ...
صالح يقرأ ما نكتب وامل ان يكتب ... هو غير موجود بالخرطوم الا لبعض وقت ويعود الجمعة .. لا اعرف ان كان في حلفا او القرية معينات لمطالعة ما يكتب في الشبكة ...
السجل من الاسماء التي ذكرتها اسعدتني واحزنتني حيث ان فيها اجيالا لم اعرفها الا من اسم ابائها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
ابوبكر
أكثر ما يشد إنتباهي ويثير فضولي وأنا أتجول في دهاليز عبكة عبر هذا الأثير الممتد إحتشاد هذه البلدة الصغيرة بكم هائل من الظرفاء وأصحاب النكتة الحاضرة السريعة فإلي جانب فارس الكلمة المرحة سيدي كوكو تنتصب أسماء أخري كثيرة في هذا المجال فمن منا لا يذكر حلاوة لسان أحمد كليلو السائق الماهر وعاشق السفريات الطويلة إلي أقاصي النوبة والسواق البديل الذي كان أحيانا يقود عربية ناس محمد فرح - ومن منا لا يذكر كما قلت محمد كدود وعثمان شلك ووالد المهندس عبدة غالية وصادق أمنة الرجل الذي عبر عن رفضة لمؤامرة فصل آرتقو عن عبكة عند التهجير بعمل جليل فدفعتة نفسة المحبة لعبكة وأهلها لان يتبادل منزلة بالقرية عشرة بمنزل في خمستاشر وقال قولتة الشهيرة يوم إرتحل إلي خمستاشر فعند وصول لوري أمان اللة الذي كان يقوم بترحيلهم إلي كبري املاك خمستاشر أطلق قولتة الشهيرة وهو يجلس إلي جوار أمان الله حيث قال ( خمستاشر كبري دويسنباتا آفيا ايدو سوكي )
كان لصادق أمنة أبن يدعي حسن صادق يعمل في ميناء بورسودان سائقا لبعض المعدات الثقيلة براتب عال ومجز وكان في نهاية كل شهر يرسل مبلغا محترما لوالدة لزوم مصاريف البيت وكان صادق أمنة سعيدا جدا بذاك الكرم الحاتمي والذي كان يفيض رخاء ومصروفا لبعض البيوت المجاورة له - بعد الهجرة بفترة قصيرة سافر أحمد كليلو صديق طفولة حسن صادق أمنة إلي بورسودان ليقنع حسن للإستقالة من العمل الحكومي والمساهمة معة بما يدخر من أموال لشراء لوري أيسوزو فكان ما كان وعاد حسن وأحمد كليلو من بور سودان باللوري الجديد رغم معارضة صادق أمنة القوية لفكرة إستقالة أبنة من العمل الحكومي - تم تشغيل اللوري علي خط عبطرة حلفا ولم تكن عائداته المالية بالصورة المرجوة فتم تغيير الخط إلي كسلا والقضارف ولم ينجح اللوري أيضا في تحقيق طموحات أحمد كليلو المالية الرجل البزخي في الصرف ومعة صديقة المكلوم حسن صادق - تعرض اللوري في إحدي السفريات لحادث مروري كبير ما أدي إلي إنقلابة عدة مرات وصار بعدة لا ينفع إلا في المتاحف - حضر حسن صادق إلي والدة وهو يعض علي بنان الندم وقال متلعثما لوالدة ( بابا ايقا سامح - أحمد كليلو أيقا قشجونا وا بابا واجهض في بكاء طويل وهو يستعيد في ذاكرتة شريط أيام العز التي أمضاها في ربوع بورسودان - نهض صادق أمنة الجريح بصعوبة بالغة من سريرة وقال مخاطبا ولدة حسن وحبات دموع تماثل اللؤلؤ في نصاعتة تملأ عينية ( وا أنقتو حكوما زاتو قلتانيمي أحمد كليلو قالك قطرتنا أوكيي في إشارة إلي سفر احمد كليلو إلي بورسودان بالقطار حينما قام بتضليل وخداح إبنة حسن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان م صالح وعادل طه- عبـــكة العشق الأبدي (Re: abubakr)
|
عزيزي بشري حتى يبقي البوست في تخوم عبكة - عايز أرجع بذاكرتك لوراء أيام ما كنتو تجو عبكة قادمين اليها من مدنــــى ( حي ود أزرق ) وكانت الخالة الراحلة شفوقة وعندما تحتدم المعارك الصبيانية بينك وبين عمر ويتم الإحتكام إليها لفض النزاع كانت تترنم بأهزوجة رقيقة لا تزال الوالدة فانـة ترددها من وقت إلي اخر وكانت كلماتها تقول : أمروقن تا أمرولنا بـــشري حاج كرسين أميرنا.
| |
|
|
|
|
|
|
|