|
أســوان ومواقف عصيبة بطعم الإنتصار
|
الأجواء الربيعية المحيطة بام المدائن تعلن عن تحول تدريجي مبكر من فصل شتاء عامر بزخات برد لاسعة إلي الفصل الأكثر شهرة وقسوة في المنطقة. في خضم مسلسل عمل لا ينتهى وإلا ليبدأ ثانية تقاطر جمع من أغراب ومحليين بلبسات شتي إلي صالة أعدت علي عجل في مركز القيادة والسيطرة الكائن في بدروم منسي في منطقة عسكرية كتبت في مداخلهاعبارة ممنوع الإقتراب أو التصوير لتحتضن فعاليات إيجاز عسكري تفصيلي لنظام كشف وكسح الغام متطور يعمل في اجواء ومناخات متباينة او هكذا يتبجح مسوقوه الاغراب ( يعمل في الأغوار والأحراش وتحت مياة الانهار والبحر فضلا على علي الطرق المرصوفة وغير المرصوفة وجبهات القتال التي يستخدمها العسكر في عملياتهم الحربية.. طلب مني عبر مكبر صوت أجش الصوت أن أحضر الي ملحق البدروم الذي يحتضن الإيجاز العسكري - تثاقلت الخطي إدراكا بثقل المهمة التي سوف تلقى علي عاتقي المهدود وأناأشق طريقي داخل ممر اوما يشبة دهليز طويل ينتهي حيث بهو عريض محكم الإظلام يتحلق فيه اغراب وعسكر محليين علي طاولة بيجية بيضاوية الشكل وعيونهم تلتمع مصوبة تجاه بؤرة بيضاء في شاشة عملاقة تتسنتر صالة العرض السمعي والبصري audiovisual auditorium
جلس القوم الخليط في مقاعد وثيرة موسومة بمختصر اسمائهم العائلية - ترددت كثيرا في التقدم حيث صدمتني البدل والبشوت واليونيفورمات العسكرية الأنيقة المضمخة برائحة العود والعنبر لزوم البريستيج الذي يجيده هؤلاء ولا نحفل به نحن السودانيين كثيرا لهزائهم نفسية لحقت بنا جراء تواضع بلادنا الغارقة حتى أذنيها في ابتلاءات ومحن ونزاعات عرقية واشياء اخري..
أشفق علي بعض العسكر بكبرياء وتعالي بغيض حين اقتربت من دكة تجمعهم حسب الرتب التي يحملونها ما أدى الي جرح مشاعري وتشتيت شرودي الي قطع صغيرة متناثرة لا تقوى علي تركيز يذكر- نظر الي احدهم متشفيا من هزال جسمي النحيل وربطة العنق غير المنسجمة والتي بدت متطايرة لضعف البنية الجسدية التي يحملها - صاح فيني كبير العسكر بعد ان اعمل ذهنة جيدا والأغراب يغطون في صمت مريب لا يوجد له معادل في هذه الدنيا العجيبة الا في المراسم الجنائزية.. صاح فيني كما اسلفت وقال بغلظة تتخلها بعض من قسوة - من انت وماذا تريد في هذا المحفل العسكري - يبدوا لي انك عامل الشاى والخدمة - اذهب فورك الي اخر الصفوف وتحكر في غرفة الشاى الملحق بالصالة ريثما تكون هناك حاجة لخدماتك.. تقدم حضرة الـ CEO المبجل وهو يخطو بخطوات تنم عن ثقة مفرطة حيث اقف انا شارد الذهن ومشتت الحال مخاطبا العسكرى - هون عليك ياسعادة اللواء فهذا السوداني جئنا به هنا ليتولي عملية نقل الشرح والتعليق بالعربية بالتزامن مع ما سيطرحة السيد كريستيان هوليمان من تعليق وشرح بلغة الاغراب - صمت الرجل وهو يحدق في هيئتي السودانية الضعيفة هامسا في أذن اقرب ضابط يجلس الية في الدكة - يبدوا ان هذا الفلم بايظ من عنوانة - شعرت بتية وشرودي ينمهر علي جسمي تماما كجريان السيل علي وادى سحيق من عل - تحلق يد صاحب البيزنس علي يدي وكانة سوار رقيق في يد امرأة عملاقة وقادني الي منصة هلالية الشكل يتكوم عليها صاحب شعر اشقر وعيون خضر لم ار مثل خضرتها حتى في بساتين الشمالية اليانعة الخضرة قائلا للحضور : هذا الفيصل ذو حضور صوتي هائل لم نري مثلة إلا عند بعض كبار المذيعين في البي بي سي. قدمني الخواجة علي عجل الي الاودينس قائلا : اقدم لكم زميلي طـــة الذي سيتولى شئون العربية في هذه المهمة العسكرية الفنية العسيرة..
تماسكت فجأة وبصورة قوية أذهلت دواخلي المهترئة وأنا ارد التحية وأهيئى نفسي للمواقف الصعبة والخروج عن النص الذي يجيده هؤلاء القوم ونظرات العسكر المتشفين لا تزال تلاحقني وتمزق احشائي تمزيقا.. تذكرت فجاة الجمعيات الادبية في مدرستنا المتوسطة حيث كان المدرس عبد العال الدنقلاوي المشرف علي هكذا جمعيات يصر على الزج بي لتقديم البرامج في ذاك الزمان الأغبر الجميل -جال خاطري في هنيهة استغراق ممزوج بحنين صوفي تذكرت فيها حفلة للفنان وردي اقامها نادى القرية 15 في ثمانينات القرن الماضي على خشبة مسرح السينما الوطنية بحلفا تصديت لتقديم فواصلها بعد الحاحات جمة من رئيس النادى والإطراءات التي تتالت على من بعض الأصدقاء - لحظتها أتاني يقين راسخ وتجزرت قدماى عميقا في ارض المنصة الفضية تماما كتجزر نخيل بلادي العالية في الشمالية المعطاءة ولا انسي بان نظرات التشفي التي صدرت من الضابط الأرعن قد اعطتني هي الأخرى ثباتا وقوة حصانية هائلة فانتصبت شامخا وصوتي الماكن يهدر في كل جنبات القاعة نقلا امينا ودقيقا لفحوي الايجاز العسكري ذاك اللعين ونظرات الضابط الهمام تتحول بغتة إعجابا بالصوت الفخيم المتفجر من لدن جسم سوداني هزيل
|
|
|
|
|
|
|
|
|