دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الحب والفودكا ... قصة قصيرة
|
الحب والفودكا
أحمد الملك
قصة قصيرة
يوسكا جاء من اليابان، جاء لدراسة فن تدريب كرة القدم، هو لاعب في إحدي الفرق الصغيرة، و يريد أن يصبح مدربا لكرة القدم ، لم أكن اعرف ان الكرة تحتاج الي قراءة، بل قليلا من الموهبة وبعض (الفهلوة) . قال له فورال صديقنا التركي الذي يرتدي ملابس أنيقة مثل نجوم السينما، أثناء تمرين لتحسين مهارات استخدام اللغة: هل تريد أن تصبح لاعب كرة مشهور؟
أزاح يوسكا ساندوتش البيرجر من فمه متجاهلا تحذير المدرّسة بعدم الاكل اثناء درس اللغة وقال : نعم اريد ان أكون مشهورا مثل رونالدو أو زين الدين زيدان.
في هذه الحالة قال فورال مستخدما لغة سيئة بحيث أن المدرّسة أصلحت له الجملة سبع مرات بعدد الكلمات التي استعملها في صياغته البائسة: يجب اذن ان تبتعد عن النساء! غامزا من طرف خفي الي أنّا صديقة يوسكا الاسترالية الجميلة
عرفت بعد عدة أشهر أن دوافعه لقول ذلك لم تكن كلها بريئة، شرحت لي أنّا ذلك ببساطة أثناء احتفالنا بعيد ميلاد يوسكا: حاول فورال خطب ودها أولا. قالت عنه بود: انه فتي وسيم، محب للنكتة، انيق يذكرها كلما رأته بأحد نجوم السينما. لكنه قالت : ممل مثل الجحيم، بعد خمس دقائق من الجلوس معه تكون النكات الجديدة التي يحفظها قد نفدت، تصبح أناقته عادية، وجهه عادي، تي شيرتاته عادية، بإختصار لا يمكن إحتماله أكثر من الساعة المخصصة للدرس دون الحصول علي استراحة!
قلت له بعد ذلك: هل انت مجنون؟
قال : كيف؟
كيف تحذره من النساء في وجود نساء شرقيات معنا في نفس الغرفة( سيدة صومالية وسيدة سودانية وسيدة مغربية) ضحك وقال: نساءك الشرقيات كن الاكثر ضحكا من كلامي!
كان دوري هو التالي في التحاور مع يوسكا لاختبار المقدرات اللغوية، كان يمثل دور طبيب، وأنا مريض أشكو عدة عاهات مستديمة. حسبت في البداية انه سيعالجني بالوخز بالابر، بدا لي العلاج سيئا ليس خوفا منه بل بسبب عدم المامي بمفردات كافية من اللغة للتحدث في مثل هذا الامر الشائك.
علي أن اتصل تليفونيا في البداية لتحديد موعد لمقابلة الطبيب، سيرد هو نفسه بطريقة فظة لا تشبه طريقة سكرتيرة لطبيب الاسرة، سيوضح الامر لاحقا: لم يسبق له أن مرض أبدا! ليس الفضل لليوجا أو التمارين الرياضية أو اسلوب الحياة الياباني القائم علي حب العمل والتقاليد الاسرية وقهر النفس، بل كما سيوضح بانجليزية متكسرة تتخللها عبارات بالهولندية واشارات باليابانية: بسبب الحب!
صباح الخير أسمي احمد،
صباح الخير اسمي أنّا (اختار اسم صديقته كاسم لسكرتيرة الطبيب)
فكرت فيما يجب أن أقول مفروض ان أقول انني زبون للطبيب واريد عمل موعد معه. وجدت تركيب كل هذا الكلام صعبا قليلا فقلت بدلا عن ذلك : انني مريض
.
ضحك يوسكا او الممرضة وقال في الطرف الاخر من الخط: لقد فهمت ذلك بمجرد اتصالك فنحن لسنا محلا للجزارة لابد أنك مريض ما دمت اتصلت بنا!
قلت في سري (اذن يوجد رباطاب أيضا في اليابان)
قلت بلغة غير حكيمة: اريد عمل موعد مع الطبيب، نبهتني المدرّسة الي ان طريقتي الشاعرية في طلب الموعد تصلح للحب لا لشخص مريض يريد عمل موعد مع طبيب ياباني. أعدت السؤال مع تهدج في الصوت لشخص مريض لا لشخص عاشق دون أن افهم كيف يمكن تمييز الفرق!
يبدو انه يشكو قلة الزبائن كما أشرت له اذ حدد لي موعدا علي الفور!، هذه المرة إرتكب هو الخطأ الشاعري الاخير، بدلا من أن يقول الي اللقاء قال: الجو رائع اليوم!
انها العبارة التي يستخدمها يوميا لمحاولة التقرب الي فتيات اخريات اثناء رحلته اليومية بالقطار الي المعهد الذي يدرس فيه فنون كرة القدم.
عنفته المدرسة علي التحية الرقيقة: يجدر بسكرتير الطبيب أن يكون محدد العبارات ولطيفا في الوقت نفسه، يمكنه أن يمزح قليلا مع الزبون ولكن ليس علي الهاتف في وقت ربما يكون فيه مرضي اخرون في الانتظار.
لم يعالجني بالوخز بالابر بدلا من ذلك عالجني بالوخز بالكلمات: استقبلني في البداية في العيادة بالعبارات المستخدمة لخدمة زبون في متجر للأدوات الكهربائية: كيف أستطيع خدمتك يا سيدي؟ عرفت أن العبارة لم تكن صحيحة لأن المدرسة ضحكت، أشرت الي رأسي وقلت أشعر بصداع شديد.
قال: هل تشرب الفودكا؟
قلت: لا. دون أن اعرف ان كان يصفها كداء أم كدواء.
قال جرّب شراب الفودكا إنها مفيدة لعلاج الام البطن والاسنان، أوضح ان صديقا انجليزيا يدرس معه فنون كرة القدم نصحه بشراب الفودكا لعلاج الانفلونزا: علّق أمامك علي الحائط معطفا وأبدأ في شراب الفودكا، حين يصبح المعطف معطفين، ينتهي العلاج، تصبح بخير.
أوضحت له بأدب شديد أنني لا اعاني من الانفلونزا.
نظر في وجهي وقال : ربما لا تعلم. ثم وضع قلما كان يحمله في يده جانبا وقال: ما دمت تعرف مرضك ما حاجتك لطبيب إذن؟
أشرت له الي اصابتي بمرض جلدي في اليد، نظر اليه شذرا وكرر نفس العلاج: أمسح المكان بالفودكا!
لعلاج فشله في علاجي أشرت له مستخدما كل طاقتي اللغوية في أن يعود الي مقاعد الدراسة لتلقي العلم من جديد ان كان يريد ان يصبح طبيبا!، طبق نصيحتي علي الفور بصورة سيئة محاكيا أطباء الاسرة في هولندا وغالبهم متقدمين في السن لم تتاح لهم فرص السماع ببعض الامراض. قلّب في كتاب اللغة أمامه قبل أن يعلن لي آسفا : المرض الذي تشكو منه غير موجود في الكتاب!
مؤكدا بحزم: كل الامراض موجودة في هذا الكتاب!
نصحني بشراب الشاي والماء واستخدام دواء باراسيتامول. وودعني عند الباب قائلا: لا تنسي الدواء المجرب الذي يصلح أيضا للعشاق: الفودكا. ثم قال لي : هل جربت الحب؟ وقال بحكمة مجرب : الحب علاج لكن حين يصبح مرضا لا دواء سوي الفودكا!
لا يفترقان هو وأنّا، منظرهما وهما يعبران دون ان يكترثا لضجة الطلبة في بهو المدرسة المزدحم بأصناف البشر، كأنهما يطفوان خارج الزمن ، تراهما في كل مكان، حول جداول الماء في الحديقة الصغيرة القريبة من القرية، في المركز التجاري يأكلان سندوتشات البيرجر ويراقبان العالم من خلال شمس مارس الناصعة، لا يمكن تخيل العالم دون حبهما، تشاجرا مرة واحدة في حضوري، جاءا لزيارتي، تركتهما قليلا لأعد القهوة، وحين عدت كانت أنّا تبكي وهو يحاول استرضاءها بصوت حزين، أحضرت لهما ألوانا وورقا ليرسما بطاقات الدعوة لعيد ميلاده، أنّا تجيد الرسم، تجيد ايضا كما حكت لي حياكة الملابس، تعلمت ذلك من جدتها التي عاشت معها في ضواحي سيدني لسنوات قبل ان تموت جدتها وتنتقل هي للعيش في اوربا مع اقارب قاموا بتبنيها. صنعت ليوسكا قميصا من الصوف الملون وكتبت اسمها واسمه مستخدمة بدلا من الحروف العادية زهورا ملونة، يرتديها يوسكا بفخر دون أن يهتم بأنه يبدو داخلها أصغر سنا وأقل حكمة. وهو يذرع الفناء أثناء استراحات التدخين تصحبه كآبة خطواته اليابانية القصيرة.
تعمل أنّا بعد المدرسة، يذهب هو لانتظارها حين تخرج من مصنع البسكويت الذي تعمل فيه، يذهبان الي المكتبة العامة للدخول الي الانترنت أو يجلسان في مقهي صغير في المركز التجاري وحين تحسن الجو في الربيع تعلما الذهاب يوميا الي الحديقة العامة القريبة من القرية. يذهب معها أحيانا للكنيسة، تذهب هي لأن والدها بالتبني هو الذي يقرأ قداس الأحد، يستمتعان بعزف البيانو وبالأناشيد الدينية.
حين جاء الصيف أكمل يوسكا دراسته ، سيعود لليابان، ذهبت لوداعه في محطة القطار الصغيرة، كانا يبكيان، رغم أنه مفروض الا يفترقا طويلا، سيرسل لها يوسكا خلال اسابيع دعوة لتحضر الي اليابان وربما تبقي هناك الي الابد كما قال يوسكا، كان وداعا حارا وباكيا وظلت أنّا تلوح للقطار حتي اختفي من أنظارنا، التقيتها بعد أسابيع من سفر يوسكا وقالت انه أكمل اجراءات الدعوة وستصلها خلال أيام، اختفت أنّا ولم أعد أراها فقلت لابد انها الان في اليابان، وأن العالم استعاد شكله بمجرد أن أجتمع أعذب عاشقين في العالم، بعد أشهر ظهرت أنّا في القرية وبدا عليها حزن وكآبة لم تفصح عن أسبابها، وحين سألتها عن يوسكا قالت انها لم تتصل به منذ أشهر ثم ودعتني قائلة انها ستعود الي استراليا.
بعد حوالي العام تلقيت منها رسالة علي البريد الالكتروني شرحت فيه ما حصل: بدأ يوسكا في اليابان اجراءات حضورها الي هناك وفجأة فيما كانت تستعد للسفر اليه تلقت منه رسالة من سطرين يقول فيها انه آسف لانهاء علاقته ... بها!!
فكّرت بعد شهور: لابد أن هذا الطبيب الفاشل استخدم علاجه الكلاسيكي : الفودكا!
10-07-2006
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحب والفودكا ... قصة قصيرة (Re: ahmad almalik)
|
صحوت من نومي منذ قليل. صليت وتناولت حبة الدواء محاولا ما أمكن ألا أحدث ما يقلق منام إلهام. وكعادة قديمة, وجدتني أتصفح سودانيزأونلاين بلا مبالاة هذه المرة إلى أن طالعني اسمك. قرأت بمتعة. وثمة فرح يغمرني.
يا لجمال الكتابة!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحب والفودكا ... قصة قصيرة (Re: ahmad almalik)
|
تحياتي يا برنس وكل امنياتي الطيبة لك سعيد بان تكون أنت أول من نري في هذا الحوش بعد غياب. لك الود وأنت تثري هذا المكان بإسهاماتك.
ودرملية: تحياتي لك ايها الصديق وشكري الفائق علي كل ما بذلت من جهد كريم.
شهاب الفاتح: شكرا لك علي قراءتك للقصة. المشكلة عند يوسكا ان الفودكا تساوي علاجا كاملا لا يقبل التجزئة!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحب والفودكا ... قصة قصيرة (Re: ahmad almalik)
|
الأستاذ الملك، أو الملك الأستاذ حكي ممتع، لغة محكمة تعرف مسارهاو تجعل قارئك مستفزا بإستمرار بهذه السهولة الصعبة في كتابتك و في تدفقك بالحكايا.. هذا باب مهم في قراءتك، ليته يفتح..
البرنس
شرّك مقسّم.. فوق الدقشّم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحب والفودكا ... قصة قصيرة (Re: ahmad almalik)
|
Ya salaaaaaaaaaaaaaam i do n't know what to say , i did take a after noon shower with this story , and it washed all my doubt about i will never read short story again.iwill do my level best to load arbic soft ware just to comment on this light ,nice. smart story , congoratulation man, let us see more Bugga
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحب والفودكا ... قصة قصيرة (Re: ahmad almalik)
|
وين يا ملك
كما قال البرنس مررت الساعة الواحدة و النصف ليلا قلت اشوف بس العناوين في المنبر بالطبع امتدت الى اكثر من ربع ساعة، لان قصصك تمسك بتلابيب الزول، في سعي دؤوب لنهاياتها الغير متوقعة دائما..
كفارة يا أنّا على الشاكوش الياباني، و الله ما عجبنا ليك
مؤلمة هذه الغربة يا ملك شهدت بأم عيني قصص كثيرة مثل هذه في هولندا و بولندا و في معاهد اللغة، قصص عشق متمردة عاصفة في تجلياتها تنتهي نهايات درامية، اذكر الى اليوم تلك الفاتنية ميراندا، من فنزويلا، و عاشقها الكولومبي، نحن كسودانيين بتاعين شمارات، قاعدين في كانتين معهد اللغة البولندية في مدينة وودج على بعد 150 كلم جنوب العاصمة وارسو، درجة الحرارة 13 تحت الصفر.. و داخلية المعهد 13 طابقا مليئة بنين و بنات من كل اصقاع الارض، و برضو الشمار كاتلنا نراقب الجميع بفضول، و نخجل حتى من التعبير عن اعجابنا بهذه او تلك، و شعوب العالم تتحرك امام اعيننا بحرية كبيرة و نحن في اقفاص العيب و الحرام نتأمل هذه المشاهد العجيبة
ميراندا انتقلت بعيد عام اللغة الى العاصمة وارسو... حبيبها انتقل الى مدينة قدانسك على الساحل ... و تابعنا الشمار عن كثب... علمنا انه بعد عدة شهور من السفر القطاراتي المضني (7 ساعات) فضل فك التسجيلات و ارتضى لنفسه صديقة بولندية من نفس الداخلية بحجة تجويد اللغة كما يقول الانجليز You learn the alnguage under the pellow
بعد ان فرغنا من قصة ميراندا، واصلنا في شمار آخر كي نوصله حده... كانت فعلا ايام جميلة لله درك عزيزي احمد على تهييج هذه الذكريات الجميلة تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحب والفودكا ... قصة قصيرة (Re: ahmad almalik)
|
اخي الكريم عبد الباقي محمد
تحياتي وشكري العميق علي تعليقك الذي أسعدني كثيرا وأتمني ان أكون دائما عند حسن الظن بك. مودتي
أمجد ابراهيم: كيفك يا دكتور سعيد ان حكاية يوسكا جعلتك تستعيد حكايات أيام الدراسة رغم انك إكتفيت حتي الان بدور متفرج ونتمني ان نسمع المزيد . قصة ميراندا التي باعها صديقها أو استبدلها باللغة. والمثل الانجليزي الذي اوردت ذكرتني أحوالنا هنا حيث كان استيعاب اللغة الهولندية صعبا للغاية كما تعرف بسبب العمر وأشياء اخري، لاحظت أن الفتيات القادمات من شرق اوربا واللائي يحضرن للالتحاق بأزواجهن الهولنديين – حيث تتم معظم حالات الزواج عبر الانترنت – في البداية حين يظهرن في مدرسة اللغة يكن مرتبكات لا يستطعن الحديث سوي بكلمات قليلة يطغي عليها الحنين الي بلادهن ثم فجأة وبعد أسابيع يبدأن في التحدث بطلاقة تحير كل قدامي الطلاب – بعضهم قضي في اللغة عدة سنوات قبل ان يغادر صفوف الدراسة مثلما دخلها- وبعد أسابيع يتم نقلهن الي مجموعات متقدمة بينما نبقي نحن في مجموعاتنا في انتظار أخريات نكون شهودا علي نقلهن. قلت ذلك لصديقنا عبد الله أم دوم وكان سبقنا في دراسة اللغة فلاحظ: انتم تعتقدون خطأ أن الناس يدرسون اللغة في المدرسة!اللغة تدرس في السرير!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحب والفودكا ... قصة قصيرة (Re: ahmad almalik)
|
Quote: وفجأة فيما كانت تستعد للسفر اليه تلقت منه رسالة من سطرين يقول فيها انه آسف لانهاء علاقته ... بها!!
فكّرت بعد شهور: لابد أن هذا الطبيب الفاشل استخدم علاجه الكلاسيكي : الفودكا!
|
النهاية كانت مركز الدائرة لمحور القصة ، فيها ( مسك ) بالخيط يا أحمد حريف شديد ‘ وإلا لماذا تحترق هذه الآهات وتذبل هذه المشاعر المخضرة لو لا عبثية الأقدار أو ذهاب العقول أيّا كان السب ( ربما الفودكا ) ، والحب يا ملك جميل ، وما أمتعه حين تنعدم فرص ( نجاحه ) المتعة – هنا – على مستوى المشاهدة وحين نرهف السمع ( لأنين ) القلب .. الطرق الموصدة للحب تكتب استدامة القصة .. كم كانت ممتعة تلك الرواية التي تجلها فيها عبدالرحمن منيف ( قصة حب مجوسية ) منذ الوهلة الأولى تكاد ترى فنارة المحطة الأخيرة ، لكن العناد وتحدي الصعاب كان مصدر الإثارة .. فيا لتشابه النتيجة ( هنا ) و( هناك ) ..
محبة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحب والفودكا ... قصة قصيرة (Re: ahmad almalik)
|
تحياتي أحبتي الرحمابي والطيب برير:
الطيب وينك زمن طويل، نتابع اخبارك من وقت لاخر اتمني ان تكون احوال الشعر تسير بأفضل حال وكذلك الاحوال الاخري. الرحمابي أري لو جاز لي التعليق علي تعليقك الجميل ان يوسكا يستخدم الفودكا كشماعة، يستخدمها مقدما حتي قبل ان تقع أية فأس في رأسه المبرمج المكتوب عليه من الخلف : صنع في اليابان، يستخدمها ليعلق عليها احتمالات يعرفها هو فقط عن طريق برنامج يعمل عليه منذ ان غادر بلده ولحين عودته. مجرد ان تطأ قدمه تراب الحدود خارج وطنه حتي يتحلل من التزام برنامج قديم يقوم علي احترام العلائق الاسرية والانسانية ويهيئ نفسه للعواطف السريعة علي وزن الوجبات السريعة..
الطيب برير ألا تري معي أن فودكاه وجه اخر لانتهازية رقمية ان جاز التعبير. أعتقد انك اصبت تماما في احتمالك الثاني : في قدرة النَّفاذ بـ"سُلطة التّأثير" إلى موطن (القلق الطارئ) لتوطينه في خانة (القناعة القلقة) إلى حين بروز (طارئ جديد).. وفودكا أكثر حضوراً في الروح وأشرق (سلطة) في القناني..؟
وان كان هو يفعل ذلك دون أن يرتب علي نفسه أية مسئوليات، أو أنه يفعل ذلك بوعي من يعرف أنه يجرب حلولا غير نهائية. ذكرتني مقارنتك لفودكا يوسكا بسلفا بلادنا، مساعدا طبيا في منطقتنا كان يستخدم الاسلوب نفسه لكل شئ وحين تمتد يده لعلب الدواء المفتوحة أمامه كان يعبئ القرطاس من أول علبة تقع عليها يده لأنه يكون مشغولا بكلام اخر حين يشرع في العلاج. وفي الغالب يتمحور كلامه حول صفقة ما فقد كان تاجرا للبهائم او سبابي كما يقولون يمارس ذلك في اوقات فراغه أو ان العكس هو الصحيح في الغالب اذ يمارس طبابة الناس كلما وجد فراغا، وبحكم صداقتي الوثيقة به (كان يزورنا في المدرسة الشعبية التي عملنا بها والتي تقع جوار عيادته ليلعب معنا الكونكان) نصحني حين شكوت من علة في المعدة، نصيحة مجرب وليس طبيب بأن استخدم العطرون! وأخرج من جيبه لفافة يحتفظ فيها بالعطرون لأن المرء لا يعلم ان كان سيقع في طريقه علي (عزومة غداء او افطار قد تثقل فجأة عليه). أما شخصية أحمد الجربق فهي مدهشة للغاية وتذكر أيضا بشخصيات تكون موجودة في كل مكان، من تذكرته كان يملك بجانب حرية التعري وهو في كامل وعيه، حكمة لم تغيرها الايام ولا تباعد المسافات بينه وبين العالم. مرة سأله جار لنا وبلغة فاضحة البذاءة سأحاول هنا تخفيف حدتها قليلا، سأله هل هناك يوجد في رأيك أجمل في الدنيا من مضاجعة النساء؟ لزم الرجل الصمت، فأعاد جارنا السؤال مرة وثالثة، فقال نعم يوجد. تلهف جارنا ليسأل : وما هو؟ فألقمه حجرا: الأدب .. يا ولدي!
سعدت بتعليقكما اخويّ، الرحمابي والطيب وتذكرت نتفا من زمان جميل كان لحضوركما الدائم فيه بهاء وروعة. دمتما بخير وسنراكما.
| |
|
|
|
|
|
|
|