|
فهمي هويدي يحث الحكومة المصرية لاستخدام كل نفوذها للحيلولة دون إنفصال جنوب السودان!
|
Quote: مصير النظام ومصير الوطن
بقلم: فهمي هويدي
لم تعلن القاهرة موقفا واضحا من الدعوة لانفصال جنوب السودان، التى أعلنها السيد سلفاكير ميارديت رئيس حكومة إقليم الجنوب الذى يتمتع بالحكم الذاتى، وجاء كلامه فى ذلك تحريضيا ومفاجئا، لأنه قال للجنوبيين فى كلمة ألقاها فى ختام قداس بكاتدرائية القديسة تريزا فى جوبا إن تصويتهم للوحدة سيجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية. ومن ثم فخيارهم لكى يصبحوا أحرارا أن يصوتوا للانفصال فى الاستفتاء الذى سيجرى خلال العام المقبل. ووجه المفاجأة فى هذا الكلام أنه صدر عن رجل يشغل فى الوقت الحالى منصب نائب رئيس جمهورية السودان، وكان قبل أسبوعين من هذا الكلام يتحدث عن الوحدة فى جولة قام بها إلى منطقة كردفان والنيل الأزرق. فضلا عن أن موقفه يعد تراجعا عن اتفاق «السلام والعهد والميثاق» الذى عقده مع حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، وتعهد فيه بالحفاظ على وحدة السودان.
أثار الانتباه أن السيد سيلفاكير أطلق دعوته بعد أسبوع من زيارته للقاهرة، التى التقى فيها الرئيس حسنى مبارك. وليس معروفا ما إذا كان اللقاء قد تطرق إلى مستقبل الجنوب بعد الاستفتاء أم لا. لكن القدر الذى أعلن أن قرارا صدر بإنشاء فرع لجامعة الإسكندرية فى جوبا عاصمة الجنوب، أسوة بفرع جامعة القاهرة فى الخرطوم.
أثار الانتباه أيضا أن إعلان سيلفاكير تزامن مع بعض الخطوات التصعيدية التى استخدمتها الحركة الشعبية لتحرير السودان، وتمثلت فى مقاطعة الوزراء الجنوبيين لاجتماعات مجلس الوزراء. ومقاطعة نوابهم لجلسات البرلمان والتهديد بسحب الضباط الجنوبيين من جهاز الأمن. وذلك بهدف ممارسة أكبر قدر من الضغوط على الحزب الحاكم لتقديم تناولات فى شأن قانونى الاستفتاء على مصير الجنوب والأمن الوطنى.
المتابعون للشأن السودانى لاحظوا أن القاهرة استقبلت بعد زيارة سيلفاكير السيد مصطفى عثمان مستشار الرئيس عمر البشير، الذى التقى بدوره الرئيس حسنى مبارك، وأعلن أن الرئيس البشير سيزور مصر هذا الأسبوع بدعوة من الرئيس مبارك، حيث يشارك فى المنتدى الصينى الأفريقى الذى سيعقد فى مدينة شرم الشيخ. ونشرت الصحف المصرية على لسانه تصريحات ذكر فيها أنه سيفتتح فى نهاية هذا العام طريق بورسودان الإسكندرية، الذى سيصل إلى جنوب أفريقيا. كما أن الرئيس السودانى سيفتتح طريق شرق النيل الذى يصل الخرطوم بمدينة حلفا، بحيث تتبقى منه مسافة 26 كيلومترا فقط لكى يصل إلى أسوان. وتحدث عن تنشيط العلاقات وحركة التبادل التجارى بين القاهرة والخرطوم، وزيادة رحلات شركة مصر للطيران التى كانت تقوم بثلاث رحلات أسبوعيا، بحيث تصبح ثلاث رحلات يوميا.
من المبكر الكلام عن مدى نجاح الدعوة إلى انفصال الجنوب، التى يتبناها تيار قوى داخل الحركة الشعبية. علما بأن أوضاع الجنوب ذاته لا تطمئن إلى احتمالات نجاح تلك الدعوة، من ناحية بسبب الصراعات الداخلية والتاريخية بين قبائل الجنوب، خصوصا أن قبيلة الشيلك الكبيرة ترفض سيطرة قبائل الدينكا المهيمنة فى الوقت الراهن. وبين القبيلتين غارات مستمرة وثأرات عميقة أغرقت الجنوب فى بحر من الدماء. ومن ناحية ثانية فإن اعتماد إقليم الجنوب على نفط منطقة «ابييه» أصبح محل شك، بسبب ثبوت حقوق الشماليين فيه.
الملاحظة الأهم أن شيئا لم يتحرك فى مصر ــ لا سياسيا ولا إعلاميا ــ حين أعلنت الدعوة إلى الانفصال، إذ أهملتها وسائل الإعلام ونشرت بعض الصحف الخبر على صفحاتها الداخلية. رغم أن موضوع الانفصال كان ينبغى أن يحدث رنينا فى مصر، لا يقل عنه فى الخرطوم. وعند بعض السوادنيين فهو مشكلة مصرية أكثر منها سودانية. إذ إنه لا ىفتح الباب لتمزيق السودان فحسب، لكنه أيضا يشكل تهديدا مباشرا لأمن مصر القومى. ذلك أن قيام كيان جديد يشرف على مياه النيل. له ارتباطاته الإسرائيلية الوثيقة يمثل خطرا ينبغى عدم الاستهانة به. ومن ثم كان ينبغى أن يستنفر الدولة المصرية، لكى تستخدم كل ما تملك من نفوذ للحيلولة دون حدوثه. هل يسوغ لنا ذلك أن نقول بإن الأمن الداخلى أصبح أكثر أهمية من الأمن القومى. وإن مصير النظام صار مقدما على مصير الوطن. |
الشروق:http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=154214
|
|
|
|
|
|