لماذا فزع عرب الشمال من تصريحات سلفاكير ؟بقلم/ دينق جار مجوك !

Quote: لماذا فزع عرب الشمال من تصريحات سلفاكير ؟ أؤكد للجميع : لا يوجد شمالي واحد لا يخشى من الانفصال ، بل أن قريب البشير ( الطيب مصطفى وغيره ) – الذين يلعبون دور الانفصاليين الشماليين- هم أكثر الناس خوفا من الانفصال ( نقيضا ) لما يزعمونه . فما يقولونه شيء وما في قلوبهم شيء آخر – إن عرب الشمال يخافون من الانفصال ليس محبة ولكن للأسباب التي سأذكرها لاحقاً . لقد خاض عرب الشمال حرباً استمرت خمسين سنة ضد حقوق الجنوبيين فهل كانوا يخوضون حرباً من أجل لا شيء ؟!! طبعا لا . والآن عندما صرح سلفاكير برغبته في الانفصال لماذا صرخ عرب الشمال بجزع وفزع وقد نسوا أنهم هم من قادوا حربا دينية ضد الجنوبيين وأنهم هم الذين سمو قتلى الجنوبيين بالفطايس وقتل عرب الشمال بالشهداء . وأخذ عرب الشمال الآن يعيـبون على سلفاكير تصريحاته .. فأين هو العيب في أن يكون للجنوبيين دولة مستقلة ؟ لماذا يطلب عرب الشمال من الجنوبيين أن يخجلوا من كلمة انفصال ، ولكنهم لم يخجلوا من أنفسهم حينما قتلوا شعب الجنوب عندما شنوا على الانسان الجنوبي المسكين حربا فتكت بالاخضر واليابس وأهلكت الحرث والنسل . ولماذا كانت هذه الحرب ولماذا استمرت في كل حكومات الشمال ؟ ولماذا وصف الصادق المهدي الجنوبيين بالارهابيين من قبل ووصفهم البشير بالكفار وأعلن الجهاد المقدس ؟ كل هذا لأن عرب الشمال يدركون أن الجنوب إقليم له موارد ضخمة وليس صحراء مجدبة كصحراء الشمال . الجنوب الخضرة والغابات والجبال الخضراء الأمطار من السماء والبترول من الأرض والثروة الحيوانية .. إن عرب الشمال يريدون الحفاظ على الجنوب كحديقة خلفية جميلة تظل بلا تمنية لتظل ملكا لهم . لم تخلوا مجالس عرب الشمال من الأحاديث المريضة بالاستعلائية الوهمية ضد الجنوبيين .. المؤتمر الوطني في الشمال شعر بحجم المصيبة ( عندما قال سلفاكير كلمة الحق ) فسخـّر المؤتمر الوطني كل أجهزته الإعلامية ( كل الفضائيات التابعة له وكل الإذاعات التابعة له ) لكي يظهر سلفاكير كخائن .. ولكن المؤتمر الوطني نسى أن سلفاكير كان يوماً ما في الغابة يرى الجنوبيين يقتلون ككفار . وبعد أن أصبح في القصر رأى التهميش السياسى في الشمال حتى أنه لا يعرف حتى الآن شيئا عن عقود البترول . ويعلم سلافاكير تماما محاولات المؤتمر الوطني تفتيت وحدة الجنوبيين بنشر السلاح في أيدي بعض العصابات وبعض المتمردين اليوغنديين ( وكان البشير قد اعترف بكل صراحة عن دعمه لجيش الرب ويمكن الرجوع لهذا الاعتراف في اللقاء الذي أجراه البلال الطيب معه في تلفزيون السودان قبل سنوات عدة ) . كل ما يفعله المؤتمر الوطني وعرب الشمال من أجل أن يشعر الجنوبيون بأنهم بدون الشمال لا يساوون شيئاً . وهكذا يقول عرب الشمال في مجالس ونستهم .. لن يصوت الجنوبيون للانفصال ؟ لماذا؟ لأنهم جهلاء لا يعرفون كيف يديروا أنفسهم .. وكأنما عرب الشمال استطاعوا إدارة الشمال الذي يغرق يوما بعد يوم في الانفلات الامني والتشرذم في الشرق والغرب والشمال الاقصى . ولماذا مات جون قرنق .. لقد مات لأن لديه قضية مات من اجلها .. والآن يريد عرب الشمال إفهام الجنوبيين بأنه لم يكن لديهم قضية . وأن جون قرنق مات فطيس . ويقول المؤتمر الوطني بأن الجنوبيين أصبحوا الآن يشاركون في الحكم فهذا يعني انهم لم يعودوا مهمشين . ولكني أقول بأن مثل القول هذا ، هو في حد ذاته دليل على أن مشاركة الجنوبيين تبدو صناعية أكثر منها طبيعية . فلم يخرج يوما أحد ليقول : إن الشايقية يشاركون في الحكم ..( فهذا أمر طبيعي ) ، ولم يخرج أحد ليقول إن الجعلية يشاركون في الحكم ( فهذا أمر طبيعي ) . ولكن عندما يشارك الجنوبيون في الحكم بناء على اتفاقية ، فكأنما عرب الشمال يتصدقون عليهم بالمشاركة فلماذا لم تكن مشاركة الجنوبيين طبيعية ؟ وهل المشاركة عن طريق ( اتفاقية ) تعني أنها نقلت الجنوبيين إلى مصاف عرب الشمال وساوت بينهم .. بالطبع لا .. إن عرب الشمال لا يتحدثون كثيرا لكنهم يكيدون كثيرا .. ويدسون للجنوبيين السم في الدسم في صمت وخبث . فكما كانت تقول إحدى الحبوبات العجائز ( الفي البطون ما بيغسلو الصابون ) فما في قلوب عرب الشمال لا يمكن أن تغسله اتفاقية أبداً . وكل تصرفات المؤتمر الوطني دلت على ذلك وكل كيد المؤتمر الوطني دلت على ذلك . فالقلوب تكشف عن مكنونها ولو كان الحديث مخادعا ومنافقا . وكل شخص يعرف عدوه ولو كان الحديث يدور حول المحبة الإلهية . لكن أنا متأكد تماما أن انفصال الجنوب لن يمثل – فقط – كارثة على طموحات الشمال الصحراوي وإنما أيضا بداية النهاية لحكومة طالبان الشمال . كما أنني متأكد أن الجنوبيين – في حالة الانفصال – قد يمروا بصعاب كثيرة في ادارة الجنوب لكنهم في كل الأحوال سيقضوا على هذه الصعاب ويذللوها ... لأن هذه طبيعة الدول الوليدة . إن عرب الشمال يريدون أن يشعر الجنوبيون بما شعر به عبيد تولستوي – الكاتب المشهور – فقد كان لديه عبيد يعملون في اقطاعيته ورغب تولستوي في تحريرهم ، وقال لهم : تحرروا . لكن عبيد تولستوي صاحوا : لا نريد الحرية .. لأننا لا نعرفها .. ونخشاها . إن أي جنوبي يقول نعم للوحدة .. فهو خائن أو جبان يخشى من فشل ممارسة الحرية . دينق جار مجوك [email protected] [/QUOTE ]