دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 11:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-30-2009, 05:42 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني





    دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني

    إلى حد ما ساهمت الصورة النمطية للمثقف السوداني في مآلات السودان الحاضر، فالذي ينظر إلى رواد الفكر السوداني أمثال التيجاني يوسف بشير وعرفات محمد عبد الله ومعاوية نور، سيجد أنهم كانوا انهزاميين ويعيشون على الاسقاطات النفسية وبالتالي انتهت حياتهم بتسويد الأوراق التي لم تخدم على مدى قرن في أي بناء مركزي في الثقافة السودانية ينعكس بإيجابية على السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
    المثقف السوداني، ما يزال وفي الألفية الثالثة، لدى "أجيال جديدة" يجتر تلك الصور النمطية ويتسلح بها على أنها أنموذج.. وهو ما يتطلب إعادة التفكير فيه، بعد أن اختلفت صورة المثقف كثيرا في عالم اليوم..
    لا نحتاج إلى مثقف مقلد، أو متعامل مع الثقافة وفق فهم التيجاني ومعاوية نور، إذ أن الواقع المؤلم الذي نعيشه يتطلب إنتاج مثقف له أثر حقيقي على الحياة السودانية، برفدها بطريقة براغماتية بحتة. بعيدا عن صور النضال التقليدي والاسقاط الكلاسيكي للذات على العالم.
    قد تغيرت ثيمات العالم كثيرا ما بين تلك اللحظة التاريخية التي أنتجت معاوية نور والتيجاني وتلك التي تنتج محسن خالد وهشام آدم وحمور زيادة وشخصي، لكن مراجعة بسيطة تكشف أن الصورة النمطية ما تزال قائمة.. حيث أن المثقف هو: البطل المنتظر، هو المثقف الكمي الذي يعرف كل شيء، هو المتمكن من قاموس اللغة، هو الذي يرى الآخرين "المتلقين" خارج إطار دائرة ما ينتج.. ويمارس فعل المفارقة السلبية..
    في النماذج المذكورة أكاد أشفق عليها من كثرة الجهد الذي يقوم به المثقف من نشر إنتاجه الإبداعي والفكري والموسوعي، وهو عمل مقدر، لكنه تذروه رياح عصر جديد يؤمن بالمثقف المتخصص الذي يضع فكره ويركزه في بؤرة معينة ويحفر عليها حتى يساهم عبرها في تشكيل واقع جديد.
    لهذا فالنتيجة أن "الحفريات" التي يقوم بها مثلا هشام آدم في إعادة التفكير في المقدس، هي غير ذات قيمة في العام، لأنها تؤسس نفسها بمفارقة "الفوقي" و"المتعالي" والسلطة المجترة عن السلطة السياسية، وهنا يكون التبسيط أجدى وأقدر على التماس مع إمكانيات تعديل نسيج الحياة السودانية. كذلك فإن حفريات كالتي يقوم بها حمور زيادة في التاريخ، هي غير ذات جدوى كبيرة وتكاد تفقد قيمتها عندما تنتهي القراءة، لتلعب دور التسلية الوقتية.. لأنها تفتقد للمرجعيات الكبرى والإنتاج المثابر.
    نحتاج إلى تأسيس مثقف جاد، مخلص لما يقوم به، له مشروع موسوعي على مستوى محدد، ولا يشترط التخصص بمعناه المباشر.. أن يكون هذا الكاتب أو هذا المفكر متخصص في المجال عينه، لكن يشترط الإخلاص للمشروع وتكريسه كهدف حياة وهدف إنساني. ينعكس عبر المسطور والممارس.. ولا يوجد في تقديري مثال جاهز للنظر في جملة قرن كامل في تاريخنا الحديث غير نموذج محمود محمد طه، الذي سيكون إرثه إنسانيا، وله إمكانية المساهمة في الواقع ولو بعد قرون بعيدة.
    لقد أعادت الشروط الجديدة للحياة تعريف السياسة والمجتمع والثقافة وغيرها من المصطلحات وهذا يعني أننا يجب أن نعيش هذه المرحلة لا أن نبقى على أسر الماضي، دوائر مجترة من التباكي مخلوطة بقراءات متناثرة من التراث الإسلامي والعالمي أو الحداثة الغربية. وإلا أصبحنا خارج شروط التاريخ الحديث والذي نحن إلى اللحظة خارجه فعليا.
    لقد نجح نجيب محفوظ في مصر مثلا، كونه مثقفا في أن يرسم تاريخ مصر عبر قرن بأعماله الروائية وكان مخلصا لمشروعه الروائي، وكان بإمكانه أن يطرح نفسه فيلسوفا وقد درس الفلسفة، وأن يكون مفكرا دينيا لكنه اختار للفلسفة والفكر أن يندغما في أعماله الإبداعية كما في أولاد حاراتنا التي هي ليست إلا قراءة في المقدس والدين.
    وقد نختلف مع أناس أمثال سيد قطب، لكنني شخصيا احترم جهده في كتاب مثل "في ظلال القران" فهو جهد موسوعي سيبقى اثره.. إلى قرون بعيدة وسيكون علامة من علامات التفكير في النص القراني بعيدا عن الإجماع أو الاختلاف حول الأشياء.
    لكن في السودان لا يوجد إلى الراهن، مثقف نوعي له مشروع فكري متكامل قادر على المضي به بما يساهم في بناء الحياة الأفضل..

    وهذه خطوط فقط لنقاش آمل أن يستمر.. ليكون له نتائج مثمرة

    (عدل بواسطة emadblake on 10-30-2009, 05:46 AM)

                  

10-30-2009, 06:06 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني (Re: emadblake)



    تحليل المثقف أو جدلية السلطة والمال والفكر:

    ثمة خط شائع في مقولات "ما بعد الحداثة" أن "الشرائح الاجتماعية التي تمتلك قوة السلطة، أو قوة المال، أو قوة الأفكار تسمي النخبة. وهي بهذه القوي تؤثر في حياة الناس علي كل المستويات. و المثقفون هم الشريحة التي تستمد مكانتها من قوة الأفكار".
    إذن نحن أمام مثلث له ثلاثة أضلاع: السلطة، المال، الأفكار. وهذا المثلث في النماذج الأكثر حداثة في عالم اليوم للمثقف تتكامل بشكل جذري، لأن الأفكار تكون قادرة على صناعة المال والسلطة، في حين أن صورة المثقف النمطي السوداني هو ذلك الفقير، المدقع، الذي لا يملك قوت يومه أحيانا. كما أن صورة السلطة كثيرا ما يتعامل معها على إنها إطار ضدي للثقافة أو المثقف وهي نظرة كلاسيكية آن الأوان لإعادة التفكير فيها. وقد لعبت النماذج التأسيسية في الثقافة السودانية دورا في هذه الصورة التي ما تزال قائمة.
    سأعود لنموذج مفارق قبل "فجر التحديث السوداني" وفي تقديري وحسب المقياس الزمني – وقتذاك – هو النموذج الأكثر شفافية للمثقف بشروط زمنه، وهو الإمام محمد أحمد المهدي، الذي استطاع أن ينطلق بقوة الفكر (ضلع المثقف في المثلث) ليعيد بناء الحياة السودانية، ليكسب الضلعين الآخرين، السلطة بنجاحه في إقامة دولة (بعيدا عن الإخفاقات التي صاحبتها فيما بعد – وهو موضوع خارج نطاق التحليل هنا)، والمال بنجاحه في تمديد سطوة مالية بثروة تراكمية ما تزال حية في إرث آل المهدي.


                  

10-30-2009, 06:19 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني (Re: emadblake)



    استطاع المهدي أن يوظف قوة الفكر الصوفي والثقافة الدينية في زمنه ليخرّجها من القوقعة التقليدية لها إلى مفهوم النضال والبحث عن الإنسان السوداني الجديد، وبعيدا عما اصبغه المهدي على نفسه من صور "فوقطبيعية" فإن هذه الصور يجب ألا تقرأ بمعزل عن إطارها الزمني، كما نقرأ ابن عربي اليوم، ونجد التأويل لشطحاته، أو كما نقرأ الحلاج أو غيرهم.
    لست بخصوص تحليل البنية الذهنية للمهدي ولكن أتعامل فقط مع الإطار الكروكي العام لبناء شخصية المهدي وكيف نجحت في جعل طاقة الفكر تندغم في السلطة والمال. وهذا لا يعني أن هدف المثقف أن يكون كائنا متسلطا ثريا، ولكن ما أعنيه أن هذه الدوائر تتشغل بطريقة معقدة بحيث يصعب الفرز، من أن يبدأ الضلع المعين لينتهي الضلع الثاني أو الثالث.
    وبمراجعة بسيطة للتاريخ الإنساني سنجد أن فكرة الإسلام أو المسيحية بدأت في حدود ضيقة كرغبة في إعادة تشكيل التاريخ بمركزية فكرية، ومن ثم مع توالي الزمن تحولت هذه المركزية الفكرية إلى طاقات أخرى سلطوية وثروة تراكمية.
    يجب التمييز في العصر الراهن في مفهوم الانتلجنسيا، الذي يماثل النخبة، بين المثقف التكنوقراطي والمثقف الروحاني – مجازا – أي رجل الدين، وهذان النموذجان حاضران في السودان، ويبدوان أكثر تجليا في المجتمع الإيراني الحديث. وهنا نواجه بصورة تداخل غريب بين الدين والعلم، المعرفة والبراغماتية النفعية والروحانية. هو تداخل مشروع إذا تم وفق حضور معرفي فاعل على مستوى المعاش والعام، ولكن إذا قام التداخل فقط ليصل إلى مجرد هدف محدد هو التسلط، هنا ينهار مشروع المثقف سواء كان تكنوقراطيا أو روحانيا.
    هذا الخلط موجود لدى النمط الكلاسيكي السوداني، حيث أن الروحاني يهمين في أحيان كثيرة لدرجة أنه يقوم بإلغاء التكنوقراطي أو العكس.. وبالتالي تصبح الأنتلجنسيا إما باحثة عن السلطة باسم الدين والروح، كما في النموذج الكنسي في العصور الوسطى أو نموذج الإسلام الأموي أو ترابي السودان، أو باحثة عن السلطة باسم المعرفة السلبية، وهو مشهد واضح في المثقف التكنوقراطي السوداني كما في نموذجي منصور خالد وعبد الله على إبراهيم.

                  

10-30-2009, 06:41 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني (Re: emadblake)



    يحلل داريوش شايغان - فيلسوف ومفكّر إيراني معاصر – أزمة المثقف المعاصر في البلدان العربية والإسلامية ودول العالم الثالث بشكل عام، بتركيزه على إيران، وإن كانت كثيرا من إحكامه تصلح للتطبيق على الواقع السوداني بحيث يمكن الاستفادة منها. وسأطرح هنا بعض من نمط تفكيره في إعادة التفكير في صورة المثقف ودوره الفاعل.
    في النظر إلى المثقف سواء عند شايغان أو أركون وآخرين، لا يمكن الفرز بين مساحتي الأيدلوجية والسياسية، فالمثقف كما أشرنا إعلاه نسيج (معرفي علمي وروحاني وتكنوقراطي)، لكن المشكل الذي يواجه به مثقفنا باستعارة شايغان في هذا الجانب من تداخل المساحات أن "المثقفين يبدون عندنا كأنهم صليبيون ذاهبون إلى محاربة طواحين الهواء، أكثر مما يظهرون كمفكرين حكماء يتأملون بهدوء وراء طاولة عملهم".
    ويمضي للقول: "أن يكون المرء مثقفا في عالمنا معناه أولا معارضة السلطة. وهذا أمر ممكن فهمه لأن الأنظمة القائمة هي اما قمعية او شمولية صراحة. ولكن مما يؤسف له أن هذه المعارضة تظل بدائية وحشوية. فهي لا تترافق مع تحليل نقدي ولا مع نظرة الي المستقبل، ولا مع موقف ابتعادي عن السلطة".
    وهنا يمكن الانتباه لمفاصل مستقبلية في إمكانية تشكيل مثقف نوعي فاعل، تتعلق هذه المفاصل بأدوات لابد منها منها: النظرة الناقدة للأشياء – لكن هذه مشروطة كما سنرى لاحقا – أيضا النظر الدائم إلى المستقبل، بمعنى التفكير الاستراتيجي وليس مجرد مشي المكب "أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم". وإذا استعرنا الآية في فهم دلالة ما تقدم، سنجد أن المثقف النمطي السوداني هو "مثقف مكب" لا "سراطي".. والسراط هنا يعطي دلالة الانفتاح على المستقبل والرؤية إلى أبعد مدى ممكن.
    بالرجوع إلى شروط التحليل النقدي أو النظرة الناقدة للأشياء سنجد أن أول هذه الشروط، كما يرى شايغان أن الخروج عن "السلطة" أو "السائد" أو "النمط" الخ... من مفردات، كل ذلك لا يعني "التمرد على الأب والأم والقديم"، بقدر ما يعني "أن تؤخذ هذه الثيمات التأسيسة في السياق الثقافي للسلطة"،وفق بشروط حديثة.. وقد أوضحت ذلك أعلاه في نموذج المهدي، إذ أن إعادة التفكير في مشروعه بطريقة جديدة بعيدا عن "القوالب النمطية" من شأن ذلك أن يجعل فكرة "المهدية" ذات دور جديد في الحياة السودانية من حيث المستوى التنظيري لا المستوى السياسي الفاعل، لأن شروط سياسة القرن التاسع عشر ليست هي شروط الألفية الثالثة، وهو ما يحاول الصادق المهدي فعله ولكن باجتزاء ونقصان في شروط الوعي المعرفي الخلاق.
    فالتمرد أو الظهور بشكل دون كيشوت ومصارع الطواحين هي صور غير مجدية، لأنه لا وجود للأبطال الحقيقيين إلا في حيز المعرفة الفاعلة، وفي حيز السياق الثقافي والاجتماعي مع استيعاب شروط هذا السياق وإعادة قراءته ذهنيا ومن ثم تطبيقيا على مستوى الواقع.


                  

10-30-2009, 07:15 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني (Re: emadblake)



    تحليل النموذج الآني "السلطة والمعارضة":

    في النموذج السوداني الآني، وفي ظل السلطة الآنية الحاكمة، يبدو للبعض كما لو أن المثقف مستثنى وبعيد جدا. لكن الرؤية المدققة تكشف أن صورة المثقف يعاد إنتاجها وفق نموذج أكثر سلبية للمثقف من النماذج التأسيسية الانهزامية.
    فالمثقف حاضر ولكنه يكرس نفسه في خدمة السلطة لبسط أغراضها ونفوذها، بمعنى أن الفكر حاضر سواء كان هذا الفكر مقبول لنا كمعرفة أم لا.
    فنماذج كحسن مكي وعبد الوهاب الأفندي هي تدعم السلطة حتى لو بدت في بعض الأحيان كما لو أنها تعارضها. لأن خط السلطة الفكري هو نفس الخط "العقائدي" للمثقفين نفسيهما.
    وبالطبع هناك نماذج مباشرة في الدعم كما في الطيب مصطفى وأمين حسن عمر واسحق أحمد فضل الله، والأخير يكشف عن ذلك التداخل بين "الروحاني والإبداعي والفكري والعقائدي" بطريقة هي الأكثر تعقيدا، فهو قاص إذا عولجت نصوصه بمعزل عن سياقه العقائدي فهي تكشف عن ذات أخرى، غير "اسحق الجهادي".
    ما أعنيه أن هذه النماذج هي مثقفون حقيقيون في نظر السلطة، وهم وآخرون من يرسمون حركة الفكر السوداني ولهم تأثيرهم، ومن يتتبع خط الواقع الاجتماعي سيفهم كيف نشأت الحركات التفكيرية في المجتمع وكيف يعاد بناء الإنتاج الثقافي وفق قيم المثقف السوداني "الترابوي".
    دائما ولابد لأي سلطة أن تعيد توظيف المثقف لصالحها بهدف أن تبدو مشروعية وتكرس هيبة إلهية، وهؤلاء شئنا أم أبينا هم يفعلون هذا الشيء.
    ولهذا فإن مجرد الرفض والغوغائية في الأحكام لن يحل في إنتاج واقع جديد، ما لم نعيد التفكير في سياق المثقف السوداني "المعارض"، إذ كيف سيكون بإمكانه أن يبدو أكثر براغماتية وعملية ونقدية لذاته، ليس لكي يحل مكان السلطة ويكون أكثر سلطوية أو لكي يوفر مشروعية لسلطة جديدة "استبدالية"، وإنما ليعيد بناء الواقع السوداني والحياة الثقافية والمعرفية ويؤسس بنى المجتمع المدني الحديث. وهذا لا يتم بشروط مستعجلة كالتي يطرحها معظم المثقفين الآن.
    فالسؤال الأعمق والأكثر تعقيدا لا يتعلق بالسلطة الآنية أو حكومة البشير، وإنما بسياق عام يتعلق بمجمل الحياة السودانية. لأن مجرد استبدال "سلطة جاهلة" بـ "سلطة جاهلة" لن يحقق أي تقدم في بناء مجتمع حديث، بل سيزيد الأمور تعقيدا..
    وما يبدو جليا لي أن "المثقف المعارض" هو مثقف سلبي تجاه كليات إعادة تشكيل السودان، فهو رهين معاش ووقتي وهو يفكر بنفس درجة تفكير "مثقف السلطة" في كيفية إكساب معارضته مشروعية لتكون فيما بعد سلطة مقدسة.

    (عدل بواسطة emadblake on 10-31-2009, 06:48 AM)

                  

10-31-2009, 06:49 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة للخروج عن الصورة النمطية للمثقف السوداني (Re: emadblake)




    إن التأمل بعمق يكشف لنا أن مفاهيم "المثقف والسلطة والثروة" تندغم في نسيج السودان على أنها ذات هدف واحد، هو "التعالي على التاريخ".. أيضا على المنجز المادي والاجتماعي..
    والمفارقة أن أي نوع من التعالي يؤدي في النهاية إلى ثقة بالذات غير مؤسسة على نحو عارف، ما يعني ترك الآني والتركيز على أفق بعيد مقدس، على أنه خلاص إنساني، وهذا غير صحيح إلى حد ما، لأن البعيد رغم أنه يجب أن يوضع في القراءة، إلا أنه لا يمكن الذهاب إليه دون العبور بسلالم المتواليات الآنية.
    وحيث لا دستور مدني ومشروعية عليا تلزم الجميع وتتيح التداول السلمي للسلطة، فإن أزمة المثقف هي الحرية التي تمكنه من العمل بعقل مفتوح، في إطار دائرة المجتمع بشكل مباشر بعيدا عن تصدير الثقافة من المهاجر.
    وهذا يتطلب وفقا لداريوش شايغان أن يتعامل المثقف "مع الحقيقة"، ماذا يعني ذلك؟
    يعني أن الواقع المشروط يجب أن يكون محل اعتبار إلى حين الانتقال لمحطة جديدة تدريجيا. وهذا أيضا يجب أن يفهم بعيدا عن ما أشرنا له أعلاه بـ "النظرة الاستبدالية" أي "إزاحة النظام" بـ "نظام جديد".
    كلاهما مثقف السلطة ومثقف المعارضة هما أسرى البراغماتية النفعية، وقد تأثرا إلى حد بعيد بالنموذج التكنوقراطي السيء جدا. وهنا نحتاج إلى سياق ينتج مثقف مفارق للنموذجين .. مثقف حر "حقيقي" قادر على التحليل الكلي والتخارج من فكرة الحقائق المقولبة والجاهزة، كالنموذج الذي يطرحه نصر حامد أبو زيد وهو يفرق بين خطاب المثقف الحقيقي، أي المنتج للوعي، وبين خطاب مثقف السلطة المنتج لخطاب السلطة بالقول (وكذلك المعارض رافد السلطة بشكل غير مباشر): " ان خطاب المثقف الحقيقي خطاب مفتوح، أي غير دوغماتي. بمعني انه لا يرى انه يمثل سلطة. انه خطاب مفتوح لأنه نقدي في بنيته وقادر علي تجاوز نتائجه، وذلك علي عكس خطاب المثقف الآخر، مثقف السلطة، فهو خطاب مغلق دوغماتي اطلاقي، يتضمن مفهوم امتلاك الحقيقة المطلقة في كليتها وشموليتها". وفي نظرية أبو زيد أن مثقفي وخطابي السلطة والمعارضة يدعمان بعضهما بطريقة "سرية" أي ببنى غير مرئية في القراءات المسطحة.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de