زمن الجنا ئز الجميلة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 10:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-28-2009, 03:34 AM

Osman Musa
<aOsman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
زمن الجنا ئز الجميلة

    زمن الجنائز الجميلة







    إلى أين يا صاحبي؟ _____ الشاعر الكبير ممدوح عدوان

    قل إلى أين؟

    لم أشرب اليوم

    لكنّ عيني تغيم

    وهذي الدروب تزوغ

    دروب تدور

    دروب مقطعة لا تؤدي

    دروب التردي

    دروب الحشود التي تتهادى على يأسها

    تتنامى على بؤسها

    كل درب يضيق سراطاً

    يسيح صحارى

    ولك صباح توشح بالدمع أو بالسواد

    وكل أغاريدنا للحداد

    كأنا نسير ولا نتحرك

    أو أننا سائرون ارتداد

    كأن المجازر أعراسنا

    وكأن الجنائز أفراحنا

    ها هو الأفق وهج حرائق

    قل لي: إلى أين نمضي؟

    إلى أين تأخذني؟

    والبلايا تزيد

    وأنت توسع بسمتك اللغز

    ترفع هذي العقيرة بالكلمات العظيمة

    والنغم المتساوق

    حتى كأنا نسينا فجائعنا

    وكأنك جئت تهدهدني للرقاد

    توقف

    فوهج الحرائق يلفح حلمي

    وألسنة اللهب المتستر باللافتات

    تفحّم آفاقنا

    وأنا لا أحب الرماد

    سيول الدماء التي هدرت من غدي

    تركت خلف خطوي الدماء اليبيسة

    قف نتفرج

    فهذي الجنائز مقبلة

    وهي الآن وجه البلاد

    تفرج معي

    قد يجيء غد نتعود فيه على موتنا

    مثلما نتعود أمواتنا

    قد تجف الدموع

    وقد يتيبس فينا الفضول

    وقد يصبح الموت إسماً لكل الفصول

    تفرج معي

    أهل هذي المدينة أهلي

    وهم يتقنون الجنائز

    حشد من الحزن والتعزيات

    وحشد من الأحجيات

    رصاص مع النعش

    بعض الأغاريد

    والنعش يحضنه علم

    (هل تميز هذي الجنازة عن فرحة العرس)

    بعض المعزين يحشو الجيوب كلاماً جميلاً

    وبعض يراقب حزن الحشود

    (قليل من الحزن سوف يثير الشكوك

    كثير من الحزن يبطل زهو الديوك )

    وميت تطلع واستغرب الحشد،

    قال: اختفيتم طوال حياتي

    وكنت أنقب عن لمسة الحب

    عن نظرة تتفهم

    لفت دمي وحشة

    أغلقت أعين الناس عني

    فعشت عراء

    لأن العيون بيوت

    ترنحت في عتمة من تغاضي العيون

    لأن العيون ضياء

    وان العيون زنود تساند

    كيف أعيش وحيداً

    أموت طريداً

    وأدفن وسط الزحام

    فقالوا: نغيب لكي لا يغرك عمرك فينا

    فمات على نعشه مرتين

    وظل الحوار كتيماً

    لأن الحشود تخبئ أصواتها

    وهي الآن ترفع آخر راياتها في الجنائز

    من مات صار بلا أي صوت

    فقد قتلته رصاصة كاتم صوت

    وقاتله حين نفذ فيه الأوامر

    برر: لا أعرف الصوت

    لا أفهم السر في رغبة الله في كتمه

    لم يكن ممكناً كتم صوت عنيد

    ولا بد من كتم أنفاسه

    توقف قليلاً... سأبكي

    تفرج عليّ إذا شئت

    إن بلادي تضيق

    وتصبح أصغر من فسحة للأمان

    وهذي العوالم أطول منها مدى الطلقات

    فكل مدى صار يجدي لقتلي

    سأبكي

    وتضحك

    لكنني لم أكن أتوقع منك النياشين

    من أجل دمعي

    فجائع عمري أكبر من أن يغلفها الصمت

    إن البلاد التي أنجبت قاتلين لنا

    أنجبتنا لهم جثثاً وحشوداً

    فصرنا جنائز رائعة

    إن معجزتي تتجدد في كل يوم

    لأني أعيش وأسرق يومي

    الحروب على مسمع الخوف

    والكل منهمكون

    ويقتتلون

    الشظايا عليّ

    وكل انتصار عليّ

    النزيف دمائي

    وأهل المدينة أهلي

    وهم يتقنون الجنائز

    للموت بهجته

    يقبلون كما يقتضي الحال

    بالدمع والكلمات العظيمة

    والأغنيات المثيرة

    هم يتقنون الجنائز

    كي نتقن الموت

    يحترفون الحشود

    لكي أتقلص وحدي

    ويا صاحبي

    أنت لا تسمع الشجو

    لا تحفظ السر

    عيناك تختفيان وراء شرودك

    ثم تعودان مقلقتين

    فتعترفان أمامي

    بأنك تقتلني اليوم!

    يا صاحبي

    قضيت حاجتي للبكاء

    انتفت حاجتي لاعتذارك

    إني أقدر عمراً أضعت

    لتتقن قتلي

    وآمل أنك أتقنته

    لم يعد في سجلات أمنك

    من سبب لحياتي

    وإني عرفت ثمانين عذراً لموتي

    ورأسي الدريئة

    فيه اختزنت الشهادة والذكريات

    وفي الرأس عينان، أذنان،

    عقل، لسان

    وفيه ينابيع شعري السفيه

    ورأسي بهذا العناد،

    وهذا اليباس

    فضع طلقة وحدها الحل

    والحقْ دمي

    فبصمت تضيع البلاد... أراها

    بصمت يهان العباد... أراهم

    وقد صارت الكلمة الآن

    وقفاً على كاتم الصوت

    يكتم صوت المسدس

    يكتم صوتي

    ويكتم صوتك

    تأتي الحشود

    تشيعنا

    في جنائز

    متقنةٍ.....

    ____________

    من ديوان: للخوف كل الزمان

                  

10-28-2009, 03:47 AM

Osman Musa
<aOsman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن الجنا ئز الجميلة (Re: Osman Musa)

    عدوان في نهاية "المخاض"

    سوسن الأبطح
    (بيروت)

    عن عمر يناهز 63 عاماً، رحل ممدوح عدوان ابن قيرون السورية، وهولا يريد أن ييأس ولا يستطيع أن يصدّق الأمل، متألماً حزيناً لما وصلت إليه حال أمته، متيقناً أن تأثير المثقف العربي بات هزيلاً، ومصراً، في الوقت ذاته على أن يبقى يمارس واجبه الأدبي حتى النفس الأخير. أيام قلائل بعد ان كرّمه مهرجان المسرح في دمشق، وسنوات بعد أن خذلته الأحلام أغمض عينيه وكأنه يسخر من دنيا اختار فيها الصراع والمشاكسة والغضب، فشاكسته بدورها ولعله انتصر.

    عدّد ممدوح عدوان "الكارات"، لكنها كانت تدور جميعها في دائرة الكتابة والأدب. ناضل بالقلم، رغم انه حمل البندقية عام 1976 حين كان في الجيش الشعبي. ومثّل في المسرحيات التي كان يكتبها بداية حياته، وحشر أنفه في كل شاردة وواردة حين كانت مسرحياته توضع على الخشبة، وعمل صحافياً في مطبوعات سورية وفلسطينية، ومارس المهنة مراسلا حربيا وذهب أكثر من مرة مع الفدائيين في عملياتهم، وغطى معارك أيلول عام 1970، كما عمل مراسلاً في القطاع الشمالي من الجبهة السورية طوال حرب تشرين عام 1973. كما اشتغل عدوان في الترجمة، ودرّس حتى أيامه الأخيرة في الجامعة، وذاب مع طلاّبه في معهد الفنون المسرحية، وبقي طوال عمره مشدوداً إلى السياسة ينتقم من مكائدها في نصوصه، وناقداً كيفما تحرّك أو تكلّم أو كتب، حاد النزعة قاسي الألفاظ، وقد شرح ذات يوم وجهة نظره قائلاً: "لا مانع لدي أحياناً من المباشرة، إن فهم البعد السياسي لمعاناتي ومعاناة شعبي هو الذي يقف أمام كل محاولة لي للتقرّب من أي مشكلة أعيشها. وأنا في كتاباتي أميل إلى استخدام أي عنصر أتقنه لخدمة غرضي: أستخدم التراث أحياناً والمادة الواقعية اليومية والسخرية أحيانا أخرى والخطاب الاستفزازي المباشر أيضاً".

    لهذا ربما بدأ عدوان حياته شاعراً مسرحياً من خلال كتاب طبعه على نفقته الخاصة في دمشق تحت عنوان "المخاض" عام 1966، ثم صدر ديوانه الشعري الأول عن وزارة الثقافة السورية عام 1967 بعنوان "الظل الأخضر" لتكر السبحة بعد ذلك، فكفّ بعد حين، عن المسرحيات الشعرية لاجئاً إلى النصوص المسرحية النثرية إيماناً منه بأن الزمن تغيّر والأدب ليونة وديناميكية. وإضافة إلى مجموعاته الشعرية التي بلغت الـ17 وكلها موزونة، جمع الرجل شعره النثري الذي سجّله في مراحل متفرقة وأصدرها أخيرا في ديوان عنوانه يشي بمضمونه، إذ سماه "حياة متناثرة"، ويبدو أن ثمة قصائد نثرية اخرى لم يجمعها عدوان ما تزال تنتظر أن تبصر النور. وبنشر قصائده النثرية إضافة إلى الروايتين اللتين نشرهما "الأبتر" عام 1969 و"أعدائي" عام 2000، وترجماته التي بينها "الشاعر في المسرح" لرونالد بيكوك، و"تقرير إلى غريكو" لكازانتزاكي، نقع على أديب تعددي يتخطى الأشكال كلها ويخترقها بنهم، ويمتطيها كفارس ليصل إلى غاياته التعبيرية التي تختلج في صدره، ولم تسلم منه المسلسلات التلفزيونية التي كتبها هي الأخرى.

    نصف قرن وهو ينحت في جسد الكتابة، حتى حين كان السرطان ينحت في جسده، مدى السنتين الأخيرتين، فأصدر أربعة مؤلفات بينها "حيونة الإنسان" عن ظاهرة الاستبداد، فيه توثيق وبحث، وهو مجموعة مقالات كانت قد نشرت من قبل.

    وخلّف الرجل وراءه حوالي سبعين مؤلفاً في كل مجال أدبي. ورغم التعب والجهد الذي كان يبدو عليه لم يهدأ ولم يطلب الراحة بل بدا كمن يريد أن يستنفد كل دقيقة بقيت له، وهو بذاك السلوك الشره للكتابة، ومغالبة الموت يذكّر بمواطنه سعد الله ونوس الذي أمهله المرض فترة أطول من تلك التي فاز بها عدوان.

    عُرف عدوان واشتهر، وهو ما يزال ابن سورية البار، لم يكن يخرج من بلاده أو يسافر. وكما يقول نفسه، فإن ثقافته الأساسية جاءت من القراءة باللغتين العربية والإنجليزية، ومن الأفلام التي حضرها وما نقله إليه التلفزيون واستطاع الاطلاع عليه من الفرق المسرحية الزائرة لدمشق.
    خرج عدوان بعد ذلك من دمشق لكنه كره الغربة والهجرة ولم يتقبلها، وفضّل التعايش مع هامش الحرية المتاح له التعامل معه بما يستطيع، فلم يهرب او يبتعد، بل بقي مقيماً حانقاً وساخطاً، وكأنما الكتابة عنده كانت المتنفّس والتعويض الذي يحتاجه. فقد كان الرجل غزيراً، سيّال القلم، فمن المسرحيات كتب "محاكمة الرجل الذي لم يحارب" و"هملت يستيقظ باكراً" و"حال الدنيا والخدامة" و"كيف تركت السيف".
    ومن دواوينه "تلويحة الأيدي المتعبة" و"لا بد من التفاصيل" و"للخوف كل زمان" و"أمي تطارد قاتلها". وقد صدرت "أعماله الشعرية الكاملة" ـ التي أصبحت ناقصة بسبب إصداراته التي لم تتوقف ـ عام 1986 عن "دار العودة في بيروت". وبرحيل ممدوح عدوان الذي كان الممثل والمخرج اللبناني المعروف رفيق علي أحمد قد وضع له "زواريب" على المسرح منذ عدة سنوات، وشاءت الصدف أن تعرض منذ أيام فقط ولمرة ثانية في بيروت، يكون الرجل قد أغمض عينيه لكن زواريبه والطرق العريضة التي شقّها وآهاته وحكاياه والحكواتية الذين عشقهم، قد أمن لهم موقعاً في حيواتنا الشقية.

    الشرق الأوسط- 22- 12- 2004

    ***
                  

10-28-2009, 10:29 AM

ibrahim fadlalla
<aibrahim fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 2585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن الجنا ئز الجميلة (Re: Osman Musa)



    إلا أنه ضحك كالبكا ...

    Quote: يا صاحبي

    قضيت حاجتي للبكاء

    انتفت حاجتي لاعتذارك

    إني أقدر عمراً أضعت

    لتتقن قتلي


    رحمه الله ..
    وشكراً أخي عثمان على ..القصيدة المعبرة ..
    المصبوغة بالحزن والسخرية ..معاً ..
                  

10-28-2009, 05:24 PM

Osman Musa
<aOsman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن الجنا ئز الجميلة (Re: ibrahim fadlalla)


    كلاهما.. ( ممدوح عدوان ) و( علي الجندي )، هدفان جميلان للموت. لكن ( علي ) اختبأ في مكان ما، وقد بحث عنه الموت كثيراً إلى أن يئس من أن يجده، فنسيه... وتركه يموت لوحده... أمّا ( ممدوح ) فبقي يستعرض نفسه أمامه، طولاً وعرضاً ، يحملق به عيناً بعين ويتحداه. وحتى عندما أصاب الموت منه مقتلاً، لم يشهق، لم يضع يده على جرحه، لم يحن بجسده، لم يقع!! وبينما هو مصر على الحياة الدنيا كاملة، يشرب ويدخن ويكتب وينشر ويجري المقابلات ويقبل الدعوات لقراءة شعره في المهرجانات ويضع الخطط لعشر سنين قادمة في أسوأ تقدير، مؤكداً للجميع أنه لن يموت، لن يموت الآن على الأقل... مات.
    ممدوح...السبَّاق في كل شيء، هذا ما كان يحسد عليه، هو من كتب تلك القصيدة عن ( علي الجندي ) منذ سنوات، لكنه نشرها في آخر مجموعة شعرية أصدرها ( حياة متناثرة ) وكأنه أرجأها إلى اللحظات الأخيرة على ذلك الأمل!! وهو من قدم له أعماله الشعرية الكاملة، وهو من سبقه، إلى الموت. أمّا علي فلا أظنه سيفي بوعده. لأني لا أظنه كان جاداً عندما وعد به، من كان يصدق! ثم ربما لأن الأمر تأخر قليلاً بالنسبة إليه، فلم يبق له هذه الأيام سوى أن يعاف ويسأم كل شيء.

    لها معنى بالتأكيد شهادتي أنا بالذات عن ( ممدوح عدوان )، ولهذا أكتبها. فلست من خلانه ولا من أصدقائه المقربين رغم معرفتي الشخصية به منذ 34 سنة، كما أني لست من المعجبين لهذا الحد بشعره، وربما العكس. أقصد بالنسبة لي كواحد من الذين أطلق عليهم لقب شعراء السبعينات، أول جيل من كتاب قصيدة النثر السورية، أولاد محمد ماغوط الشرعيين وغير الشرعيين، كان ( ممدوح ) مثالاً جامعاً لكل ما حاولت أن أبعده عن شعري، كل ما عملت أن أتخطاه، كل ما رغبت أن أكون مختلفاً عنه. وكان هو أكثر من غيره بكثير، شاعر جيل الستينات، شاعر قصيدة التفعيلة، التي أعلنا عداءنا لها، ورحنا نطلق عليها تنظيراتنا ونشن حروبنا. كان هو، أكثر من غيره بكثير، الخصم الذي تصدى لنا، كاشفاً عيوبنا كلها، ركاكتنا، ضعف لغتنا، قلة استعدادنا. وكانت مشكلتنا معه، أنه كان في هذا محقاً.. لكنه يوماً لم يقف في وجه أي منا، يوماً لم يقطع طريق أحدنا، نشر لنا جميعاً أول ما تسلم تحرير مجلة المدى، كان يحرص أن يبدو صديقاً لنا واحداَ واحداً، يظهر أكثر مما نتوقع منه بكثير التقدير والاهتمام، ربما لأنه كان بدوره يعلم أننا أيضاً محقون، فهو بخبرته وذكائه، لا ريب قد أدرك المأزق الذي علقت به قصيدة الستينات، الحائط شبه المسدود الذي وصلت إليه، حتى إنه في الخاتمة أعلن ذلك صراحة وراح يكتب، مع ما راح يكتب، قصائد نثرية... جميلة.
    قلت إن معرفتي ب( ممدوح ) بدأت منذ /34/ سنة، أي في عام /1970/، عندما حضرت أول أمسية شعرية في حياتي على مدرج كلية الآداب بحلب حين كانت تتشارك ذات البناء مع كلية العلوم الاقتصادية التي كنت طالباً من طلابها. قرأ ( ممدوح ) وقتها بنبرة عالية، وبأسلوب لافت، قصيدة يردد بها: ( النورُ الأحمرُ، قفْ / أنا واقفْ / النور أخضرُ، سرْ /لا. أنا واقفْ ) قابلها الحضور الطلابي الشاب باستحسان وانفعال شديدين، متجاوباً مع الشاعر لدرجة مقاطعته بالتصفيق مراراً ومطالبته بإعادة قراءة أغلب المقاطع، ثم القصيدة بالكامل. كانت قصيدة احتجاجية أستطيع أن أصفها، إذا لم أقل سياسية! قصيدة عامة، لا شيء شخصياً بها سوى جرأة صاحبها في الإيحاء بأشياء والتصريح بأشياء. كان بينها وبين ما كنت أظنه شعراً وقت ذاك بونٌ شاسع، ومع ذلك كان لا بد لي من الاعتراف بإجادة ( ممدوح ) لكل ما يقوم به، هذا النوع من الشعر، هذا النوع من الإلقاء، هذا الصوت، هذا التواصل مع الجمهور. بعد الأمسية خصَّنا أنا وشلة من الأصدقاء بأنه هبط معنا مشياً على الأقدام من الجامعة للمدينة. أذكر أنه كان يشرح فكرة : ( لا يوجد في اللغة العربية مترادفات! )
    ثم ابتعت، عند صدورها، مجموعته الثانية ( تلويحة الأيدي المتعبة ) التي أحببت قصائدها بعض الشيء، لكني أحببت عنوانها أكثر وما زلت أحبه، فلقد وجدت فيه ما يميز ( ممدوح ) كشاعر تفعيلة مختلف عن سواه، تلك المحسوسية في الصورة، أو الصورة الحاملة لمعنى ما، مقابل تلك المجانية التي كانت تتصف بها صور واستعارات باقي شعراء جيله. وكعادتي يبقى في ذاكرتي دائماً أول كتاب أقرأه لأي شاعر، وهذه المرة أحببت لممدوح هذا الكتاب فقط، وربما قليلاً من باكورته ( الظل الأخضر ) أما ما يليه، فقد كنت، بحكم انحيازي لآبائي وأخوتي، شعراء قصيدة النثر، مشغولاً عنه.

    المرة الثانية التي قابلته بها، كانت بعد حرب تشرين، أي عام 1974. حين أصطحبني عادل محمود معه لمقر الإدارة السياسية حيث كان يقضي خدمته العسكرية كصحفي. ولا أدري إن كان ( ممدوح ) يقضي خدمته أيضاً أم أنه كان مدعواً كضابط احتياط، لكنه كان يقوم ببعض التحقيقات الصحفية كما أظن، ما قاله وقتها رداً على رأي لي في شعره: ( هذه الأيام لا أكتب شيئاً، فقط أقرأ، القراءة بالنسبة لي كالكتابة تماماً ) وأذكر أنه كان يتندر بقصة عريف أو رقيب، سمع ممدوح بنفسه، قائد اللواء يتذمر قائلاً إنه ووزير الدفاع بالذات لم يستطيعا أن يتدبرا أمر إيقافه عند حده أو تسريحه أو نقله ، لكونه مدعوماً من أحدهم !

    بعد هذا وخلال تلك السنين الكثيرة التي انقضت، التقيت به العديد من المرات، في دمشق وفي حلب وفي اللاذقية. وأكاد أستطيع أن أذكرها كلها، ليست لأنها قليلة لهذا الحدن فهي ليست، ولكن لأنه في كل مرة كان لممدوح القدرة ان يقول أو يفعل شيئاً لا ينسى. في المرة الوحيدة التي زارني بها في بيتي، أذكر أنه جاء مع زوجته وأصدقاء آخرين ملبياً دعوتي للعشاء، وبينما كنت أتكلم وأتكلم ولا أتوقف، فإذ به يقاطعني في وسط القصة، ويلتفت إلى زوجتي الصامتة بجانبي قائلاً: ( سمعنا منذر يتكلم كثيراً، ونستطيع أن نخمن كل ما يمكن أن يقول، رجاءً اسمعينا صوتك ). لكن هذا لا شيء بالمقارنة مع سهرة أخرى قضيتها أنا وهو وعلي الجندي في بيت أحد الأصدقاء في اللاذقية. وكان قد أولم لنا عشاءً فاخراً من عدة أنواع من السمك مع عدة أنواع من المشروبات. حينها كانت تصلنا أخبار أحداث حماه، وكان منّا من يصدق ومنّا من لا يصدق، ومن سوء حظ مضيفنا أنه كان من المشككين بما يجري، وله فيه رأي آخر مختلف عن رأينا. مما أشعل ( ممدوح ) غضباً، وأبدله من ذلك السكران المكثر من النكات والضحكات الذي كانه، إلى ذلك المقرع بقسوة والمبهدل دون رحمة والمتهم لمضيفنا في بيته وعلى مائدته بأنه إمّا قليل الفهم والاحساس ومعدوم الضمير وإمّا .... . وبعد أن أفرغ ( ممدوح ) كل شحنته النارية قام وخرج إلى الشرفة، ولدقائق رحنا نراقبه، سانداً مرفقيه على حافتها يتصاعد منه الدخان، مما أتاح لمضيفنا المسكين بعد أن خرس لا يرد بشيء طوال البهدلة، أن يقول موجهاً كلامه لعلي، طالباً بعض المواساة : ( هل كان يجب على ( ممدوح ) قول كل هذا ؟‍!( أجاب علي دون تردد، مشيحاً بوجهه بعيداً: ( ممدوح .. معه حق ).
    الأمسية الشعرية الثانية التي حضرتها له، كانت، إذا خدمتني ذاكرتي، في نهايات الثمانينات من القرن الماضي! في المركز الثقافي في اللاذقية، وكانت القاعة تخلو من أي مقعد شاغر ومكتظة بالواقفين في الممرات، فلم يتوفر لي مكان إلا في غرفة الآلات التي يتم فيها عرض الأفلام والتحكم بالصوت والأضواء، وهي تطل على القاعة من فتحتين صغيرتين رحت أتابع ما يحدث من إحداهما .ورغم أن المناسبة كانت مناسبة وطنية أو حزبية او كلاهما معاً، وتحت رعاية الرفيق أمين الفرع والسيد المحافظ, فلقد قرأ ( ممدوح ) شعراً أو بياناً سياسياً أو عريضة انتخابية، لا أعرف، ولكن ما رأيته هو أنه ألهب مشاعر الحضور وأكفهم، إلى أن صدرت أوامر من قبل مسؤولي الصف الأول بقطع الكهرباء أكثر من مرة عن المايكرفون، ثم عن القاعة كاملة. لكن ( ممدوح ) ما كان ليتوقف.

    هناك الكثير من المآثر في حياة هذا الرجل. لا يوجد أسهل من قول شيءٍ كهذا، أن نقول إنه أصدر /17/ أو /20/ مجموعة شعرية!! أولها ( الظل الأخضر ) 1967 وآخرها التي جمع بها قصائده النثرية ( حياة متناثرة ) 2004، هو الذي يؤثر أن يذكر، أول ما يذكر كشاعر. وإنه في الأيام الغابرة، أيام الشعر، وأيام فرسانه، ورواج كتب الأعمال الشعرية الكاملة، طبعت دار العودة عام /1982/أعماله الشعرية في مجلدين، بجانب الأعمال الشعرية لبدر شاكر السياب وأدونيس والماغوط ومحمود درويش وسميح القاسم وعبد الوهاب البياتي وصلاح عبد الصبور وووغيرهم من أساطين الشعراء العرب، ولكن ليس من بينهم واحد من أساطيني. كما أنه الكاتب المسرحي السوري الأول في الكم ذو ال/26/ مسرحية، والثاني في الشهرة بعد سعد الله ونوس الأول في الوطن العربي برأي الكثيرين. وهو لو أراد لصار روائياً، فقد أصدر باكراً في /1967/، ذات السنة التي أصدر بها مجموعته الأولى، رواية ( الأبتر )! وماعاد لكتابة الرواية، متلهياً بكتابة/16/ مسلسلاً درامياً طويلاً ولا أدري كم سهرة تلفزيونية، حتى أصدر عام /2000/عن دار رياض الريس في بيروت رواية ( أعدائي ) الضخمة لدرجة أني لم أفكر بقراءتها. وأيضاً المترجم لما يزيد عن 22 كتاباً انتقاها تبعاً لذوقه وحسن اطلاعه منها ( سد هارتا – داميان – رحلة إلى الشرق ) لهرمان هيسه، و( في انتظار جودو ) لصموئيل بيكيت التي أعدها للتمثيل بتأويل خاص. و( تقرير إلى غريكو) لروائيه المفضل نيكوس كازنتزاكس، وسيرة حياة الروائي البريطاني جورج أوريل، وقد ختم مسيرته كواحد من أفضل المترجمين عن الإنكليزية، بتصديه لترجمة ملحمة ( الألياذة ) لهوميروس التي صدرت عن المجمع الثقافي في أبو ظبي، وكان يعمل خلال فترة احتضاره على ترجمة ( الأوديسة ) وأرجو أن يكون قد أنهاها. قلت لا أسهل من تعداد مآثره، والقول إن ( ممدوح ) كان يستطيع أن يكون أي شيء، بل يستطيع أن يكون كل شيء وربما كان كذلك، لكنه في كل هذا أعتبر من قبل الكثيرين شاعراً وروائياً ومسرحياً ملتبساً! كثيرون لم يفهموا تنوعه، كما لم يفهموا موقفه السياسي، كانت هناك دائماً تأويلات، ودائما كانت تطرح أسئلة عن سبب تغاضي النظام عن جرأة ( ممدوح ) وتجاوزاته، في أدبه وفي جلساته الشخصية وأيضاً في مواقع عامة كما حدث عندما وصل له الدور بالكلام أثناء المناقشات العلنية لتطوير الجبهة التقدمية. هل كان محصناً لهذه الدرجة ومن أين أتت حصانته، أ كان مصنفاً من الذين لا يمسون بالنسبة للنظام، أ كان هذا بسبب علاقاته؟ أم بسبب مكانته الأدبية؟ أم بسبب شخصيته!؟ أي لعبة كان ( ممدوح ) يلعبها ويجيدها، هو الذي لم يمدح ولم يطبل لأحد يوماً، وهو من منع عن الكتابة في الجرائد والمجلات المحلية ومن حجز جواز سفره مرات، وهو من مهر بامضائه كل البيانات السياسية التي صدرت عن المثقفين والمعارضة السورية خلال السنوات الأربع الماضية، ولكن هو ايضاً من يقول في مقابلته مع راشد عيسى ،مفسراً نجاته بجلده، إنه لم يكن يتدخل بأشياء لا تعنيه! وإنهم ربما كانوا يعلمون أنه يتحدث من رأسه! وهل يوجد أشياء قد يساءل السوري عنها لا تعني رجلاً عاماً مثله، وهل أعطي الأمان لكل من يتحدث من رأسه في سوريا ليقول ما يشاء؟ وهو من سمعته مؤخراً في مقابلة تلفزيونية يقول هازلاً لمحاورته ديانا جبور، بما معناه: ( إذا كانت هكذا المعارضة فالنظام أفضل ) هل هذا يصلح للهزل؟ وهو مع كل ما كتبه ضد الطغيان والفساد، يوماً لم يتخذ موقفاً سياسياً معلناً رافضاً كلياً للنظام وأساليبه، أدى به للمواجهة الحادة معه! ولكن السؤال هل كان هذا مطلوباً منه، وهو ليس سوى شاعر ومسرحي وروائي وكاتب مسلسلات وزوج وأب... ومدمن حياة؟ ولكن أ لم يقل ( ممدوح ) عن نفسه إنه يختلف عن أدونيس في كونه يستمع لنشرات الأخبار وأدونيس لا! هل كان يرضينا أكثر لو لم يكن أسعد إنسان في سوريا، كما قالت لي يوماً ديانا جبور، وأمضى عدة أصياف في مصياف بيت خالته!! هل لو وقف هذه الوقفة هو وغيره من الشخصيات الثقافية السورية الكبيرة، أذا كان هناك شخصيات ثقافية سورية كبيرة ولا كبير في سوريا إلا الله وحده جل جلاله... لكان حالنا نحن السوريين أفضل، ولو قليلاً!؟

    قد يستهوي المرء، وهو يمسح بنظره مشهداً واسعاً لهذه الحياة الغنية والممتلئة والملتبسة التي عاشها ( ممدوح عدوان )، أن ينظر إليها كمسرحية تراجيدية وهزلية بآن، وبالتالي ينظر إليه كممثل فيها. لماذا لا، أ ليس هناك فكرة متداولة بين الناس بأن حياتنا مسرحية ونحن ممثلوها!! أبطالاً أو خونة أو مترددين بين بين!! أ ليس هو من قال في تلك المقابلة تلفزيونية التي ذكرت، مبرراً كتابته للمسرح والتلفزيون، إن أول مارغب في يراعته أن يكون ممثلاً، وإنه يقوم بما يشبه التمثيل حين يلقي قصائده! وهنا لا بد أن نعطي ( ممدوح ) دور البطولة في هذه المسرحية الكبيرة من تأليفه. أولاَ لأنه يستحق، وثانياً هو لا يرضى أقل، فلقد أصر طوال حياته أن يكون فارساً، عاشقاً، شجاعاً، كريماً، صادقاً، مخلصاً، نزيهاً... رغم ما يدعيه في جلساته من زعرنة، ربما كان بها يجاري موضة الأدب تلك الأيام! هذا الدور الذي تابع ( ممدوح ) القيام به حتىالمشهد الأخير، حتى لحظة موته. لا أحد من المثقفين الذين أعرفهم عن قرب، أو عن بعد، أظهر هذه الجلادة والقوة في مجابهة المرض والموت. لا بو علي ياسين الضعيف ولا هاني الراهب الخائف ولا سعد الله ونوس الذين خلاف ترداده لجملة ( نحن محكومون بالأمل ) أمرضني ما كتبه عن مرضه وعن فقدانه الاحساس الوهمي بالأبدية في كتابه ( عن الذاكرة والموت )!! هنا أحسب ولأول مرة صار ل( ممدوح عدوان ) مشروع، لا في الشعر ولا في المسرح ولا في الرواية ادعى ( ممدوح ) بأن لديه مشروعاًً: ( لم يكن عندي أبداً مشروع ) أمّا في الموت فقد كان مشروعه جاهزاً... أعلنه على الملأ، في البيت والشارع والمقهى والمجلات والجرائد والمحطات التلفزيونية. سيأكل ويشرب ويدخن وكأن شيئاً لم يكن، وسيكتب وسيترجم وسيسافر وسيشفى ويعود شعره لرأسه... ولن يموت... ولكن.

    وهكذا كما ترون... لم يكن يربطني ب( ممدوح عدوان ) سوى العموميات. وهو رغم ما خصَّني به من ودّ، لم يكن حريصاً على الاتصال بي عندما كان يأتي إلى اللاذقية ويمكث أياماً وأسابيع في بيت أهل زوجته، ثم في بيته في أحد مشاريع السكن الجديدة شمال المدينة. حصل هذا ربما مرتين أو ثلاث. لكني خيبت ظنه في لعب الورق كما في الشرب والسهر.. غير أني كنت أول من خطر على بال أصدقائه في دمشق ليرسل لي ( حكم البابا ) رزمة كبيرة من أوراق نعوته التي صدرت بذكر وزارة الثقافة ووزارة الإعلام واتحاد الصحفيين واتحاد الكتاب، لأتدبر أمر إلصاقها على جدران اللاذقية. فأعطيت القسم الأكبر منها لشابين يقومان عادة بمثل هذا العمل، وتركت معي عدداً كافياً لألصقه بنفسي في أماكن محددة.. وبينما كنت أفعل ذلك، كان الناس يلتفون حولي ثم يتزاحمون أمام الأوراق مستطلعين، كثيرون منهم عرفوا ( ممدوح ) وراحوا يعزونني به، ومنهم من طلب أن يحتفظ بورقة للذكرى أو ليطلع عليها أصحابه. حتى في الأماكن التي يمنع بها إلصاق أوراق النعوات سمحوا لي بإلصاقها. وشرطي أوقف السير لدقائق، ليتيح لي إلصاق ورقة على لوحة إعلانات طرقية، عندما قرأ اسم ( ممدوح عدوان ) عليها.
    كان من الصعب أن أحدد أية مشاعر تخالجني، لم أكن أشعر بأني ألصق نعوة رجل ميت، بل ورقة عليها اسم رجل يعرفه الناس وكأنه ابن مدينتهم، شاهدوه في التلفزيون البارحة البعض قال لي، سمعوا اسمه مراراً، رجل يهتمون له ويعني لهم لا أدري ماذا! وعندما عاد الشابان بعد ست ساعات قضياها في إلصاق القسم الأكبر من أوراق النعوة ، قال لي أحدهما ولا أظنه يعرف القراءة: ( لم نرم ورقة واحدة، لقد ملأنا شوارع وحيطان اللاذقية بأوراق نعوة أخيك.. رحمه الله! )
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اللاذقية 22/12/2004
                  

10-28-2009, 06:04 PM

Osman Musa
<aOsman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن الجنا ئز الجميلة (Re: ibrahim fadlalla)

    العزيز ابراهيم فضل الله
    سلامات
    نعم .
    ممدوح هو الشاعر الذى لم يضع يده
    على جرحه .
    ممدوح وقف يكتب ويكتب ويكتب ولم يقع .
    كتير سلامة .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de