كنت أكتب مقالاً عن لقاء السيِّد نائب الرئيس على تلفزيون السودان قرب منتصف الليل، ولما شعرت بما تسبِّبه أوراقي من إزعاج لمن هم حولي .. حملت بضاعتي وخرجت إلى صالة الاستقبال وفتحت جهاز التلفاز على قناة النيل الأزرق (لزوم التسلية أثناء كتابة المقال وكده) .. كان البرنامج على القناة يتناول مشكلات اجتماعيّة للمتصلين على الهواء مباشرة ويستضيف في الأستوديو اثنيْن من المختصين بتقديم من إحدى المذيعات المقتدرات.. اتصلت (س) .. وبين مصدِّق ومكذِّب استمعت لقصتها، وفي حالة ذهول ويدي على رأسي .. أي والله .. تابعت ما دار من حوار وفرص الحل المتاحة .. ووجدتني أردِّد بلا وعي العبارة العجيبة: يا للهول. باختصار.. ذكرت أختنا الكريمة بأنّها قد درست الصيدلة بإحدى جامعاتنا الوطنيّة بعد الحصول على الشهادة العربيّة .. وأسرتها تقيم بكاملها بالمهجر .. تعرّفت أثناء الدراسة على من يسبقها في الدراسة بسنتيْن أو ثلاث وتزوجا عرفيّاً بشهادة صديقتيْن وصديقيْن أو ثلاثة .. وأنجبا «بنُّوتة» هكذا نطقتها .. وهي تصغير الدلع لكلمة بنت .. ثم أن أهلها وبعد الضغط عليها قد أمهلوها أسبوعا واحداً فقط للعودة لدولة المهجر.. والمسكينة تسأل كيف تتصرّف خصوصاً وأن الطفلة في يدها والبطل (رفع يده من الموضوع) ورفض الاعتناء بـ «البنوتة»، وأهلها لا علم لهم من قريب أو بعيد بما يجري وهم في انتظار ثمرة جهدهم .. الدكتورة .. خريجة الصيدلة ..! اندهشوا.. هل اندهشتم ؟! .. حسناً .. ما يدعو للاندهاش لم يأت بعد، وهي في الحقيقة مجموعة أمور تدعو للحيرة أكثر منها للاندهاش، وأقلق منامي سؤال واحد: أين ذهبت عقول القوم؟! دعك من أي شيء آخر.. هل لاحظتم المكان الذي عُرضت فيه القصة .. إنه قناة فضائيّة سودانيّة، صحيح أنها ثانية في الترتيب الرسمي .. لكنّها بكل تأكيد الأولى من ناحية المشاهدة، ونخلُص إلى أن الأمر أو القصّة قد تعدّت مرحلة أنها قصة أو مصيبة أو أزمة أو ظاهرة .. تعدت كل ذلك لتصل إلى درجة أن تكون مشكلة اجتماعيّة عاديّة يتحدث الناس فيها عبر الهاتف فى قناة فضائيّة. ورغم انفعال مديرة الحوار والضيوف مع القصة إلى درجة نزول دمعات الأعين إلا أنني وللأسف شعرت بأن الأمر لم يدعوهم للاندهاش .. يعني عادي .. يعني أنهم قد مرُّوا أو سمعوا أو عاشوا مثل هذه القصص مراراً وتكراراً. وثالثة أخرى هي طريقة سرد الفتاة للقصة .. فهي لم تكن محبطة لثمرة خطيئة أضحكت الشيطان ملء شدقيه، والدليل على ذلك استخدامها كلمة «بنُّوتة» فهي تشعر بأنّها أم .. بل كل ما كان يشغل تفكيرها و يسبِّب لها أزمة هو كيف تتصرّف مع الطفلة وهي ستغادر بعد أسبوع واحد.. أي حتى نكوص الفحل عن تعهداته العرفيّة بالإثم والعدوان لم تكن تشغلها .. ولكأني بها كانت تتوقّع أن يقول لها الحضور أن هلمي واحضري بنتك حتى ندخلها الملجأ نيابةً عنكِ.. أما أنت (فيا حبة عيني عليك) على قول إحدى أخواتنا. أما الرابعة فإنها مخيفة وتدعو للقلق، إذ أن القوم طفقوا في محاولة استجلاء أوجه هذه القصة، فأقرّت الدكتورة بأنّهما (البطل والبطلة) كانا يقيمان في شقة.. (يعني زواج عدييل).. ثم ارتباط وطلوع ونزول وحمل وولادة ورضاعة وانفصال.. ثم لا أهلها ولا أهله ولا المجتمع يعلم شيئاً عن ذلك.. يا ناس.. ثم إن ما لم أستطع فهمه هو أن أحد الحضور من المختصين كان يركِّز على أن يقول بأن طلاب الشهادة العربيّة يحتاجون لفترة حتى يتعرّفوا على طبيعة المجتمع الموجود ويستطيعون التعامل معه .. هل يعني صاحبنا أن مجتمع الطلاب صار كله منحطاً لهذه الدرجة؟! عموماً يبدو فعلاً أن القصص كثيرة وهي تخرج طوعاً لا كرهاً من أصحابها .. ويبدو أيضاً أن رهبة الذنب والإثم قد ذهبت من الصدور .. فالأمر عادي .. ولكن غير العادي هو أين ذهبت عقول القوم؟ الشباب والشابات .. الطلاب والطالبات .. ثم أين ذهب أهل القوم؟ الآباء والأمهات.. سيدي المجتمع أرجو الإجابة . م. مجاهد بلال طه
10-27-2009, 00:26 AM
تبارك شيخ الدين جبريل
تبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936
Quote: ويبدو أيضاً أن رهبة الذنب والإثم قد ذهبت من الصدور .. فالأمر عادي .. ولكن غير العادي هو أين ذهبت عقول القوم؟ الشباب والشابات .. الطلاب والطالبات .. ثم أين ذهب أهل القوم؟ الآباء والأمهات.. سيدي المجتمع أرجو الإجابة . م. مجاهد بلال طه
السؤال المهم:
أين ذهبت - أو أين تذهب - "البنّوتة"؟
إن كانت أم "البنّوتة" تقرأ هذا البوست، فأنا أنصحها بمصارحة أهلها بتفاصيل "البنّوتة" قبل مغادرة السودان، ثمّ ترى ماذا يكون ...
وإن قدّر لذويها قراءة هذا البوست فأنا أقول لهم:
إقبلوا ابنتكم على سوء تصرّفها، فهى تتصرّف فى حدود ما تعرف. واقبلوا حفيدتكم "البنّوتة" فإن انعدام شهامة أبيها لا يسوءها من قريب أو بعيد.
ولكم أن تأخذوا بقولى هذا أو لا تأخذوا به.
فأنا أعلم تماماً أن المجتمع فى حالة حراك وتغيير ونبتغى له خير المستجدّات. وأن الصحافة الصفراء ترتزق من تفتيش الضمائر وافتعال الفضائح وصناعة التخويف. وربما فى الرواية اصطناع من الدكتورة أو القناة أو كاتب المقال أو الناقل ...
إن كانت هنالك "بنّوتة"؛ فمصلحتها وأمنها وسلامتها أولى باهتمامنا من سفاسف الأمور ....
(واحد من الحكماء القدام لقى ليهو طفل قدّام بيتو، الجيران قالوا ليهو حتعمل معاهو شنو، قال ليهم: "بنقول حبابو؛ وبنسميّهو الله جابو"، دا حالتو مجهول النسب)
... المهم .....
10-27-2009, 03:02 AM
Dania Elmaki
Dania Elmaki
تاريخ التسجيل: 08-16-2007
مجموع المشاركات: 1503
لا حولة و لا قوة الا بالله العظيم .. اللهم استر ولايانا :
اولا - بما انها واعيه بما تفعله وما فعلته - عليها تتحمل وزر فعلتها تلك . تتحمل تربيه ابنتها وتبحث عن ذلك الوغد الذي انكر صلته بها - ثانيا - تخبر اسرتها بما جري لها بكل وضوح دون السفر اليهم . تالثا - تتوب الي ربها ..
:: وبكل تاكيد تتحمل الاسره باكملها ( اب وام واخ ان وجد ) هذه الغفلة ::
احترمات
10-27-2009, 01:16 PM
Tabaldina
Tabaldina
تاريخ التسجيل: 02-12-2002
مجموع المشاركات: 11844
.. . الاخ عبدالله حقيقة من الصدفة اننى حضرت اللقاء وبالامس وجدت الصحفى الهندى كتبها فى عموده اليومى ومرسله من طرف شخص اخر .. والله عملت اسكانيغ للموضوع لنشره فشكرا للطرح .. وحقيقة هذه المأساة هى احد ظواهر المجتمع الحالى ولقد اصبحت البلاد ممتلئة بمثل هذه القضايا .. عن مشاكل الاسر والطالبات فى ظل الغياب الاسري والمتابعة سواء كانت الاسرة بالداخل او الخارج.. حقيقة ان الامر من الخطورة بمكان وليس مجرد ( تصرف مع بنوته واحدة) فهذه افضل حالا من تركتها امام دار المايقوما او امام منزل او فى ركن تنهشهاالكلاب
Quote: الخطاء لا يقابل بخطاء اكبر على الام مصارحه الاهل بالبنوته و على الاهل ولا اقول ليكم, نفس كلام تبارك اقروه و خلاص, لا اله الا الله
تباركـ ودانيا المشكلة ان هذه الام .. لا تقدر حجم المصيبة او الخطا لا تاخ بالا لهم عدم شريعة الزواج ؟؟ او مسؤولية الاب او مسؤليتها ؟؟ كل تركيزها مع من تترك ( البنوته) حتى تسافر يعنى احساس الامومة مفقود _ امر يستغرب له _
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة