في الذكري الخامسة والأربعين لثورة اكتوبر 1964: الجنوب .. قاصمة ظهر 17 نوفمبر 1958......

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 10:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-19-2009, 02:03 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في الذكري الخامسة والأربعين لثورة اكتوبر 1964: الجنوب .. قاصمة ظهر 17 نوفمبر 1958......

    من كتاب ( دراسة في وقائع الولوج الأول لجيش السودان دار السياسة ) للكاتب الدكتور مـحـمود قلندر، نبث اليوم وبـمناسبة الذكري الخامسـة والأربعيـن علي ثورة اكتوبر 1964 جزءآ منه يتعلق بـاسباب قيام هـذه الثورة الشعبية.... ونكشف بعضآ من خباياها واسرارها من " شـاهـد علي عـصرها ".


    ( 1

    (الجنوب .. قاصمة ظهر 17 نوفمبر 1958
    ----------------------------------------------
    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147500528&bk=1
    ©2004 Alsahafa.info. All rights reserved.
    بتاريـخ: 2008-03-18

    *** - بدأت الأوضاع العسكرية في الجنوب في التردي في الأعوام62 و63 و64 من بعد تمكن المعارضين الجنوبيين من تنظيم أنفسهم سياسياً وعسكريا، ومهاجمة القوافل والمدن، وتوجيه الضربات القوية لقوات الحكومة. وقد حاولت حكومة عبود بقدر الإمكان، منع أنباء تدهور الأوضاع في الجنوب من الوصول إلى الشمال.

    *** - ومع تعرض قوات الجيش ومدن الجنوب الكبرى مثل واو وجوبا، إلى هجمات القوات المناوئة، وتزايد الجرحى والقتلى من الجنود والموظفين والتجار الشماليين، أخذت أنباء تدهور الأوضاع في الجنوب في الوصول إلى كل الأسماع. و لم تعد الحكومة قادرة على إخفاء ما يجري في الجنوب، فتناولته المجالس الخاصة، كما أخذت الصحف في تناولها بحذر معتبرة ما يجري من تدهور نتاجا للتدخل الأجنبي في البلاد.

    *** - ويبدو أن الحكومة، ممثلة في وزير داخليتها محمد أحمد عروة، أحست أن العنف لم يحقق الأهداف، فراحت تبحث عن سبل أخرى لمعالجة الوضع في الجنوب.

    *** - وفي ذلك الإطار شجعت الدولة المتخصصين وكبار الموظفين إبداء آرائهم حول هذه القضية، واقتراح بدائل للمعالجة. وقد دفع ذلك عدداً من المسئولين والمثقفين والأكاديميين في الشمال لرفع أصواتهم مطالبين بإعمال العقل بدلا من السلاح في المجابهة. فكتب عدد من التنفيذيين والأكاديميين مذكرات للسلطة العسكرية حول الجنوب، تطالب كلها باستبدال سياسة المجابهة بالعنف بأسلوب الحوار والتعامل القائم على الاعتراف بخصائص الجنوب.

    *** - من بين الشخصيات التي كتبت لسلطة نوفمبر عن الجنوب، الدكتور محي الدين صابر، والذي كتب مذكرة اعتبرها وزير الداخلية آنذاك (دراسة علمية رفيعة) ، حوت عددا من المقترحات وانتقدت سياسة الحكومة في الضغط والإكراه، كما انتقدت سياستها تجاه الكنيسة، ونادت المذكرة بإيلاء الواقع الإفريقي السوداني الاهتمام اللازم، ووضع خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الجنوب.

    *** - وكان من بين كتاب المذكرات، دكتور جعفر بخيت، وكامل شوقي، وأمير الصاوي، وعبد الوهاب أحمد مدني.

    *** - ولم يكن الأكاديميون والمثقفون وحدهم الذين عارضوا العنف في الجنوب، بل عارضته شخصيات تنفيذية وعسكرية قالت رأيها بوضوح فيما كان يجري هناك.

    *** - من بين هؤلاء القائمقام الطاهر عبد الرحمن المقبول، قائد القيادة الجنوبية وقتها، والذي هاجم سياسة تبني التبشير الإسلامي كنقيض وبديل للتبشير المسيحي، وكأسلوب لمحاربة الكنائس، وعدد في خظاب رفعه كمسؤول عسكري، المضار الناتجة عن مثل تلك السياسة. وطالب بعدم الاعتماد على الحل العسكري، وأوصى بإقامة وزارة خاصة بالمناطق المتخلفة، وجنوبة كل الوظائف ما عدا الجيش والشرطة، ونادى بعدم التقليل من شأن المتعلمين الجنوبيين.

    *** - وكان منهم أيضا البكباشي أحمد خالد شرفي، قنصل السودان في أوغندا وقتها، والذي رأى أن المشكلة آخذة في التفاقم وفي حاجة إلى مواقف حاسمة.

    *** - وكان منهم السيد علي حسن عبد الله، وكيل وزارة الداخلية، الذي قال في مذكرته إن الموقف في الجنوب يزداد سوءا ولابد من إيجاد حل يرتضيه الجميع. وكنا قد ذكرنا من قبل مذكرتي السيدين سر الختم الخليفة، مدير التعليم بالمديريات الجنوبية وقتها، والطاهر السراج، مدير مشاريع الاستوائية.

    مذكرة عروة الأولى: لجنة تطوير الجنوب:
    -----------------------------------
    *** - يمكننا أن ندرك صدق إيمان عروة بخطأ اعتماد الحل العسكري كسبيل وحيد للخروج من المشكلة، حينما نعرف أنه كان وراء مذكرة رفعت إلى مجلس الوزراء في يوم 10 نوفمبر 1962، استند فيها عروة على المذكرات التي شجع الأكاديميين وكبار التنفيذيين على كتابتها. وقد أوصى عروة في مذكرته تلك، بتكوين لجنة عليا لتنمية الجنوب مهمتها العمل على النهوض بالواقع الاجتماعي والاقتصادي للجنوب. وقد تم بالفعل تكوين لجنة متخصصة ضمت وكلاء عدد من الوزارات ذات الصلة بالخدمات والإنتاج وتركزت مهامها في تطوير الجنوب، وقد عرفت تلك اللجنة بلجنة تطوير الجنوب. وبالرغم من أن تلك اللجنةلم تحرز كبير نجاح في عملها ، إلا أننا نعتبرها دليلا على وصول نظام نوفمبر إلى القناعة بضرورة معالجة المشكلة بغير المواجهة بالعنف. صحيح أن كثيرين اعتبروا تلك اللجنة جزءاً من الدعاية الحكومية الرامية لذر الرماد في عيون الشعب، إلا أنها مقروءة مع المذكرات التي بعث بها المسئولون، أو المهمومون من غير المسئولين، تشير بوضوح إلى أن البحث عن مخرج بغير الحرب لم يكن أمراً تستبعده حكومة عبود، أو على الأقل بعض أقطاب حكم عبود.

    مذكرة عروة الثانية: العنف لن يحقق الوحدة:
    -------------------------------------------
    *** - ويبدو أن اللواء محمد أحمد عروة وزير داخلية نوفمبر في سنواتها الأخيرة،كان قد اقتنع هو الآخر بأن القضية قد وصلت مداها في العنف، وأن الطريق نحو الاستقرار في الجنوب لا يمر عبر البندقية. فاضطر في نهاية الأمر أن يحمل قناعاته تلك إلى أعلى سلطة دستورية.

    *** - رفع اللواء عروة مذكرة ضافية إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة حول رؤيته لمسار المشكلة ومايراه من حلول. وهي مذكرة هامة وتعتبر علامة فارقة في سياسات نظام نوفمبر نحو الجنوب. لقد جاء في تلك المذكرة التاريخية ما يلي:
    " إن سيطرة الحكومة على الموقف (في الجنوب) لا يعني إطلاقا الحل النهائي للمشكلة، إن الحل الصحيح هو إيجاد حل فعلي ودائم للجانب السياسي للمشكلة. ولذا يجب علينا قبل أن نمضي في تحمل أعباء الصرف والتنمية والإدارة في الجنوب، وأن نتبين منذ الآن وقبل فوات الأوان مستقبل وحدة البلاد وما هي الإحتمالات أو الأهداف التي ستصل بنا إليها هذه الأوضاع بعد فترة من الوقت.

    *** - إننا طبعا لا نقر الانفصال بأي حال من الأحوال، ولكن فرض الوحدة بالإكراه لن يحل المشكلة، وربما كان من المستطاع أن نصل إلى حل يرضاه ويؤمن به المواطنون في الجنوب والشمال. ومتى ما توصلنا لمثل هذا الحل أمكن لنا أن نعمل جميعا من أجله"

    *** - إن هذه المقتطفات من مذكرة عروة تشير بوضوح إلى حجم القلق الذي عاشته حكومة الفريق عبود مع تصاعد أحداث الجنوب وتفاقمها. فها هو عروة يتحدث بشجاعة عن قضايا ظل حتى ذلك الوقت الحديث عنها محرماً، فالقول بوجوب عدم فرض الوحدة بالقوة قول كان في ذلك الزمان هو الكفر الوطني عينه. وربما يلحظ القارئ أن عروة تحدث بالمواربة عن إمكان وجود خيارات أخرى غير الوحدة الجبرية، بل إنه لا يلغي في مذكرته تلك الانفصال كخيار وارد إذ يشير إلى أن الدولة عليها أن تفكر ملياً في "مستقبل وحدة البلاد واحتمالاتها".

    لجنة تقصي الحقائق:
    ------------------
    *** - لا نجافي الحقيقة كثيرا إن قلنا أن لجنة تقصي الحقائق الشهيرة، والتي أعلنت حكومة عبود عن تكوينها في أغسطس عام 1964، هي من نتاج مثل ذلك النمط من تفكير عروة الذي نادى بإعمال العقل بدلا من السلاح في معالجة القضية. واللجنة الجامعة المشار إليها هنا هي تلك التي تم تكوينها بعد أن أحس نظام الفريق عبود بحجم تدهور الأوضاع في الجنوب، والاتجاه الخطير الذي كانت أحداث الجنوب تقود البلاد برمتها إليه. وهي عين اللجنة التي أودت ندوة حولها، بنظام نوفمبر كله.

    *** - لقد ترأس لجنة تقصي الحقائق تلك السيد أحمد محمد يسن، أحد رؤساء البرلمان السابقين، وأحد أقطاب حزب الشعب الديموقراطي. وضمت اللجنة في عضويتها خمسة وعشرين من السياسيين والتنفيذيين الشماليين والجنوبيين، ذوي الصلة والاهتمام والمسئولية في أمر الجنوب.

    *** - ولم تكن مهام تلك اللجنة عريضة وشاملة، إذ تحدد لها ألا تتناول أي مقترحات تمس النظام السيادي السائد، أو مبدأ الحكومة الموحدة، بل تحددت مهامها في البحث عن سبل استعادة الاستقرار والوحدة للبلاد، و تلمس آراء المواطنين -خاصة في الجنوب- عن أمثل الطرق لتحقيق ذلك.

    *** - وهكذا، وبعد أكثر من خمسة أعوام من اعتبار نظام عبود لأحداث الجنوب أعمال (أمن داخلي)، تقع مسئوليتها في يد وزارة الداخلية، عادت الحكومة لتقول إن ما يجري في الجنوب إنما هو قضية سياسية، وطلبت من أهل السياسة الجلوس وتقصي الحقائق في القضية.

    *** - ولابد أن القارئ يعرف الآن أن بعض ذيول أعمال تلك اللجنة كانت وراء الأحداث التي قادت نظام الفريق إبراهيم عبود إلى حتفه، فقد كان بعض ما دعت إليه تلك اللجنة هو أن يدلي المواطنون بآرائهم وتصوراتهم حول القضية. وقد أهتبل طلاب جامعة الخرطوم تلك السانحة، فأخذوا في عقد ندوات سياسية دعوا إليها سياسيين بارزين ومعارضين لحكم عبود، فانتهى الأمر إلى منع الطلاب من عقد الندوات ، وتحدي الطلاب لقرارات المنع، ومن ثم اصطدام قوات الشرطة بالطلاب، مما أدى إلى وفاة الطالب أحمد قرشي طه، فالتهبت مدن العاصمة ومدن الأقاليم الأخرى بغضب عارم، قاد إلى ما نعرفه في تاريخنا المعاصر بثورة 21 أكتوبر 1964م.
    ----------------------------------------

    ( 2 )-
    مؤسسات الوعي في مواجهة عبود:
    جامعة الخرطوم تقض مضاجع نوفمبر.
    --------------------------------
    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147500591&bk=1
    ©2004 Alsahafa.info. All rights reserved.
    2008-03-18
    د. محمود قلندر.
    -----------------------------------

    ( 3 )-
    سيناريو الختام ليلة حصار الضباط للقصر
    الحلقة « الاخيرة»
    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147500850&bk=1
    ©2004 Alsahafa.info. All rights reserved.

    *** - حمل الباقر عرائض مطالبة الضباط بالتنازل عن الحكم لعبود في القصر.
    تماماً كأي انقلاب..
    *** - دبابات الضباط الأحرار حاصرت المجلس الأعلى.
    ----------
    *** - كانت ليلة الخامس والعشرين من أكتوبر هي ليلة الحسم النهائي. ليلتها كان الضباط الأحرار قد عقدوا عزمهم على التحرك مع الجماهير بالقوة اللازمة، لإجبار المجلس الأعلى على تسليم السلطة.

    *** - وفي نفس الوقت كانت هناك فئة من الضباط الكبار، لم تنتمِ لتنظيم الضباط الأحرار.. ولكنها كانت مع الجماهير في نبضها.. كانت هذه الفئة تضم - من بين أفرادها الكثر - اللواء محمد إدريس عبد الله والعميد عثمان حسين عثمان، والعقيد عمر الحاج موسى والعقيد محمد الباقر أحمد والعقيد حسن فحل، والعقيد الطيب المرضي.

    *** - وكان معظم هؤلاء الضباط هم ضباط القيادة، أو ضباط رئاسة الأركان. فالباقر مثلا، كان مدير العمليات الحربية، وهو الفرع المنوط به كافة أعمال التحرك للأفراد والقوات والمركبات العسكرية، بما في ذلك وضع خطط القتال.. وبذلك فإنه في ذلك الوقت كان يشكل واحداً من الضباط الذين يمكن أن تناط بهم أخطر المهام في ظل تلك الظروف. أما عمر الحاج موسى، فقد كان وقتها مدير سلاح الإشارة، ولكنه كان قريباً جداً في تفكيره من الضباط الأحرار حتى كان موضع ثقتهم. أما الطيب المرضي فقد كان وقتها المسؤول عن الاستخبارات العسكرية، وهو بذلك مصدر المعلومات عن اتجاهات الرأي العام العسكري، والذي كان واحداً من أهم عوامل رضوخ عبود وقبوله بحل المجلس..

    *** - ويكاد المتابع لأحداث تلك الفترة، يشهد بأن الضباط على اختلاف رتبهم ومواقعهم القيادية - إلا مجموعة المجلس الأعلى بالطبع - كانوا قد وصلوا إلى قناعة تامة بوجوب انسحاب الجيش من إدارة شؤون البلاد السياسية. ولذلك فإن مواقف عدد من كبار القادة ومن القادة وسيطي الرتب، كانت كلها تصب في ذات الاتجاه. فاللواء محمد إدريس عبد الله مثلاً، كان يدفع في اتجاه حل المجلس الأعلى ومعه القائمقام محمد الباقر أحمد، والقائمقام الطيب المرضي، وحسن الجاك طه، وعمر الحاج موسى.

    *** - في تلك الليلة كانت مجموعة من القادة - من غبر أعضاء المجلس الأعلى- منهم اللواء محمد إدريس عبد الله، والعقيد محمد الباقر أحمد، والعقيد عمر الحاج موسى، والعقيد الطيب المرضي تضع لمسات تحركها، فقد جمعت تلك المجموعة توقيعات الضباط التي كانت قد وردت للقيادة وتوجهت بها للقصر لتقدم دليلاً على وجود رأي عام عسكري مناهض لاستمرار المجلس الأعلى في السلطة. وحمل الباقر تلك البرقيات والعرائض التي وصلت للقيادة إلى الفريق عبود بالقصر، ليعلمه بحجم التعاطف العسكري مع حركة الشارع، ثم حمل إليه خطاباً تشير بعض المصادر إلى مشاركة ضباط كبار من أمثال حمد النيل ضيف الله، ومحمد إدريس عبد الله، ثم مزمل سليمان غندور في كتابته. وهو خطاب مطلبي الطابع يحث عبود على تسليم السلطة وحل المجلس الأعلى.

    *** - ثم طلب المجلس العسكري من مدير الاستخبارات، الطيب المرضي تقديم تقرير شامل عن «الرأي العام العسكري» وهو تقرير مفصلي يتم تقديمه من قبل إدارة المخابرات كلما كان هناك أمر ذو أهمية سياسية أو عسكرية تتباين حوله الآراء والمواقف. ويكون تصرف القيادة مستنداً في معظم الأوقات على اتجاه الرأي العام العسكري.

    *** - وقدم العقيد الطيب المرضي تقريراً طويلاً ومفصلاً ومفحماً.. فقد ذكر بأنه حسب ما وصله من تقارير من ضباط الاستخبارات في مختلف وحدات الجيش خارج العاصمة وداخلها، فإن هناك إجماعاً تاماً من كافة الرتب، ضباطاً وضباط صف وجنود، على وجوب حل المجلس الأعلى والاستجابة لمطالب جبهة الهيئات بتسليم الحكم للمدنيين.

    حصار القصر:
    -----------
    *** - في الساعات الأولى من صباح السادس والعشرين من أكتوبر، كان الرشيد نور الدين - عضو تنظيم الضباط الأحرار- يتوجه بعدد من مدرعاته نحو القصر، تنفيذاً لقرار تنظيمي بالضغط على القيادة العامة والوقوف الإيجابي مع تحرك الشارع السوداني. وفي الوقت نفسه كانت القيادة العامة قد وضعت في الليلة السابقة عدداً من المدرعات لحماية القصر ومن فيه، تحسباً من «تحرك مضاد» غير معروف الاتجاه.

    *** - ووفقاً لما لدى الضابط الآمر للوحدة المدرعة المكلفة بحراسة القصر بأوامر القيادة العامة، كان من الممكن أن يشتبك مع دبابات الضباط الأحرار، في معركة دموية ما كان يعرف أحد مداها.

    *** - ولكن من صدف القدر - ولطفه - أن قائد الوحدة التي أناطت به القيادة العامة حماية القصر ومن بداخله، كان واحداً من الضباط الأحرار، وهو النقيب محجوب برير.

    *** - واستناداً على الصلة التنظيمية الجامعة بينهما (باعتبارهما عضوين بالضباط الأحرار)، تقدم الرشيد نور الدين من محجوب برير، وأصدر إليه أمراً بوضع قواته تحت قيادته.. ومن ثم صار الرشيد نور الدين قائداً لقوة محاصرة القصر باسم الضباط الأحرار.. وبذلك حاصر الضباط الأحرار القصر باختراق دفاعاته.

    عمر الحاج موسى وحماية أعضاء المجلس:
    ------------------------------------------
    *** - في داخل القصر كانت الأمور تسير بالصورة التي سردناها.. الفريق عبود يتسلم تقارير القيادة التي جاء بها الباقر، وخطاب القادة الذي جاءه بما يشبه الرجاء بتسليم الأمر وحل المجلس.

    *** - وفي الخارج الضباط الأحرار وقد ربضوا بمدرعاتهم، تحيط بالقصر، وبالقيادة العامة..

    *** - أما في القصر، فقد اجتمع المجلس الأعلى يقلب ما هو واجب اتخاذه.
    وكانت هناك عدة آراء قد برزت في المجلس.. أجمعت كلها على حل المجلس.. ولكن تباينت من بعد ذلك الآراء.

    *** - كان هناك رأي ينادي بإعادة تكوين المجلس من ضباط جدد، على أن يظل عبود في موقع القيادة..

    *** - وكان هناك رأي آخر ينادي بحل المجس وإعادة تكوينه مطعماً بعدد من الشخصيات السياسية الوطنية، مع بقاء عبود رئيساً له..

    *** - ثم كان هناك رأي ثالث ينادي بقيام حكومة عسكرية مدنية يرأسها ضابط، واقترح مزمل سليمان غندور.. وكان هناك من يرى بوجوب العودة إلى المجلس المركزي ليحسم الأمر برمته..

    *** - في خضم هذا التخبط، وضح جلياً أن الغاية الشعبية في انتهاء الحكم العسكري لن تتحقق في ظل وجود تهديد لأعضاء المجلس، كالذي كانت تصك أسماعهم وقتها هتافات من شاكلة «القصاص بالرصاص» التي كانت تتردد حول ساحة القصر. كما أن البيانات الصادرة من الهيئات والاتحادات كانت كلها تتحدث عن وجوب محاكمة أعضاء المجلس بجرائم سياسية وجنائية على حد سواء.

    *** - وسط ذلك الجو المتوتر، تقدم عمر الحاج موسى باقتراح أن يتم حل المجلس الأعلى، على أن تكون هناك ضمانات موثقة تقضي بألا يُعاقب أعضاء المجلس الأعلى على ممارستهم أعمال السيادة، باعتبارهم رأس الدولة خلال السنوات الست. وذلك حسب مقتضى الأعراف في مختلف الدساتير، والتي تمنح رأس الدولة الحصانة خلال فترة ممارسته لمسؤولياته السيادية.

    وكان ذلك الاقتراح هو المخرج النفسي للأزمة، إذ مهد لقبول أعضاء المجلس بحل المجلس الأعلى، فأعلن عبود مساء ذلك اليوم حل المجلس الأعلى..

    الشعب يفاوض جيشه:
    ----------------
    *** - يوم السابع والعشرين من أكتوبر كان يوماً غير مسبوق في التاريخ الوطني. كان هو يوم جلس فيه بعض السودانيين يفاوضون بعض السودانيين لاستعادة حكم البلاد منهم. كان اليوم هو يوم التقاء وفدي جبهة الهيئات وجبهة الأحزاب بممثلي القيادة العامة. وكان الأمر في مجمله غريباً، فالجيش الوطني يفاوض بني وطنه على عودة الجيش لممارسة مهامه الطبيعية.

    *** - المتفاوضون ضموا من رئاسة الجيش اللواء عوض عبد الرحمن صغير، محمد إدريس عبد الله، العقيد يوسف الجاك طه، العقيد مزمل غندور، والعقيد محمد الباقر أحمد.

    *** - أما الجبهة القومية الموحدة - وهي الجبهة العريضة التي ضمت جبهتي الهيئات والأحزاب، فقد ضمت: بابكر عوض الله، طه بعشر، أحمد سليمان، عابدين اسماعيل، الأمين محمد الأمين، مبارك زروق، الصادق المهدي، حسن الترابي وأحمد متولي العتباني.

    *** - وقد حرصت المجموعة العسكرية المفاوضة - خلال التفاوض مع الجبهة القومية الموحدة - على أن يتم التأكيد على عدم محاسبة أي من أعضاء المجلس على أعمال قاموا بها بصفتهم سلطة سياسية عليا. وكان حرص المجموعة العسكرية حرصاً تفرضه ضرورات التأمين لمسار تسليم السلطة بكاملها للمدنيين. إذ كان يمكن أن يقود رفض مبدأ الحصانة إلى انتكاس خطير، قد يؤدي إلى انشقاق الجيش بشكل غير مسبوق.

    *** - ولم يكن أمر حصانة أعضاء المجلس الأعلى هو وحده العقبة التي اصطدم بها التفاوض بين الطرفين.. إذ كانت هناك قضية الفترة الانتقالية ورئاستها.
    كان الأمر الأول هو رأس الدولة. وقد نوقش الأمر، ثم استقر الرأي على أن يظل عبود رئيساً لها.. وقد أصر العسكريون على ذلك، باعتبار هذا الأمر جزءاً من ضمانات ألا يحاسب أعضاء مجلس نوفمبر على أفعالهم السيادية، فقد رأوا أن وجود عبود رأساً للدولة يمنع أي نكوص عن الاتفاق.

    *** - وكان الأمر الثاني هو رئيس وزراء الفترة الانتقالية.. فقد اختلفت الأحزاب والهيئات في من يكون.. واستعرضت عدة أسماء.. منها بابكر عوض الله الذي كان عضوا متفاوضاً فرفض. ومنها الأستاذ عتباني الذي كان مستشاراً قانونياً فرفض هو الآخر، ثم اقترح العسكريون سر الختم الخليفة.. عميد المعهد الفني وقتها.. فوافق الرجل استناداً على أساسين: أن تكون فترة محدودة الزمان، وأن تكون محددة الواجبات، مرهونة باستكمال تلك الواجبات، ثم جرت المفاوضات الماراثونية حتى تم تكوين الوزارة و أقسم الخليفة رئيساً للوزراء.

    *** - ثم جاءت كلمات سر الختم الخليفة صباح يوم الثلاثين من أكتوبر التي وجهها لشعب السودان معلناً الاتفاق بين المتفوضين:
    «.. لذلك يسرني أن أعلن - والغبطة تملأ جوانحي- أنه تم بحمد الله الاتفاق الشامل بين مندوبي القوات الوطنية المسلحة وممثلي الجبهة القومية الموحدة، بعد سلسلة من الاجتماعات دامت حتى فجر هذا اليوم الجمعة 30 أكتوبر، ويسرني ويسعدني أكثر أنه قد ساد المفاوضات التي جرت جو من المحبة والاحترام المتبادل والثقة الحسنة لم يسبق لها مثيل في بلد لم تنقض على الحكم الأجنبي فيه سوى بضع سنوات.

    *** - لقد تم كل هذا بفضل وعي الشعب وكفاحه وبفضل إخواننا الأبرار في القوات المسلحة وقوات الأمن، الذين تجاوبوا مع رغبات الشعب وأمانيه.. لذلك فإننا نسجل لهم هذا الجميل في ما أبدوه من تجاوب مع بني وطنهم ..».

    ******- وانتهت بذلك ست سنوات عواصف من حكم نوفمبر وعبود في السودان.
                  

10-19-2009, 02:34 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكري الخامسة والأربعين لثورة اكتوبر 1964: الجنوب .. قاصمة ظهر 17 نوفمبر 1958...... (Re: بكري الصايغ)

    حـتـي لاننـساهـم....نكـتب عـنـهم... ونـوثـق تاريـخـهم:
    رجال حول الفريق ابراهيـم عـبود 1958 - 1964.
    ------------------------------------------------

    رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة
    1 - يتكون المجلس الأعلى للقوات المسلحة من السادة المذكورين بعد :
    -----------------------------------------------------------------------
    الفريق ابراهيـم عـبود.
    اللواء أحمد عبد الوهاب .
    اللواء محمد طلعت فريد.
    الأميرلاي أحمد عبدالله حامد .
    الأميرلاي أحمد رضا فريد .
    الأميرلاي حسن بشير نصر .
    الأميرلاي أحمد مجذوب البحاري .
    الأميرلاي محمد نصر عثمان .
    الأميرلاي الخواض محمد .
    الأميرلاي محمد أحمد التجاني .
    الأميرلاي محمد أحمد عروه .
    الأميرلاي محي الدين أحمد عبدالله .
    الأميرلاي محمد أحمد عروه .
    الأميرلاي عبد الرحيم محمد خير شنان .
    الأميرلاي المقبول الأمين الحاج .
    القائم مقام عوض عبد الرحمن صغير .
    القائم مقام (أركان حرب) حسين على كرار .
                  

10-19-2009, 10:36 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكري الخامسة والأربعين لثورة اكتوبر 1964: الجنوب .. قاصمة ظهر 17 نوفمبر 1958...... (Re: بكري الصايغ)

    ( 1 )-
    وبعـيـدآ عـن السـياسـة... نوثـق من أجـل تـجـميع تاريخ سـوداني.

    إبراهيم عبود
    --------------
    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D...B9%D8%A8%D9%88%D8%AF
    الـمـصـدر: من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة-

    *** - إبراهيم عبود (1900 - 1983 م).

    *** - رئيس جمهورية السودان ورئيس الوزراء السوداني للفترة(1958-1964 م)، ولد بشرقى السودان من قبيلة الشايقية، تخرج من بكلية غوردون التذكارية (جامعة الخرطوم حاليًا) عام 1917 م،

    *** - ثم التحق بالمدرسة الحربية وتخرج فيها عام 1918م، عمل بسلاح قسم الأشغال العسكرية بالجيش المصري حتى انسحاب القوات المصرية في عام 1924 م،

    ***- حيث انضم إلى قوة دفاع السودان، عمل في سلاح خدمة السودان وفرقة العرب الشرقية وفرقة البيادة. عين قمنداناً لسلاح خدمة السودان عند السودنة ثم ترقى إلى رتبة أميرالاي عام 1951م. نقل إلى رئاسة قوة الدفاع كأركان حرب ثم ترقى إلى منصب نائب القائد العام عام 1954م.

    *** - قاد أول إنقلاب عسكري بالسودان في نوفمبر 1958 م وكان انقلابه في الحقيقة استلاماً للسلطة من رئيس وزرائها آنذاك عبد الله خليل عندما تفاقمت الخلافات بين الأحزاب السودانية داخل نفسها وفيما بينها، وقد كانت خطوة تسليم رئيس الوزراء السلطة للجيش تعبيرا عن خلافات داخل حزبه، وخلافات مع أحزاب أخرى.

    *** - حينما استلم السلطة، أوقف العمل بالدستور، وألغى البرلمان، وقضى على نشاط الأحزاب السياسية، ومنح المجالس المحلية المزيد من السلطة وحرية العمل, وبارك انقلابه القادة الدينيون في ذلك الوقت لأكبر جماعتين دينيتين: السيد عبد الرحمن المهدي زعيم الأنصار، والسيد علي الميرغني زعيم طائفة الختمية.
    *** - ولكن انخرط في معارضته معظم الأحزاب السودانية وقاد المعارضة السيد الصديق المهدي رئيس حزب الأمة.

    *** - اتجه حكمه باتجاه التضييق على العمل الحزبي والسياسي وقد حل الأحزاب وصادر دورها. كما اتخذ سياسة فاقمت من مشكلة جنوب السودان حيث عمل على أسلمة وتعريب الجنوب قسراً.

    *** - أطاحت به ثورة أكتوبر الشعبية 1964 م، وقد استجاب لضغط الجماهير بتسليم السلطة للحكومة الانتقالية التي كونتها جبهة الهيئات . توفي في 1983 م.
    --------------------------------------------------------------------------------

    ( 2 )-
    البيان الاول لانقلاب الفريق عبود:
    البيان العسكري رقم واحد صباح 17 نوفمبر 1958.
    -----------------------------------------------
    http://www.sudaneseonline.com/vb/showthread.php?t=51555
    المصـدر: موقع (النيلين)،
    بتاريـخ:04-22-2007
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de