معاناة المدنٌ الحنينة !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 08:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-06-2009, 07:48 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
معاناة المدنٌ الحنينة !!

    معاناة المدنٌ الحنينة( الكنار يغرد حزناً) !!

    ابوبكر يوسف إبراهيم

    آهٍ إنه شرود في إطراق؛ إستدعاءمن ماضٍ سحيق ومن بعيد؛ بعده لأننا فارقنا المدينة الحنينة وما يؤرقنا هو عقدة ذنب وجحود وعقوق لأمنا الأرض .. إلى المدن الحنينة فمن عالم الذكريات ومنافي الإهتجار تتداعى الذكريات إلى مخيلتي .. الطفولة وشقاوتها .. الصبا وعنفوانه والشباب وسطوته ، الشباب تلك مرحلة كانت آخر عهدي بمدينتي الصغيرة الوادعة التي تحتضن جُلّ رمال المنطقة.. الكهولة ولوم النفس .. الشيخوخة ومحاسبة النفس للروح.. الخريف يحيلتلك المدينة إلى جنة عدن .. الشتاء هو موسم الحصاد والأهازيج وفيه الصبايا يحملن على مطاياهن ما يجلبنه للسوق ليبعنه هناك وهو يحمل على الإبل التي كيف خُلقت وعلى الحمير التي منكرٌ صوتها ، وما بين الإثنين فاتنة أو غيداء من بنات الحداء أو الترنم بالعشق ملكتهن ولا مجاريٍ لهن .. عيونهن المها .. وقوامهن الظباء .. وخفتهن غزال نافر.. وخفرهن بلقيس سبأ .. وفيهن أنفة إختيال الطواويس، أما الصيف قائظ والناس في عرض شربة ماء .. في موطن الجميلات وعزائز الرجال ينيخ العزم الماء الذي خلق منه الله كل شيء حي .. مدينة تغنى بإسمها الشعراء وترنم الحادي بأناشيد حداء قوافلها.. رجال بلدتي كرماء حتى النخاع وبرغم ضيق الموارد وذات اليد فلا مندوحة من ذبح الوحيدة من الأنعام حتى وإن كان لبنها مصدر الرزق الوحيد ، تذبح أجل سترة الحال!!

    بلدة فريدة في تقاليدها وحكاياتها .. أهلها يعرفون بعضهم البعض ، وقد لا تكون بين بعضهم قوة صلة ولكن عند رحيلهم منها وإلتقائهم في الغربة فهم أكثر من الإخوة والأهل يتجمعون حول بعضهم ويسترون بعضهم البعض .. من عجائب تلك البلدة أن كل شيخ هو (جد) من غير قربى ومتوسطي الأعمار هم (عم وخال) بحكم الإنتماء والرصفاء (أشقاء).. أما البنات فهن القوارير فلهن حظوة وحقوق ( أخوات) بالإنتماء للمكان كما وأن لهن الرعاية والحماية لأنهن (عرض) الجميع.. عمدة بلدتنا هو ( جد الجميع) ولا أحد يناديه بغير لقب ( جدي العمدة ).. العُرف والجودية هما السائدان في تصفية الخلافات والنفوس بين من ينشأ بينهما خلاف من أهل البلدة ..

    لليالي المقمرة في بلدتنا شأنٌ ورونق ، يتجمع الأصدقاء والشُلل للسمر والترويح وما أدراك ما الترويح ، فالترويح في زماننا ذاك الجميل كان شعرٌ وكأس وسمر وسجالات وانتماءآت .. في ذاك ( الوادي أو ما يسمى بالخور ) ورماله االتي تلألأ كما الماس في ضوء القمر وحين تنعكس تلك اللآلأة على بعض مياه راكدة تحس وكأنما إنعكاس ضوء القمر والنجوم على سطحه فكأنما عريسٌ يلتف حوله أصدقاءه يزفونه إلى خدر العروس .. تحتضن ضفة الوادي ضريح أحد الأولياء الذي سُمي الخور بإسمه وقد رحل إلى جوار ربه قبل نصف قرن من الزمان .. وحين كنا نتجه كل صباح إلى المدرسة (الأولية) كما كانت تسمى يومذاك كنا نسمع دوماً توسل كهلة أو كهل؛ صبيٌ أو صبية بجوار الضريح ( إنشاءالله يا الفكي .. تلحقني وتفزعني وتحل لي مشكلتي) ثم يتركون بعض القروش في حفرة بجوار القبر وهو ما يعرف بالنذور أو (البياض)!!

    كنا نحن صغاراً أشقياء في براءة ، كنا (عفاريت) الإنس ، شلة نحن من من هذه العفاريت الشقية تنتظر مختبأة وراء أشجار النيم واللبخ لحين يضع الزائرون النذور ويغادرون وهي عادةً ما تكون إما (تعريفة أو قرشاً) كان للقرش أو التعريفة يومذاك سطوةً شرائية لا تعدلها ألوف هذه الأيام وكنا ندخل بعد خروج زارئي وزائرات الضريح وهم لا يتعدون نصف عدد الكف الواحد في أحسن الحالات؛ ندخل الضريح بعد أن نكون قد تأكدنا من حارسته ليست متواجدة هناك وهي عادةً ما تكون أحد حفيدات أو بنات ( الفكي) لأنها تقوم بكنس ونظافة القبر أوالضريح ( مجازاً) وهي عادة ما تجمع تلك النذور لتعتاش منها.. كنا حين نتأكد من عدم تواجدها ننقض على الحفرة ونصادر ما به ونواصل مسيرتنا إلى المدرسة وفي الفسحة تجتمع شلة العفاريت وتقرر ما يجب شراؤه بالحصيلة من ( الخالة أم المجد) التي تبيع لنا الفطور فالفطور لديها متنوع من الطعمية أو الفول أو الكسرة بالدكوة (المظلوط) أما التحلية فهي اللقيمات كانت الدنيا بخير وكتا بالحصيلة المصادرة زائداً ما جاد به كيس الوالد من مصاريف الفطور تذهب إلى خزينة ( الخالة أم المجد) .. تلك المرأة العظيمة التي عاشت مع زوجها على الحلوة المرة يكافحان من أجل تربية أولادهما وكان إبنها (م) من شلتنا وبالطبع كانت مشاركته لنا عينية بما يحصل عليه من والدته من وجبة تتأكد من أنها لا تزيد ولا تنقص مما يتاح لأقرانه !! .. كانت عبارة ( تشاركني)تعني أن نجمع المصاريف للحصول على إفطار أكثر تنوعاً .. إنها شلة العفاريت!!
    يتبع

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-06-2009, 07:49 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-06-2009, 08:54 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-06-2009, 08:59 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 06:09 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 06:13 AM)

                  

10-07-2009, 09:14 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    [red] معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً) !!(2)

    ما أعظم الوفاء وما أجمل الذكريات التي تربطك بالإنسان والزمان والمكان خاصة إذا دعت دواعي الزمان بالفرقة التي تحجر القلوب بضرورات وظروف الحياة وضروراتها فتتوقف عن ممارسة الوفاء عدرغم عدم إنكاره ورغم تجزره في القلوب معنىً وأحاسيساً ، لقد كان رفاق نشأة ومن أهم اواصرها رفقة الجيرة والمدرسة الأولية وكان أحد أهم رموزها " عمر" كنا كتوأم نلتقي صبح كل يوم عندما نصحو للذهاب للمدرسة ونفترق على لعبة (الحارة وشليل وينو) على ضو القمر وفوق صفحات الرمال الفضية ودعاش المطر الذي جعل من الرمال بساطاً سهل وطأه دون أن يلصق بقدميك رمل وحينما يبلغ التعب من شقاوتنا مبلغه ندخل لبيوت اللبن لننام في " الدانقة"!! ، يومها كانت تميزنا شقاوة برئية أهم سماتها " المقالب" فب بعضنا البعض .. شقاوة غير مؤذية !! .. كانت الحياة يسيرة يُسر الفطرة التي كنا نعيشها ، كانت إحتيباجاتنا محدودة ومحددة خاصة عندمايبدأ العام الدراسي!!

    أنا لم أنس كل شبر وبيت ومقهى وحانوت .. لم أنس الترزي .. لم أنس الحلاق .. لم أنس العجلاتي .. لم أنس البوسطة .. لم أنس مكتب الإرصاد الجوي.. مكتب الصحة .. المستشفى والمفتش الطبي والحكيمباشي .. لم أنس المسجد الجامع العتيق .. لم أنس السينما الوحيدة والتي يعرض فيها الفيلم ليلة واحدة وإن أقبل الناس على مشاهدته يكرر لليلة أخرى!!.. أنا لم أنس تاريخ ميلادي والمنزل الذي ولدت فيه ونشأت وترعرت في جنباته .. لم أنس رفاقي وأصدقائي وعشيرتي رغم إنقطاعي وبالتواصل الصوتي و الخطي معهم ولكن أشعر بأن الوفاء لا يتم إلا باللقاء وجهٌ لوجه حتى تشهد ما فعله الزمن بهم ويشهدون ما فعلت الأيام بك!!

    أذكر في بلدتي كيف كانت الأواصربين أهلها.. فالعُوّاد حين يأتون لزيارة المرضى تسبقهم ( ماشين نزور فلان ضربتو ملاريا)!! .. شهدتهم كيف يتواصلون ويتكافلون في السراء والضراء.. كيف يتقاسمون الحلوة والمرة .. كيف كانوا يفرحون .. وكيف كانوا يبكون.... إن الحياة كما خبرتها من نشأتي بينهم هي مثل غصن الورد مبهر وجميل ومبهج ولكنه يحمل في ذات الوقت بعض الأشواك.. إنها حكمة الله أن أروع وأجمل المخلوقات وأرقها وهو الورد يحتاج لما يحمي جماله فخلق معه الشوك .. وأيضاً من حكمة الله أنه إذا إشتكت من شوكه فهي حكمة لتعرف كيف أن هذا المخلوق اللطيف الرقيق يمكن أن يكون منه ما يؤذيك أيضاً!!

    في يومٍ ما شدني الحنين إلى ربوع تلك البلدة الحنينة فعدت إليها مفعماً بالأشواق لكل أزقتها وحواريها وناسها ودوابها وجمادها بعد عقدين من الغياب .. تصوروا من من أول وجه رأيت حال وصولي وقبل أن أصل بيتنا؟! .. رأيت (....) هي كانت أسطورة في الجمال " خاطفة لونين " حوراء لها عيون المها .. إبتسامتها برق في ليلة ظلماء.. أسنانها لؤلؤ مصطف في تساويٍ .. كانت رمزاً للدل والخفر والعفة والعفاف .. كانت أجمل بنات الحي بلا منازع .. كانت تخطر كل صبح كملاك طاهر جميل انيق مترف بالجمال وهي في طريقها للمدرسة " الوسطى"!! .. كانت كل قلوب الرفاق تحوم حولها كنحل يخدم ملكته .. كانت فراشة يليق بها رحيق الزهر .. أما أنا فكنت العابد الصامت أتعبد في حضرة جمالها حين أرمقها على استحياء دون أن يعلم أحد أو تعلم هي ..

    وبعد عقدين من الزمان جئت أحمل في كبدي حب حبيبٍ والهٍ وشوق مشتاق غادرتها وأنا في ميعة الصبا وعدت ُ إليها وقد بدأ الشيب لتوه يغزو مفرقي.وعندما وطئت قدماي أرض " البلدة " كانت أول من ألتقي قد بادرتني بالسلام
    قالت: حمدالله على السلامة .. غيبة طويلة جئت وقد بدأ الشيب يغزو شعرك!!
    قلت : أنتِ كما أنتِ ؛ أنت ما زلت في أوج نضارتك فلم تمر عليك عاديات الزمن حتى إبتسامة شفتاك رجعتني لعز صباك!!
    إبتسمت في دل رصين يليق بسيدة أربعينية.. معلمة ومربية أجيال
    وقالت: حسبتك ذاك الخجول الغربة علمتك الجرأة
    قلت : الزمن يحلل عقدة اللسان ،هل تزوجت؟
    قالت : نعم تزوجت وأنجبت " حنان " وهي الآن في الثامنة عشر وستمتحن الشهادة ؛ توفي والدها وهي إبنة ثلاث سنوات فنذرت نفسي لها!!

    يتبع..

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 07:40 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 06:11 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 06:12 AM)

                  

10-07-2009, 09:25 AM

تماضر الخنساء حمزه
<aتماضر الخنساء حمزه
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 5215

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    أتابع بابتسام..
                  

10-07-2009, 11:00 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: تماضر الخنساء حمزه)



    [B]
    تساءلت: من أين جاءت هذه النسيمة العليلة؟ .. قيل لي أنها نسيمة ولدت ذات رواء وأخضرت لها في الكون عيون .. فأشارت لليل وقالت " هذا روح الليل" .. وأشارت لمحب في جنبيه مواجع : وأشارت: " هذا إنسانٌ مسعد"

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-07-2009, 11:03 AM)

                  

10-08-2009, 08:07 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً)!!(3)


    يوم تعود إلى مسقط رأسك ؛ مرابع طفولتك وصباك بعد عقود ثم تجد أمامك فجأة أحد أحب شخوص تلك الحقبة؛ الطفولة والصبا ( المراهقة ) والدراسة فهذا بالضرورة يستدعي إسترجاع شريط ذكريات تلك المرحلة العمرية خاصة وقد عدت في مرحلة عمرية متقدمة هي منتصف الأربعين يوم كانت عودتي بعد طول اهتجار .
    عندما وطئت قدماي البلدة كنت مهيأ نفسياً لدور الغريب لأنه بإرادة الظروف إنسلخ أو قل إنفصم عن تاريخ وشخوص البلدة الحنينة؛ أما وأن تجد - أول ما تجد وتشاهد - أهم أحد شخوص ورموز تلك الحقبة، زينة بنات الحي وجميلاته فهذه صدفة لم تخطر في الحسبان ، أحياناً يغير الزمن ملامح البشر فلا نعرفهم لطول غياب ولكن هناك من لا يُنسى برغم عاديات الزمن لأن ما كان يميز تلك الشخوص أمر مهما نال منه الزمن يظل موجوداً ليميزه حتى وإن مر الزمن .. كنت أنظر إلى (....) في دهشة وإعجاب.

    في أيام الصبا وفي مرحلة المراهقة كنا نعتقد أننا من الرشد بمكان يحفزنا على الحب والعشق ، يومذاك ولأول مرة أشاهد (....) مع بداية العام الدراسي رأيتها لأول مرة تخطر ، فشعرت كأن طائراً خفّ من البرية واستقر يغرد في قلبي. ومذ ذاك وأغانيّ تتبعها كل صباحٍ .. كان العام الدراسي حين يبدأ تكون الأرض مزدانة بحلة من البساط الأخضر فإنه موسم الأمطار.. كانت هناك صخرة ووادي ما بين المدرسة والحي وكانت المسابينهما ليست بالقصيرة .. كانت ترافق زميلاتها وكن في الطريق يجمعن زهور النباتات البرية ولكن ما أن يصلا لتلك الصخرة حتى تجلس إلى الصخرة تنسق ما جمعت ثم تواصل مع زميلاتها في الطريق المعشوشب إلى المدرسة ، وكان عليهن عبور ماء( الخور) الوادي .. كانت البنات يرفعن أطراف مرايل المدرسة ليعبرن ماء الخور ويحملن أحذيتهن في الأيادي ؛ كنت أرى أن هذا الماء الذي تطأه بقدميها مبارك وسعيد وكأنه يطفيء ظمأ القدمين أو يطفيء لهبهما المتوردتين من السير.

    كان قلبي يخفق بأنغام وأغنيات جميلة أصوغها في خيالي من وحي وقع خطى سيرها؛ وكنت أسأل نفسي: تُرى هل تنصت لتلك الأغنيات الجميلة التي يبعثها لها ذاك الشادي المجهول والذي يرقبها دون أن تدري ؟!

    وحين إلتقيتها بعد كل تلك السنين تبادر إلى خيالي تعليق وددت لو لم يشل حراكي الحياء يومذاك، يوم كنا في عنفوان الصباح وددت يومها لو قلت ألها:
    - إذا ما رأيتني أحُوم حولك كما الفراش حول المصباح ، فضاعفي برفيفي أَلِيِقَ لحظك ، وإذا ما ألفيتني تحتك في الصباح؛ فخذي من رمادي وتكحلي ، ثم استوي على عرش فتنتك ، واسبي العقول بلحظك الفتاك وجفونك الكحيلة وأنسي إذ ذاك أن حسنك تغذى من دمي!!!

    كنت دوماُ أرقبها بلحظي الخفي حياءً وأتساءل في أعماق روحي:إن يغرنا الجمال فلأنه يفلت منا، منذا الذي استطاع أن يقنص قبساً من لحظ ، أو سناً من ثغرٍ تبسم؟!!.. حتى إن لثمناه نعود وفمُنا خلوٌ منه، فما نناله إلا الوهم .. نعيش نرمي حوله الشِباك ولا نصيده، قانعٌين بلذة العدو خلفه..وفي الشرود سر افتتاننا به. فما زهِدَ كمن ملَك!!
    كنت كثير التأمل خاصة في ليالي المذاكرة وكان حين يتراءى طيفها لي أخاطبها في تأمليقائلاً: خذي كل ما عندي ودعي خذك يتورد، وحسنك يفرض عليّ سلطانه ، فما تغيض نظرتك تحت غهابك ، زلا تغضين الطرف خفراً عني ، فما خُلقت إلا لتتربعي على عرش القلوب ‘ ولنزهو بأن نكون عبيدك.!!

    وفدأة أعود من جنوح تأملاتي أثوب من حال التأمل المجنون وأعنف نفسي : ماذا تقول؟ فماذا عندك أيها الفقير المعدم لتأخذه منك؟ هي إبنة البرجوازي المتعفن وأنت إبن العامل البسيط .. عامل ،برولوتاريا ؛ ملح الأرض.؟؟!!

    ثم أعود إلى تأملاتي حين قابلتها هذه المرة وبعد كل طول الغياب وبدأت أصف ما هي عليه الآن من روائع الجمال المعتق أو في جمال سجاد أصفهان الذي يزداد خيط حريره توهجاً وأبهة وقيمة وجمالا: إنها فم أبنوس يفْترُّ عن ثنايا عاج ، كدرارٍ في دُجُنة ؛ وعيون سود تشع باللحظ، كبرقٍ أومضَ في دُجيْة ، ليلٌ يلف نهاراً وصباحٌ تبلَّج من ظلمة.. قمرٌ هي أطلت من عتمة!!

    يتبع..

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-08-2009, 08:09 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-08-2009, 08:10 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 08:40 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 06:28 AM)

                  

10-08-2009, 11:36 AM

علي الكرار هاشم
<aعلي الكرار هاشم
تاريخ التسجيل: 02-10-2007
مجموع المشاركات: 3710

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    دكتور ابو بكر
    حياك الله

    هذه طبيعة النفوس الطيبة التي جبلت علي العرفان وحفظ الجميل واجترار الصور دوما لتترسخ في الوجدان

    واصل هذا الحكي الجميل
                  

10-10-2009, 10:35 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: علي الكرار هاشم)

    أخي على

    سلام على روحك الطيبة

    أسعدني مرورك البهي وحسن طنك بي .. مودتي وتقديري
                  

10-10-2009, 12:00 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً) (4)!!

    مدينتي الصغيرة معجونة بل معطونة في التسامح حتى النخاع وفيها متسع لكل الإنتماءآت والإتجاهات والمعتقدات ؛ فصديقي وتوأم روحي وأنا كنا" جبهة معادية للإستعمار" أي ماركسيان ؛ ثلاثة من أشقائي جبهة ميثاق إسلامي ؛ والدي خليفة السيد على وحزب شعب ديمقراطي ، إثنان من أشقائي حزب أمة والآخير وطني إتحادي .. نسكن ذات المنزل ؛ فلا شقاق ولا تنافر ولا يسيء أحدٌ منا للآخر بسبب إنتمائه الفكري أوالعقدي ،بيننا مساحة رحبة "مفازة " لتقبل الآخر .. رحابة وتسامح ومودة مع كل هذا التنوع بل ربما نميل إلى الممازحة عند مناقشة الشأن العام ومع ذلك فكلنا مسلمون بالفطرة أماالمسيحي الوحيد من سكان البيت فهو( كارلو ) وهو من قبيلة "الدينكا ماريق" والده صديق والدي وقد أحضره وهو مما يسمى حالياً" مناطق التماس " ليقيم معنا وقد إلتحق بمدارس كمبوني كونه المسيحي الوحيد في البيت فقد إتفق الجميع على إحترام معتقده كشأن شخصي لا يمت لتعاملنا الإنساني معه بأي تحسس ، بل كان الجميع يعامله كأخ وصديق .. كان" كارلو" أيضاً يتعامل معنا بذات المشاعر فهو يتعامل معنا كإخوته وأصدقائه وفي ليالي السمر المقمرة كان يحكي لنا عن إخوته وزوجات أبيه والبقر ومنطقنه التي يشقها النهر ، لقد كان حديثه مشوقاً لنا.. كان جميعنا ينام في الديوان في فصل الشتاء والخريف وأما الصيف فالجميع ينام حوش المنزل.. كانت القلوب مليئة بالطيبة والمودة وكانت الإنتماءآت والعبادة والدين أمرٌ شخصي لا يولد أي حساسية بين الإخوة والأصدقاء .. مساحة تحمل الغير ومساحة التسامح لم ثلوثها يومذاك الأيادي الخفية لأنها لا تجرؤ يومذاك لأن تاريخها الإستعماري ما زال بادياً وجراح وندوب مساوئه وجرائمه مازالت ماثلة للعيان .. أما اليوم فقد إستغل الغرب تعاقب الأجيال المتعاقبة وجهلها بنفاقه وتدليسه وحاول أن ينفي عنه حقائق دامغة عن إستعماره لدولنا ونهب خيراتها ومقدراتها حيث ناضلت ضده لتطرده ولتنال وتنعم بإستقلالها ؛ وبدأ يتظاهر بالبراءة مما اقترفت أياديه ويصور نفسه على أنه الملاك الطاهر ومنقذ الإنسانية وراعي حقوق الإنسان!!

    عندما أقف في شرفة الذكريات وأذكر ( مدينتي ) الصغيرة أشعر وكأنما تلال رمالها قد تقزمت بفعل شقة البعد بيننا وأتخيل أن بيوتها متناثرة كالعلب الصغيرة ولكن ينتابني في هكذا إجترار حال من الزهو حين أذكر بساطها الأخضر تحت قدمي يومذاك حينما كنت يافعاً وأناأذهبكل صباح لمدرستي الوسطي ؛ كنا صبية وكنا حينها نشعر بأننا نمتلك الكون كله ، خيالنا ومخيلتنا لم تجنح بنا بل كانت كل الدنيا بالنسبة لنا هذه المدينة التي تحتضننا كأمٍ حنون!!

    اليوم وبعد أن جبت كثير من بلاد الله في مشارق الأرض ومغاربها .. بعد أن مررت على كل بلد أتذوق ثقافتها وأتعامل مع سكانها وكأنني ذواقة خمر وظيفته أن يتذوق الخمر ثم يلفظها وكأنما قد أخترت أنا هذه الوظيفة لنفسي .. ولتكرار طبيعة هذه الوظيفة فقدت معنى المتعة.. أما مدينتي فهي تعدل بمحبتي لها وحبها لي جمال كل تلك الدول التي زرتها .. هي بالنسبة لي شهرزاد التي تدهشني وأرى في عيونها الحور .. شهرزاد بشعرها الحالك الطويل,ارى في تعرجات دروب مديني كما تفاصيل جسد شهرزاد البديع ؛ وأن أشجارها التي تزين جنبات شوارعها هي الزخارف التي حول طرف ثوب شهرزاد!!

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:03 AM)

                  

10-10-2009, 01:46 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    الصديق الصدوق أبوبكر

    سلام كبير

    أما بع

    أولاً هذه الجزئية

    Quote: أما أنا فكنت العابد الصامت أتعبد في حضرة جمالها حين أرمقها على استحياء دون أن يعلم أحد أو تعلم هي ..


    تخيلت هذه الصورة ... تخيلتها و أنا أضعها في إطارين
    إطار المحبوبة
    إطار المدينة .. حيث يمكن أن أتاوق لها دون أن تحس و لكن إحساس العائد كأنه المدينة ترقبه بعين الترحاب بعد طول غياب

    ممتع هذا السرد
    دمتم
                  

10-11-2009, 05:48 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابو جهينة)

    [B]أنت دوماً العزيز / جلال

    سلامٌ على روحك الطيبة

    أنت تقرأ بقلبٍ وعين .. بروحٍ ونفس .. بمشاعر وأحاسيس .. ولك قدرة التقمص حين تكون المدن هي بؤرة الضوء ، أحس بأن ما تبقى من هامات نخيل حلفا دغيم يرسل نسمات جريده لتداوي علة في نفسكّّ!! أحسك كثيراً وأدرك بأي عين تقرأ.. مجرد مرورك فيه إئتلاق وأبهة .. مودتي وتقدي
    ري
                  

10-13-2009, 02:05 PM

abdalla osman
<aabdalla osman
تاريخ التسجيل: 11-27-2008
مجموع المشاركات: 1066

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابو جهينة)

    +++
                  

10-14-2009, 06:09 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: abdalla osman)



    أخي عبدالله

    تحياتي


    هذه رمزية أقدرها
                  

10-29-2009, 07:48 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: abdalla osman)


    أخي عبد الله

    ولك الشكر وكذا العتبى لعدم الإنتباه حتى ترضى
                  

10-11-2009, 07:09 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    معاناة المدنٌ الحنينة( الكنار يغرد حزناً) (5) !!


    أحساس العودة دوماً مشبوب بلوعة اللقاء مثلما كان الفراق ؛ الراحل لا يقطف إلا ثمار الأنين والعائد لا يفكر إلا بلحظة كلحظة الرضيع الجائع لثدي أمه.. أنا الوحيد في تلك اللحظة الذي يجوب المدينة ويسأل وحشة ليالي الغربة عن جسد مدينته ، أما زال ليناً؟!.. جئت إليك يا مدينتي وشعرت بأن يد التحضر التي إمتدت إليك أفقدتني شهوتي إليك ؛ ها أنا أدخل في رائحة جسمك في وجع ثم أنكر جلدي!! .. بدأت أصدق الآن أن الفراغ والترحال يشد الرجال إلى حتفهم.. شعرت بالغربة باديء الأمر فالمدينة تشبه في مخيلتي في رائحتها ولونها وشوارعها الترابية تلك التي كانت اقتحمت طفولتي وصباي ، الآن شارعي أسفلت يشق صدرها وعجيزتها!!.. تركتها يومذاك والفوانيس ولمبات الجاز والرتينة وضوء القمر هو النور كله؛ أما الآن فبضع مصابيع كهربائية وعمدان النور حجبت عنا كل فطري، فافتقدنا ضوء القمر الساحر والنجوم التي كانت تتلألأ في كبد السماء وكانت هي نور الهداية لنا!! أشعر بأن في (جلابيتي) بعض رائحة من مدينتي.. مدينتي كانت معي حتى في الترحال .. كانت هي بعض من أحلامي التي اصطحبتها معي ، ولكنهاكانت في الحلم تعنفني .. كانت تقسولأنانيتي ولما يشوبني من عقوقٍ وجحود؛ ثم فجأة أشعر وكأنني أراها تحتضنني في إشفاق ، إنه إشتهاء القلب . أن لهفتها علي وعلى أمثالي حبلى بكل دقيقة.. تلك( (الفولة- مجمع مياه المطر ) والتي كنت أسميها مجازاً (البحيرة) تسكن شعري وأن ما بيني وبينها عشق أزلي وقديم .. قديم!!

    ِعذري هو أن لمدينتي بهجة ولون كل المواقيت .. ها قد عدت جئتها بعد عشرين عاماً ونيف من الفراق والصلوات .. نويت أن أمكث محتضناً لها ثلاثون يوماً ، أُؤثرها بثلاثين يوماً من بوح العاشق الواله المشتاق .. سأبدأ معها مساءآت الحكايات .. إنها مواسم الخريف هنا.. وعبور أسراب طيور "السمبر" " والرهو" .. أما أنا كطائرٌ الفينيق يبدأ رحلة لقاء بعد مساءآت الإنتظار وشهور من الطيران!!

    عندما تغرب الشمس في مدينتي كنت أسير في مشهد الأكواخ التي يبدو الدخان المتصاعد منها وهو علامةً لراحة بعد عناء يومٍ وإيذان تحضير لقمة عيش متواضعة تسد الرمق ولكن لها طعم ومذان تنفتح له شهوة الأغنياء ( عصيدة بملاح شرموط) .. وعندما ينهد صرح الشمش في غيهب الأفق تبدأ الكلاب النباح لتبدأ وردية حراسة الحي وكأن الكلاب تعلم أن الأجساد مهدودة من تعب الكد والكدح فآثرت وفاءً إلا أن تساهم بشيء في مقدورها .

    كانت عيناي دوماً ترمقان علامات الأسى والتباريح في تلك الوجوه والنفوس الراضية بقسمتها ؛ المطمئة إلى أقدارها!! سنوات فراق كثيرة تغزل صوراً في مخيلتي لذكريات مضت ولشخوص بعينهم فأبتسم إبتسامة مردها إلى إسترجاع ذكريات وملح تضحك وكأنماغربتي قد خلقت مني مجنون يهذي ولا أحد يدرك سر تلك الإبتسامات ولا أسمع غير تعليق بعض الصبية ( بضحك براهو ، عمك جا راجع بعد ما فكّت منو)!!

    لا أحد يدرك كنه وسر إبتساماتي إلا صديقي وتوأم روحي " عمر" دلال المدينة الوحيد ووارث المهنة عن أب توفي وترك له أم وثلاث أخوات قصر .. رحل وهو على فيض الكريم وكان على عمر أن يواجه أقداره . و حينا رويت له تعليق الصبية ضحك شامتاً على جنوحي وانفصامي الذي جلب لي السخرية ؛ ضحك
    - قائلاً: أن بقاءه في المدينة كفاه شر مثل هذه السخرية فهو يعيش أفراح وأحزان المدينة بإعتباره جزء من أحوالها التي تبني ذكرياتها وتاريخها. قلت له أتذكر "يارفيق" بحكم - ماركسيتنا - يوم كنا نتبادل انفاس السيجارة ونحن حانقين على البرجوازيين من أهل البلدة؟!! ..
    - اتذكر يوم كنا نسخر من كل شيء حتى من فقر وأسى أنفسنا !! كنت أحلم بعالم آخر ، عالم فسيح ليس عالم مدينتنا المحدود ، ضاعت نفسي في عصفٍ بعيد ، هذا مخاض شوق يمتد عشرين عاماً ونيف ها هي الأشياء عندك غير ما عندي، فقد إتخذت أشكالاً وظلالآً وألواناً مختلفة عند كلينا.!!

    - أتذكر يا صديقي يوم كانت الشوارع تطردنا باتجاه مدرسة البنات ، والشجر يظللنا عند تقاطعات حر الظهيرة ، وتحبل كراساتنا بعطر العطش الذي يتفجر من قلة حيلتنا ووعود الساسة لنا في أيام الإنتخابات بمد أنبوب من النيل لبلدتنا .. أتذكر يوم قال المُرشح أنه سيحيلها إلى عاصمة أخرى للبلاد!! .. وصدق أهلنا الطيبين السذج لذاك الأفاق المدلس!! .. أجمل ما في ساستنا أنهم يعلموننا كيف نشتاق لهم فهم يهاجرون بعد الفوز إلى العاصمة لنشتاق لهم ، مثلي تماماً فأنا هاجرت وتركت مدينتي مرتعاً لهم .. مدينتنا هذا الكيان المليء بالحب والحنية يعاني من جفوتنا وأنانيتنا؛ إن الفرق بيني وبين هذا السياسي ، فهو يتاجر بأهلها وآلآمهم وآلآمها؛ أما أنا فقد آثرت الهرب وتركها له ليعبث بها ، آثرت الهرب إلى مدن بعيدة ، مدن الحداثة والنيون والإعلانات المبهرجة وعندما عدت بكيت بحرقة إذ إمتدت يد الحداثة لتفض عذرية جمالها وقد قتلت كل شيء فطري ..هذه هي أنانيتي المستحكمة ؛ فأنا أريد كل شيء ، أريد أن أستمتع بالمدن الراقصة المزركشة المتحضرة وأريد في ذات الوقت أن أتمتع بالفطرة في بلدتي عندما أعود ولا أريد ليد الحداثة أن تخرب ما أنوي التمتع به وقتما أعود " إنشاالله بعد قرن" ..وهوالإستجمام في ربوع الفطرة!!
    يتبع...

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 10:07 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:04 AM)

                  

10-11-2009, 07:48 AM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    صديقي الحنين أبو بكر يوسف إبراهيم

    حط طائر الحنين على شجرة عشقي لك يدعوني إلى مناجاتك

    فمضيت أختبئ من النجوم والأشجار ,,,أختبئ حتى من ذلك الوجه المبتسم .


    ،،،،أبوقصي،،،،



    إبراهيم ياجي قال: في الحنين

    أمسي يعذبنـي ويضنينـي ....شوقٌ طغى طغيانَ مجنـون


    أين الشفاء ولمَ يعد بيـدي ...........إلاَّ أضالـيـلٌ تداويـنـي


    أبغي الهدوء ولا هدوء وفي .....صدري عبابٌ غير مأمـون


    يهتاج إن لَجَّ الحنيـن بـه ...........ويئن فيـه أنيـنَ مطعـون


    ويطل يضرب في أضالعـه .......وكأنها قضبـان مسجـون


    ويحَ الحنين وما يجرعنـي ......من مُرِّه ويبيت يسقينـي


    ربيتُـه طفـلاً بذلـتُ لـه .........ما شاء من خفضٍ ومن لينِ


    فاليوم لمّا اشتـدّ ساعـدُه ...........وربـا كنـوارِ البساتـيـنِ


    لَم يرضَ غير شبيبتي ودمي ......زاداً يعيشُ بـه ويفنينـي


    كم ليلـةٍ ليـلاءَ لازمنـي ..........لا يرتضي خلاً لـه دونـي


    ألفي له همسـاً يخاطبنـي ..........وأرى لـه ظـلاً يماشينـي


    متنفساً لهبـاً يهـبُّ علـى ..........وجهي كأنفـاسِ البراكيـنِ


    ويضمُنا الليلُ العظيمُ ومـا ........كالليـلِ مـأوى للمساكيـنِ


    مودتي بدون معاناة مدينة الصداقة بيننا،واصلــ نحن نتفيئ في سحر المدنّ


    ،،،،أبوقصي،،،،
                  

10-11-2009, 08:23 AM

الرفاعي عبدالعاطي حجر
<aالرفاعي عبدالعاطي حجر
تاريخ التسجيل: 04-27-2005
مجموع المشاركات: 14684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    اهو انت زول بيزرع الخضرة

    والشجن في آن , بالله دعك

    من تلك الصحارى العقيمة

    وكن هنا في مراتع الصبا

    والطفولة وحيث المدينة

    الحنينة ... كن جميلاً .





    ...................حجر.
                  

10-11-2009, 08:49 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: الرفاعي عبدالعاطي حجر)

    أخي الرفاعي
    سلام على روحك الطيبة

    ما بيني وبينك ذاك "الزين " ليزين ما بيننا وهو "الشفيع " لمن قسا على من لا يُقسى عليه .. ما تخليت عن الجمال وما تخلى عني .. عشقته فصحبني .. وما ظننت سوءً بأي ٍ ممن إختلف معي بل أخفض له جناح الذل من الرحمة ومع كل هذا وذاك كنت أستمتع بمناوشاتك لأنها دليل حياةٍ وحيوية وإلا أصبح وقع الحياة رتيباً مملاً .. فمهما زرعناإن لم يك هناك راوي وري لمات زرعنا .. وأنتم من تروون النبت لتطل له هامات ويصبح باسق يحكي عن الأيادي البيضاء التي روته.. أشكر مرورك واحذر أخي من السياسة فهي لعبة قذرة إبتدعت لتدمر الأواصر والعلاقات الإنسانية ، خذها كلعبة إلعب بها واهجرها جميلاً.. لك مني الود والمحبة
                  

10-11-2009, 09:48 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    [[Bأبا قصي

    سلام على روحك الطيبة ولقصي وأحمد وأمهما

    تمهلت لأنتقي نضيد الحروف لأجاريك فأسقط في يدي .. فأنت للود والحب وللتفسير والتعبير قلب وسكن ونجد في قلبك الكبير من أثر ذلك تكامل لكل نقص لأن فهم الجمال عندك جزء من الخلق والفكر وكما هو أيضاً فيك حساسة وعاطفة .. إن نور قلبك يضيء المعاني السامية .ز وكل حرف منك ينفجر على ضوء شعلة .. لك الود على ألق المرور وأبهة المداخلة.

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-11-2009, 09:50 AM)

                  

10-12-2009, 06:32 AM

هاشم أحمد خلف الله
<aهاشم أحمد خلف الله
تاريخ التسجيل: 01-16-2007
مجموع المشاركات: 6449

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    أستاذي الجليل وصاحب القلم الرصين في حضرتك تتلاشى كل الجمل والمفردات
    وتجدني الأن صامتاً ومندهشاً لهذا النص المغري والمدهش في آن واحد
    سعدت بتواجدي بين أسطرك المرتبة بعناية فائقة .
    حجزت مقعدي منذ الأن وحتى النهاية ,
                  

10-12-2009, 08:46 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: هاشم أحمد خلف الله)

    أخي هاشم
    سلامٌ على روحك الطيبة

    بحضورك تأتلق هذه المساحة .. وفي حضورك شرف أرتجيه .. وأشكر حسن ظنك بي .. فألتمس خطوي حين أكتب في كل ما تكتبون.. مودتي وتقديري
                  

10-12-2009, 10:21 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    [U]معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حُزناً) (6)!!

    آهٍ من وجع الترحال وآلآم مخاض العودة إلى بلدتي ، مررت بسوقها وشاهدت حوانيتها وسلمت على تجارها الذين تبقوا كأثر للزمن الجميل أو الذين لا أعرف وهذا حال تعاقب الأجيال .. أحياناً أشاهد بعض وجوهٍ ليست هي ذات الوجوه التي إعتدت عليها .. مات منهم من مات وورثهم جيل إعتلى مقام والده وقد كانوا يوم أن بارحنا البلدة أطفالاً يُفّعاً، قال لي صديقي عمر:

    - تعال نذهب لنسلم على " فلان" فقد قام مقام والده وهو الذي لو تذكر أنك جلدته في يومٍ من الأيام لشككت بأنه سيلاقيك بترحاب وبشاشة ؛ ضربته لأنه سبّ بنابي الألفاظ إمرأة في عمر ومقام أمه وكان ذلك على مرأى من والده الذي شكرك على ما فعلت بإبنه ، ها هو حلّ محل المرحوم أبيه في تجارته وأصبح رجل أعمال يشار له بالبنان ولكنه يا أخي تكبر علي وكأنما ليس هو من أنت جلدته في يومٍ ما؛ وقد بدأ يعاملني بفوقية و بتعالٍٍ بل قل "إزدراء" وهذا حال " الرأسمالية والبرجوازية المتوسطة" تعالى ، دعنا نذهب لنسلم عليه فلربما تذكر ما فعلته أنت به فانكسرت عينه وأعاد هيبةً تليق وعمري وربما غير في طريقة تعامله معي.

    - قلت له يا عمر ؛ الصغير لابد وأن يكبر في يومٍ ما ، وليس معنى إني ضربته في يومٍ ما وهو صغير فإن هذا يحط من قدره بل أظن أن هذا يعليه ، أنت في أعماقك تعاني من " حقد طبقي " - وآسف على هذا التعبير - ولا تتقبل كل ما يصدر من التجار وقد تناسيت أن طبيعة عملك مرتبطة بهم وأنت (الدلال) الوحيد الذي يقوم بعرض ما يبيعون أو ما يشترون!!..

    وواصلت حديثي وأنا أنفث دخان سجارتي:
    - نعم يا صديقي لأنني كنت في يومٍ من الأيام أشاركك الشعور وأناصب تلك الطبقة العداء يومذاك حين كنا نرفع شعار " نحن البرولوتاريا ملح الأرض ، ومها كنا نحن ضدما نطلق عليهم ( الرجرجة والغوغاء) هم الذين أثروا على حساب الشعب المسكين وطبقته ته الكادحة .. هؤلاء المتعفنون هم أعداء الشمس ؛ هم أصدقاء الظلام .. هؤلاء الرأسماليون هم كالخفافيس الذين يعتاشون على مص دماء الآخرين ويعشقون الظلام!! أليس هذا ما كنا نلوكه ونحن نحتسي كؤوس العرق في بيت تلك السيدة العاتية ( ك .ب) .. وبعد أن تفرغ الزجاجة ويكون محتواها قد لعب بعقولنا وأدرها ذات اليسار .. واليسار فقط أما اليمين فمكروه ومحرم في أدبياتنا إلا عندما نأتي للكأس فهناك يكون مجراها اليمين ، وذاك هو اليمين الوحيد المقبول لدينا ، ، وبعد ذلك نبدأ في إختبارات الجودة فنوقد عود ثقاب ونرمه داخل الزجاجة فتحدث دوي مثل دوي " المولوتوف ".. وأن جودته مسألة نسبياً تقاس درجته بقوة الدوي!! .. وكان غالباً ما يكون التعليق ( مولوتوف جبار) إلا فيما ندري وفي بعض الأحوال النادرة حين لا يسدد أمثالنا الحساب آخر الشهر فلا تستطيع( ك .ب) توفير المواد الخام الجيدة التي تدخل في تصنيعه أي ما هو أجود " البلح" حينها فق تهبط الجودة وهمة الصانعة وعلينا أن نقر بأننا نحن أصل السبب!!

    نكأ صديقي جرج الذكريات الغائر بقوله:
    - لم تسأل عن من كنت تعشق في صمتٍ ومن جانبٍ واحد؟
    - تصور هي أول من قابلت حين وطئت قدماي أرض البلدة ، ما زالت تحتفظ بكل عناوين الجمال وعذوبته وأنفته
    - لقد ترملت مبكراً وأنت تعلم أن ما يربطنا بهم الجوار في الحي والسكن تصور في يومٍ من الأيام جاءت تزور زوجتي وشربتا جبنة العصاري معنا. في ذاك اليوم تطرقنا لسيرتك و رويت لها عنك الكثير وكيف أننا على إتصال وطبعاًكلمتها عن سفراتي وزياراتي ليك ووإني بنزل معاك فطبعاً ما معقول أسكن بره وإنت موجود وانت الداعي لو كان ذلك بالقاهرة أو في جدة وكمان أديت العمرة ؛ لا أدري لماذا فتحت السيرة وكمان زدت الطين بلة وقلت ليها : كان يسأل عنك في كل زياراتي وبالطبع لم أذكر له يومذاك بأنك قد ترملت لأن وفاة " الطاهر" كانت بعد آخر زيارتي له !!

    ضحكت زينب زوجة عمر وهي بنت " خاله" في الأصل وقد تربينا ثلاثتنا سوياً وكانت هي الأمينة على أسرارنا وكنا نسميها ( البير).. زينب فعلاً ينطبق عليها القول بأنها " أخت الرجال ومرة بألف راجل " مرة مستورة وبت قبايل عاشت ستر وغطا على عمر في السراء والضراء خاصة أن الضراء كانت كثيرة بكثرة الإعتقالات وهو لا ليهو في العير ولا النفير أفلس من فار الجامع ..أنا وعمر وزينب كنا نشكل ثالوثاً وقد تأثرت هي من خلالنا بالفكر الماركسي وربما لأنها كانت تواجه ظروف الحياة والمعيشة في أيام الإعتقالات وكان عليها تدبير أمر البيت مع والدة عمر حيث يهب إخوتها لمد يد العون .. كنا نطلق عليها إسم " غاندي" كانت ماركسية بالفطرة . كانت والدة عمر وزينب هما واسطة الخير حينما يحدث أي خصام " زعل " بيني وبين عمر ولا يكون للبيت طعم إذا حدث وأن غبت .. وكان نفس الشيء يحدث في بيتنا فكانت " غاندي " تحضر لوالدتي وهي صديقتها الحميمة لتصلح ذات البين.
    وقالت زينب موجهو حديثا إلى (....):
    - تصوري يا ( ....) أنو فلان دا كان معجب بيك في صمت ومن جانب واحد!!

    لقد كانت روح(....) تناسمني في غربتي.. وكلما كنت أذكرها ؛ كنت أشعر بأن روحها ممزوجة بآلآمي.. آلامي منها هي أشواقي ، وأشواقي إليها هي إعتمالات نفسي وأفكاري ، هي جميل الصفات والمعاني التي غرستها نبتةً لها في وجداني ، كانت تلك هي معاني الإعجاب بها أو قل العشق إن شئت ، ولا أدري إن كان هو الحب؟!.. والحب هو شعوري بأشواقي وأفكاري وآلآمي إن كان عليّ أن أُعَرِّف الحب.!!.. في بعدي عن مدينتي وعنها كنت أشعر بفناء الزمن .. فإن كان الزمن هو اليوم والليل والنهار ، فأنا في بعدي عنها فقدت متعة " النظر في صمت " وفي البعد عنها أذوب فناءً أي أتحلل من ذاتي في هلام الأشواق .. فأذوب وجداً وأفنى صبراً وأتحرق شوقاً. ومع ذلك فكنت أعنف نفسي وأتساءل : أليس أنت من إختار الصمت وعدم الإفصاح لا تصريحاً ولا تلميحاً ؟ ألست أنت من هاجر وترك البلدة؟! أكان عليها أن تعلم ما بالأنفس الشح؟!!
    رغم كل هذا وذاك ورغم مرور الزمن إلا أن هنالك هاتفٌ بداخلي يحركني ويصيح في وجداني ؛ فالذكريات ما أن تبدأ حتى تؤرقني ؛ فهي لا تزال تبدأ وعندها أشعر كأنما هي ما زالت في أولها وعنفوانها.!!

    كنت يومذاك أشعر بأن (....) هي رمزٌ لجمال عبقري ، جمال يريد التعبير عن نفسه في صمت فيكون الصمت حالئذٍ أبلغ تعبير ، وعندها يكون قد عبر عن نفسه تعبيرًا صادقاً حياً ، فيتخذ العاشق الصامت هيأة مشاعر مثقلة بالآلآم وتباريح الصبابة والخيال وهو يعيش أحد ثلاث أحوال إما عالياً إلى حد الزهد والحكمة أو نازلاً إلى أسفل درك الرزيلة أو هالكاً حد الجنون .. ولكن مثلا تلك مالكة الجمال العبقري فإنما أشعر بأنها تضرب على أوتار نفسي لألمسها طيفاً وخيالآً بنظرتي وأفكاري وأشواقي ، لقد كانت هي بوابة كل أبواب المعارف الغرامية والعشقية، ومنها عانيت تباريح الهوى ، وبين حينٍ وحين أستخرج من تلك الذكريات أنغام وصدي حبي الصامت في شكل قصائد!!

    يتبع...

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-12-2009, 10:59 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-12-2009, 11:23 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-12-2009, 11:32 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:06 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:06 AM)

                  

10-12-2009, 01:17 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    لا أدري لماذا طرقت ذهني بقوة
    (تراجيديا الواطة...) للملك تاج السر الملك
    لعل (معانأة) كمفتاح سنلقى أكره في المتن حين نجول مع الحرف الدافئ المسنود بتفاصيل من دم ولحم وأحاسيس متفجرة في (المدن الحنينة)
    هي ما ردتني إلى التراجيديا الملكية...
    وكنتُ قد ادخرت للتراجيديا صرخة لا أعلم إن كان من المناسب إيرادها هنا أم لا
    لكني سأحورها قليلاً
    وأدفع بها تالياً رغم أن السرد إلى اللحظة لم يصلنا بالمعانأة اللهم إلا تلك المعانأة المبثوثة بين السطور عن شظف العيش ونحوه
    وتتجه توقعاتي إلى أن المعانأة المعنية غير ما ورد
    أو لنقل إضافة إليه
    ستكون أكثر مباغتة للقارئ
    ولننتظر ذلك..







    تعشش قُرانا داخل أرواحنا
    فلا نقدر أن نقتلعها من بينها،
    فكيف يتأتى ذلك،
    وهي مرتع الصبى والأنس..
    مسرى التفاصيل الحميمة والمشاوير النبيلة التي نبتت بأرضها..
    كيف ننسى دخولنا دونما استئذان إلى صحن الدار كأهله
    كيف...
    رغم أن الأيام سرقت منا الكثير إلا أنها لا تقدر على سلبنا طفولتنا
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    وإليكما (بعد العثور عليها لاحقاً)
    بعض ما جمعته من صور على تشظيها في: مدينتي الأسى والعزلة والحيل..



    وسأسبق المدينة التي في أساها بـ:
    تراجيديا الواطة
    إلى تاج السر الملك



    الناس إن قالت
    ما مِن جهة الشوق
    الماسِك أول
    دقة قلب.
    تكون قد شالت
    من عينيها
    النور الضارِب
    في شريان
    الحُب.
    نان من طوب
    الريدة
    ولا شبابيك وردة ندية
    بتنغز قلب الصب.
    الريدة هدية الله
    وعشم الشعب في بلّة (ما أنا أكيد)
    تشد الحيل
    وتشِل الذِلة
    تكون للروح نفاجا
    وقول يا رب.
    ها جنى مالك
    بتدعبش فوق
    مدسوس الرمى طوريتو
    وعلب نار الشك في هويتو
    وقالك منها هارب.
    شِن بتسوبو
    ها جنى ها
    وحاتك خلّو
    علا يلاقي
    مداهو صقيعة
    ومِن دون معنى
    وعيشتو سراب وخراب
    ومطب.






    وسلام
                  

10-13-2009, 01:12 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: بله محمد الفاضل)

    العزيز بلة

    معاناة المدن هي جملة معاناة أهلها.. ظلم الآخر لها ، سلبها ما تستحق لتؤثر بها (واطة)أخرى .. الأرض تشقى وتسعد، يوم الحكم يكون في شارع (الدومة) ومن ثم ينتقل (لودالبصير) ثم يعود إلى (شارع الجموع الصامتة) في رجب أبريل ثم يعود مستلباً مرةً أخرى( للدومة وبري) ثم ( المنشية) لأجل محدد محدود .. هكذا بلدتي يوم كان يجب أن تكون حاضرة الولاية إنتزعت ومُنحت لمدينة أشبه بالقرية فقرر الوالي أن يسكن بلدتي ويدير شئون الولاية من مدينتي .. أتدري لماذا لأن أهل مدينتي " راسم قوي" لذا يومذاك بدأت الجهويات تينع وتزدهر...


    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً) !!(7)

    والمكتوي بنار الظلم .. بنارالحيف ,, بنارالجور هي المدن بما في جوفها من أكثرية صامتة فمهما عددنا من وصف الظلم فهو وصف لنار واحدة .. تلك هي النار التي تحيل الحياة إلى هشيم.. فهل في الأمر عجب؟!!... مساء بلدتنا يسيل دم على واجهات الألم، ويبقى السؤال الأزلي هل سنصمت آلآف الأمتار قبل أن نلقي تحية الأمان على العالمين؟! .. آهِ فقد جعلوا شجر بلدتنا يتوحش في صمت !!..وقالوا أن الحديث عن معاناة بلدتي ما هو إلا سقطة مني .. سقطتي تمنح المأساة لغة للتعبير عن غور الجرح!!.. معاناة بلدتي مأساة ترقص على بهجة الساسة.. حاولت أن أغير لون جلدي بالهجرة إلى أرض الشموس الباردة.. ولكن كيف لي أن أنس أني من إفرازات الجنوب؟!... ساسة بلدتي وارض الشموس الباردة علموني خشونة الضحك.. لم يتبقَ لي إلا ورق الشوق وقلم النجيب!!.. ساسة بلدتي هم رموز وربائب الشمال وشموسه الباردة هم ظل من كان من اهل الشمال بالأمس هنا.. لم احنق أو أغضب من أهل الشمال إن تركوا ربائبهم يركبون ظهورنا ويأكلون سنامنا، بل حانق على الربائب التي إنتهجت نهجهم( فرِّق تسد)!!..

    قالوا أنها ( سقطة) مني ، فكيف أجروء على الحديث فيسر الأسرار؟!..

    قال لي صديقي عمر :
    - إنك قد عذبت نفسك دون قصد منك، وعجزت أن تجد صيغة أوفق سوى أن تكون جارحاً.
    - ليست هذه هي الأرض ولا هذا هو المصير الذي تمنيته لها!!
    - يا أخي بقدر محاولتك الإقتراب من كل مواطن الداء وتشخيصه إلا أن الداء لا يقترب منك لأنك ستحاول عرقلة نهشه للجسد الذي يتلذذ بنهش
    الداء الذي يسكنه!!
    - يا عمر نحن انفجار الضد!! .. متى يا أخي أحس برفيف قاتل في قلبي حتى ينيخ السلام راحلته هنا؟!!
    - خلاص ، سيبنا من الفلسفة وما تطير الكاسين من راسنا!!
    - حقيقي إنت دلال بتبيع المعروض وبس ولا تربطك به صلةأو إنتماء إلا لحظياًأما بعد أن يؤول لغيرك وربما سخرت مما كان به من عيوب .
    - والله إنك لفي ضلالك القديم!!.
    يقطع صوت ( زينب) زوجة عمر الضحكات وتسأل: أخت ليكم العشا؟!!
    ونستمر في ضحكنا ويرد عمر:
    - ختيهو ما ياهو الفول والطعمية والبيض يعني حتختي لينا نص الخروف؟!!
    - الظاهر عليكم لقيتو ليكم كنز واللآ عندكم عم مليونير مات في نبراسكا وساب ليكم الملايين شنو البذار دا زمان صحن الفول يتوسط
    الصينية قدر الهقلة .. شنو الجابت ليها طعمية وبيض؟!
    - دا بس إحتفاءً بيك الأمور حترجع لأصلها بعد اليوم التالث.. فاهم .. ما تتعشم كتير يا (إبن الك..)!!

    القفشات والضحكات تتعالى فما أشبه الليلة بالبارحة؛ هكذا كان حال نقاشاتنا يومذاك والآن عندما عدت وكأنني أحاول أن أستدعي مرة أخرى ما أصبح ذكريات نجترها ؛ وهانحن نستعيد الماضي . وأذكر أنني في يومٍ ما قلت له: إني مللت هذه الحياة!! ؛ فما كان منه إلا أن صبّ علي قليل من جاز اللمبة وقال " هاك هدي الكبريتة نفذ رغبتك" !!..

    نعم عانت بلدتي لمعاناةاهلها فهي عطشى يموت أهلها في الصيف من العطش .. وجوعى بالكاد السعيد منهم يحصل على وجبة.. ومرضى لا يجدون حتى أبسط مقومات الرعاية الطبية ..هم حفاة عراة لأن من لا يجد ما يسد الرمق تصبح النعال والسروال نوعٌ من أنواع الرفاهية؛ مدينتي تعاني في صمت وصبر، ما كانت ترغب في أن ينجب رحمها من بعضهم غثاء بشر وزبد يذهب جفاءً ..

    كانت تطمح أن تعلى بعلو همم بنيها.. بعضهم قدم ما ييستطيع وبعض أخذ منها كل شيء والبعض " ساعة الحارة" غادروها تاركينها لمصير أسود!! .. فأصبحت كالمرأة الحرةالتي هجرها زوجها وبنيهاوقد قابلها قاطع طريق لا خلاق له. فما ظنك أنه فاعل بها؟!

    عندما عدت كنت أفتش عن سماوات افتقدتها واريد استعادتها وأنا الذي اغتربت وكنت أحلم بالرفاهية والنعومة تركت الدفء الموفور في بلدي لأبجث عن الدفء في بلادٍ باردة.. كانت بلدتي كفتاة نحيلة وكنت استعذب الشرب من نحولتها واسعد بل وأحلم وهي لا تبخل!!

    اقارن ما بين ( السين ) و(النيل) وما بين (النيل) و(التيمز) .. اوجاع شاطيء النيل ترهق روحي رغم ما به من صفاء حزين ؛ بينما لا أعبأ أمواج "التيمز والسين"المصطحبان العكران !!.. أنا فراش بساتين الفطرة .. أنا نتاج دعاء الأم .. لقد خانتني النهايات مثلما خنت أنا البدايات!!

    عندما تنفصل الإجابات عن المعاني لا يبق غير الوجد يحاصر الوجدان!!.. لقد كانت قلوبنا عامرة بالحب والنقاء والآن تلوثت بنفاق ما سميناه التقدم؛ كانت قلوبنا تسجد شكراً لله على نعمائه فكان القليل هو الرضا والستر فتسجد بلدتنا لسجدتنا.. أمانينا وأمنياتنا كانت صغيرة ولكنها كانت تبتكر الآمال الكبيرة العريضة.

    جاء صوت عمر يقطع الإسترسال:
    - دعنا من كل هذا الذي يشقي ولا يسعد، اتذكر ( ع .ب) بنت تاجر المواشي التي طلقت يوم تركت المدينة؟ أتذكر كيف أنها كانت ذات قوام مايس وكانت ذات عجيزة وجمال ينيخ عزم أقوى الرجال شكيمة !!,.. كانت فارعة كغزال الريل النافر.. كانت المُشتهى
    - أذكرها.. ماذا عليها؟
    - انا هيمان بيها.. وحاولت إستمالتها بحلو اللسان ومعسول الكلام وإقامة علاقة معاها ولكني فشلت .. استعملت كل دهاء الدلالين ومكر
    الزناة ولكنها يا أخي والله حيرتني!! مطلقة ليها عشرين سنة ياأخي معقول تكون عايشة راهبة؟ والله لما اتخيلها يطير النوم من عيني..
    عارف أقوم اضرب قزازة العرقي وما تعمل في راسي حاجة!!..
    - ما تستعمل معاها حيلة اخونا (.....)؟
    - اللي هي شنو؟
    - يعني ما عارفا؟
    - لا بالله ذكرني ليها إمكن يكون فيها المراد؛ علي الطلاق لو نجحت أضبح ليك خروف وأغرقك عرقي بلح!!
    - طبعاً لو حلفت لي الموية تبقى روب ما حاصدقك لأنو ياما مقلبتني وحليفتك كلها طلعت فشنك.. أنا عارف إنو طلاقك طلاق دلالين!!

    يتبع...

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-14-2009, 06:10 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-14-2009, 06:22 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-14-2009, 06:28 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:07 AM)

                  

10-14-2009, 08:17 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً) (8) !!

    أسمع يا عمر خليني أحكي ليك حيلة أخونا (.....) فقد قال:
    إذا أردت أن تتلاعب بعواطف أنثى بدأ أصيل الشباب يغيب عنها فافتنها بعمرها فما عليك إلا أن تذهب وتضرب الباب وعندما تأتيك وأنت طبعاً تعرفها شكلاً وموضوعاً
    - فقل لها: ممكن تنادي لي الوالدة؟
    - ستقول لك : أنت داير منو؟
    - داير ( ب م ) سمعنا إنها ستعرض بيتها بالمزاد؟
    - أنا فلانة
    - ما معقول والله قايلك بتها.. بالطبع ستعربد أوصالها وستشعر بأنها ما زالت في عز شبابهاوبرضو أنثى مرغوبة وطبعاً قصة عرض البيت
    بالمزاد دي مقدمة غبن خلدون!!
    - تفتكر الطريقة دي حتنجح؟
    - لو عندك أحسن منها جربها.. المهم خلينا من إهتماماتك الشيطانية دي وخلينا نتكلم في أحوال البلد وناسا.
    - والله إنت الشيطان زاتو ، فكرة زي دي إبليس ما يفكر فيها!!
    - أها قمت لقلة الأدب ، بالله إنت لحدي هسه ما كنت عاجز إنك تعمل حاجة معاهاولما قدحت أفكاري ورسمت ليك الخطة طلعت شيطان زالإنتا ماشي
    تسويه دا ما عمل شياطين؟
    - إن الطيور على أشكالها تقع
    - الحمدلله الما استثنيت نفسك!! ومسئول من الخير فلانة الزايرة الصحية الزمن سوا فيها شنو؟
    - يا زول عايشة ولدت ليها زي تسعة كل واحد من صاحب وكلما يدخل عليها واحد نحلف ليهو وتوليهو : أعدم أولادي ديل من وش الدنيا كلهم من
    اولادك ومن ضهرك .. تصور ما فيهم اتنين بشبهو بعض ..
    - حرام عليك قذف الناس لسانك دا مافي واحد بيسلم منو؟

    قال متهكماً:
    - طيب أنا كضاب وقذفتها بالباطل يا "مولانا الفكي عباس " أرجوك أسأل لينا مأذون البلد إن كان في يوم من الأيام عقد ليها على واحد؟
    - يا أخي الناس هنا مرات بعقدوا بالفاتحة وبدون مأذون ممكن عالم (نص كم) يعقد لأتنين بالفاتحة.. ما شرط
    - والله إنت داير تحلل النبيلة!!
    - طيب بلتون العيال دا ربتو واللآ طلعوا مشردين وشمامين" كلة وبنزين"؟
    - فيهم كدا وكدا عقبال عيالك عندها ولد في نهائي طب وولد سمسار محصول في الزريبة وواحد محاسب خريج تجارة في مكتب الضرائب وواحد
    حرامي دخل السجن قريب دا وواحدة لا مواخذة ماشة كدا وكدا وطبعاً سلكت طريق الوالدة ومحاولة توديها مدرسة الممرضات عشان تكون زي
    أمها.. وواحدة شقت عصا الطاعة وسافرت وبقت مشهورة في العاصمة يعني رفعت راس البلد.
    - صحي الولدة الخاسرة يجيب لبلدا النعيلة!! .. خلاص سيبنا من سيرة الناس زينب مرتك جاية وهي فاكرة إنك ولي من أولياء الله الصالحين
    ما عارف إعتقادهادا يركب كيف مع إنك ماركسي وترتكب كل الموبقات!!.. والله بلدنا دي بلد عجيبة تلتقي فيها الأضداد وتتعايش والله دا
    تسامح ما بعدو تسامح .. بلدنا دي البلد الدخل فيها ولد الخواجة (....) النصراني الغني وبقى مؤذن المسجد الجامع .. تصور أبوه
    حرمو من الميراث إلا إذا إرتد وما رضى يرتد وعاش فقير لي يومنا دا!!

    جاءت زينب لتجلس معنا وتستمع بما يدور لأنها كما قالت وتقول :
    - والله بستمتع بالحوار بينك وبين عمر لأن عمر لسانو طويل وبتاع مشاكل وما فيش واحد بيقدر عليهو إلا إنت وكان وقع في مطب بي سبب سأل
    لسانو الطويل دا مافي واحد بقدر يطلعوا منو إلا إنت والله إنت أكتر من " نجم الدين " أخوهو الهج من البلد وبقي ( عسكري دياشي) ومشى
    وما سأل عننا ولا عن أخواته البنات .. المثل بيقول الشايقي كان نجح للعسكرية وكان فشل للطورية!!
    - طيب راجلك دا لا طورية ولا عشكرية ..
    - نان مالو الدلال ما رجل أعمال!!
    - رجل أعمال شنو يا بت الحلال دا السنة كلها ما يطلع ليهو بدلالتين؟

    عندما كنا في شرخ الشباب وفي الزمن الجميل نصحت عمر أن ينشط مهنته بأن يعمل دلالة بعد صلاة الجمعة العندو ساعة واللا بسكليت ممكن يدلل عليها ويطلع بعمولة الدلالة .. وفعلاً راقت له الفكرة وإتفقنا إني أجي المزاد وأزود السعر عشان في الآخر يبدس فيها واحد كأعلى سعر وبهذا ترتفع عمولته وكان ينوبني من الطيب نصيب حيث نذهب إلى ست العرقي ( ك.ب) ولي (.....) لنتعشى "فول مدنكل" وفي يومٍ من الأيام دب بيننا خلاف في موضوع القسمة الناتجة عن عمليات دلالة يوم الجمعة فتأبطت شراً وقررت أن أنكل به في مزاد الجمعى القادمة. في ذاك اليوم جلست أرقبه ليفتتح الزاد وقد إلتف حوله المزايدون:
    - ساعة رسكوف أبوسمكات ، خمسطاشر حجر سويسرية إبن حلال يفتح الباب!!
    طبعاً هذه الأوصاف مبالغ فيها لأنها ساعة فرنسية وسمعتها سيئة عند الساعاتية ، كنت في السابق أبدأ أنا وأفتح المزاد بخمسين قرشاً.
    اما اليوم فقد بدأت كالآتي
    - خمسة قروش وكمان دي ساعة فرنساوي أبوسمكات؟ الظاهر عليك إنت دلال ما عارف حاجة!!

    فيرد عمر وهو يضرب الجرس ليطغي صوت الجرس على ما أقول حتى لا يسمعني الناس
    - قلنا إبن حلال.. فاهم؟
    - قصدك أنا إبن حرام؟
    - دا ما شغلي أنا ما كنت ماسك راس أمك وقت أبوك نام معاها .. أنا قلت إبن حلال!!


    هذا حال مدينتي .. هي رحمة للمشتاق حين يكون فيما حوله وهو بعيد عنها .. قد نتكلم بالكلمة وهي على مسيرة عام من معناها .. البعد عن مدينتي يعلني اعيش في سكوت تملأني ارواح ألفاظ وصفها المحبوبة تريد بما وسع كل حرف ان تتكلم ولا يمكنها أن تتكلم ففي صمتها أبلغ الكلام .. وفي صمتها قمة الصبر على عقوق وجحود الأبناء .. صمتها الجميل ينطقها رغم أن الفراق وديعة النوى ؛ وتميمة الأحزان.. ما بيني وبينها مسيرة إعتكاف في عزلة.. إن المهتجر غريب في دنياه مهما هيأت له هجرته وخلبته أضوائها يحس بآلآم لا تنتهي.. في العودة نبش لماضٍ تتوالد منه أفكار حزينة تُذرف لتبحث عن دموع!!
    هذه مدينة عجيبة في صبرها سحر؛ فيها تعلمت الحب وهو أن أفيض من وراء حدودي فأنفذ بروحي إلى جمالها وبهائها الذي لا تراه إلا مثل مقلتي.. فمنها حين أنفذ بمعانيها وجمالها يتلقاني عالم اهتجرت إليه بما في نفسي من موروث الجمال والمعنى .. مهما غبت وافتقدتها فبالحب اجدها وبالمعنى هي تجدني فإن كانت نفسي قد افتقدت المرآة التي كنت أراها بها رؤية قلب اكون قد بذا قد عشقت وبمعنى آخر أكون قد أدخلت إلى قلبي حاسة أخرى تشبع السكون كله وهي التي يسكنني .. فقد بلغ بي الإحساس وأنا بعيد عنها أن لا أفرح ولا أحزن إلا بمقدار ما يمسها وأسمعه من على البعد.!! .. مدينتي هي الحياة بالنسبة لي ، ولا أفهم كيف يغادر المرء ما يعتقد بأنها حياته؟!! .. في مدينتي - ومنذ مولدى من رحمها - أرى فيها الحب والحب سر الحياة الذي أخذ يتجلى ويعمل أعماله في عيني .. كل شيء وإن كان قديماً في فيها فهو جديد.. جديد .. جميل !! فهل تتغير طبيعة المشاعر في نفوس المحبين؟!!

    يتبع..

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:09 AM)

                  

10-17-2009, 07:13 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)


    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً) ..(9) !!
    قلت لصديقي وتوأم روحي عمر وكأني في حالة هذيان.( بالمناسبة هذا العمر ثقف نفسه بنفسه قرأ كما قرأت أنا لبوشكين وغوركي ووانطون تشكوف وغوغل.. تشربنا بالأدب الروسي ومنه أحسسنا بأن الكلمة هي وجان معاناة الأماكن والبشر. بدأ يسمع إلي وهو يتفرس في وجهي وكأنه يريد أن يتعرف على أثر ما فعله بي الزمن.)

    يا لها من لحظاتٍ مليئة بالأسى ، تلك التي تطالعني فيها ذكراهم من عمق الماضي ، فأرى أطيافهم دون أن أستطيع أن أمسك بها ؛ وأسمع أصواتهم كأنها رجع صدى.!! .. وروحي حين تحضرني عند عودتي إثر الغيابٍ الطويل ؛ قد فقدت بشاشتها مذ عدا عليها الزمن ، وأوهنتها تباريح النوى ، رجعت بي الذاكرة وأنا أجلس معه تحت ظل شجرة " اللبخ " أحاول أن أسترجع كيف كنت أفكر في صباي وبادرتني بعض تلك الأسئلة التي كنت أسألها لنفسي يومذاك ، تذكرت والدي بروحه البسيطة الراضية المطمئنة ، إبي أنجب جسدي ولكني لم أرث صفات روحه!!.. إن يكن قد أنجب روحي أيضاً فَلِم لا تكون كجسدي فانية؟!! ما معنى أن نُنجب الأجساد ونستعير الأرواح لها؟!! وأين كانت تلك الأرواح تنتظر، ومنذ متى وإلآمَ؟!! ولِمَ لا تولد متقمصة أجسادها كأي كل لا يتجزأ؟ ويكون الميلاد والموت تناسخاً يبقى فيه النوع ويذهب أفراده؟.. لا رجعة لي وإن كنت سأنطوي في الرمز وأخلد فيه خلوداً كالعدم ، بيد أني أتعلل لأني كما وعيت وجودي فرداً سأعيه في شمولي. كنت أعتقد أن أجيش بشعور الكل بدلاً من حبسي في " الأنا" ، ويكون العدم عندئذٍ أقصى مراتب الوجود!!

    قاطعني عمر بقوله: هذه الأحزان تبدو على وجهك وكأنها تأنيب الضمير، نقِّب في داخلك تعرف وتذكر خطاياك وتأكد ، لا تحسبن أعماقك تَخفَى ، أنظر ترى ظلاها طافية عليك والدليل هذا الذي قلته الآن ؛ إقرأ ماضيك مسطراً على جبينك ، إن ما نقدمه من خيرٍ أو شر يترك بصماته علينا ، ويكسبنا سماحة أو خزياً وأنت لم تكن الملاك!!

    سمعت ما يقول وكأنه قد حمل مبضع جراح وفتح أعماق وجداني ليوقظني وواصل قوله : أن الرفاق كانوا دائماً حالمون ، والحالمين أبعد الناس من الحقية كبعد الثرى من الثريا!! ، لقد بقيت منك في وجداني ذكريات غامضة ، يوم هاجرت تكاد روحي أن تكون قد إنفصلت عنك لأحيا وحدي ولكني كنت حينما أذكرك أبتسم وأذكر كيف كنا نستعد للإعتقال ليلة الإحتفال بما يسمي (ثورة عبود17/ نوفمبر) وكذا أصدقائنا رفاق النضال المشتركين كنت تومض لنا كبرقٍ من غمام ولئن اعوزها الجلاء وهي تنوء تحت طيات البعد إلا أنك كنت تقنع نفوسنا التي تُؤثِر الإيحاءآت المبهمة.!! .

    أذكر يوم وداعئنا لك قولك لنا ونحن نحتسي كأسات من عرق البلح : إن كل حجج العقل تتحطم على شواطيء الإحباط ولكن قلبي المعلق بكم يرى خفق أنوار بعيدة.. بعيدة ، أنا اليوم وأنا أودعكم وأترك هذه المدينة الأم الرؤوم أشعر بأني سأترك الدنيا وما فيها وستشغل وتشغلون عن ذكري بمواصلة رحلة الحياة ورغم الفراق البغيض الذي سيباعد بيننا إلا أني سأفيد منها بتجارب تعينني على إجتياز الكواكب الأخرى ، لن تذهب آلآمي ومسراتي عبثاً ما دامت ستنصهر في روحي وتكسبها قدرات جديدة ، رُحَّلٌٌ نحن في الكون فلم التعلق بأرضٍ بعينها ؟! ما تبقى أمامنا من الأسفار أروع!!

    قال عمر لي : دعنا الآن من ما ينكأ الذكريات بمرها قبل حلوها وأتركني أذكرك ما كتبت من وصفٍ لتلك التي كانت عشقك الصامت ، نحفظها على ظهر قلب وأنت المعروف عنك أنك لا تحفظ حرفاً واحداً مما تكتب وأيضاًربما تنكره عند الصحيان والإفاقة . كان أجمل ما قلته وأنت في حالة تجلي بينناوحينها كنا " نتقارع بنت العناقيد" في " قعدة " وداعك ، وأحسب الآن أنك لا تذكر ما قلته في تلك الليلة وكأنك لا تودعنا نحن بل تودعها هي وربما تنكرها:

    " ثغرك كأس خمرٍ سلافها ريقك وأنا المدمن.. لحظك لمح نجمٍ ليلهُ جفنك وأنا الساهر..وصوتك شدو بلبلٍ في ذرى أيكٍ وأنا المصغي.. ونفسَك عطر زهرةٍ في رُبى روضٍ وأنا الناشق.. ويا حيرتي زأنا المودع إن رمتُ وصف كل مفاتنك !!.
    غنوني يا رفاقي أغنية حزينة كتلك التي ينشدها الحمام بكى أليفه ؛ آهٍ يا رفاقي ها هي روحي ستغادركم شوهاء من برح الهوى إن كان فب الإغتراب مأمن ، لها الله روحي ما شقيت براحتها وتشوّقتْ لصبابة لن تشتعل، فسكنت لنار حرمانها الصفراء كشمس المغيب كلها موت "!!!

    هذا يكفي يا عمر فكل ما ذكرته فإنما أنت به كمن عصر دموعي كلها فنضبت وأنت تعلم أن قلبي ما زالت ترسب الأحزان فيه ، أنت تعلم أنني عبثاً أبكي من أحببتهم في صمت وإن كنت أحمل لهم أينما حللت الذكريات الموجعة ، إن الجسد يصاب بالوهن ولكن الفؤاد أثيرٌ دوماً يتحدى الزمن ز!!

    يتبع

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:10 AM)

                  

10-19-2009, 05:36 PM

وصال عالم
<aوصال عالم
تاريخ التسجيل: 01-31-2007
مجموع المشاركات: 1940

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    متابعين بشغف شديد معاناة المُدن الحنينة !!

    سلمت من كل شر وأذى يارب.


    محبتي ....
    وصال عالم
                  

10-19-2009, 05:42 PM

soma

تاريخ التسجيل: 09-14-2002
مجموع المشاركات: 4120

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: وصال عالم)

    Quote: ما أعظم الوفاء وما أجمل الذكريات التي تربطك بالإنسان والزمان والمكان
    خاصة إذا دعت دواعي الزمان بالفرقة التي تحجر القلوب


    ياااااااااااه عليك يا اخى ابو بكر
    لقد لامست وتر حساس
    كم تخيلت المشهد معك .. احساس يهز الكيان
    سلمت يداك ايها المبدع
    اتابع معك بدهشة
    واصل عين الله ترعاك
    تحياتى
    اسماء الجنيد
                  

10-20-2009, 12:46 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: soma)


    Quote: لقد لامست وتر حساس
    كم تخيلت المشهد معك .. احساس يهز الكيان


    الأخت أسماء
    سلام على روحك الطيبة

    وقعت كلماتك على نفسي كما تملأ السحب بين السماء والأرض ؛ فما تكاد تطلع وتعتلي الأفق حتى احسها كما شدو الطيور، وتقبل الطيور لأنها ملائكة الطبيعة على المناغاة ويقبل رواد وعشاق الكلمة على ما تستطيب ارواحهم حينما وحيثما يتعلق الأمر بالمكان والزمان والإنتماء الروحي إليه؛ والناس ملائكة الفكر والنجوى ؛ الآ ترين الفكر الإنساني وقد استحال إلى امواجٍ من الخيال يجري فيها القلب كأنه زورق فتثيب إليه؟ .. وما هو إلا أن يحتويها حتى تتناول مجدافه البديع المصنوع من جوهر المشاعر والعواطف المرتبطة بالمكان والإنسان والزمان والذي لا يبرح ملتصقاً به كيد الحسناء على قلب عاشقها في مجاز للتعبير.. أشكرك وتقديري ومودتي
                  

10-20-2009, 01:04 PM

هند محمد
<aهند محمد
تاريخ التسجيل: 05-30-2007
مجموع المشاركات: 4300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    هنا الموعد مع استدارة الضوء وعنفوان الألق

    ومن لم يجد الاحساس هنا
    فـ( هو ) بلا حسّ



    شاعرنا أبوبكر
    تحيتي لك
                  

10-20-2009, 12:27 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: وصال عالم)


    الأخت وصال
    سلام على روحك الطيبة

    حروف تعيد التوازن لي في حين أن فؤادي يخشى إنكسار اللغة ويخشى هروب القوافي ، ويخشى تغير بحر المودة ، أنا عاجز لا أنام من الخوف.. الخوف من حرفٍ يفاجئني أكبر من أن تتحمله نرجسيتي ولكنه يسعدني أيما إسعاد ويتخير أقرب الشرايين إلى القلب فيهجع.. لك ألق التحية ووهجها ومن طيب الود مكتنزه :
                  

10-20-2009, 11:19 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    [green]
    معاناة المدنٌ الحنينة( الكنار يغرد حزناً)... (10) !!

    إسمع يا عمر:
    هذه المدينة تحملت كل زرايا وبلايا بنيها، لا أذكر إلا القليل والقليل جداً من رد صنيعها بجميل بل ومنهم من آذاها ومنهم من إتخذ موقفاً سلبياًمنها أي تضافر ضدها والأسوأ هناك من هؤلاء ، فئة عملت بالحكمة الصينية " لا أسمع، لآ أرى، ولآ أتكلم" !! .. وهناك العاجز الذي يريدأن يفعل ولا يقدر لظروف قهره من بعض المتنفذين ويداري عجزه بتبريرات واهية.. مدينة تذخر بالشياطين الخرس ، مدينة تضج وتعج بأهل الكلام لا الأفعال،. هذه المدينة عفيفة وتستعفف ، هي كالملاك الطاهر ، ولدت تحيطها هالة من العفاف وقوة التحمل.!!

    لقد مرت مدينتنا بفترات صعود للثريا وهبوط للقاع هذا نتاج المعاناة والتصارع من أجل لقمة العيش ؛ ففي زمن القحط أذلّ بعض الكرام من أهل مدينتنا من قبل الأراذل من الدخلاء؛ حفنة لا إنتماء لها أتى بها الطريق فنزلوا ضيوفاً على أهلها يومذاك ؛ ثم مكثوا واصطحبوا معهم ممارسات غريبة على قيم وعرف مدينتنا وأهلها ؛ ممارسات لم تكن تعرفها من قبل ، وفي وقت العسرة إشتد عودهؤلاء وقويت شوكتهم وكشروا عن أنيابهم ليغرسوها في جسد أهل المدينة الذين أصبحوا كالفريسة أو كالنطيحة والمتردية ، لا عجب أن يفرز البؤس من رحمه الفقر والفقراء ؛ هناك من وراء الفقر تولد مرحلة متدنية من رحم الحاجة والعوز ، ذاك المولود يسمى (الجريمة المبررة) ، جريمة تُرتكب لضرورة نتاج قهر الظروف الطبيعية، ليس هي بالإكتساب أو الغريزة ..
    كانت البلدة في أزمنتها الجميلة تتكافل في ظروف العسرة أما هؤلاء القادمون الجدد جاءوا لنا بممارسات قميئة إستغلت ظروف القحط والجفاف فما هان عليها أن يعيش الأكارم ببقية من الدم في شرايينها فآثرت إمتصاصه وما أرادات أن تترك للناس بقية من ماء الوجه فقررتت إعتصاره!! ومن رحم المعاناة يستلهم البشر الوعي الإنساني وإبداع أساليب مقاومة الظلم ..هؤلاء ماهم إلا لصوص ، حتى الغنى يسرق وحتى الكرامة تسرق من قبل هؤلاء من لا خلاق لهم حين تتغير الظروف والمعطيات لصالحهم يصبح الأراذل هم النخبة ، نخبة الفساد والإفساد، حين يصبح الغريب هو صاحب الدار يمسي صاحب الدار هو الدخيل.

    بدا على عمر الكآبة من جرّاء حديثي وكأنني قد لآمست وتراً في قلبه من ماضٍ حزين مجرد إجتراره يثير الغثيان ويصحي الألم المنسي ؛ ماضٍ مثل جثمان أكله الدود فلم يبقَ منه غير عظام بالية هي كل ما تبقي من كائنٍ إنسان ليمسى فقط مجرد ذكرى إنسان كان قد آثر دفنه ونسيانه في قلبه ، وعندما شعرت أن الجو بيننا قد ينحو نحو التراجيديا آثرت أن أعطه جرعة " مورفين " حتى أخرجه من حالة الحزن التي بدأت تدب وقلت له:

    أتذكر يا ابوعمير " قمر " تلك الفتاة الرائعة الجمال الحصيفة اللسان رفيقتنا الثائرة ، آهٍ على ذاك " القمر " الجميل الذي كان بنوره يسطع في سمائه فيضفي سحراً على على ارض مدينتنا، أذكر ما قالته في يوم من الأيام وقد كانت تمثل صوت الفتاة الثائرة المتحررة التي إنضمت للجبهة المعادية للإستعمار( الحزب الشيوعي فيما بعد) ؛ بعد أن نبذها مجتمع المدينة الظالم لكون أنها نتاج علاقة غير شرعية ؛ تلك فئة من مجتمع ظالم يترك الجاني وينشب مخالبه في الضحايا سواء الأم أم إبنتها؟!.. فئة من مجتمع يحلل للذكر كل مثالبه ويقف عند الأنثى وهي الضحية ملقياً عليها مسئولية فعلته وتبعة الغواية التي مارسها إما بسطوته المادية مستغلاً فقرها أو بالترهيب بما لديه من نفوذعلى المجني عليها. يومها إستمرأ الرجعيون إتهام " قمر" بالتفسخ والإنحلال والتحرر لمجرد أنها إنضمت للجبهة المادية للإستعمار، قررت سلطة المتنفذين أن تكون أمها ضحية فقد قرر الجيل التالي منهم إحاق الإبنة بركب الأم ووصمها لتصبح الضحية الثانية ، أتذكر كيف كنا نتعاطف معها وفي ذات الوقت كان لجمالها شفاعةً في نفوسنا كان جمالاً يخلب الأنظار ،كان جمالها وإكتناز جسدها الذي يحرك الرغبة الجوعى في نفوس الرهبان مضرباً للأمثال ومشتهى للرجال!! ؛ حينما تنكفيء ذواتنا على إبراز عيوب الآخرين تستيقظ في الآخرين رغبة المقاومة المجاهرة ، من أجل هذه المقاومة والمجاهرة إستل الفكر القديم التقليدي سيف الدين ليحارب به الفكر الجديد فبالدين والطائفية إستلبوا وعي الناس فصوروا أن هؤلاء المتحررون هم كفرة ملحدون!!

    كانت تتقرب مني وكنت أسوق عليها الرصانة؛بحسب بعضٌ من وسع إطلاع والتثقف والمثاقفة من نبع الإدب الروسي المترجم الذي كنت أنهل منه ؛ كنت يومها مثل "الأعور" بين "العميان" . ولا أظنك تنسى يوم كنا في الدار " مقر الجبهة " وكانت هي تناقشني في مصطلح " مشاع " وأن الرجعيين ينشرون من الأضاليل بأن "المرأة مشاع " بين الرجال!!.. وهل هذا ينطبق على والدتها؟!!

    قلت لها: إسمعي أن والدتك هي إفراز لفئة من مجتمع ذكوري يلبس عباءة الدين نهاراً ويمشي عارياً ليلاً .. ينهى عن الفحشاء والمنكر نهاراً جهاراً ويرتكب السبعة الموبقات بعد صلاة العشاء!! .. والدتك ضحية الجهل والفقر وموت الوالدين.. لماذا لم تسألي كل الذين ينكرون ويستنكرون ماذا قدموا لوالدتك يومذاك حتى تتجنب هذا المصير !!.. إسمعي يا رفيقة نحن نعرف جيداً من هو أبوك وإن تنكر ، وإن هو أنكرك فهذا يعيبه ولا يعيبك ؛ فيكفي أن والدتك برغم فعلته التي كان يتباهى بها وبفحولته وكذا بإفقاده عذريتها وعفافها ويفاخر يومذاك مثل كل رجلٍ بمثل هذه العلاقة إلا أنه إن تنكر لها ولحملها منه أوعدم إعترافه بك ؛ كل هذه الظروف قوّت والدتك فكافحت وقامت على رعايتك وتربيتك وتعليمك والآن أنت معلمة مليء العين والبصر .. إنسانة فاعلة في المجتمع قامت برد الجميل لأمها بأن صانته وكرمتهاا من ماضيٍ بغيض ليست لها فيه أي يد.!!

    أتذكر يا عمر حين تحولت" قمر " بالنقاش عن المشاع وفتحت باباً آخر للنقاش وكان حديثها يدور حول إن كان الفكر الماركسي يجفف ينابيع الرومانسية في النفس فيعبر الحب رفاهة يتمتع بها فقط البرجوازيين وليست الطبقات الكادحة؟ فقلت لها أكثر الناس رومانسية هم الثوار لأنهم يحلمون بما ليس في حوزتهم ويحلمون كيف يحققون أهدافهم بتحقيق المساواة وقهر الإقطاع!!
    أتذكر ماذا كان ردي؟! أذكرك به الآن:
    " إسمعي يا قمر، إن الرومانسية لا بد أن تحلي كل عمل وإرادة ، لا بد أن تجدي أن حول أو في وسط الأشواك زهرة ،الأشواك تحمي الزهرة وجمالها ولا تختطف أريجها، أنت مثلاً فتاة ثائرة وثويتك هي الأريج، و كذلك أرى فيك كل الجمال والأنوثة الطاغية والفتنة المتفجرة فإني أرى ذلك في ومض عينيك الذي أمضى من السيوف القواطع ؛ أن عينيك العسليتين همامثل سجادة خضراء بديعة وجميلة ، نتهجد في جمالك حين الجلوس عليها ، وفي عينيك ألقٌ نخشاه كما نخشي من حرارة الشموس فنخاف أن تحرقنا ، في عينيك الكون يتجلى والفرح فيهماعالم من الأمل !!..
    قولي لي: هل أجدت أن أتحدث عن رومانسية الإنسان لا رومانسية الثوار؟!
    قالت وقد علا الخدين حمرة خجل وخفر: الآن أنا أكثر تورية من ذي قبل.. أصبحت رومانسية .. أصبحت أتحلى برومانسية الإنسان وحالمة بفجر جديد تسود فيه العدالة بين بني البشر!!.. سمعت أنت تقرض الشعر الوجداني ما آخر ما كتبت؟
    - لا ضير سألقي على مسامنعك بعض من محاولة أرجو لها أن تكتمل وتسمى شعراً:
    أجلس واجف القلب أنتظر قدومك.
    وعيني على الطريق ترقب نورك.
    وكلما لآح ومضٌ خلت شمسك أشرقت،
    وأنْ أُخْدَعُ يقلقني مغيبك.
    حتى إذا أقبلت فاطمأنتْ خواطري،
    ودقّ قلبي فرحةً بمجيئك.
    خففتُ للقائك تسبقني لهفتي،
    فظفرت بعناق عودك.!!
    ولثمت الليل في دجى شعرك،
    وقبَّلتث الصباح على جبينك.
    وسكبت في صدرك أشواقي ..
    ورشفت ظمآنَ رحيقك؟!!

    ها يا " قمر " ماذا ترين هل يعتري الجفاف مشاعر الثوار أم همل الحالمون مثل غيرهم من بني البشر؟!
    صمتت ثم قالت : أذهلتني ..!!

    يتبع

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:11 AM)

                  

10-21-2009, 07:56 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)



    الشاعرة الرقيقة الأخت /هند

    سلامٌ على روحك الطيبة

    إغفري لي فلك العُتبى إلى أن ترضي فأنا لا أجد في جعبتي ما يكافيء تقريظك الذي هو إبداع ونميق .. أشكر لك بهاء مرورك وألق كليمات أهديتنيها كان لها أطيب وقع وقد تخيرت أقرب الشرايين للوصول إلى قلبي مثلما تحمل نحوكم من دفييء المشاعر.. مودتي واحترامي وتقديري
                  

10-22-2009, 09:30 AM

وصال عالم
<aوصال عالم
تاريخ التسجيل: 01-31-2007
مجموع المشاركات: 1940

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    ودائماً ما نهيم بين أودية الميعاد وثوانى الرجفة ,,,,,,
    الهواء دائما مايزكم أنوف الحروف وهى حُبلى بتقاسيم الذكريات ,,,,,
    والمجالُ ما فتئ يهاتف خلابا المكنون وفى جُعبتها ألف ســــــــــؤال ؟!!.

    وبرضووو منتظرين ..

    محبتي .....
    وصال عالم
                  

10-26-2009, 01:33 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: وصال عالم)

    معاناة المدنٌ الحنينة( الكنار يغرد حَزَزناً)... (11)!!

    بدأ عمر وكأنه يريد أن يخرجني من مسار حديث الأمس إلى مزاريب أخرى ، وأنا أيضاً لم أكن راغب في أن أواصل حديث الأمس في هذه الأمسية الجميلة التي بزغ فيها القمر مكتملاً وأن دعاش المطر الذي هطل غزيراً في عصر اليوم وأمتصت الرمال الذهبية كل هذا المطر في جوف الأرض وكأن حبيب يمتص لمى حبيبته فلا يترك منه شيئاً..إنه مساء جميل وأنيق تتلألأ فيه النجوم حول القمر ؛ وعليل النسائم التي تهب جنوباً تسكرنا بغير راح.!!

    آهٍ يا صديقي أتسألني ماذا تعني لي الأنثى ؟.. وماذا يعني لي العشق ؟.. وماذا تعني لي القبلة ، أظنك تريد أن تجرني إلى الماضي حين سئلت هذه الأسئلة في الليلة الثقافية التي أقيمت في نهاية الستينيات في نادي(.....) ونحن إذ نتذكر ما مضي ونحن الآن في ب. داية النصف الثاني من العقد الثامن؛ أتذكر يومذاك وقد أَمََّّ تلك الليلة الثقافية معظم ألوان الطيف السياسي وشتى ضروب الثقافة والآداب أتذكر ؛ ما أن أبديت وجهة نظري حتى إنبرى من يهاجمني وينعتني قائلاً: (أيها الملحد الكافر الآبق الزنديق ؛أنه لو كان هذا البلد يحكم بالشريعة لكنا قد أقيمنا عليك الحد . وقد كانت صدمتي كبيرة إذ كنت قد تعمقت في الموضوع من وجهة نظر صوفية بحتة ويومها أدركت أن مثيرين لا يمكنهم إدراك الباطن وربما إنتهجوا نهج الظاهرية رغم إنكارهم له. ولكن لا بأس من أن نستعيد ما قلته يومذاك:

    أتذكرأنني قلت عن الأنثى في إيجاز شديد:
    الأنثى هي الباب الذي نعبر منه إلى عالم الموت؛ أو إلى عالم الحياة الخالدة. فحواء حلبة قتال هي، والحياة والموت يدخلان فيها صراعاً لا رحمة فيه. وهذا واضح من عملية الحمل والأمومة وإستمرار النوع.
    ثم أردفت قائلاً:
    " دعوني أحدثكم عما معناه:أبعد من إتحاد الأجساد، ثمة اتحاد الأرواح ، فإختبرا هذا الإتحاد وعيشاه فيوحدكما الحب مع سيمفونية الحياة.
    وهذا يقودنا إلى التحدث عن وحدة الأرواح والأجساد لأن حواء خُلقت من ضلع آدم أي أنهما في الأصل واحد.

    أما عن العشق فإني أقول إن العشق إفراط المحبة .. والمحبة سبب إتصال الأشياء.. وفي حال الإفراط في الإتصال ؛ لا يكون هناك ما هو أقوى من الإتحاد الذي يصبح الإثنين من خلاله واحداً.. وتحقق روح الكائن الحي ما تريده الروح للجسد؛ الذي هو أداة الروح البشرية على العشق ، الذي هو إفراطٌ في المحبة ، التي هي سبب إتصال الأشياء. وعلى هذا النحو تهفو الروح ، بمساعدة إفراط المحبة ، إلى تحقيق أقوى أنواع الإتصال المطلق؛ إذ أن إفراط المحبة هو سبب إفراط الإتصال، هو أقوى تحقيق لها.حين ينقص الروح التبادل الحقيقي الممتزج فإنها تتوق إلى وحدة الأرواح؛ إمها تسير وراء رغبات المحبوب وما هو مُفَضّل لديه لتتفق معه في تشوقه وتساعده في ذلك؛ حين تشارك روح المحبوب في حبها الذي يصبح ممكناً من خلال إرادتها. عندئذً حين ترغب روح المحب أن تحصل على محبة المحبوب ح وتكون روح المحبوب، بفعل تأثير رغبة روح المحب ، مستعدة لمحبة روحه ، تصبح الروحان كروحٍ واحدة ، بما أنهما اتحدتا من خلال الإنسجام.

    أما القبلة ففي رأيي هي نتيجة لسبب، إن السبب الذي من أجله ؛ حين يقابل المحب حبيبه ؛ يضغط فمه على فم حبيبه ، يحاول أن يدخل لسانه إلى فمه ويستمر في تقبيله ويضمه إليه هو:
    تتوق الروح إلى الإتحاد مع المحبوب ككائن حي. ولن تستطيع فقط أن تجد مدخلاً من الخارج إلى الداخل من خلال الجسد الذي يستمد من الروحتنفسه ، الذي يبقى على قيد الحياة وكيان القوة الحيوانية التي هي تنفس الروح، ويبعد عنها كل ما يؤذي الروح. وما من منفذِ من هذا النوع أفضل من الفم والأنف اللذان يوصلان الهواء إلى القصبة الهوائية ، إذ أن المداخل الأخرى التي تبقى بعد ذلك ، هي المسام الرقيقة ، عند جذور الشعر,
    ومن ثمّ ؛ تشعر روح المحب أنها مشدودة إلى الفم وتقبله كما تستنشق من خلال الأنف الهواء الذي يزفره المحبوب. ذلك الهواء الذي مذ لحظة على صلة بطبيعة وقوى روحه . وذلك الهواء وذلك حتى يتحد الكيانان.، وتتصل القوتان .أما إدخال اللسان في الفم، فإنه يعني أن روح المحب تحاول أن تتغلغل داخل المحبوب ، وتصل إلى أعماقه. ومن خلال جذب المحبوب وضمه ن فغنها تحاول ان توحد جسدها بجسد المحبوب. كي تمتصه عن طريق المسام ، حتى لا يكون هناك شيء بين الجسدين يمكن أن يفصل فيما بينهما ويعوق إتصالهما وينهي وحدتهما.

    أرجو بعد مرور عقدين من الزمان أن لا يأتي من يطالب بإقامة حد الفسق والفجور عليّ فلربما أن رأيي فلسفي أكثر مما يمكن أن يستتر بكلمات مقعرة لا تفي بالمعنى وسهولة إيصاله للمتلقي ..
    يتبع

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-26-2009, 01:35 PM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:13 AM)

                  

10-26-2009, 01:45 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: وصال عالم)

    الأديبة الأريبة والشاعرة الرقيقة

    الأخت/ وصال

    سلام على روحك الطيبة

    أنت نجمة الحرف التشرينية لذا فأنت تحملين في أناملك الخضر ميزان العبارة الأنية المموسقة.. وقد من عينيها في كفة القصيدة باقات الريحان وقد وضعت في الأخرى عاشقها الإنسان.. .. الود هدية الفرح الذي تولد فيه الكلمات تماماً مثل البحر تولد منه الأمواج .. الأمواج تعلو وتعلو حتى تصبح للشكر رسولاً .. تزداد هذه المساحة بإطلالتك ألقاً أيتها النفس الأريحية الكرمة
                  

10-27-2009, 01:49 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    [red]
    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزنا)... (12) !!

    يا صديقي ها قد جئت عائداً بعد طول غياب ، جئت أحمل فوق وعلى قدمي غبار غربتي وأحزانها.. تصور حتى الفرح في الغربة هو نوع من الحزن، وعدت وكأنني عائد كما عاد اليهود من بني إسرائي من وإلى أرض التيه( الديسبورا)؛ أحمل شوقاً حزيناً وحنيناً للأرض والأهل والخلان .. هذه المدينة من حصالها العجيبة أن تجتمع فيها المتضادات وتتعايش في تجانس وتناغم منقطع النظير. ربما لأن سرهاهو أن لها طعم ومذاق خاص لا يكتشفه إلا من إنتمى إليها.

    إن أجمل ما يميز ليالي هه البلدة لياليها القمرية حيث تجتمع الشلل على ضوئه تتقارع بنت "عناقيد النخيل"؛ أتذكر صديقنا الذي كان يكبرنا ذاك الشاعر الحالم الرقيق الذي تخرج من كلية الحقوق وعمل قاضياً ثم محامياً ثم وكيل نيابة ثم إلتحق بالقضاء العسكري حينما كنا نحتفي به عند زيارته في الإجازات ، أتذكر تلك الليلة التي خاطبني فيها وهو الشاعر المرهف الرقيق الذي ملك ناصية الكلمة وطوع قوافي الشعر قائلاً إن قصيدتي في مناجاة القمر تستحق من القمر أن يقربني منه وقد كتب على لسان القمر يخاطبني : أيها الشاعر الذي سحرتني كلماتك عني أنا هالة شعاع تنير دروب النفس والقلب ،اطل على الدنيا المظلمة فأغسلها بهالة من شعاع لا تدرون ماهيته ايها البشر، أنا حارس الليل وحافظ آهات المحبين في صفحات جبيني. اسطرها وأرسلها لآصحابها رقيقة رائقة كمياه النبع الصافية من تلال القلوب .

    أنير جلسات التائهين بنور لا تعرفه الشمس ولا النجوم ولا تراه العيون ولا تذوق حلاوته الا حروف الشعر المجنون ولا تطاوله اقلام الشعراء أنا أعانق المتعانقين ،اسقيهم من أكواب شعاعي المنساب عبر السحاب كرحيق الشفاه على الخدود كالعناب . تنسكب الهالات من نور وجهي تنسج اسرارا خفية من اماكني العلوية وتحيط اعناق المحبين بعقود الياسمين الفمري الذي لا يذبل ولا يتلاشى اريجه زرعت في كل العاشقين غصون مواساتي أوأزهار سروري لهم .اهمس لهم ومن همسي يتهامسون ومن لفتة وجهي تتورد وجوههم بالأمل انام بعدما ينام العشاق وأصحو مع هروب الشمس إلى نهاركم المتآكل لآعطيكم باقات من ليالي الصفا والوفاء ومعسول اللمى عند اللقاء

    أين أنت ياشاعري إن إجتمع هالة إشعاع نوري وجمال الطبيعة في الرياض والبساتين الجميلة ةتغريد العصافير يصبح الكون أجمل والعشاق أكثر رومانسية ولكن ما أعجبنا نحن بنو البشر ؛ هاك مثلاً التفاوت في سلوك البشر فإن كان كان هناك عصفور جميل يقف فوق شجرة ويغرد بصوت جميل ومر على هذا العصفور عدة أشخاص , عسى ماذا سيفعل كل منهمبه وفق ما بنفسه من هوى ؟ ربما يغني العاشق مع العصفور ويطرب لصوته .. فلربما آخر يستشعر إبداع وقوة خلق الله فيقوم بعبادة هذا العصفور وتقديسه ، وربما آخر يرقص على أنغامه وثالث ربما رسم له لوحة جمالية وربما هناك من يفكر من يصطاده ليأكله أو آخر يطلق النار عليه فيرديه قتيلاً !!
    أهٍ يا صديقي ليتني ما نبشت كهف الذكريات لتخرج لي منه أشباحاً تؤرقني وحين دعوت الليل ليستريح على صدري، ويلقي بظلمته الموغلة بالمجهول والغموض بأعماق ليل عمري وعتمة دربي، ضحك، بسخرية واستهزاء، واخرج من أمعائه المغطاة ببياض ناصع يذهل العين ويخطف البصر لسانا متقدا بفوهات بركانية تسيل من أحشائه إلى أحشائه، واندفع يشكل ملامح الساعات ببريق جهنمي الطلعة، وسالت منه روائح نار زكية، روائح حشائش دستها في طفولة عمر تقضى بين أحضان التلال الرملية والجبال التي شُبهت بنهود الصبايا والسهول المترامية والربى الخضر.

    أتذكر يوم أولم لنا صديقناإبن ناظر القبيلة المشهورة بجمال غيدها، ذاك الشاب الذي كنا نداعبه ونقول له: مع أنك تحب أن تبقى على عذريتك لكنك لا تخلو من نجاسة يومهاقال لي أن هناك فتاة إباحية اللسان والمنطق دعوتها أريد أن نسمع جميعناماسيدور من حوار بينكما ونحن لن نتكلم .
    يومها قلت موجهاً حديثي لها بلغة بلاغية فيها التورية والتضمين والغرض كان أختبار بديهتها فقلت :صدرك صغير، غير مكتمل النمو، لا يتسع لفراش السهل، بل لا يتسع لبيت نمل في جبل، ولا يتسع لجذر نرجسة تسكن ربوة من ربى الأرض التي تعرفك ولا تعرفها، وأنا، أطول منك ،ولدي ما هو ممتد، من حد جسدي ، إلى حد الآخر، كبيرأنا ، أقرب من حدك ، إلى حد السماوات، ثقيل، لا تسعني لأرضك، ولا تسعني شمسك، وأنت القمر الذي قد يعلن عجزه إن لم تسعفك بديهتك لشرح مقاصدي وصدرك الصغير الصغير سيضيق أكثر، تنحره حبة عتمة، ثم بدأت أنشد قصيدة صفي الدين قالت" كحلت الحلي "وذلك عندما أخذ جمالهابتلابيبي وخلب لبي وهو ما لم أظهره لها بل إنتقصت من صدرها الناهد لأستثير حميتها:

    قـالـت : كـحلت الجفون بالوسن
    قـالـت : تـسـلـيت بعد فرقتنا
    قـالـت : تـشـاغلت عن محبتنا
    قـالت : تناسيت ، قلت :عافيتي
    الت : تخليت ، قلت : عن جَلَدي
    قـالت : تخصصت دون صحبتنا
    قالت : أذعت أسراري ، فقلت لها
    قالت : سررت الأعداء ، قلت لها:
    قـالت : فماذا تروم ؟ قلت لها:
    قـالـت : فـعين الرقيب تنظرنا

    يتبع...








    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-31-2009, 09:30 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:20 AM)

                  

10-31-2009, 10:57 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)


    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يُغرِّد حَزَنَاً)... (13)!!


    أليل الليل وقد لعبت بعقولنا بنت العناقيد وتهاوينا وأسبل الليل ستره علينا.. وكان " الشرتاي " قد أخذه الوسن فغط في نومٍ عميق وأما العم الشاعر قدظل ساهراً وقد قال لي في الصباح :
    - تعجبت لإباحية هذه الفتاة التي تسرق النوم من الجفن.. أما كان الأحرى أن تكرم بها عمك فتشعل نيرانه التي خمدت منذ زمن ؟! ..
    ضحكنا وكنا نتناول شاي الصباح وما زال أثر بنت العناقيد يراوح عقل المحتسي في خدرٍ ونشوة زائفة. كانت مجالسنا هي الأنس والبوح والشعر والإخوانيات والصداقة والوفاء وكانت دائماً ما يزينها الغيد والحسان وحبذا إن كن متحدثات لبقات أو شاعرات مجيدات.. وأذكرك ياعمر بتلك الصبية الحسناء ذات الحُسن الناطق (.....) التي يتوافق إسمها مع حُسنها ؛ كانت حوراء ، كحلاء، باهرة الجمال وهي تلك التي داعبتها في معيتك لو تذكر حينها كنا في شرخ الشباب وعنفوانه ؛ أتذكر حين سألتها الوصل في تضمين هي تدرك فحواه بحدس الأنثى فقلت:

    -(إن كان ذلك ممكناً)؟!
    فردت في سرعة بديهة ودعابةً في عينيها:
    - إن كان المستحيل رجلاً فإنني لم أقابله!!
    وتساءلتُْ وأنا أرى أن الدعابة تقفز من حولها:
    - إن كان الممكن ما أريد ، أم أن المستحيل مرادي؟
    ولم أجب على تساؤلها ، لأنني لم أكن أعرف!!

    قالت لي : يقولون عنك أنك مثل ذواقة الخمر الذي وظيفته أن يتذوق الخمر ثم يلفظه ، يقولون أنك تتذوق كل فتاة ثم تلفظها، فهل هذه مهمة إخترتها لنفسك أم إختارتها لك العناية الإلهية أم عقدة نفسية نتيجة أحداث ترسبت في اللآوعي؟!، أنا لا أنكر أنني معجبة بك ولكني أخافك!! ما زلت أتذكر يوم قابلتني ووأطريت على جمالي فأسكرتني حتى كدت لا أملك قيادي، يومها قلت لي :
    - لم تشاهد مثل هذا الشعر الأسود الجديل ولا حور العينين ولا تفاصيل هذا الجسد البديع وفما أجملك وأنت ترتدين هذا "الثوب" وبه تلك الورود الزاهية الجميلة التي تحلى بها لقد تشرفه جمال مثل جمالك أن يزدهى به حين تشرف بك فلبسته!!
    لم أفطن عندها لما قالته لي في تمعن وكان هو الجد نفسهوهي تعني ما تقول ولكني قد ظننته دعابة أحسبها :

    - إن وراء جمالي الطاغي قوة لا تقاوم فما أدراك أنني لم آتِ لأنتقم لكل من تذوقتهن ولفظتهن؟!
    - لقد غلبني أمامك لساني الفصيح ، ذاك الذي يقول ويفعل وأخاف أن يقال عليّ أنني أدمنت نوعٌاً واحداً من الشراب ، ورغم ذلك فأنا أعلم مدى الخطر الذي تمثلينه عليّ ولكن عليك أن تتأكدي أنني لن أستجديك أبداً ، حتى وإن أبديت كذباً عدم الإهتمام وسأظل بالنسبة لك مثل كأس لا يمكنك أن تتذوقيه ولا يمكنك أن تلفظيه وأنا دائماً أراهن على الوقت والزمن لأني صبور صبر أيوب ومبدئي ان الأمنيات الثمينة ليست سهلة المنال إلا بطول الصبر فنيلها يتم!!

    تخيل لي يا عمر ، يوم غادرت هذه المدينة المدهشة - منذ عقدين ونيف - أن شمسها يومذاك لم تسطع في ذاك اليوم ولم تتوسط السماء في الظهر ولم تسقط في بحر الغسق عندما تميل الشمس إلى الغروب ، لم يؤذن الديك في الفجر. كان ذاك اليوم شحيح فلم يغن فيه أطفال المدارس نشيداً .. لم أسمع نساء المدينة يزغردن وهن ذاهبات للحقول.. لماذا فقدت الدنيا معناها في هذا اليوم؟! أين يكمن السبب؟ أم أنه بسبب الأعزاء الذين سنغادهم وغير متأكدين من أننا سنعودلنراهم ثانيةً؟! .. لا أدري ربما مشاعر مخفية في أغوار النفس الحزينة؟! أم في أمور أخرى أخفاها الغمام الذي يغطي سماء المدينة فيكسوها بهالة من حزن ؟!

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 10-31-2009, 11:21 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:38 AM)

                  

11-04-2009, 09:01 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مدينتي، الأسى و العُّزلةُ و الحِّيلُ (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    كما وعدتك يا...
    فلك
    وسأعمل على توزيعها كما ينبغي هناك
    بـ:
    ليس ثمة شيء
    فلك قراءتها بشكل أوضح
    مع خالص...



    مدينتي، الأسى و العُّزلةُ و الحِّيلُ

    حشدُّ الأسى

    فاتِحةُ الحشدِّ
    لا يستريحْ...
    قد كَلّ هذا الذِهنُ،
    من أنفاسِ نفسٍ تحتسيهِ...
    وتمدُّ في حدِّ الظلامِ دخانهِ،
    وأظنها لما تنتشي/
    قسراً...
    تلمّ شذاهُ،
    وتدفعُهُ إلى قصبِ الأسى...
    وتذَرُ في ريقِ المدى:
    تميمةَ نارِهِ...
    يا نفسُ اِتحدي وقلبَ الطِّفلِ،
    في عقلٍ تشتتَ أنوارُهُ،
    واقتادهُ:
    سِرٌّ من الأسوارِ،
    ركّبَ مخرجَهُ...
    واستباحَ ليلَهُ ونهارهُ.
    نحيب
    أراكَ يا جِدارُ،
    تمشي بداخِلِكَ الأسرارُ،
    والهمساتُ العابِرةْ.
    وحين يجِنُّ ليلُكَ الكئيبُ
    -لعفونةِ المدارِ-
    ترتاحُ من بعضِ السّيرِ الغابِرةْ.
    ومثلك...
    يصطادُني الصّحو بالوساوِسِ،
    تخدشُني العَبراتُ الحائرةْ.
    الاحتشاد
    سِرنا بقلبِ البحرِ،
    كي يفضي بِنا بالصّدرِ،
    فصَادنا:
    ريحُ القهرِ...
    وأوردنا عاثِرَ الحظِّ الميلُ...
    مُدنٌ تلفعتْ بالجدلِ،
    اصطفتْها الضغائنُ،
    غطى بطنها الليلُ...
    النبع
    في بلدتي...
    تستلقي الألوانُ على الثرى،
    ويستريحُ الهديلُ
    -كُلُّ ليلةٍ-
    بطرفِها الكحيلْ.
    وببلدتي...
    ينعسُ السِّحابُ،
    ويستعيدُّ وعيَّهُ:
    العليلْ.
    وببلدتي...
    تجولُ أُمي حافيةَ الوجلِ،
    يبلُّ جسمَها الأملُ،
    وينطُّ لهيبتِها:
    القتيلْ.
    ولبلدتي...
    أُقسِّمُ أشواقي،
    تطُوفُ...
    وتبيتُ
    -إذ يهدها التعبُ...-
    بحِجرِ أُمي الظليلْ.
    وببلدتي...
    بلَّ روحي الولهُ،
    فاستفاقتْ من سُباتِها الطويلْ.
    وببلدتي...
    أرقتني المسافاتُ،
    كلما بلغتُ قصيّاً في الجمالِ...
    قِستُ مدىً
    -لا أعلمُ مداهْ،
    بيني،
    ومن يمنحُ الشيءَ الضئيلْ.
    وفي بلدتي...
    تهدأُ روحي/
    إذ تمسّها السكينةُ الضاجةُ،
    فتتنسمُ الحُبورَ،
    يلفُّها العديلْ.
    بلوغ
    لكنما تقاطُعُ الطُرقِ،
    أنهكّ خاطِري،
    وشقّ في ظلامِ الأسى دربي،
    فتآزر النحيبُ واليأسُ،
    والعُمرُ العجولْ.
    وبينما بأحلامِ الصحوِ أُشيِّدُ المنالَ،
    من صلصالِ الخيالِ...
    تختبئُ المفاتيحُ،
    يتلقفُني حشدُ الأسى الملولْ.
    30/9/2007م
    مدينتي تتدفأُ بالعُزلةِ
    لأنها كبناتِها...
    تحترقُ بالرّغبةِ،
    ولا تمنحْ من يهواها:
    قُبلةَ المحبةْ.
    وكمثلِ سائرِ النساءِ
    -في بِلادي-
    تُسافِرُ ليلاً،
    في موكبِ الشهوةِ المهيبِ،
    إلى أطرافِ البيتِ،
    كمثلهن...
    تتلفحُ بالخصبِ والنضارِ/
    بالصندلِ والدخانِ،
    لكنها...
    تفتحُ فخذيها بأولِ النّهارِ،
    فيغزوها الهمجُ والتتارُ،
    ممن يحلمون،
    بكسرِ أطواقِها الرّهيبةْ.
    ولأنها ترضعُهم ما يشتهون،
    من خيراتِها الكثارِ...
    فيتحلقون بمطعمٍ أو مقهىً،
    يثرثرون ويعلِكون،
    وحبذا لو استمالوا أحدَ الأخيارِ،
    لدسِّ ما يحملون من أفكارٍ كسيحةْ.
    لكنهم...
    -وكدأبهم-
    مثلما أتوا،
    يخرجون...
    إلا ببطونٍ معبأةٍ،
    بالعدسِ و (الجقاجِقِ) والفولِ والطعميةْ.
    والسُّوقُ في مدينتي،
    يُعقدُ في الأسبوعِ مرَّتان،
    فيؤمهُ:
    الدلالون والكذابون والعاشقون والمتسكعون والأراملُ والدجاجُ والحمامُ والكلابُ السائبةْ.
    يفترشون أرضَهُ المُباحةَ،
    ويلعلعون مِلءَ الاستقطابِ...
    بينما عيوننا بحذرٍ ودهشةٍ وضحكاتٍ مُتفجِرةٍ،
    تطلّّ من بعيدٍ،
    لمناظِرِهم البائسةْ.
    وكأننا كُنا في سِعةٍ،
    والعوزُ يلكزُنا...
    وخلفنا أمهاتٌ ينتظرِنَ:
    السِلعَ البائرةْ.
    حِيلٌ بيضاءٌ لعتقِ طائرٍ في عُنقِ الوردِ
    +++إلى عصافيرِ الإشاراتِ: روح الطائر و جناحيه+++
    رونقُ البدءِ/الوجد
    (يقول الطائرُ: يا جهلي، أجهلُ أين ستفضي بي؟)
    لا ينخفضُ سماهُ،
    يخشى أن يتبعثرَ عذبُ الوجدِ:
    بشُرفِ الشهدْ.
    يمضي مكسّوراً
    –في هدأتِهِ-
    يتشظى من وطأةِ شجنٍ مُحتدمٍ،
    ينتفِضُ لأقصى المدّْ.
    لا ينسى أن يُفلتَ بفضاءِ البهجةِ،
    زقزقةً،
    يُغلقَّ عينيهُ...
    ويخطَّ قياماً عبر السِحرِ المُنسدلِ الممتدّْ.
    يموتُ مِراراً،
    كي يجترَّ رحيقَ الإيقاعِ المفتولِ...
    ويمطرَ جمرَ الروحِ:
    بشجوِ الشجنِ المحتدْ.
    رقصةُ الطائر
    يرقُصُ...
    ما مِن شُرخٍ في خُطواتِ الطّيرِ،
    جِناحا حِجلٍ حملا عُرسَ البهجةِ،
    واستاكّ الصّمتُ...
    - برقتْ أوقاتُ الضوءِ،انهزمتْ حِيّلُ الليلْ-
    ....يُغرِّبهُ...
    في شهدِ الشفقِ،
    الوترُ،
    يُهطِّلَ عينَ السعدِ...
    ويشدو:
    شدّ سديمُ البدءِ عُواءَ الطَّرقِ،
    وأغفى السأمُ بكفِّ الويلْ....
    يشربُ:
    ما مِن حَيلٍ/
    حَلٍّ،
    يخضلُّ حدّ الوجلِ،
    يحاصرُهُ:
    موجُ النّزقِ،
    وشقشقةُ الميلْ.
    نقشُ الخميلة
    من جرداءٍ تتسامى للسفحِ،
    هطلتْ...
    وتمشتْ كأريجٍ في روحِ القلقِ.
    ما مِن خفقٍ يمنحُ ريقَ المُختلِ:
    زِحاماً...
    يتكدسُّ خبراً في شبْقِ الورقِ.
    يا من ضختْ أقصى الرّيشِ ربيعاً،
    ما أشقاه...
    هذا الخفقُ خميلةْ،
    لكن الرُّوحَ سديمُ النّزقِ.
    عتبةُ الشقشقة
    في إشارةٍ إلى ثلاثةِ عصافِيرٍ تُنقِّرُ أوردةَ الطائرِ،
    فينتشي قاعُ الدّمِ...
    تنثُرُ وردةُ الحُبِ عِطرَها،
    فيتشّققُ من الظمأِ
    -على ريقٍ مُبتلٍّ-
    سقفُ الفمِ.
    لكأنهم أطيافُ عِشقٍ وشذى،
    أو كواكبٌ تُرتّبُ خيالَ جامِحٍ،
    ريشتُهُ السِحرُ،
    ألوانُهُ المدى،
    ورعشتُهُ ابتكارُ الحُلمِ...
    لكأنهم...
    "لأنهم قُبالتهُ،
    وقِبلةُ احتمالِهِ"
    يفِضّون حناياه،
    يضمدّون غابَ الألمِ.
    قيامةُ الرُّوحِ
    المارِقُ من نزواتِ الموتِ،
    يزرعُ أرضَ البؤسِ شُهبا/
    .... فما أشقى عينُ اللَّيلْ....
    ما غطى الطائرُ حُرقتَهُ...
    أو دسّ بحِممِ الرُّوحِ،
    وجسدِ التوقِ،
    بقايا حَيلْ.
    إذ ذاك الويلُ...
    جادْ نسيمُ الشوقِ،
    بالثملِ...
    وانساقْ كمطرٍ في أرضٍ،
    يسدُّ الرّمقَ،
    ويوفي الكيلْ.
    وإذ ذاك الويلُ...
    ما أنبلّ هذا الرحِمُ،
    غطى بالحبقِ بابَ القلقِ،
    وشرعَ يردُّ الرُّوحَ،
    بضحكاتٍ بيضاءٍ تنسابُ كما السيلْ.
    وإذ ذاك الويلُ...
    هرعْ الطائرُ في الطُرقاتِ/
    يرهفَّ،
    علّ المطرُ يصبُّ يقيناً:
    أغنيةَ الميلْ.
    رُقيّةٌ للقتيلِ
    لأن الرُّقيّةَ من ريقٍ مشقوقٍ،
    تشقُّ دُروباً مُتقنةً في جسدِ الطائرْ...
    والشمسُ كإعصارٍ أعمى،
    تتشحطُّ في النظرِ الحائرْ...
    شدّ الوقتُ سِتارَ الحُلكةِ،
    والطائرُ،
    في وكنِ الشوقِ/
    شحيحاً،
    يحثَّ رياحَ الوجدِ:
    قطفْ القلبَ الثائرْ...
    عتق
    " الدمُ يتشتتُ كماءِ الخريفِ في كمدٍ،
    بينما صفقُ الرُّوحِ
    –يابِساً-
    يُصفّقُ...
    يسقطُ حذا الدمعِ،
    ويغيبُ في البدّدْ...
    تقولُ:
    ما مِن أحدْ...
    أنتَ الذي استملتَ سلةَ الجسدِ،
    واشتبكتَ...
    فلا يدركنّ مُسرِفٌ،
    بأيِّ جنبٍ تلَجُّ ريحُ الأبدْ.
    وما مِن أحدٍ،
    ما مِن أحدْ!!
    قُرابةُ تحليقٍ،
    والتفاتةٍ،
    شاكستْ قوائمُ الطائرِ الهواءِ،
    وأمسكتْ نبوءةَ العرافةِ،
    وبللتها في المسدّْ....
    وما مِن أحدٍ،
    ما مِن أحدْ.
    قطفْ الطائرُ حيرتَهُ،
    فمن مِن هُناك يرتقُّ الوجلَ،
    ويسرِبُ للطائرِ وشاياتٍ:
    أسمكَ وحورَ عينٍ في صدرِ الحنانِ...
    يتزلزلُ تحتهُ المكانُ،
    ويسقطَ من الفرحِ المجنونِ
    فمن.......
    وما مِن أحدْ.".
    شهقةُ الخُروجِ
    " الطائرُ من شقشقةٍ يكبِّتُها...
    ما ارتطمَ بشقِّ الشمسِ قُشورٌ رصدتْها:
    حِيلُ الشوقِ "
    8/9/2007م
                  

11-10-2009, 11:28 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مدينتي، الأسى و العُّزلةُ و الحِّيلُ (Re: بله محمد الفاضل)


    معاناة المدن الحنينة ( الكنار يُغرِّد حَزَنَناً).. (15)
    الرد جزء من سردية معاناة المدن الحنينة:

    يا صديقي ليكن الترياق من السم الزعاف:


    Quote: مدينتي، الأسى و العُّزلةُ و الحِّيلُ
    حشدُّ الأسى
    فاتِحةُ الحشدِّ
    لا يستريحْ...
    قد كَلّ هذا الذِهنُ،
    من أنفاسِ نفسٍ تحتسيهِ...
    وتمدُّ في حدِّ الظلامِ دخانهِ،
    وأظنها لما تنتشي/
    قسراً...
    تلمّ شذاهُ،
    وتدفعُهُ إلى قصبِ الأسى...
    وتذَرُ في ريقِ المدى:
    تميمةَ نارِهِ...


    لا عليك صديقي بلة
    لا سلام إلا على روحط المُسَهَدة
    لا سلام ، فمفتتح الرمزية " كفر "


    حينما قرأت رمزيتك بكيت بحرقة، حين أطبقت على صدري تلك الدهشة الممزوجة بألم خفي من وقع الكلمات. كان ذلك في الصباح التالي، فقد ولجت الباب الخارجي لعالمي المهتريء بنزق كعادتي… عدت لأجد عكس ما توقعته من أنك لم تواسيني لفقدي كل مسببات سعادتي التي وهبتني لها مدينتي وكنت أشبه بالشامت الذي يعني من نفس جذام الغربة كأن لسان حالك يقول : كيف تتقطع أوصالي وحدي وشماتة وكأنك تقول: أنني لم أكن أدرك قيمة مدينتي لذا هاجرت ؛ وها أنذا اليوم أعود أبكي ما فقدت؛ ولخيبة أملي وجدتك بجواري تبكي وقد تجردتَ من مشاعر شماتتك بي ؛ لذات التجربة وبمرارة ؛ مرارة شعوري ترجع لأن الصور تترى أمامي؛ لقد فقدت تلال الرمل الذهبي ونبات “الليف” المتسلق من حول " راكوبة " كنا نُقيِّلُ تحت فيئها ، نظرت حولي في دهشة… بحثت عن الشارع الوحيد المرصوف والذي يقودنا دوماً لمقهى ” المليح“… فلم أجده ولم أجد هناك ممن إرتاده في لحظة وصولي أحدٌ أعرفه و ونظراتهم يبدو منها وكأنهم يصفعون دخيلاً؛ وهي التي كانت تعج يومذاك بنخب الثقافة والعلم والسياسة من الأصدقاء والأقرباء والمعارف .. اليوم هي قاعاً صفصفا إلا من " مساعدي اللواري" .. فارغة من كل أصحاب الفكر والمباديء والأدب والشعر والعلم … مقهى المليح تم ظلاؤه لكن بلون عجيب وغريب مستهجن، لم أعرف له إسماً، كيف أعرف ، وأنا الذي لم أعرف أحد من رواده الأن اللهم إلا صاحبه الذي إنحنى ظهره وشاب رأسه؛ وأخذ " المليح " يرمقني يحدق وينطر إليّ في أسى وكأنما نحن سوياً نلعق حسرة على أيام زمن ٍ جميل ولَّى!!

    Quote: سِرنا بقلبِ البحرِ،
    كي يفضي بِنا بالصّدرِ،
    فصَادنا:
    ريحُ القهرِ...
    وأوردنا عاثِرَ الحظِّ الميلُ...
    مُدنٌ تلفعتْ بالجدلِ،
    اصطفتْها الضغائنُ،
    غطى بطنها الليلُ...
    النبع

    في بلدتي...
    تستلقي الألوانُ على الثرى،
    ويستريحُ الهديلُ
    -كُلُّ ليلةٍ-
    بطرفِها الكحيلْ.
    وببلدتي...
    ينعسُ السِّحابُ،
    ويستعيدُّ وعيَّهُ:
    العليلْ.
    وببلدتي...
    تجولُ أُمي حافيةَ الوجلِ،
    يبلُّ جسمَها الأملُ،
    وينطُّ لهيبتِها:
    القتيلْ.
    ولبلدتي...
    أُقسِّمُ أشواقي،
    تطُوفُ...
    وتبيتُ
    -إذ يهدها التعبُ...-
    بحِجرِ أُمي الظليلْ.
    وببلدتي...
    بلَّ روحي الولهُ،
    فاستفاقتْ من سُباتِها الطويلْ.
    وببلدتي...
    أرقتني المسافاتُ،


    رغم كل حنقي وغضب قلبي عليك - إلا أنني سأحتمل مشقة تشكيل ما أكتب بقدر ما أستطع فليست لدي قدرة " الزين الشفيع " - لكِنّي ا‘ترف لك بأنك شَّاعِرَ حَقَّ، قَادِرٌ عَلَى الْحَفْرِ الآنَ فِي زَمَنِهِ المُسْتَقْبَلِيِّ ليحكي الماضي ، وَ بِهذَاأَيْضًا، نؤَكِّدُ الإِقْرَارَ، أَنَّك شَّاعِرَ وكَائِنٌ رُؤْيَوِيٌّ مُسْتَشْرِفٌ قَادِمٌ مِنْ زَمَنٍ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مخبوء في مخباة هي جوف الماضي كونه رهن التعتيق إن لم يكن قد تعتق بعد ، برَغْمَ أن مَكَانِهِ الآنَ هُنَا ؛ لأنني أكتب عنه، وَأنا دَاخِلَ شرنقة الذكريات وأنت ربما في يرقتها، أنت عضـضُّت عَلَى قَصِيدَتِك بِنَوَاجِذِ اللُّغَةِ، غَارِزًا إِبَرَ أَسْئِلَتِك الْرمزيَّةِ فِي لَحْمِ عَافِيَةِ الْحَوَاسِّ والمشاعر الإنسانية لمهتجر عاد من رحم الحسرات من غربة بدأت بنهش العظام بعد أن أكلت اللحم.

    Quote: المارِقُ من نزواتِ الموتِ،
    يزرعُ أرضَ البؤسِ شُهبا/
    .... فما أشقى عينُ اللَّيلْ....
    ما غطى الطائرُ حُرقتَهُ...
    أو دسّ بحِممِ الرُّوحِ،
    وجسدِ التوقِ،
    بقايا حَيلْ.
    إذ ذاك الويلُ...
    جادْ نسيمُ الشوقِ،
    بالثملِ...
    وانساقْ كمطرٍ في أرضٍ،
    يسدُّ الرّمقَ،
    ويوفي الكيلْ.
    وإذ ذاك الويلُ...
    ما أنبلّ هذا الرحِمُ،
    غطى بالحبقِ بابَ القلقِ،
    وشرعَ يردُّ الرُّوحَ،
    بضحكاتٍ بيضاءٍ تنسابُ كما السيلْ.
    وإذ ذاك الويلُ...


    يا صديقي إن التهرب من الانتماء الاجتماعي للمكان أوالزمان مدانٌ في أعين كل المجموعات البشرية لذا نحن نتشبث بقوة رغم أننا نتوارى من خطيئة الأمس . وهذه الإدانة هي عمق كل أسطورة.. مثله مثل شدة الوجد الذي يكسر التبادل المُشفَّر والترابية . كان هوميروس يقول:( الكائن الفرد هو حرب أهلية (مدنية). هو يريد هنا أن يقول إن كل إنسان من دون مدينة هو بذرةٌ لحرب أهلية.كتب هيرودوت أن كل كائن بشري معزول لا يمكن أن يكفي لأن يكتب تاريخ ولا ذكريات وذكرى له. الإنجيل أي الكتاب المقدس للنصارى يقول: ويلٌ لمن كان وحيدا. إنسان وحيدٌ هو إنسان ميتٌ فما بالك والغربة إلتهمت الأخضر منا وتركت لنا حتى اليابس!!
    Quote: شاكستْ قوائمُ الطائرِ الهواءِ،
    وأمسكتْ نبوءةَ العرافةِ،
    وبللتها في المسدّْ....
    وما مِن أحدٍ،
    ما مِن أحدْ.
    قطفْ الطائرُ حيرتَهُ،
    فمن مِن هُناك يرتقُّ الوجلَ،
    ويسرِبُ للطائرِ وشاياتٍ:
    أسمكَ وحورَ عينٍ في صدرِ الحنانِ...
    يتزلزلُ تحتهُ المكانُ،
    ويسقطَ من الفرحِ المجنونِ
    فمن.......
    وما مِن أحدْ.".
    شهقةُ الخُروجِ
    " الطائرُ من شقشقةٍ يكبِّتُها...
    ما ارتطمَ بشقِّ الشمسِ قُشورٌ رصدتْها:
    حِيلُ الشوقِ "


    يا صديقي دعني أقول لك: الصمت هو دائما التعبير عن الحسرة فالبعد عن مدينتي والعودة ستظلان الأمل المضيء وسط المساحة البعيدة المظلمة في عالم غربتنا التي إلتهمت أجمل أيام عمرنا بشراهة ، إنه الحلم والضوء الذي لا ينطفيء، هنا يحضر وعي مرحلة الشباب يريد أن يحتقق ذاته وطموحاته ولا يمكن أن يحقق ذلك في مدينته فيرحل ويتعلق في غربته بالأمل ومعنى الأمل العودة إلى تراب أرض مدينته الذي ستتوارثه الأجيال القادمة، فهي من سيصنع تاريخا جديدا لهذه المدينة ؟؟ النهاية أنني عدت لمدينتي لأنها وجودي ؛ وجددت شعوري بالعلاقة التي تربطنا بهذا الوجود، الأرض هي البيت هي القبر والحلم أيضا لايوجد فرق ؟ هذا الحزن استفزني داخلياً فبدأت أكتب ، وربما هو جانب كوني في وعيي ، جاءعن قصد فعلاقتنا بالوجود من الطفولة إلى اللحد، جاءت معاناة المدن الحنينة متراكمة بملامح شتى تجدد هذه العلاقة الأبدية ! لذلك رائحة الأرض تنتشر بعبقها والأمل في العودة إلى منبتي واسترجاع ذكريات ساهمت في تشكيل ما نحن عليه اليوم تكبر في تلك المساحة البعيدة المظلمة التي يضيئها حلم عودتي إلى مدينتي التي أعتبرها " دار السلام والطمأنينة" .

    حينما قرأت رمزيتك بكيت بحرقة، حين أطبقت على صدري تلك الدهشة الممزوجة بألم خفي من وقع الكلمات. كان ذلك في الصباح التالي، فقد ولجت باب الخارجي لعالمي بنزق كعادتي… عدت لأجد لأنك لم تواسيني لفقدي كل مسببات سعادتي التي وهبتني لها مدينتي ولم أكن أدرك قيمتها ؛ فهاجرت واليوم أعود أبكي ما فقدت ولخيبة أملي وجدتك بجواري تبكي لذات التجربة وبمرارة ؛ لقد فقدت تلال الرمل الذهبي ونبات “الليف” المتسلق من حول " راكوبة " كنا نُقيِّلُ تحت فيئها ، نظرت حولي في دهشة… بحثت عن الشارع الوحيد المرصوف والذي يقودنا دوماً لمقهى ” المليح“… فلم أجد هناك أحدٌ أعرفه وهي التي كانت تعج يومذاك بنخب الثقافة والعلم والسياسة .. اليوم قاع صفصفا إلا من " مساعدي اللواري" وفارغة من كل أصحاب الفكر والمباديء … مقهى "المليح " تم ظلاؤه لكن بلون عجيب وغريب مستهجن، لم أعرف له إسماً، كيف أعرف ، وأنا الذي لم أعرف أحد من رواده الأن اللهم إلا صاحبه الذي إنحنى ظهره وشاب رأسه؛ نطر " المليح " إليّ نظرة مشحونة بالأسى والعُتبى وكأنه يحملني مسئولية ما آل إليه حال المدينة والمقهى أو قل كأنما نحن سوياً نلعق حسرة على أيام زمن ٍ جميل ولَّى!!

    يتصل...

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-15-2009, 07:15 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:40 AM)

                  

11-15-2009, 06:47 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
معاناة المدن الحنينة!! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)
                  

11-08-2009, 06:45 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)


    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يُغَرِّدُ حَزَنَناً)... (14) !!


    عجيبة مدينتي نحتفظ لها بذكريات عن أنماطٍ من أهلها يشكلون بالطرفة البسمة في وقتٍ نكون نحن أحوج إليها من عقار لمرض عقيم من لدن نطاس بارع كما أنها أحياناً والدمعة أحياناً أخرى ، أتذكر يا عمر ( الفكي وِرْوِرْ)؟! ولعلمكم هو شخص معتوه يعاقر الخمر ويدعي أنه فكي وسره باتع خاصة أن دعواته وفواتحه يختص بها العاهرات وأذكر دعاؤه لهن حين تلجأ إليه إحداهن وتشتكي بأن الصاحب ليس كماكعهدها به وقدبدأ يتجه قلبه إلى أخرى فيبتهل رافعاً يديه( إنشاءالله يحبك محبة العسل والزمهرير)؛ بحثت ودققت طويلاً لمعرفة العلاقة أوالصلة بين العسل والزمهرير وأعترف بأني فشلت فشلاً ذريعاً !!.. عموماً هي دعوة من معتوه مرفوع عنه القلم وهو لا يدري ماذا يقول وفي ذات الوقت تدر عليه دخلاً هو( شلن)للفاتحة الواحدة وأحياناً يدعو لصاحبات " بوصة العرقي" بدعوة الترويج وإقبال الزبائن ( يا الله تفتح ليها فتح الزمرد مع الزبرجد ، ويومذاك الشلن ثروة و له إعتبار في دنيا الشراء وكثيرون كانوا يغبطون بل يحسدون الفكي " وِرْوِرْ" على هذا الدخل المتدفق عليه في حين أن البعض لا يجد ثمن صحن الفول وكان يومذاك قرشين ونصف ..الفكي "وِرور" لا يُحرم الخمر لأن أصلها حلال وهي أصلاً من الدخن أو البلح ونحن نأكلهما كما يدعي أنها مدخلة للترويح وهي مدخلة السرور للنفس وهو أيضاً يسألك بعد هذه الإجابة هل الدخن حرام؟ هل البلح حرام؟! .. هذا نمط من أنماط مدينتي يحلل ويحرمكيف شاء!! .. مدينتي تكفل حرية التعبير حتى للمجانين!! ، فهل هناك تسامح أكثر وأكبر من هذا؟!

    أتذكر يا عمر النائب البرلماني الذي إنتخب في أول جمعية تأسيسية عن حزب الأمة في الجمعية التأسيسية ، ذاك النائب الذي يؤمن بأنه إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب. لذا ظلّ صامتاً طيلة فترة نيابته عن الشعب في أول برلمان ولم نسمع له حساً عملاً بهذه الحكمة ،
    هنا قاطعني صديقي ليقول لي:
    - خاف الله فالرجل تكلم مرة واحدة عندما صحح إسمه الذي نطقه رائد البرلمان بطريقة مشوهة ثم صمت ، ولكني أذكرك بحادث لنا معه حين كنت تزمع السفر في إجازة المدارس إلى صوفيا ضمن مجموعة من إتحاد الشباب ، فذهبنا إليه في مبنى البرلمان وقابلناه وقابلنا بترحاب وتحدث كثيراً في موضوعات " شخارم بارم " وتعجبت لهذا المتحدث الجهبذ معنا والصامت في البرلمان بل الصائم عن الكلام المباح وغير المباح !! أتذكر ردة فعله التي تنم عن جهلٍ مطبق بأبسط قواعد السفر بل حتى بإجرءآت الدولة التي هو أحد رعاياها بل نائباً وممثلاً لبعض رعاياها، أتذكرحين طلبت منه أن يساعدك في إجراءآت تأشيرة الخروج قال كالعارف الموقن ودار بيننا الحوار التالي :

    - تأشيرة إيه؟!! ، ما في داعي ليها؛ تركب تسافر طوالي !!
    - قلت له حسب الإجراءآت لا بد من تأشيرة خروج من الجوازات حتى أتقدم للسفارة البلغارية للحصول على تأشيرة دخول؟
    - ما في داعي ليها ، إنت أمشي بس السفارة البلغارية وقول ليهم: إنا من طرف النائب فلان طوالي يدوك لو عاوز بدل تأشيرة واحدة اتنين!!
    - طيب دي محلولة كيف العمل مع تأشيرة الخروج التي لا بد من أن تختم على الجواز من إدارة الجوازات ؟!
    قال بحدة موجهاً كلامه لي:
    - إنت يا ولد حمار ما بتفهم الكلام العربي ظاهر عليك؟ قلنا ما في ليها داعي ولو سألوك عنها في المطار قول ليهم أنك من طرف النائب
    فلان أمورك حتمشي طوالي فاهم واللآ لا؟!

    عجبت لأمر نائبنا الفلتة الهمام الذي يُسَهِّل كل أمر قاسي ، وتساءلت بيني وبين نفسي ثم سألتك :
    - تُرى من هو الحمار فينا؟ هذا الرجل آلا يعلم أن تأشيرة الخروج هي شرط لتأشيرة الدخول من السفارة البلغارية؟ ثم أنه يظن أن مجرد ذكر
    إسمه هي كلمة السر التي تفتح لي جميع الأبواب المغلقة وكأنها " افتح يا سمسم " في مدخل مغارة علي بابا سواء في السفارة البلغارية
    أو المطار!! الجهل مصيبة!!

    أتذكر يا عمر ذاك الرجل صاحب المطعم الذي أتي من قوص في صعيد مصر أيام فاروق ملك مصر والسودان وأقام وتزوج من أهل المدينة كان يجاهر علناً بالعداء للإنجليز واشتهر يقاومته للمستعمر الإنجليزي ما أن يحل المساء حتى يضرب " نصية العرقي " ويقود مظاهرة لوحده ويجوب الشارع الرئيسي في المدينة هاتفاً:

    - فلتسقط بريطانيا العظمى .. عاش السودان حراً مستقلاً!!
    يأمر مفتش المركز " السير روبنسون " بالقبض عليه ويحكم عليه بالجلد ويطلق سراحه وما أن يأتي المساء ويضرب "نصية العرقي" حتى
    يكرر ما فعله بالأمس حتى تطور الأمر فآل إلى السجن من اسبوع إلى ستة أشهر لأن ما أن يطلق سراحه حتى يكرر مقاومته.
    هذا الرجل الذي جاء من صعيد مصر علمنا مقاومة المستعمر فتعلمنا التظاهر ضد الإنجليز ونحن أطفال يُفّع حيث تطورت مقاومته لتضم كل
    أطفال الأحياء بالمدينة.!!

    مدينتي عانت فمعاناتها من معاناة أهلها ، وعودتي لها بعد كل هذه الغيبة هي عودة ممزوجة بآلآمي وآلآمها، آلامنا سوياً هي الشوق ، وأشواقي إليها هي مجمل أفكاري ، وأفكاري عنها هي معانيها ووقعها في نفسي ، معانيها بالنسبة لي هي الحب ، والحب في هكذا حال هو مجمل
    آلآمي وأشواقي وأفكاري وما تعنيه هذه المدينة لي ومعانيها في نفسي!!.. في بعدي عنها أشعر بطول الزمن وكأنه ليس كالمعتاد حتى وصلت لمرحلة فقدت فيها الإحساس بالزمن نفسه فما أجل من أن تفقد الإحساس بالزمن وهو ما تحتسب به أعمارنا المتناقصة ، فالزمن في بعدي عنها يفنى من الساعات والأيام والشهور وحتى السنون بل ومن حياتي!!.. فأنا في بعدهاأذوب أذوب فناءً ، ولها أذوب شوقاً ، وأذوب شوقاً، وأفنى صبراً وعمراً بين كل لحظة ولحظة في دنيا الإغتراب والمهجر!!

    يتصل...

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 08:42 AM)

                  

11-15-2009, 08:53 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    معاناة المدن الحنينة ( الكنار يغرد حُزناً)!! (16)


    يا صديقي؛

    بين جدران وأزقة وحواري هذه المدينة أمضينا بعضٌ من حيواتنا، فأنت تعلم أنني حينما كنت أظمأ لا أرتوي إلا من ماء أرضها، كان هذا دليلاً على عطائها الحياة لنا ؛ألم يقل الله عز وجل في محكم التنزيل ( ومن الماء جعلنا كل شيءٍ حي) .. حينما غادرتها شعرت بالفراغ فراغين، فراغ سمع وسمع نظر!! .. نيف وأربعون عاماً كان عمري يومذاك، بالنسبة لي كان هذا عمر الزمن!! عنق الأبدية الذي حسبته عناقاً طويلاً فأوضحت الأشواق أنه قصيرٌ .. قصير!!.. في غربتي افتقدتك كثيراً يا صديقي ، شعرت بأني دونك صوت أعزل ، فكنت حينما نكون سوياً تضم صوتك إلى صمتي علهما يكونا صوتاً واحداً.!!.. الآن أحاول أن أتكلم بعد صمتٍ ، أن أصنع جسر اعتذار بأصواتٍ عالية يوصلني بنفسي .. فهي نفسي !!.ز أصوات لا نوجهها لأي أحد بل فقط لأنفسنا ، الآخرون شيء بعيد وغريب لا أراه ولا أعرفه أو ربما غير موجود ، ربما هذه حالة فصامٍ تسبب فيها البعد عن الأرض.!!

    لدي رغبة تهتف من داخلي ، تحرضني ، أليست هذه الرغبة هي العبور من ألم الوحشة إلى صدرٍ تراب ٍ مألوف ؟! أن نعبر الرغبة أليس في هذا إنتصار على تمرد النفس؟!.. من حلاقة الشوق تنامى لدي شعور برفض الغياب والإنتظار.. حاولت مراراً العودة لمدينتي وعندما تفشل محاولة الوصول إليها؛ أشعلار بأني أعيش حضورها في غيابي عنها،أستدعي الذاكرة والذكريات ؛ أتذكر ونحن صغاراً حينما كنا نهزج على ضوء القمر (شليل وينو؟).. ثمة رقص على الدروب يومذاك أما عندما غبنا فكانت أيضاً هي النائحة على غيابنا ؛ رقصنا ما كان ليراه الراكضون، رقص يعرفه من كانوا يجلسون القرفصاء ، ثمة رقص خفي في عالم الذكريات.!!

    يا صديقي،
    ونحن الآن نعب من كؤوس مترعات وقد سكن الأنام في هذه الليلة المقمرة الذي يزدهي فيها القمر كأنه عريس وحوله النجوم كحسناوات يضربن دفوف نوبية على إيقاعٍ مموسق يخاطب الوجدان ، ففي السكون الغناء أجمل !!، وفي الصمت الدهشة أبلغ !!.. في الصمت تنطق " الدهشة " أصوات الذكريات ، وحين نجلس ونصمت نكون قد سمعنا إيقاعات نوبية فريدة بأوتارٍ تئن راجفة حزناً وحنيناً وأنيناًأنغام جديدة ومتجددة ملؤها الحنين والحزن الدفين؛ أكاد أحس أن صدى الدف شكوى ، إيقاعات تميل لها هامات نخيلٍ غمرته المياه!!.. إنهامثل آخر لمديني التي كانت ضحية لسذاجة من لا يقدر قيمة الزمان والمكان والأوطان والإنتماء والهوية!! .. ضحية لجنرال أراد أن (يزيل الجفوة المفتعلة ويأتينا بصداقة الشعوب) .. هكذا أعلن ،فما الثمن ؟! الثمن هو إنه كمن جاء يعالج عين أعشى ففقأ الأخرى فأحاله إلى عمىً مستدام!! .. ذهبت حلفا يومذاك وبكى أهلونا وكذا من أحبوهم؛ .. بكوا جميعاً وفاض دمعهم ليختلط بالماء بما نيلنا.. بيدنا نغرق أرضنا !!.. ماء النيل هو ذات الماء الذي كان أداة لتغمر هامات النخيل؛ النخيل الذي يمثل لأهل حلفا بل يمثل لكل سوداني الجذور الراسخة الضاربة في عمق التربة الممتدة داخل عمق الأرض.. كوميديا سوداء ؛ أو حفل عنوانه " تراجيديا أعدام الأرض والهوية والإنتماء " أما الملأ .. تفريغ الأرض من أهلها وتهجيرهم وإعدام ثقافتهم وإبادة تاريخهم هو الحكم بإعدام مستقبلهم أيضاً إنه أقسى الملاحم الإنسانية إنها " ديسبورا جديدة " بل هي مضاعفة وماهي إلا " ديسبورا الديسبورا"!!! والأرض هي العرض ..لقد شاهدت يومذاك الفنان محمد وردي وهو يجلد بالصياط على ظهره من زبانية " أبارو" قائد بوليس عسكر نوفمر ضمن تظاهرة كان شعارها ( حلفا دغيم ولا لبنا) وقد أطلقنا عليه لقب المغني اليوناني " ثيودورداكس " الذي قاوم حكومة العسكر في اليونان وها هي مدينتنا مثال لممارسات العهر السياسي، أكاد أجزم أنها المدينة الوحيدة التي لم تصرخ في لحظة المخاض والطلق والميلاد حين أنجبتنا ولكنها الآن تعيش أوان لعق الأحزان وتجترها معها إذ نموت ، هي مدينة تنشيء الرقصات من سكونها وآلآمها وحرمانها أو قل أيضاً من عقوق بنيها!!.. إن الإهتجار من الأرض الحنينة ليس نزهة إنه قمة الضياع مهما كانت المغريات في أرضٍ غيرها.!! .. فبين الفينة والأخرى وبينما نحن نتقارع الكؤوس ويلفنا صمت مُحيِّر هو برأيي أبلغ آيات الكلام ... عندها حانت مني إلتفاتة وفجأة قلت : الحمدلله أن مدينتي لم تكن تجاور أي دولة حتى يقدمها الساسة قربا ناًعلى مذبح النفاق والتدليس ووالتجروء على عطاء من لا يملكه لمن لا يستحقه مثلما فعلوا ( بحلفا دغيم).. لكم الله أهل حلفا دغيم ولنا الله معكم .. فنتحبوا ونحن معكم منتحبون على أمرٍ جلل هو الأرض!!

    يا صديقي
    أتذكرها ؟! أتذكر " ناظرة البنات الأولية " ؟ تلك الأديبة الشاعرة المثقفة العفيفة التي كنا نرتاد صالونها والتي كانت تذكرنا بأمجاد الأندلس وكأن مجلسها هو صالون " ولاّدة بنت المستكفي " وكان مثل هذا المجلس أو الصالون هو خروجٌ عن المألوف يومذاك، فكانت تقول عني : وكأنك ابن حزمٍ في حضرة ولادة ومهنما الأدباء مثل ابن زيدون وابن عبدوس؟! أتذكر القاضي العادل والشاعر المفوه الذي صورناه على أنه إبن زيدون العاشق لولادة والتي كانت نظراتها تفشي ميلها إليه وهو الذي كان يقول عني أن هذا الفتى كأنما يمثل في مجلسنا العباس بن الأحنف بن الأسود الذي لم يمدح ولم يهجِ بل كان شعره فقط غزلاً وتشبيباً.. فهل تُرى يعود الزمن الجميل كرةً يا صديقي الجميل في هذا المكان الجميل الذي لا يعرف سر جماله إلا من عاش أمجاده وحكايات وذكريات خطها الشخوص واللسان !!.. أتذكر ما قالته صاحبة الصالون يوم قرأت عليكم قصيدتي " ذات الثوب المتمرد" ؛ يومها وصفتني بأني أرق من نسمة حملها دعاش الخريف !! وكذلك مقولتهاعن القاضي الشاعر حين ألقى قصيدته " آمال " قالت : إنه خريف يسقي الأرض "العطشى" ، وحين تداخلت وقلت ( الأرض الجدباء )، كان تأويلكم الخبيث فارق المعنى ما بين العبارتين قد يؤثر نفسياً في من نعني (بالأرض)!!

    غابت الأمكنة وغاب ساكنوها لم يعد المكان هو المكان ولا ساكنوه، بدأت الحسرة تأكل من سنام الذكريات فنجترها ، بدأنا نعيد النظر في فهمنا للمكان والزمان والإغتراب والإقامة ، لقد تغيرت الظروف وتبدلت الحياة والإنسان حتى الأشياء.. مكونات تداخلت واختلطت وبدأنا الدخول في مرحلة الإلغاءآت التي تحدث الفوضى النفسية التي تنعكس ثقافياً لأنها انعكست حياتياً ‘ فقد أُلغي الزمان والمكان وإلغاء الآخر وبالتالي نحن بادرنا فألغينا ذواتنا التي لا تستطيع معايشة ما تم من إلغاءآت مؤثرة. أننا نجتر الذكريات .. الذكريات الجميلة في هذه الحقب التي تلت غربتنا إتما هي الألم ، ألم يعاني منه الفرد والكل إنه كان ألم الإرتباط فأصبح ألم الإنشطار نحن نعيش ألمنا الذي تسبب به الآخر كما أننا نعيش آلآلآم ذواتنا.!! هل يحتاج منا الحزن والآلم إلى أن نثبته بالأدلة والبراهين؟! كيف ونحن حين ولدنا ولدنا وكانت أول صرخة الميلاد بعد صرخات مخاض الولادة!!!

    يتبع...

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-17-2009, 01:33 PM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 10:20 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 10:22 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 06:30 AM)

                  

11-21-2009, 07:47 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)


    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حُزْنَاً) !! (17)



    حين غادرت المدينة يا عمر شعرت بعد لحظات المغادرة؛ وليس أثنائها أو قبلها؛ بأنني فى تلك اللحظه فقدت كل شئ ، وبكلمة "الترحال" انهارت جسور من التواصل كانت بيننا؛ لا اعلم ما الذنب الذى اقترفته يا مدينتي حتى اعاملك هذه المعاملة القاسية؟ لم اكن اتخيل يوماان هذه اللحظة ستأتى ؛ لحظه ألفظ فيها عبارة الوداع.. ألهذا الحد كلمة الوداع سهلة ؟! أكنت أنتظر اللحظه المناسبة لألقى بها فى وجهك أيها الأرض الرؤوم وها قد فعلت.. تأكلني الحسرة يا أمي الحبيبة،ويدمرني شعور مرٌ ومرير بالذنب لا يدانيه شعور أمر ؟!؟

    في ليالي الموحشة في منافي الإهتجار كنت أبحث في كل يوم يمضي ثقيلاً ثقل الجبال عن من أشكو إليه همومي؛ لأنني إرتكبت من الخطايا ما يملأ فضاء الكون أو هكذا أعتقد وعندما تمضي بنا الشجون يعود للعقل بعض رشد فيبدأ بالتفكير في التكفير والتوبة والبحث عن وسائل المغفرة !! كنت أناجيك يا مدينتي ويعتصرني ألم البعاد وآه الشقاء والتشاقي ؛ ورغم كل ماكنت أعتقد من جحودٍ واجهتك به إلا أنني كنت أسمعك تواسينني عبر المسافات والتنائي.. وكنت أنصت ملء مشاعري ودوخلي يا أمي دون ان أمل من سماعك ، فالانسان لا يحس بقيمة الشئ إلا بعد ان يفقده؛ هذا ليست إلا اعترافات بالذنب تجاهك و بأنني أيضاً سمعتك وأنت تواسينني من على البعد وأنت تُسمعينني نبض قلبك وأنت تقولين: يا بني لن تجد فى هذه الحياة من يهتم لامرك اكثر منى ؛ لهذا اذا احسست يوما انك تشتاق إلى ستلقانى وعندهالن اغلق ابوابى بوجهك لانى لست بقسوتك حتى وإن جنحت وقلت لي يوماً : سابتعد عن عالمك ستبقي أنت إبني وسأكن لك مشاعر الأم الحنونة تجاه إبن جنح في لحظة يأس.!!

    رغم شعوري بعد المغادرة بالحيرة ؛ وقد عقدت امرى على البعد ظناً مني أنه الأفضل لي وقد ظننت أنه الأفضل لك أيضاً فما فائدة إبن يجلس في سلبية ولا حول ولا قوة له برد المعروف!! وكنت أخال دوماً وأنا في جوف مدينتي بأنها تهامس نفسها وتقول: ليت الأجنة ماتت في أرحام[/Uأمهاتها ]!!

    يتبع

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-21-2009, 07:50 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 06:32 AM)

                  

11-21-2009, 01:14 PM

عفاف علي ميرغني
<aعفاف علي ميرغني
تاريخ التسجيل: 09-10-2009
مجموع المشاركات: 769

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    تحيات ابوبكر يوسف ابراهيم

    Quote:
    مدينتي عانت فمعاناتها من معاناة أهلها ، وعودتي لها بعد كل هذه الغيبة هي عودة ممزوجة بآلآمي وآلآمها، آلامنا سوياً هي الشوق ، وأشواقي إليها هي مجمل أفكاري ، وأفكاري عنها هي معانيها ووقعها في نفسي ، معانيها بالنسبة لي هي الحب ، والحب في هكذا حال هو مجمل
    آلآمي وأشواقي وأفكاري وما تعنيه هذه المدينة لي ومعانيها في نفسي!!.. في بعدي عنها أشعر بطول الزمن وكأنه ليس كالمعتاد حتى وصلت لمرحلة فقدت فيها الإحساس بالزمن نفسه فما أجل من أن تفقد الإحساس بالزمن وهو ما تحتسب به أعمارنا المتناقصة ، فالزمن في بعدي عنها يفنى من الساعات والأيام والشهور وحتى السنون بل ومن حياتي!!.. فأنا في بعدهاأذوب أذوب فناءً ، ولها أذوب شوقاً ، وأذوب شوقاً، وأفنى صبراً وعمراً بين كل لحظة ولحظة في دنيا الإغتراب والمهجر





    معاناة المدن الحنينة 00

    كتابة تهز اركان السكون
                  

11-21-2009, 05:34 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: عفاف علي ميرغني)

    أيا صاحب الحرف الفخيم و الحنين المقيم

    تحية كبيرة

    سيرة تهجيرأهلي من وادي حلفا على أيدي مجلس 17 نوفمبر ، كنتُ وقتها بالمتوسط ..
    فهاك هذه الجزئية عنها من واقع بوست قديم عن عطبرة :

    خرجت جماهير أتبرة تهتف ، و أهلنا الحلفاويين يهتفون و دموعهم تسيل و تجف في صيف عطبرة اللاهب ( حلفا دغيم و لا لبنان ) ، و أنا أقول الآن ، حلفا دغيم ولا شارع الشانزليزيه و شواطيء الريفيرا و أحياء لوس أنجلوس كلها مجتمعة. أقولها دون مكابرة ، فالجيل الذي لم يشاهد وادي حلفا ، حتى من أبناء الحلفاويين ، لم يعرف أن حلفا كانت مدينة عصرية بمعنى ما تحمل كلمة ( العصر ) من معنى.
    شقت صفوف المتظاهرين في عطبرة جحافل البوليس الممتطي صهوات الخيول و المتسلحة بسيطان العنج . كنت أحد الذين نالوا سوطا في ظهري جعلني طريح الفراش على بطنى أكثر من شهر بعد أن ناولني عسكري ( غتيت ) سوطا لم أره و لكنني سمعت له طرقعة مدوية كصوت طلق ناري قبل أن يلتصق قميصي الأبيض يالجرح النازف ، ( إيدو تقيلة بالحيل ). طاردني العسكري من دون الناس ، أو هكذا خيل إلي ، فقد كنت أمسك بلافتة رغم ضآلة حجمي آنذاك ، و رغم أنني كنت مميزا في الجري ، إلا أن الحصان كانت أنفاسه الحارة تلهب عنقي بإستمرار إلى نلت حظي من تلك الضربة التي أرتني النجوم في عز نهار عطبرة.
    لن أنسى ما حييت أول قطار أتى بأول فوج من وادي حلفا. كنت قد سافرت في ذلك الصيف مع أسرة البلابل إلى وادي حلفا لحضور زواج عمهم الأستاذ ( بيبي ) ، و رجعت معهم بأول قطار يحمل أول فوج من دغيم ، لن أنسى منظر أهلنا الطيبين في حلفا دغيم و هم ينتزعون شواهد القبور و يقطعون سعف النخيل و يكسرون أجزاءا من بوابات منازلهم التي تزينها صحون الصيني ، يحملونها معهم للقطار ، يدخلونه ، ثم يخرجون باكين و منتحبين، كان يوما مهيبا لا أول له و لا آخر ، و المرحوم والد البلابل ، يأتي بهذا ، و يجرجر ذاك للقطار و يشجع هذه و يمسح دمعات تلك ، و خلف وجهه الصارم يكمن بركان تمنعه مسئوليته تجاه أهله من إطلاقه ، من الصباح الباكر إلى أن آذنت الشمس بالمغيب . و عملا بنصيحة الدكتور طه بعشر ، تحرك القطار ليلا ، قالوا أنها نظرية سايكلوجية ، و لكنها كانت جريمة تتحرك ليلا ، ، تحرك القطار بعد أن جفت حلوق الناس من البكاء ، و تقرحت المآقي من الدموع الساخنة. لا أدري لماذا لم تتم كتابة تاريخ هذه الأيام ؟ يصلح لعمل فيلم متكامل.
    بعد أن تحرك القطار ، جلس الأستاذ طلسم ، مرهقا و نظر حوله و الناس في إستكانة و تعب و الهدوء يسيطر على القطار الذي كان ضجيج عجلاته و كأنه يدندن بمناحة و بكائية لم يكتبها التاريخ ، و القطار يطلق صفارات حزينة ، فإنفجر الرجل طلسم في البكاء ، بكاء إهتزت له الكنبة التي يجلس عليها ، بكى كالأطفال ، و عندها لم يجد أحدا يسكته ، و كأنهم تركوه يكمل بكاؤهم الذي توقف من التعب ، بكاء كانت أصداؤه تنساب عبر كل عربات القطار ، فيسمعها الركاب المهاجرين و هم يبحلقون في لا شيء ، فها هو المواسي يحتاج إلى من يواسيه. منظر محفور في قاع ذاكرتي لن يمحوه الزمان
    ..


    واصل
                  

11-22-2009, 07:38 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: عفاف علي ميرغني)

    الأخت السبدة / عفاف

    سلامٌ على روحك الطيبة
    فرحنا يوم غادرنا الأرض وبكينا حين تقدم بنا العمر وحسبنا كلفة هذا الإهتجار ، أصبحنا مسخ فالإنتماء أصبح ليس ضرورة والعولمة أصبحت تسود حتى تلغي الهوية والإنتماء ليصبح كلٌ منا مسخ ، فلذاتنا أدخلنا على عقولهم البريئة معاجم وفهارس مصطلحات الممنوع فسلبناهم طفولتهم وهويتهم وانتمائهم .. أصبحنا جميعاً مسوخ بشر ؛ غرباء داخل الوطن وأجانب خارجه لعمري هذا أغلى ثمن يدفع من عمرنا ودمنا وصحتنا؛ تبطرنا على مدننا الصغيرة التي كانت تأوينا وتحتوينا على أي شكلٍ كنا واصبحنا وأمسينا. أشكر لك مرورك الكريم يا أخية.
    Quote: نعم عانت بلدتي لمعاناةاهلها فهي عطشى يموت أهلها في الصيف من العطش .. وجوعى بالكاد السعيد منهم يحصل على وجبة.. ومرضى لا يجدون حتى أبسط مقومات الرعاية الطبية ..هم حفاة عراة لأن من لا يجد ما يسد الرمق تصبح النعال والسروال نوعٌ من أنواع الرفاهية؛ مدينتي تعاني في صمت وصبر، ما كانت ترغب في أن ينجب رحمها من بعضهم غثاء بشر وزبد يذهب؛ نعم عانت بلدتي لمعاناةاهلها؛ فهي العطشى يموت أهلها في الصيف من ظمأ مهلك .. وجوعى بالكاد السعيد منهم يحصل على وجبة.. ومرضى لا يجدون حتى أبسط مقومات الرعاية الطبية ..هم الحفاة العراة لأن من لا يجد ما يسد الرمق تصبح النعال والسروال نوعٌ من أنواع الرفاهية بالنسبة له ؛ مدينتي تعاني في صمت وصبر، ربما ما كانت ترغب في أن ينجب رحم بنيها من بعضهم البعض غثاء بشر وزبد يذهب جفاءً ..يذهب جفاءً!! ويحسبون عليها إنتماءً وهوية وانتساباً ..
                  

11-22-2009, 10:05 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    Quote: يا صديقي،

    ونحن الآن نعب من كؤوس مترعات وقد سكن الأنام في هذه الليلة المقمرة الذي يزدهي فيها القمر كأنه عريس وحوله النجوم كحسناوات يضربن دفوف نوبية على إيقاعٍ مموسق يخاطب الوجدان ، ففي السكون الغناء أجمل !!، وفي الصمت الدهشة أبلغ !!.. في الصمت تنطق " الدهشة " أصوات الذكريات ، وحين نجلس ونصمت نكون قد سمعنا إيقاعات نوبية فريدة بأوتارٍ تئن راجفة حزناً وحنيناً وأنيناًأنغام جديدة ومتجددة ملؤها الحنين والحزن الدفين؛ أكاد أحس أن في صدى الدف شكوى ؛ وإيقاعاته تتمايل لها هامات النخيلٍ الذي غمرته المياه وكأنما عريس " يرمي الشبال" على رأس عروسه!!.. إنهامثل آخر لمديني التي كانت ضحية لسذاجة من لا يقدر قيمة الزمان والمكان والأوطان والإنتماء والهوية!! .. ضحية لجنرال أراد أن (يزيل الجفوة المفتعلة ويأتينا بصداقة الشعوب) .. هكذا أعلن ،فما الثمن ؟! الثمن هو إنه كمن جاء يعالج عين أعشى ففقأ الأخرى فأحاله إلى عمىً مستدام!! .. ذهبت حلفا يومذاك وبكى أهلونا وكذا من أحبوهم؛ .. بكوا جميعاً وفاض دمعهم ليختلط بالماء ذاك الماء هو ماء نيلناالذي أضحى غوراً من طعم ملح دموعنا.. بيدنا نحن نغرق نحن أرضنا؛ ومن المستفيد؟!!.. ماء النيل هو ذات الماء الذي كان أداة تغييب قسري لأهل الأرض .. مياه النيل كانت دوماً عنوان الحياة فكيف تصبح أداة موت ؟! بالرغم من أن مياه البحيرة غمرت الأرض إلا أن النخيل أبى إلا أن تطل هاماته فوق مياه الغمر الجائرة ؛ وقفت في عزة و شموخٍ وبعد أن غمرت المياه حلفا دغيم بقي من النخيل هامه لينبيء الأجيال الحاضرة واللآحقة مأساة الأرض كمكانٍ وزمان وهوية وانتماء .. لبقي على مر الزمان شاهداً على تاريخ أمة!!.. النخيل؛ وما أدراك ما النخل النخل الذي يمثل رمزاً للبقاء والوفاء لأهل حلفا بل ويمثل لكل سوداني ضاربة جذوره الراسخة في عمق التربة الممتدة داخل عميق الأرض.. إنها كوميديا سوداء ؛ أو قل حفل عنوانه " تراجيديا أعدام الأرض والهوية والإنتماء " أمام الملأ .. تفريغ الأرض من أهلها وتهجيرهم وإعدام ثقافتهم وإبادة تاريخهم هو الحكم بإعدام مستقبلهم أيضاً إنه أقسى الملاحم الإنسانية إنها " ديسبورا جديدة " بل هي مضاعفة وماهي إلا " ديسبورا الديسبورا"!!! والأرض هي العرض ..لقد شاهدت يومذاك الفنان محمد وردي وهو يجلد بالسياط على ظهره من زبانية " أبارو" قائد بوليس عسكر إنقلاب نوفمر1958 ضمن تظاهرة كانت ترفع شعار ( حلفا دغيم ولا لبنان .. خشم القربة ... ....) وقد أطلقنا عليه لقب المغني اليوناني " ثيودورداكس " الذي قاوم حكومة العسكر في اليونان وها هي مدينتنا مثال لممارسات العهر السياسي، أكاد أجزم أنها المدينة الوحيدة التي لم تصرخ في لحظة المخاض والطلق والميلاد حين أنجبتنا ولكنها الآن تعيش أوان لعق الأحزان وتجترها معها إذ نموت ، هي مدينة تنشيء الرقصات من سكونها وآلآمها وحرمانها أو قل أيضاً من عقوق بنيها!!.. إن الإهتجار من الأرض الحنينة ليس نزهة إنه قمة الضياع مهما كانت المغريات في أرضٍ غيرها.!! .. فبين الفينة والأخرى وبينما نحن نتقارع الكؤوس ويلفنا صمت مُحيِّر هو برأيي أبلغ آيات الكلام ... عندها حانت مني إلتفاتة وفجأة قلت : الحمدلله أن مدينتي لم تكن تجاور أي دولة حتى يقدمها الساسة قربا ناًعلى مذبح النفاق والتدليس ووالتجروء على عطاء من لا يملكه لمن لا يستحقه مثلما فعلوا ( بحلفا دغيم).. لكم الله أهل حلفا دغيم ولنا الله معكم .. فنتحبوا ونحن معكم منتحبون على أمرٍ جلل هو الأرض!!


    العزيز ذو الحرف الأنيق ، جلال
    سلام على روحك الطيبة

    لحرفك المتلأليء الهيبة التي تزلزل أعماق المشاعر، لا يدانيك قلم أعرفه في وصف وتوصيف الأحزان ولك مقدرة على تحمل الأسى والحَزَن كأنك جبل في التحمل والعطاء .. المكان والزمان يعنيان لك الحياة والبقاء وإستدامة الأمل ، الأمل على عدم إستحالة الرجوع حتى وإن غمر الأرض ماء فالأرواح كما في المثولوجيا( الأساطير )النوبية تسكنوتموت في الأرض وتتخلل ذرات تربتها حين الموت وتحلل الجسد .. إقتطعت لك هذا المقطع وأني لمعتقد أنه مكمن القصد في بوحٍ أتجرأ فيه بالقول الصريح ما لا يقبل التضمين.. إن الحزن والمآسي هما أبلغ دافع أراه يدفع حرفك الباذخ ليكون مغداقاً في حزنه ودموعه المكبوتة .. لك الله أبا جهينة فهكذا كلنا في الهم شرق .. لك من الود أكمله وأجله

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 10:37 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 10:40 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 10:40 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-22-2009, 11:39 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-23-2009, 07:23 AM)

                  

11-22-2009, 11:15 AM

سارة كرودى
<aسارة كرودى
تاريخ التسجيل: 05-06-2009
مجموع المشاركات: 764

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    Quote: حين غادرت المدينة شعرت بعد لحظات المغادرة؛ وليس أثنائها أو قبلها؛ بأنني فى تلك اللحظه فقدت كل شئ ، وبكلمة "الترحال" انهارت جسور من التواصل


    .. الاخ ابوبكر ..

    مااقبح الغربة والترحال .. .. لقد عشت تجربة قصيرة بالمدى الزمنى طويلة كشهقة غريق ..

    يومها بكيت وبكت معى كل أشيائى الجميلة .. ..

    نحن يسكننا التواصل والحنية المفرطة ... فلابد ان نكون هنا .. ..

    ردا الله غربة كل غائب ... ...
                  

11-22-2009, 02:31 PM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: سارة كرودى)

    غصّة حنين :
    كالغروب أنتهي . . مُجبر في كل مرة على البدء من جديد !!
    = = = = =
    بات يتربـّصني حنين . .
    يتسلل إليّ خلسةً عن كل شيء ، يتشكــّل لحظاتي ، يتفيــّأ أملي .
    " بك" . .

    أصبحتْ لي ذاكرة أترنــّمها في لياليّ الموحشة ، أرتب بها وجعي بفواصل " راحتي " بين يديها . .
    وروحي حائرة . . . كيف تجعل ما يترقرق في اللهفة مـِداد " حرف " ؟؟
    كيف يحتوي حرفي " حنين " و أنا ما بين همسكَ " وهمسك" أشتاق أكثر . . فأكثر !
    ما يحملني إليكَ . . شوق
    وما يفصلني عنكَ . . شوق
    وما يوجعني فيكَ " الآن " شوق
    هنــــــــــــا . . .
    الحنين يتحوّل إلى وجع ، والحرف إلى انبجاس للوجد
    وكلما انتصفت الأحلام بفراق همساتنا يكبر بصدري " همْ " النهاية التائهة بين حدود فقد الذاكرة .

    ،،،،أبوقصي،،،،
                  

11-24-2009, 06:26 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً) !! (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً) !!

    العزيز ابوقصي

    سلامٌ على روحك الطيبة
    وبعد إذ أهديتني حرفٌ أخضر،
    حاولت أن أخرج من محيط الأرض.. حاولت أن أنفذ من رموش الجفن بطراً .. حاولت أن أدخل في سواد العين .. تيار الإهتجار جرفني .. رميت كل مجداف لموج الغربة ناشداً العودة، فألقي بكل أعضائي إلى التيار فيلقفه حالئذٍ لم أبصر للكون شطآناً فعدت القهقرى راياتي مُنكَّسة ودفاتي محطمة .. سفينة العمر إضطربت!! لك مني الود والتقدير فوهج حروفك وألقها زين وأضاء .. محبتي
                  

11-23-2009, 07:51 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: سارة كرودى)

    الأخت الفاضلة/ سارة
    سلامٌ على روحك الطيبة

    عندما تتقاسمنا المرافيء والمنافي تتغير فينا اشياء كثيرة كنا قد ألفناها؛ فحتى أنا لم استطع أن أكون أعجمياً ففي عرفي أن من لا يجيد الحديث بلهجة سودانية صميمة فهو أعجمي ؛ هكذا موقف يرجع لأن بعضهم يستخر من لهجتنا وليس تعصب جاهلية بل لأننا الذين ينطبق عليهم
    قولك ( نحن يسكننا التواصل والحنية المفرطة ... فلابد ان نكون هنا .. ..)!! صدقيني لقد كنتِ أشجع منا حين اخترت العودة إلى ربوع تفهم حتى لغة صمتك .. لاقوائم ممنوعات .. لا خوف من الغد .. لك الود كله وأسأل الله أن يستجيب لدعواتك الصالحات.
                  

11-24-2009, 07:09 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    أظُنُّني من الَّذين أخذتْهُم سِنَةُ الْغفلةِ عن هذا الْجمال ، وَلاكَتْهُ ألْسِنَةُ الْحروفِ في أمكنةٍ نائيةٍ عن ذا الْمكانِ الَّذي لم أقعْ لهُ على خبرٍ إلا الآن .
    ودٌّ وتحيَّة صديقي د.أبا بكر .
    وسأجلسُ على مأدُبَتِك هُنا ، أيُّها الأديبُ الَّذي أُرْضِعَ ثَديَ الأدبِ ، فما عَـقَّ حرفُهُ ميلادَ الْجمال أبدا .
    تحيَّةٌ أُخرى .
                  

11-24-2009, 07:47 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    Quote: آهٍ إنه شرود في إطراق؛ إستدعاءمن ماضٍ سحيق ومن بعيد؛ بعده لأننا فارقنا المدينة الحنينة وما يؤرقنا هو عقدة ذنب وجحود وعقوق لأمنا الأرض .. إلى المدن الحنينة فمن عالم الذكريات ومنافي الإهتجار تتداعى الذكريات إلى مخيلتي .. الطفولة وشقاوتها .. الصبا وعنفوانه والشباب وسطوته ، الشباب تلك مرحلة كانت آخر عهدي بمدينتي الصغيرة الوادعة التي تحتضن جُلّ رمال المنطقة.. الكهولة ولوم النفس .. الشيخوخة ومحاسبة النفس للروح.. الخريف يحيلتلك المدينة إلى جنة عدن .. الشتاء هو موسم الحصاد والأهازيج وفيه الصبايا يحملن على مطاياهن ما يجلبنه للسوق ليبعنه هناك وهو يحمل على الإبل التي كيف خُلقت وعلى الحمير التي منكرٌ صوتها ، وما بين الإثنين فاتنة أو غيداء من بنات الحداء أو الترنم بالعشق ملكتهن ولا مجاريٍ لهن .. عيونهن المها .. وقوامهن الظباء .. وخفتهن غزال نافر.. وخفرهن بلقيس سبأ .. وفيهن أنفة إختيال الطواويس، أما الصيف قائظ والناس في عرض شربة ماء .. في موطن الجميلات وعزائز الرجال ينيخ العزم الماء الذي خلق منه الله كل شيء حي .. مدينة تغنى بإسمها الشعراء وترنم الحادي بأناشيد حداء قوافلها.. رجال بلدتي كرماء حتى النخاع وبرغم ضيق الموارد وذات اليد فلا مندوحة من ذبح الوحيدة من الأنعام حتى وإن كان لبنها مصدر الرزق الوحيد ، تذبح أجل سترة الحال!!
    بلدة فريدة في تقاليدها وحكاياتها .. أهلها يعرفون بعضهم البعض ، وقد لا تكون بين بعضهم قوة صلة ولكن عند رحيلهم منها وإلتقائهم في الغربة فهم أكثر من الإخوة والأهل يتجمعون حول بعضهم ويسترون بعضهم البعض .. من عجائب تلك البلدة أن كل شيخ هو (جد) من غير قربى ومتوسطي الأعمار هم (عم وخال) بحكم الإنتماء والرصفاء (أشقاء).. أما البنات فهن القوارير فلهن حظوة وحقوق ( أخوات) بالإنتماء للمكان كما وأن لهن الرعاية والحماية لأنهن (عرض) الجميع.. عمدة بلدتنا هو ( جد الجميع) ولا أحد يناديه بغير لقب ( جدي العمدة ).. العُرف والجودية هما السائدان في تصفية الخلافات والنفوس بين من ينشأ بينهما خلاف من أهل البلدة ..
    لليالي المقمرة في بلدتنا شأنٌ ورونق ، يتجمع الأصدقاء والشُلل للسمر والترويح وما أدراك ما الترويح ، فالترويح في زماننا ذاك الجميل كان شعرٌ وكأس وسمر وسجالات وانتماءآت .. في ذاك ( الوادي أو ما يسمى بالخور ) ورماله االتي تلألأ كما الماس في ضوء القمر وحين تنعكس تلك اللآلأة على بعض مياه راكدة تحس وكأنما إنعكاس ضوء القمر والنجوم على سطحه فكأنما عريسٌ يلتف حوله أصدقاءه يزفونه إلى خدر العروس .. تحتضن ضفة الوادي ضريح أحد الأولياء الذي سُمي الخور بإسمه وقد رحل إلى جوار ربه قبل نصف قرن من الزمان .. وحين كنا نتجه كل صباح إلى المدرسة (الأولية) كما كانت تسمى يومذاك كنا نسمع دوماً توسل كهلة أو كهل؛ صبيٌ أو صبية بجوار الضريح ( إنشاءالله يا الفكي .. تلحقني وتفزعني وتحل لي مشكلتي) ثم يتركون بعض القروش في حفرة بجوار القبر وهو ما يعرف بالنذور أو (البياض)!!

    كنا نحن صغاراً أشقياء في براءة ، كنا (عفاريت) الإنس ، شلة نحن من من هذه العفاريت الشقية تنتظر مختبأة وراء أشجار النيم واللبخ لحين يضع الزائرون النذور ويغادرون وهي عادةً ما تكون إما (تعريفة أو قرشاً) كان للقرش أو التعريفة يومذاك سطوةً شرائية لا تعدلها ألوف هذه الأيام وكنا ندخل بعد خروج زارئي وزائرات الضريح وهم لا يتعدون نصف عدد الكف الواحد في أحسن الحالات؛ ندخل الضريح بعد أن نكون قد تأكدنا من حارسته ليست متواجدة هناك وهي عادةً ما تكون أحد حفيدات أو بنات ( الفكي) لأنها تقوم بكنس ونظافة القبر أوالضريح ( مجازاً) وهي عادة ما تجمع تلك النذور لتعتاش منها.. كنا حين نتأكد من عدم تواجدها ننقض على الحفرة ونصادر ما به ونواصل مسيرتنا إلى المدرسة وفي الفسحة تجتمع شلة العفاريت وتقرر ما يجب شراؤه بالحصيلة من ( الخالة أم المجد) التي تبيع لنا الفطور فالفطور لديها متنوع من الطعمية أو الفول أو الكسرة بالدكوة (المظلوط) أما التحلية فهي اللقيمات كانت الدنيا بخير وكتا بالحصيلة المصادرة زائداً ما جاد به كيس الوالد من مصاريف الفطور تذهب إلى خزينة ( الخالة أم المجد) .. تلك المرأة العظيمة التي عاشت مع زوجها على الحلوة المرة يكافحان من أجل تربية أولادهما وكان إبنها (م) من شلتنا وبالطبع كانت مشاركته لنا عينية بما يحصل عليه من والدته من وجبة تتأكد من أنها لا تزيد ولا تنقص مما يتاح لأقرانه !! .. كانت عبارة ( تشاركني)تعني أن نجمع المصاريف للحصول على إفطار أكثر تنوعاً .. إنها شلة العفاريت!!




    يا سلاااام يا د. أبا بكر ، أشكرُ لكَ هذا الْقَصَّ الْواعي مفردةً ومَعنى ، ولعلَّكَ تذكّرني بماضٍ جميل ، ومن ذاك التّداعي تذكّرتُ من آنفِ قَوْلِكَ إحدى قريباتي إذ كانت ضعيفةَ الْبِنيَة جدّا ، وكُنّا نتعقّبُها لنأخُذَ ما تجودُ بهِ من دُريْهماتٍ على ذلك الضّريحِ الرَّمليّ ، وكنتُ أسمعها وهي تجلس قرب ذاكَ الضّريح وهي تُردِّد قائلةً :
    - يا الْماغي تمغاني !.
    وتُواصلُ في ازدرادِها لكميّاتٍ من الرَّمل من تلك الْمقبرة ، ونحنُ في ازدرادِنا ذاك على نهجِها نسير دونَ أن ترانا، ناشدينَ التّبَرُّكَ مثلها ، ومن قبلِ ذا دُريْهماتِها الْمصرورةَ في طرفِ ثَوْبِها حين قدومِها.
    وفيما بعدُ علمتُ أنَّها كانتْ تقصِدُ وتُريدُ بدعائها ذاك ( الشَّحَمَ والسُّمنة ) ، ودارَ الزّمن ودار ودار وسمعتُ أنَّها أضحَتْ في الْماضي الْقريب من ذواتِ الْجُسُوم الْعاتية ، وباتتْ تمشي على رجُولِها ثلاثة أمتارٍ فقط ثُمَّ تجلس على الأرض لِترتاحَ أربع دقائق من عناءِ سيْرِها في الثلاثةِ أمتارٍ الماضية . أرأيتَ يا صديقي كيف أصبحت سُمنتها وبالًا عليها ، ولا أعتقدُ أنّ الشّيخَ الْجليلَ والْوَقُورَ ذاكَ كان سببًا في سُمنتِها تلك ، لكنَّها : * الْعُكَارَة بالطّحنية . ههههههههههههه . فلتَحْيَا النَّحافة وتسقط السُّمنةُ يا صديقي .
    وأمّا الْعُكارَةُ بالطَّحنيَّة فذاك مدخلٌ آخر ، أظُنَّني تناولتُهُ في مكانٍ آخر من كتاباتي .
    لك تحيَّتي وسأعودُك ثانيةً وثالثة .



    _________________________
    * الْعُكارَة بالطَّحنيَّة : كما وردَ في مختارِ قريتِنا الصَّحَّاح ، هي خليطٌ من الْكِسْرة والماء والطّحنيَّة ، يُعجن الخليطُ جيِّدًا لأربع أو خمس دقائق ، ثُمَّ يُشرب ، وحينما يُشربُ مِرارًا يُحيلُ جسمَ واهنِ العظم مثلي إلى " مايك تايسون " من شِدَّةِ السُّمنة ، المشكلة أنِّي فعلتُ ذلك الأمرَ مرارًا وما أزالُ أنا أنا ، لم يتغيّرْ طعمي ولا لون نحافتي ، هههه .

    (عدل بواسطة محمَّد زين الشفيع أحمد on 11-24-2009, 08:00 AM)
    (عدل بواسطة محمَّد زين الشفيع أحمد on 11-24-2009, 08:05 AM)
    (عدل بواسطة محمَّد زين الشفيع أحمد on 11-24-2009, 08:06 AM)

                  

11-24-2009, 08:13 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    Quote: أذكر في بلدتي كيف كانت الأواصربين أهلها.. فالعُوّاد حين يأتون لزيارة المرضى تسبقهم ( ماشين نزور فلان ضربتو ملاريا)!! .. شهدتهم كيف يتواصلون ويتكافلون في السراء والضراء.. كيف يتقاسمون الحلوة والمرة .. كيف كانوا يفرحون .. وكيف كانوا يبكون



    أشكرُ لكَ هذا السّرْدَ الْمنصفَ بِحَقّ ، فتلكَ تربيةٌ أصيلةٌ يا أبا بكرٍ ، وَ ذَا سُلوكٌ إنسانيٌّ جميلٌ قلَّ وندرَ أن تجدَ مثلَهُ الْيوْم .
                  

11-24-2009, 08:40 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة !! (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    Quote: رأيت (....) هي كانت أسطورة في الجمال " خاطفة لونين " حوراء لها عيون المها .. إبتسامتها برق في ليلة ظلماء.. أسنانها لؤلؤ مصطف في تساويٍ .. كانت رمزاً للدل والخفر والعفة والعفاف .. كانت أجمل بنات الحي بلا منازع .. كانت تخطر كل صبح كملاك طاهر جميل انيق مترف بالجمال وهي في طريقها للمدرسة " الوسطى"!! .. كانت كل قلوب الرفاق تحوم حولها كنحل يخدم ملكته .. كانت فراشة يليق بها رحيق الزهر .. أما أنا فكنت العابد الصامت أتعبد في حضرة جمالها حين أرمقها على استحياء دون أن يعلم أحد أو تعلم هي ..
    وبعد عقدين من الزمان جئت أحمل في كبدي حب حبيبٍ والهٍ وشوق مشتاق غادرتها وأنا في ميعة الصبا وعدت ُ إليها وقد بدأ الشيب لتوه يغزو مفرقي.وعندما وطئت قدماي أرض " البلدة " كانت أول من ألتقي قد بادرتني بالسلام
    قالت: حمدالله على السلامة .. غيبة طويلة جئت وقد بدأ الشيب يغزو شعرك!!
    قلت : أنتِ كما أنتِ ؛ أنت ما زلت في أوج نضارتك فلم تمر عليك عاديات الزمن حتى إبتسامة شفتاك رجعتني لعز صباك!!



    ذاكَ جمالٌ طبيعيٌّ و " أورقانيك " - Organic - ، لمْ تُغيِّرْ طعمَ عافيَتِهِ السُّنُونْ ..


    Quote: إبتسمت في دل رصين يليق بسيدة أربعينية.. معلمة ومربية أجيال
    وقالت: حسبتك ذاك الخجول الغربة علمتك الجرأة
    قلت : الزمن يحلل عقدة اللسان ،هل تزوجت؟
    قالت : نعم تزوجت وأنجبت " حنان " وهي الآن في الثامنة عشر وستمتحن الشهادة ؛ توفي والدها وهي إبنة ثلاث سنوات فنذرت نفسي لها!!


    يا لَها منْ وَفِيَّة ، اقترنَ الْوَفاءُ بها فزادتْهُ إيفاءً لَمْ يَعقُبْهُ قُصُورْ ..
                  

11-24-2009, 12:09 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة ..( الكنار يغرد حَزنّناً) !! (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    [green]صديقي العزيز الأديب الأريب / محمد أبن " الزين " حفيد الشفيع"
    ( ملكت المجد من كل نواصيه)

    سلام على روحك الطيبة
    أما بعد،
    فها قد مثلت بين يدي مولاي معتذراً عن تقصير أقدامي فما بال الأقلام؟! فاسمح لي عّلني أجد مقالاً يناسب الخروج من مأزق وضعت نفسي فيه بغير
    قصد ، فأرجوك أبحث لأخيك عن أي عذر وألف عذر..

    الحمدلله الذي ساق لي أبوقصي صبيحة اليوم ليخبرني عن الحادث وحصلت منه على رقم الجوال وبادرت بالإتصال ولو كنت أعلم بما ألم بك لشددت لك الرحال .. ثم فاجأتني بدخولك على المعاناة ولكن من أين لي بما يكافيء ويماثل فالحديث ذو شجون وسآتيك بالرد على المداخلات وأنت واصل في قرآءتك فأنت ترى بعين الأديب المبدع ولا يمكن أن يكون هناك عمل مكتمل وأغفر لي أخطائي الإملائية فإني أخافك يا أيها الشفيع فاشفع تؤجر .. لك مودتي وعائد لك لا محالة
                  

11-24-2009, 10:39 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً)!! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)



    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً)!!(18)

    معاناة المدن الحنينة

    يا صديقي

    ما أبهى هذه الليلة ، الليلة سأستريح يمكنني هنا في صدر مدينتي أن أعيش كل شيءٍ ببهاء ، كلي وأنا أجلس معكم في رمال هذه الأرض وكأني أجلس على عرش "كسرى انو شروان " .. حينما أتمشى في حواريها أحس بفخرٍ وعز وكأني "المعتمد إبن عبّاد" في قرطبة .. مدينتي هي مدينة الشمس والشعاع ، لم يمر شعاع شمسٍ على هذه البلدة إلا ومجازاً مررت بيدي عليه كانت لكل تلك الأشعة أجسام ناعمة وضئيلة ولكنني كنت أعرف كل شعاع من ملمسه .. أهل بلدتي هم أشعة الشمس ، عرفت أناساً كثرٌ من نسل بلدتي بقيت عيونهم سنوات طويلة تزاملني في حلي وترحالي ، وعندما عدت إلى مدينتي كنت فيها مجرد " هلام الغرباء " لولاكم لأصبحت " هباء" فما أجمل من أن نلحق ببقايا الماضي لنعيش بعض الحاضر فالمستقبل إلى " فناء"..!! يا مر ما رأيت ، رأيت في مدينتنا أناساً جُدد ليس كتلكم الرفقة الخرائد التي عققتها واهتجرت وعقّ بعضهم فمضى على أثر "السامري " إلا من رحم ربي .. أناس غير مكتملين كأنهم بعض أعضاء آدمية غير مكتملة ، أعضاء نابية ..أعضاء غافية ..أعضاء صاحية .. أعضاء تبكي .. أعضاء تضحك ولكنها جميعاً ذات مشاعر متدنية لا ترقى إلى إكتمال جسم الإنسان ..!!.. هذا إحساسي الشخصي فعليّ أن أبوح لكم به في دائرتنا الضيقة فقد رأيت أعضاء وكأنما أنجبت للتو .. أعضاء تموت لأن منظق الحياة وقيمها منعدم في وجدانها .. رأيت شفاه تتحدث مع العابرين وتنسى نفسها .. وأرجل تسعى كحية تزحف على البطن لا بشر يسعى على اثنتين .. في مدينتي تكَوَّن عالمٌ جديد ومسخ قيم جديدة هذيلة هذال الزمن الذي يعيشونه ، إن زخم وأبهة نوعية التاريخ يصنعه الإنسان في مكانٍ وزمان محدد إما مجدٌ وعزة وإما ذلة وانكسار..فماذا نرى اليوم؟!! أنا لست ناقمٌ على الأجيال بل أجيالنا تتحمل مسئولية هذه المخرجات ، هذا كله يرجع إلى نلرجسية وأنانية لإحتكار ما يعتقدون أنه المجد فقد سعوا وجاهدوا من أجله فكيف يسلمونه لأجيال لم تتعب ولم تبذل جهداً فيه.!! منطق أعرج من أرواح طغت عليها النرجسية والأنا والغرور !!.. وعندما عدت إليها لم أجد بل إلتقيت كلمات وأنفاس ونظرات غادرت أصحابها وأضحت كائنات جديدة لم أألفها أبداً ولكن هذا زمانٌ يجبرنا على تقبّل ما لا يقبل.!! ، زماني غير زمانهم وإن كان المكان هو نفس المكان رغم التشوهات التي لحقت وأُلحِقتْ به!!

    يا عمر ؛ ها هي الغيوم تزحف لتحجب ضوء القمر ولألأء النجوم والكواكب ؛ اظنها ستمطر فالغيوب تأتي من " دار الصعيد أي الجنوب " أظن أن غيوم جنوب العالم تأتي أصلاً من شماله المتحضر تقنياً والذي يعج بالمهاجرين من أمثالنا ، هناك لا يعبأوون بالقمر أو حتى ضوئه لأن الطاقة لديهم أغشت على ضوء القمر ، نحن ضوء القمر هنا يعني لنا الرؤية والبصيرة .. لذا فعلى المهتجرون أن ينتحبوا مرتين ، مرة حينما يصلون أرض مهتجرهم فلا يجدون الترابط والتكافل ومرة حين يفتقدون ضوء القمر، هم يذرفون دموعاً ما هي إلا سداداً لفاتورة قرار إتخذوه إما في قمة اليأس أو في ذروة حماسة الصبا وتفتح الآفاق وعدم القناعة بما هو متاح .. لا لوم عليهم إنه طموحٌ مشروع ولكه في ذات الوقت مثالب ، لذا هنا في هذه البلاد على الغريب أن يذرف كثراً من مخزون دموعه. إن الغيوم هذه الليلة تشبه لي أنفاس كل مهتجر في مغتربه فإنها تعتمل حول نفسها وتزداد قتامة مع إزدياد البرودة ؛ وحينما يعود المرء لمُنتماه تتباطأ أنفاسه ذاتها هنا؛ فهناك كانت أنفاسه لهاث وراء أمل أقرب إلى السراب ، ففي التباطؤ هنا تعبير عن أشواقهم وحنينهم لهذه الأرض ..
    - أظنها يا صديقي ستمطر .. ليتها تمطر لتطهرنا من أدران غباءآت عقولنا التي عّقّتْ وجاءت تذرف دم الندمالآن فهل يعود " المِرِقْ) المكسور إلى إستقامته وسلامته يشد سقف المأوى؟!!..

    أتذكر ياعمر ، حين كنا صغاراً كان المطر لعبتنا ،فأبي لم يكن يملك ثمن لعبة يقدمها لنا، كيف ذاك ونحن الثمانية الذين تعج وتضج بأصوات لهوهم الدار في عز المطر ، كنا نلعب بما تجود به الطبيعة من أغراض ووسائل ، الفراش ، الطير ، الماء ، الطين والغصون والأزهار البرية .. لم تكن بيننا وما بيننا وبين الأرض قسمة طيزىز!! .. كان أبي يزجرني حينما كنت أستلقي أعد النجوم ليلاً ، ربما الآن عرفت أنه كان يخاف عليّ من فقدان أحد رفاقي.. ربما كان أبي يعلم أن ليست كل الصحبة تكون حاضرة وأن كثيرٌ منهم لا بد يوماً سيغيب ، فرحل صديقنا " ابو الهول" وتبعه " القاضي العادل " وتبعهما صديقنا القاضي الآخر " اسكيل" ، كان مجلسنا يزخر بالرفاق والصحاب لم يكن يقتصر يوماً على إثنين أو ثلاثة على الأكثر .. أخاف أن آتي مرة ولا أجد رفيق ولا صاحب !!.. اليوم فقط عرفت لماذا كان أبي يزجرني عندما يراني أعِدُّ النجوم ربما لأنه كان يحبني كثيراً وفوق التصور ويعرف ماذا تعني الصحبة والرفقة والصداقة في أعماق مشاعري!! كان أبي يقول لي : ليس جميلاً في أن تهجر أرضك وأن لآ تعيش في مهجرك الحياة التي كنت تشتهيها !!

    يا صديقي أتذكر آخر مرة إلتقينا فيها صديقنا " ابو الهول" حين خرج عن صمته وهو الشاعر الوجداني العاشق دوماً للحياة ؛ قوله: أن في الموت براح ومتسع لكل شيء فلننس كوكبنا الأرضي الضيق فهناك يمكننا أن نتهادى في السديم المتسع، نتجول في عدمنا . وحينما ضحكت أنا دونكم وقلت له: حقاً أن العدم فسيح !!

    قال هو : تستطيع أن تمد فيه مدى ضحكتك حتى الأبد!! وعليك أن تسعد في السديم فليس حريٌ بك أن تستلقي في السديم من دون أن تكون لديك أحلامٌ تؤرقك.!!
    اليوم فقط أدركت يا عمر لماذا غادرنا " الحسين – ابو الهول" مبكراً.. لأنه يريد أن يحلم وآن للأحلام أن تؤرقه!!
    يتبع

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 10:40 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 10:43 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 11-24-2009, 10:47 AM)

                  

12-02-2009, 01:49 PM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً)!! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً)-19-!!

    أخي وصديق عمري.. عمر
    أخ داهمني فافرحني بمداخلاته وفكره ومشاعره - وهو مع كلينا في الهم شرق (محمد زين الشفيع)

    أكتب إليكما وأخاطبكما في ثنائية أو في إفراد .. تؤنسان وحشتي وعودتي إلى مدينتي مدينتة المساكين البؤساء الفقراء.. ويشرفني أنني بعض منهم ومنكما.. أنتما بعض منهم ومني..مدينتي إكتسبت صفة حالهامن حال البحار فالبحار عظيمة تمخر عبابها البواخر وعوالم حية على مختلف تنوعها، يغضب البحر فيفيض يمحو حضارات في شواطئه وتقيم حضارات بدلاً عنها وهو باقٍ كما هو وهكذا مدينتنا تلفظنا كما يفعل البحر وتبقى على حالها ولكننا نعود لها نبحث عن هويتنا وإنتمائنا وإن تطور فكرنا ، وعندها تستقبلنا كما الأم الرؤوم ، تنسى عقوقنا وننسي قبولها كرهاً لنا بالإهتجار وتبقى هي كماهي دون أن تتغير أو تتبدل وإن لعب بصباها فعل السنين!!

    آهٍ يا صديقيّّ علآم تحسدانني ؟ أما تعلمان أنما يشقى في عالمنا ثلاثة ، الأول حاسد يتألم لمنظر النعم التي يسبغها الله على خلقه مع علمه أن ملك الملوك إذا وهب لا عليك أن تسأل عن السبب ، وثانيهما طماعٌ لا يقبل بما لديه فما أن يصل لغاية حتى يبدأ الأخرى وغاياته لا تنفذ ولا تنتهي تكمن متاعبه في الجري وراء ما لا يحق له ؛ والثالث مجرم هاتك أعراض فتلصق به صفة لا يمكن لها أن تبارحه ولا تنتفي عنه أينما ذهب، .. فلم وعلآم تحسدانني؟!

    - أذهلتني اليوم يا عمر حين قلت بأنك بالأمس إلتقيت من كانت يومذاك "غادة مدينتنا" وهي التي أول من وقع عليه نظري حين هبطت المدينة الحنينة وكأن القدر هيأ لي مفاجأة تسرني كانت أول من وقع عليها نظري عندما وطئت قدماي الأرض الطاهرة الحنينة لحظة نزولي من دابة آخر الزمان وأنت قد بحت لها بما كان مني تجاهها من مشاعر ووجد وصبابة وقتذاك، هي ذاتها تلك الغادةالتي كنت أعشقها في صمت ومن جانب واحد أبان مرحلة تعليمنا في المدارس الوسطى حتى كان الفراق.. زادها الزمن أصالة وقيمة وزهو رصين ووهج لا يدركه إلا كل نابش لحجرٍ كريم ؛ أصدقكما القول؛ هي الوحيدة التي طُبعت صورتها في خيالي ورافقتني في حلّي وترحالي ؛ أناجيها وأخاطب طيف خيالها وهي لا تعلم عن مكابدتي لعشقها شيئا، لا أدري هل مرجعه حياء واستحياء مني.. أم أنني كنت موقن أنها العشق المستحيل، كانت ذكراها دوماً تؤرقني وتضرم ملاهب الذكريات في وجداني في مهتجري وبعيداً عنها وعن مدينتناالمعشوقة فكأنما كان مكتوب عليّ مكابدة عشْقَيْن وحين عدت لها مُتحرقاً بلواعج شوقٍ جارف لها وكانت مشاعري تزداد ضراماً ، هل تعتقد يا الشفيع أن ما يعادل كل تلك الأشواق التي كابدتها كمداً أهي من منطق تراكم في العقل الباطن واللآوعي لمدينتي أم هو شوق لتلك الغادة " العشق المستحيل"؟!... أليست مفاجأة غير متوقعة أن تكون هي التي أول من يقع عليها نواظري حين عدت ؟!أم أن مدينتنا أرسلتها لتنيبها في استقبالي كبادرة من أم حنون أقعدها المرض فأرسلت أبهى وأعز من لديها لتستقبل إبنها العاق أم أن ذاك كان فاتحة خير لزمان الوصل!!؟

    - عجيب يا عمر أن تسألني كيف يتسرب الشقاء إلى قلبي وأنا أحمل في أعماقي قلباً خفوقاً وخفاقاً بكل مشاعر الحب والإجابة يا صديقي إن أكثر المعذبون في الأرض هم من العشاق لأنهم يكابدون ويعانون لحساسيتهم المفرطة.!!

    - اتعلم يا عمر أعجبني ردها عليك بعدما رويت لها عن "عشقي الصامت.. العشق المستحيل" ، تصور معي ؛ما أجمل أن تكون الجميلة العفيفة أديبة رقيقة الحاشية ذات مقال وقولٍ وبديهة حاضرة، إن قولها هذا لا يتأتى إلا من حس مرهف عبقري كانما أو ربما أرادت أن تكافئني على صبري على مكابدة العشق وكذا عودتي لمدينتي بعد طول غياب وكأنها تدرك أن تعلقي بهذه الأرض هو تعلق بالحب والعشق الذي تراكم في أعماقي حتى شاخ ..

    رفعتني إلى السحاب والغيوم حين قالت لك وقولها حق وقد أصابت كبد العاشق في مقتل:

    - :هو كما نعلم شاعر وجداني وقلب الشاعر مرآة تعكس كل ما ينعكس عليها من صور لكائنات يختزنها عقله الباطن خاصة ما كان يراه منها جميلاً .. إنه يعيش السعادة حلماً وهو يعاني ويكابد بذات الوقت فإن فتشنا عنها في أعماق قلبه تجدها.. قلبه قلب نابض خافق لذا فهو بالضرورة لا بد أن يكون مرهفاً وشاعراً، ففي قلبه تتكرس صور جمالية للكون الأكبر وصور لعالمه الخاص؛ عالمه الأصغر بكل ما فيهمامن تفاصيل دقيقة قد لا يراها غيره. أو إلا من كان من شاكلته أوتوأماً لمتخيلاته وأطيافها كما الأنوار اللطائفية ومثل الأرواح الطيبة الهائمة في سديمها في روحٍ وريحان.. بعيداً من أدران أهل الدنيا الدنية!!

    اليوم يا صديقيّ أنا منتشٍ بلا راح ، أليس ما قالته تلك الغادة يُذهب العقل و يطرب الوجدان حتى ثمالة الثمالة؟!! .. اليوم أرى كل شيء جميلاً ونعم الشعراء والأدباء هم من يستطيع إدراك سر جمال اللحظة التي يعيشونها .. إذا نظروا للسماء عاشوا في سديمها وهناك يعتقدون أنهم في عالم الجمال ، تخترق نظراتهم أديمها الأزرق ويسبحون في صفائها.. هم يهيمون في كل العوالم الحالمة، يا ويلي أنا اليوم في قمة النشوة وكأني في مجلس ولآدة بنت المستكفي نُقصِّر ليل العاشقين بالتناجي حالمين بما نعيش وكأنه الحقيقة لا الخيال.!!

    يا شفيع، في بعض الأحيان التي تغمر النفس مشاعر الألم يخيل إليك أنك عضوٌ مهم في مجريات الكون وأن عليك أن تتساءل بطريقة هي ربماالإحتجاج المبطن -والعياذ بالله - على بعض ما هو حكمة ربانية ؛ فلا تؤاخذني إن هذا كان نتاج ثقافة إعتقدته يوماً ما وهو فكر ينكر- الماوراء - ولا يتفهم الحكمة الإلهية من تصاريف القدر المقدر بقدر ؛ لذا أنا أعاني مرتين لمعاناة أهلي الذين " يموصون العكارة " ويجترونها في هناء منقطع النظير وأبدأ بطرح أسئلة هي في شكل حوار ملحدٍ مع الذات ولكنه يؤمن ضمنياًمن خلال أسئلته بوجود الإله الخالق الأكمل : ما الحكمة من هذا؟! .. لماذا كل هذا يا رب؟!.. لماذا لا ينفذ إلا في أهل مدينتنا المساكين قضاؤك وقدرك؟! .. عجيب الإنسان يناقض نفسه لا يؤمن وينكر وفي ذات الوقت يخاطب ربه، فيواصل الغي: أو لم يكن خيراً لهم إن حدث كذا؟! .. وفجأة أشعر بوخذ شديد في وجداني وأعماقي وتفكيري وإدراكي كأنه جرس إنذار فاسمع صوت يزلزل وجداني كل كياني فأتمتم : ربي أنت الخالق الواحد الأحد ؛ أنت الخالق المتصرف أغفر زلاتي فأنا الذليل ببابك!! ربي حكمك فينا عدل فعفوك ومغفرتك يا إلهي.!!

    يا عمر:
    ما بالك بالشفيع وكأنه ينكر عليّ قولي بأننا في زمان لا يأبه ولا يعبأ من أن يأكل الناس بعضهم بعضاً، يسرقون لقمة بعضهم البعض ، أقول له أن هناك فئة تعشق الحياة بغير حق الله فتسرق حق الضعيف وتنهب مال غيرها وتفسد في الأرض دون أي وازع من دين أو ضمير أو حتى أخلاق ؛الآ تعتقد معي أنهم في حقيقة الأمر يتعجلون ويتزاحمون إلى حتوفهم؟! ما معنى أن يستمرأ الإنسان ظلم أخيه الإنسان ويستحل كل شيء في حيازته ملكاً خالصاً له؟! فأيهما المسكين؟!
    - ألآ تتفقان معي بأن (المسكين) هو المُغْتَصِب لأمه مسكين في أخلاقه؛ أما(الفقير) فهو إغْْتُُـصِبَ حقه وهو فقير في علم الظلم غني بروحه الطيبة المتسامحة!!..
    إنني أشعر بأني أعيش عصراً لا يشبهني هل أنتما تشعران معي بهكذا شعور مؤلم يزرع فينا حب وإستمراء تراجيديا الألم ،.. إنه عصر صعُب؛ فهل أنا مجبرٌ أوعليّ تقبله دون أن أعبر عن رغبةٍ في إدراك رغبات ونوعيو جينات البشر الذين يعيشون فيه؟!، .. عصرٌ انعدم فيه التسامح والتسامح هو هبة التكافل؛ فكيف نتكافل ونتسامى بالتسامح ونحن جنحنا إلى " الأنا "؟! عموماً فأمثال هؤلاء مثل عجي لطيم في عالم القيم والتسامح والشفافية اللطائفية فهم لو تمددوا جميعهم في شراييني أو صهلوا في رئتي وأتوا لي بقوس قزح هدية أو قلادة كعقد مبهرج مثل الذي كان يزين عنق الملك تراهقا أو بعانخي فلن أشعر إلا برغبةٍ في أنظر في مرايا قد تسترد الصدى ولكني لا أسمعه!!

    - كلما تقترب إجازتي من نهايتها أشعر يا صديقيّ أنني أمد يدي إلى مدينتي مدينة البؤساء والفقراء والمساكين؛ أمد يدي مستغيثاً إستغاثة الملهوف وأشعر أنها وأنتما معها تقولون : إنما جئنا لنودعك ولن تستطيع البقاء هنا طويلاً ولكن من أجل ما يربطك من إنتماء نتوقع منك وعداً بأن لا تقطع أواصراً لك ورباطاً مع معشوقتك مدينتك التي يعشعشق وجدها ؛ العودة إلى الجذور التي تعشق.!!

    يتبع

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-03-2009, 06:25 AM)

                  

12-02-2009, 02:42 PM

عبدالحافظ عثمان
<aعبدالحافظ عثمان
تاريخ التسجيل: 08-12-2009
مجموع المشاركات: 161

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً)!! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    الاخ ابوبكر

    تحيه عطره....

    كل عام وانت بخير..

    وكل عام وانت الخير..

    والكنار يغرد سعيدا وحنينا....


    قول يااخى قول فانت حبر هذا المكان وكل الزمان...



    لك الود
                  

12-05-2009, 05:53 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يغرد حزناً)!! (Re: عبدالحافظ عثمان)

    أخي عبد الحافظ

    سلامٌ على روحك الطيبة

    مداخلتك تحمل روحاً عبقرية شفيفة لأن لغتها هي ما يصنف بغير المألوف من إنتقاء العبارة ..

    أعطيتني ووفيت بتقريظٍ في كلمات موجزة أبلغ من تدبيج صفحات وهذا يدل على رهافة الحس وعلو الذوق والهمة ..

    أشكرك فلست أملك ما يعدل ما نفحتني وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك بي ..

    أشكرك حتى ترضى عني همتك الوثابة.. تقديري ومودتي
                  

12-07-2009, 07:26 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يموت مغرداً)!! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يموت مغرداً) (20)!!

    نـامَ عذَّالـي ولـم أنــم واشتفى الواشون من سقمي
    وإذا ماقُلْـتُ: بـي أَلَــمٌ شَكَّ مَن أهواه فـي أَلَمـي

    - زدني يا عمر ، ثم ماذا قالت لك؟
    - قالت أنها كانت معجبة برصانتك وهدوءك ، بشعرك ونثرك ، وقالت أنها صديقة لأختك وكانت تسترق النظر لتراك عند زياراتها لها، ثم قالت: أن هناك شيء خفي كان يجذبها لك وكانت تظنها مشاعر إعجاب أدبي أما كفكر سياسي فهي كانت على النقيض منك ايها " الرفيق" .. آسف الرفيق سابقاً ولكنها ما كانت تشعر بأي تحسس أو نفور على العكس كانت تتمنى أن تجلس يوماً لتتحاور معك وقد علمت مدى رقة قلبك وسعة صدرك واحترامك للآخر وهذا ما أسعدها وجعلها تكن لك تقديراً خاصاً وأنها قالت أن أسلوبك ونبراتك في الخطابة وإلقاء الشعر تأسر وجدانها وقد حملتني لك دعوة لوليمة أختارها ما بين غداء أو عشاء في بيتها وبحضوري وحضور أخيها وابنتها وبعض زميلاتها ومن أختار على أن أخبرها بعدد المدعوين مسبقاً.

    عندما سمعت بأمر هذه الدعوة انتابني فرح كبير جعلني أشعر بأن مدينتي تغدق عليّ مزن من سعادة وسُحب من مودة.. شعور طائر الكناريا الذي يطربه جمال الربيع وازدهار رياضه وللعلم أنه الطائر الوحيد الذي يحيا ويحتضر وهو يغرد ؛ من غرائب هذا الطائر أنه عندما يعيش فهو دائم التغريد مدى حياته وحتى وهو يحتضر يعاني سكرات الموت فإنه يغرد طرباً ولا أحد يعلم أنه ينازع في الرمق الأخير وكأنما هو فرح بما يستقبل ؛ عالم آخر آخر أجمل مما من الذي رحل عنه ، لذا كان يقال "أغرد من كنار في المقام والترحال وحتى عند النزع"!!.

    - تعرف يا عمر أنني وجدت عزاءً في هذه الدعوة الكريمة عن كل معاناة عانيتها في مغتربي ؛ فمجرد رؤيتي لها كأول من رأيت عندما وطئت قدماي هذه الأرض الحنينة فكانت لحظات سعادة أعادتني إلى الماضيّ لأخلد في جوف اللحظات السعيدة؛ اللحظات التي كنت حين أرنو إليها وأرقبها في صمت وهي تخطر في الصباحات البهيجة وأخلو بالذكريات في سكون الليل لأجترها فأسعد أيما سعادة ؛ فليلة البارحة مرّ تاريخ عشقي الصامت لها بكل تراكماته أمام ناظري ب الرغم من كل إحساس الوحشة والألم بعيدا عن مدينتي وعنها فهناك لم أجد حولي مواسياً ولا معيناً على النسيان ..

    - وأنت ايها " الشفيع " هل تعتقد أن هذا اللقاء بمثابة روضة آمال مورقة زاهية خضراء يتسلسل ماؤها ويرق نسيمها لتلك "المعشوقة في صمت "؟!.. وأنت الشاعر الرمزي المرهف الذي تُحمِّل وتستودع في الكلمات كثير من الرسائل وعديد من المضامين .. أفتني أيها " الزين "، مالي أراك شارد ساهمٌ لا ترد؟!...أخاف صمتك وأخال أنك تقول :

    - ويحك يا هذا ؛ فأيامك عصفت بها ريح الزمن الذي تتناقص فيه الأحجام وحتى الأعمار.. الزمن يولد التجافي ، أخاف أن أقول لقد ذهبت ريحك وصوّح نبت روضك ، ذبلت ازهاره ، حتى جمد النسيممكانه فما عاد يداعب الأغصان فتتحرك ميلاً وطرباً وخفراً وغنجاً!!.. أخال أن أصرح بأن أنضر الأيام قد ولّى وأن الروض ماعاد فيه ( كنارٌ) يهتف!!

    - إسمع يا بلة الفاضل ها أنا أستدعيك من قعر ذاكرتي ربما صديقنا هذا"الزين الشفيع" يريد أن يصور لي هذه الدعوة وكأنهامأتم أو مجلس عزاء على عشقٍ مضى وأن كل ما علق بالنفس من ذكرياتٍ حالمة ما هي إلا أحلام لا تتحقق و لا تعدو إلا مجردآمال ذاهبة وأن شعري ما هو إلا أغنيات حزنية وكأنها بعض من لوازم مأتم أقيمه بنفسي على نفسي .. أم ترى أنه يرى بعين الواقع ما لا يراه " العاشق الصامت " الذي تغم غمامات العشق على ناظريه فلا يرى إلا ما يريد أن يرى الذي يضم نايَهُ على صدرهودع آمال ذهبت وأمنيات مهدرة فتعم النفس الحسرة والغم والهم ولا أملك إلا أن أبث الناي نجواي وما يعاني الفؤاد من آلآم حتى ينهمر دمعي ليغسل ألمي وحسرتي فيخلد القلب إلى بعض راحة!!

    - قل لي يا بلة كيف تراه أنت ليتك تقول أنك تراه بخلاف ما يراه الزين الشفيع أما هذا العمر فأنا لا أعتد برأيه فهو عاطفي الهوى متقلب المزاج؛ قل لي بربك وأصدقني القول حتى وإن كان مؤلماً في التباريح والمعاناة!!

    - أسمعوا يا أيها الأحبة : إن تلك المعشوقة التي ما كانت تعلم عن عشقي لها فهل كان لها يد في أن عشقي الصامت لها سلبني زهرة عمري؟! وهل كنت حالماً حينما كنت أتخيل أن السعادة ولذائد الدنيا لا تحلو إلا بقربها؟ وإن كان كذلك فلماذا اهتجرت ولم تبق مكانك تمارس نرجسية الحب الصامت ؟!! .. وهل صحيح لا يجد السعاجة إلا مجازف جريء يطلبها؟! وهل لا مكان لخجولٍ صامت يستحي عن التعبير صراحةً؟ وهل الشعراء والأدباء هم أتعس الناس لأنهم كتومون لا يبحون بما في وجدانهم إلا على الورق شعراً ونثراً رسماً ومغنى؟!!.. أليس صحيح أن الشاعر يجد السعادة في كل ما حوله بخيال رائع .. إنه يرى الجمال في الفراش والزهر ، النحل والشهد، في إختيال الطواويس وخفر القطا ، في أنة اليتم وفرحة الغواني ، في هدوء الليل وضوضاء النهار وفي جمال الحسناء وحياء العذارى!!

    يتبع..

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-07-2009, 07:52 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-07-2009, 11:00 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-07-2009, 11:01 AM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-07-2009, 01:09 PM)
    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-07-2009, 01:09 PM)

                  

12-15-2009, 10:43 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يموت مغرداً)!! (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)



    معاناة المدنٌ الحنينة ( الكنار يموت مغرداً) 021)!!

    مدينتي هي حلم وحقيقة يتغلغلان في وجداني .. وبرغم فعل السنين التي تعطب كل شيء إلآ أنها تقاوم ، فأنا أراها بقلبي وحسي غانية حسناء على الدوام مهما كانت عوامل التعرية والتحات ، حسناء تتزين باللآليء السوداء كل لؤلؤة منهما تشبه فاكهة الكمثرى الشهية وأثنتين مستديرتين : تلتصق بأعلى صدرها كأنهما نهدا غانية تفاخر بجمال انوثتها ، هما في الحقيقة جبلان صغيران يقفان عند أعلى تل في مدخلها وكأنهما يتحديان الزمن أو قل أنهما يقفان تحية لكل زائر وإبن مهتجر.!! ليتني أستطيع أن أعطي مدينتي كل شيْ أو أي شيء .. الحب والذهب ، الشعر والطرب . الشباب والشيب حين أُشْيّبْ .. مدينتي الحب فيها هدوء وسكينة ومشاعر حلوة تصطخب.!!

    هذه المرة تعلقت بها أكثر فأكثر لأن حسناء حبي الصامت قد إنطلق لسانها من خرسه ، وصرحت بعد تضمين فأشعلت في مشاعري عنفوان وصبوة .. ألحت عليّ (اللماذات وجاءت) أولاها:
    - لماذا تقتضي علائق الحب ثلاثة شخوص على أقل تقدير؟ فما ذنب التي تعطي ولا تأخذ؟!!.. أكانت تعلم أنه يعشقها في صمت؟! ولماذا صمتت حقباً نالت منه الأحداث فيها ما لم تنله الجبال على يد أصحاب المعاول من هدم؟!.ز رغم أنني كنت أشعر دائماً أن مجرد التحديق خفية في مرآة جمالها وهي تخطر متهاديةً نحو مدرستها يعطي حياتي أبعاداً جديدة.ز تمر السنون وكلٌ منا إختار طوعاً أو كرهاً طريقاً؛ إستمرار في القبول بأن يذهب العمر دون علاقة حقيقة بين شخصين .. علاقة لم تحدث وأنا مثلها مصر على الصمت وعدم الإفصاح والإكفاء بنظرات مسروقة من عمر العشق راحت هدراً!!

    حملت كل المشاعر المكبوتة في ظهري مهاجراً بها فإزداد حملي ثقلاً .. مشاعر صامتة لها ومشاعر العجز تجاه مدينتي لإأي عذاب وتعذيب للوجدان أعاني؟!! سر أحزاني وإكتئآبي أنني لم أجد لكثير من الأسئلة أي جواب ولكن العكس وجدت لكثير من الأجوبة أسئلة ربما هذا الشعور هو سر تعاستي وأحزاني المكبوتة والتي أفرح لطمرها في أعماق وجداني!!.ز إن كثيراً من الحقائق الماثلة أما أعيننا هي مجرد وهم نعيشه ونتلذذ بإلهامه ويقيناً نعلم أننا لن نطاله بل وبعيد المنال.!!

    حملت كونٌ من مشاعر ومعي الأحبة تلبية لدعوة عشاء وجهتها لي عبر صديق عمري وطفولتي وصباي عمر وقد منحتني حرية إختيارين إما غداء وإما عشاء ، إخترت العشاء لأني دوماً كنت أمني روحي الهيمانة الوالهة أن يضمني وإياها ليل العاشقين وكثيراً ما ناجيتها فيه أي في جوف ليل كنت أشبه فيه بعاشق متصوف يناجي محبوبه ، فيه بثثتها لواعج حبي وصبابتي ، كان الليل دوماً يبدو لي قصيراً .. قصيراً مهما طال كما هو الحال في الشتاء لأن طيف خيالها يؤانسني في وحدتي ويُقصر ليلناالتي كنت أخال أنها بدره المنير وقمره المضيء وأنجمه اللألآءة كأنه عقد خرائد تزين جيدها .. كنت أسمع في هدأة الليل نبض عروقها وأطرب لنبضات وريدها وأرقص مع إيقاع خفقات قلبها وكنت أثمل من همسها الحالم الذي يهز أوتار قلبي وتفرهد له نياط فؤادي فيعربد .. كنت أرى في نهديها الطاعنان فاكهة إستوائية نضجت وحان قطافها .. وفي لونها الخمري المئل للسمرة كأس ثمالة خليط من عناب مختلف ألوانه يزاد حلاو وطلاوة كلما رشفت منه حسوة .. كان خصرهاالمتأود يثير شكيمة أقوي الشباب شكيمةً وعماداً.. أما عيناها فهما كون بأكمله
    أما مشاعري وأحاسيسي فكانتا حالذاك كالمرجل تدفعانني للغوص في بحور غواية الذوبات حتى خلت أنني هممت بتقبيل فاههاً المنظوم بصفي جمان وشفتين هما كفاكهة من شجرة محرمةلي تنذر بهبوط آدم إلى الأرض وفمٌ أشبه بقوقعة نادرة تضم أندر اللآليء التي تفضي عن بسمة تنير الكون وتخطف الأنظار؛ يضم محار صيد من شط جزر الياقوت ،كنت دوماً أعيس مع طيف خيالها وفي عزلتنا كنا نتادل القبل الملتهبة فيسكرني من لظاها لماها الذي لا يطفيء حرقة بل يزيدها إضطراماً وولعاً وولها .. حتى يصار إلى أن نذوب سوياً ، نتحلل من أعين الرقيب فتتفت لواعجنا إلى ذرات تتماهى في سديم الشبق والآه والتأوهات!!

    يتصل...

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 12-15-2009, 10:45 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de