|
وداعا خاتم رسل الحداثة والتنوير
|
يفقد الحرف وهجه عندما يكون محورا له ذلك الإنسان الشفيف الخاتم عدلان فلا تملك المفردات إلا التواري من هيبته وتغوص كل بلاغة اللغة في غياهب العدم .ولكننا موجوعون حد التعب . فالحقيقة لا تحتاج إلى دلك عاطفي فعندما دخلت دنيانا كان الأمل يمتد فينا بلا حدود وعندما غادرت توقف النبض بداخلنا معلنا بداية النهاية لوطن ظل يحتضر طويلا . تنتابني الأفكار وتموت الحروف قبل أن تنطق ولكنني احتاج لان أواسي نفسي التي حرمتها التواصل معك لا لشي إلا الجمود. لم تكن تشبه أنبياء هذا الزمان الكذبة بل كنت وحدك تصارع في واقع ملي بالالتباس . لن نقبل فيك عزاء فأنت باقي في مكان ما تلمح حولك كل شي ولكننا لا نستطيع مشاركتك صنع التفاصيل . لقد كان رحيلك الفاجعة التي هزت بعنف سكون بحيراتنا الميتة . لقد كنت متفردا في كل شي حتى في الرحيل . انتزعت نفسك انتزاعا وكأنك تمارس نوعا من أنواع الضجر ....انتظرنا عودتك ولكن انتبهنا بان ضجرك بلا نهاية . كم كنت أتمنى أن أكون قريبا منك ولكنه الإحباط يا سيدي الذي عزلنا حتى عن ذواتنا . دوما كنت اختزنك للأيام ففي يوما ما سوف نلتقي ونحكى كثيرا . ثقتي في الزمان لم تكن في محلها ولا أدرى أي قدر رماني للثقة بهذا اللعين. دعني ألوم نفسي قليلا فبرغم كل ما قيل عن الزمان وجدت نفسي واثقا به حد التسليم ولكنى أعدك بن لا اضرب موعدا حتى ولو بعد ثواني . سأمارس الفعل مثلما علمتنا ومهما تكن النتائج . يا ليتني لو استعير (لو)الشيطان لارحل معك في عوالم الخلود ........... فالشيطان في كثير من الأحايين افضل فعلا منا بنى البشر................. مأساته انه لا يستطيع استحضار ذاته ليرافع عنها ........................ ومأساته أن قوانين الفيزياء التي نتحرك من خلالها لا تتيح له أن يستحضر أبعاده ............ يا ليتني لوساهمت معك في بناء مشروعك التنويري بعد أن هجرنا كل شي ولكنك لم تمارس اليأس تجاهنا أرسلت لنا الرسل تناشد جذوة الروح التي فينا ولكننا لم نلبى ندائك نداء الواجب . نعم خذلناك وفينا شي من حتى ولكننا حتما سوف نواصل المسير على خطاك فخطاك لم تعد مجرد خطى بل هي منارة لكل البحار البعيدة . عرفتك قبل أن أراك ووثقت في فعلك قبل أن تكون حروف الهجاء . اذكر جبدا عندما كنا في حق كنا ندافع عن رويتنا بأننا ختميه أي أننا اتباعك ............ كنا نقولها بشكل عفوي .................. فختميتنا تعنى قوة المفردة ................. وختميتنا تعنى جراءة الفعل ..................... وختميتنا تعنى الحدة الرحيمة التي تنسل بين ثنايا الأحشاء مثلها مثل مبضع الجراح ............. وكم كانت دهشتنا أن رأينا انك فعلا كذلك . لم تكن محكوما يوما بقوانين الجسد فقد كنت دوما محكوما بقوانين الروح ............. تحس بالأشياء ولا تحدك حدود المادة .................. كم كنت رحيما وشفافا وأنت تقدم اعتذارك لكوادر حق الذين أعياهم المسير . وكم كنت شفافا وأنت تؤجل أفعالك العظيمة ومشاريعك الطموحة من اجل قضاء حوائج غيرك لانك كنت تدمن فعل الجمال . لن نبكى فما علمتنا الانكسار يوما ما ولكننا سوف نرفع راياتك لاجل التحرير . لم تكن كسياسي هذا الزمان يدمنون المناورة والتكتيك والتنازلات ولكنك كنت واضح البصر والبصيرة تفرق ما بين التكتيك والمصالح الذاتية . كنت أتمنى أن أمارس الاحتجاج على موتك ولكنني لا أستطيع لان فعل الاحتجاج مؤجل على شعبك إلى حين . ثق تماما بان سودانك العلماني قادم لا محال ورجال الدين أي كانت مدارسهم سوف يحرقون في الشوارع كما حرقوا أجدادنا في أوروبا القديمة . وثق تماما بان دوله الحداثة قادمة شاء الكهنوت أم لم يشاءوا . نعدك أن نظل على المبدئية التي تعلمنا منها أن ا لسياسة قضية قبل أن تكون خبزا وسيارة ومنزلا فارها . المجد لك في الأعالي أيها الرفيق الإنسان. المجد لك أينما تكون فقد علمتنا كيف يكون العطاء .
|
|
|
|
|
|