|
الخاتم عدلان:ا لترابي و الكونغرس طرد من الخدمة 1000 شخص وهو أمر تقوم به كل إدارة جديدة
|
الخاتم عدلان في عمود آفاق و انفاق الاضواء الثلاثاء 27 ديسمبر 2004
الترابي في اللجنة الفرعية للكونغرس لا يوجد مجلس أربعيني أو بيوت أشباح أو تعذيب أو قتل، أو توتر ديني في السودان. لا أقدم نصائح للبشير لأن فرصة اللقاء به غير متاحة بالنسبة إلي. لا قيود على النساء من أي نوع، ولكن شرطة الأخلاق تحقق مع سيئات السمعة منهن. إحتجاجات الطلاب غير سياسية بل حدثت لسحب إمتيازات غير مستحقة. طرد من الخدمة 1000 شخص وهو أمر تقوم به كل إدارة جديدة. لا تطبق الشريعة على غير المسلمين وإنما هو عمل تبشيري طوعي لا دخل للدولة فيه.
أكاد أقول أن الخراب الداخلي، الفكري والوجداني والأخلاقي والسياسي، لبنية حسن الترابي العقلية، قد كشف كله، وبصورة بالغة الجلاء، في مقابلته في الكونغرس الأميركي التي تحدثنا في حلقة سابقة عن بعض وجوهها. وأكاد أقول أيضا أن المنافحين عن الترابي من مواقع الإستخذاء، والإستسلام الفكري للوطء السياسي، قد تفادوا تحليل تلك المقابلة لهذا السبب بالذات. أنكر الترابي صلته بالسلطة، أنكر وجود مجلس أربعيني، وقال أنه شخصيا لا يقدم أية إستشارة للبشير، لأنه لا تتاح له الفرصة لمقابلته! أنكر وجود بيوت الاشباح، و قال ان المعتقلين يؤخذون مباشرة إلى سجن كوبر الذي يصوره كاستراحة ذات خمس نجوم، وأنكر وجود أي توتر ديني في السودان، أو قيود على حركة النساء وعملهن وسفرهن ( إلا فيما يتعلق بالنساء ذوات السمعة السيئة!). قال إن حرب الجنوب لا علاقة لها بإسلامية حكومة الإنقاذ، وأن الذين فصلوا من الخدمة لا يتعدون الفا واحدا، وأنهم قد أعيدوا جميعا، إلى الخدمة بعد ذلك، وقال أن إغلاق الجامعات ليس له مغزى سياسي بل هو إحتجاج شباب مدلل على خدمات غير مستحقة، وقال إن حالة الطوارئ أمر عادي وأن الخدمة الوطنية ليست سوى تمارين أولية للدفاع الذاتي وتعزيز الإنضباط وهي فرصة لإعطاء الموظفين دروسا حول وظائفهم. قال إن القوانين الإسلامية لا تطبق على المسيحيين، وأن لكل منطقة قانونا جنائيا خاصا بها وقانونا للأحوال الشخصية نابعا من دينها، وأن القانون العام لا يتخذ الدين اساسا للتمييز. أنكر أية علاقة سياسية بإيران أو وجود إيرانيين في السودان، لا كمدربين أو مستشارين، وأن إيران لم تزود السودان بقطعة سلاح واحدة. قال أنه لم يؤيد ضم صدام للكويت، وإنما كان يرمي إلى إرجاع الكويت إلى أهلها سلميا، كما أنكر اية علاقة لحركته، أو لأية حركة إسلامية أخرى بالإرهاب. وربما أتعرض بالتحليل لهذه النقاط في حلقات قادمة. ولكنني أكتفي في هذه الحلقة، بإيراد مقاطع من المحاورة الكاشفة بين الدكتور حسن الترابي والنائب الديمقراطي من ولاية مشيغان، هوارد ويلب، كمثل حي على تفوق العقل المنطقي، والمنطلق الإنساني، والتقليد الديمقراطي، والصرامة الأخلاقية، على بنية فكرية مشوشة ومضطربة، ووجدان بالغ الخراب، ينجح مع ذلك في إستمالة كثير من العقول السودانية، مما يشير بالفعل إلى خلل حقيقي يعاني منه الكثيرون على مستوى الفكر وعلى مستوى الوجدان. فإلى المحاورة: النائب هوارد ويلب: أشرت منذ لحظات إلى الإعتقال التحفظي ( ترجمت التوقيف الإحترازي واخترت المصطلح المعروف في السودان، وهكذا ايضا في بعض الحالات المشابهة)، وألمحت إلى أن هذا ببساطة نتيجة وليس سببا للمشاكل التي يعانيها السودان. دكتور ترابي: أنت معروف بأنك القوة الرئيسة التي تقف وراء الرئيس البشير في السودان، وللسودان في الواقع أحد اسوأ سجلات حقوق الإنسان في القارة الإفريقية بأسرها. واعتقد أن القانون الجنائي، الذي أعتقد أنك أشرت إليه عند مناقشة الإعتقال التحفظي، يستند إلى عمل قمت أنت شخصيا بوضعه عندما كنت مدعيا عاما للسودان عام 1988. وبالتالي فإنني أريد أن أسمع تفسيرك للأسباب التي تدفع منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة افريكا ووتش، ومنظمة العفو الدولية، إلى الإشارة المتكررة إلى التعذيب الشديد في السجون السرية، التي قام بها إسلاميون متحمسون موالون لك. وقد مات عدد كبير من هؤلاء. كيف يمكنك في هذه الحال أن تدافع عن سجل حكومتك في مجال حقوق الإنسان؟ سؤال واضح، اليس كذلك؟ ولكن إليك إجابة الترابي: د. الترابي: فيما يتعلق بموقفي الشخصي، حضرة النائب المحترم، أنا لا أعد نفسي قوة رئيسية. أنا شخصية رئيسية على المسرح الإسلامي العالمي. وهذا كل ما في الأمر. ولكن ويلب جاهز لإعطاء الدروس لمراوغ لا يريد أن يواجه الأسئلة: هوارد ويلب: إعذرني، لا اقصد أن أقاطعك، إلا أنني أريد أن أحدد موضوع المناقشة. لسنا هنا بصدد تواضعك، ولكننا نناقش سجل حقوق الإنسان في بلدكم. الترابي: هذا صحيح وسأصل إليه. بالنسبة إلى سجلنا في حقوق الإنسان، أيا كان، فكيف يمكنك أن تقارن 25 إلى 50 معتقلا، بخمسين الف معتقل في كل بلد من بلدان إفريقيا الشمالية تقريبا؟ أعني أن سجلنا لا يمكن أن يكون الاسوأ وهناك العديد من البلدان الأخرى، بالطبع، التي تحتجز أكثر من هذا الرقم. هذا أولا... ويلب: هل أنت تقول إن إنتهاكاتكم لحقوق الإنسان مبررة في السودان، لأن إنتهاكات تحدث في أماكن أخرى؟ هل هذا هو ما ترمي إليه؟ الترابي: حضرة النائب المحترم، اشرت في حديثك إلى أن سجلنا هو الأسوأ، ولذا فإنني أحاول أن أجري مقابلة.... ويلب: أنا مهتم أكثر بما هو ابسط من ذلك: أي تبريرك للتعذيب والقتل. لقد وصلتنا أخيرا تقارير تشير إلى أن آلاف الجنود والموظفين الحكوميين فقدوا عملهم لأنهم غير ملتزمين نمط الإسلام الذي يدعو حزبكم إليه. الآن، أنا لا أعرف، ولكن على الأقل، وبحسب فهمي لأي تصور أولي للديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن هذه الممارسات غير مقبولة فكيف تبررها؟ الترابي: حسنا، إذا وافقت على أن سجلنا ليس الأسوأ، أنتقل إلى مناقشة السجل نفسه بما هو عليه... ويلب: أنا لم أوافق على ذلك. الترابي: بعد أن ذكر أن السودان يقبل مليون لاجئ، وأن ذلك ليس حال بلد تسود فيه شوفينية دينية، متجاهلا أنه هو ورهطه وجبهته هم الذين أدخلوا هذه الشوفينية بعد إنقلابهم، يقول: لقد كان هناك بالفعل عمليات تطهير في الجهاز الإداري. ويتراوح عدد الموظفين السودانيين، بين 500 ألف، و750 ألف موظف. وقد شمل التطهير نحو ألف موظف. ( الخط من عندي) إلا أن هذا الأمر كان يحدث مع كل تغيير يشهده السودان. وفي الكثير من البلدان ترغب كل إدارة جديدة في وضع رجالها في مراكز قيادية "أي مثلكم بالضبط في الإدارة الأميركية المنتخبة!!". ولكن هذا التطهير توقف الآن. وعاد الموظفون والقضاة وغيرهم، يتمتعون بحصانة الوظيفة التي يكفلها القانون. ويلب: هل أنت تحاول الآن أن تقول، وأعني بصدق، أنه لا تبذل الجهود الآن لفرض مجموعة معينة من الموظفين؟ نمط معين من الإسلام على المواطنين السودانيين بشكل عام؟ هل هذا هو فعلا ما تود أن تقوله لهذه اللجنة؟ الترابي: إذا كان الإسلام هو ماتقصده، فإن الإسلام في حد ذاته قيمة لا تعترف باي إيمان ينتج من إكراه.... ليس هناك مجال لفرض الإسلام، وأعني أنه إذا اعتنق أحد الإسلام بتأثير التهديد أو الترغيب، فإن هذا ليس معترفا به في الإسلام. ( قارن هذا بممارسات الإنقاذ منذ يومها الأول وحتى اليوم!) ويلب: ألم تكن هناك مساع لإتباع المواطنين أصول الشريعة؟ الترابي: بالطبع، هناك عمل إسلامي تبشيري في السودان تقوم بمعظمه منظمة غير حكومية أو منظمتان. بيد أن هناك نحو 15-20 منظمة كنسية مسيحية تعمل في أنحاء السودان. وبالتالي فهو بلد مفتوح للتبشير لجيمع الأديان، بما فيها الكنائس الاميركية. ( لاحظ أن السؤال حول الشريعة، والإجابة عن التبشير، مع الإيحاء بأن التبشير عمل طوعي، لا علاقة للدولة به، وأن التبشير المسيحي أكبر على الأقل بسبع مرات من التبشير الإسلامي، حكما بعدد المنظمات، ودعنا من مقدراتها!) ويلب: هذا يعني أن كل هذه المنظمات، بما فيها حكومتنا، كانت بشكل ما مخطئة، في تقويمها سجل حقوق الإنسان في السودان. فالناس في السودان لا يخضعون للتعذيب، وليس هناك تعامل إعتباطي على قاعدة معتقدات الناس الدينية أو السياسية، وهم أحرار في التحرك دون أن يخشوا إنتقاما أو تهديدا من أعضاء حزبكم؟ هل هذا ما تحاول أن تقوله لنا اليوم؟ هل هذه التقارير من نسج الخيال ولا اساس لها على الإطلاق؟ الترابي: قال لقد جاءت وفود من البرلمان الأوروبي والبريطاني وزاروا مواقع مختلفة منها سجن كوبر، واصدروا تصريحات رسمية بأن كل هذه الإشاعات لا اساس لها من الصحة. " وهذا ما قالوه لي شخصيا". ويلب: قلت أن إجراءت البشير لم تلق إحتجاجا من الشعب لأنها فرضت باسم الإسلام. فكيف تفسر حظر التجول وإغلاق الجامعات وحدوث محاولتين إنقلابيتين؟ الترابي: أصدرت قوانين للتحول إلى نظام إقتصادي لبرالي، فلم يحدث أي رد فعل شعبي، لأن هذه القوانين مستمدة من قيم المجتمع، وهذا ما دفعه إلى القبول بها. ويلب: إذن لماذا اغلقت الجامعات مرات عديدة، ولم حظر التجول؟ الترابي: حسنا، الجامعات في أنحاء العالم الثالث... ويلب: أنا لا أتحدث عن بقية العالم الثالث، بل عن السودان. الترابي: جوهر إجابة الترابي، وهي طويلة ومليئة باللف والدوران والأكاذيب، كما هو معهود فيه ومعلوم عنه، هو أن الطلاب حرموا من إمتيازات غير مستحقة، فلم يقبلوا ذلك، وأن إحتجاجاتهم لم تكن سياسية، ولم يذكر أن هذه الإحتجاجات غير السياسية قد جوبهت بالرصاص من قبل نطامه وسقط العديد من القتلى من الطلاب والطالبات وما زالوا يسقطون. وعندما سئل عن ترحيل الناس إلى الصحراء (أي قضية العشش)، قال أنهم نقلوا إلى هناك ليتمكنوا من التوسع، ولتوفر لهم خدمات الصرف الصحي والتعليم والعلاج. وأنهم حاليا يتمتعون بكل ذلك. وعندما سئل عن أوضاع النساء، قال أنه لا يوجد أي تمييز ضد النساء وقال " لا أعرف حالة واحدة طردت فيها من العمل بسبب جنسها"، دون أن يذكر نساء طردن لاسباب سياسية. وقال في خروج المرأة من السودان: (صحيح أنه عندما تغادر النساء السودان، يطلب منهن الحصول على تأشيرة خروج- تماما كالرجال-، للتأكد من سلامة وضعهن في الخارج.... والنساء يعبرن المطار ذهابا وإيابا دون مراجعة، وهو ليس هوسا أمنيا أو دينيا. فالأمر لا يعدو كون شرطة الأخلاق تقوم بعملها العادي للتأكد من أن النساء ذوات السمعة السيئة، لا يغادرن السودان للعمل في القاهرة أو غيرها. فقد كنا نتلقى في السابق شكاوى من الدول المجاورة كالسعودية حول هذه الممارسات. حول حظر الإتحاد النسائي، قال أنه إتحاد شيوعي تساقط من تلقاء ذاته مع سقوط الشيوعية. سأله ويلب عن نداء صدر من السفارة السودانية في اليوم السابق يطلب من المواطنين التبرع من أجل الجهاد. الترابي: في الحقيقة لا يوجد جهاد ضد المسيحيين، وأظن أنه سيكون من الظلم إدخال عامل التوتر الديني في بلد لم يعرف مثل هذا التوتر. فعلى الرغم من الحرب الأهلية في السودان، إختار معظم السودانيين، لأنهم يعرفون ابعاد مثل هذا الطرح، أن يناقشوا الأمر بمنأى عن الإسلام. "أعتقد أن هذه لحظة نادرة جدا في عبقرية الإلتواء: فعبارة الترابي صحيحة، من حيث أن معظم السودانيين لم يكونوا يريدون إعطاء الحرب طابعا دينيا، ولكن الترابي لا ينتمي إلى هذه الأغلبية، بل ينتمي ويقود الأقلية التي أعطت تلك الحرب طابعا دينيا وسمتها الجهاد. أي أن الترابي يريد أن يستغل رأي الأغلبية المعارضة لتوجهاته، لا ليبين خطله، بل ليتبناه على مستوى القول، ليدلل به على صحة الفعل النقيض الذي يمارسه، أو لإخفاء ذلك الفعل إن شئنا الدقة!" أما عن التبرعات للجهاد، فقال أنها " تبرعات طوعية للمساعدة في عقود الزواج الجماعية ومساعدة الطلاب واللاجئين والايتام وأمور أخرى كثيرة. إنها مساعدات طوعية لمساعدة قوات الدفاع الشعبي... وهذا الإعلان لا دلالة دينية له على الإطلاق." قال ويلبي ملخصا إستجوابه المقتدر للسيد الترابي: " هناك ماساة هائلة في السودان، هي إلى حد كبير، من صنع هؤلاء الناس الذين يسيطرون على الحكومة التي يمثلها هذا السيد. وأنا بصراحة أشعر بضيق وإنزعاج شديد، لأن الناس الذين لا يملكون خلفية كافية عن السودان في بلادنا قد يأخذون بالمعنى الظاهري لشهادة هذا السيد. إن هذه الحكومة متهمة بأنها متورطة بأعمال إرهابية داخل السودان وخارجه. حكومة ذات سجل بشع في مجال حقوق الإنسان. حكومة تجعل من المستحيل إيصال إمدادات المعونة إلى السكان المدنيين الذين تشن عليهم الحرب في الجزء الجنوبي من البلاد. إنها حكومة على الولايات المتحدة ألا تتعاون كثيرا معها في هذه المرحلة. شكرا جزيلا لك سيدي الرئيس" ولا أعتقد أن النائب هوارد ويلب قد تعامل بمثل هذا الإزدراء مع أية شخصية أخرى زارت الكونغرس الأميركي. وإن المرء ليشعر بالخجل لصفة السودانوية الجامعة بينه وبين وبين هذا " السيد". أما قبول نفر من المتعلمين لقيادته، ورفعه إلى مصاف "ولي الله"، وما يقوله ذلك عنهم فضلا عما يقوله عن الترابي، فذاك داء سنعرض له في حلقات قادمات.
|
|
|
|
|
|