|
الخاتم عدلان للاضواء الاحزاب السودانية شخصيات غير موهوبة تبحث عن مؤلف
|
الخاتم عدلان لـ«الأضواء» 1ـ 2
الأحزاب السودانية عقب سقوط مشاريعها صارت شخصيات تبحث عن مؤلف مع ان المؤلفين لا يتعاملون الا مع أصحاب المواهب
القيادات الحزبية عندنا مُعمرة ويستحيل فصل موقع صار يسري مسرى الدم في الجسد
انقسام الإسلاميين كان ذو طبيعة خاصة.. والترابي ميكافيلي
فساد السياسة السودانية سببه سقوط كل المشاريع السياسية والفكرية
حاورته/ صباح احمد
المتابع لمسيرة كل الأحزاب السودانية منذ نشأتها يلحظ دخولها في ازمات متعددة ومتكررة من بينها متوالية الانشقاقات العددية.
فقد تكاثرت الأحزاب وتناسلت بشكل لا يتناسب مطلقاً والوجود الفعلي للعديد منها او تأثيرها على الساحة السياسية، فقد اختلط علينا ماذا تعني هذه التكوينات وقياداتها والفرق السياسي والفكري والتنظيمي بينها وماهو مستقبل تلك الكيانات المنشقة عن احزابها خلال المرحلة المقبلة.
وبينما يصف الحاج وراق الأمين العام لحركة القوى الحديثة«حق» الانشقاق بأنه مثل بتر جزء من الجسد شاق على النفس رغم انه قد يكون مبرراً بل وضرورياً في بعض الأحيان لصحة كامل الجسد وذلك لأجل ايقاف انتشار عدوى الجزء المصاب.
ويرى ان المشقة تأتي من المفارقة بين مقتضيات الحساب العقلي البارد والاحتياجات النفسية والوجدانية.
يذهب الخاتم عدلان الى وجهة مغايرة حين يرى ان الغالبية الساحقة من الانشقاقات تدل على غياب الديمقراطية داخل الأحزاب السودانية على مستوى القيادة والقاعدة، ويقول لو كانت المجموعات المنقسمة وجدت داخل احزابها وعلى ارضيتها الفكرية والسياسية والتنظيمية كافة الحقوق التي تكفل للأقلية الدعوة لآرائها والانتصار لها بطرق ديمقراطية داخل الحزب لما فضلت الانقسام والخروج.
«الأضواء» بحثت عن اسباب الانشقاقات داخل الأحزاب السياسية وسألت عن مستقبل الكيانات المنشقة عن احزابها في المرحلة المقبلة من تاريخ البلاد وبدأت حوار الأسئلة الصعبة بالأستاذ الخاتم عدلان الأمين العام لحركة القوى الجديدة الديمقراطية «حق» بالخارج:
اسأل الخاتم عدلان عن الانشقاقات في الأحزاب السودانية واثرها على البناء الحزبي، واقول هل اصبحت الانشقاقات لعنة دونها لعنة الفراعنة لاضعاف الحركة السياسية السودانية؟
فيعتذر بأنني طلبت اجابات سريعة ويقول ان هذا يؤثر بطبيعة الحال على نوعية الأجوبة ودرجة عمقها، لكنه يذكر بعض الأسباب حسب ما يرى من أهميتها .
يقول لا يعتبر حديثه هذا مبالغة انه لا يوجد حزب سياسي واحد في السودان لم يتعرض للانقسام او الخروج ولعدة مرات في كثير من الأحوال، ومع ان هذه الظاهرة معروفة في مناطق كثيرة في العالم وفي مراحل مختلفة من التاريخ ويمكن اعتبارها من وجهة نظره مصدر عافية في بعض الأحيان، الا انها كما يرى بلغت في السودان درجة من التطرف والغلو كما انها علامة بارزة على امراض وعلل مستحكمة في الأحزاب السودانية وفي الحياة السياسية السودانية على وجه العموم.
استدل بحديث مكرر للحاج وراق الأمين العام لحركة القوى الحديثة«حق» عن الانشقاقات فهو يقول ان الانشقاق مثل بتر جزء من الجسد شاق على النفس رغم انه قد يكون مبرراً بل ويكون احياناً ضرورياً لصحة كامل الجسد وذلك لايقاف انتشار عدوى الجزء المصاب. وتأتي المشقة حسبما يرى وراق من المفارقة بين مقتضيات الحساب العقلي البارد وبين الاحتياجات النفسية والوجدانية.. اما الخاتم عدلان فيعتقد ان الغالبية الساحقة من الانقسامات تدل على ما يصفه بغياب الديمقراطية داخل الأحزاب السودانية على مستوى قياداتها وقاعدتها، لكن على مستوى الأولى بشكل اخص، لأن المجموعات المنقسمة اذا كانت تعرف انها يمكن ان تجد داخل الحزب وعلى ارضيته الفكرية والسياسية والتنظيمية كل الحقوق التي تكفل للأقلية الدعوة لآرائها والانتصار لها بالطرق الديمقراطية داخل الحزب لما فضلت الانقسام والخروج لأنها غالباً ما تكون استثمرت جهداً ووقتاً ولقيت في سبيل انتمائها للحزب رهقاً وعنتاً ومعاناة وسجناً وتشريداً مما يدفع الانسان للبقاء داخل الحزب بدلاً من الخروج عليه.
قبضة قيادية
اقول ان القبضة القيادية الخانقة والمركزة الصارمة من القيادات تقود بالضرورة لنشوء وتبلور مراكز القوى وان تسلط القيادات التاريخية والكارزمية لا يترك متنفساً امام البعض فيؤثرون الفرار من الحزب فيقول:
ان القيادات الحزبية عندنا كلها قيادات معمرة تحافظ على مواقعها بأساليب غير ديمقراطية او عن طريق مسوح ديمقراطية زائفة ولا تنوي مطلقاً اخلاء موقع القيادة لغيرها وعلاقة الشخص بالموقع القيادي ليست هى ان الشخص يحل في الموقع القيادي ويمكن ان يملأه او لا يملأه ويمكن ان يكون مناسباً فيه في هذه المرحلة وغير مناسب بعدها، ويمكن ان يفصل عنه باجراءات متفق عليها، بل ان الموقع القيادي كما يجزم هو الذي يحل داخل الشخص ويصبح من المستحيل فصل موقع صار يسري من الشخص مسرى الدم في الجسد، ويقول اننا امام نظرية جديدة في الحلول تعد أكثر تشابكاً من الحلول الالهية عند بعض الصوفية المشهورين، ولذلك فان الذين يختلفون مع هذه القيادة يعرفون تماماً انه لا مكان لهم داخل الحزب بمجرد اعلانهم عن آراء ليست مقبولة للقيادة خاصة اذا كانت هذه الآراء والمواقف تتعلق بأهلية القيادة نفسها، ويضرب مثلاً لذلك ويقول: تصوري شخصاً يقول لمحمد احمد بن عبد الله عام 1884م انه ليس المهدي.. صدقيني ان موقف المخالفين للقيادات حالياً ليس افضل كثيراً من ذلك الشخص الشقي.. وعلى كل حال يمكن قول الكثير عن القيادة الحزبية في السودان مما لا يتسع له المجال حالياً.. لكن النقطة الأساسية حسبما يراها محدثنا هى ان الخلاف يقود في السودان اما الى الانقسام او الى الخروج مع ان الوضع في الأحزاب الديمقراطية ليس هكذا مطلقاً ويضرب بذلك امثلة ويقول بأن هناك خلافاً حاداً داخل حزب العمل البريطاني وهو ما يعرف بحزب العمال في السودان حول حرب العراق وتقرير الاستخبارات حول اسلحة الدمار الشامل العراقية وحول الانتحار المرجح للعالم ديفيد كيلي ويقول انه استقال في خضم هذه الخلافات الكبيرة قياديون بوزن روبين كوك وكلير شورتي من الحكومة العمالية ووقف أكثر من مائة نائب عمالي ضد حرب العراق، لكن واحداً من هؤلاء لم يستقل من حزب العمل ويبرر ذلك بأنهم يعرفون ان الفرص متاحة امامهم للعمل المعارض ضد القيادة وليس ضد الحزب، لأن القيادة كما يقطع محدثنا تعرف هى الأخرى انها ليست الحزب وأنهم يمكن ان يقنعوا عضوية الحزب في يوم من الأيام بخطأ سياسات بلير وتبعيته المتصورة لأمريكا.. بقي هؤلاء بمواقعهم داخل الحزب ولا يتحدث القياديون الحاليون لحزب العمل عنهم الا بكل الاحترام والتجلة ولا يطرأ لواحد منهم ان يدمغهم بالخيانة او العمالة لجهة ما او السقوط العمودي او غير العمودي، بل انهم كما يلفت محدثنا يجدون احتراماً من المواطن العادي لأنهم تركوا مناصبهم بكل امتيازاتها من اجل مبادئهم.
ويضرب مثلاً ثانياً للأحزاب الديمقراطية ويقول انه في حزب المحافظين انفجرت في صحف الصباح اللندنية اليوم«ساعة اجراء الحديث» وفي كل وسائل الاعلام المعركة التي كانت محتدمة وكظيم ضد قيادة ايان دنكان سميث«كما يسمونه» وارسل النائب المحافظ ديريك كونواي رسالة الى السير مايكل سبايبسر رئيس لجنة النظام الحزبي يطلب منه طرح الثقة بقيادة زعيم حزب المحافظين لنقائص في قيادته يراها ومعه آخرون غير قابلة للشفاء، ويقول ربما تنجح مجموعة النواب هذه في ازاحة ايان دنكان سميث وربما لا تنجح، ولكن قيادة الحزب الحالية كما يرى لم تشرع مطلقاً في أعمال التصفية والتطهير وتبديد الشمل التي نجدها في الأحزاب السودانية في مثل هذه الحالة، كما ان هؤلاء النواب لم يفكروا مطلقاً في الاستقالة من حزب المحافظين لأنهم يعرفون ان حقوقهم محفوظة، وان الطريق امامهم معبد لاقناع الحزب بما يرون، واذا فشلوا فأنهم سيلتزمون برأي الحزب دون خشية من حملة الدفتردار الانتقامية ويثني على هذا المسلك، ويقول انها الديمقراطية التي لم تعد شعارات خاوية ورماداً يذر العيون وسيوفاً طويلة تقطف الرؤوس التي يحين قطافها لمجرد ابداء رأي مخالف حتى ولو في قضية ثانوية.
عناصر انتهازية
ولأن الانقساميين غالباً ما يسوغون حججاً مختلفة لتبرير خروجهم عن احزابهم ومشاركتهم في السلطة:
ـ لا يبرئ الخاتم المنقسمين على اختلاف الوانهم وظروفهم وخياراتهم ويقول بوجود عناصر انتهازية تترك صفوف الحزب المعين لتنال السلطة مهما كان الخلاف مع هذه السلطة، ويقول ان مثل هذه المجموعات تغطي هروبها بشعارات كاذبة حول الاصلاح والتجديد والتصحيح ومن هذا القبيل كان انقسام مجموعة احمد سليمان ومعاوية سورج في الحزب الشيوعي عام 1970م، وعلى كل حال هنا ايضاً لا ينبغي التعميم، فوسط تلك المجموعة التي انقسمت عن الحزب الشيوعي شخصيات يقول انها عظيمة بحق وشجاعة ومستقيمة، وكانت تعني بالفعل الشعارات التي رفعتها حول الديمقراطية الحزبية كما كانت تعتقد باخلاص ان هناك فرصاً للعمل المشترك مع سلطة مايو حتى وان اختلف الحزب معها في نهاية المطاف وعلى اعتاب مرحلة تاريخية اخرى متصورة، ومن هؤلاء يحدد د. فاروق محمد ابراهيم الذي يقول بأنه راجع موقفه علناً ودون خشية من السلطة الديكتاتورية ودون تملق لقيادة الحزب الشيوعي، ويحدد كذلك عمر مصطفى المكي الذي يقول عنه انه مات مناضلاً فقيراً ناصع الصفحات ويشير ايضاً الى محمد ابراهيم عبده كبج الذي يقول انه كان يؤمن فعلاً بما قال وناضل ضد الديكتاتورية وقتها وضد الدكتاتورية الحالية بصورة أكثر فعالية من كثيرين بقوا داخل الحزب الشيوعي كل حياتهم ومنهم آخرون يعتذر بأنه لا يستطيع ذكرهم جميعاً.. لكن الحزب الشيوعي الذي لا يرد اسمه في ذاكرة محدثنا عندما يتعلق الأمر بالتمييز الدقيق بين الناس والمواقف والأشياء يقول انه تعامل مع هذه المجموعات على قدم المساواة وشن حملة الجهاد من اجل تصفية الانقسامات المستمرة حتى الآن.
رمادية مواقف
اضع امام الخاتم عدلان المسوغات التي استند عليها مبارك الفاضل المهدي لتبرير انشقاقه من حزب الأمة واقول ان الفاضل استند على حجج اساسية لتبرير التحاقه وجماعته بالسلطة، الحجة الأولى ان حزب الأمة مفكك الأوصال التنظيمية وضامر الموارد المالية، ولذلك لا يملك ان يشكل ضغطاً على الحكومة، فالأفضل اذاً من وجهة نظره الالتحاق بها ثم ضرورة تقديم خدمات لجماهير الحزب التي طال انتظارها ثم تأكيده في النهاية على ان المشاركة في السلطة موقف، ولهذا السبب هى افضل من رمادية موقف حزبه وقتها في المنزلة بين المنزلتين ولا اتعرض لموقف الشريف الهندي ولا اطلق احكامي على مشاركته في السلطة، انما اشير لحديث بعض قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض حول ان الهندي قدم للسودان بلا ادنى رؤية محددة للحل الشامل ولا رؤية واضحة المعالم لتداول السلطة تداولاً سلمياً وانغمس وكوادره في هياكل النظام ودواوينه الأمر الذي مكن حزب المؤتمر الوطني الحاكم من زيادة سيطرته واضعاف الجناح المعارض بالحزب الاتحادي فيقول:
من قبيل هذه الانقسامات ما تعرض له حزب الأمة على يد مبارك الفاضل ومجموعته، وما حدث قبل ذلك من مجموعة الشريف الهندي هى ظواهر يمكن لاصحابها تبريرها انطلاقاً من ديكاتورية قياداتهم او دعاواها السماوية او الأرضية ويعود ليقطع بأنهم مهما فعلوا لتبرير ما قاموا به لن يستطيعوا تبرير انخراطهم في السلطة من مواقع الضعف والتهميش والمشاركة فيما كانوا ابلغ الناس في انتقاده لقاء ثمن يصفه بأنه ثمن بخس.
ويقول انه موقع لا ينتظر من امثالهم ان يرضوه لأنفسهم ولكن التبعة هنا ايضاً كما يشير تقع على القيادة لأن اساليبها التي يصفها باللؤم وممارستها وادعاءاتها العريضة بجانب عجزها مع كل ذلك عن تحقيق الأهداف تصل بالناس الى درجة من الزهد في الحزب تجعلهم ينظرون جدياً في أية صفقة تعرض عليهم ويبيعونه في نهاية المطاف بأبخس الأثمان.
اسأل الخاتم عدلان عن رأيه في الانقسام الذي وقع داخل صفوف الاسلاميين وافرز مؤتمرين الأول وطني حاكم والثاني شعبي معارض
ـ فيصف الانقسام الذي وقع داخل الحركة الاسلامية بأنه انقسام ذو طبيعة خاصة يحددها في خصوصية الحركة الاسلامية ذاتها نظراً لطبيعتها البشرية التي جبلت منها واعتباراً لهيمنتها الكلية على السلطة، ويقول ان البناء الفكري للحركة الاسلامية قام على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، ومادامت الغاية نبيلة وهى نشر الاسلام وتمكينه كما صوروا لأنفسهم، وكما اعلنوا على الناس فأن الوسائل كلها تصبح نبيلة مهما توغلت الحركة الاسلامية في ممارساتها..
ويقول ان المستوى الفكري لشيوخها من كل الأجيال لم يكن يسمح لهم باكتشاف حقيقة يعتبرها بسيطة وهى ان الوسائل الشديدة توجه انتقامها وتطلق سهامها قبل كل شئ على الغاية المرتجاة فتصيبها في مقتل وتلوثها بدماء كل الضحايا الذين قضوا في درب آلامها الطويل.
وانطلاقاً من مبدأ الحركة الاسلامية ذاك يقول انها في اواخر تسعينيات القرن الماضي توصلت الى ان سخط الناس عليها ورفضهم لها جهراً وسراً وهمهمة ونفوذهم من ملامسة اطرافها فضلاً عن الاستعداد العالمي والاقليمي للفتك بها يجعلها عاجزة عن الاستمرار في الحكم ان لم تقم بعملية جراحية تستأصل بها الأورام السرطانية التي تؤرق جسدها، ويعتبرها جماعاً لجرائم سياسية واقتصادية وانسانية، يقول ان الحركة الاسلامية ارتكبتها طوال عقد من الزمان، كما تسقط بعدها حمولة ضخمة من المتاع المقدس الذي يقول انها كانت تخفي به اهدافها الحقيقية، وقد توصل الى ذلك قبل الآخرين حسن عبد الله الترابي كونه الأشمل معرفة بخفايا وظلال المبدأ الميكافيلي والأكثر هياماً به واستعداداً لتقبل نتائجه ما دام هو من الناجيين وليس الضحايا. وعندها فكر في استئصال بعض الأطراف المهمة الجالسة في قمة السلطة ويقول ان الترابي لم يجد حرجاً في ذلك لاحساسه بأنه هو الذي خلق تلك الأطراف، ومازال يملك القدرة على تعويضها بأطراف اخرى مصنوعة في جنيف، فكشف اوراقه كلها لكنه لم يكن يعلم ان الأطراف كانت قد نبتت لها رؤوس مستقلة مشبعة بنفس المبدأ الميكافيلي ومزودة بالمنطق القاهر لقانون البقاء الذي ينتصر للأقوى والأكثر شباباً وعندها لم تجد تلك الأطراف حرجاً هى الأخرى في استئصال الرأس القديم الذي تحول من خلال الابتلاءات العجيبة الى ثديين مصابين بالسرطان ولم تستخدم في عملية الاستئصال تلك مباضع الجراحين، كما كان ينوي الترابي ويعد بل استخدمت فؤوس القصابين التي يقول ان الحركة الاسلامية ظلت تستخدمها طوال السنين الماضية وترى ان شيخها اولى بها كما يعتقد محدثنا..
اتساءل هل يمكن ان تكون الاختلافات حول القضايا الاستراتيجية والتكتيكية سبباً للانشقاق بمعنى ان يكون الاختلاف حول قضايا واهداف الحزب وسبل الوصول اليها سبباً للانقسام، لكن الخاتم عدلان يرجع كل ذلك لما يصفه بالفساد الجوهري في السياسة السودانية ذلك الفساد الذي يمكن ارجاعه على وجه العموم لأسباب يحددها في سقوط كل المشاريع السياسية والفكرية التي ظلت ترفعها الأحزاب طوال نصف النصف الأخير من القرن الماضي وهى على وجه التحديد المشروع الشيوعي الذي ظل يدعو له الحزب الشيوعي السوداني والمشروع الحضاري الذي رفعته الحركة الاسلامية على اسنة الرماح ومشروع الدولة الدينية في صيغته الصادقية ومشروع الجمهورية الاسلامية الذي دعا له في احدى المرات محمد عثمان الميرغني وان كان خاتم يظن انه يحتاج لكرم غير عادي وغير منضبط فكرياً ليطلق عليه مشروعاً من اصله، ويقول ان الأحزاب السودانية عقب سقوط مشاريعها صارت شخصيات تبحث عن مؤلف مع ان كل المؤلفين لا يتعاملون الا مع اصحاب المواهب.
ويعتبر سقوط هذه المشاريع قضية معقدة لا يمكن الخوض فيها في مقابلة صحفية.. لكن الشئ الجوهري كما يراه ان الحزب المجرد من مشروعه سيكون هدفه الأوحد الاستيلاء على السلطة كمصدر للرزق والتعيش وليس تنفيذ المشروع مفقود او خدمة الوطن والمواطنين المنظور اليهم كوسائل لا غير، ويقول ان هذا هو الفساد الجوهري في السياسة السودانية، واذا لم تعترف به هذه الأحزاب وتعيد صياغة بنيتها الفكرية بصورة جذرية وتعيد تعريفها للسياسة وللخدمة السياسية ولمفهوم الدولة وللعلاقة مع عالم اليوم فلا امل يرجوه منها المواطن.
اسأل الا يستثنى الخاتم عدلان اي مشروع سياسي فكري لدى حزب من الأحزاب السودانية احتفظ بمعناه حتى اليوم؟ فيقول:
ان المشروع الوحيد الذي احتفظ بمعناه مع تعديلات جوهرية املتها تطورات داخلية وخارجية اقليمية وعالمية هو مشرع السودان الجديد الذي دعت له جزئياً الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق، ويعتبره مشروعاً مبشراً يمكن ان يكون فيه خلاص السودان اذا تمكن من الافلات من الشراك التي تنصبها السلطة ومن عدوى الأمراض الفتاكة التي اصابت الجسد السياسي السوداني، ويقول ان هذا يحتاج لجهد فكري وسياسي وتنظيمي خلاق، والى تخطي تاريخي للعوائق والحدود والسدود الفكرية والسياسية والنفسية من قبل الشماليين تحديداً صفوة وجماهير كما يحتاج في نفس الوقت الى اعادة تعريف كلية للتاريخ والجغرافيا ذات آفاق مستقبلية من قبل الجنوبيين، وهذا هو على كل حال كما يراه محدثنا التحدي التاريخي المطروح حالياً.
|
|
|
|
|
|