الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 09:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل الاستاذ الخاتم عدلان(Khatim)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-06-2004, 11:34 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم

    انفاق وآفاق
    الخاتم عدلان

    أبو الوليد إبن رشد:
    ما المنفى... وما هو الوطن؟

    كان موت إبن رشد، الفيلسوف العقلاني، العربي الإسلامي، القرطبي، لحظة فريدة في تاريخ الفكر العالمي. فعندما مات أبو الوليد عن ثلاثة وسبعين عاما، كانت الحضارة التي انتمى إليها، وابدع داخلها، وحاول ترسيخ اقدامها على أرضية العقلانية المنسجمة مع ذاتها، ووقف بذلك كله على قمة منجزاتها المعرفية، قد ضاقت به، وضاقت عنه، وعبست في وجهه، بل ارتدت عليه بوجه غير رحيم، ونبذته نبذ النواة. ولكن حضارة أخرى، هي الحضارة الأوروبية الناهضة حينها، إنتهزت هذه الفرصة السانحة، ولم تضع وقتا ولا جهدا، ففتحت له ذراعيها، بل قلبها وعقلها، لأن القوى الناهضة داخل هذه الحضارة كانت متعطشة للأفكار الجديدة، متشوفة للإستنارة والضياء، وجائعة لثمرات العقل الناضجة.
    وربما يعرف الكثيرون أن أبن رشد كان قمة فكرية سامقة. كان عالما في الفقة والقانون والكلام، فاشتغل بالقضاء، مواصلا تراثا عائليا مجيدا، ومترقيا في المعارف والمراتب حتى صار قاضيا للقضاة، بمسقط رأسه قرطبة. وكان عالما في الطب، ملما إلماما دقيقا بتراث غالين، وموسوعة الشيخ الرئيس إبن سينا في الطب، بل كان ممارسا بارعا وموفقا، مما أهله ليصبح طبيبا خاصا وصديقا مقربا من خليفة الموحدين بالمغرب، الأمير يوسف، ولابنه الخليفة يعقوب المنصور من بعده. ومع أن أبن رشد كان يمارس الطب في زمان غير زماننا، وبمعارف لا تقاس بمعارفنا، وبأدوات وأجهزة لايمكن مقارنتها بالأجهزة التي نملكها حاليا، إلا أنه لم يكن له مقابر تعرف باسمه شأن بعض الأطباء المعاصرين!!
    كما أن ممارسته للطب كانت ممارسة راقية، لا يمكن تشبيهها بممارسة بعض المعاصرين، الذين محوا الفروق بين الطب وتجارةالماشية. نقول ذلك دون تعميم ودون ظلم لأولئك الذين يحافظون على نبل هذه المهنة العظيمة، رغم أن كل الظروف تعمل لغير صالحهم، بل تعاقب النابغين منهم، بلؤم وجحود، تقل نظائره.
    ولم يتوقف إبن رشد على الممارسة، ولم يكتف بالتوفيق، بل ألف موسوعته الخاصة في الطب المعروفة باسم الكليات والتي تخرجت على يديها أجيال عديدة من أطباء تلك العصور.
    كان ابن رشد عالما فلكيا، عارفا بعلوم الأوائل في الفلك، وخاصة اليونانيين، ومستقلا بمشاهداته الخاصة التي جعلته يستوثق من كروية الأرض عام 1153، عندما كان في إحدى زياراته العديدة والمديدة إلى المغرب، فشاهد نجوما لم يكن يشاهدها بالأندلس.
    وكان ابن رشد معلما للأجيال، مؤسسا للمدارس، مؤلفا للمناهج ومقيما لحلقات المذاكرة الخصبة، الخالية من تأليه الذات. وكان قبل كل ذلك وبعده، فيلسوفا حاد الذكاء، باهر الرؤى، ألمعي العبارة، موسوعي المعرفة. وكأنما كان أبو الطيب يعنيه حين قال مادحا عبد الواحد بن العباس الكاتب:
    الحازم اليقظ الأغر،
    العالم الفطن الألد،
    الأريحي الأروعا،
    الكاتب اللبق الخطيب،
    الواهب الندس اللبيب،
    الهبرزي المصقعا.

    فهاهنا فيوضات وسيول من المعاني، تتدفق فوق حواف الكلمات والبيوت، وتجعل البناء التقليدي للشعر يئن تحت وطأة الإبانة الجامحة، وهنا لهاث تحاول فيه موسوعية الواصف اللغوية، الإحاطة بموسوعية الموصوف الأخلاقية، في سباق يفوز فيه المتسابقان. وأعتذر لأبي الطيب لأن الصورة التي تقفز إلى ذهني ليست هي صورة عبد الواحد الكاتب الذي لا أعرف عنه الكثير، بل تقفز إلى ذهني صورة إبن رشد في رزانته المعممة وسمته الوقور، ونظرته النافذة .
    ألف إبن رشد " تهافت التهافت" في الرد على تهجمات قوية، بليغة وشاملة، سطرها أبو حامدالغزالي في كتابة " تهافت الفلاسفة" المتنافس عليه بين الطلاوة والمغالطة، فاستطاع أن يواجه حججه بمنطق أكثر سدادا، وأن يشهر في وجه بروقها وصواعقها ملقاط العقل الذي يبطل مفعولها ويتخطاها مواصلا مسيرته التي لا تخلو من العسر، في تربة تميل إلى الغزالي أكثر من ميلها إليه. ويضاعف من هذا الميل ويعززه، اللغة المألوفة للأكثرية من قراء ذلك الزمان، والحجج الأكثر قربا لوجدانهم، مقارنة بعبارة عصية وجافة تدعو لآراء غاية في التعقيد، ومنطق بالغ في الخفاء في بعض المواقع.
    ولكن دور أبن رشد الفلسفي الذي يعد أكثر أهمية في سياق تاريخ الأفكار، هو شروحاته لفلسفة أرسطو في المنطق والطبيعة وما وراءها. أقول شروحاته وأضيف أنها لم تكن مجرد شروحات، بل كانت نشاطا عقليا، فاحصا وصبورا، يجلي الغوامض، ويظهر العلاقات الدقيقة، ويفك شفرات نصوص المعلم الأول المعروفة بكثافتها واقتصادها وإحكامها، وخلوها من الزوائد. بل يتخطى كل ذلك إلى التعميق والإضافة والعصرنة، وإلى إيجاد الخيوط الناسجة حيث لا توجد تلك الخيوط، وإلى التوطين الفكري لمواجهة المعضلات الفكرية الخاصة بالحضارة العربية الإسلامية، في ذروتها تلك التي بلغتها في زمنه وعلى يديه، وأيدي أمثاله من الفلاسفة المهضومي الحقوق في تاريخ تلك الحضارة.
    وصل هذا العلامة إلى ما وصل إليه، لأنه أعلى من شأن العقل ومكانته، ورفعه على كل ما عداه، واهتدى بنوره في كل مساعيه، وشق به المجاهل في جرأة ونفاذ بصيرة. فبذل له العقل كنوزه جميعا، وأوصله إلى قمم الإنجاز المعرفي، التي اختصت بالوقوف على ذراها السامقة في ذلك الزمان الفلسفة العربية الإسلامية دون سواها.
    ونسبة لأن ابن رشد أعلى مكانة العقل، فقد استطاع أن يرى بوضوح، أن جوهر العقل واحد، وذلك بصرف ا لنظر عن القوميات والتواريخ والأمكنة. فالعقل بالنسبة إليه لا يكون " فعالا" إلا من خلال وحدته. ولذلك لم يتردد، كما لم يتردد قبله أسلافه الميامين من الفلاسفة المسلمين العرب، في الأخذ من المعارف والحضارات الإغريقية أوالهندية أو الفارسية، دون حرج أو وجل. بل احتضنوا تلك الفلسفات وطوروها، ونظموا دررها في عقد فريد من المنطق الرصين.
    ولا يمكن بالطبع، في هذا المقام، الدخول في أية تفاصيل حول نوع القضايا التي عالجها إبن رشد، فلذلك مواضعه ومجالاته، ولكن القضية الأهم هي مرجعيته العقلانية، وإيمانه بحرية الفكر، وبحدوى المحاورة، ودعوته لتأويل كل ما يبدو مخالفا لذلك من الشرع، للسماح بمزيد من التطور العقلي، وليس تكبيل العقل، وسد آفاقه، نزولا عند أهواء الرجعيين، وخضوعا لتلفيقات أصحاب المصالح.
    هذا الوضع، لم يرق، بالطبع، للمتفيقهين وأمثالهم، إذ يصعب عليهم دائما العيش تحت ضياء العقل المنير، الهادي لطالبي العلم والمعرفة، والفاضح لعشاق الظلام. فتحرك هؤلاء، والغل يشوي صدورهم، و " الحقد يفري منهم الأكبادا"، للفتك بالرجل، والتنكيل به، والقضاء عليه وعلى إنجازاته الفكرية. وحركوا قوتهم ا لمتعددة الوجوه، والمعروفة القسمات، والمعروقتها أيضا، والمتمثلة دائما في مؤامرة محبوكة، وغوغاء من أنصاف المتعلمين وحثالات المأجورين، ودهماء تسعي بالإشاعات، وسلطان يخوض في مستنقع الفساد والتبذل، يستجيب لكل ضغط طالما لمح فيه فرصة لإطالة العمر ورفع مستويات الطغيان وصرف الاذهان عن المعضلات التي لا يملك لها حلا.
    واستطاع هؤلاء، بعد تربص مديد بالشيخ الجليل، أن يجبروا الخليفة يعقوب المنصور، الذي كان قد قربه بوصية من أبيه، وزكته إليه خدماته الجليلة، فأسبغ عليه الحماية والرعاية، أجبروه، تحت وطأة الإبتزاز الديني، على إصدار مرسوم بعزل إبن رشد من كل مناصبه، ونفيه من قرطبة، بل وحرق جميع النسخ التي يمكن الحصول عليها من كتبه.
    نفي إبن رشد إلى قرية أليسانة القريبة من قرطبة، والتي كان يسكنها اليهود، ثم نفي بعد ذلك خارج البلاد إلى المغرب. وتكفلت الغوغاء بالباقي: أحرقوا كتبه في أتون أشعلوه في كل المدن. ورأي العالم الشيخ حصاد عمره تلتهمه النيران، ورأى كتبه بخطوطها الرائعة وزخارفها الجميلة، التي خطها بأنامله الموهوبة، وهي تتلاشى في اللهب. كما رأى الكنوز التي خلفتها الإنسانية العاقلة من اليونانيين والفرس والهنود والعرب المسلمين، يبتلعها اللاعقل والجنون والمكر الوضيع. بل عاش ليرى " سفلة الدهماء"، كما سماها بحرقة مشروعة، وهي تطرده من الجامع القروي الصغير في أليسانة، وتمنعه هو وابنه من أداء الصلاة. وكانت تلك قمة المهانة الشخصية التي لحقت به، فهي تمثل لحظة منفلتة من السياق، يتناقض فيها الهوس الديني تناقضا كليا مع ذاته، ويصل في " حرصه المعتوه على الدين" إلى منع الناس من التدين!
    الذين أحرقوا كتب إبن رشد كانوا يشعلون النار في رؤوسهم ذاتها، كانوا يحاولون القضاء على بلبال أفكارهم، وتناقضاتهم وقلقهم وإفتقارهم لليقين، بالقضاء على تجسيدها الخارجي الذي كانه أبن رشد. فما العقل سوى الشكوك والتناقضات والقلق، والأجهزة القائمة على حلها في العقل ذاته، ومن خلال الممارسة الفكرية والعملية؟ ولكن تلك الأجهزة لم تكن متوفرة للمهووسين، كان ذكاؤهم يوصلهم إلى مرحلة الشك، ويتركهم هناك في متاهته الموحشة، فيصيبهم رعب لا يوصف ولا يحتمل، يسعون إلى التخلص منه بأي ثمن. ولذلك كانوا، على مر الزمان، أكثر ميلا إلى البطش، وأخف خطى إلى مقارعة الحجة بالأيادي والسيخ وكل ما توفر من أجهزة الفتك وأسلحته، وأشد تعلقا بإغراق العقل في صخب الأهواء الجامحة، وتبديده في لهب النيران.
    ويمكن أن نقول أن الحضارة العربية الإسلامية، حلت بها منذ تلك اللحظة ما أطلق عليها، من جانبي، " لعنة إبن رشد"، إذ لم تقم لها بعد ذلك قائمة، بل استسلمت للغباب، ولاذت بصمت القبور، ما عدا إشراقات متفرقة هنا وهناك. ولأن ما فعلته تلك الحضارة بابن رشد كان شاهدا على انحطاطها، فقد طويت راياتها بعد حين. وإذا كانت والدة الخليفة الأخير قد قالت له موبخة:
    إبك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال
    فإنما كانت تنعي فيما تنعي ذهاب العقل والإستسلام لأهواء الدهماء مع نبذ العقلاء من طراز إبن رشد.
    بقي أن نقول أن فرادة موت إبن رشد، لا تتمثل فقط في حضارته التي نبذته بكل ما يمثله من سمو، بل تتمثل تلك الفرادة، على العكس من ذلك، في مآلات فكرة على يد الحضارة الأوروبية الناهضة، التي فتحت له كما قلنا، عقلها وقلبها، ودرست فكره في كل جامعات ذلك الزمان، رغم المقاومة الشرسة من الرجعيين أنفسهم في الجهة المقابلة. وتلك قصة شيقة نتعرض لها بعد حين.
                  

10-07-2004, 05:18 AM

Khatim
<aKhatim
تاريخ التسجيل: 05-16-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم (Re: Amjad ibrahim)

    شكرا جزيلا أمجد على إنزال هذه المقالة. وبالرغم من عنوانها الذي يبدو أنه لا في العير ولا في النفير من صراعات اليوم، إلا أنني حريص على أن يقرأها الناس ليكتشفوا أنها أكثر معاصرة ربما من كل ما كتبت.
    شكرا لك
    خاتم
                  

10-07-2004, 05:22 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم (Re: Khatim)

    شكرا أخ أمجد والتقدير عبرك للأستاذالمفكر/ الخاتم عدلان
    ولعل الموضوع الذي طرحه الاستاذ الخاتم (ابن رشد) يشغل بال النخبة المثقفة العربية المعنية بمسألة قراءة التراث وتدوين ثقافة جديدة في شكل قطيعة أو إعادة إنتاج ولا تزال دراسة الفيلسوف الأندلسي ابن رشد الحفيد تتطلب المزيد من العناية حيث أنه لم يقرأ بشكل يستلهمه ويجلي كل غوامض فلسفته، وبخاصة كل غوامض نكبته في أواخر حياته حتي الآن بصورة كافية ، هناك بعض الجهود العربية(الجابري ، حنفي وآخرون) إلا أننا رغم أن تيارا إسلاميا تمكن من بسط هيمنته علي السلطة في بلادنا إلا أننا لم بر ضمن المؤتمرات الكثر مؤتمرا أو ندوة عن ابن رشد ولو بمناسبة مرور ألف سنة علي وفاته ، وعلى الرغم من أن الاستشراق المعاصر قدم صورة متوهجة عن الفيلسوف الأندلسي الذي كان قمة العقلانية في تراثنا القديم، فإن صورة ابن رشد سرعان ما انحسرت أو التبست إما بفعل الأحداث التاريخية التي تعاقبت بعد وفاته، وإما بفعل العداء الذي أظهر وأضمر له، فانزوى في اللاوعي الأوربي إلى أن طرق بابه بدراسة عنه لأرنست رينان عام 1852 تبعتها دراسة أخرى لمونك عام .1859 كما أن المفكر الفرنسي روجيه ارنالديز نشر دراسة عنه حملت عنوان (ابن رشد/عقلاني في الإسلام) (199. ورغم أن صورة ابن رشد كما رسمها ارنست رينان، تظهر ابن رشد لكمبتكر لفلسفة أصيلة، بل إن ابتكاراته تظهر له كخبل عقلي. ومع ذلك فرينان أحيا الفلسفة الرشدية ليس فقط كمذهب انحصر في ابن رشد نفسه، بل كمدرسة خرجت من ذاتية صاحبها لتنتشر في الآفاق في العصر الوسيطي بالذات وتشكل التيار الرشدي المعروف. رينان أحيا هذا التيار بتبيان الدور الذي لعبه فكان اليهود، كما بين، أول من تلقفوه وعلى رأسهم موسى بن ميمون. اليهود، كما يشرح رينان، أخذوا الفلسفة الرشدية بجد وإخلاص، والفلسفة التي تكونت بهم لم تكن سوى انعكاس لفلسفة العرب، والرشدية كانت بالنسبة إليهم سلطة لا تنازع.
    رينان من جهة أخرى، يحيي في الوجدان المعاصر الأهمية التي اكتسبتها الرشدية في الغرب اللاتيني من ناحية التغييرات الجوهرية التي أحدثته، ويبين التألق الذي كان للرشدية في (بادو) مقر المدرسة الرشدية التي عرفت باسم مدرسة بادو. ولكن الرشدية بالرغم من الإخلاص الذي تأمن لها، وبالرغم من إخلاصها لذاتها، فإن تاريخها ـ كما يرى ـ رينان ـ ما كان سوى تاريخ واسع من الأغاليط، ذلك أن ابن رشد الذي كان شارحا مستقلا في شرحه، حرّف، كما يقول أرسطو، وتحرّف هو بعد ذلك بشراسة، فكانت أغاليط تتلوها أغاليط.
                  

10-08-2004, 02:51 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم (Re: Amjad ibrahim)

    التحايا للجميع ،،
    شكرا د. أمجد علي نشر هذا المقال القيـّم للأستاذ/ الخاتم عدلان ، وسعداء بحضور " خاتم " البهي . فإبن رشد، علامة فارقة في تاريخ الحضارة العربية الاسلامية ، بسمـو فكره وتنوّعه وأثره البالغ في إعلاء رايات العقل التي أتاحت له تعميق الصلة بين الفلسفة والشريعة في الكثير من مؤلّفاته ، كـ(فصل المقال) و( تهافت التهافت ) علي سبيل المثال ؛ وبفضل بحثه المتفرّّد في أصول الفقه (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) . ولعل شروحاته وإضافاته لأفكار أرسطو ، قد كانت بمثابة القناة الأكثر رحابة في توصيل معاصريه ولاحقيه بفلسفة أرسطو، تلك التي كاد أن يطمرها النسيان؛ فكان لإبن رشد فضل إحياء وتطوير العلم الفلسفي ، والذي تفانت في درسه واستذكاره الحضارةالغربية الناهضة مذّاك الحين بعدأن نبذته الحضارة العربية ولم تستطع معه صبرا ! لتدخل عصر (لعنة أبن رشد) كما أشار بحق ،الاستاذ/ خاتم .

    إستوقفني العنوانأبوالوليد إبن رشد:ماالمنفي ؟ وماهوالوطن؟)،واستوثقت من توقّفي حينما تكرّّم " الخاتم " بالتنبيه إلي ان المقال ، وإن بدا علي غير مواكبة للحال ، إلآ أنّه غير بعيد عنه . وعلي ذلك ، ففهمي - هاهنا- أنّ المنفي هو: "الزمكان" الذي يضحي عاطلا من المثاقفة والحوار الفكري الحر ، وتتنكس فيه رايات العقل لتعلو - في غير رفعة - لوثات الهوس والاستعلاء والإقصاء للأخر؛ والوطن هو:النقيض للمنفي بالطبع ؛ وفي الفقرة المقتبسة أدناه من مقال الاستاذ خاتم، كثير من الاضاءة في هذا الخصوص :
    Quote: الذين أحرقوا كتب إبن رشد كانوا يشعلون النار في رؤوسهم ذاتها، كانوا يحاولون القضاء على بلبال أفكارهم، وتناقضاتهم وقلقهم وإفتقارهم لليقين، بالقضاء على تجسيدها الخارجي الذي كانه أبن رشد. فما العقل سوى الشكوك والتناقضات والقلق، والأجهزة القائمة على حلها في العقل ذاته، ومن خلال الممارسة الفكرية والعملية؟ ولكن تلك الأجهزة لم تكن متوفرة للمهووسين، كان ذكاؤهم يوصلهم إلى مرحلة الشك، ويتركهم هناك في متاهته الموحشة، فيصيبهم رعب لا يوصف ولا يحتمل، يسعون إلى التخلص منه بأي ثمن. ولذلك كانوا، على مر الزمان، أكثر ميلا إلى البطش، وأخف خطى إلى مقارعة الحجة بالأيادي والسيخ وكل ما توفر من أجهزة الفتك وأسلحته، وأشد تعلقا بإغراق العقل في صخب الأهواء الجامحة، وتبديده في لهب النيران. ويمكن أن نقول أن الحضارة العربية الإسلامية، حلت بها منذ تلك اللحظة ما أطلق عليها، من جانبي، " لعنة إبن رشد"، إذ لم تقم لها بعد ذلك قائمة، بل استسلمت للغباب، ولاذت بصمت القبور، ما عدا إشراقات متفرقة هنا وهناك. ولأن ما فعلته تلك الحضارة بابن رشد كان شاهدا على انحطاطها، فقد طويت راياتها بعد حين.


    لكن : هل كان " الزمكان" قبل نكبة إبن رشد يستحق معني الوطن بكل الجدارة ؟ ..أم أنّه كان أقرب إلي المنفي منه إلي الوطن ؟ ألم يفتك السلطان أبويوسف يعقوب المنصور بإبن رشد في سبيل كسب الرأي العام بدهمائه ومتعلـّميه ؟ ألم ينسبو له زورا إنكاره لحقيقة " عاد " حينما سأله المنصور عن ريح ستأتيهم كريح عاد ؟ نعم لايمكن أن نحاكم " سلطوية" ذاك الزمان بسياق السلطوية الماثلة الآن مع أنّ الأخيرة تمتّ بكبير صلة للغابرة ! ؛ وعلي نفس المنوال ،هل لنا أن نتساءل : لماذا توفّرت "الرشدية" علي كل هذا النجاح في الحضارة الغربية الناهضة حينها ، وعجزت أن تصادف أيّ نجاحات تذكر في الحضارة العربية المنزوية منذ ذاك الحين وإلي الآن ؟ كيف تفوّقت الحضارة الغربية بعد أقل من ثلاث قرون من وفاة ابن رشد بانبلاج عصر التنوير الاوروبي ب " نيكولاس كوبرينيكوس " وكتابه" ثورة الافلاك السماوية" الذي دحض فيه اليقين البشري السائد آنئذ بأنّ الارض هي مركز الكون، بافتراضه : أنّ الكواكب ، بما فيها الأرض ، تدور حول الشمس . ذاك الإفتراض الذي أكّده جاليليو علي الرغم من جبروت الكنيسة الظلامي ومحاكماتها الجائرة ليعلو همسه (ولكنّها أيضا تدور ) ..؟ لا أميل - بالطبع - إلي تعليل مثل هذا الاختلاف بين الحضارتين علي نهج بعض فلاسفة أورباومناداتهم "بنظرية تفوّق الانسان الأوروبي علي من عداه !" بل أذهب في ذلك إلي القول بهذه العبارة المستفادة من بعض المؤلّفات ( يبدو أنّ العلم ينمو بأنضر ما يكون في الثقافات ذات التوجّه الإيجابي إزاء عالم الحواس ، ويبدو أنّه يذوي في الثقافات ذات النزوع الرّوحاني الاخروي المتشدّد ) .. وهل أبلغ من دويّ انهيار الحضارة العربيةالاسلامية منذ ان علـّت من شأن العرق في عصبيتها ( الائمة من قريش) ؟ ..
                  

10-08-2004, 10:20 PM

Khatim
<aKhatim
تاريخ التسجيل: 05-16-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم (Re: Amjad ibrahim)

    عظيم الشكر للأخوين الأستاذين سناري ومحمد أبوجودة على هذه الإضافات العالمة واللماحة. وأرجو أن يسعفني الوقت والمجابدة في كل الإتجاهات من مناقشتهما في كثير من المفاهيم الخصبة التي وردت في مساهمتيهما القيمتين، فعلى مثل هذا الحوار نبني نهضتنا الفكرية الجديدة، بإقامة الروابط مع قمم الحضارة، عربية إسلامية، أو إنسانية عامة، وليس مع لحظات الإنسانية الهابطة فكريا.
    دمتما
    خاتم
                  

10-09-2004, 06:02 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم (Re: Khatim)

    لكأني بك أستاذنا الخاتم عندما حاولت التنبيه لأهمية هذا الموضوع وسط الضجيج السائد ، والذي تعلوا فيه نبرة الخطاب السياسي علي ما عداها تمتحن الحالة الثقافية الراهنة والتي تثبت كثيرا بأنها لا تفرق جوهريا عن سابقاتها من ستة قرون ينكفئ كل علي سابقه ، رغم إيجابيات الإنفتاح علي الحداثة في هذا القرن وتراكم راسمال نفطي مع صحوة حديثة للهويات وإختراقات التكنولوجيا في توسيع حركة التحديث البطئ (وهناك شك والعالم يعيش من نصف قرن مناخات ما بعد الحداثة حول هل تحدثنا بادئ ي بد في عوالمنا المتاخرة الركب..إن الإنحطاط الثقافي الذي نعيشه ويبيض ويفرخ فينامنذهزيمة ابن رشد يتجلي بسفور حتي في الجهل به وبأهمية إعادة إكتشافه والإبتداء منه أي من هناك بعد تفكيك الروح الثقافي الذي بإستلهامه والبناء عليه تقدم المركز الحضاري الذي تقلد هذه المركزية من حلقة إسلامية سبقتها أخري أغريقية ، معني ذلك أن هنالك الآن حلقة أوروبية لا بد من المرور عبرها لإعادة إكتشاف ذاتنا، كما عبرونا هم من قبل للإلنحاق بالماضي الإغريقي الذي إحترقوا عندما حرقوه ،..لقد كانت نتيجة إستقالتنا عن عالم ابن رشد الثقافي أن إحترقنا، وإحترقت حضارة خلدت اسمها بحروف من ذهب في تاريخ البشرية ، وكانت النتيجة أن يمثلنا في العالم اليوم ابن لادن بكل إبتزاله بعد أن كان يمثلنا ابن رشد بكل إحترامه
    عزيزي الخاتم بعدما تألقت الحضارة الإسلامية حتي القرن الثاني عشر الميلادي وانفتحت علي العالم مترجمة كل التراث الفكري والعلمي ومستفيدة حتي من الأطباء النصاري النساطرة في مناخ فكري موجب ومرحب بكل عطاء إنساني، بالضبط كما يفعل الغرب اليوم مع عقول العالم الثالث (وبالأمس تحدث مرشح الرئاسة الامريكية كيري عن خططه في تجويد التعليم حتي ينافس الإمريكيون الغالبية الأجنبية في مختبرات البحوث والتكنولوجيا. لأنها صارت غالبية مخيفة) لكن انظر عندما تكهرب المناخ الفكري في الحضارة الإسلامية الفارعة ، وسخرت النخبة نفسها لحراسة المناخ السالب الجديد ، أقصد عندما بدأ المتذبذب في مواقفه الإمام الغزالي يجند عقله مستفيدا من أخطاء فلاسفة مثل أبن سينا في قرآءته المنتحلة لإرسطو ويدشن حملة كارثية ضد العقل ، العقل الذي إضطهده العالم المسيحي من قبل عندما طرد الفلسفة اليونانية طردا عنيفا، واكرمته النهضة الإسلامية قبل أن تعود فتعتقله وتضطهده وتحرقه..
    أخي الخاتم بدأ يشيع هذا المناخ السالب وكنا حتي القرن الثالث عشر نتقدم علي أوروبا ، ويبدو أننا وحتي القرن الرابع عشر كنا في موقع لا يتداني عن أوروبا، لكن كان الفرق أنه كانت أوروبا تتقدم لأعلي، لسبب واحد بسيط أنهم أطلقوا للعقل العنان فحول المناخ الثقافي لمناخ موجب ، واعتقلنا العقل داخل النقل فحولنا مناخنا الثقافي لسالب ، ماذا حدث إذن ؟ عاود الغرب إكتشاف التراث الاغريقي ومعه الفارسي والعربي في الفلاسفة والعلماء المسلمين وعلي رأسهم ابن رشد لتقيم نهضتها علي وحي من آثارهم الرائعة، ونخرج نحن من أطار ثقافة البحث والعقل والبناء منتحرين ثقافيا، ففي الوقت الذي كان العالم الإسلامي يلعن ويحرق كتب ابن رشد ، كانت ثماره تنضج هناك في الضفة الاخري من المتوسط ، تترجم كتبه وتشرح ويبني عليها... وكانت هزيمة ابن رشد الأب الشرعي للتيار الإصولي المتزمت الذي يهيمن علي الشارع الإسلامي اليوم...ولم تكن هزيمة ابن رشد بسبب من ضعف موقفه أو هشاشة أفكاره ، بل لأن المناخ الجديد السلبي ما عاد مواتيا لمثله ، لا سيما أنه حينها كانت الأيديولوجية الجهادية التعبوية تملأ الأفق تحت ضغط الهجمات الصليبية..
    ولعل السؤال أخي الخاتم : هل فقدت رسالة ابن رشد راهنيتها(خلق أرضيةثقافية جديدة من داخل النص الديني وحوامله الإجتماعية للعقل ، للخطاب الفلسفي ، للفكر الدنيوي العلماني المرتكز علي البنية الإيمانية نفسها) أي كيف للمرء أن يكون مسلما وعقلانيا في آن واحد
    بالأمس عندما إنهزم المسلمون عسكريا من الفرنجة في الحروب الصليبية ، إنتصروا عليهم ثقافيا بدلالة الزوابع الفكرية التي أثارتها ترجمة ابن رشد وابن ميمون والغزالي...واليوم؟

    (عدل بواسطة Sinnary on 10-10-2004, 04:41 AM)
    (عدل بواسطة Sinnary on 10-10-2004, 04:59 AM)

                  

10-09-2004, 08:17 PM

yumna guta
<ayumna guta
تاريخ التسجيل: 04-07-2003
مجموع المشاركات: 938

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم (Re: Sinnary)


    ألا رحم الله الفيلسوف ابن رشد....
    الاخوة امجد .... الخاتم
    شكرا لكما و لكل المتداخلين , المقال حقيقة جميل و ممتع
                  

10-09-2004, 11:14 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان عن ابن رشد الذين احرقوا كتبه كانوا يشعلون النار في رؤوسهم (Re: Amjad ibrahim)


    سلام جميعا
    الاخوة ابوجودة، سناري
    تعليقاتكم العميقة حول الموضوع اظهرت القصد من كتابته في هذا الوقت بالذات الذي تمور فيه بلادنا بظروف صعبة لعلها تشابه الى حد بعيد الظروف التي عايشها ابن ارشد حينها.
    دراسة التاريخ بشكل عقلاني و بصورة ناقدة تؤدي لتعلم الدروس و استقاء العبر، لان التجربة التي لا تورث حكمة تكرر نفسها، و هذا ما يحدث يوميا في العالم الاسلامي اليوم، اغتيال فرج فودة، تكفير نصر حامد ابوزيد و محاولة تطليق زوجته منه، اغتيال الاستاذ محمود محمد طه...و الامثلة عديدة.
    اعتقد ان نظام الحكم في الخرطوم اوصل هذه الامور الى نهاياتها بشنه حرب سافرة على المثقفين و المتعلمين السودانيين مما ادى الى تشتتهم في انحاء المعمورة. الان نرد اليه الصاع صاعين جميعا باستخدام العلم و التكنولوجيا و الانترنت في ايصال ارائنا التي لا يمكن ان ترى النور في وسائل اعلامه بطريقة او بأخرى.
    الاستمرار في مثل هذه النقاشات يؤدي كما كانت الاخت يمنى تقول الى فتح ثغرة في جدار التجهيل المحكم المضروب حول شعبنا.
    الشكر لك ايضا اخت يمنى بمرورك في هذا البوست، و التحيات الطيبات للأخت هالة قوتة التي طالت غيبتها عن هذا المنبر
    امجد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de