|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
تحياتي أخي يحى
أعجبني رأي الأستاذ الجزائري عبد القادر بو ميدونة في تعريف الأديب حيث قال :
الأديب ليس من حَبَرَ ونشر.. ولا من خمّن وفكّر.. ولا من تشاعر وزَمّر.. ولا من تقاصص وهدر.. ولا من أكثر وثرثر.. ولا من لمّح واختصر.. ولا من تطاول ولم يعتبر.. ولا من هجا وكشر.. ولا من مدح وعبر.. ولا من تدبلم وتدكتر( أي الدبلوما والدكتوراة )... الأديب عقل لبيب.. وكلم طبيب.. ونسب حسيب.. ومثل أريب.. ورأي مصيب.. الأديب حقل خصيب.. لكل الأدواء طبيب .. إذا تكلم أفاد.. وإذا صمت أجاد.. وإذا خاصم عن اللغوأحاد.. وإذا صادق أزاد.. الأديب هوالقدوة والأسوة.. سلوكا وقولا.. مرجع أخلاقي وعولة ..وفي المكرمات الأفضل أن يكون الأجدر والأولى..
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: ابو جهينة)
|
ابو جهينة يازول إنت وين ؟ شكرا كتير يااصيل لهذه المشاركة
أعجبني رأي الأستاذ الجزائري عبد القادر بو ميدونة في تعريف الأديب حيث قال : الأديب ليس من حَبَرَ ونشر.. ولا من خمّن وفكّر.. ولا من تشاعر وزَمّر.. ولا من تقاصص وهدر.. ولا من أكثر وثرثر.. ولا من لمّح واختصر.. ولا من تطاول ولم يعتبر.. ولا من هجا وكشر.. ولا من مدح وعبر.. ولا من تدبلم وتدكتر( أي الدبلوما والدكتوراة )... الأديب عقل لبيب.. وكلم طبيب.. ونسب حسيب.. ومثل أريب.. ورأي مصيب.. الأديب حقل خصيب.. لكل الأدواء طبيب .. إذا تكلم أفاد.. وإذا صمت أجاد.. وإذا خاصم عن اللغوأحاد.. وإذا صادق أزاد.. الأديب هوالقدوة والأسوة.. سلوكا وقولا.. مرجع أخلاقي وعولة ..وفي المكرمات الأفضل أن يكون الأجدر والأولى..
دا بقي الكلام لأنه صاحب الجولات والصولة.. فهوالرأي السديد عند كل حكومة ودولة.. واسألوا عن ذلك الخنساء ومي زيادة وخولة .. العقاد لم يحصل على شهادة.. فهل تقارن نفسك أيها القاريء بما قدم من إفادة ؟ أم أن الحديث في حضرته يعتبر فرطا وزيادة .. أين الأديب الحالي من طه حسين.. ومآثرأحمد أمين.. أين نحن من تراث البسطامي والسيوطي.. ومن أشعارالشابي ولطفي المنف########..؟ والسلام عليكم ورحمة الله .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
الحبيب الاستاذ ابو جهينة
يعني من الكلام دا ياابو جهينة يكان الوالد الخليفه ابنعوف من كـبـار الأدبـاء كان الخليفه ابنعوف علم من اعلام تنقاسى الرويس بيصوته العذب الجميل فى الاذان والمادح من النوع فريد كان المسؤول عن خلوة الرزوقة كان خليفه الخلفه فى احياء الليلية بيصوته العذب كان طبيب شعبى كان يعالج المصاب بسم الثعبان أو العقرب الشيخ الخليفه ابنعوف كان الخليفه ابنعوف رحمه الله- الصديق والأب الحنون العطوف، الذي لا تشغله أعباء عن أبنائه، يحب أولاده حباً عظيم كان يعاملهم ويربيهم على الإيمان وحب الوطن، ويزرع في نفوسهم الشجاعة والكرامة، كان البيت جواً من المرح والسرور. من صفات كان يستقبل في بيته الكبير والصغير، ويحلّ مشاكل الآخرين ويقف معهم في الأزمات. عرف ا بزهده لم يهتم في يوم من الأيام أو يسعى لسمعة أو شهرة. وعرف بخفة ظله وحب المرح والفكاهة وكانت الابتسامة لا تفارقه. كانت شهرته ، وبرع في العلوم كلها ، إن تحدث في التفسير خِلته الطبري ، وإن أنشأ، وإن جال في الحديث وعلومه ظننته ابن حجر العسقلاني ، مفسرًا ، ومحدثًا
دعونا نفهم ما هو الأدب ؟! ومن ثم ليمكننا أن نحدد من هم أهله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
يحي كيفنك آآ يابا ,, وحات الله إت بتقلعلك في جنس سوعلات على قول حبوبتي لوولز هسه من قلت بتدور تعرف معنى أديب تلقى كتااااااااااااار إتدبوا لا عند بوستينك ده ورجوا الإجابة دحين امسك قوي في إجابة ود عمي جبريل ده , طارق ده ممسوووووووووخ علا كلامو كلو صاح كلامو صاح ميتين في المية باقي حوش بكري ده الليلو برآآآه والله صحي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
Quote: الاديبة الاريبة الحبيبة سوما بت الجيند دى حقيقة الحق يقال كلامك عسل والله صحي هههههههههههههههه أنا موجوع ياسوما ولكن هذا لايمنع من المشاركة ،فاكتساب فائدة ومعلومة جديدة ما أحوجنا الى من يصوّب أخط ءنا ويعبّد طريق أمامنا.
|
يحي الحنين ,, تسلم يا عشانا يا ضل ضحانا وتبرااااااااااااا يا يابا من الوجع كلنا ممكونين وصابرين دحين طنش وابقى صابر زينا , ياما في محن , شيتن يبكي وشيتن يضحك لامن يبكي , والله صحي دحين آآ خوي اتفرج ساي وعاين لي روحك في الزمن المشاتر ده والله يفرجها قريب إن شاء الله شكرا يا يحي ياخ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
انا أعجبني هذا الرأي من الأديب ميخائيل ممو في تعريف الأديب حيث قال إذن دعونا نفهم ما هو الأدب؟! ومن ثم ليمكننا أن نحدد من هم أهله ؟ الأدب جمهورية مستقلة يديرها المتأدبون ممن ننعتهم بصفة الأدباء. الادب روضة تزهو بألوان الزهور وعبق العطور المتمثلة بالحقول الأدبية كالشعر والنثر الخ. ان كلمة الأدب في أقدم لغات العالم والتي منها الآشورية تلفظ ( سبرايوتا ) والمفردة مشتقة من الفعل ( سبَـر) الذي يجسد معان جمّة ، نحصرها في في المرادفات المجمعة التالية: 1. شفر ، جزّ ، قص ، حلق ، بري ، قط ّ 2. وثب ، قفز ، نط ّ ، طفرَ 3. نطق ، فاه ، لهج ، تحدث ، تكلم 4. سَفـَر ، درس ، بحث ، كتب ، مَهَـرَ ، تفقه ، تعلم ان هذه المرادفات الإشتقاقية غير مستبعدة من قواميس ومفاهيم اللغات الأخرى ، قد تماثلها وقد تتجاوزها ، كما هو الحال في في مضمون كلمة الأدب في اللغة العربية عبر المراحل التاريخية التي حتمت على صياغة معان ومفاهيم متفاوتة لكل مرحلة وفق التسلسل الزمني التالي: 1. في العصر الجاهلي يعنى بكلمة الأدب الدعوة الى الولائم. 2. في عصر صدر الإسلام قصد بها الأخلاق وتاثرها بين الناس. 3. في العصر الأموي رُمزَ بها للإنسان الذي يعلم غيره ، مؤدب. 4. في العصر العباسي شملت معنى الثقافة والفنون. 5. في العهد العثماني التركي انحصر فحواها بين المعارف الدينية وغير الدينية. 6. وفي العصر الحديث منذ أواخر القرن الثامن عشر دل معناها على مفهومين متفاوتتين هما العام والخاص. ا. المفهوم العام: الخلق والإحساس. ب. المفهوم الخاص: ما يقال ويكتب وله تاثير على السامع والقارئ ، سواءً بالصياغة الشعرية أو النثرية بأشكالها المتفاوتة كالخطابة والأمثال والقصة وغيرها. وإذا تجاوزنا قليلاً الى مفاهيم اللغات التي لا تمت بصلة للأرومة السامية ، نجدها لا تقل شأناً عن مفادها اللغوي الخاص لفظأً ومعنىً ، وكما هو الحال في اللغة الإنكليزية التي تعد من أمهات اللغات في العالم ، حيث يتجسد مفهومها للأدب بأنه: النثر أو الشعر الذي يثصاغ بإسلوب عال ودال على خلود الفكر الخاص بشعب ما ، أو التراث المدبوج والمطبوع والمنشور عن شعب ما وبلغة ما ، أو كل ما يُكتب عن موضوعات متفاوتة ، وبالتالي كل ما يخلقه ويبدعه الإنسان بعقل يقظ وإحساس مرهف. وعلينا أن لا ننسى بأن كلمة الأدب في اللغة الإنكليزية مشتقة من الكلمة التي تعني الحرف باللغة اللاتينية ، ولها دلالات النطق والقراءة والبحث والتعلم كما هو الحال في اللغة الآشورية أو الآرامية التي تسمى اليوم بالسريانية. من هذه التقدمة المقتضبة نستنتج بأنه لا يسعنا إطلاق صفة الأديب إلا على الذي تعمذ بمياه بحر الصياغات المتفاوتة والمتفرعة كالشعر والنثر بفروع متفاوتة بأطر الأفكار والخيال والعاطفة والمجرى الفني ، وكأنه المرآة الناصعة التي تجسدها كتاباته ليقف أبناء المجتمع على حقيقتهم. وفي الختام دعونا نقول: بأن الأديب هو بمثابة تلك الشمعة التي تحرق نفسها وتذيبها لتهدي من هم في دهاليز الظلمات. فألف رحمة على اولئك الذين سهروا الليالي وضحوا بحياتهم من أجل الآخرين ، تهذيباً وخلقاً وعلماً ، وليسجل التاريخ ذكراهم على مدى التاريخ البشري. فحبذا لو مُنحوا وردة واحدة في حياتهم بدلاً من أكاليل الورود التي توضع على رفاتهم.
ميخائيل ممو / كاتب اشوري عراقي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
دا رأي الاستاذ عبد الرشيـد حاجب في تعريف الأديب قال
لقب الأديب يحصل عليه الكاتب بعد رحلة طويلة في عالم الكتابة ، وبعد أن يفرض حضوره ،ويؤكد وجوده ،
وينال إعجاب النقاد والقراء ، ويؤثر في المسار الأدبي ضمن اللغة التي يستعملها.وهو غالبا ما يكون متعدد المواهب ، أي يبدع في مجالات ، أو ضمن أجناس أدبية مختلفة.
ولأننا في المغرب العربي ، غالبا ما نعود إلى اللغة الفرنسية للمقارنة فإننا نفضل استعمال كلمة " كاتب "
écrivain والتي يقابلها في الأنجليزيةwriter
ولما كانت كلمة كاتب تثير إلتباسا في العربية كما في غيرها من اللغات ، لأن هناك الكاتب العمومي والكاتب الصحفي / الأعلامي وكاتب السيناريو وكاتب
المحكمة ...إلخ ، فقد حاول البعض التمييز إذ قصر أو حصر رولاند بارت مثلا إسم
الكاتب في من له إنتاجا إبداعيا فقط ..وربما لهذا السبب يحاول البعض عندنا إطلاق إسم أديب على كل من دخل مجال الإبداع تمييزا له عن الكتاب الآخرين في المجلات غير الإبداعية.
وإذا كان لي أن أحدد أكثر فالأديب هو الذي يعيش للأدب ، ويكرس له حياته ، يبدع فيه ويكتب ويبحث وينقب
ويعمل على نشره وانتشاره وازدهاره، بحث يصير الأدب هو رسالته في الدنيا التي من خلالها يسعى إلى نشر الخير والجمال ويأخذ بيد الإنسان إلى مكامن جوهر الوجود البشري
وغاياته.ومن ثم يمكن القول أن صفة "الأديب " هي أعلى صفة يحصل عليها الكاتب .
عبد الرشيـد حاجب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
في العدد الجديد من ‘عود الند’: الأديب والمفكر.. من يستحق اللقب؟ 3 ديسمبر , 2011
ـ صدر عدد جديد، 66، من مجلة ‘عود الند’ الثقافية الشهرية التي يرأس تحريرها عدلي الهواري، الباحث في جامعة وستمنستر، لندن. كلمة العدد تتحدث عن ظاهرة انتشار لقب أديب ومفكر رغم غياب الأسس لاستحقاق اللقب، جاء فيها: ‘ بعد انتشار الإنترنت انتشر أيضا استخدام صفة أديب، ولم تعد هناك حاجة لأن تكون هذه الصفة اعترافا من الآخرين بالجهود الأدبية لمن يحصل على اللقب، بل صارت وصفا يطلقه الشخص على نفسه’.
يضم العدد أربعة بحوث، الأول لفاطنة أبو الغيث (الجزائر) عن دواعي الإبدال في اللغة العربية، والثاني لأثير الهاشمي (العراق) بعنوان ‘التخييل عند حازم القرطاجني’. البحث الثالث لسيد عبد الله أحمد (الهند)، قدم فيه قراءة لرواية ‘عرس الزين’ للروائي السوداني الطيب صالح. أما البحث الرابع فهو لأشرف صالح (مصر) عن حياة الإمبراطور الروماني تيبوريوس. وفي العدد رد من الصحفية والناشطة المصرية، سهير سليمان، على ما جاء في المقابلة مع الفنان علي الرفاعي عن الفن في مصر بعد الثورة، التي نشرت على حلقتين في العددين السابقين. وقد اتفقت مع بعض ملاحظاته واختلفت مع أخرى، خاصة قوله ‘هناك في بعض الأحيان إحساس بالرغبة في التقليل من شأن الناجح والمتفوق لحساب المتواكل الكسول الذي أصبح الآن يعتقد أن انتماءه إلى الثورة في حد ذاته يجعله متميزا’. ويتذكر عبد الحميد صيام، الكاتب المقيم في الولايات المتحدة قريته مخماس، القريبة من القدس، فقد غادرها للدراسة الجامعية، ولم يتمكن من العودة إليها إلا زائرا بعد سنوات عديدة. ويصف الحياة في القرية كما ألفها صغيرا وخاصة مضافتها ومقهاها وتصرفات أهالي القرية فيهما. وفي سياق الذكريات يسرد محمد عبد الوارث (مصر) بعضا من ذكرياته كمجند في الجيش المصري، ويشير إلى التدريبات التي تكللت بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وفقدانه يده اليمنى في القتال. ويتذكر بحب شديد والدته التي توفاها الله. وينسج مع الذكريات مقاطع من أغنيات وطنية وعاطفية اشتهرت في تلك الفترة. وفي موضوع جمع بين الذكريات والتحليل الأدبي، حلل فراس حج محمد (فلسطين) ديباجة خطبة جمعة تقليدية دأب على إلقائها الشيخ عزت، الإمام السابق لجامع قرية قريوت، القريبة من نابلس، ويقول عنها: ‘وعلى الرغم من أن النص يحمل جماليات متنوعة في صياغة عباراته، إلا أن الأجمل من ذلك هو طريقة إلقاء إمامنا له’. وللتنويه بصدور كتاب الناقدة الجزائرية، بهاء بن نوار، وعنوانه ‘الكتابة وهاجس التجاوز’ (دار فضاءات، الأردن) يضم العدد مقتطفا من مقدمة الكتاب. وفي العدد أيضا نصوص لكل من: عبد الجليل لعريبي (المغرب)، ووهيبة قوية (تونس)، ومهند العزب ومحمد التميمي (الأردن)، وإبراهيم يوسف وفنار عبد الغني (لبنان)، واشواق مليباري (السعودية)، وأحمد العبيدي (العراق). لوحة الغلاف للفنان التشكيلي والخطاط الأردني خليل الكوفحي. عنوان موقع المجلة: www.oudnad.net .
‘القدس العربي’:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
Quote: من هوالكاتب ؟ وما الأدب؟
مدخل : الكاتب في المغرب، وربما في المغرب العربي كله، يستمد ثقافته من مصادر متعددة، ولكن معروفة، أهمها: 1- الثقافة الإفريقية كما تم توارثها قبل الإسلام، وخلاله، وكما بقيت، في لغات وعادات ومعتقدات، تتداول بهذا الشكل أو ذاك، في المغرب، وعلى رأسها الأمازيغية. 2- الثقافة العربية- الإسلامية ، كما جاءت، من المشرق ولا تزال تأتي، وكما تمت مثاقفتها مع اللغات أو الثقافات المحلية والعالمية، ولا تزال إلى الآن حاضرة بقوة. 3- الثقافة العالمية ، عن طريق الغزو والاحتلال المتبادلين، في القديم ، وكذلك عن طريق التجارة والرحلات وغيرها من أشكل التبادل، واليوم، بصفة خاصة، عن طريق اللغات والترجمة أو الإقامة أو الاستيراد المباشر عن طريق الفرنسية، والتزايد الملحوظ، مند سنوات، وبشكل مباشر، للإنجليزية والإسبانية.
وبطبيعة الحال، هناك مصادر أخرى للكاتب، وهو يبدع، قد يكون أهمها التجربة، أو الخبرة الشخصية في الحياة، والقراءات المختصة في النوع أو الجنس المفضل لديه. لذلك يطرح، على هذا المستوى، سؤال قد لا يخلو من فائدة: كيف تجمع في أمة،أو فرد، كل هذه المصادر المتنوعة المختلفة، وأين يكمن سر هذا الجمع بين كل هذه المكونات، تاريخيا وراهنا؟ وبالنسبة للكاتب، كيف تأتلف في ذاته جميع هذه العناصر، كيف تتعدد وتتحد في نفس الوقت؟ ما هو سر هذه الوحدة، وهي تعدد، في ذات فرد أو أمة؟ هل يمكن أن نرد الصيغ الخاصة لهذه الوحدة إلى الوجدان والذوق، مثلا، بالمعنى الذي نتكلم به عن وجدان أمة، أو ذوقها، وعن وجدان فرد، أو ذوقه ؟ـ 1ـ لاشك أن هذا المشكل معقد جدا وتتدخل العديد من الجوانب الذاتية والمؤسستية في وضعه الحالي، لكني أريد أن أركز على جانب واحد منه فقط،ما يتعلق منه بثقافة الكاتب ، بمفهوم هذا الكاتب ذاته : من هو الكاتب، اليوم، وفي أي وقت من الأوقات، من هو الكاتب ، في ثقافتنا، وفي أي ثقافة أخرى؟ وبعبارة أخرى، من هو الكاتب، عندما أتحدث عنه من منظوري ككاتب، أو أتوجه بالحديث عنه إلى مدرس الأدب أو المهتمين بالأدب، كقراء أو باحثين، إلى طلبة شعبة اللغة العربية وآدابها، على سبيل المثال. من هو الكاتب، من هذه الزاوية، وأي الكتاب يعنينا ؟ الأديب! وبناء على هذا: ما هو الأدب؟
· حول معنى الكاتب :
سأحاول أن أتجنب التعقيدات الأكاديمية حول مفهوم الكاتب، خاصة تلك التي لا يبدو لي أنها تخدم بشكل مباشر غرض هذا البحث، ولنقل، من باب التبديه أو التبسيط: أ-إن الكاتب مثقف، رجل أو امرأة، يصنف ضمن دائرة المثقفين الواسعة.
إذن من هو المثقف؟
ب- المثقف هو الشخص الذي يحتل مكانة معينة في المجال الرمزي، مجال ترويج القيم وإنتاجها، أي ما نسميه، عادة بالثقافة.سنعود إلى تعريف الثقافة،من هذه الزاوية… فلنستمر في تحديد الكاتب! ولكن المثقفين أنواع منهم السياسي والنقابي ورجل الاقتصاد والفلسفة والاجتماع،الخ… فماذا يمكن أن يميز"الكاتب"، أو الأديب،عن هؤلاء؟
ج-الكاتب مثقف يساهم في المجال الرمزي، إنتاجا وترويجا، بواسطة فعل الكتابة ، الكتابة بمعناها الأولي ، وبدون الخروج عن هذا المعنى، بحصره وأوليته، أي ما نجده في القاموس من "كتب-الكتاب: كتبا وكتابا وكتابة، خطه، فهو كاتب،وأكتبه، أو كتب فلانا، علمه الكتابة"، سواء كانت، هذه الكتابة، تمارس بقلم الحبر أو الرصاص، أو الراقنة، أو الحاسوب، وسواء كان يحررها صاحبها أو يمليها على من يحررها له ، وقد يفعل ذلك شفاهيا فقط. هذه هي الكتابة، أي صنعة، أو صناعة الكاتب، دائما وأبدا. أما ما كان من تلك العبارات، مثل " الجسد هو الذي يكتب "أو" الكتابة وجود" أو الكتابة فعل تاريخي"، فهي لا تضيف إلى المعنى الأصلي شيئا يذكر، ويمكن أن يغير معناه. ومن الأفضل ، من هذه الناحية ، اعتبار بعضها إضافات أو تنويعات على الأصل، أي إغناء، وبعضها الآخر مجرد شطحات فكرية أو نزوات شعرية، أي إعلاء للصانع والصنعة: الكاتب يكتب، بمعنى يحرر، أو يرسم، بخط لغته، بحروفها، لغة الثقافة التي ينتمي إليها أو الثقافة التي تنتجه، سواء تم ذلك على الجريد أو الورق أو على شريط أو على قرص أو اسطوانة وهذا هو الفرق الأساسي بين "المثقف الكاتب" وبين "المثقف العملي"، السياسي أو النقابي، مثلا، الذي لا يكتب، أي ليس من الضروري أن يكتب، لأن حرفته لا تقوم بالدرجة الأولى على الكتابة. سنجد كذلك، في العربية، أن الكاتب هو من صناعته النثر، ربما لتمييزه عن الكاتب الشاعر! ما علينا، فلكل زمن معجمه الذي يعبر به عن أغراضه ووعيه: اليوم، الكاتب، شاعرا أو ناثرا، هو كل من يمارس فعل الكتابة، يخط أو يرسم بالحروف.أما ماذا يكتب وما قيمته، فلا يعنينا النظر فيه الآن. ولنلاحظ أن من بين هؤلاء، الذين صناعتهم النثر، هناك الفيلسوف والصحفي وعالم الدين والاجتماع وغيرهم، أي أن المثقفين الكتاب بدورهم أنواع، ينبغي أن نميز، من بينهم ، نوع الكاتب الذي يعنينا في السؤال الذي طرحناه أعلاه والذي يخص، كما أشرنا، الكاتب الأديب، من هو هذا الكاتب الأديب؟
د- الكاتب الأديب، وبتبسيط أو تبديه، هو المثقف الذي يشارك، في مجال الكتابة، من حيث هي فرع من الثقافة ، عن طريق ما نسميه فن الأدب! أما الأدب فسنعرفه، اختصارا، بواسطة المصادرة أو المسلمة، التالية: الأدب هو الكتابة، وكما شرحنا معنى الكتابة أعلاه، الكتابة التي موضوعها الذوق، تلك التي تصدر عن الذوق وتتوجه إليه! وبهذا المعنى يكون الكاتب الأديب هو كل من يشتغل، في مجال الذوق ، ترويجا وإنتاجا ، بواسطة اللسان، لسان المجتمع الذي ينتمي إليه. هؤلاء المشتغلون في مجال الذوق، عن طريق الكتابة، يمكن أن نرجعهم إلى صنفين أساسين: أولئك الذين نسميهم"المبدعين" وأولئك الذين نسميهم "النقاد"، وهم، في الحقيقة جميعا، مبدعون إذا توفر لديهم الاستعداد والصنعة، أي الموهبة والخبرة والعلم. لذلك أفضل أن أصنفهم إلى ثلاثة أصناف أكثر إجرائية: الشعراء والساردون والدارسون. ولاشك أن صعوبات تعترض مثل هذا التصنيف: الفلاسفة الذين نظروا للذوق، هل نصفهم، مثلا، في خانة منظري الأدب ؟ والشعر، حين يميل إلى الحكمة والتأمل، هل يبقى شعرا؟ والسرد، لما تمارسه السينما، مثلا كيف يخرج من دائرة الأدب مع أن مجاله يظل هو الذوق؟ الخ… بعيدا عن فكرة تداخل الأجناس، الذي هو دائما تداخل نسبي، وإلا ذاب جنس في آخر بمجرد تداخله معه، فمعيارا الصنعة والحقل، ورغم نسبيتهما بدورهما، هما المرجع الأساس : الفيلسوف ، مثلا، حين ينظر للأدب فإنما يفعل ذلك من زاوية صنعة مختلفة عن صنعة منظر الأدب ، صنعة نسميها الفلسفة، تقوم، من جملة ما تقوم، على فكرة النسق والكلية، فلا يعنيه الفيلسوف مجال الذوق، في الأدب ، إلا باعتباره جزءا من كل ، في الأدب ومختلف الفنون لا في الأدب وحده. وذلك على صورة أن صناعة المعادن ، أو صناعة نوع من هذه المعان ، متنوعة جدا، لكن الحقل، وطبيعة الصنعة، هما ما يحدد إحداهما ويميزها عن الأخرى ، فصناعة الذهب غير صناعة النحاس أو البرونز، وصناعة النحاس للزينة غير صناعته لأنابيب الماء، كما أن صناعة البرونز للسلاح غير صناعته للنحت ! أما الشاعر،وليكن على سبيل المثال المعري أو زهير بن أبي سلمى أو دانتي أو جوته، فإنه، لما يميل إلى الحكمة والتأمل لا يتوخى بناء نسق أو نظرية كلية، الأمر الذي هو أساسي في عمل الفيلسوف، ولا إلى البرهنة والحجاج، أي لا يتناوله كما يتناوله مبحث في الاستيطيقا أو الميتافيزيقا. وقس على هذا سائر الأمور التي من هذا النوع، فإن منظر الأدب، لا يصير بدوره، لا فيلسوفا ولا عالما، وهو يشتغل في الذوق ، ومهما تسلح بما نسميه" الروح العلمية" والمنهاج، لأن الفلسفة صناعة متميزة وحقل ، ولأن العلم تخصيص ، ضيق جدا ، في الغالب، ودقيق لا يمكن أن توفره له النصوص و لا أي علم مما يسمى علوم الأدب، فهذه علوم مساعدة فقط لمنظري الدب، كما في العلوم الأخرى علوم مساعدة لا تعطي علما بذاته إذ ليست العلوم المساعدة، مثلا، في التاريخ هي التي تعطي علم التاريخ… هذه الملاحظات تجعلنا، الآن، في صلب إشكال ثقافة الكاتب الأديب: ما هي الثقافة الأساسية، أقول الأساسية ولا أقول الوحيدة، التي تميز هذا النوع من الكتاب عن غيرهم من الكتاب الآخرين؟ هل لهم نفس ثقافة الفيلسوف أو رجل الإعلام أو رجل الاقتصاد والاجتماع؟ إن لكل واحد من هؤلاء الكتاب، كأصناف أو فئات ، ثقافة ، أو تكوين أو خبرة ، خاصة تميزه من الأنواع الأخرى ، وتتحدد في حلقه وصناعته ، كما لكل كاتب أسلوب يميزه عن غيره من الكتاب ، داخل النوع أو الجنس الواحد، فماذا يميز الكاتب الأديب عن غيره من أنواع الكتاب الآخرين؟ ثقافته، بكل تأكيد كما قلنا. ولكن أية ثقافة بالضبط؟ لنتأمل التعريفات السائدة لمفهوم الثقافة لهذاالغرض!
· في معنى الثقافة :
هناك ثلاثة تعاريف سائدة للثقافة:
أ-الثقافة والحضارة شيء واحد: الثقافة هي ما ينشا من تجمع الناس، أو تكوينهم لجماعة معينة . فهي إذن نمط العيش في هذه الجماعة ، كل الشروط، العلاقات والعادات التي تشتركون فيها وتربط بينهم لتجعل منهم قبيلة أو شعبا أو أمة أو قارة أو عالما، وبعبارة أخرى فإنه بمجرد ما تتكون جماعة بشرية تتكون من هذا التجمع طرق عيش أو حياة، أي نمط وجود يتجلى في لغتهم ومنتجاتهم الفكرية والفنية والروحية ، المادية والمعنوية ، ابتداء من طرق الأكل واللباس والحرث والتناسل والنظافة إلى أذق، أو أبسط، النظريات في الحساب والفلك والفلسفة، إلى أعقد التقنيات أو أشدها بدانية،إضافة إلى الشعر والأساطير والملامح وغيرها من أنواع الفنون والآداب . أهم ما في هذا التعريف أمران :
-إنه بمجرد ما توجد جماعة تتكون لديها ثقافة وبغض النظر عن كون هذه الثقافة "متطورة"أو مختلفة"، «حديثة"أو «بدائية"، الشيء الذي يجعل جميع الأمم"تتساوي" في امتلاك ثقافة معينة.
-إنه، بهذا المعنى، تتداخل في الثقافة جميع المكونات المادية،أي الحضارة ، وجميع المكونات المعنوية ، بحيث يزول ذلك التمييز "الأخلاقي "، إذا جاز هذا النعت، بين ما هو سام ومتقدم ،أي المعنوي الذي يقصد به ، عادة، وبتفاوت في النظر إلى قيمته أو سموه، الروحانيات ومنتجات الفكر والمخيلة، وبين الماديات، التي تعطاها قيمة أقل أو أحط مما هو معنوي، من ذلك المنظور "الأخلاقي"، بطبيعة الحال.
-هذا النوع من الثقافة، أي الثقافة من زاوية هذا التعريف، يهم جميع المثقفين، بدون استثناء، ويهم بصفة خاصة أولائك الذين يمكن تسميتهم ب"المثقفين الفاعلين "أو" "العمليين"، أي أولائك الذين ينظرون إلى الثقافة بصورة فيها شيء من الذرائعية ، أو البرغماتية، تفرضها عليهم طبيعة ممارستهم ، بهدف التغيير أو " الهيمنة"، فهم يحتاجون، مثلا، إلى إدراك أن التخلف شامل وأن التقدم بدوره يتطلب رؤية شمولية لا تفصل بين ما هو مادي وما هو معنوي، إلا فصلا منهجيا، وإلا فإن كل إصلاحاتهم ستكون سطحية أو غير ذات مدى أو فائدة.
ـ إلى هذه " الثقافة النضالية" يحتاج مثلا رجال السياسة والمصلحون والعاملون في الدعاية والإشهار، كما يحتاج إليها كل طالبي الهيمنة.وعن مثل هذا التصور ينبغي أن يصدر أمثال هؤلاء، فهل يحتاج إليها الكاتب الأديب، على الأقل كما يحتاج إليها هؤلاء ؟ وبعبارة أخرى هل يحتاج السارد أو الشاعر إلى هذا النوع من تصور الثقافة ليكتب قصيدة أو مسرحية أو رواية، أعني الكاتب وهو يكتب، لا الكاتب وهو يناضل، اي يمارس شغلا آخر خارج عملية الكتابة؟
ـ لا أعتقد، بدليل أن الإبداع قد كتب قبل نشوء هذه النظرية ، أي قبل القرن التاسع عشر ، إضافة إلى أن العديد من الكتاب لا يملكون أية نظرية شمولية من هذا النوع، أو التزام مرتبط بمثل هذا التصور. أما الوعي بشمولية الثقافة، أي الإحساس بها ، من حيث هي كذلك ، فهو، بطبيعة الحال، غير التعرف عليها في سياقها الحضاري الجديد ، نسبيا، وتوظيفها توظيفا بهذا المعنى وبالأغراض الحديثة، ناهيك عن أن الأديب، كما يقال ابن بيئته أو عصره، لكنه ليس في حاجة ، أولية وضرورية إلى أن يعرف هذا، ويدرسه دراسة واقية ، ليكتب لنا شعرا أو سردا أو نقدا .الثقافة الأساسية للكاتب الأديب مصدرها مختلف إذن، فهل نجدها في المعنى الرمزي للثقافة؟
ب- الثقافة بالمعنى الرمزي، كما قلنا، تعني كل منتجات الفكر أو العقل والروح والمخيلة، فهل يحتاج الكاتب إلى كل هذه المعارف ليكون كاتبا أديبا، وهل يحتاج المرء إلى أن يكون مؤمنا أو ملحدا ليكون كاتبا أديبا، يهوديا أو مسيحيا أو مسلما، عالما في هذا الدين أو ذاك، هل يحتاج إلى معرفة كل النظريات العلمية والفلسفية لهذه الغاية؟ أو ليس مثل هذا التكوين شبه المثالي، هو طلب لزوم ما لا يلزم؟ وبهذا الصدد، أو ليس هو سبب التشويش على قيمة الكثير من النصوص الأدبية والنقدية والمصدر الرئيسي لهزالها في الكثير من الحالات ؟ هذه بدورها ليست، بالنسبة للكاتب الأديب، من باب ما هو أساسي،أي ضروري وأولي، في ثقافته بالرغم من أهميتها ، بالنسبة لنا جميعا. فهل يمكن أن نجد هذا الضروري الأولي، الأساسي جدا، وحتما، لكي يكون الكاتب كاتبا أديبا،في المعنى الأخير للثقافة : الثقافة كوعي؟
ج-الثقافة كوعي: من السائد جدا تعريف الثقافة كوعي، أي كسلوك، بحيث يكون المثقف، كاتبا أو كاتبة، هو الشخص الذي تحولت لديه جميع المعلومات، والمعارف والتجارب، إلى خبرة خاصة، إلى وعي وسلوك، أي إلى شكل من أشكال الارتباط الحميم ، الملتزم والخلاق، في نفس الوقت، وبحيث لا يصبح هناك فرق يذكر، أو تناقض، بين معارفه وتجاربه وبين سلوكه وعمله، وإنما هناك تماسك وانسجام بينهما إلى أقصى الحدود، كما يفكر يعمل، أي يتصرف، وبهذا المعنى نقول، من باب الدعابة والهزل الجاد: الثقافة هي ما يتبقى بعد أن ننسى كل شيء. غير أن هذا التعريف " الأخلاقي"، أو السياسي "، بدوره لا يعطينا حدودا بين مفهوم المثقف، بصفة عامة، والكاتب الأديب، ولا بين الكاتب، بالمعنى الواسع للكلمة، وبين الكاتب الأديب، أي لا يغنينا، إطلاقا، عن الاستمرار في التساؤل: لا شك أن كاتبنا تتحول لديه كذلك المعارف والتجارب إلى خبرة خاصة تعرف فيها مكوناته ، وخارج أي مسبقات " أخلاقية"، نوعا من الانسجام المتميز الخلاق، غير أننا لا نفهم بعد كيف تتميز هذه الخبرة، أو خلاصة الخبرة، عن الخبرة الخاصة لدى العالم أو السياسي أو رجل الدين الكاتب. ما الذي يميز هذه الخبرة إذن عن مثيلتها في مجالات وممارسات أخرى مختلفة عنها أو قريبة منها ؟
·
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)
|
Quote: ثقافة الذوق :
يبدو أن هناك شيئا واحدا يمكن أن يميزها هو ما يسمى "الذوق"، وإذا ما أردنا أن نميز ثقافة الكاتب الأديب، بأنواعه الثلاثة المذكورة سابقا، عن غيرها من أنواع الثقافات الأخرى، كالثقافة العلمية، أي ثقافة العلماء بحصر المعنى، أو ثقافة رجال الاقتصاد أو السياسة، أو ثقافة الفيلسوف، فإننا يمكن أن نسميها"ثقافة الذوق" ولا مانع، بعد ذلك من أن تجتمع لديه، أو تطلب منه، كل أنواع الثقافة المذكورة سابقا: ثقافة الكاتب الأساسية والضرورية، هي ثقافة الذوق! ـ 2 ـ وبطيعة الحال، فإن الفنان، بحصر معناه كذلك، يشترك مع كاتبنا الأديب في هذه الثقافة،لكنه لا ينتمي إليها ولا يمارسها كما يمارسها كاتبنا، أعني بواسطة اللسان: بواسطة هذه اللغة يرتبط الكاتب الأديب مع أنواع أخرى من الكتاب ،إلا أنه عن طريقها يختلف عن الفنان، فالفنان، ولو في المسرح وفي السينما، لا يعتمد على اللسان اعتمادا كاملا وليس هو عالمه الوحيد. الأديب يستعمل اللغة،وتستعمله اللغة، بواسطة الذوق . لذلك سبق أن قلنا إن الأدب هو فن التعبير عن الذوق بواسطة اللسان، أي لغة المجتمع الذي ينتمي إليه الكاتب، بحيث يكون، مثلا، ما نسميه "الأدب المغربي"هو مختلف الفنون التي تعبر عن الذوق في المغرب، إنتاجا وترويجا، بواسطة لسان، أو ألسنة، أهل المغرب، على أن نفهم عبارة "فن"،في هذه الجملة، بمعناه الأولي، أي التقنية، التي نقصد بها الوسيلة الموصلة إلى غاية معنية، غاية مادية أو معنوية، وهي تقريبا ما كان يسميه القدماء بالصنعة، لكي لا تختلط لدينا بالمعنى الآخر للفن، كما في عبارة الفنون الجميلة، مثل الرسم والموسيقى، التي تستعمل " لغات" أخرى غير اللسان، لأن هذه الأخيرة بدورها تعبير عن الذوق، فما المقصود إذن بالذوق، والحال هذه؟ وبعبارة أخرى ، إنه لا مانع من أن نتحدث، منذ الآن ، عن الأديب والفنان، بصورة إجمالية، من خلال انتمائهما إلى نفس الثقافة،"ثقافة الذوق،"شريطة ألا ننسى الحدود بينهما، عندما يتطلب الأمر ذلك، ليس فقط بين الأديب والفنان، ولكن كذلك بين الأديب والأديب، فالشاعر ليس هو السارد ولا هو منظر الأدب ، كما أن النحات ليس هو الموسيقى ولا هو الممثل أو الرسام ، مثلا ولكن ثقافتهما، الأساسية مشتركة، ذات هدف واحد ومصدر واحد، أعني الذوق،كيفما كانت الاختلافات بينهم، تلك الاختلافات الموجود مثلها لدى العلماء كذلك إذ ليست العلوم المسماة "إنسانة" هي تلك المسماة "العلوم الحق"، والفروق كثيرة بين فروع كل واحدة منهما أيضا، بمعنى أن البيولوجيا، مثلا، ليست هي الفيزياء ولا الفيزياء، التي هي الصياغة الرياضية للعالم، في أبسط معانيها، هي الرياضيات ذاتها. ومن الآن، فصاعدا، يمكن أن نقصر"ثقافة الذوق" على الكاتب الأديب أو نجعلها تشمل الفنان، كما نشاء! غير أني ، من أجل بساطة ووضوح هذا البحث، سأركز حديثي عن هذا الذي أسميناه الكاتب الأديب ، أي عن الذوق في الأدب،موقتا، الأمر الذي لن يمنعني، و أنا أتكلم عن الذوق، من التفكير في الأديب وفي الفنان معا ، حين أستعمل كلمة"فن"، خاصة، التي يحلو للبعض أن يصف بها الأدب كذلك!
· في معنى الذوق :
قد نحتاج ، في تعريفنا للذوق ، وبالتالي لثقافة الذوق ، إلى أن نأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أوجه أو مستويات للذوق وإلى أن نميز بينها : الذوق كحاسة- الذوق كملكة-الذوق كمنهج أو تفكير.سأكتفي بالمستويين الأولين لأنهما يفيان بالغرض الذي أتوخاه ـ 3 ـ:
ا- الذوق كحاسة، مما يسمى"الحواس الخمس"لدى الإنسان والحيوان، على حد سواء، والحواس، كما يقال، خمس في العرف: البصر،والسمع، والشم،والذوق، واللمس، وهي كذلك ما يسمى ب"الحواس الظاهرة:، أي تلك التي مهمتها جعل الكائن الحي يدرك ما يطرأ على جسمه من تغيرات أو تأثيرات ، وهو يواجه أشياء العالم المحيط به ، أي انه تنشأ عن هذه الحواس قدرة إدراك عامة، هي التي نسميها الحس، وهو ، أي الحس، يرتبط كذلك بكل حاسة فيصير معناه الإدراك بإحدى الحواس الخمس، على أن نفهم من الإدراك المعرفة المرتبطة بهذه الحواس الخمس، فنحن نقول "المدارك الخمس"، بمعنى الحواس الخمس، كما نقول الإدراك السمعي، أو البصري، أي المرتبط بالسمع أو البصر، ما دام إدراكا مباشرا، أي يتم مباشرة بواسطة الحاسة التي يرتبط بها. إذن الذوق، على هذا المستوى اللغوي، والعلمي، حس، إدراك حسي بواسطته نتعرف على طعم الأشياء. و"الطعم، أو الأطعمة، ليس أكثر مما يدركه الذوق من طعام وشراب، كالحلاوة والمرارة والحموضة وما بينهما". نحن نعرف كذلك، أو يمكن أن نلاحظ بسهولة، وكما هو واضح في هذه الجملة، أنه يتعلق بما يؤكل ويشرب، بخصائص الطعام والشراب، كالحلو والمر والحامض وما بينها من خواص أخرى.وبعبارة أوضح إن الأمر يتعلق بخصائص الطعام والشراب كما يتعرف عليها الفم، خاصة بواسطة اللسان، إذن مركز الذوق، كما هو معلوم، هو الفم، بالخصوص اللسان.
بقي أن نلاحظ أن الإنسان، على هذا المستوى، لا يختلف كثيرا عن الحيوان، لو أنه ظل مجر حيوان،وأن الذوق ، بواسطة اللسان، اللسان العضو، يلعب تقريبا نفس الدور سواء عند الإنسان أو الحيوان: إنه يجعلنا ندرك بعض الخصائص الحسية للأطعمة ويجعلنا، بالتالي،نصنف هذه الأطعمة ، نرتبها حسب معايير حسية معنية، وكذلك نفعل ، الحيوان ونحن ، بواسطة بقية الحواس الأخرى، وبمعايير حسية معينة، مع خصائص حسية أخرى .ومعنى هذا أن الذوق، مع المدارك الأخرى، وباعتباره إدراكا حسيا وتصنيفا أوليا للأشياء، أي لعلاقاتنا الحسية والمباشرة مع المحيط، هو المصدر الأساسي للذة والألم، التي نتعرف عليها بواسطة تلك الحواس، لكل ما نستطيب ونستقبح! يحتاج الأمر إلى دراسة عميقة وشاملة، قد تكون كذلك طريفة، لمعرفة كيف أصبحت بعض الحواس تنوب عن الأخرى وتختصرها في استقباح واستحسان خصائص الأشياء، أعني السمع والبصر واللسان ، غير أن الأطرف من ذلك هو أن نبحث في الكيفية التي أدت إلى أن أصبح الذوق ينوب عن كل هذه الحواس مجتمعة، الظاهرة منها أو الباطنية، أي الحسية والمعنوية ، بمعنى كيف أعطت اللغة، أو الثقافة، هذه المهمة، مهمة التعبير عما نستحسن ونستقبح، للذوق وحده: كيف يرتبط اللسان، اللغة، باللسان، الفم! إنني لا أعني بهذا، ومن باب التمثيل والتبسيط ، كيف صار اللسان، بمعناه الأصلي، أداتنا لتخزين العالم وتقطيعه فقط، ولا كيف أصبح الفم، باللسان أو بدونه، مركزا للتعبير عن أعمق وأوثق ما في الإنسان، كما هو الشأن ، من باب التمثيل كذلك، بالنسبة لبعض الحركات البسيطة التي يقوم بها الإنسان، مثل القبلة التي نختصر بواسطتها كل وجداننا ونصنف عن طريقها الناس إلى نصفين :أولائك الذين نقبلهم وأولئك الذين لا يستحقون، أو لا يجوز بشأنهم التقبيل، فان مادة "قبل"، في القواميس، لتحيلنا على عالم بأكمله، فيه القبل، القصد ،والقبل، ضد دبر، والقبل، الطاقة ، والقبلة،اللثمة، والقبلة، الجهة، والقبلة، لدفع العين وجلب المحبة ، والقبول، الرضي والميل، والقبيل، الجيل والجماعة والأتباع، والقبيلة ، الجماعة ممن ينتسبون إلى أب أو جد واحد، الخ…عالم متكامل من علاقات الترابط والقربى والتكافل والانسجام كلها تمر عبر علاقات بالفم وتترجم بواسطته، وكان الفم مرادف للدم هاهنا أو لشيء شبيه بالطوطم!
ولكن ما علينا من هذا ولنتركه إلى القبيلة والحيوان وتراجمة الأشواق والمحبة فما يهمنا فيه غير الاستحسان والاستقباح، أي ما فيه من علاقة مع الذوق الذي يعنينا الآن في علاقته مع الأدب، بصفته خاصة، ومع الفن، بصفة عامة، وبعبارة أخرى، إن ما نسميه الذوق، على هذا المستوى الأخير، وكيفما كانت علاقته بالمستوى الأول، الطبيعي، قد أصبح يعني شيئا آخر تماما، هو ما نسميه الذوق في علاقته بالفن أو الذوق كملكة جمالية، وليس فقط كحاسة، وينبغي، من الآن فصاعدا، ألا نفهم الذوق، في هذا البحث، بغير هذا المعنى، فما هو الذوق على هذا المستوى؟
.الذوق كملكة جمالية
الذوق كملكة، وليس كمجرد حاسة، من إنتاج الثقافة، لا الحيوانية، كيفما كانت علاقته مع هذه الحيوانية، أعني أنه شيء يخص الإنسان وحده، ولا يشترك فيه مع الحيوان، على عكس ما عليه الأمر في الذوق كحاسة. فالذوق، على هذا المستوى، هو الملكة، أو القدرة الخاصة، التي يملكها الإنسان، لإنتاج الجمال أو تلقيه، لخلقه أو تذوقه، للاستحسان أو الاستقباح، بدون تغليب لأي عنصر خارجي، مثل الأخلاق! موضوع الذوق، ومادته، وقصده الجمال، فما هو الجمال؟
مفهوم الجمال:
يمكن أن نختصر الجواب فنقول: الجمال هو كل ما ينتجه الإنسان، أو فقط يطلبه، خارج دائرة المنفعة أو الغرض، بمعنى كل شيء يخلق، أو يراد، لذاته، بدون أن يكون الهدف منه تلبية حاجة، من تلك الحاجات الأولية لدينا، كالمنفعة المادية، أو الاقتصادية ( لاستهلاك) أو ما هو ضروري للمحافظة على النوع والبقاء( الأكل والشرب والجنس) أو المصالح الاجتماعية( الوجاهة والجاه) أو الاستهلاكية ( الدعاية والإشهار) وغيرها من المنافع، والمصالح، سواء كانت فطرية أو مكتسبة بفضل الحضارة والتقدم. إن أبسط أنواع التعبير عن هذا المفهوم للجمال، أو أولى تجلياته، في التاريخ البشري، هي تلك الأشياء، أو الوظائف، التي أضافها الإنسان إلى الحاجة، أو الضرورة، كل ما هو " زائد" أو فائض، من منظور تلك الحاجة أو الضرورة، مثل النقوش والرسوم، والأشكال، التي نضيفها إلى الأواني، مثلا، والملابس، والبيوت، طبخ الطعام وتقديمه بأشكال معينة، فهذه الأشياء ليست مرتبطة، ضرورة، بالغرض، أو الحاجة، ليست إلزامية للوظائف الأصلية، أو الأولية، ولا لتحقيقها وإشباعها، الخ...كما أننا عندما نغير هذه الوظيفة الأصلية، كأن نجعل من إناء حليب مزهرية، نكون في مجال جمال، نظيف إلى ذلك الإناء وظيفة جمالية. ولقد استطاع الإنسان أن يخطو الخطوة الحاسمة في خلق الجمال، والتمتع به، عندما بدأ ينتج أشياء خالية تماما، أو تكاد، وعلى الأقل من ناحية القصد والنية، من تلك الأغراض والحاجات، للزينة فقط، لمتعة البصر أو السمع، للتذوق وحده. فلقد نشأ الفن والأدب لغاية جديدة، وبملكة حولت عن وظيفتها الأولية، كحاسة، أي بواسطة الذوق: إنتاج المتعة والاستمتاع، كما تتجلى في النصوص الأدبية، بدءا بالأسطورة، وفي مختلف الفنون الأخرى، من عمارة، ونحت، وموسيقى، ورسم، وغيرها. وإن كانت الكثير من هذه الفنون قد اقترنت بالدين، أو حوربت من طرفه، فبسبب هذا الجمال ذاته، بسبب سحره وفتنته، حيت قد يضاهي الجليل، موضوع الدين، وقد يلتقي ويتعاون معه، ولكن، وفي جميع الأحوال، لا يخرج، في أصليته، عن التوجه، من الذوق وإليه، من دون طلب غرض أو حاجة! هكذا نشأ الفن، في الأصل، والأدب على الخصوص، إرضاء لحاجات إضافية، زائدة عن الحاجات الأولية، نشأ كصنعة، قد تمارس مع صناعات أخرى، مرتبطة بأغراض أو منافع، أو كصناعة تمارس وحدها، بحيت نستطيع أن نميزها كصناعة مختلفة، فريدة، ومستقلة، فنقول: هذا شعر، هذا رسم، هذا غناء، أو رقص، الخ...ولا ينبغي أن ننسى أن حتى الشعراء، مثلا، الذين كانوا يوظفون شعرهم في المديح أو غير كانوا، في نفس الوقت، يتنافسون حول من يكتب أجمل قصيدة! والأمر الأساسي، من هذه الزاوية، أي زاوية ثقافة الأديب، أو الفنان، هو هذه الصنعة نفسها التي لا يمكن أن تتعلم خارج " المعمل"، أو " المختبر"، الخاص بها، فأنا لا أستطيع تعلم الرقص، البالي أو الفلامنكو، مثلا، كفن قائم الذات، ويتطلب إتقانا كبيرا، إلا في " مدرسة" هذا الفن، أو في " مختبره"، ولا أحد اليوم بمقدوره أن يكتسب مهارة فن تشكيلي، خارج " المتحف" ،أو فن الموسيقى، خارج" المعهد"، أي بدون أن يكتسب تلك الصنعة من أهلها، وأن "يتتلمذ" عليهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى أن يصبح قادرا على الاستقلال عنهم، أهلا لممارسة " المهنة" بما يكفي من المهارة والحذق والخبرة، بحيت يصبح واحدا منهم، من صناع الذوق!
حينئذ يصبح الذوق لدى المرء ثقافته الخاصة، وعيه وخبرته ومهارته، لكنه لا يكتسبه إلا من ثقافة الذوق، أي من أهل الصنعة وإنتاجهم، ولو أن التلمذة المباشرة على "معلم" بعينه ليست ضرورية، فالمهم هو اكتساب الذوق كثقافة ومهارة أو خبرة من "المدرسة"، بمعناها الواسع، أي بالمعنى الذي نستطيع به القول عن المتحف مثلا إنه مدرسة. ولذلك فإن ثقافة الذوق لدي الكاتب الأديب بدوره لا يمكن أن تأتيه من خارج هذه "المدرسة "، مدرسة النصوص الأدبية، وليس بمقدور ناقد أو شاعر أو سارد أن يكون كاتبا أديبا حقا خارج هذه المدرسة، سيكون أي شيء إلا كاتبا أديبا لأن ثقافة الذوق تنقصه، الثقافة الأولية، أو الضرورية، غائبة من تكوينه ولا يمكن لأي علم، من علوم الأدب أو غيرها، أن يعوض هذا النقص ليجعل منه كاتبا أديبا، كما لو أن بإمكاني أن أقرأ نظرية، في الرواية مثلا، لأكون قادرا على كتابة رواية أو ليصبح في إمكاني أن أكتب نقدا أدبيا عن الرواية من غير أن أكون قارئا للرواية! وقد يعتبر البعض أن هذا الكلام كله، إذا صح شيء منه، لا يصح إلا على الكاتب، بمعنى الشاعر والسارد، في هذا السياق، ولا علاقة له بالناقد أو الدارس لأن النقد أصبح علما ولأن العديد من العلوم قد أصبح يمد الناقد بما يشاء من وسائل المقاربة والدراسة، والكثير منها شامل ومحيط ودقيق يوفر لصاحبه ما يكفي من دراية ومهارة لا يمكن أن يصمد في وجهها أي نص أدبي كيفما كان إلى درجة أن كاتب هذه الكلمات قد يبدو، من هذه الناحية، تقليديا ومتخلفا عن الوقت. والواقع أن كلامنا هذا قد يهم الكاتب الناقد أكثر مما يهم الكاتب الأديب، السارد أو الشارع، لأسباب قد تعمل عناصر كثيرة على إخفائها في الوقت الراهن على ثقافتنا التي تجري بكل ما لديها من طاقة من لأجل الانخراط في الحداثة ،فهما وتوظيفا:
-الأديب، بفعل صنعته أو طبعه، ميال أكثر إلى قراءة النصوص الأدبية، ومنطلقه الأساسي هو أن يخرج منها، من معطف النوع الذي يكتب فيه ، وإن كانت الموضة، أو المهنة ، تهدده بغير ذلك، بينما الناقد ميال أكثر إلى قراءة العلوم وما يستجد فيها، بسبب طبيعة ممارسته التي تتطلب نوعا من الإقناع العلمي !
-لا يمكن أن يلوم أحد أديبا لأنه لا يعرف آخر ما استجد في العلوم، ولا حتى في النوع أو الجنس الذي يكتب فيه، بينما يستحيل أن نتصور ناقدا يكتب عن الشعر، مثلا، وهو لا يعرف منه إلا ما قل ودل!
-إن الذوق ليس فقط ملكة لإنتاج الجميل وتذوقه، ولكن لفهمه، وإلا فلنتصور "عالما سينمائيا" يكتب عن السينما وهو لم يشاهد أهم الأفلام السينمائية،تسمية "العالم" نفسها ستكون مفارقة أو دعابة! بهذا المعنى يمكن القول إن الذوق، بالإضافة إلى كونه حاسة وملكة، منهج كذلك، أي رؤية للكون، هو منهج الناقد، حيث ترتبط تلك الرؤية بإجراءات وأدوات، هو بصيرة الكاتب، كما هو بصيرة المتلقي، هو الأساس، والباقي كله ينضاف إليه ليكمله ويقويه، وليس لينوب عنه أو يهمشه!
ـ في كل نوع أدبي، أو فني، شيء من " العلم"، لا بمعنى الصنعة، والرؤية، و المنهج، الذي أشرنا إليه من قبل، ولكن بالمعنى " المبتذل"، أي ذل العلم الذي يبرع فيه صانعو المستنسخات، مثل بعض كتاب Les best sellers وبعض كتاب الرواية البوليسية أو " صحافة القلب"، أو " الرصيف"، والعديد من صناع الأغاني وكلماتها، وفئة لا بأس بها من " منظري الكلام"، غير أن هذه " العلوم"، أو " الصنائع" خالية من الإبداع، وأبعد ما تكون عنه، كما يمكن تعريفه في أبسط صوره: إنتاج شيء جديد، نسبيا، أي جميل، مما هو موجود أو سائد!
وعلى كل حال، يكفينا من كل ما سبق القول، و من باب الخلاصة أو التذكير، إن الأدب هو حرفة التعبير عن الذوق، وصناعته، عن طريق اللسان، بينما الفنون الأخرى كل واحد منها يعبر عنه، أو يصنعه، عن طريق لغته الخاصة، لكنها جميعها، الفنون و الآداب، تلتقي في مهمة صناعة الذوق هذه التي لا تطلب، على الأقل كهدف أول، سوى إنتاج الجميل! من هنا أهمية اللغة، في هذا الموضوع: كيف تستغل اللغة في الأدب، وفي كل فن من فنونه، لتعبر عن الذوق وتنتج الجمال، هل تظل وظيفتها هي التواصل، وكيف ترتب الوظائف الأخرى، الجمالية والتعبيرية؟ كيف نعبر عن الذوق نحن هنا في المغرب وكيف نطوره عن طريق هذه اللغة والأدب؟ أية لغة نستعمل، أو ينبغي أن نستعمل، أية مستويات لغوية وأية سجلات؟ الخ...ـ 3 ـ يحتاج الأمر إلى دراسات أخرى، فلنعد الآن إلى السؤال الذي توخينا توضيحه في بداية هذا البحث: من هو الكاتب، ذلك الذي نسميه كذلك الأديب، بصفة عامة، أو نخصصه فنقول الشاعر أ و الروائي أو الناقد؟إنه كل من يساهم، عن طريق لسان ثقافته، في التعبير عن الذوق وإنتاج الجمال، سواء كان دارسا، ناقدا، أو ساردا، أو شاعرا! أما الأدب فهو صناعة الذوق عن طريق اللسان ذاته!
ونحن عندما نقول إن ثقافة الأديب، الأساسية والضرورية، هي ثقافة الذوق لا نعني أكثر من أنه يستمد، رؤيته، وبصيرته، أو حدسه، وصنعته من هذه الثقافة وأنه، كيفما كانت أهمية المجالات الثقافية الأخرى، فإنها لا يمكن أن تكون إلا مساعدة بينما لا يستطيع أن يلج عالم الجمال إلا من ثقافة الذوق وصناعته، وهذه من الصعوبة، والدقة الحرفية، بحيث يصعب عليه، إلا في ما ندر، أن يتقن أكثر من نوع منها!
ومعنى ذلك أننا لا نخرجه لا من دائرة " الثقافة النضالية"، التي هي ثقافة السياسيين والنقابيين، بحصر المعنى، ولا من " ثقافة الوعي"، التي يشترك فيها مع الكثيرين، ولا من " ثقافة الأخلاق والالتزام"، التي تجب عليه كمواطن، و لا نحكم على هذه أو تلك بالدونية أو اللاجدوى، فإننا لا نقوم بتحليل أخلاقي، أو ديني، أو قيمي، ولكن نسعى إلى تمييز الوظائف بعضها عن بعض حتى لو كانت متداخلة أو قابلة للتداخل فيما بينها!
وهكذا فإن الأديب، وكأي صانع آخر، لا يمكنه أن ينسى صنعته، وخصوصياتها، أو يعوضها، أو يبرر عيوبها من خارجها، ونحن، في هذه الحالة، لا نطلب من أديب ، أو ننتظر منه، أكثر مما ننتظره من موسيقي، أو نحات، أو رسام، أو مصور ، ولا أكثر مما نطلبه من عداء، أو لاعب كرة قدم، أو من نجار، أو بناء: المهارة والإتقان في العمل الغاص به، ويمكنه، مع هذا العمل، إذا شاء، أو استطاع، أن يمارس كل ما يريد من الأعمال الأخرى بإتقان ومهارة أو بدونهما!
لهذا نؤكد، في النهاية، على أن كاتب الأدب أديب، سواء كان ساردا أو شاعرا أو دارسا، وأن الأدب هو صناعة الذوق، وأن الذوق ينتج الجمال، وأن ذلك يتم، بداهة، في الأدب، بواسطة اللسان، لسان ثقافة الكاتب!
|
| |
|
|
|
|
|
|
|