|
قراءات: محام : القضاء السعودي يتفق على عدم قبول شهادة بائع الحمام
|
محام : القضاء السعودي يتفق على عدم قبول شهادة بائع الحمام ... رفضٌ قديمٌ لشهادة «مربي الحمام» وفقهاء اليوم مختلفون جدة - عبدالله الزبيدي الحياة - 08/06/07//
يبدو أن أبواب المحاكم ودوائر القضاء في السعودية ستكون موصدة أمام كل من يتعاطى الحمام تربية أو متاجرةً، فبحسب عدد من فتاوى المذاهب الإسلامية قديماً وحديثاً، فإن آراء متداولة تحرم قبول شهادة مربي الحمام، إلا أن الجدل في هذه المسألة قائم حتى اللحظة في السعودية والبلدان الإسلامية بين مجيز ومحرم. أسباب هذا الجدل الذي يبدو غريباً ولافتاً، يكمن في أن مربي الحمام يربي حمائمه على أسطح المنازل والأماكن المرتفعة، وهو ما يجعل المنازل المجاورة عرضة لاطلاعه عليها خصوصاً وقت طيران الحمام، وهو ما يعني عند الفقهاء المسلمين اطلاعه على عورات الناس، ما يعطي دلالة على عدم أمانته وعدم مراعاته لحقوق الجار، وهو أمر غير مقبول شرعاً. وبعيداً من هذا وذاك فإن السعودي الذي يطمح إلى دخول موسوعة "غينيس" لأنه يمتلك في حظائره أكثر من ألف حمامة، سيعيد حساباته في دخول الموسوعة في حال تقدم بشهادته في قضية ما، لأنه سيكون وقتها من المحظورين عالمياً، حتى وإن كانت جدران الأبنية شاهقة ويستحيل النظر من خلالها إلى أية عورة. واستناداً إلى المدرسة الفقهية في السعودية فإن رد شهادة مربي الحمام غير مقبولة عند جمهور العلماء إذا كان اتخذه على سبيل اللهو به واللعب، وذلك بحسب رأي أستاذ نظم الحكم والقضاء والمرافعات الشرعية في مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي محكم القضاء الدولي المعتمد من وزارة العدل السعودية البروفيسور حسن سفر. وأضاف: "إنهم يفتقرون للعدالة التي جاء التأكيد عليها في الآية الكريمة «واشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله»، ولا بد من أن تكون الشهادة منسجمة مع القواعد الشرعية، وبين الفقهاء أيضاً أن شهادة الزبال ومطير الحمام والحجام لا تقبل، لأنهم يحترفون مهناً وضيعة، وتلهي عن ذكر الله، إذ إن مربي الحمام ينشغل في الأمور الدنيوية من تأكيل الحمام وسقيه والانصراف معه في أنغامه وتغاريده، وهو ما يشغل صاحبه عن ذكر الله، ويجعل قلبه غافلاً عن الطاعة والعبادة". وفي الوقت ذاته، نفى أستاذ الفقه المقارن في كلية الملك فهد الأمنية الدكتور محمد النجيمي تطبيق هذه الفتوى في المحاكم السعودية، مؤكداً أنها رأي قديم قد لا يسوغ تطبيقه حالياً لاختلاف المكان والزمان، وأضاف: "إذا اشتهرت عن مربي الحمام سمعة سيئة ورفض القاضي شهادته فهو أمر يعود إليه، بمعنى أنه لا يمكن تعميمه على كل الحالات". وأشار النجيمي إلى أن توافر شرط العدالة في الشاهد من المسائل التي فيها اجتهاد وتخضع لاجتهاد القاضي ونظره، كما أنها تختلف بحسب الزمان والمكان والأشخاص، والقاضي وحده من يقررها. من جهته، يؤكد المحامي أحمد المالــكي أن إمكان الطــعن في شـــهادة بائع الحمام وارد، وأنها تسقط وتنتــفي صحتها إذا عــلــم المشهود عليه قبل النطق بالشهادة واخــبر القاضي بها، فان شــهادته لا تــسمع. وأشار المالكي إلى أن القضاء السعودي في غالبيته متفق على هذا الحكم، لان الشهادة إخبار عن أمر حادث ولم يطلع عليه إلا القلة من الناس، وينبني عليها حكم شرعي, فلا بد فيها من الثقة بالشاهد والعدالة والمروءة التي تخالف السفه والطيش، لذلك اشترط في الشاهد شروط عدة حتى تقبل شهادته، منها العقل والبلوغ والرشد والتقوى، وتفاصيل ذلك في الكتب الفقهية وأبواب الدعاوى والبينات وأحكام القضاء. وفي أثر الفقه الإسلامي القديم كان العالم الفقيه المسلم ابن قدامة أطلق هذا الحكم في أحد فصول كتبه فقال: فصل: واللاعب بالحمام يطيرها لا شهادة له، وهذا قول أصحاب الرأي، إلا أنه استدرك قائلاً: وإن اتخذ الحمام لطلب فراخها أو لحمل الكتب، أو للأنس بها من غير أذى يتعدى إلى الناس، لم تردُّ شهادته. وكان القاضي شريح لا يجيز شهادة صاحب حمام، لأنه سفه ودناءة وقلة مروءة ويتضمن أذى الجيران بطيره وإشرافه على دورهم ورميه إياها بالحجارة. كما أن العالم المعاصر الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - توسع في هذا الباب بعد أن ذكر شروط الشهادة الستة، وهي البلوغ والعقل والنطق والحفظ والإسلام والعدالة، إذ قال: "إن على الشاهد أن يكون ذا مروءة، فلا شهادة لرقاص ولا لاعب شطرنج ولا مشعوذ أو متمسخر، ومن يمد رجليه بحضور الناس، أو من يحكي المضحكات ويأكل في الأسواق". قبل أعوام تقدم عدد من مربي وباعة الحمام في المدينة المنورة للسلطات القضائية، يطالبون باعتبار شهادتهم وأقوالهم موثوقاً بها، وقالوا إنهم لا يقدمون للإدلاء بالشهادة أمام المحاكم الشرعية خوفاً من الحرج، لأن بعض القضاة لا يثقون بأقوال كل من يربي الحمام. ووقتها كـــان الجدل على أشده، فخرج عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق برأيـــه وقــال: "شهادة مربي الحمام مقبولة، إلا إذا كانـــوا ممن يطلعون على عورات الناس"، ومضى بالقــول: "في الأزمنة القديمـــة لم تكن شهادة الذين يربون الحمام مقبــولة شرعاً، لأن المــنازل كانت قصــيرة الجـــدران، وكان مــربي الحمام يطلع على العورات".
|
|
|
|
|
|