|
دعـارة في ســاحة الزكــر!!!
|
يرتفع أيقاع الدفوف والطبول ,, تصطرع النوبـــات ,, مستوي الضجيج أكثر من أحتمال طبلة الأذن ,, لم تزرف عيوني دمعـةً ,, و لكنها أشتهــــــــت
ان تبوح بلوعـاتها ,,سحائب البخور ,,, ستاراتٌ ستاراتُ ,, وستائر الغبار
سحاباتٌ سحاباتُ ,,!!! وبين هذا و ذاك غــلالةٌ من الوجد الصوفي الشفيف
هميم المدائح والازكـــار يعبئ المكـان ويتناثر في كل المسامع ,, نثــــار
أضواء التّقـــــابة يلثم الوجوه في قدسيـّة ,, ويدنـــّس ما دون ذلك...
يتحـزّم الحيران في شبه دائرة ,, تكتمل أحياناً صوتاً و صورةً ,,وهم يرددون
حي يا قيوم حي يا قيوم ,, و تتـاّكل أحايين حينما يفقدها أحد الدراويش
قيمتها الهندسية و يكسبها مكانتها الروحية فيدخل الي المنتصف ويدور
و يدور حول نفسهِ حتي يسقط علي الارض ويرتفع في أعالي الوجد الصوفي ..
في المؤخرة النسـوة يتكومن في غير أنتظام ,, بعضهن أتي من أجل الزكر
والاغلبية العظمي جاءت بهن الفرجـــة ,, ( الحوار) الضخم يمارس فحولته مع الطبل في فظـاظـةٍ ,,, فيندسّ فيك الايقاع في لـذاذةٍ !! و تجده مع اصوات الزاكرين مزيج من السحر والعذوبة والجمال ,, أما الطبل المسكين
مثله مثل قمرية ,, تطرب أذا ناحت و تفرح اذا لاحت ,, كان يئــنّ ويرنُّ
وشيخ الطريقة بجلبابهِ الاخضر الوسيع و رأسه الحافي الا من (ضريرةٍ)
من وقار ,, كان يرجحن و يكتفي بنصف قوس يمنــةً ويسري ,, ويمضغ في
فمه ...حي قيوم حي قيوم حي قيوم .. و لا يكاد يبتلع هذه العلكـــــة الا
و هو يلوك أخري ويردد في نشوةٍ .. الله الله الله..
أنتقلت عدوي الضجيج من طبلة الاذن ألي اليدين و الرجلين والقرنية والشبكية,, وترجمها اللسان الي أصطراعٍ أصطفت فيه الحواس الخمسة
في خشوعٍ تنشد السمو الروحي .. وبدا المســيد أسطورياً و أسراب أدخنة المباخر تتـّحد مع الانفاس الملتهبة في حميميـّة ,, أما حلقة الزكر
فبدأت تتفصّل الي حلقات صغيرة مثل فقاعات الصابون أو كحبات العقد المنثور...
يزداد أيقاع الطبول و الدفوف ,, تظـــاهرة الالوان في جلابيب الدراويش
تتفاعل مع الحالة الهيستيرية و تموج بالصخب ,, وتصرُّ نون النسـوة علي
أحتلال موقعها من الاطراب .. وتغادر حالة السكون,, وتدشــّن الارداف و
الكتوف الاحتفاليةبدون ضمـّة أو شدّة أو فتحــة , اما تلك السيدة العجوز
التي كانت تنظر شزراً للفتاة الغريبة وهي تتمايل في خلاعةٍ ومجون لا يتوافق مع أجواء الحولـــية ,و الازكار المحمدية ,,,تلك العجوز كانت والدة الشيخ ,, فيما حافظت الفتاة علي مستوي مجونها.. والعجوز تتوكــأ علي
صوفيتها و تستعين بها علي شيخوخة رجليها ,, وتسب و تلعن الفتاة التي كأنها ضلـّت طريقها من بيت الظــــار ( و بشير لولية ) الي مسيد الصوفية..
لا يكا يخلو بيت في الحي من الحديث عن هذه المومس الغريبة التي أستأجرت لها نزلاً في القرية ومنذ ان حطت رحالها شغلت رجالها و أسفرت عن جمالها الذي شغل القوم عن كل شئ فلا هم حصدوا
ولا زرعوا . كانت السيدة العجوز تسميها بالملعونة ,, أما شيوخ القرية فقد كانو يلقبونها بالشيطانة ., فيما يصر شباب القرية علي تسميتها ( نوارة فريقنا) ولم ينقطعوا عن زيارتها في أزمنة متأخرة زرافاتاً و غلمانا!!.
تخف حدّة الايقاع ,, فيعود للمكان هدؤهِ ,, و يسكن مثل النهر المقدس
وسرعان ما يقوم الحوار الضخم بألقــاء حجر في لجـــّة الطبل ,, ليتحول
النهر الي دوائر صاخبة و دوامات صوتية وحركية شديدة الهـــياج والصخب
شيخ الطريقة يزرع المكان جيئةً و مهابة ,, والثوب الاخضر ينهل الكأس تلو
الكأس من عرقــهِ الزلال ,, تخزله الدموع تارةٍ ,, فينصــــفهُ اللسان و هو
يردد ... حي قيوم حي قيوم حي قيوم ... وهنالك في القريب شيخٌ يرجحــــن يضرب النـّوبة ضرباً فتئــــنّ وترنٌّ ,, أما الدراويش الغارقين في
السمو الروحي والوله الصوفي والسابحين في مزبحة الالوان الصارخة! فقد
بدوا مثل الصرعي أو كــأعجازِ نخلٍ لم تهوي ولكنها هــوت وهامت وتسامت الي علياء الوجد .. حي قيوم حي قيوم ....
كان من الواضح ان هذا القمر ماذال مراهقاً ,, !! ولم يبلغ سن التوهــّج
ومع ذلك يتــّسع مجال الرؤية ليفضح الاشكال والشخوص ويعرّي جغرافية
المسـيد,, فهاهي نار التّقـــــابة تكشــّر عن أضوائها وتلــوّح بالقران شعلة
من الألق كلما أرتفعت عقيرة أحد الصبية وهو يحــشو المسامع والعقول بحــفنةٍ من الزكرِ الحكيم . ....... هؤلاء هم أهل الله , أهل السـلســـلّة
وهذا هو العشق ,, ومن داخل الصدور تبرز سطـــوة محاسن الوجد الصوفي الشفيف...
يرتفع أيقاع الطبول والدفوف ..... مستوي الضجيج يبدو مريحاً للحواس
لكم تجزبنا هذه الاجواء ولكم نتوقُ لمثل هذه الحياة,, كلنا نعتقد فيها و نحبها و نحب أن يحكي لنا عنها ,, أحدهم أضحكني قائلاً :
(سرقت مواشي من أحد البدوان ,, فذهب الي شيخه كعادة الاهالي
ووجد الحيران والدراويش في حلقة الزكر ,, و أخبر الشيخ بمشكلته
ولكنه رأي انها صغيرة و لا تحتاج تدخلهُ المباشر ,, فتضايق الرجل كثيراً
حين أشار الشيخ لأحد الحيران وكان ضئيل الحجم وفي عينيه رمـــد من
كثرة التلاوة , وقال له : سوق دة !! و أخونا علي الفور رد علي الشيخ
في أستنكار : النعيســــان دة؟؟؟!! قال له : أيوة ,,, المهم في الامر
ان الرجل أخذ الحوار معه مجبراً وفي الخلاء وجدوا اللصوص ومعهم المواشي وكانو عصبةً أشداء لا قدرةً لهما عليهم ,,, اها النعيسان مسك
ليك العدد وبدا ينده يا الشيخ البرعي,, يا الشيخ الطيب ,, يا الشيخ حسن
يا الشيخ فلان وووو ,,, وفجأة أجتمع كل شيوخ الدنيا حول اللصوص و أستردوا له مسروقاته,, و عندما رجع الرجل للشيخ في مسيدهِ قال له:
أبوي الشيخ أبوي الشيخ ,,, والله ما قصرت معاي كلو كلو,, ولكن حفظـاً لي مكانتك ,,, النعــــيســـان دة أعمل منو حسابك ... )
هذه المرة يرتفع أيقاع الطبول و الدفوف اكثر و أكثر ,, اما مستوي الضجيج فقد كان مثل قرية من البيض أغــار عليها جيشُ من الهنود الحمر و مقاتلي
الساموراي !!! بدا الحيران والدراويش كأنهم غرقي في الزكر ,, تنفلق الدائرة الكبيرة ألي عدة دوائر مجنونة ,, أحاول السيطرة علي زمام النـص
حتي لا يصاب بحالة من الهزيان ,,, شيخ الطريقة ينهزم فيه الوقار فيتداني لمستوي الدراويش الصغار ,, يهرول الي المنتصف ,, يظهر انه
سكران روحياً ,,, وحي حي قيوم حي يا قيوم ,, جاءت هذه المرة بدون فواصل ذمنية ,, يردد الزاكرون المديح ( سايق الليل للقرضة قرش )
حالة من الجنون والفوضي ترتب المكان ,, تجــئُ هي من قلب السكون
في أنفعال ,,, كيف لي ان أوصفها ؟؟ تفر من قلمي الكلمات ,, تبدو مثل
قطيع من الاغنام الهاربة ,, أنوي أرجاعها الي الحظيرة ,, بينما تفرقت هي أيدي سبـــأ ,,, تتعامل معي بمبدأ ( عايرة و أدوها سوط ) أتركها و أطارد
مجموعة من القنوات و الجداول ,, تكسرت كلها في نفس الوقت ,, أتركها أيضاً ,, و أتعامل معها بمبدأ ( كان غلبك سدّها وسـّع قدّها !!)
ولكن والدة الشيخ وصفتها بالملعونة ,, و شيوخ القرية بالشيطانة ,, وكانت
نوارة فريقنا في نظر الصبية والشباب ,,.
شيخ الطريقة يردد ... حي قيوم حي قيوم حي قيوم ,,, بينما تزأر النوبات
وترفرف الاعلام و الرايات ,, الدراويش يدكون أرض المسيد ,, تتكون الحلقات و تنفصل الدوائر ,, و تتكـــوّر مرة أخري و الشيخ في المنتصف ,, لتدخل الفتاة بكل مافي الارض من مجون و خلاعة ,,, زاغت عيون الرجل
عفواً !!! هذا المشهد لم يكن ضمن السيناريو !! ياللأخراج الـســيئ!!
ألقت الفتاة بكل الاسلحة ,,,التقليدية و الممنوعة ,, وشيئاً فشيئاً كشفت عن المخزون الاستراتيجي النووي ,, كان هذا كافيا لكي تسقط بغداد !!! وتسقط معها عدة عواصم صوفية أخري !!!
والدة الشيخ تعدو علي المومس بالساحق والماحق والبلاء المتلاحق
الشيخ يدعوها للأقتراب ,,, يرتفع أيقاع الطبول والدفوف أكثر و أخطر
مستوي الضجيج والهجيج فوق الاحتمال ,,,, الشيخ المسكين يردد في
خشوع..... أحي انا ..... أحي انا...
أحي انا
|
|
|
|
|
|