دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
اللقـاء الصحفـي للرفـيق أبـوراس .. نـائب أمين سـر حزب البعـث العـربي الاشـتراكـي
|
نص الحوار الصحفي الذي أجرته صحيفة الخبر مع الأستاذ عثمان إدريس أبو راس نائب أمين سر قيادة قطر السودان لحزب البعث العربي الاشتراكي والمنشور بتاريخ 13 و 14 فبراير 2006 أجرى الحوار الأستاذ : حسن حميدة
ما هي دلالات فوز حماس في الانتخابات ؟
في البدء لابد من إزجاء التهنئة الخالصة للأخوة في حركة حماس بهذا الفوز الكاسح ، ولابد أيضاً من أن نتذكر كلمات القائد صدام حسين الذي تمنى عليها ألا تتراجع عن المواقف المبدئية والنضالية ، وألا تساوم على حساب حقوق شعب فلسطين الثابتة في التحرير لكامل التراب الفلسطيني – من البحر إلى النهر – والعودة ، لأنها إن فرطت فإن شعب فلسطين ومن خلفه أبناء أمته لن يفرطوا في حقوقهم ولن يتراجعوا عن تحمل مسئولياتهم الوطنية والقومية .
إن فوز حماس هو نتيجة طبيعية لتراجع دور حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) والانحسار النسبي في شعبيتها .. فلقد بدأت فتح تفقد بعض ثوريتها عندما آلت إليها مقاليد أمور منظمة التحرير الفلسطينية ، وتقمصت دور الأنظمة العربية ، وخسرت كثيراً بتوقيع اتفاقات أوسلو ، وتموضعها في سلطة فلسطينية خاضعة لسيادة العدو الصهيوني والتدخلات بلا حدود من الإمبريالية الأمريكية راعية الاتفاقية وحامية الكيان الصهيوني ومخططاته العدوانية ، كما خسرت أكثر بعد اغتيال مؤسسها وزعيمها ياسر عرفات ، وبروز قيادة أبدت استعدادها للتراجع عن الثوابت الوطنية الفلسطينية والقومية العربية ، والتخلي عن استراتيجية المقاومة ، والاستعاضة عنها بمفاوضات في ظل موازين قوى راجحة تماماً لمصلحة العدو الصهيوني – لاسيما بعد احتلال العراق – وفي ظل خنوع وتواطؤ النظام الرسمي العربي . كما أن التهديدات والدعاية الأمريكية والصهيونية ضد حماس واستهداف قادتها – لاسيما الشهداء أحمد يس وعبد العزيز الرنتيسي – قد وفرت لحماس دعاية إيجابية وسط أبناء شعبنا في فلسطين وخارجها . ومن الناحية الثانية ، فإن الإسهام الجدي لحركة حماس في المقاومة الوطنية الفلسطينية ، وتحمل تبعات النضال وتضحياته .. كل هذه العوامل وغيرها أدت إلى فوز متوقع ( بالنسبة لنا وللعديد من المراقبين ) لحماس .
وتلك هي رسالة شعب فلسطين للإمبريالية والصهيونية وللعالم .. كما هي رسالة شعب العراق للاحتلال الأمريكي البريطاني .. التمسك بالمقاومة وواجب وحق التحرير ورفض الاستسلام لمخططات الإمبريالية والصهيونية والثقة في الانتصار عليهما .
حزب البعث من عداد الأحزاب التي ظلت تنادي بالاشتراكية.. لماذا الاشتراكية ؟ وما الذي يميز اشتراكيته ؟
منذ البدء ميز حزبنا بين ( حقيقة الأمة العربية ) وواقعها وجعل مستقبلها ، لتستأنف رسالتها الإنسانية المتجددة ، هدفه الإستراتيجي انطلاقا من الفكرة القومية ، واضعاً في الاعتبار المرحلة التي تمر بها الأمة العربية والنضال العربي ، في إطار المرحلة التاريخية للإنسانية وبمنهج علمي جدلي ثوري حضاري ، ومن خلال النضال توصل إلي وحده أهدافه في ( الوحدة والحرية والاشتراكية ) وحدة موضوعية تعبر عن ( حقيقة الأمة ) في هذه المرحلة من نضالها لبناء مجتمع عربي حر موحد . تلاحظ هنا ، أن البعث أخذ القضية العربية كلها ، واعتبرها ، وما يزال ، كلاً لا يتجزأ وهو ما اعتبره القائد المؤسس ، عليه رحمة الله ، المفصح الوحيد عن البعث ( البعث العربي إما أن يكون قومياًُ أو لا يكون مطلقاً ، لأن قوميته هي ضمان لإنسانيته ... ) فالاشتراكية بهذا المعني شرطاً من شروط النهوض العربي ، المعبر عن حقيقة الأمة ، والباعث لشخصيتها الحضارية . الاشتراكية إحدى ضرورات الثورة علي الواقع العربي وعلي ضوء هذا يمكننا القول أن التناقض بين واقع الأمة وحقيقتها حتم في ذات الوقت الاشتراكية وميزها .
هل بإمكانكم توضيح ذلك ؟
أعلي حزب البعث من مكانة الفكر ( النظرية ) حد اعتبره القائد المؤسس ( قوة تاريخية لا تقدر) جنباً إلي جنب الممارسة (التطبيق) تعبيراً عن إحدى سماته وهي ( الثورية ) ففي الوقت الذي يواجه فيه الفكر ، الواقع ، بالممارسة يغتني . وحدة ( الفكر والممارسة) إحدى السمات الجلية في المسيرة النضالية للبعث ولقد أتاحت تجربة البعث في العراق مجالاً رحباً رغم كل التحديات التي واجهتها لتشكل اختبارا جدياً لمبدئية ومصداقية البعث في كافة المجالات بما في ذلك الاشتراكية . وفي التقدير لا يمكن إدراك عمق التحولات التي أحدثها البعث في العراق إلا بالرجوع لأوضاع العراق ما قبل ثورة 17 ـ 30 يوليو 1968
أولا : لماذا استهدفت بهذه المستويات غير المسبوقة من قبل التحالف الإمبريالي الصهيوني والقوي الدائرة في فلكه أو المتناغمة معه ، باعتبار أن الثورة التي فجرها وقادها البعث في العراق هي ثورة اشتراكية مثلما هي ثورة وحدوية ديمقراطية. ويمكننا الإشارة هنا إلي أن :-
- اشتراكية البعث ليست فرعاً من نظرية شاملة وسابقة بل هي مشتقة من الفكرة القومية ( ليس هنالك قومية واشتراكية تجمع بينهما لنصل إلي صيغة جديدة للقومية ، وإنما هناك قومية هي اشتراكية بمجرد وجودها ، وأنها إذا لم تكن اشتراكية فإنها تفقد وجودها ذاته )
- تطور التاريخ وحركة المجتمعات وتقدم الإنسانية ليس قمين بعامل أحادى مادي ، البعث يعتبر أن للعوامل الروحية والفكرية والحضارية والجماهيرية أثراً عظيماً في ذلك .
- تماماً كفكر البعث ، توازن الاشتراكية بين الفرد والمجتمع
- نصت المادة 34 من دستور الحزب علي ( التملك والإرث حقان طبيعيان ومضمونان في حدود المصلحة الوطنية )
- لا تتحقق اشتراكية البعث تحققاً كاملاً إلا في إطار الوحدة باعتبار أن الوحدة تعبر عن الصفة العربية الشاملة وتوفر الشروط اللازمة لاستكمال البناء الاشتراكي وتحقيق العدالة والمساواة
أين نجد ذلك علي صعيد التطبيق ؟
لقد عبرت عن ذلك ثورة يوليو 68 في العراق كثورة وطنية قومية اشتراكية ديمقراطية . في سابقة ، دعا الحزب في العراق وبعد إنجازه لقرار تأميم النفط ، الإصلاح الزراعي ، انطلاق الحملة الوطنية الشاملة لمحو الأمية ، قانون الإصلاح الزراعي في بلد 80 % من سكانه في ريف تسوده علاقات شبه إقطاعية خلقها النظام الاستعماري والملكي ، الحل السلمي الديمقراطي لكردستان ... الخ نقول في سابقة تاريخية لأن الحزب الذي فجر الثورة وقاد عملية التغيير الاجتماعي الاقتصادي التي تمت الإشارة إليها ، بعد أن رفض من رفض وشكك من شكك وتردد من تردد من القوي السياسية من إمكانية الثورة علي النظام العارفي الرجعي ، وفي أوج التفاف الجماهير حوله يبادر ويدعو مجدداً القوي السياسية العراقية أن تعالوا ( لنعمل معاً لبناء عراق ديمقراطي اشتراكي مستقل ) . ولك أن تتوقف عند:-
- حينما أستلم الحزب الثورة في العراق عام 68 كانت البناية الوحيدة المتعددة الطوابق هي بناية رئاسة مجلس الوزراء
- 96% من سكان الريف الذين يشكلون 80 % من سكان العراق محرومون من خدمة المياه النقية .
- 65 % نسبة المحرومين من حق التعليم
- تتطابق النسبة أو تنقص قليلاً في مجال الصحة والعلاج والصرف الصحي وخدمات الكهرباء .
لقد أقر تقرير بعثه الأمم المتحدة الذي أعدته بعد زيارتها للعراق أبان سنوات الحصار وقبل العدوان والغزو الأمريكي البريطاني للعراق ( أن ما خلفته آثار الحرب والدمار في مضمار خدمات التعليم والصحة والطرق والمنشات الصحية يؤكد أن العراق كان في مصاف الدول المتقدمة في هذا المضمار )
ومن أبرز الجوانب التطبيقية ( العملية ) لاشتراكية البعث علي ضوء تجربته في العراق:- أولا: تحقق إمكانية إحداث تحول اشتراكي بأفق قومي ، عبرت عن ذلك قيادة القطاع الاشتراكي للمشاريع التنموية الضخمة. والتي فتحت فرصة واسعة للعمالة العراقية والعربية في الوقت الذي لعب فيه القطاع الاشتراكي دور القائد والمحرك للاقتصاد العراقي إلا أنه لم يقع في فخاخ ما يعرف ( برأسمالية الدولة ) حيث خضعت عملية التنمية للمراجعة والتقييم علي هدى ( نظرية العمل البعثية ) . وفي الوقت الذي شهد فيه العراق تنمية انفجارية إلا أن التوازن في تحقيقها ، والتوازن بين القطاعات ( اشتراكي ـ خاص ـ تعاوني ـ مختلط ) حال دون حدوث الآثار السالبة التي غالباً ما صاحبت التنمية في العديد من البلدان (البطالة ، الفساد ، المحسوبية ، الاستغلال ، ارتفاع الأسعار ، تفاوت الدخول ، إلحاق الضرر بهذه الفئة أو تلك ...)
ولقد تحقق ذلك من خلال النجاح الذي حققته قيادة الحزب في التوازن بين ( العدالة ) و( الكفاءة الإنتاجية ) مع إعطاء الأرجحية للعدالة الاجتماعية باتجاهها العام وبغاياتها النهائية علي أن يبقي شعار استمرار التنمية وحل معضلاتها العملية لصالح استمرارها ، حتى لا يقود شعار ( العدالة ) إلي مساواة الجميع في الفقر ، بيد أن الهدف من التحول الاشتراكي القضاء علي الاستغلال ، تأمين الرفاهية والسعادة والحرية للفرد والمجتمع . فيما أدي الاهتمام بالكفاءة الإنتاجية إلي التأكيد علي اعتبار المنافسة كعامل هام من عوامل التقدم حيث أعتمد التطبيق تحفيز العمل والاجتهاد والإبداع.
نجد ذلك في مراجعة القوانين والتشريعات التي صدرت ،قانون العمل، الأحوال الشخصية ، الضمان الاجتماعي ، التقاعد ( المعاش ) ، إلزامية ومجانية التعليم ، الأمومة والطفولة ، ... ) والتي أفصحت بحق عن أن الإنسان هو غاية التغبير ووسيلته ... كذلك تجده في تجربة الإدارة الذاتية للمنشات الاقتصادية للتعبير عن البعد الديمقراطي للاشتراكية ....
قصدنا من ذلك إعطاء أمثلة علي التطبيق العملي للأفكار والمبادئ البعثية في هذا المضمار ومن كونها حصيلة التفاعل بين النظرية والتطبيق في إطار الظروف والممكن والمرحلة. ولا يفوتكم أن ذلك قد تحقق ولم يكن الطريق مفروشاً أمامه بالورود . وللحقيقة والتاريخ فقد أنجز ذلك وما لم يرد ذكره ، في ظل حصار ومقاطعة أعقبت تفجر الثورة وقرار التأميم ، وحرب صممت إيران الخميني علي خوضها والاستمرار فيها ثمانية سنوات حتى تجرع السم ، ثم عدوان وحصار ومقاطعة منذ عام 90 إلى عام 2003 حيث ظل هدف التنمية (الإنسان) حاضراً علي طول الخط ولك أن تتأمل ملحمة ( إعمار ما دمره الأشرار ) رغم الحصار ، الذي حرم تلاميذ العراق حتى من أقلام الرصاص . فيما عجز الأشرار وعملائهم ومن قدموا علي ظهور دباباتهم عن ذلك . وقبل ذلك توقف عند إعادة أعمار مدينة المدن ( البصرة ) ومدينة الفداء ( الفاو ) والتوسع الهائل في الصناعات والتصنيع العسكري وفيالق العلماء والمهندسين والأطباء إبان العدوان الإيراني .... وأخيراً نشير إلي أن الاستمرار في التحول الاشتراكي بأفقه القومي بالرغم من كل ذلك لم يتراجع وإنما كانت قاعدته الأساسية التقدم بتوازن وتصاعد من خلال التصدي الجريء للظواهر السلبية في الوضع الاقتصادي كإصلاح قانون العمل ، إعادة تنظيم القطاع الاشتراكي، إجراءات تشجيع القطاع الخاص لزيادة فاعليته ، ... وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الإجراءات ضرورية إلا أن ما هو جوهري فيها تلك النظرة العلمية المتوازنة الحية للبناء الاشتراكي والتي عبر من خلالها الحزب في العراق بقائده المجاهد الرفيق صدام حسين ( فك الله أسره ) عن أيمان عميق بمستقبل الاشتراكية ، في الوقت الذي جاءت فيه محاولات الإصلاح متأخرة في التطبيقات الشيوعية للاشتراكية والتي أودت بها إلي الانهيار والفشل .
بمناسبة التطبيقات الشيوعية للاشتراكية ، هل ما يزال حزبكم متمسكاً بالاشتراكية رغم انهيار الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية ؟
الاشتراكية لدي البعث ليست شعاراً أو هدفاً ملحقاً يمكن أن تسقطه أو تتنازل عنه ، وليس في ذلك تعصب أعمي . فهي كما بينا سابقاً شرطاً ضرورياً للنهوض العربي . ما حدث من انهيار للتطبيقات الشيوعية للاشتراكية في الاتحاد السوفيتي لم يكن مفاجئاً للبعث. فلقد أوضح القائد المؤسس عام 1957م والشيوعية في أوجها ( أن الشيوعية دخلت مرحلة الشيخوخة ) وعاد في وسط الستينات ليشخص ذلك ( ليس بفضل الزمن وإنما لافتقارها للجوهر الإنساني) وفي خطابه في ذكري ميلاد البعث في 7/4/1971م قال ( من الآن وإلي 20 أو 30 سنة سوف يصبح ما يعرف الآن بالشيوعية شيئاً من التاريخ ) ... وحينما حدث ذلك وخلال الفترة التي حددها القائد المؤسس ( عليه رحمة الله ) ببصيرته التاريخية لم يعتبر البعث ذلك هزيمة للاشتراكية وانتصارا للوجه الآخر لنموذج الحضارة الغربية ونعني الرأسمالية وإنما بداية السقوط لها. وما شهده العالم منذ ذلك التاريخ وما قامت به الرأسمالية المتوحشة بقيادة الولايات المتحدة من عدوان وغزو ومن إفراغ للتقدم العلمي والتقني من مضامينه الحضارية والإنسانية وما شهده العالم من نمو تيار متصاعد ورافض ومقاوم يؤكد علي ما ذهب إليه حزبنا، والذي ما يزال متمسكاً بالاشتراكية تمسكه بالعروة الو ثقي ، ويري من مجمل ما جرى لوجهي الحضارة الغربية مستقبلاً للاشتراكية بالقدر الذي يشتد فيه النضال الجماهيري ويتصاعد في مواجهة غطرسة الرأسمالية المتوحشة وأدواتها لنهب موارد وثروات الشعوب وإعاقة تطورها بمحاولة الإلحاق والتبعية أولا ،وبالقدر الذي ترتبط فيه الاشتراكية بالديمقراطية ثانياً ، وبالقدر الذي يبذله المؤمنون بها ، لخلاص شعوبهم ومرتكز نهوضها الاقتصادي والاجتماعي والحضاري لتتحرر من الآثار السالبة التي ألحقتها بها التطبيقات الشيوعية، وأخيرا بالقدر الذي تكون معبره فيه عن خصائص ومقومات ودرجة تطور مجتمعاتهم .
هل يعني هذا أن لكم تصور لمستقبل سودان اشتراكي ؟
حزبنا كما سبق القول انطلق من نظرة لاتجزيئية للقضية العربية. السودان بحكم انتمائه القومي والقاري لا سبيل لاستقراره ونماءه وتحقيق العدالة الاجتماعية فيه والمساواة إلا بالتنمية المتوازنة اجتماعياً وجغرافيا ( جهوياً ) والشاملة وبالانضمام إلي المسيرة المتصاعدة الرافضة والمقاومة للرأسمالية المتوحشة التي تشهدها بعنفوان الآن العديد من بلدان أمريكا اللاتينية وداخل أوربا وأمريكا وبيرقها العالي في العراق وفلسطين ..
أن النضال من أجل الحفاظ علي السودان وطن واحد للسودانيين كافه ، وتحقيق تنمية متوازنة وشاملة وأعاده ووقف تصفية مؤسسات القطاع العام واتخاذ سياسات اقتصادية ترفع المعاناة عن الجماهير ورفض الخضوع لوصفات صندوق النقد البنك الدولي ، ومعالجة البطالة وآثارها واستيعاب الخريجين ومجانية العلاج والتعليم ودعم السلع الضرورية وديمقراطية النقابات وتوسيع جبهة المناضلين من أجلها ، الذين لا يقودهم الوهم إلي أن ذلك يمكن أن يتحقق في ظل هذا النظام أو أي نظام يركع لتوجهات الرأسمالية المتوحشة أو تكون الرأسمالية الطفيلية المجال الحيوي للمصالح التي يمثلها أو يدافع عنها ...
بعد أن وضعت القمة الأفريقية أوزارها – ما هو حصادها ؟ وبضوء ذلك ماذا ننتظر من القمة العربية القادمة التي تستضيفها الخرطوم قريباً؟
لم تكن القمة الأفريقية غير تظاهرة سياسية من الخارج ، ونشاطاً روتينياً لزعماء القارة أو قل حكامها ، ولقد وصفت الدورة بأنها دون العادية ، حيث تميزت هذه القمة
أولاً : بتجاهل القضايا الملحة إذ لم تناقشها ولم تتخذ أي إجراءات حيالها هذه القضايا هي :-
النزاع بين شاد والسودان الحرب في دارفور مالية بعثة الاتحاد الأفريقي في دارفور المجاعة في شرق وغرب أفريقيا الحرب في الكونغو الديمقراطية وساحل العاج العلاقات المتوترة بين إرتريا وأثيوبيا الوضع في الصومال . . إلخ ثانياً : شغلت القمة بمشاريع طوباوية مثل ( حكومة الولايات المتحدة الأفريقية ) التي طرحها العقيد القذافي )
ثالثاً : عدم تحديد الأولويات والأسبقيات ، وبالتالي الهروب إلي أجندة من نوع العلم والتقانة وفي وقت يعاني فيه ملايين الأفارقة من الجوع والإيدز والحروبات الأهلية والإقليمية والفقر والجهل ، الأمر الذي يدل على عدم جدية القيادات الأفريقية في التعامل مع القضايا الملحة والآنية .
رابعاً : هشاشة مؤسسة القمة ووقوعها تحت تأثير الضغوط والنفوذ الأمريكي ، بحيث أن بند الرئاسة ، الذي حركت الولايات المتحدة حملة واسعة حوله ، قد استأثر بكل وقت القمة وجهودها ، الأمر الذي يعكس سطوة النفوذ الأمريكي في القارة وفي مؤسساتها الإقليمية وهو نفس الوضع الذي تعيش فيه الجامعة العربية .
خامساً : عكست تصريحات خاصة أدلى بها أحد المنتسبين للحركة الشعبية ( في حكومة الوحدة الوطنية ) أنه قدم تقريراً حول تحفظ ثمانية رؤساء أفارقة على انعقاد القمة في الخرطوم أو لديهم خطاً أحمر لرئاسة السودان للقمة . دون أن يعير المسئولين تقريره أي اعتبار !!
إن العلاقة القائمة على التبعية السياسية والاقتصادية للغرب الاستعماري ، هي التي تفسر عدم قدرة الاتحاد الأفريقي في التعاطي مع قضايا من قبيل التنمية المستقلة ، والنزاعات في القارة . . ويلاحظ أن كل الملفات الساخنة ، في الصومال ، ساحل العاج ، والكونغو ، ودارفور تتولاها جماعات خارجية ، غير أفريقية ما يفسر إهمال قمة الاتحاد – للتداول حول هذه التبعية وهي ما يناقض الفلسفة التي قام عليها الاتحاد ، ومن قبله منظمة الوحدة الأفريقية . فالاتحاد لم يعد يجسد سوى النقلة من الاستقلالية التي ولدت من تراكمات ومحصلة النضال ضد الاستعمار التقليدي إلي التبعية الكاملة في ظل الإمبريالية الأمريكية . ولا تبدو القمة الأفريقية في ركام التناقضات المأساوية التي تميز المشهد القاري ، غير ترف رئاسي لا مبرر له . . ولقد أنتقد الكثيرون بشيء من التركيز الصرف البذخي الذي لازم القمة بالمقارنة مع الأوضاع السيئة التي تعيشها البلاد ، والناتج الإجمالي الذي خرج به السودان ، هو فقدانه الرئاسة وخيبه أمل مواطنيه من النتائج التي تمخضت عنها القمة خاصة فيما يتعلق بقضية دارفور .
وليس من المتوقع أن تخرج القمة العربية التي ستعقد في الخرطوم في مارس المقبل عن الإطار نفسه ( البذخ . . الطابع الاحتفالي . . تجاهل القضايا الحيوية والأساسية ، سواء بالنسبة للسودان أو الدول العربية الأخرى واجترار البيانات السابقة ) . غير أن لمؤسسة القمة العربية ، تقاليد راسخة في التعاطي مع الضغوط الأمريكية ، بشكل خاص منذ مؤتمر القاهرة – سيئ الصيت عام 1990 ، والذي صاغت واشنطن بيانه الختامي الذي أضفى مشروعية القمة للعدوان الثلاثيني على العراق وهرب بأوراق الحل العربي من أيدي العرب . ومنذ ذلك التاريخ لم تخرج القمة العربية ، عن موجهات السياسة الأمريكية في المنطقة ، وأصبحت مجرد واجهة عربية للولايات المتحدة الأمريكية .
وبالتالي يتوقع أن تسعى القمة لتمرير سياسات أمريكية معينة تجاه العراق من قبيل تشكيل قوات عربية للتوجه للعراق بدعوى حفظ الأمن . وأخرى تجاه فلسطين من مثال مطالبة حماس أو حكومتها بدفع استحقاقات أوسلو التي جاءت بالانتخابات والدولة الفلسطينية في ( غزه / أريحا ) وربما بتوجيه رسالة إلي كل من سوريا وإيران لا تنطلق من حرص على الحقوق القومية بل بتسويق مطلوبات الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ، وإذا كانت الخرطوم قد تحولت إلي ( نعم ) الأفريقية ، فإنه لا ينتظر في ظل انحسار الحركة الشعبية المعادية للإمبريالية ( بسبب ضغوط الأنظمة وعسفها ) – لا ينتظر – استعادة دور خرطوم اللاءات الثلاث في مواجهة القمة المقبلة ، بهدف التأثير عليها .. ومع ذلك فإن هذه الحركة الشعبية المكبلة حركتها – لا بد لها من أن ترفع صوتها وتعبر عن نفسها – على أقل تقدير بموازات ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني التي تحركها أمريكا ، وفق شعاراتها ومخططاتها . . فالنفوذ الأمريكي لا يعبر عن نفسه على مستوى الحكومات – أفريقية وعربية فحسب ، بل و يخترق هذه المنظمات ( منظمات المجتمع المدني ) بجانب الأحزاب أيضاً .
عام مضى على اتفاقية الإنقاذ / الحركة الشعبية . . كيف يمضي اتفاق الطرفان. . وما هي أبعاد أو صدقية ما يروجه البعض عن خلافات ركني الشراكة ؟
تذكرون أن أول نفي لوجود خلاف بين علي عثمان والبشير كان قد ظهر في صحيفة الوفاق . النفي في حد ذاته إن لم يكن تأكيداً للخلاف فإنه قد خرج بالشائعات حوله إلي فضاء الإعلام .. وفي وقت لا حق تصدى علي عثمان نفسه للموضوع في برنامج في الواجهة. حيث نفي كلياً وجود ذلك الخلاف المتداول في مجالس المدينة . وفي مرحلة ثالثة بدأ الحديث يطفو على صفحات الصحف عن انحسار دور علي عثمان – وتم تداوله بأكثر من صحيفة وتعززت تلك التكهنات أيضاً بتواجد استطال – للسيد/ علي عثمان بالمملكة العربية السعودية بعد أداء فريضة الحج – وربطت بعض الصحف بين غياب علي عثمان والمؤتمر الصحفي للسيد/ سلفاكير ، الذي اتهم فيه شركاءه بعدم الجدية في تطبيق اتفاقية السلام . والأطراف الجنوبية في الاتفاقية أخذوا على الحكومة إطلاقها العنان لمنبر السلام العادل ، والذي يجمع أعضاء المؤتمر الوطني الحاكم الذين يتخذون موقفاً مناوئاً من الاتفاقية . لقد بدأ هذا الموقف في التبلور بعد تنحي السيد/ غازي صلاح الدين وتولي السيد/ علي عثمان قيادة المفاوضات مع الحركة في نيفاشا . لقد أثار التوقيع على الاتفاقات ردود فعل سلبية في بعض الأوساط الحاكمة ، بل وكان عدم الرضا واضحاً في وجوه أفراد الوفد الحكومي لدى التوقيع النهائي في نيروبي – كما لا حظ المراقبون أن مشاعر الفرح في الجنوب لم يكن هنالك ما يماثلها في الشمال .
وخلافاً لما هو متوقع ، فإن الفريق الذي قاد مفاوضات نيفاشا ، قد تم استبعاده لدى تكوين حكومة الوحدة الوطنية ، مما يعني إفساح المجال أمام التيار المناوئ للاتفاقية . ونذكر أن مركز الدراسات الإستراتيجية في واشنطن لم يكن يستبعد وجود معارضين للاتفاق سواء في جانب المؤتمر الوطني أو جانب الحركة الشعبية يعملون على عرقلة الاتفاقية . وفي تقدير الكثيرين أن تشكيل الحكومة هو أساس الخلاف بين رأس النظام ونائبه علي عثمان . ويقال أن الأسماء التي رشحها الأخير قد أسقطت ، بينما أعاد البشير تعيين الذين هم في عداد المقربين إليه . عبد الرحيم محمد حسين ، بكري حسن صالح في مواقع مفتاحية أساسية .. وكانت الشائعات ، من وقت مبكر تتحدث عن استقطاب واستقطاب مضاد بين مركزي السلطة ، على أسس قبلية ، وتكون مراكز قوى موالية في المواقع المفصلية في ترتيبات استباقية للتوقيع على اتفاق السلام – كما رافق ذلك حركة نشطة في مجال تمويل التنظيم ودعم مالي لرموز بارزة ، خلقت أثاراً عميقة في السوق تمثلت في فوضى في أسعار الأراضي والسكر والدولار . أن تسريب الخلاف ونفيه في العلن ، كان يعني أن الهدنة الطويلة نسبياً بين الطرفين ، منذ الإطاحة بالدكتور حسن الترابي عام 1999م . قد أوشكت على الانتهاء – وأن حلقة جديدة من صراع القصر والمنشية ربما تكون في الطريق . وخلال المؤتمر الأخير للمؤتمر الوطني ، طفت همهمات عدم الرضا من بعض المؤتمرين من ترشيح البشير لرئاسة قادمة ، ومن أن المتذمرين ليسوا كلهم من أنصار النائب علي عثمان إلا أن للمسألة دلالاتها في الصراع على السلطة ، كموضوع للفرز والاستقطاب داخل النظام . وهكذا اعتبر المؤتمر الصحفي للنائب / سلفاكير في غياب النائب / علي عثمان ، ضربة موجهة للجناح المهيمن المتهم بتعويق الاتفاقية ، بل يحمل ذلك إشارة تفاهم بين نائبي رئيس الجمهورية / سلفاكير وعلي عثمان وكان الترشيح للوزارة واقتسام الوزارات لا سيما الخلاف حول وزارة الطاقة قد أوشك أن يطيح بالاتفاقية من جذورها – باعتبارها – أي وزارة الطاقة ( درة تاج الثروة ) التي جرى اقتتال الطرفان من أجلها طويلاً .
والولايات المتحدة – التي ما انفكت تراقب وتتابع كانت تنظر إلي التيار المهيمن باعتباره يمثل الجناح المتشدد والمعوق لتنفيذ الاتفاقية ، لذلك ليس مستبعداً أن تسعى لخلخلة هذا الجناح في مركز السلطة عبر الضغوط المتزايدة والمتراكمة والمضافة إلي ضغوط الحركة الشعبية نفسها . ولقد تطورت هذه الضغوط والتي تتخذ من قضية دارفور ، عنواناً لها ، إلي إجراءات محددة ينتظر أن يتخذها مجلس الأمن ، تتضمن إرسال قوات دولية إلي دارفور ، وهو أمر ترفضه الحكومة الآن ، ولكنها لن تلبث القبول به كما جرت العادة وكما توقع ذلك ( يان برونك ) ممثل الأمين العام للأمم المتحدة . . والراجح كما أشار لذلك عدد من التقارير الصحفية أن مهمة القوات الدولية لن تقتصر على حفظ ( السلام ) في دارفور وإنما ستمتد إلى المساعدة في إلقاء القبض على المتهمين بارتكاب جرائم في دارفور – وتسليمهم لمحكمة لاهاي ، كما حدث في يوغسلافيا السابقة .
ويلاحظ أن الحركة الشعبية تتخذ موقفاً محايداً من قضية دارفور، كما أنها تعارض إرسال قوات دولية ، والواضح أن مجمل مواقفها تؤدي إلي إحداث حالة من العزلة حول المؤتمر الحاكم – كما يبدو أنها ترفض أن تكون طوق نجاة لشركائها في الحكم من المخططات التي يحيكها حلفاؤها في الغرب الذين يرعون في نفس الوقت اتفاقية ( السلام ) .
ويبقى أخيراً السؤال عما إذا كانت الحركة مستعدة أيضاً في إطار التعاون مع المجتمع الدولي والمحكمة الدولية لتسليم بعض شركائها إلي لاهاي ، بمساعدة من البعض الآخر ، أو على أقل تقدير ، التورط في الصراعات الداخلية في المؤتمر الوطني – لدعم تيار أو جناح ضد آخر – في وقت تتزايد فيه نقمة أبناء الجنوب وعدم رضاهم خاصة في الجنوب – بسبب عدم تحسن الأوضاع المعيشية والظروف القاسية التي يعانون منها ، كما هو الحال أو ربما اكثر من معاناة أهل الشمال.
ألي أين إذا يمكن أن يقود الخلاف حول ما آثاره رئيس الهيئة البرلمانية لنواب الحركة الشعبية في مؤتمر الصحفي الذي عقد يوم الخميس 2/2/2006م ؟
إن ما جاء علي لسان رئيس الهيئة البرلمانية لنواب الحركة الشعبية في مؤتمره الصحفي يؤكد تماماً عدم انسجام شركاء اتفاقية وقف الحرب علي المستويين التشريعي والتنفيذي ويؤشر إلي أن التوقيع علي هذه الاتفاقية جاء كنتاج لضغوط خارجية ، أقتسم الطرفان بموجبها السلطة و الثروة والآن وفي إطار تنفيذها علي ارض الواقع ظهر ( شيطان ) التفاصيل والمصالح ليعلن كل طرف عن دوافع توقيعه علي الاتفاق وتجدر الإشارة إلى أن هناك مجموعة كبيرة من القوانين التي تتعارض مع دستور السودان الانتقالي لعام 2005م ومن ضمنها الستة قوانين المشار إليها في حديث رئيس الهيئة البرلمانية لنواب الحركة الشعبية .
أما بخصوص ما ورد حول دعوة المجلس الوطني للانعقاد فهذه مسألة تنظمها لائحة المجلس والتي توضع بمبادرة من رئيس المجلس نفسه كما جاء بالمادة 96 الفقرة (2) من الدستور الانتقالي وبالتالي لم يتطرق إليها الدستور وتعتبر من صلاحيات رئيس المجلس الوطني ولا يعيبها عدم مشاورة نوابه طالما هي لوائح. كما أن الدستور الانتقالي نفسه ينص في المادة 94 فقرة (2) بتولي رئيس المجلس الوطني رئاسة جلسات المجلس وضبط نظامه و الأشراف علي شئونه الإدارية ... ولم يحدد الدستور الدعوة لانعقاد المجلس الوطني إلا في أولي جلساته بدعوة من رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يوما.
أما فيما يتعلق بإجازة المراسيم الدستورية الصادرة عن رئيس الجمهورية باللجوء إلي الأغلبية من قبل شريكهم المؤتمر الوطني فهذا شأن طبيعي ومتوقع طالما وافقت الحركة الشعبية بأن تكون الأغلبية البرلمانية بموجب الاتفاقية للمؤتمر الوطني وأن تنفرد الحركة الشعبية بأغلبية مجلس الجنوب التشريعي وسلطته التنفيذية ... إما إذا كانت قرارات المجلس الوطني تتم بتوافق شريكي الاتفاقية فلا داع لتعيين هذا المجلس باعتبار أن المجلس في أصله غير ديمقراطي ولم يأت منتخباً ، بالتالي لا يعبر عن إرادة جماهير الشعب السوداني التي تحدث عنها رئيس الهيئة البرلمانية للحركة الشعبية وأيضاً كما يدعي المؤتمر الوطني .
أما الطعن في عدم دستورية القوانين فهذا حق مكفول لكل مواطن سوداني بموجب الدستور ولا تحتاج إلي تذكير من قبل الشريكين وإنما المسئوليات التي تقع علي عاتقهما طالما أقرا بوثيقة الحقوق الواردة بالدستور تتمثل في انسجامهما مع تلك الوثيقة باعتبارهما واضعوها ومجيزوها ويظل لزاماً وواجباً عليهما إسقاط ومن داخل المجلس الوطني كل مرسوم أو قانون يخالف هذه الوثيقة والعمل علي تعديل كل قانون مخالف لها.
وكان الأحرى برئيس الهيئة البرلمانية لنواب الحركة الشعبية العمل من داخل المجلس التشريعي علي إلغاء كافة القوانين والنصوص المقيدة للحريات وعلي رأسها قانون الأمن الوطني والنقابات والصحافة والمطبوعات وإثارة قضية مستعجلة أمام المجلس الوطني حول عدم التزام الجهاز التنفيذي بقرارات المحاكم بالتحايل عليها مما يخل بمبدأ سيادة حكم القانون الذي نص عليه الدستور وعلي رأس تلك القضايا إعادة المفصولين تعسفياً ورد حقوقهم وتنفيذ الحكم الصادر باستحقاقات معاشي البنوك الحكومية ، بدلاً من عقد المؤتمرات الصحفية والتباكي علي التهميش وعدم مراعاة التعدد الديكوري لما سماه بحكومة الوحدة الوطنية.
علي ذكر اختصاصات المجلس الوطني ، وعلاقات أطراف نيفاشا علي هذا الصعيد ، هل يكون التحاق التجمع بنوابه في المجلس الوطني إضافة للمعارضة أم خصماً عليها ؟ وهل يستطيعون أحداث تغيير في سياسات النظام من داخل المجلس الوطني ؟
أولاً : نحن نعتقد أن المجلس الوطني سوء قبل أو بعد اتفاقات نيفاشا هو مجرد ديكور وأداة في يد النظام لإضفاء طابع ديمقراطي علي إجراءات وتشريعات النظام.
ونقول ثانياً : بأننا لم نطلع علي تجربة سودانية أو في أي بقعة من بقاع الكرة الأرضية ، تم فيها تعيين المعارضة من قبل الحاكم ! لذلك لا نعتقد أن من تبوأ مقعده بمنحه يستطيع أن يتنكر لمانحه إن لم نقل سيسبح بحمده .
ونذكر ثالثاً :بأن الاتفاق الذي أوصل هؤلاء لمقاعد البرلمان قد حدد لهم بدقة حجمهم ووزنهم وقد ارتضوا هم بذلك ، ولا نحسب أن بمقدارهم أن ( يأكلوا ) من جرف أغلبية الحزب الحاكم داخل البرلمان بل نؤكد أن الجبهة الإسلامية ، السابقة التي تمكنت من اختراق الأحزاب التقليدية ، وهي خارج السلطة ، بعد انتفاضة مارس أبريل 1985م يستطيع امتدادها الإنقاذي أن يبتلع عدداً لأباس به ممن سال لعابهم للمشاركة في السلطة علي أي مستوي.
ونؤكد رابعاً : أن التحاق التجمع بالإنقاذ ، سيكمل ما ابتدره حليفه ( الحركة الشعبية ) وهو إلي جانب ما يشير إليه من التنكر للمبادئ والأهداف التي قام من أجلها التجمع وعدم مصداقية أطرافه في الدفاع عنها والتمسك بها .. إلا أنه بالمقابل يساعد في إزالة ما لحق بوعي شعبنا من تغبيش طوال الحقبة التي حسب فيها التجمع علي المعارضة ، الأمر الذي وأن أدي إلي إطالة أجل النظام وإضفاء مشروعية عليه إلا أنه في نفس الوقت سيحدث فرزاً في الخنادق يسمح بانطلاق فعل حركة جماهير شعبنا عبر إطار معارض يقود نضالاتها لإسقاط النظام وشركاءه الجدد الذين فرطوا في ثوابت الوطن وفي مقدمتها استقلاله ،وحددته الوطنية ، وزيفوا وشوهوا توجهه نحو استعادة الديمقراطية. ولعلنا نذكر أخيراً أن بعض عضوية المجلس التي تم تعيينها ، كجزء من حصة التجمع ، ليس لها عمق جماهيري يتجاوز منتسبيها في المجلس الأمر الذي يعكس بؤس الرهان علي دور يمكن أن يضطلع به أمثال هؤلاء .
بعد مرور خمسون عاماً على الاستقلال .. ومرور عام على اتفاقات ( السلام ) كيف تقيمون واقع الحال في المناطق ( المهمشة ) .. من يتحمل مسئولية تهميشها ؟ وما هو السبيل للنهوض بها ؟ ينبغي التأكيد ، بأن المناطق ( المهمشة ) أو بتعبير أدق الأكثر تخلفاً والأقل نمواً ، أصبح سمة يمكن أن نصف بها كل أقاليم السودان ( إن استثنينا العاصمة وبعض المدن ) والتي تشهد الآن – أكبر كارثة في تاريخها – بسبب سياسات الأنظمة التي تعاقبت على سدة الحكم في بلادنا منذ الاستقلال ، خاصة نظام الإنقاذ وسياسته القائمة على التفرقة السياسية والقبلية والدينية والعنصرية ، التي عملت على مدى 16 عام على إضفاء طابع عنصري وقبلي وجهوي على التمايزات الاقتصادية والاجتماعية .. إذ تحولت أقاليم القطر – بسبب هذه السياسات – إلى مسرح للحروب الأهلية ، والنزاعات القبلية الدامية ، والتوترات الاجتماعية ، الناتجة عن التنافس السلبي على الموارد الشحيحة والمتناقصة بسبب موجات الجفاف والتصحر المتلاحقة ولبؤس وفقر سياسات التنمية .. مما أدى إلى تغيير بنيته وتركيبته السكانية وتردي مقومات التنمية الاقتصادية لاسيما الموارد النباتية والزراعية والغابية والحيوانية جراء النهب والفساد الذي ميز سياسات هذا النظام والشرائح الاجتماعية الطفيلية المتحالفة معه المستأثرة بالثروة بينما يعيش أكثر من 90% من أبناء وبنات شعبنا تحت خط الفقر ، في ظل نظام عجز عن تقديم أي معالجات وطنية لقضايا التنمية والديمقراطية وبعد انكشاف أوهام الفيدرالية وغيرها من مسميات الحكم اللامركزي والتي انطلقت المطالبة بها من الريف أصلاً ، وعجز الإدارات المحلية التي تكونت باسم الحكم الفيدرالي عن تحقيق التنمية ومطلب المشاركة في الحكم عبر تمكين المواطنين في الأقاليم من إدارة شئونهم . إذ تحول الحكم المحلي والفيدرالي في غياب الديمقراطية إلى أداة للفساد والثراء الحرام والسيطرة القمعية والتمكين السياسي للنظام خلال وبتوظيف التوازنات والاستقطاب القبلي والجهوي .. ولم يتعدى كونه وسيلة للجباية والتحصيل وإرهاق المواطنين بالمزيد من الضرائب والرسوم لتغطية النفقات المتزايدة للنظام وبطانته وجيوش الدستوريين التي تملأ هياكل نظام الحكم ..
ضمن هذه الظروف وفي ظل انغماس النظام باللعب على التوازنات وتزكية النزاعات وتجييش المليشيات توفرت ضمن ذلك كله – التربة الخصبة للتدخل الأجنبي واختراقه للصف الوطني الذي مهد الطريق أمام المخططات التي كانت تستهدف قطرنا / قارتنا ووطننا الكبير – مما أوصل بلادنا ووضعها تحت الوصاية الأجنبية التي اتخذت مقدماتها شكل قوات إفريقية متعددة الجنسيات ومراقبين ومنظمات مشبوهة تمضي الآن باتجاه أن تحل محل تلك القوات الإفريقية ، قوات من حلف شمال الأطلسي وما يجري في دار فور أو جبال النوبة هو جزء من مشهد التدخل الأجنبي في السودان ككل .
لكن ألا ترون أن اتفاقات نيفاشا قد وفرت إطاراً لحل مشكلات تلك المناطق المهمشة ؟
لقد سبق لحزبنا أن أكد أن النهج الانتقائي والجزئي لاتفاقات مشاكوس / نيفاشا لن يوفر الحل الشامل أو العادل لقضايا السودان ، كما لن يوفر الأسس والشروط الموضوعية لتحقيق السلام العادل والشامل والمستدام ، بل سيعمل على تكريس كامل المعطيات والأوضاع السياسية الاقتصادية الاجتماعية التي دفعت بهذه المناطق إلى وهدة التخلف والفقر والمعاناة على كافة الأصعدة .. فالتفاوض لم يغطي كل قضايا السودان بل حصرها بأجندة الطرفين المتفاوضين واللذان لا يمثلان إرادة شعب السودان لا في الشمال ولا في الجنوب الأمر الذي أنتج اتفاقاً جزئياً أبعد ما يكون عن السلام الشامل ، بل هو هدنة مؤقتة ، وأمليت بنودها على الطرفين من الولايات المتحدة التي تدخلت حتى في حسم زمان ومكان وتاريخ التوقيع على الاتفاقات . هذه الاتفاقات التي تنبني على أن إنصاف الجنوب لن يكون إلا بظلم الشمال ( بشرقه وغربه ووسطه ) مما شجع نهج امتشاق السلاح لتحقيق مكاسب عبر التفاوض من وراء البندقية ، كما سيطرح معضلات شتى أحد عناوينها ما هي حصة كل اتجاه جغرافي في السلطة والثروة ؟ وبالإضافة إلى ضرورة استذكار الحقيقة التاريخية التي تشير إلى أن أطراف اتفاقات مشاكوس / نيفاشا هي نفس الأطراف التي حرفت الصراع السياسي الاجتماعي بعد انتفاضة مارس / إبريل عن مجراه الحقيقي وكسته بطابع زائف أضفى عليه بعداً عنصرياً وآخر ديني مما أدى إلى تصعيد الاقتتال الأهلي وفتح الطريق لتدويل المشكلة .. وهي اتفاقات رغم كل عيدان البخور التي أحرقت لتجميلها لا تخفي حقيقة تفريطها في السيادة والاستقلال الوطني وتهديدها للوحدة الوطنية التي لا يزيد أو ينتقص من ضروراتها المبدئية والاستراتيجية تعبيرات ( الوحدة الجاذبة أو الطاردة ) .. كما أن توقيع الطرفان عليها يمكن وصفه بأنه يعكس مسعاهما ومن خلفهما لاستباق وصول حركة جماهير شعبنا وقواها للحل الوطني الجذري السلمي والديمقراطي والتنموي للأزمة الوطنية الشاملة والتي تشكل قضية الجنوب إحدى أهم عناوينها .
إن استمرار الحرب في دارفور والاحتقان والتوتر في شرق السودان وتطورات الفتنة في جبال النوبة وجنوب كردفان ومنطقة أبيي بل احتقان الوضع في جنوب السودان وما عبرت عنه وتعبر عنه تصريحات قادة الحركة الشعبية – تصريحات النائب الأول – وما ورد في المؤتمر الصحفي لرئيس الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية مؤخراً وغيرها والخطاب اليومي لمنبر السلام العادل .. كلها تدلل على هشاشة الاتفاقات وعدم صلاحيتها كنموذج يحتذى به ليس لمناطق أخرى غير جنوب السودان بل وحتى للجنوب نفسه !!
لكن الأنباء الرسمية عن جنوب كردفان وجبال النوبة تتحدث بعكس ما تقول وتشير إلى أن اتفاقات سويسرا لمعالجة المشكلة قد أرست أسس راسخة لمعالجة مشكلات الإقليم ؟
عندما أطلقنا تعبير ( المستجير من الرمضاء بالنار ) لوصف الأوضاع بجنوب كردفان بعد اتفاقات دان فورث بسويسرا لم نكن نبالغ . ونستطيع أن نقول ( نعم ) بتحفظ ساهمت الاتفاقات في وقفٍ لإطلاق النار بشكل عام وكبح سطوة النظام في إيذاء أو تقتيل أبناء شعبنا هناك . ولكن ثمن ذلك كان باهظاً ، فإلى جانب حدوث اعتداءات مسلحة هنا وهناك – كمثال لما يجري مؤخراً في منطقة الجبال الستة بين الغلفان والنعيلات – أو ما جرى مؤخراً من تحركات عسكرية بمنطقة أبيي تهدد بفتنة دموية بين قبائل المنطقة ، أو ما سبق ذلك في منطقة محلية تلودي وما شهدته جامعة الدلنج لأكثر من مرة .. وغير ذلك كله ، يؤكد عدم استقرار الوضع وتأزمه ، بل إن ما هو أكثر خطورة من كل ذلك أو ما لا يقل عنه خطورة هو تسليم الإقليم برمـته ( شعباً وموارد وتراث وثقافة ) إلى القوات الأجنبية أي ضياع الاستقلال والسيادة بسبب الاستهتار بالمبادئ وقصر النظر ..
فاتفاق سويسرا في جوهره فتح الباب واسعاً أمام استباحة جنوب كردفان بالوجود الأجنبي ( منظمات / قوات / بوليس دولي ) ويتم نهب ثرواتنا أمام أعين الجميع خاصة الثروات المعدنية يورانيوم وغيره .. وأصبح البوليس الدولي قائماً مقام السلطة الوطنية حتى في القضايا القبلية التي كانت تحكمها الأعراف الأهلية .. فهل نسمي ذلك حلاً أم تأزيماً للأوضاع وتحطيم مرتكزات الوحدة الوطنية والتعايش والتفاعل بين تكوينات مجتمعنا وتنصيب الأجانب حكاماً علينا وتسليمهم زمام أمرنا .
إلى أين ستمضي المحادثات الجارية حول دارفور الآن ؟ وهل تفتح وحدة بعض الفصائل الحاملة للسلاح طريقاً للاتفاق لحل المشكلة ؟ هل يمتلك الطرفان نهجاً أو برنامجاً للحل ؟ ما هو إطار الحل كما يراه حزب البعث ؟
قلنا في وقتٍ سابق أن المحادثات الجارية في أبوجا لن تقدم حلاً وطنياً جذرياً للأوضاع في دارفور ، إذ أنها معنية بالنزاع الذي نشب عام 2003 وأطرافه . ولقد ثبت وتأكد عدم التزام الأطراف المتحاربة بما توصلوا إليه سابقاً من اتفاقات لوقف إطلاق النار . وإذا كان المتفاوضون ( حملة السلاح أو أهل النظام ) لا يمثلون أو ينوبون عن شعب السودان أو حتى عن جماهير شعبنا في دارفور ، فإن غياب الشعب عن مائدة المفاوضات يعني أنه حلاً فوقياً وجزئياً في آنٍ واحد ، ولذلك أيضاً نقول أن تشظي الحركات الحاملة للسلاح ، يعرقل الوصول إلى الحل بالإضافة أنه يعكس التركيبة القائمة على أسس قبلية للفصائل التي تحمل السلاح ، واعتداء بعضهم على البعض الآخر أثناء جولة التفاوض الأخيرة – يدلل على ما نقول – غير أن مجرد وحدة الفصائل المسلحة لا يعني أن ذلك بالضرورة والحتم سيقود إلى حل - ما لم تعبر تلك الوحدة عن الإيمان بوحدة كل السودان ، وأن قضية دارفور هي جزء من الأزمة الوطنية الشاملة ، وأن حمل السلاح سيقود من يحمله للارتهان للأجنبي والتفريط في الإرادة الوطنية وتحويل المنطقة إلى ساحة من ساحات التنافس الاستعماري المتسارع باتجاه استنزاف مواردنا واستباحة أرضنا وتحويلها إلى ثكنات وقواعد عسكرية ، وهانحن نتابع قرارات إحلال قوات حلف الأطلسي محل قوات الاتحاد الإفريقي ، ولا تعني الإشارة هذه أننا ندافع أو نؤيد بقاء قوات الاتحاد الإفريقي بقدر ما نريد القول بأن الوضع يمضي باتجاه مزيد من التدويل أو الخضوع للأجنبي .
الوصف والتشخيص الدقيق لطبيعة المشكلة هو الخطوة الأولى باتجاه الحل ، والسقف والبيت الوطني هو إطار الحل ، والنهج السلمي الديمقراطي هو الطريق الذي يمكن أن يوصلنا إلى الحل عبر الحوار وإجماع أهل السودان لاسيما أبناء دارفور بكل تكويناتهم القبلية والسياسية وهو ضمانة تحقيق الحل وحمايته واستمراره وتطوره لما ينهض بالمنطقة ..
ولن يتوفر الحل إلا في مناخ ديمقراطي وليس من حل يعزل دارفور عن سودانها وليس من حل يستدعي تواجد مزيد من القوات الأجنبية على أرض السودان ، ولن يستقر الحل ما لم تستقر علاقات حسن الجوار بيننا وبين جيراننا ، مهمتنا أن نكف أيدينا عنهم فإن تطاولوا فواجب الدفاع عن سيادتنا لا يمليه علينا أحد ولا يمنعنا عنه آخر .
كيف تنظرون إلى الحملة الغربية ضد إيران ؟
في البداية لابد من التذكير بأن قصف مفاعل تموز النووي العراقي من قبل طيران العدو الصهيوني عام 1981 قد جاء عبر أجواء عربية وإبّان دفاع العراق عن البوابة الشرقية للوطن العربي من العدو الشعوبي الفارسي الإيراني .. ولم يكن ذلك القصف يشكل إسناداً لإيران أو محاولة لترجيح توازن القوى لمصلحة إيران فحسب ، بل كان وفق منظور ومخطط إمبريالي صهيوني كان وما يزال يعمل على إبقاء الوطن العربي بأكمله في وضع أضعف من قدرات دولة الكيان الصهيوني . إن قادة طهران وهم من تجار الدين قد نسوا قول الله سبحانه وتعالى :
[RE]( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) صدق الله العظيم
وظنوا أنهم بعدوانهم على العراق ، ومشاركتهم لقوات حلف الأطلسي في احتلال أفغانستان ، ودعمهم للعدوان الأمريكي / البريطاني على العراق واحتلاله ، سوف يكسبون رضاء الغرب الاستعماري .. وإلى ذلك صرح رفسنجاني بمرارة – بأنه لولا إيران – لما تمكن الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة من احتلال أفغانستان والعراق !! لقد نسي حكام إيران أوامر ونواهي الله سبحانه وتعالى ، كما لم يتعظوا بالقول المأثور الذي يحذر من أن ( يؤكلوا يوم أكل الثور الأبيض ) وهم يحتضنون في طهران ، عملاء الغرب الاستعماري قبل ستة أشهر من العدوان على العراق لمناقشة مستقبل العراق بعد إزالة نظامه الوطني التقدمي .. وهاهم الآن يتوعدون الغرب الاستعماري مرة ويترجونه عشرات المرات ، ليتركهم وشأنهم .. ولكن هيهات ، فالغرب الاستعماري وفي طليعته الحركة الصهيونية العالمية ، لا يسمحون للعرب والمسلمين ، بأن يمتلكوا زمام أمورهم أو أن يدخلوا عصر التكنولوجيا ، رغم كل التعهدات والضمانات التي يقدمونها لتأكيد سلمية برامجهم النووية .
وما لم يدرك أباطرة إيران الجدد ، أن حرية العرب والمسلمين لا تتجزأ ، وينخرطوا في سلك المقاومة الشجاعة للإمبريالية والصهيونية التي تخوض غمارها أمة العرب والإسلام في العراق وفلسطين وأفغانستان .. فإنهم لن يستطيعوا الحفاظ على حريتهم واستقلالهم ووحدتهم ، بعد أن فقدوا كرامتهم .. ولن يحصدوا سوى سراب أوهامهم وأمانيهم الخائبة في اقتسام أرض العرب وثرواتهم مع الغرب الاستعماري والكيان الصهيوني . وقبل هذا وذاك أن يعيدوا لدولة الإمارات العربية جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى التي قاموا باحتلالها شأنهم في ذلك شأن الدول الاستعمارية .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: اللقـاء الصحفـي للرفـيق أبـوراس .. نـائب أمين سـر حزب البعـث العـربي الاشـتراكـي (Re: حسين يوسف احمد)
|
فـوق للنقـاش ..!!
!!؟؟ ..؟؟
المتواجدون الان بالمنبر العام 391 شخص » (30 )عضو و (361) زائرا
»Abd Alla Elhabib »adam khatir »ADIL FAIT »Afifi Mahamed »Alia awadelkareem »almulaomar »ayman haroun »Deng »Elmosley »haider osman »khaleel »malik_aljack »Moneim Malik »Osman Malik »Sabri Elshareef »sadiq elbusairy »saif massad ali »sudani »ابوعسل السيد احمد »اسامه سعيد »الطيب بشير »القلب النابض »الواثق تاج السر عبدالله »انتصار محمد صالخ بشير »حسين يوسف احمد »عادل فضل المولى »محمد عبدالقادر سبيل »محمد مختار جعفر »منعمشوف »هشام هباني
| |
|
|
|
|
|
������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������
�������
�� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������
|
� Copyright 2001-02
Sudanese
Online All rights
reserved.
|
|